التأويل الأول منهما: أن الرسول ً كان نهى عن استقبال بيت المقدس حين كان قبلة، ثم إنه نهى عن الكعبة حيث صارت قبلة فجمع الراوي بينهما.
التأويل الثاني: أن هذا الحديث إنما ورد في حق أهل المدينة ومن كان في جهتهم من البلدان؛ لأن من كان هناك إذا استقبل الكعبة فإنه يستدبر بيت المقدس ومن استدبر بيت المقدس، فإنه يستقبل الكعبة، وسمي بيت المقدس قبلة؛ لأنه كان قبلة قبل نسخه جرياً على عادة العرب في استصحاب الاسم بعد زوال معناه، فهذا تقرير ما عولوا عليه في كونه مخصوصاً بالكعبة، الاستقبال والاستدبار في العمران والصحارى كما أوضحنا فيه القول.
والمختار: ما عول عليه علماء العترة من كون الكراهة عامة في القبلتين جميعاً.
والحجة على ذلك: ما حكيناه عنهم، ونزيد ههنا حجتين:
الحجة الأولى: من طريق القياس، وهو أن الكعبة إنما كره استقبالها واستدبارها عند قضاء الحاجة لما كانت قبلة يُصلَّى إليها و يُوجَّه أفضل الأعمال إليها، وهذا حاصل في بيت المقدس فإنه كان قبل النسخ على هذه الصفة، وكثير من أصحاب الرسول ً صلّى القبلتين يعني وجه صلاته إلى بيت المقدس أولاً ثم إلى الكعبة آخراً، ثم استقرت الصلاة بعد النسخ إلى الكعبة، ولا يضر كونها منسوخة؛ فإن الحرمة باقية، وإن كانت الصلاة قد نسخت بالتوجه إليها.
الحجة الثانية: أنا نقول: إن التوارة التي أنزلت على موسى والإنجيل الذي أنزل على عيسى، هما كتابان من عند اللّه تعالى ووحيه وتنزيله على هذين النبيين، ولا خلاف في كونهما منسوخين بشريعة الرسول ً، والمعلوم أن الحرمة باقية فيهما بعد نسخهما، ولهذا فإن الرسول ً لما أراد أن يحكم بين اليهود في الزنا بما في التوراة وقد أنكرت اليهود أن يكون فيها حكم الرجم، فقال لهم الرسول ً: (( إئتوني بالتوراة أحكم بينكم بما فيها )) فجاءوا بها يحملون أسفارها على كرسيها، فقام لها عند إقبالها وقال: (( آمنت بمن أنزلك))(1). فهكذا نقول: حال قبلة بيت المقدس؛ حرمتها باقية في التعظيم والإجلال عن استقبالها بالفروج وبالبول والعذرة، وفي ذلك صحة ما نريده.
الانتصار: يكون بإبطال ما أوردوه حجة لهم.
قالوا: جميع ما ورد من الأحاديث كلها في كراهة الاستقبال والاستدبار إنما هو خاص في الكعبة، وظاهرها أنها مقصورة عليها؛ فلهذا لم يصح إدخال غيرها معها في ذلك إلا بدلالة ولا دلالة هناك.
قلنا: عما ذكروه جوابان:
أما أولاً: فلأن الأحاديث الواردة في كراهة استقبال القبلة مطلقة، كقوله عليه السلام في خبر أبي هريرة: (( لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول )). وفي حديث أبي أيوب الأنصاري مثله، ولفظ القبلة صالح للجهتين جميعاً، فيجب أن تكون صالحة لهما جميعاً؛ لأن بيت المقدس يسمى قبلةً استصحاباً للاسم.
وأما ثانياً: فهب أنا سلمنا أن اسم القبلة لا يصلح إلا للكعبة، فحديث معقل بن أبي معقل دال على ما ذكرناه فيجب الاعتماد عليه.
قالوا: لم يشرف بيت المقدس إلا من أجل كونه قبلة، والآن قد زال كونه قبلة بالنسخ فلا حرمة له، فلم يكره استقباله واستدباره عند قضاء الحاجة.
__________
(1) أخرجه أبو داود.
