وهذا الحديث له طرق إلا أن بعضها ليس فيه ذكر الشفاعة بل معناه أنه من حفظ على الأمة أربعين حديثاً بعث يوم القيامة فقيهاً، قال النووي: قد روينا هذا الحديث عن علي وابن مسعود ومعاذ ابن جبل وأبي الدرداء وابن عمر وابن عباس وأنس وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري من طرق كثيرة وروايات متبوعات، واتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف وإن كثرت طرقه، وفي مختصر المقاصد الحسنة أنه ليس فيها طريق تسلم من العلة، وقال البيهقي عقيب حديث أبي الدرداء: هذا متن مشهور فيما بين الناس، وليس إسناده صحيح، قلت: اتفاق الحفاظ على ضعفه لا يمنع من الإحتجاج به لأن ضعفه إنما هو باعتبار عدم تكامل شروط الصحيح على قواعد أهل الأثر، لكن ذلك الضعف منجبر بكثرة الطرق، وقد دل على هذا كلام البيهقي فإنه لم ينق إلا صحة السند لا صحة المتن وصلاحيته للإحتجاج به، ولهذا حكم بشهرته، وفي أمالي المرشد بالله ـ uـ أخبرنا أبو الطيب طاهر بن عبدالله إمام الشافعية بقراءتي عليه، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد الأنماطي إملاءً أخبرنا أبو نعيم عبدالملك بن محمد الإستراباذي، حدثنا أبو ثوبة أحمد بن سالم العسقلاني، حدثنا الحسين بن علي الجعفي عن زائدة عن عاصم عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: ((نعم الشفيع القرآن يوم القيامة يقول: يا رب إنك جعلتني في جوفه فكنت أمنعه شهوته، يا رب فأكرمه، قال: فيكسى حلة الكرامة، قال: فيقول: يا رب زده، قال: فيحلى حلية الكرامة، قال: يا رب زده؟ فيكسى تاج الكرامة، قال: فيقول يا رب: زده فيرضى عنه، فليس بعد رضاء الله شيء)) وفيه أخبرنا أبو بكر بن ريدة قراءة عليه أخبرنا الطبراني، حدثنا الدبري، حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم : ((تعلموا القرآن فإنه شافع لأصحابه يوم القيامة، تعلموا البقرة وآل عمران، تعلموا الزهراوين فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيابتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف يجادلان عن صاحبهما، وتعلموا البقرة فإن تعلمها بركة وإن تركها حسرة ولا يطيقها البطلة (يعني السحرة)) وله عنه طريق أخرى عن أبي إسحاق إبراهيم بن طلحة بن غسان عن أبي بكر أحمد بن محمد الأسفاطي عن أبي خليفة بن الحباب الجمحي عن مسلم عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده عن أبي أمامة فذكره وأخرجه مسلم عن الحسن بن علي الحلواني عن أبي توبة الربيع بن نافع عن معاوية بن سلام عن زيد عن أبي سلام عن أبي أمامة الباهلي، والغمامة والغيابة بإثنتين من أسفل والفِرْقان بكسر الفاء وسكون الراء القطعتان والجماعتان.

وقال الهادي  uفي الأحكام: بلغنا عن زيد بن علي عن آبائه عن علي  uأنه قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم : ((يأتي القرآن يوم القيامة وله لسان طلق ذلق قائلاً مصدقاً وشفيعاً مشفعاً فيقول: يا رب جمعني فلان عبدك في جوفه فكان لا يعمل فيَّ بطاعتك ولا يتجنب فيَّ معصيتك ولا يقيم فيَّ حدودك، قال: فيقول: صدقت فيكون ظلمة بين عينيه وأخرى عن يمينه وأخرى عن شماله وأخرى من خلفه تنتره هذه وتدفعه هذه حتى يذهب به إلى أسفل درك من النار، قال: ويأتي فيقول يا رب جمعني فلان عبدك في جوفه فكان يعمل فيَّ بطاعتك ويجتنب فيَّ معصيتك ويقيم فيَّ حدودك، فيقول: صدقت فيكون له نورٌ يسطع ما بين السماء والأرض حتى يدخل الجنة، ثم يقال: إقرأ وارقَ فلك بكل حرف درجة في الجنة حتى تساوي النبيين والشهداء هكذا، وجمع بين المسبحة والوسطى)) وفي أمالي المرشد بالله: أخبرنا أبو طاهر بن عبدالرحيم بقراءتي عليه حدثنا الربيع بن بدر حدثنا الأعمش عن شفيق عن عبدالله، قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم : ((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار)) ورواه في الجامع الصغير، وقال: أخرجه ابن حبان والبيهقي في الشعب عن جابر والبيهقي فيها والطبراني في الكبير عن ابن مسعود، قال الشيخ العزيزي: حديث صحيح، قوله: وماحل أي خصم مجادل، وقيل ساع من قولهم محل بفلان إذا سعى به إلى السلطان، والمراد به أنه مجادل عنه أوساع في رفع مرتبته إن كان مؤمناً أو أنه يجادله بأن يخبر بتركه العمل كما مر، ويسعى به إلى من يجازيه بقبيح فعله إن كان مجرماً، والله أعلم.

