أقول : أنَّ الجواب عن هذا السؤال يشتمل على مطالب.
المطلب الأول في حقيقة الشفاعه لغة واصطلاحا ، المطلب الثاني : في بيان موضوعها وبيان المشفوع له ، المطلب الثالث : في أدلة القول المختار وبيان الشبه الواردة على أدلته ورد تلك الشبه، المطلب الرابع : في بيان بعض شبه المخالف وردها ، المطلب الخامس : في الجواب عن آخر السؤال ، هل يكفي في الأيمان حب أمير المؤمنين أم لا ؟
فلنشرع في المقصود بعون الملك المعبود ، واعلم: أن جميع ما نقلناه هنا مأخوذ من كتاب المنهاج ومن شرحه المعراج للإمام عز الدين uومن الغياصة شرح الخلاصة ومن شرح الأصول الخمسة، ومن شرح الإمام إبراهيم بن محمد المؤيدي على الثلاثين المسألة، ومن الفرائد للإمام المهدي عليهِ السّلام، ومن مفتاح السعادة لسيدي العلامة الحجة علي بن محمد العجري - رحمه الله - وكل ماتحرر على الحجج من أخذ ورد ونقل الأحاديث التي احتج بها أصحابنا وما احتج به الخصم وما قيل في ذلك منقول منه فليكن المطلع على ثقة إن أراد مراجعة الأصول المذكورة، مع زيادة ونقص وتقديم وتأخير وابدال لفظ بلفظ بحسب ما يقتضيه المقام، وما كان من غير هذه الأصول فقد صرحت بذكره ونسبت القول الى قائله والله الموفق والهادي .
المطلب الأول المطلب الأول: اعلم أنَّ الشفاعة في أصل اللغة مأخوذة من الشفع وهو نقيض الوتر، والشفع الزوج، والوتر الفرد ، ولذلك يقال شاة شافع إذا كان معها ولدها، ولهذا سُمِي الشفيع شفيعاً لإنضمامه إلى المشفوع له، ومنه سميت الشفعة شفعة لما كان غرض الشافع ضم المال المشفوع إلى ماله الأصلي.
وحقيقتها في الإصطلاح قال في الغياصة شرح الخلاصة: هي السؤال لجلب نفع إلى الغير أو دفع ضرر عنه، وقلنا: لجلب نفع إلى الغير أو دفع ضرر عنه على وجه يكون غرض السائل حصول ما سأل لأجل سؤاله، فقولنا: سؤال ليخرج من ذلك ما ليس بسؤال كالأمر بإيصال نفع إلى الغير أو دفع ضرر عنه، وقلنا: لجلب نفع إلى الغير أو دفع ضرر لنحترز بذلك عن السؤال لجلب الضرر أو فوت النفع، وقلنا: إلى الغير ليحترز عن سؤال ذلك للنفس فأنه لا يكون شفاعة، وقلنا : على وجهٍ يكون غرض السائل حصول ما سأل لأجل سؤاله ليحترز بذلك مما إذا لم نقصد ذلك بل قصدنا نفع أنفسنا أو نحو ذلك، ولهذا فإنا نسأل للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم الوسيلة والدرجة الرفيعة ولا نكون شافعين له، لأنا لم نقصد بسؤالنا ذلك حصوله له، لأن الله تعالى أخبر أنه يفعل ذلك من غير سؤالنا، وإنما قصدنا بسؤالنا تحصيل الثواب لأنفسنا مع أنا متعبدون بذلك اهـ.