أما ابنه يزيد فقد قعد فوق كرسي الملك ثلاث سنين[60 - 63 هـ]. قتل في الأولى سبط النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحسين وسبعين من خيار المسلمين فيهم 21 من آل البيت، وسبى بناتِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وفي الثانية فتك جيشُه وعدده (12000) بأهل مدينة الرسول في وقعة الْحَرَّةِ بقيادة مُسْلِم بن عُقْبَةَ المرِّي، فقتل من أهل البيت وأولاد المهاجرين والأنصار (4200) فيهم (700) من حَمَلةِ القرآن وثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وافْتُضَّتْ ألفُ عذراء، واستباحها ثلاثة أيام، وبويع له على أن أهل المدينة خَوَل أي عبيد- وقد ورد عنه صلى الله وآله وسلم قوله: (يُقْتَلُ بهذه الحرة خيارُ أمتي بعد أصحابي)[دلائل النبوة للبيهقي 6/ 473. الطبري 5/ 482. وابن الأثير 3/ 310. ومروج الذهب 3/ 70]. وفي الثالثة: أحرق الكعبة ورماها بالمنجنيق بقيادة الْحُصَين بن نُمير ثم خلفه الحجاج. فقبَّح الله من يتعصَّبُ لأهل النار بحجة أنه من أهل السنة والجماعة.

الثاني: روى البخاري برقم 436 ورقم 265 حديث عمار ونَصُّهُ: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نحمل لَبِنَةً لَبِنَةً، وعمارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فرآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فَيَنْفُضُ الترابَ عنه، ويقول: (وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ البَاغِيَةُ، يَدْعُوهُم إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إلَى النَّارِ)؛ قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن. إنتهى بلفظه. فمعاويةُ بنص الحديث من دعاة النار. ولا ندري لماذا يغضب الْمُدَّعُون للالتزام بالسُّنَّةِ مِنْ لَعْنِ دعاة النار. وهل لَعْنُ الظَّالمين اعتداءٌ على الصحابة رضي الله عنهم -إن كان معاوية منهم- إنَّ الصحابة رضي الله عنهم قاتَلُوا معاويةَ مع أمير المؤمنين علي لم يشذ منهم أحدٌ من الأنصار سوى النعمان بن بشير، ولم يكن قويا في دينه، ولو كان متدينًا لما انحاز إلى ابن آكلة الأكباد، وَتَرَكَ خزيمةَ بن ثابت الأنصاري ذا الشهادتين، وأبا الهيثم مالك بن التَّيِّهان، وأبا أيوب الأنصاري، وعثمان بن حُنَيْف، وسهل بن حُنَيْف، وقيس بن سعد بن عبادة، وعمار بن ياسر، وسادات بدر، والخندق، وحنين. فكيف يُجِيْزُونَ قتالَهُ ولا يُجيزون لَعْنَهُ؟ والقتالُ أعظم من الَّلعن قطعًا. الثالث: أن معاوية مَلِكٌ غَاشِمٌ حارب النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى كَلَّ وغُلِبَ، وها هو يحاربُ سيفَ الله المسلول، وابن عم الرسول ولا غرابة أن يجد معاويةُ أنصارًا تَحْمَرُّ وجوهُهم عند ذكر فضائحه؛ لأنه قد مَلَك الأمة منفردًا عشرين عامًا تمامًا وقَبْلَها ملك الشام الكبرى عشرين عامًا، وبيده السيف والذهب، ويستطيع بسهولة أنْ يَقْلِبَ الحقائق، ولولا أنَّ الإسلام أقوى منه لطمسه جملة وتفصيلاً.

فقاتله اللهُ ومن يقفُ بجوار الباطل. وقد أجمع أئمة أهل البيت على لعنهما، و الزيدية، والإمامية والإباضية قاطبة. والمنصفون من الشافعية وغيرهم من علماء المسلمين ما عدا أنصار البغي السُّذَّج.