وفي أمالي المرشد بالله عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم : ((سورة في القرآن شفعت لأصحابها أو لصاحبها حتى غفر الله له، تبارك الذي بيده الملك)) وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة، وابن الضريس والحاكم وصححه ابن مردويه والبيهقي في الشعب.

وفي أمالي المرشد بالله عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((من قال: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم شهدت له يوم القيامة بشهادة وشفعت له بشفاعة)) وفيه أخبرنا ابن ريدة أخبرنا الطبراني، حدثنا الحسين بن إسحاق التستري وعبدان بن أحمد قالا: حدثنا محمد بن مصفى، حدثنا عقبة بن الوليد، حدثنا إسماعيل بن عبدالله الكندي عن الأعمش عن أبي وائل عن عبدالله قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم في قوله تعالى: ]فَيُوَفِّيْهِمْ أُجُورَهُمْ ويَزِيْدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ[ [النساء/173] قال: ((أجورهم يدخلهم الجنة ويزيدهم من فضله الشفاعة لمن وجبت له الشفاعة لمن صنع إليهم المعروف في الدنيا)) وأخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والإسماعيلي في معجمه، قال السيوطي: بسند ضعيف، وفي أمالي أبي طالب: أخبرنا أبي حدثنا حمزة بن القاسم أنا سعيد بن عبدالله عن هارون ابن مسلم عن مسعدة عن الصادق عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم : ((إن الله سبحانه يجمع فقراء هذه الأمة ومياسيرها في رحبة باب الجنة ثم يبعث منادياً فينادي من بطنان العرش أيما رجل منكم وصله أخوه المؤمن في الله ولو بلقمة من خبز فليأخذ بيده على مهل حتى يدخله الجنة، قال: وهم أعرف بهم يومئذٍ من آبائهم وأمهاتهم فيجيء الرجل منهم حتى يضع يده على ذراع أخيه المكرم له الواصل له فيقول: يا أخي أما تعرفني ألست الصانع بي كذا وكذا فيعرفه كل شيء صنعه من البر والتحفة فقم معي، فيقول: إلى أين؟ فيقول: لأدخلك الجنة فإن الله قد أذن في ذلك فينطلق به آخذاً بيده ولا يفارقه حتى يدخله الجنة بفضل الله U لهما ومنّه عليهما)) وهذا الحديث نص في أن شفاعة هؤلاء إنما تكون لمن وصلهم مؤمناً دون غيره وإلا لما كان للتقييد بالأخ المؤمن فائدة، ويؤكده كون تلك الصلة خالصة لوجه الله كما يدل عليه قوله في الله.. وفي أمالي المرشد بالله عليهِ السّلام: أخبرنا أبو غسان حدثنا أبو الصلت، حدثنا ابن مكرم حدثنا نصر بن علي أخبرني أبي حدثنا الحسن بن أبي الحسن، قال: سمعت أبا العالية البراء لما قتل الحسين بن علي أتي عبيد الله برأسه فأرسل إلى أبي برزة الحديث، وفيه قال عبيد الله كيف ترى شأني وشأن الحسين بن علي يوم القيامة؟ قال: الله أعلم، وما علمي بذلك، قال: إنما أسألك عن رأيك؟ قال: إن سألتني عن رأيي فإن حسيناً يشفع له أبوه محمد ويشفع لك زياد... الخبر) وفيه دليل أن المعروف عند الصحابة والمشهور فيما بينهم أن شفاعة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لا تكون إلا للمطيعين دون العاصين، إذ الخلاف في من تكون له الشفاعة لم يقع يومئذٍ، وإنما كانوا في مسائل الأصول على دين واحد وعقيدة واحدة، وإنما ظهر الخلاف في زمن التابعين، وفي الجامع الصغير عن علي  uمرفوعاً: ((شفاعتي لأمتي من أحب أهل بيتي)) أخرجه الخطيب، وفي أمالي المرشد بالله عليهِ السّلام: أخبرنا ابن ريدة، أخبرنا الطبراني حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، حدثنا أبو كريب حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا عمرو بن حفص عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبدالله أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: ((ما من مسلم يقول حين يسمع النداء بالصلاة فيكبر ويشهد أن لا إله إلا الله ويشهد أن محمداً رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم ثم يقول: اللهم اعط محمداً