قلنا: الحرمة باقية وإن زالت مواجهته عند الصلاة كما كان ذلك في التوراة والإنجيل، فإن حرمتهما باقية وإن زال التعبد بأحكامهما لكونهما كتابين من السماء، ويؤيد ما ذكرناه من بقاء حرمته، قوله ً: (( لا تُشَدُّ الرِّحَال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد بيت المقدس)). وقوله ً: (( مسجد بيت المقدس بارك فيه سبعون نبياً )). فهذا يدل على القضاء بفضله وحرمته عندالله كالكعبة فلا ينبغي مقابلته بكشف العورة والبول والغائط .
المسألة الخامسة: إذا تقرر ما ذكرنا من إلحاق بيت المقدس بالكعبة في كراهة الاستقبال والاستدبار، فهل يكره استقبال الشمس والقمر أم لا؟ فيه مذهبان:
المذهب الأول: أنه يكره استقبالهما واستدبارهما عند قضاء الحاجة، وهذا هو الذي ذكره المنصور بالله والناصر، وهو رأي الشيخ أبي حامد العزالي، والصيمري من أصحاب الشافعي.
والحجة على ذلك: هو أنهما آيتان عظيمتان لهما شرف وحرمة، ولهذا أقسم اللّه بهما في قوله: {وَالْشَّمْسِ وَضُحَاهَا }[الشمس:1]. وقوله تعالى:{كَلاَّ وَالْقَمَرِ }[المدثر:32]. وما ذاك إلا لأجل شرفهما عند اللّه تعالى فأشبها الكعبة، فلهذا كره استقبالهما عند قضاء الحاجة كما كره في القبلتين جميعاً.
المذهب الثاني: أن ذلك غير مكروه وهذا هو رأي الأكثر من أئمة العترة كالقاسم، والهادي والمؤيد بالله، وأبي طالب، وهو رأي الأكثر من أصحاب الشافعي، وإنما قلنا بأن هذا هو رأي أكثر أئمة العترة مع أنهم لم ينصوا عليه ولا صرحوا به قطعاً، من جهة أن هذا موضع ذكره لو كان موافقاً للكعبة في الحرمة، فلما لم يذكروه مع إحفاز الحاجة إلى ذكره، دل على كونه مخالفاً لما يكره استقباله من القبلتين، وأنه مخالف لهما في الحكم.
والحجة على ذلك: هو أنا إنما قضينا بكراهة الاستقبال في الكعبة لما دل عليه الشرع من ذلك بالأخبار التي رويناها، ولم تدل على غيرهما(1) دلالة فلهذا كانا(2) باقيين على أصل الإباحة.
والمختار: ما عول عليه الأكثر من علماء العترة، وهو رأي الأكثر من الفقهاء: أبي حنيفة والشافعي وأصحابهما.
والحجة على ذلك: ما حكيناه عنهم ونزيد هاهنا حجتين نوضحهما:
الحجة الأولى: ربما نقول: إن المعتمد في تقرير هذه الآداب المتعلقة بقضاء الحاجة إنما هو السنن المنقولة من جهة صاحب الشريعة (صلوات اللّه عليه وآله) وأكثرها شرعيات بيَّنها على لطائف من جهة اللّه تعالى، ولم يدل الشرع مما يكره استقباله إلا على ما ذكرناهُ من القبلتين، وما هذا حاله فلم تدل عليه دلالة، فلهذا وجب إبقاؤه على أصل الإباحة ولا معنى للقياس بجامع التعظيم؛ لأن الأقيسة مُنسَدَّة فيما هذا حاله لعدم فهم المعاني والاطلاع عليها؛ لأن مستندها أكثره أمر غيبي استأثر اللّه بعلمه، وما هذا حاله فلا مجال للقياس فيه لدقة معناه وكثرة التحكم فيه.
الحجة الثانية: هو أن قضاء الحاجة على التسهيل والتيسير والوسعة، وفي الحكم بكراهة استقبال ما ذكرناه من هذين الكوكبين الشمس والقمر نوع تضييق وعسرة تناقض ما فهم من قضاء الحاجة، وبيانه: أنا إذا كَرَّهنا استقبال القبلتين واستدبارهما وضممنا إلى ذلك استقبال ما ذكرناه من الشمس والقمر، فمن الجائز أن تكون الشمس في المشرق والقمر في المغرب فلا تستقبل هذه الجهات الأربع، وفي هذا صعوبة ونوع تعسير يضاد ما فهم من مقصود الشارع من التوسعة والتيسير في قضاء الحاجة، فلهذا كان متروكاً عن الكراهة لما ذكرناه.
__________
(1) على غير القبلتين.
