به) بالأمس لنعلونه بأسيافنا، فأمسك القوم للقوم عند ذلك ولم يردوا جواباً، فهذا ما حكي عنهم، وهل تصح دعوى الإجماع مع صدور ذلك من هؤلاء، هذا باطل، وإذا قيل: هذه الروايات آحادية، قلنا: كل من روى الإجماع على البيعة التي تدَّعونها يروي هذه الأخبار، فما أجبتم فهو جوابنا، قالوا: وقع الخلاف في الابتداء ثم وقع الإجماع بعد ذلك. قلنا: إن سلمتم وقوع الاختلاف في الابتداء فعلى مدعي الاتفاق بعد ذلك إيراد الدلالة القاطعة بالاتفاق، ثم أنَّا نقول للمخالف: خبِّرنا عن إمامة أبي بكر حال الخلاف هل هي صحيحة أو غير صحيحة؟ إن قال: صحيحة، قلنا: كيف تصح مع الخلاف؟ وإن قال: باطلة، قلنا: فيلزمك استمرار البطلان، لأن من قال ببطلانها في ابتداء الأمر قال كذلك في انتهائه إذ لا قائل بالفصل بينهما، قالوا: بايع عليٌّ أبا بكر، قيل: بعد نصف سنه وقيل غير ذلك.قلنا: العترة مجمعة على أنه عليه السلام ما بايع أبا بكر بيعة عهد ورضى وإجماعهم حجة وأكثر أهل البيت (عليهم السلام) ينفي وقوعها ومن ذكرها فعلى وجه الإكراه لما روي: أنه أتى ملبياً، وقيل: في عنقه حبل وتوعده بالقتل، (وقيل: أنه قال) إن لم تبايع ضربنا عنقك مع قوله اللهم اشهد، وذلك مما لا اعتبار به فكأن لم تكن لو صح وقوعها، قالوا: مسألة الإمامة مسألة اجتهادية وكل مجتهد فيها مصيب وهذا الإيراد للحشوية ومن جرى مجراهم، قلنا: هي بمعزل عن الظن لأن طريق وجوبها وثبوتها وطريق شروطها وما لا يتم إلاَّ به إنما هي قطعيات فلا طريق للاجتهاد إليها، أما طريق وجوبها فهو إجماع الصحابة المعلوم وقد مرَّ، وأما ثبوتها حيث تثبت فإنها لا تثبت إلاَّ في منصوص عليه بنص معلوم كما في أمير المؤمنين فإن أدلة إمامته عند الإنصاف
مما لا يدخلها تشكيك أو فيمن ادعى كامل الشروط بالقطع لا بالظن، وأما طريق شروطها فكلها مجمع عليها من الصحابة والمسلمين بعدهم وعليها أدلة قطعية وسيأتي بيانها إنشاء الله تعالى، وأما الدعوة فطريق ثبوتها إجماع العترة عليها بعد بطلان قول أهل النص، فبطل أن تكون اجتهادية، وثبت كونها قطعية يقطع بخطأ المخالف فيها.
وأما حكم من تقدم على أمير المؤمنين عليه السلام في الإمامة كأبي بكر وعمر وعثمان، فالذي انعقد عليه إجماع العترة أنهم مخطئون بالتقدم عليه عاصون بذلك، لأن النصوص على إمامة علي عليه السلام قطعية متناً ودلالة كما بينا.قال الدواري: وأكثر العترة لا يفسقهم، ومنهم من يفسق، ومن لم يفسق منهم اختلفوا، فمنهم من توقف وهو قول كثير من الزيدية، ومنهم من رضّى وبه قال السيد المؤيد بالله والكني والقاضي جعفر وغيرهم.
قلت: وهو قول أكثر متأخري الزيدية. قالوا: لسابقتهم وثناء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عليهم وما جاء في القرآن من الأخبار برضى الله عنهم كقوله تعالى{لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة}(الفتح:18) وعلى الجملة فنحن من إيمانهم على يقين ولا ننتقل عنه إلاَّ بيقين.
قلت: هذا قول لولا أن يقال أن تلبسهم بالمعصية قطعاً قد نسخ العلم بإيمانهم في الظاهر وأما الثناء عليهم والإخبار بأنهم من المرضي عنهم فذلك باعتبار ما هم عليه قبل التلبس بالمعصية.
قالوا: معصيتهم محتملة للكبر والصغر فلا نسخ إذ لا تفسيق إلاَّ (بدليل قاطع) .