الْمَسْأَلَةُ العَاشِرَةُ: أَنَّ الإِمَامَة بَعْدَ الحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلام
فِيْمَنْ قَامَ ودَعَا الْخَلْقَ إِلَى طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، وَكَانَ مِنْ وَلَدِ الحَسَنِ والحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلامُ[54]، وَهُوَ جَامِعٌ لِخِصَالِ الإِمَامَةِ الَّتِي هِيَ: الْعِلْمُ بِمَا تحتاجُ إِلَيْهِ الأُمَّةِ فِي أُمُورِ دِيْنِهَا وَدُنْيَاهَا. وَالْوَرَعُ مِمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ. وَالْفَضْلُ فِي الدِّيْنِ بِحَيْثُ يَكُونُ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ أَوْ مِنْ جُمْلَةِ أَفَاضِلِهِمْ. وَالسَّخَآءُ بِوَضْعِ الْحُقُوقِ فِي مَوَاضِعِهَا الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا، وَالشَّجَاعَةُ بِحَيْثُ يَكُونُ مَعَهُ مِنْ قُوَّةِِ الْقَلْبِ مَا يَصْلُحُ مَعَهُ لِجِهَادِ أَعْدَآءِ اللهِ تَعَالَى. والقُوَّةُ عَلَى تَدْبِيْرِ أَمْرِ الأُمَّةِ بِحَيِْثُ يَكُونُ سَلِيْمًا فِي بَدَنِهِ مِنَ الآفَاتِ الْمَانِعَةِ لَهُ مِنَ الْقِيَامِ بِأَمْرِ اللهِ كَالْعَمَى وَغَيْرِهِ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مِنْ جَوْدَةِ الرَّأْيِ وحُسْنِ التَّدْبِيْرِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يُفْزَعَ إِلَيْهِ فِي الْمَشُورَةِ وَالرَّأْيِ السَّدِيْدِ. وَلا خِلافَ بَيْنَ الأُمًّةِ أَنَّ الإِمَامَ يَجِبُ أَنْ يَجْمَعَ هَذِهِ الْخِصَالَ الْمَذْكُورَةِ، وَمَتَى كَمُلَتْ فِيْهِ وَدَعَا الْخَلْقَ إِلَى طَاعَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ إِجَابَتُهُ وَالْجِهَادُ مَعَهُ.

وَ الدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ قَولُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ: (مَنْ سَمِعَ وَاعِيَتَنَا[55] أَهْلَ البَيْتِ فَلَمْ يُجِبْهَا كَبَّهُ اللهُ عَلَى مِنْخَرَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ)[56].

وَإِنَّمَا حَصَرْنَا الإِمَامَةَ فِي أَوْلادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهُمَا السَّلامُ لأَنَّ الأُمَّةَ قَدْ أَجْمَعَتْ عَلَى جَوَازِهَا فِيْهِمْ وَاخْتَلَفَتْ فِيْمَنْ سِوَاهُمْ بَعْدَ بُطْلانِ قَولِ الإمَامِيَّةِ بِالنَّصِ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ وَلَدِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلام[57]؛ لأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا ادَّعَوْهُ مِنَ النَّصِ صَحِيْحًا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا مَشْهُورًا عِنْدَ جَمِيْعِ الْمُكَلَّفِينَ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا وَجَبَ نَفْيُهُ[58].

فَثَبَتَ أَنَّ الأُمَّةَ قَدْ أَجْمَعَتْ عَلَى جَوَازِهَا فِيْهِمْ، وَاخْتَلَفَتْ فِيْمَنْ سِوَاهُم، فَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: إِنَّ الإِمَامَةَ جَآئِزَةٌ فِي جَمِيْعِ قُرَيْشٍ. وَقَالَتْ الْخَوَارِجُ: إِنَّهَا جَآئِزَةٌ فِي جَمِيْعِ النَّاسِ؛ وَلا شَكَّ أَنَّ أَوْلادَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ مِنْ خِيَارِ قُرَيْشٍ وَمِنْ خِيَارِ النَّاسِ، فَقَدْ أَخَذْنَا بِمَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الأُمَّةَ وَتَرَكْنَا مَا اخْتَلَفَتْ فِيْهِ؛ لأَنَّهُ لا دَلِيْلَ عَلَيْهِ، وَإِجْمَاعُ الأُمَّةِ حُجَّةٌ وَاجِبَةٌ الاتِّبَاعُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ: (لَنْ تَجْتَمِعَ أُمَّتِي عَلَى ضَلالَةٍ)[59]، وَإِذَا لَمْ تَجْتَمِعْ عَلَى ضَلالَةٍ كَانَ مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ، وَقَدْ أَجْمَعَتْ عَلَى جَوَازِ الإِمَامَةِ فِِي أَوْلادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهُمَا السَّلامُ[60].

--------------------------------------------------------------------------------

[54]

شَاهِدُهَا إِجْمَاعُ هَذِيْ الأُمَّهْ
سَفِيْنَةِ الْحَقِّ بُدُورِ الظُّلْمَهْ
وَالْحُجَّةُ الظَّاهِرَةُ الْمُعِمَّهْ
بِالأَمْرِ فِي آلِهِمَا الأَئِمَّهْ

إِذَا أَلَمَّتْ ظُلَمُ الأَهْوَالِ

لَيْسَتْ إِلَى غَيْرِهِمُ الزَّعَامَهْ
انْتَظِرُوا مِنْ رَبِّكُمْ أَحْكَامَهْ

فِيْهِمْ نِصَابُ الأَمْرِ وَالإِمَامَهْ
فَلا تَخَطَّوْا طُرُقَ السَّلامَهْ
لا يَخْطِرُ الْحِسْدُ لَكُمْ بِبَالِ

