فنقول: قوله تعالى: ]واللهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍٍ قَدِيْرٌ[ [الحشر/6] من جملة الأدلة على أن للعموم صيغة ولهذا أوردها الله في مقام إخباره بشمول قدرته وتمدحه بذلك، ومن الأدلة على ذلك تبادر العموم عند إطلاق ألفاظ مخصوصة، والتبادر دليل الحقيقة إذ لو لم تكن موضوعة للعموم لما حصل التبادر، ومن الأدلة أن المعلوم من حال أهل اللغة أنهم متى أرادوا أن يأتوا في عباراتهم بلفظ عام قصدوا إلى ألفاظ مخصوصة فلولا أنها للعموم لما استمر الحال في ذلك، ومن الأدلة على ذلك صحة الإستثناء من مدخول صيغ العموم، ومن حق الإستثناء أن يخرج من الكلام مالولاه لوجب دخوله تحته.

الإعتراض الثاني: قالوا: إن من أصول كثير من أصحابكم أن دلالة العموم على ما تناولته ظنية والآبات المذكورة إنما هي عمومات فكيف قطعتم بوصول العقاب إلى الفاسق ولم تخصصوها بالأخبار المروية في سلامته؟

والجواب: أنا لا نسلم أن دلالة العموم ظنية بل دلالة العموم على مدلولاته قطعية يقطع بمدلولاتها بعد البحث عن المخصص فلم يوجد وينتفي التجويز للإستنثاء ونحوه.

الإعتراض الثالث:قالوا: قد أُخرج منها التائب والفاعل للصغيرة إذ الصغاير مكفرة ما اجتنبت الكبائر فصارت بعد إخراج من ذكر مجازاً في الباقي والمجاز دلالته ظنية؟

والجواب: أن العام إذا كان مثل هذه الآيات نصاً فهو قطعي الدلالة قبل التخصيص فكذا حكمه بعد التخصيص، واعلم أن كثيراً من مؤلفي أصحابنا قد ذكروا أن هذه الدلالة لا تتمهد إلا بعد تقرير مقدمات أربع.

122 / 203
ع
En
A+
A-