يرتقي عدها إلى سبع عشرة مسألة، فحكوا فيها قولين، وما عدا هذا الوجه فهو خطأ، فلا يجوز أن يقال: إن للعالم المجتهد قولين، على معنى أنه يقول إن هذا الشيء في نفسه حلال حرام على جهة الجمع بينهما؛ إذ لا يجوز أن تكون العين الواحدة حلالاً حراماً في وقت واحد من جهة شخص واحد، ولا يجوز أن يقال: إن له في المسألة قولين على جهة التخيير فيقول: بأن هذه العين حلال أو حرام، إذ لا وجه للقولين على هذه الصفة، ولا على أن يقال: إن المسألة محتملة لأوجه كثيرة فيبطل كل واحد منها سوى اثنين فعلى [القول] بأن له في هذه الحادثة قولين، فإن مثل هذا قد صححه أبو إسحاق الشيرازي ) من أصحاب الشافعي، وزعم أن ذلك معنى صحيح في صحة حمل قول المجتهد في المسألة على وجهين وهذا فاسد أيضاً، فإنه إذا كانت محتملة لما ذكره من الاحتمالات ثم بطلت كلها إلا اثنين منها، فإنه يكون شاكاً فيما ورائهما، فكيف يقال بأنهما قولان له؟ فما هذا حاله يكون خطأ، فإذاً لا تعويل في أن للمجتهد في المسألة قولين إلا على ما ذكرناه دون سائر الأوجه، والله أعلم بالصواب.
وهذا ما أردنا ذكره في التنبيه على ما اشتملت عليه هذه المقدمة مما لا يتسع جهله للفقيه الخالي عن علم الأصول، والله الموفق للرشاد.
__________
(1) هو إبراهيم بن علي بن يوسف، يكنى بأبي إسحاق، ولقبه جمال الدين، ولد سنة 393هـ في بلدة فيروز آباد بالقرب من شيراز، وهو من أعلام فقهاء الشافعية، درس في شيراز والبصرة وبغداد حتى برع في علوم الفقه والحديث، وتتلمذ عليه كثيرون من أعيان المذهب الذين تجاوز عددهم أربعين فقيهاً. من مؤلفاته: (المهذب) في الفروع، و(التنبيه) في الفقه، و(اللمع) وشرحه في أصول الفقه، و(طبقات الفقهاء) في التراجم، توفي سنة 476هـ. (ملخصاً من طبقات الفقهاء).

---
المقدمة الخامسة: في جواز التقليد للعوام في المسائل الخلافية وذكر من هو أحق بذلك من العلماء
اعلم أن الذي عليه أهل التحقيق من أئمة الزيدية والجماهير من المعتزلة ومحققي الأشعرية، أنه لا يجوز التقليد في المسائل الدينية نحو: العلم بالصانع وصفاته، والعلم بحكمته ومعرفة صدق الرسول إلى غير ذلك من مسائل الديانة، والواجب على كل مكلف الوصول فيها إلى العلم اليقين، بالنظر في الأدلة القاطعة.
وذهب كثير من الفقهاء إلى جواز حصول هذه المعارف كلها بالتقليد لمن علمها بالنظر والاستدلال، وهو محكي عن أبي إسحاق النصبي ) ويأتي على رأي عبدالله بن الحسن العنبري ) وإلى هذه المقالة ذهب أهل الحشو والتعليمية(3) وزعموا أن الطريق إلى معرفة الحق إنما تكون بالتقليد، وأما النظر فهو موضع حيرة.
__________
(1) إبراهيم بن عياش البصري النصيبي المعتزلي (أبو إسحاق) من علماء المعتزلة، قال في (المنية والأمل): كان من الورع والزهد والعلم على حد عظيم وهو من الطبقة العاشرة من المعتزلة، وله كتاب في إمامة الحسنين وكتب أخرى . ا.هـ (مقدمة الأزهار).
(2) صوابه عبيدالله، من تميم، قاضٍ من الفقهاء العلماء بالحديث وهو من البصرة وُليَّ قضاءها وعزل سنة 166هـ، وتوفي في هذه السنة. الأعلام 4/192.
(3) من الأشعرية والإسماعيلية.

