قلنا: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وأيضاً فإن الله تعالى لم يقص علينا أخبار الأمم الماضية وما فعلوه من المعاصي وما توعدهم به من العقاب إلا لنعتبر ونحذر أن نواقع مثل ما واقعوه فيقع بنا مثل ما وقع بهم وإلا كانت القصص والأخبار عبثاً على أنه قد جاء معنى الآية خطاباً للأمة المحمدية قال تعالى: ]وذَرِِِ الَّذِيْنَ اتَّخَذُوا دِيْنَهُمْ لَعِبَاً ولَهُوَاً وغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وذَكِّرْ بِهِ أنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُوْنِ اللهِ وَلِيٌ ولا شَفِيْعٌ وإنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍٍ لا يُؤخَذْ مِنْهَا...[ الآية [الأنعام/70].
ففيها ما يكفي ولا يقال هي في الكفار لأنا نقول: الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً وغرتهم الحياة الدنيا أعم من الكفر، ولذا قال تعالى: ]وذَكِّرْ بِهِ أنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ[، وأصل الإبسال المنع.
الوجه الثالث: أن الآية خرجت مخرج الزجر والتحذير من المعاصي، والتحذير إنما يكون من ضرر أو ذهاب نفع قد حصل ولم يحذر في الآية من فوت نفع قد حصل لأنه لم يحصل فلم يبق إلا أنه حذَّر من ضرر نازل، لا يقال: بل هو تحذير من أن لا يحصل له زيادة نفع لأنا نقول: عدم حصول زيادة النفع ليس فيه خطر ولا ضرر بدليل أنه لو قال: اتقوا يوماً لا أزيد فيه منافع المستحقين بشفاعة أحد، لم يحصل زجر عن المعاصي بخلاف ما لو قال: اتقوا يوماً لا أسقط فيه عقاب المستحق للعقاب بشفاعة شافع، فثبت أن المقصود من الآية نفي تأثير الشفاعة في إسقاط العقاب فقط.
الآية الثانية من حجج الزيدية والمعتزلة: قول الله Y : ]يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ ولا نَاصِرٍ[ [الطارق/9، 10]، قال البيضاوي: يوم تبلى السرائر تتعرف وتتميز بين ما طاب من الضمائر وما خفي من الأعمال وما خبث منها وهو ظرف لرجعه (فماله) فما للإنسان (من قوة) من منعة في نفسه يمتنع بها (ولا ناصر) يمنعه ...اهـ.
وقال الطبرسي (من قوة) يمتنع بها من عذاب الله (ولا ناصر) ينصره من الله ..اهـ.