وقول محمد بن القاسم عليه السلام في كتاب الوصية: الحمد لله الحي القيوم ذي العظمة والجلال الذي لم يزل ولا شيء غيره.
وقول الهادي إلى الحق عليه السلام في كتاب المسترشد: ولم يزل سبحانه قبل كل شيء وهو المشي لكل الأشياء.وقوله: نريد بقولنا شيء إثبات الموجود ونفي العدم المفقود لأن الإثبات أن نقول شيء والعدم أن لا نثبت شيء. وقول ابنه المرتضي عليه السلام في كتاب الشرح والتبيين:الأشياء محدثة مجعولة، مبتدعة مخلوقة، لأن الله سبحانه كان ولا شيء.
وقول الحسين بن القاسم العياني عليهما السلام في كتاب شواهد الصنع: إذا كان هذا المحدث عدماً قبل حدوثه فالعدم لا شيء ، ولا شَيء لا يكون شيئاً (بعد شيء) .
وقول الإمام أبي الفتح بن الحسين الديلمي عليه السلام في تفسيره (لقول الله سبحانه) {وهو أهون عليه}: إنما بين الله تعالى للإنسان تنقل أحواله حتى استكمل خلقه ليعلم نعمته عليه وحكمته فيه وأن بعثه بعد الموت أهون من إنشاءه ولم يكن شيئاً.

المسألة الرابعة ((أن الله تعالى حي))
أنه يجب على المكلَّف أن يعلم أن الله تعالى حي، وحقيقة الحي هو من يمكنه إدراك الأشياء عند اجتماع شرائط الإدراك أو القدرة عليها مع سلامة الأحوال، وحقيقة الحياة تارة يعبر بها عن الذات كقولنا حياة الباري إذ المرجع بها إلى ذاته على الأصح،قال أبو الحسين والشيخ محمود: المرجع بكونه حياً إلى أنه لا يستحيل أن يقدر ويعلم وتارة يعبر بها عن ثبوت الحيوان على صفة بها خالف الجمادات،وحقيقة الحيوان هو الحي بحياة عند أهل علم الكلام،وأما أهل المنطق فيقولون الجسم الحساس المتحرك بالإرادة.قال الدواري:والأول حذف المتحرك بالإرادة من الحد إذ لا حاجة إلى ذلك.والقول بأن الله تعالى حي هو مذهب جميع من أقرَّ بالصانع المختار إلاَّ أنه يلزم المطرفية أن لا يكون حياً والخلاف في ذلك مع الباطنية.والدليل على ذلك المذهب الصحيح ما تقرر بالأدلة القطعية من أنه تعالى قادر عالم جرت عادة الشيوخ أن يجمعوا بين هاتين الصفتين في الاستدلال على كونه تعالى حياً وإن كانت إحداهما كافية في ذلك.وتحرير هذا الدليل أن نقول قد ثبت أن الله تعالى قادر عالم،والقادر العالم لا يكون إلاَّ حياً فهذان أصلان لابد (لكل منهما) من دليل، أمّا الدليل على أنه تعالى قادر عالم فقد تقدم في مسألة قادر ومسألة عالم، وأما الدليل على أن القادر العالم لا يكون إلا حياً فلأن من المعلوم في الشاهد وجود ذاتين أحدهما يصح أن يقدر ويعلم كالواحد منا والآخر يستحيل أن يقدر ويعلم مثل الميت والجماد إذ هما لا يعلمان شيئاً ولا يقدران عليه ضرورة، فلابد من مفارقة لولاها لما صح من أحدهما ما استحال على الآخر، وقد عبر أهل اللغة عن هذه المفارقة بأن سموا من صح أن يقدر ويعلم حياً دون الآخر ويرد هنا من

السؤال والجواب مثل ما تقدم في المسئلتين السابقتين. فإن قيل: دليلكم على أن الله تعالى حي قادر عالم لا صحة أن يقدر ويعلم والمفارقة في الشاهد التي لزم منها الصفة إنما هي بين من يصح أن يقدر ويعلم وبين لا يصح منه ذلك وأين أحدهما من الآخر. قلنا: الصحة المذكورة هي نقيض الاستحالة، فإذا كان الله تعالى قادراً عالماً فقد صح أن يقدر ويعلم فلزم حصول الصفة له كما في الشاهد.
تنبيه:
قال إمام زماننا أيده الله تعالى دليل كونه حياً كونه قادراً وعالماً. ومعلوم بالضرورة أن الجماد لا قدرة له، فثبت بما بيناه من الدليل القطعي أن الله تعالى حي ويجب على المكلَّف أن يعتقد ذلك له تعالى في ما لم يزل وفيما لا يزال ولا يجوز خروجه عن هذه الصفة في حال من الأحوال.