فِي الرِّزْقِ وَالْخِلْقَةِ وَالْمِقْدَارِ
وَمَنُّهُ عَلَى الْجَمِيْعِ جَارِيْ

أَيَحْسُدُونَ النَّاسَ فَضْلَ البَارِيْ
وَوَاقِعِ الإِقْتَارِ وَالإِيْسَارِ

بِاْلعَدْلِ فِي الإِكْثَارِ وَالإِقْلالِ

وَمِنْ ذَوِيْ الْمَالِ الْجَزِيْلِ الشُّكْرَا
وَادَّخَرَ الأَجْرَ لِدَارِ الأُخْرَى

أَرَادَ مِنْ أَهْلِ الْقَلِيْلِ الصَّبْرَا
وَفَضْلُهُ عَلَى الْجَمِيْعِ يَتْرَى

لِلْفَائِزِيْنَ بِالْمَحَلِّ العَالِيْ

[55] الواعية: هي النفس الداعية إلى الله تعالى، وإلى الجهاد، وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (أهلَ البيت)؛ دليل على أن الإِمامة لا تصح إِلاَّ منهم.

[56] أخرجه الإمام عبدالله بن حمزة عليه السلام في الشافي 3/ 63، 68، وغيرها. والأمير الحسين بن بدر الدين في شفآء الأوام 3/520، والقرشي في شمس الأخبار 1/134 وعزاه إلى الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان في أصول الأحكام. ولم ينفه الشوكاني في حاشيته على الشفاء المسماة بوبل الغمام المطبوعة مع الشفاء، بل أضاف إليه قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ( أَحبُّ الناسِ إلى الله يوم القيامة وأدناهم منه مجلسًا إمام عادل). وقد نقل الطبري في تأريخه ج5/407 قول الحسين بن علي عليهم السلام للحر بن يزيد: (فإن لا تنصرنا فاتق الله أن تكون ممن يقاتلنا، فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا إلا هلك. والحسين لا يجزم ويحلف إلا بشيء سمعه عن جده صلى الله عليه وآله قَطْعًا.

[57] الأئمة اثنا عشر عند الجعفرية الإمامية، وهم: علي، والحسن، والحسين، وعلي زين العابدين، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضى، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي والحسن بن محمد العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر. سلام الله عليهم.

[58] أعلق على هذه المسألة بحياد تام فأقول:

الذي ورد في كتب الحديث من طريق جابر بن سمرة فقط قال: سمعت النبي (ص) يقول: (يكون اْثنا عشر أميرًا) فقال: كلمة لم أسمعها، فقال: أبي: (كلهم من قريش) البخاري رقم 6796 كتاب الأحكام، وساق مسلم في كتاب الإمارة عدة أحاديث رقم 1821 وما بعده كلها عن جابر بلفظ: (لا يزال أمر الناس ماضيًا مَا وَليَِهُمْ اثنا عشر رجلا)، فَلَم يسمع كلمة: فقال له أبوه: (كلهم من قريش)، وفي بقية الروايات (خليفة) بدلاً عن (رجلاً) ورواه غيرهما مثل أحمد وأبي داود والحاكم ونحوهم. وقد وقع المحدثون في حيص بيص، فلم يعرفوا للحديث تفسيرا، فبرز ثلاثة مذاهب تقريبًا:

1- المحدثون وموقفهم مشتت وليس له قرار؛ إذ لم يجدوا للحديث موضعًا،ولم يدروا أين محل الحديث، ومَنْ هما الاثنا عشر، إذ لم ينسجم مع ملوك بني أمية لكونهم ظلمة من جهة، ولكونهم أكثر من 12. ولم يناسب ملوك بني العباس لطغيانهم، وكثرة ملوكهم الذين بلغوا 45 ملكًا تقريبًا. فهل المراد مجرد إخبار بعزة الإسلام في ولاية اثني عشر أميرًا أو خليفة أو اثني عشر قرنًا.. إِلى آخر الاحتمالات.

2- المذهب الإِمامي: ومذهبهم قائم من أَلِفِهِ إِلى يائه على حديث الإمامة؛ ولذلك سُمي بالمذهب الإثني عشري نسبة للأئمة الذين أشار إليهم الحديث، لكن الأئمة عندهم من آل البيت بأسمائهم وصفاتهم، بل أدق تفاصيل حياتهم، ولو قلت: عدد شعر رؤوسهم لما بالغت، ولا يقلُّون شهرة عن النبي (ص) فهم نظام العالم، ونور الكون، وقد تكفلت بحياتهم والتعريف بهم ألوف المصنفات، ومئات المجلدات.