والمختار: هو الأول؛ لأن المقلد في هذه الأمور ليس يخلو حاله [إما] أن يكون مقلداً لجميع الفرق المخالفة، أو يكون مقلداً لفريق دون فريق، وباطل أن يكون مقلداً لجميع الفرق، لما يؤدي إليه ذلك من الإعتقادات المتناقضات، فإن منهم من أثبت الصانع ومنهم من زعم نفيه، وما هذا حاله يستحيل الجمع بينهما، وإن قلد بعضاً دون بعض، فإما أن يكون ذلك التخصيص لمرجح أو لا لمرجح، وباطل أن يكون ذلك من غير مرجح؛ لأن اعتقاد أحد الجائزين من غير مرجح يكون باطلاً عقلاً، وإن كان لمرجح فليس ذلك يكون إلا بالنظر لبطلان ما سواه من الطرق، إذ لا يمكن الوقوف على حقيقة الأمر إلا به، وفيه بطلان التقليد بكل حال وهو المقصود.
فإذا تمهدت هذه القاعدة فلنذكر جواز التقليد من جهة العوام للعلماء في المسائل الخلافية، ثم نذكر من هو أحق بالتقليد في ذلك، فهذان مطلبان نذكر ما يتوجه في كل واحد منهما بمعونة اللّه تعالى:

---
المطلب الأول: في بيان جواز التقليد من جهة العوام للعلماء في المسائل الخلافية والأحكام العملية
زعم جماعة من معتزلة بغداد أنه لا يجوز للعامي التقليد في المسائل الخلافية العملية، وقالوا: إن الواجب على العامي هو أن يعرف حكم الحادثة بدليل الشرع الموضوع له، ويحرم عليه التقليد، وحاصل هذه المقالة: إلحاق المسائل الفقهية بمسائل العقائد الدينية، وقالوا على أثر هذه المقالة: إنه إنما يجب عليه الرجوع إلى قول المفتي إنما كان ليعرفه طريقة النظر لا من أجل أنه يتبعه في قوله، إلى هذه المقالة ذهب الجعفران من المعتزلة: جعفر بن حرب ) وجعفر بن مبشر )، وأما الشيخان: أبو علي الجبائي وأبو عبدالله البصري ) فقد فرقا بين المسائل الشرعية وقالا: إن كان في المسألة الشرعية دلالة قاطعة
__________
(1) جعفر بن حرب الهمداني المعتزلي من معتزلة بغداد. قال المتوكل على اللّه (أحمد بن سليمان): هو من شيعة المعتزلة المفضلين لعلي عليه السلام. ونقل السيد أبو طالب في (الإفادة): إن جعفراً دخل على القاسم بن إبراهيم فجاراه في دقيق الكلام ولطيفه، فلما خرج من عنده قال: أين يتاه بأصحابنا عن هذا الرجل؟ والله ما رأيت مثله. وله مصنفات كثيرة منها: كتاب (الإيضاح) و(نصيحة العامة). توفي سنة 237هـ.
(2) جعفر بن مبشر الثقفي المعتزلي البغدادي، عده المتوكل على اللّه من شيعة المعتزلة. قال في مقدمة الأزهار: وليس للجعفرين رواية في الحديث ولا ترجمة، وإنما شهرتهما في علم الكلام. توفي سنة 234 هـ.
(3) هو الزبير بن أحمد بن سليمان بن عبدالله بن عاصم بن المنذر بن الزبير بن العوام الأسدي أحد أئمة الشافعية. قال في طبقات الشافعية: كان أعمى، وله مصنفات كثيرة منها: (الكافي) مات قبل سنة 320هـ، وأرخ الذهبي وفاته سنة 317هـ. ا.هـ (طبقات الشافعية ج1/94، وترجم له الشيرازي في طبقاته وابن خلكان في وفيات الأعيان، وغيرهما).