المسألة الخامسة ((أن الله تعالى سميع بصير))
أنه يجب على المكلَّف أن يعلم أن الله تعالى سميع بصير، اتفقت المعتزلة على أن الله سبحانه وتعالى يوصف بأنه سميع بصير وسامع مبصر مدرك للمدركات، فأما كونه سميعاً بصيراً فالأكثر على أنها ليست بصفة زائدة على كونه حياً لا آفة به بل المرجع بها إليه خلافاً لأبي هاشم في أحد قوليه، وأما كونه سامعاً مبصراً فهي صفة الإدراك وهي بمعنى عالم، عند البغداذية وعند البصرية صفة زائدة عليها، ومنهم من يعبر عن صفة مدرك بسامع مبصر، ومنهم من يعبر عنها بكونه مدركاً، قالوا وهو أعم إذ يدخل فيه المسموع والمبصر وغيرهما، ومنهم من يجمع بينهما فيقال سامع مبصر مدرك للمدركات، هذا ما قيل في حكاية الخلاف.

وقد ذكر في الأساس أن الخلاف في هذه المسألة أعني سميعاً بصيراً بين جمهور أئمتنا والبغداذية وبين بعض أئمتنا وشيعتهم والبصرية، فالأولون ذهبوا إلى أنهما بمعنى عالم وأنه لا فرق بين قولنا عالم وبين قولنا سميع بصير وسامع مبصر ومدرك بل الكل راجع إلى العلم، والآخرون ذهبوا إلى أنهما بمعنى حي لا آفة به يوصف بهما الباري في الأزل وفرقوا بينهما وبين سامع مبصر وجعلوهما صفة مدرك والباري لا يوصف بهما في الأزل بل تجددت له بعد وجود المدرك والمصرح به في أقوالهم أن المراد بذلك المرجع بهما إلى ما ذكرنا لأن ذلك على سبيل الماهية فإنهم عند التحديد لهما لم يخلوهما من معنى الإدراك ولهذا قال في الخلاصة حقيقة السميع البصير هو المختص بصفة لكونه عليها يصح أن يدرك المسموع والمبصر إذا وجد، وقوله إذا وجدا يحترز من لزوم أحد محذورين، أما القول بأنه غير سميع بصير فيما لم يزل وهو خلاف ما عليه المسلمون، أو القول بأن معنى سميع بصير يصح أن يسمع ويبصر في الأزل وهذه الصفة واجبة له تعالى والصفة الواجبة متى صحت وجبت فيجب أن يسمع ويبصر في الأزل وأن يكون هناك مسموع ومبصر وفي ذلك قدم العالم وهو غير صحيح كما تقدم، هذا ما قيل في توجيه كلامه. إذا عرفت ذلك، فاعلم أنه ينبغي الاشتغال بكلام الكتاب أولاً ثم نذكر النزاع في صفة الإدراك وبيان المختار من الأقوال وإقامة البرهان عليه. فنقول: القول بأن الله سميع بصير هو مذهب جميع المقرين بالصانع المختار إلاَّ أنه يلزم المطرفية ألا يصفوه بذلك والخلاف في ذلك مع الباطنية كما مر. والدليل على ذلك المذهب الصحيح أنه تعالى حي لا آفة به. هذه المقدمة الأولى وقد ينازع بأن مصنف الكتاب ممن يقول المرجع بسميع بصير إلى كونه