(2) أي: الشمس والقمر.
وحجة ثالثة: وهي قوله ً في حديث أبي أيوب: (( ولكن شرقوا أو غربوا )). ولم يفصل في الإباحة في التوجه إلى جهة المشرق والمغرب بين مقابلة الكوكبين أو غير مقابلتهما، فقد وضح لك بما ذكرناه أنه لا وجه لكراهة استقبالهما، والله أعلم.
الانتصار: يكون بالكلام على من خالفه.
قالوا: لهذين الكوكبين من الحرمة ما للقبلتين، فلهذا كره استقبالهما عند قضاء الحاجة.
قلنا: عما ذكروه جوابان:
أما أولاً: فبالفرق، وهو أن المعنى في القبلتين كونهما جهتين للعبادة والصلاة بخلاف هذين الكوكبين فإنهما لا يوجهان للعبادة فافترقا.
وأما ثانياً: فلأنا قد ذكرنا أن مضظرب النظر فيه بالأقيسة ضيق لا يتسع للمقارعة بالأسلحة النَّظرية، ولا يجوز في ميدانه جياد الأقيسة المعنوية.
وهل يكره استقبال هذه الأفلاك نحو زحل والمريخ والمشتري وغيرها من الآيات الباهرة الدالة على عظم القدرة؟ فيه تردد ونزاع بين العلماء، والخلاف فيها وفي الشمس والقمر واحد، فمن قال: يجوز استقبال الشمس والقمر، قال: بجواز استقبال هذه، ومن منع من تلك منع من هذه على جهة الكراهة، والكلام فيها واحد فلا وجه لإفرادها بالذكر والاعتراض والجواب، فهذه المسائل قد اشتمل عليها أدب الاستقبال والاستدبار.
الأدب الثاني: يكره الحديث في حال الاشتغال بقضاء الحاجة لما روى ابن عمر رضي اللّه عنه، عن النبي ً (( أنه(1) مر رجل به عليه السلام وهو يبول فسلم الرجل فلم يرد السلام عليه حتى تيمم ثم رد السلام عليه)). وفي حديث آخر حتى توضأ ثم اعتذر إليه، فقال: (( إني كرهت أن أذكر اسم اللّه إلا على طهر )) أو قال: (( على طهارة ))(2).
__________
(1) في الأصل: (أنه قال: مر رجل به...) إلخ. ولم يستقم المعنى إلا بحذف (قال).
(2) جاء في صحيح الألباني (406) بلفظ: ((إني كرهت أن أذكر اسم اللّه إلا على طهارة)). وأبو داود (17)، وفتح الباري ج11/13.
الأدب الثالث: ويكره التكشف في حال الاشتغال بقضاء الحاجة، لما روى أبو سعيد الخدري، قال: سمعت رسول اللّه ً يقول: (( لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عورتيهما يتحدثان فإن اللّه يمقت على ذلك))(1).
الأدب الرابع: ويستحب ألاَّ يكشف ثوبه حتى يدنو من الأرض لما روى ابن عمر قال: (( كان رسول اللّه ً إذا أراد قضاء الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض)).
الأدب الخامس: ويكره للرجل أن يبول قائماً لما روي عن النبي ً أنه قال: (( إذا أراد أحدكم أن يبول فلا يطمح ببوله ))(2). والتطميح: العلو والارتفاع. يقال: طمح الجدار إذا علاه. وعن عمر رضي اللّه عنه أنه قال: ما بلت قائماً منذ أسلمت. وروي عن ابن مسعود رضي اللّه عنه أنه قال: من الجفاء أن تبول وأنت قائم، ولأنه لا يأمن مع القيام أن يترشش ببوله.
الأدب السادس: ويستحب أن يتفاجَّ عند بوله، لما روي عن بعض أزواج الرسول ً أنها قالت: (( كان النبي إذا أراد أن يبول تفاج حتى أنا لنأوي له))(3). والتفاج: هو تباعد ما بين الفخذين لما في ذلك من البعد عن الرشاش بالبول.
__________
(1) أخرجه أبو داود.
(2) أورده في الشفاء وفي البحر، وقال في التلخيص: وعن أبي هريرة قال: كان رسول اللّه ً يكره البول في الهواء. رواه ابن عدي وفي إسناده يوسف بن السفر وهو ضعيف.ا.هـ. جواهر.