فإنه لا يجوز للعامي التقليد فيها، ويجب عليه إمعان النظر في تحصيله، وإن لم يكن فيها مسلك قاطع فإنه يجوز له التقليد فيها، وإلى هذه المقالة ذهب الشيخ أبو إسحاق الشيرازي من أصحاب الشافعي.
والذي عليه أئمة الزيدية والجماهير من المعتزلة والنظار من الأشعرية، هو جواز التقليد في المسائل الشرعية مطلقاً للعوام ومن هو قاصر عن النظر كالنساء والعبيد، سواء كان فيها مسلك قاطع أو لم يكن.
وهذا هو المختار عندنا، والمعتمد فيه أنا نعلم قطعاً بتواتر النقل من جهة الصحابة والتابعين لهم إلى يومنا هذا والذي وقع فيه الخلاف أنهم كانوا مسوغين للعوام العمل على أقوال المجتهدين من الصحابة، ولم يؤثر عن أحد منهم أنه كلفهم طلب الأدلة الغامضة، ولا يفرقون في ذلك بين ما كان فيه دليل قاطع وبين ما ليس فيه دلالة قاطعة في تسويغ العمل، وهذا ظاهر من عادة الصحابة ومن بعدهم من التابعين لا يختلفون فيه، وأيضاً فإنا لو كلفنا العوام النظر في المسائل ومعرفة أحكامها ومنعناهم عن التقليد، لاحتاج كل واحد منهم إلى معرفة ذلك وإدراكه والوقوف على حقيقته، وفي ذلك تكليفهم ما ليس في وسعهم، ويؤدي إلى اشتغالهم عن طلب المعاش وإبطال كل أعمالهم، وهذا ساقط لا يعول عليه، فثبت بما ذكرناه جواز تقليد العوام للعلماء وبطلان كونهم ناظرين في هذه الأدلة لما ذكرناه، وسواء كان من يقلدونه في المسائل العملية حياً أو ميتاً إذا كان بالغاً درجة الاجتهاد، فإنه يجوز لهم ذلك، وحكي عن الجماهير من العلماء أنه لا يجوز تقليد الميت ولا العمل على رأيه، وأن تقليد الحي أولى وأحق، وزعموا أنه لا قول لميت، بدليل أن الإجماع ينعقد من دونه ولا ينعقد مع كونه حيَّاً.
ووجه آخر: وهو أن الميت لا يُدرَى حاله هل يكون مستمراً على اجتهاده لو كان حياً أو يكون راجعاً عنه، فالعمل عليه والحال هذه يكون عملاً على الشك وهو باطل.

والمختار عندنا: هو جواز العمل على رأي من مات من أهل الاجتهاد من علماء العترة وفقهاء الأمة، كأبي حنيفة وأصحابه والشافعي وأصحابه (رحمهم اللّه تعالى) ومعتمدنا في الدلالة على ذلك أمران:
أحدهما: من جهة الضرورة، وحاصله أن الاجتهاد لما كان متعذراً في زماننا هذا لقصور همم أهله عن بلوغ غايته، فلا جرم تحكم الضرورة بتقليد من سلف من الأئمة والفقهاء، إذ لو لم نقلدهم لأدى ذلك إلى بطلان التقليد في حق العوام، لشغور الزمان عمن يكون من أهل الاجتهاد، إذ لا خلاف في صلاحية من سلف من علماء العترة وفقهاء الأمة للاجتهاد، وكونهم من أهله، وأن أحداً في زماننا هذا لا يلحق بأدناهم درجة في ورع ولا تقوى ولا نفوذ بصيرة، فلهذا كانوا أحق من غيرهم فضلاً عن جواز ذلك.
وثانيهما: أن الإجماع منعقد من أهل العصر هذا على جواز ذلك، والإجماع حجة في كل عصر من الأعصار، فلأجل هذا كانوا أحق وأولى بالتقليد، ووجه آخر: وهو قوله ً: (( من عام إلى عام ترذلون ))(1) فإذا كانوا على تكرار الأعصار وتخرم الزمان لا يزدادون إلا نقصاً في كل أحوالهم من جهة الدين والدنيا، كان من سلف أكمل منهم درجة وأعلى همة في جميع الأمور، فلا جرم قضينا بكون من سبق أحق بالتقليد وأولى بالمتابعة؛ لأن كمالهم في العلم أكثر، واختصاصهم بالتقوى والورع أعظم وأوفر.
قوله: الميت لا يُدرَى حاله هل يرجع عن المسألة أم هو باق على القول بها؟ قلنا: الظاهر هو استمراره على القول بها التي مات وهو قائل بها وقد انقطع اجتهاده بموته.
قوله: الميت لا قول له في المسألة.
__________
(1) أخرج نحوه الترمذي عن أنس مرفوعاً: ((ما من عام إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم)).