قلت: مع الإقرار بأن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي عليه السلام (لا احتمال) لأنهم منعوا الإمام فيما إليه التصرف فيه وهذا بغي والبغي فسق بالإجماع مع أن الأصل في كل معصية الكبر كما دل عليه الدليل القاطع وهذا مذهب عيون العترة عليهم السلام كما مرَّ.
قالوا: هي صغيرة في حقهم لكثرة ثوابهم.
قلت: إن كان ذلك بدليل فأبرزوه وإن لم يكن بدليل فهو باطل.
قال في أنوار اليقين: وروينا في تفسير الثعلبي رفعه إلى ابن المسيب عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:(يَردُ عليَّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلؤن عن الحوض فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقال إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى). ومن صحيح مسلم: رفعه إلى ابن عباس (رضي الله عنه) قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بموعظة فقال:(يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله عراة حُفاة غُرلاً كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين، ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) ، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك). ومن الجمع بين الصحيحين قال: وأخرجه البخاري من حديث عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:(بينا أنا قائم إذ أقبلت زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم فقال: هلم، فقلت: إلى أين؟ فقال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم، قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم، خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، فقلت: إلى أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما
شأنهم قال إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى ، فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل الغنم) انتهى. فتأمل أيها المنصف فإنك لا تجد لدعوى صغر معصية الصحابة في تقدمهم على علي عليه السلام إلاّ مجرد المحاباة وإلاّ فهلم الدليل على الفارق والمخصص لما ذكرنا من الأحاديث.
قالوا: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يتولاهم ويرضى عنهم.
قلت: إن صح ذلك فمعارض بما رواه أئمة الهدى من التجرم والشكوى من أخذهم حقه والعزم على حربهم لو وجد الناصر، وقد قدمنا في ذلك من الروايات ما فيه كفاية. ثم أنّا نقول: للمعترض أخبرنا عن توليه عليه السلام لهم. هل كان مع علمه بأنه الإمام ومع عزمه على قتلهم وقتالهم فذلك باطل إذ هم عنده عاصون محادون الله ورسوله وحاشا أمير المؤمنين أن يتولى من حاد الله ورسوله، وقد قال الله تعالى{لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادّ الله ورسوله}، أو كان لأجل جهله بالدليل على إمامته واعتقاد أنهم الأئمة، فذلك خلاف مذهبك لأنك تقول باستحقاقه الإمامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل وخلاف ما هو المعلوم من حاله من ادعائه للإمامة وعلمه بالأدلة كيف وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم(أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها).
قال إمام زماننا أيده الله تعالى: الحق أنهم إن لم يعلموا استحقاقه عليه السلام للإمامة فلا إثم عليهم وإن أخطئوا لقوله تعالى{وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به}(الأحزاب:05) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، وإن علموا فخطيئتهم كبيرة للإجماع على أن من منع إمام الحق من تناول (الواجب منه) فقد بغي عليه وإن البغي عليه فسق ولأنه اتباع لغير سبيل المؤمنين، وقد قال تعالى{ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصله جهنم وساءت مصيراً}(النساء:115).
قال أيده الله تعالى : ولعل توقف كثير من أئمتنا عليهم السلام لعدم حصول العلم بأنهم علموا أو جهلوا وأخرجنا عن تبقيتهم على الأصل، بأن الأصل في أعمال المكلفين المتعلقة بالحقوق العمد ولا يصح التولي إلاَّ مع العلم بالإيمان في الظاهر بإجماع العترة .
قلت: قد تظافرت الروايات بتعريفهم من أكابر الصحابة بإمامته عليه السلام وإخبار علي عليه السلام بأن أبا بكر يعلم أن محله منها محل القطب من الرحى ولكن العذر في ذلك أن هذه الروايات آحادية لا تفيد إلاَّ الظن ومسئلتنا قطعية فلا نقطع (أنهم أقدموا) مع علمهم أو جهلوا فلا يصح تفسبقهم مع ذلك، ولكن هذا إنما يصح إذا قلنا: بأن معرفة إمامة علي عليه السلام فرض كفاية كما هو مذهب بعضهم، أو على القول: بأنها فرض عين والمخل بها مخطئ خطأ محتملاً كما هو مذهب بعضهم، وأما على القول: بأنها فرض عين لا يعذر جاهلها فذلك لا يتأتَّى، ودليل أنها فرض عين أن أحوال إمام الزمان مقيسة عليه،
وقد قال الهادي عليه السلام: في كتاب الأحكام أن من لم يعلم ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فلا ينجو من عذاب الرحمن ولا يتم له اسم الإيمان حتى يعتقد ذلك بأيقن الإيقان لأن الله سبحانه يقول{إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا…الآية}(المائدة:55) ثم أطال الكلام عليه السلام حتى خرج فيه كلام صريح بالتفكير والإتيان بالجرم العظيم لمن تقدم أمير المؤمنين ولم يعلم إمامته من العالمين.