حياً لا آفة به فيكون ذلك استدلالاً بالشيء على نفسه، وقد يجاب بأنه لم يذكر ذلك على سبيل الاستدلال على معنى السميع البصير وإنما أورده استدلالاً على الوصف له تعالى بكونه سميعاً بصيراً وكل من كان حياً لا آفة به فهو سميع بصير. فهذان أصلان لابد من إقامة البرهان على كل منهما، أما أنه تعالى حي فقد تقدم في مسألة حي، وأما أنه (تعالى) لا آفة به فلأن معنى الآفات فساد الآلات وهذا هو المعقول من إطلاق اسم الآفة في الشاهد، والآلات لا تجوز إلاَّ على الأجسام والله سبحانه ليس بجسم ولا عرض، فإذا كان الله تعالى ليس بجسم ولا عرض استحال أن تكون له آلة تنطرق إليها الآفة، وقلنا أنه ليس بجسم لأن الأجسام محدثة كما مر والله تعالى قديم على ما يجيء بيانه إنشاء الله تعالى. قال الدواري: الأولى في الاستدلال أن يقال أنه تعالى حي والآفة مستحيلة عليه فيجب أن يكون سميعاً بصيراً دليله الشاهد فإن الواحد منا إذا كان حياً لا آفة به كان سميعاً بصيراً وإن كانت الآفة جائزة عليه ففي حق الباري أولى لأن الآفة مستحيلة عليه واستحالتها أقوى في زوالها من عدمها مع جوازها، فثبت بذلك الدليل القطعي أن الله سميع بصير، ويجب على المكلف اعتقاد أن الباري (تعالى) كذلك فيما لم يزل وفيما لا يزال، وأنه لا يجوز خروجه من هذه الصفة بحال من الأحوال.
تنبيه:
كونه تعالى مدركاً للمدركات يرجع إلى كونه عالماً بالمعلومات فهو يدرك المدركات
على حقيقتها بعلمه أي ذاته لأن علمه ذاته على ما سنقرره إنشاء الله تعالى.

قال في الأساس: ولا فرق بين سميع بصير وبين سامع مبصر ومدرك في الرجوع إلى العلم. وبيان ذلك أن السميع حقيقة لغوية مستعملة لمن يصح أن يدرك المسموع بمعنى محله الصماخ،والبصير حقيقة كذلك لمن يصح أن يدرك المبصر بمعنى محله الحدق والله ليس له كذلك فلم يبق إلاَّ أنهما بمعنى عالم وقال تعالى{أم يحسبون أنَّا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون}(الزخرف:80) والسر إضمار في القلب غير صوت قال تعالى{فأسرها يوسف في نفسه}(يوسف:77) وقد عرفت ما حكينا عن جماعة من الفرق بين سميع بصير وبين سامع مبصر،فسميع بصير بمعنى حي لا آفة به يوصف بهما الباري تعالى في الأزل،وسامع مبصر بمعنى مدرك وهي صفة له متجددة بعد وجود المدركات زائدة على كونه تعالى عالماً،وعلى الجملة فالخلاف مبني على قاعدة وهي هل الإدراك راجع إلى الجملة أو إلى الحاسة في الشاهد و إلى الذات المخصوصة في الغائب مذهب مخالفينا الأول،ومذهبنا الثاني دليلنا أن الواحد منا يجد بحاسة السمع والبصر مالا يجد للجبهة ولا لسائر الجملة بالضرورة لأن كل عاقل متى علم تعلق حاسته بالمدرَك علم كونه مدرِكاً وإن فقد كل أمر يشار إليه مما عدا ذلك،ومتى لم يعلم تعلق حاسته بالمدرك لم يعلم كونه مدرِكاً وإن حصل كل أمر يشار إليه مما عدا ذلك،فلو كان الإدراك أمراً سوى ذلك ما صحت هذه القضية فثبت أن الإدراك أمر يرجع إلى الحاسة لا إلى الجملة كما يدعيه المخالف، وقولهم وهي صفة متجددة يعنون غير محدثة ولا يخفى نبوه عن عرف أهل اللغة العربية إذ لا فرق بين المتجدد والمحدث في كون كل واحد منهما كائناً بعد العدم وفي الحاجة إلى مكون كوَّنهما، ولا فرق بين التكوين والإيجاد والإحداث والتجديد في المعنى.