قلنا: هذا خطأ، فإن قوله معتبر في المسألة ولهذا فإن القوي أنه لا ينعقد إجماع مع مخالفته وإن كان ميتاً، ولا تعد المسألة إجماعاً مع خلافه، وفيه خلاف ذكرناه في الكتب الأصولية، فحصل من مجموع ما ذكرناه أن تقليد من سلف جائز من الأئمة والفقهاء، بل يكون أحق لما ذكرناه.

---
المطلب الثاني: في بيان من هو أحق بالتقليد ومن يكون أولى بالمتابعة ممن حاز منصب الاجتهاد من العلماء
اعلم أن العوام لما كانوا لا هداية لهم إلى القيام بهذه التكاليف الشرعية وتأدية هذه العبادات العملية بأنفسهم فلا بد لهم من قدوة يعتمدونها وإمام يهتدون بهديه، ثم هل يكون العامي مخيراً في تقليد من شاء من أهل الاجتهاد، أو لابد له من مزيد نظر في طلب الأفضل؟ فيه تردد ونظر.
والمختار عندنا: أن عليه تكليفاً في طلب الأفضل؛ لأن الذي دل على أنه واجب عليه التقليد فهو بعينه دال على أن عليه مزيد تكليف من تعرف من يكون أحق بالتقليد في الفضل وهذا ظاهر.
فإذا تمهدت هذه القاعدة فلنذكر ما يكون معتمد التقليد من المذاهب، فنقول:
أجمع العلماء واتفق رأي الفضلاء من أئمة الزيدية والجماهير من المعتزلة والأشعرية وغيرهم من سائر فرق الأمة، على أن الصحابة (رضي اللّه عنهم وأرضاهم) وإن كان فضلهم لا ينكر، ومزيد علمهم لا يجحد، لعلو منصبهم في الدين، وإحراز المناقب، واختصاصهم بالصحبة، فإنه ليس للعوام ولا من فرضه التقليد من أنواع الخلق، تقليدهم لوجهين:
أما أولاً: فلأنهم لم يكن من جهتهم اعتناء بتذليل مسالك الاجتهاد وترتيب أبوابه وإيضاح طرقه وتأسيس أصول النظر فيه، وإنما كان همهم إحياء معالم الدين وتقرير قواعد الإسلام بالذب عنه بالسيف.
وأما ثانياً: فلم يدونوا أبواب الفقه ولم يكن من جهتهم اهتمام [في] تقرير مسائله، بل كان همهم من ذلك إرسال الاجتهاد وإيضاح الفتاوى في الأقضية والأحكام على جهة الإجمال من غير نظر في التفاصيل.