(3) أوى إليه أوية وأيَّة ومأوية و مأواة: رق ورثى له. وفي الحديث: أن النبي ً كان يخوي في سجوده حتى كنا نأوي له. قال أبو منصور: معنى قوله كنا نأوي له، بمنزلة قولك: كنا نرثي ونشفق عليه من شدة إقلاله بطنه عن الأرض ومده ضبعيه عن جنبه.ا.هـ لسان.
الأدب السابع: ويكره للرجل أن يبول في جُحْرٍ لما روي عن الرسول ً (( أنه نهى عن البول في الجحر )) وقيل لعبادة: فما بال الجُحْر؟، فقال: (( إنها مساكن الجن )). وقيل: إن سعد بن عبادة ) خرج إلى الشام فسمع أهله هاتفاً يهتف في داره وهو يقول:
قتلنا سيد الخز
رميناه بسهـ ... رج سعد بن عبادة
م فلم نخط فؤاده(2)
ففزع أهله من ذلك وتعرفوا خبره وكان في تلك الليلة قد مات، وحكي أنه كان قد جلس يبول في جحر فاستلقى ميتاً. ولأنه لا يؤمن أن يخرج من الجحر ما يلسعه إذا ورد عليه البول.
الأدب الثامن: يكره للرجل أن يبول في الماء الرَّاكد لما روي عن الرسول ً، أنه نهى عن أن يبول الرجل في الماء الراكد، ولأنه ربما أفسده بالبول إذا كان قليلاً.
__________
(1) سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري الخزرجي، سيد الخزرج، أحد الأمراء الأشراف في الجاهلية والإسلام. شهد العقبة مع السبعين من الأنصار، اختلف في شهوده بدراً، وشهد أحداً والخندق، خرج إلى الشام مهاجراً أيام عمر فمات بحوران سنة 14هـ. له عشرون حديثاً، ومات قبل أوان الرواية. وله تراجم في كل طبقات الصحابة.ا.هـ. در السحابة.
(2) يفهم من إيراد المؤرخين للبيتين أنهما لهاتف من الجن، ولكن نفي قتل الجن سعداً ينفي إسناد البيتين إليهم. وفي هذه الحادثة قال حسان بن ثابت بيتين هما:
يقولون سعداً شقت الجن بطنه ألا ربما حققت أمرك بالعذر
وما ذنب سعد أنه بال قائماً ولكن سعداً لم يبايع أبا بكر
الأدب التاسع: يكره للرجل أن يبول في الظل والطريق والموارد للماء، لما روي عن الرسول ً أنه قال: (( اتقوا الملاعن الثلاثة : البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل ))(1).
الأدب العاشر: ويكره للرجل أن يبول في مساقط الثمار؛ لأنه ربما وقع على الثمرة فينجسها، ولأنه من جملة الملاعن أيضاً، قال أبو عبيد: وإنما قيل لها ملاعن؛ لأن من يأتي ذلك فإنه يقول: من فعل هذا فعليه لعنة الله(2).
الأدب الحادي عشر: ويكره للرجل أن يبول في موضع ثم يتوضأ فيه، لما روي عن الرسول ً أنه قال: (( لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه وإن عامة الوسواس منه ))(3). وسمي موضع التوضؤ مستحماً؛ لأنه ربما توضأ فيه بالماء الحار، فقيل له: مستحماً أخذاً من ذلك، والمستحم مكان التوضؤ بالماء الحار، هكذا قاله ابن الأثير في نهايته(4)، وهذا إنما يكون إذا كان يتوضأ على الأرض فيختلط الماء والبول فربما وقع على المتوضئ من ذلك البول ما ينجسه، فأما إذا كان هناك مجارٍ للماء والبول بحيث لا يظن الترشيش فإن البول جائز في مواضع الوضوء؛ لزوال العلة التي نهي عنه من أجلها لما ذكرناهُ.
__________
(1) أخرجه أبو داود، وفي جواهر الأخبار. وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه ً: ((اتقوا اللعانين)) قيل: وما اللعانان يا رسول اللّه؟ قال: ((الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم)). أخرجه مسلم وأبو داود، وأورده الإمام القاسم في الاعتصام بلفظ ((اتقوا اللاعنين...)).
(2) راجع غريب الحديث.
(3) وفي رواية ((..ثم يغتسل فيه)). أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي، وجاء في جواهر الأخبار: ولم يذكر الترمذي والنسائي الغسل والوضوء.