قال في أنوار اليقين: انعقد إجماع أهل البيت (عليهم السلام) على أنه يجب على كل مكلف العلم بإمامة أمير المؤمنين عليه السلام وأنها واجبة على الأعيان.
وأما المنصور بالله عليه السلام: فقد حكى الدواري عنه قولين، قول بصغر معصية القوم، وقول بالتوقف.
قلت: الذي حكي عن السيد حميدان رحمه الله والإمام الحسن بن بدر الدين أنه قال في الجواب الكاشف للإشكال في الفرق بين التشيع والاعتزال وسألت عمن يُرَضِّي على الخلفاء ويحسن الظن بهم وهو من الزيدية ويقول أنا أقدم عليَّا وأرضي عن المشائخ، ما يكون حكمه وهل تجوز الصلاة خلفه؟
والجواب: عن ذلك أن هذه المسئلة غير صحيحة فيتوجه الجواب عنها لأن الزيدية على الحقيقة هم الجارودية ولا نعلم في الأئمة عليهم السلام بعد زيد بن علي عليه السلام من ليس بجارودي وأشياعهم كذلك وأكثر ما نقل وصح عن السلف هو ما (قلنا على) تلفيق واجتهاد وإن كان الطعن والسب من بعض الزيدية ظاهر إنما هذا رأي المحصلين منهم، وإنما هذا القول قول بعض المعتزلة يفضلون عليَّا ويرضون عن المشائخ فليس هذا يطلق على أحد من الزيدية لأنا نقول قد صح النص على أمير المؤمنين (عليه السلام) من (الله ورسوله) وصحت معصية القوم وظلمهم وتعديهم لأمر الله سبحانه وإن كانت جائزة المعصية والترضية فما أبعد قول الشاعر في قوله:
إن كان يجزى بالخير فاعله شراً ويجزى المسيء بالحسنى
فويل تالي القرآن في ظلم الليل وطوبى لعابد الوثن
فنهاية الأمر أن المروي عن السلف الصالح أنهم لا يسبون وهكذا قال المؤيد بالله ولم يصرح بالترضية فأما القول بالترضية فمبني على القطع لصغر معصيتهم وذلك مما يحتاج إلى برهان وصاحب هذه المقالة لا يجده أو على عصمتهم ولا قائل بذلك من الأئمة وشاهد الحال لو ادعى ذلك لفضحه لأن طلحة والزبير من أفاضلهم وقد صح فسقهما بالخروج على إمام الحق، وإنما رويت توبتهما ولم ترو عن الثلاثة توبة عما أقدموا عليه من الإمامة وتأخير علي عليه السلام من مقامه الذي أقامه الله ورسوله فيه، وأما الصلاة خلف من ذكرت ففي الصلاة خلاف طويل وقد أجازها الأكثر خلف المخالفين ما لم يكن خلافهم كفراً والأمر في ذلك يهون والاحتراز خلف من يقول بذلك أولى.
ومن شعره عليه السلام في معنى ذلك:-
فَعَدِّ عن المنازل والتصابي وهات لنا حديث غدير خم
فيالك موقفاً ما كان أسنى ولكن مرَّ في آذان صم
لقد مال الأنام معاً علينا كأن خروجنا من خلف ردم
وأما حكم من حاربه عليه السلام فلا شبهة في فسقه لمحاربته إمام الحق، والمحاربون له ثلاثة كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (تقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين) والناكثون طلحة والزبير وعائشه وقد روي توبتهم، والقاسطون معاوية وأصحابه، ومن أصحابنا من كفر معاوية لأمور منها أنه كان يدين بالجبر ويعتقده ومنها أنه كان يستشفي بالأصنام وقد وجد في عنقه حين مات صليب وقيل أنه كان منافقاً إلى غير ذلك مما يدل على كفره، والمارقون الخوارج. وأما حكم الذين تخلفوا عنه ولم يقولوا بإمامته بعد الثلاثة كابن عمر وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وكعب بن مالك وأسامة بن زيد وغيرهم فاختلف (في حكمهم) أصحابنا، فبعضهم حكم بمعصيتهم من غير فسق ومنهم من قضى بفسقهم لتركهم نصرة أمير المؤمنين وخذلانهم له، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم في خبر الغدير:(وانصر من نصره واخذل من خذله) ولا شبهة أنهم من الخاذلين له ، وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على من خذل أمير المؤمنين (عليه السلام) على القطع بالخذلان ومن خذله الله ودعا عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالخذلان فليس من المؤمنين.