الوسيلة واجعل في الأعلين درجته ومن المصطفين محبته وفي المقربين ذكره إلا وجبت له الشفاعة يوم القيامة)) وفي أمالي المرشد بالله عليهِ السّلام: أخبرنا ابن غيلان أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي، حدثنا علي بن عياش الحمصي، حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم : ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آتِ محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة)) وأخرجه البخاري عن علي بن عياش بالسند المذكور، وأخرجه أبو داود، وعن أحمد ابن حنبل والترمذي عن محمد بن سهل وإبراهيم بن يعقوب وأخرجه أيضاً النسائي عن عمرو بن منصور وابن ماجة عن محمد بن يحيى والعباس بن الوليد ومحمد بن أبي الحسين سبعتهم عن علي بن عياش، وعَياش بفتح العين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف بعدها ألف ثم ثنتين معجمة والحديث أخرجه أحمد والإسماعيلي، وقد توبع ابن المنكدر عليه عن جابر، فأخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي الزبير عن جابر نحوه، وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ، فإنه من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)) وأخرجه أبو داود، وفي أمالي أبي طالب: أخبرنا أبو الحسين البحري حدثنا الحسين بن علي المصري، حدثنا أحمد الأودي، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا موسى بن عبيدة عن محمد بن عمر عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((ما من عبد يسأل الله لي الوسييلة في الدنيا إلا كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة)) وفيه أخبرنا أبو الحسين الحسني حدثنا ابن مهرويه، حدثنا داود الغازي، حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه الكاظم عن أبيه الصادق عن أبيه الباقر عن أبيه زين العابدين عن أبيه الحسين عن أبيه علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((ثلاثة أنا شفيع لهم يوم القيامة: الضارب بسيفه أمام ذريتي، والقاضي لهم حوائجهم عندما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه)).. وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من حديث طويل يخاطب علياً عليهِ السّلام: ((وإنك غداً على الحوض خليفتي، وأنك أول من يرد عليَّ الحوض، وأنك أول من يكسى معي، وأنك أول داخل الجنة من أمتي، وأن شيعتك علي منابر من نور مبيضة وجوههم حولي أشفع لهم ... الحديث))، وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه قال: ((من زار قبري وجبت له شفاعتي)) رواه الهادي في الأحكام وأخرجه ابن عدي والبيهقي في الشعب عن ابن عمر، قال العزيزي: بإسناد ضعيف، قال المولى العلامة علي بن محمد العجري ـ رحمه الله ـ قلت رواية الهادي  uتدفع ضعف إسنادها، وأخرج البيهقي في الشعب عن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : ((من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شهيداً يوم القيامة)) قال العلقمي: بجانبه علامة الحسن اهــ.

وفي أمالي أبي طالب عليهِ السّلام: أخبرنا أبو العباس أنا الحسن القصري، حدثنا فضالة بن محمد، حدثنا سليمان بن الربيع عن كادح عن موسى بن وجيه، عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي  uقال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((إن أقربكم مني غداً وأوجبكم عليَّ شفاعة أصدقكم لساناً وأدَّاكم لأمانته وأحسنكم خلقاً وأقربكم من الناس)) وعن رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه كان يقول: ((أنا شفيع لكل أخوين تآخيا في الله من مبعثي إلى يوم القيامة)) رواه الهادي عليهِ السّلام، وهذا القدر كافٍ، إذ الإستقصاء متعذر، والتطويل يخرجنا عن المقصود، والمراد التنبيه على كثرة الأحاديث في هذا المعنى، أعني كون الشفاعة مترتبة على حصول الطاعة.

116 / 203
ع
En
A+
A-