(4) كتاب النهاية لابن الأثير، مشهور ومطبوع عدة طبعات.
الأدب الثاني عشر: ويجوز أن يبول الرجل في الإناء لما روته أميمة بنت رقيقة(1)، قالت: (( كان للرسول ً قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل))(2).
الأدب الثالث عشر: إذا كان به علة جاز له البول قائماً لما روى حذيفة بن اليمان أنه قال: (( أتى رسول اللّه ً سُباطة(3) قوم فبال قائماً))(4). وذلك إنما يكون من علة لما تقدم من نهيه عن البول قائماً، ولا يمكن الجمع بينهما إلا بما ذكرناه، وقد روي أن تلك العلة التي بال من أجلها قائماً، وجع كان بمأبضه فلم يمكنه القعود. والمأبض: ما تحت الركبة، والسباطة: بالسين المهملة المضمومة: المزابل وأمكنة الأقذار.
الأدب الرابع عشر: ويستحب للرجل عند الاشتغال بقضاء الحاجة أن يتكيء على رجله اليسرى، لما روي عن الرسول ً أنه قال: (( إذا قعد أحدكم لحاجته فليعتمد على رجله اليسرى))(5). ولأنه يكون أوعب بخروج ما يخرج من المعدة من جهة أن فتحتها مما يلي الجانب الأيسر.
__________
(1) لعل هناك خطأ في ضبط الاسم.
(2) جاء من عدة طرق ومنها ما رواه عبدالرزاق عن ابن جريج وقد تقدم.
(3) السُّباطة، بضم السين: الكناسة، أي الموضع الذي يرمى فيه التراب والأوساخ وما يكنس من المنازل.ا.هـ. لسان.
(4) أخرجه الستة إلا الموطأ. وفي رواية للنسائي والترمذي عن عائشة قالت: من حدثكم أن النبي ً كان يبول قائماً فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعداً. ورواية النسائي إلا جالساً. وفي رواية أخرى عن عائشة: ما بال قائماً منذ أنزل عليه القرآن.
(5) هذا الحديث مروي عن سراقة ولفظه قال: علمنا رسول اللّه ً إذا أتينا الخلاء أن نتوكأ على اليسار. أورده في الجواهر وقال: حكاه في الشفاء والمهذب، وعزاه في التلخيص إلى الطبراني والبيهقي من طريق رجل من بني مدلج عن أبيه قال: مر بنا سراقة فذكره..ا.هـ.
الأدب الخامس عشر: يكره للرجل أن يطيل القعود عند قضاء الحاجة لما حكي عن لقمان أنه قال: لا تطل القعود فإن ذلك يلزم منه وجع الباسور، ولأن في ذلك حصول الاسترخاء في المقاعد بطول الإقامة على قضاء الحاجة، وقيل: إنه يلزم منه وجع الكبد.
الأدب السادس عشر: ويكره في حال اشتغاله بقضاء الحاجة أن يحمد اللّه إذا عطس، وأن يجيب المؤذن إذا سمعه وأن يقول مثل قوله، لقول الرسول ً: (( أكره أن أذكر اسم اللّه إلا على طهر )).
الأدب السابع عشر: ويستحب لمن قضى حاجته أن يتنحنح عند البول ويمسح ذكره ثلاث مرات، لما روي عن الرسول ً أنه قال: (( إذا بال أحدكم فليمز ذكره ثلاث مرات ))(1). ولأن ذلك يكون أقرب لخروج ما بقي من البول إن كان هناك بقية.
الأدب الثامن عشر: ويكره للرجل أن ينظر إلى ما يخرج منه عند قضاء حاجته، من جهة أن إدمان النظر إلى الأشياء النجسة يضعف النظر كما أن إدمان الشم للرائحة الخبيثة يضعف القوة(2).
الأدب التاسع عشر: يكره للرجل أن يبصق على ما يخرج منه فقد قيل: إنه يورث الوسواس، ولأنه يورث غثياناً، وعيفة في النفس.
__________
(1) أورده في الاعتصام نقلاً عن الجامع الكافي في قوله ً: ((إذا بال أحدكم فلينتتر ثلاثاً)). وفي رواية أخرى: ((فلينتر ذكره ثلاثاً)). أخرجه أحمد وابن ماجة والبيهقي وأبو داود.
(2) قوة حاسة الشم.