المسألة الثامنة والعشرون ((في إمامة الحسن بن علي عليهما السلام))
بعد أبيه علي كرم الله وجهه في الجنة، واختلف في ذلك، فقالت الزيدية والإمامية والمعتزلة: أن الإمام بعد علي عليه السلام ابنه الحسن عليه السلام، وأنكرت الخوارج إمامته وزعم بعض الطغام أن الحسن إمام إلى أن صالح معاوية ثم صار معاوية بعد ذلك إماماً، وكان الأولى جمع الكلام في هذه المسألة والتي بعدها بأن يقال: المسألة الثامنة والعشرون والتاسعة والعشرون أن الإمام بعد علي عليه السلام ابنه الحسن ثم الحسين لأن الدليل على إمامتهما واحد وقد نبَّه عليه بقوله: والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:(الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا وأبوهما خير منهما)، وصحة هذا الخبر إما لأنه متواتر على رأي وإما متلقى بالقبول على آخر، ولأن العترة أجمعت على صحته وإجماعهم حجة وهو نص صريح في إمامتهما وفيه أيضاً (نص صريح) بأن علياً عليه السلام إمام لورود النص فيه بأنه خير منهما، ومن حق الإمام أن يكون أفضل أهل زمانه أو من جملة أفاضلهم بإجماع الصحابة على ذلك وإجماعهم حجة، بل في الخبر ما هو كالصريح بإمامته لا لكونه أفضل بل لأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال:(الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا وأبوهما خير منهما)وليس المراد بذلك إلاَّ أنه خير منهما في الوصف الذي وصفهما به وهو الإمامة لا في غيره، ولهذا فإن قائلاً لو قال زيد شجاع أو كريم وعمرو خير منه لم يسبق إلى الفهم إلاَّ أنه خير منه في الشجاعة أو الكرم، فهذا الخبر دال بالتصريح على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام. والدليل الثاني على إمامتهما أن كل واحد منهما قام ودعا وهو جامع لخصال الإمامة وهذه طريق الإمامة عندنا على ما يجيء إنشاء الله تعالى. الدليل الثالث: إجماع العترة على
إمامتهما وإجماعهم حجة، الدليل الرابع: أنهم أفضل الآدميين بعد أبيهما لإجماع العترة على ذلك والأفضل لا تصح إمامة غيره مع وجوده، ومتى قيل: دلالة الخبر على إمامتهما على الإطلاق فمن أين لكم هذا الترتيب الذي ادعيتم؟
قلنا: لاشك أن إمامة الحسن قبل أخيه الحسين بالإجماع، فدل الإجماع على الترتيب كما دل على عدم استحقاقهما للأمر في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن الخلق كلهم كانوا منقادين لأمره وفي زمان علي عليه السلام لانقيادهم لأمره أيضاً، فبقي ماعدا هذه الأزمنة داخلاً تحت النص فلو لم نقل بإمامتهما عليهما السلام لأجل الخبر لبطلت فائدة الخبر وذلك لا يجوز، فأما (ما قاله) الخوارج وغيرهم من القدح في إمامة الحسن لمّا هادن معاوية وأنه سلم إليه الإمامة فتلك مقالة باطلة لأن إمامته ثابتة بالنص فلا يصح الخروج عنها ولا يسلم الأمر لمعاوية بحيث يكون معاوية إماماً ويخرج عنها فإن شيئاً من ذلك لا يجوز لا الخروج من الإمامة ولا كون معاوية إماماً، وقد قال تعالى{لا ينال عهدي الظالمين}(البقرة:124) وإنما الذي كان من الحسن عليه السلام كفُّ الحرب مع بقائه على إمامته واعتقاد ذلك واعتقاد كون معاوية على الباطل وأنه غير إمام وسبب الهدنة أن الحسن قدم عبيدالله بن العباس لحرب معاوية فأرسل إليه معاوية وقال: إن الحسن قد صالح وخدع عبيدالله بن العباس بذلك فأرسل عبيدالله بن العباس إلى معاوية يطلب منه الأمان لأجل الخديعة التي دسها إليه معاوية فاضطرب عسكر الحسن بن علي عليه السلام لأجل ذلك، وحدث على الحسن عليه السلام من الخوارج ما هو معلوم من الانتهاب وطُعِنَ عليه السلام في فخذه، فلمّا رأى ذلك اضطر إلى صلح معاوية للوهن الذي لحق أصحابه وقلة