قال السيد حميدان :ومن أوضح الأدلة على كون تجديد المعتزلة محالا وصفهم له بأنه لا شيء ولا لا شيء مع أنهم لو جاز لهم تجويز ذلك في المسموع والمبصر لجاز تجويز تجديد سائر الإدراكات التي لا تجوز إضافتها إلى الله تعالى نحو إدراك لذة المشتهيات تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وقد أوردوا شبهة وهي أن أحدنا قد يعلم مالا يدرك ويدرك مالا يعلم وحصول كل واحدة من الصفتين مع عدم الأخرى دليل على التغاير بينهما،أما أنه قد يدرك ما لا يعلم فلأن أحدنا قد يدرك قرص البق والبراغيث في حال نومه ولا يعلمه وكذلك يدرك الأصوات الجارية بحضرته وهو لا يعلمها وكذلك الساهي فإنه قد يدرك كثيراً من المبصرات والمسموعات ولا يعلمها حتى أنه ربما ينكر إدراكها،وأما أنه قد يعلم مالا يدرك فذلك ظاهر كَلَوْ شاهد أحدنا الجبل العظيم ثم غمض عينيه فإنه حال التغميض عالم به غير مدرك له فتم قولنا أنه قد يدرك ما لا يعلم ويعلم ما لا يدرك وبهذا يعلم التغاير.قلنا: مطلوبنا الأهم الذي نحن مخاطبون به وملزمون بمعرفته ما كان يتعلق بالباري من هذه الأوصاف ونحن وإن سلمنا ما ذكرتم في الشاهد فلا يثبت ذلك في الغائب الذي هو المراد من العقيدة.وبيان ما قلنا أنَّا لا ننفي إدراكه تعالى للمدركات لكنه بذاته،وأما قياسكم ففاسد لأنه ليس لله من الإحساس ما يدرك به قرص البراغيث ونحوها إذ هو ليس بجسم ولا عرض على ما يأتي إنشاء الله و ليس بذي عينين يفتحهما ثم يغمضهما تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. فالفرق بينكم وبينه جلي إذ لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس ليس كمثله شيء.

ومما يشهد بصحة هذه الجملة من أقوال الأئمة قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه عند المشاهدة لخلقه، ومشاهدته لخلقه أن لا امتناع منه سمعه الإتقان لبريته. وقول علي بن الحسين عليهما السلام في توحيده: سميع لا بآلة بصير لا بأداة. وقول جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام في كتاب الأهليلجة: إنما سمي تعالى سميعاً بصيراً لأنه لا يخفى عليه شيء.وقول محمد بن القاسم عليهما السلام في كتاب الشرح والتبيين: إنما عنى بقوله تبارك وتعالى سميع بصير الدلالة لخلقه على دركهم وعلمه لأصواتهم التي إنما يعقلون دركها عنه بالأسماع وأنه مدرك عالم بجميع أشخاصهم وهيئاتهم وصورهم وألوانهم وصفتهم وحركاتههم التي إنما يعقلون دركها بالعيون والأبصار، إذ إدراك المخلوقين للأصوات والأشخاص بالأسماع والعيون التي ربما كلت وتحيرت وأخطأت وأدركت ظاهراً دون باطن وقصرت،ودرك الله سبحانه وتعالى لهذا كله درك واحد محيط بما ظهر وما بطن وبما بعد وقرب وهو درك علمه الذي لا يفوته من المدركات شيء.وقول الهادي إلى الحق عليه السلام في كتاب المسترشد: معنى سميع هو عليم،والحجة على ذلك قول الرحمن الرحيم{أم يحسبون أنَّا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى…الآية}والسر فهو ما انطوت عليه الضمائر.وقوله (تعالى){بصير بالعباد}(آل عمران:15) يريد عالم محيط بكل أمرهم،مطلع على خفي سرائرهم.وقوله في كتاب الديانة: وهو السميع البصير ليس سمعه غيره ولا بصره سواه ولا السمع غير البصر ولا البصر غير السمع.وقول القاسم بن علي (العياني) عليهما السلام في كتاب التجريد: والله فعظيم الشأن قوي السلطان لم يزل مدركاً للأشياء قبل تكوينها ولا فرق بين دركه لها بعد تكوينها ودركه لها قبل تكوينها.