نعم.. إنما الذين خاضوا غمرات الاجتهاد، وسبروا مسالك الأدلة بالتفصيل والتهذيب، وترتيب المسائل وتبويب الأبواب وسطرها في الكتب وإثباتها في الصكوك، هم العلماء من بعدهم من زمن التابعين وتابعيهم إلى يومنا هذا من أئمة العترة وفقهاء الأمة، فإن عنايتهم في ذلك غير خافية على من له في ذلك أدنى مسكة من الفضل، وكَفَوْا مَن بعدهم النظر في مذاهب الصحابة (رضي اللّه عنهم) لأن السابق وإن كان له حق الوضع والتأصيل. فللمتأخر الناقد حق التكملة والتنخيل والتفصيل فلأجل ذلك كان من بعدهم أحق بالاتباع.
فإذا وضحت هذه الجملة، فنحن الآن نعلوا ذروة لا يُنَال حضيضها في ترجيح مذاهب أئمة العترة على غيرهم من فقهاء الأمة وعلماء العامة، ونوضح بالبراهين الباهرة والأدلة القاهرة، أنهم أحق بالتقليد وأولى بالمتابعة، وجملة ما نشير إليه من ذلك طرق ثلاث نذكر ما يتوجه في كل واحدة منها:
الطريقة الأولى منها: ورود الثناء من جهة اللّه تعالى ومن جهة رسوله ً.
أما من جهة اللّه تعالى: فقوله تعالى: {قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرَاً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي القُرْبَى }[الشورى:23].
ووجه الاستدلال بهذه الآية على فضلهم هو أن اللّه تعالى لما كان من أعظم نعمه على الخلق وأجلها وأعلاها وأكملها هو بعثه الرسول ً لهداية الخلق وإرشادهم إلى السعادة الأخروية وإزاحتهم عن العمى وهدايتهم إلى طرق الهداية ً، فما يكون في مقابلة هذه النعمة يكون لا محالة جليل القدر عظيم المنزلة؛ لكونه جعل في مقابلته هذه النعمة، والله تعالى قد جعل في مقابلة النعمة بالرسول والجزاء على عنايته في الخلق، هو المودة والمحبة لمن كان قريباً إليه، وما هذا حاله فليس يخفى مزيد فضله، وعلو حاله وأمره من جهة كونها واردة في معرض المدح والتنبيه على مزيد فضل القرابة وعلو قدرهم واهتمام أمر الله تعالى بهم، حتى قال فيهم ما قاله.

وقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيْدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِرَكُمْ تَطْهِيْرَا }[الأحزاب:33]. فظاهر هذه الآية دال على إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم من سائر الأدناس على جهة المبالغة، حيث صدَّر الآية بإنَّما وهي موضوعة للتحقيق في الجملة؛ لأنها في معنى النفي والإثبات(1) كأنه قال: ما يريد اللّه إلا إذهاب الرجس عنكم، ولأنه أكد الفعل بالمصدر حيث قال: {يُطَهِرَكُمْ تَطْهِيْرَا} كأنه قال: تطهيراً لا زيادة فوقه، ولا شك أن كل من أخبر اللّه عنه بإذهاب الرجس وتطهيره عن كل مكروه، فلا مرية في اختصاصه بالفضل على غيره.
وأهل البيت ٍ هم: أمير المؤمنين (علي)، وفاطمة، والحسن والحسين(2)، وأولادهما في كل عصر، بدليل خبر الكساء حيث خصهم ً به وقال: (( اللهم هؤلاء أهل بيتي ))(3). فدل ذلك عل صحة ما قلناه، فهاتان الآيتان قد دلتا على فضلهم وعلو مرتبتهم من الوجه الذي لخصناه وأشرنا إليه.
وأما من جهة السنة: فقد ورد في ذلك أحاديث نذكرها:
__________
(1) وكذا تفيد (إنما) في مصطلح النحاة الحصر والقصر، وهذا ظاهر ما أراده المؤلف من قوله: (لأنها في معنى النفي والإثبات) وكأنه قال: لا يريد اللّه بهذا إلا ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.
(2) لم نضع أية ترجمة أو تعريف لأهل الكساء، لكونهم أشهر وأظهر من كل ترجمة أو تعريف.
(3) هذا من الأحاديث المشهورة والمتواترة. روته أم سلمه (رضي اللّه عنها) قالت: لما نزلت الآية: {إِنَّمّا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت}.. الآية، دعا النبي ً فاطمة وعلياً والحسن والحسين، فجللهم بكساء وقال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)). أخرجه كل أصحاب السنن والصحاح وعامة المحدثين.

20 / 279
ع
En
A+
A-