3- المذهب الزيدي: وهو متفق مع الإمامية في تعظيم أئمة آل البيت وتقديمهم، ولكن الدائرة عند الزيدية أوسع فهم يحصرون الإمامة في جميع أولاد فاطمة الزهراء عليها السلام بالشروط المعروفة؛ ولذلك فالحديث الذي حصر الخلافة في اثني عشر شخصًا مردودٌ؛ لأنَّ ذِكْرَهُمْ بأسمائهم كان يستوجب الشهرة عند جميع المذاهب والطوائف.

[59] أخرجه الإمام الطبراني في الكبير 12 / 447 برقم: 13623، 13624، والإمام القاسم في الاعتصام 1/17، وقال: هذا متلقى عند الأمة بالقبول.

[60] رأي الزيدية منطقي لا غرابةَ فيه؛ لأن الحكم قائم على الغَلَبَةِ منذ موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الآن إِلاَّ في حالات نادرة خضع الحاكم للبيعة، والرضى والشورى وإجماع أهل الحَلِّ والعَقد. فإذا كانت القاعدة هي اغتصاب الحكم،ممن ليسوا له بأهل؛ فَحَصْرُ الخلافة في آل البيت أَوْلَى استنادًا إلى الدليل الشرعي، أو تقرُّبًا إلى الله ورسوله بموالاة آل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فإذا وصلنا للاحتكام الجماهيري ونظام الانتخابات، كما هو الحال في سويسرا ونحوها سَاغ توجيه النقد لمن يجعل الحكم حقًا لأسرة معينة سواء حصرها بدون شرط أم حصرها بشروط تكاد أن تكون تعجيزية، كما هو الحال عند الزيدية أما العالَم الهمجي فالأولى له أن يسكت أو ينتقد المستبدِّين أَوَّلا؛ إذ الحاكم الذي ترشِّحه الأحاديث والآيات لا وجود له بجوار الحاكم الذي تحمله الدبَّابات، ثم إن اليابان دولة الحضارة تعبد أسرة أمبراطورها لأنه ابن الشمس. والدول الملكية تعقد التاج على بطون الحوامل من السلالة المالكة. ومع إيماني بالكفاءة قبل النسب، وقناعتي بأن من مصلحة أبناء فاطمة أن يطووا صفحة الخلافة ليريحوا ويستريحوا - إلا أني أَشمئز من عنصرية الثقلاء، وثقالة العنصريين مثل اشمئزازي ممن لا يزال ينتظر جبريل عليه السلام لينشر بين الناس فضله، وهو في غرفة نومه.

خَاتِمَةٌ:
وَبَعْدُ فَهَذِهِ جُمْلَةٌ مُخْتَصَرَةٌ يَلْزَمُ كُلَّ مُكَلَّفٍ مَعْرِفَتُهَا وَتَدَبُّرِ أَدِلَّتِهَا، وَلا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ فِيْهَا؛ لأَنَّ التَّقْلِيْدَ فِي أُصُولِ الدِّيْنِ قَبِيْحٌ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ: (مَنْ أَخَذَ دِيْنَهُ عَنِ التَّفَكُرِ فِي آلآءِ اللهِ وَعَنِ التَّدَبُّرِ لِكِتَابِ اللهِ، وَالتَّفَهُّمِ لِسُنَّتِي - زَالَتْ الرَّوَاسِي وَلَمْ يَزُلْ. وَمَنْ أَخَذَ دِيْنَهُ عَنْ أَفْوَاهِ الرِّجَالِ وَقَلَّدَهُمْ فِيْهِ ذَهَبَ بِهِ الرِّجَالُ مِنْ يَمِيْنٍ إِلَى شِمَالٍ وَكَانَ مِنْ دِيْنِ اللهِ عَلَى أَعْظَمِ زَوَالٍ)، وَصَدَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ؛ لأَنَّ الْمُكَلَّفَ إِذَا قَلَّدَ فِي أُصُولِ دِيْنِهِ، لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يُذْهَبَ بِهِ مِنْ طَرِيْقِ النَّجَاةِ الَّتِي هِيَ مَنْزِلَةُ أَصْحَابِ اليَمِينِ إِلَى طَرِيْقِ الْهَلاكِ الَّتِي هِيَ مَنْزِلَةُ أَصْحَابِ الشِّمَالِ؛ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي صِحَّةِ دِيْنِهِ، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ دَقَّ فِي الدِّيْنِ نَظَرُهُ جَلَّ يَومَ القِيَامَةِ خَطَرُهُ)، فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الَّذِيْنَ يَسْتَمِعُونَ الْقَولَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ، وآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ. [وصلى الله على محمد وآله وسلم].

8 / 9
ع
En
A+
A-