المسألة السادسة ((أن الله تعالى قديم))
أنه يجب على المكلَّف أن يعلم أن الله تعالى قديم، (وقد) اشتملت هذه المسألة على مسئلتين مسألة موجود، ومسألة قديم، إذ القدم هو الوجود في الأزل ولهذا قال ومعنى القديم في اصطلاح المتكلمين هو الموجود الذي لا أول لوجوده، وكان القياس تصدير المسألة بمسألة موجود،لأن القدم كيفية في الوجود،والكيفية لا تعرف إلا بعد معرفة ما هي كيفية له، إلاَّ أنه لما كان من ضرورة الكلام على مسألة قديم إثبات كونه موجوداً ولهذا قدم إثبات معنى قديم وفيه ذكر الموجود صدر الكلام بالوصف له تعالى بأنه قديم دون الموجود،والموجب للعدول تفخيم شأنه تعالى إذ وصفه بالقدم أفخم ويدخل تحته الوجود.
وقد ذكر في الأساس: مسألة موجود على جهة الاستقلال واستدل عليها بأن العدم لا تأثير له ضرورة.قال بعضهم اعلم أن من لم يجعل الوجود صفة زائدة على ذات الموجود لا يحتاج إلى استدلال على هذه المسألة،بل إذا ثبت أن للعالم صانعاً فهو موجود قطعاً إذ هو ذات، والذوات كلها موجودة،ولهذا من نفى كون الوجود صفة زائدة لا يجعل الذوات ثابتة في حال العدم كما هو مذهب أبي الحسين وابن الملاحمي والرازي وغيرهم،وقد قررنا فيما سلف أنه القول الحق،ومن جعلها صفة زائدة جعل الذوات ثابتة في حال العدم فلابد من الدليل حينئذٍ على كونه موجوداً،والقول بأنه تعالى موجود هو مذهب من أقر بالصانع المختار إلاَّ أنه يلزم المطرفية عدم وصفه بذلك والخلاف في ذلك مع الباطنية.

دليلنا: أنه قد ثبت أنه تعالى قادر عالم والقادر العالم لا يكون إلاَّ موجوداً لأن المعدوم يستحيل أن يكون قادراً على شيء وعالماً به،ألا ترى أن كثيراً من الموجودات كالجمادات والأعراض يستحيل أن تكون قادرة على شيء وعالمة به مع وجودها،فإذا كان كذلك فالمعدوم أولى أن لا يكون قادراً على شيء ولا عالماً،وقد ثبت أن الله تعالى عالم قادر فلا يكون إلاَّ موجوداً،وحقيقة القديم في اللغة ما تقادم وجوده يقال بناء قديم ورسم قديم لمتقادم الوجود وحمل على هذا المعنى قوله تعالى{حتى عاد كالعرجون القديم}(يس:39) والعرجون هو العذق في طرفه شماريخ التمر وهو مقدار الذراع طولاً فيكون عند الجذاذ ممتداً ثم إذا يبس وتقادم احقوقف وصار كهيئة الهلال لتقادم وجوده على ما هو قريب العهد بالجذاذ.
وفي الاصطلاح: ما قاله المصنف وإن شئت قلت هو الموجود الذي لم يسبق وجوده عدم،وإن شئت قلت هو الموجود بغير موجد.قال صاحب الخلاصة: فلا يصح أن يوصف بهذا الوصف على الإطلاق إلاَّ الباري تعالى نظراً منه إلى هذه الحقيقة الاصطلاحية.
وقال في الأساس:أن الوصف بقديم غير مختص بالباري لثبوت بناء قديم ورسم قديم بين الأمة بلا تناكر وهذا نظر إلى اللغة،والقول بأن الله تعالى قديم هو مذهبنا.والخلاف للباطنية لا يأتي هنا لأنهم يصفون العلَّة التي هي الباري عندهم بأنها قديمة ويأتي خلاف غيرهم.

7 / 34
ع
En
A+
A-