وأيضاً قوله: (شفيع) يمنع من حمل الطاعة على ذلك، لأن من كان أعلا رتبة لا يسمى شفيعاً بل يسمى آمراً وحاكماً، فقوله: (شفيع) يفيد أن المطاع هنا ليس بذي رتبة فتعين أن يكون بمعنى المجاب.

 فإن قيل: لا نسلم أن حمل المطاع على المعنى الحقيقي يذهب فائدة الآية، لأنا نقول: الفائدة في ذكره أن المشركين كانوا يعتقدون أن الأصنام تشفع لهم عند الله، وأنه يقبل شفاعتها.

 قلنا: هذا مبني على ما يزعمونه من أن الآية في الكفار وهو باطل، فإنها عامة في الكفار وغيرهم لما قدمنا من أن اللام للإستغراق.

 الوجه الثالث: أن الآية خرجت مخرج الزجر عن المعاصي ولا زجر إلا إذا أريد بها نفي الشفاعة في إسقاط العقاب، ولا يمكن حملها إلا على قولنا.

الآية السادسة: قول الله تعالى في الملائكة: ]ولا يَشْفَعُوْنَ إلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى[ [الأنبياء/28] ومثلها قوله تعالى: ]وكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئَاً إلاَّ مِنْ بَعْدِ أنْ يَأذَنَ اللهُ لِمَنْ يشَاءُ ويَرْضَى[ [النجم/26] والفاسق ليس بمرضي فلا تجوز شفاعتهم له، وإذا لم يجز من الملائكة فلا يجوز من الأنبياء إذ لا قائل بالفرق، وقد اعترض الخصوم الإستدلال بهذه الآية من وجوه بأن قالوا: الفاسق مرضي عند الله لإيمانه فهو داخل فيها، لأن من صدق عليه أنه مرتضى عند الله لأجل هذا الوصف صدق عليه أنه مرتضى عند الله، لأن قولنا مرتضى عند الله جزء من مفهوم قولنا مرتضى عند الله بحسب إيمانه، وإذا صدق المقيد صدق المطلق، ولأجل هذا جعلها الرازي حجة لهم.

114 / 203
ع
En
A+
A-