انتهى كلام مولانا العلامة علي بن محمد العجري، وقد نقلت الأحاديث من كتابه/ مفتاح السعادة، ورجعت إلى الأماليات في مقابلة ما نقله منها على أصولها، ثم قال ـ رحمه الله ـ فائدة: وليس للخصم أن يقول تلك الخصال من أسباب الشفاعة ولو كان فاعلها، أي فاعل تلك الخصال، من أهل الكبائر كما يفيده الظاهر، لأنا نقول: الكبائر محبطة للأعمال، وإذا كانت هذه الخصال قد بطلت وحبطت فكيف تؤثر في استحقاق الشفاعة إذ لا معنى لإحباطها إلا بطلان ما ترتب عليها والثواب والسلامة من العقاب.

 واعلم: أنَّا لما ذكرنا من الأحاديث جملة صالحة دالة على كون الشفاعة مترتبة على حصول الطاعة فلنذكر جملة صالحة من الأخبار المروية عنه صلى اللّه عليه وآله وسلم الدالة والمبينة أن في المعاصي ما يحرم مرتكبها شفاعة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، وسنأتي منها بشيء يسير، والغرض التنبيه لا الإحاطة وقد اعتمدنا هنا بعضاً مما جمعه مولانا العلامة علي بن محمد العجري ـ رحمه الله ـ في كتابه مفتاح السعادة، وقابلنا ما كان من الأماليات وغيرها على أصولها، ولكني تعمدت النقل من كتابه لأنه أثلج للصدر وأقرب إلى القبول، والله أسأله أن ينوِّر أبصارنا وبصائر قلوبنا لإصابة الحق إنه على ما يشاء قدير، قال رحمه الله: فمن ذلك ما رواه المرشد بالله  uفي الأمالي: أخبرنا أبو القاسم عبدالعزيز بن علي الأرجى، أخبرنا أبو القاسم عمر بن محمد بن سنبك، أخبرنا أبو الحسين عمر بن الحسين الأشناني، حدثنا أبو بكر محمد بن زكريا المروروذي، حدثنا موسى بن إبراهيم المروزي حدثني موسى بن جعفر عن أبيه جعفر عن أبيه محمد عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه عن علي  uقال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((لا نالت شفاعتي من لم يخلفني في عترتي أهل بيتي)) وبإسناده عن علي  uقال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((ويل لأعداء أهل بيتي المستأثرين عليهم لا نالتهم شفاعتي ولا رأوا جنة ربي)) وفيه أخبرنا محمد بن علي المكفوف أخبرنا ابن حبان حدثنا الحسن بن محمد بن أبي هريرة حدثنا عبدالله بن عبدالوهاب حدثنا محمد بن الحارث القرشي، حدثنا محمد بن جابر، حدثنا حبيب ابن الشهيد عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس ـ tـ قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((مَنْ سره أن يحيى حياتي ويموت ميتتي ويدخل جنة عدن التي غرسها ربي U بيده فليتول علي ابن أبي طالب وأوصياءه فهم الأولياء والأئمة من بعدي أعطاهم الله علمي وفهمي وهم عترتي من لحمي ودمي إلى الله ـ Uـ أشكو من ظالمهم من أمتي، والله لتقتلنهم أمتي لا أنالهم الله شفاعتي)) وعن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((أحبوا أهل بيتي وأحبوا علياً من أبغض أحداً من أهل بيتي فقد حرم شفاعتي)) أخرجه ابن عدي في الكامل، وعن عثمان عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((مَنْ غش العرب لم يدخل في شفاعتي ولم تنله مودتي)) أخرجه أحمد والترمذي، وعن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((من سره أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي فليتولَ علياً من بعدي وليوال وليه وليقتد بأهل بيتي من بعدي فإنهم عترتي خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي القاطعين فيهم صلتي لا أنالهم الله شفاعتي)) أخرجه أبو نعيم في الحلية والرافعي، وعن علي  uعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((من آذاني في أهل بيتي فقد آذى الله، ومن أعان على أذاهم فقد أذن بحرب من الله ولا نصيب له في شفاعتي)) رواه إسحاق بن يوسف من طريق الأصبغ، وفي صحيفة علي بن موسى الرضا أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال في الحسين: ((تقتلك الفئة الباغية لا أنالها الله شفاعتي)) وأخرج الطبراني في الكبير عن أبي أمامة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم غشوم وكل غال مارق)).

وفي العلوم: أنا محمد حدثني أحمد بن صبح عن حسين عن أبي خالد عن زيد عن آبائه عن علي u قال: سمعت رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول: ((ثلاثة لا تنالهم شفاعتي: ناكح البهيمة، ولاوي الصدقة، والمنكح من الذكور مثل ما تنكح النساء)) هذا ما أردنا نقله من الأحاديث الدالة عن أن من الذنوب ما يمنع شفاعة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم.

و لما نجز تحرير أدلة الزيدية وسائر العدلية في مسألة الشفاعة وكان قول المرجية بعدم خلود فساق أهل الصلاة في النار أو أنهم موقوفون تحت المشيئة شبهة من شبه المخالفين أردنا أن نقيم الدلالة على خلود الفساق في النار، واعلم: أن المرجية على طبقاتهم متفقون أن الله تعالى لا يخلد أحداً من عصاة أهل الصلاة وإن عقوبتهم منقطعة هذه رواية الإمام يحيى بن حمزة uفي الشامل ورواية القرشي في المنهاج أن منهم من جوز أن يخلدوا وأن لا يخلدوا، وقطع الباقون على أنهم يخرجون من النار، وقبل الخوض في أدلة الخلود نتكلم على معناه لغةً، فنقول: أن الخلود هو الدوام هذا هو الظاهر من معنى الخلود، وهو السابق إلى الأفهام، وهو الذي نقله أئمة اللغة، قال الجوهري في الصحاح: الخلود هو البقاء الدائم، وقال في اللسان في مادة خلد الخلد دوام البقاء في دار لا يخرج منها، خلد يخلد خلداً وخلوداً، بقي وأقام ودار الخلد الآخرة لبقاء أهلها فيها، وخلده الله وأخلده تخليداً وقد أخلد الله أهل دار الخلد فيها وخلدهم، وأهل الجنة مخلدون آخر الأبد اهـ.

وقد اعترض الرازي وغيره فقالوا: الخلود طول المكث من غير دوام اهـ.

117 / 203
ع
En
A+
A-