الثاني: أنه ليس في الآية ما يدل على ما ذكروه ولو سلمنا لهم أنها في أبي بكر إذ ليس فيها إلاّ أنهم يدعون وهو يدعو وهذا لا يقتضي بكون الداعي إماماً، لا يقال في الآية مدح له ولا مدح إلاّ على أمر له صفة زائدة على حسنه، وأيضاً فتوعدهم على التخلف وهو لا يكون إلاّ لمن إجابة دعوته واجبة وهو معنى الإمامة، لأنّا نقول: هب أن الأمر كذلك والدعاء واجب والمدعو إليه واجب فإن هذا لا يقتضي الإمامة، وذلك لأن قتال المشركين واجب والدعاء إليه واجب خصوصاً إذا قصدوا ديار المسلمين.
وتعلقوا أيضاً بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمر أبا بكر في حال مرضه أن يؤم بالناس في الصلاة.
وقالوا: هذا منه صلى الله عليه وآله وسلم تنبيه على تقدمه في الإمامة.
الجواب: أنه لا يصح التعلق بهذا الخبر من وجوه:
أحدها: أنه لم يصح أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك وإنما كان الأمر من عائشة.
الثاني: أنه وإن صح أنه صلى الله عليه وآله وسلم الآمر فهو خبر آحادي ومسألتنا قطعية.
الثالث: أنه لا يصح قياس الإمامة الكبرى على الإمامة الصغرى، لأن إمامة الصلاة تصح ممن لا تصح إمامته كالأعمى والمملوك وولد الزنا.
الرابع: أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد قدَّم غير أبي بكر للصلاة فإنه قدَّم عبدالرحمن
وابن أم مكتوم.
احتج من قال: بأن طريق إمامة أبي بكر العقد والاختيار وذلك هو طريقة الإمامة بزعمهم مطلقاً بالإجماع من الصحابة على إمامة أبي بكر سيما في آخر الأمر فإنه قد بايعه سائر الأنصار والمهاجرين، وفي أول الأمر كان الناس بين راضٍ بها مبايع وساكت سكوت رضىً، فلو لم يكن إماماً لكان المبايع مخطئاً والساكت عن النكير مخطئاً والراضي مخطئاً وفي هذا إجماع الأمة على الخطأ.
الجواب: أنا قد بينا بالدليل القطعي أن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي (عليه السلام) ، فلو صحَّ هذا الإجماع لأدى إلى تناقض الأدلة على غير وجه النسخ وذلك لا يصح. ثم أنّا نقول: لا يصح الإجماع إلاَّ حيث لا يعتد بأكابر الصحابة الذين رأسهم علي عليه السلام، فإن المنقول عنهم والمعروف من حالهم عند من له أدنى بحث في السِّير والتواريخ المنازعة والاختلاف الشديد هذا علي عليه السلام فإنه لما قال له العباس بن عبدالمطلب بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امدد يدك أبايعك فيقول الناس عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بايع ابن أخيه فلا يختلف اثنان، قال عليه السلام: لو كان أخي جعفر وعمي حمزة حيين لفعلت، وروي أنه عليه السلام قال في جوابه لمعاوية: وزعمت أني لكل الخلفاء حسدت، وعلى كلهم بغيت، فإن يكن كذلك فليس الجناية عليك ليكون العذر فيها إليك، وقلتَ أني كنتُ أُقادُ كما يُقاد الجمل المخشوش حتى أبايع، فلعمر الله لقد أردتَ أن تذم فمدحتَ، وأن تفضح فافتضحت، وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوماً ما لم يكن شاكاً في دينه ولا مرتاباً بيقينه، وهذه حجة إلى غيرك قصدها، ولكني أطلقت لك بقدر ما سنح في ذلك، وقال عليه السلام: لولا حضور الحاضر، ووجوب الحجة لوجود
الناصر لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، قال هذا لما طلب بالبيعة بعد قتل عثمان، وقال عليه السلام في خطبته المعروفة بالشقشقية: والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وأنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل، ولا يرقي إليَّ الطير فسدلت دونها ثوباً، وطويت عنها كشحاً، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذَّاء، أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي الحلق شجى وفي العين قذى، أرى تراثي نهباً، حتى إذا مضى الأول لسبيله، ثم أدلى بها إلى عمر بعد وفاته، فيا عجباً! بينا هو يستقبلها في حياته إذ أدلى بها إلى آخر بعد وفاته، إلى أخر ما ذكره عليه السلام.
وروى عامر بن واثلة قال: كنت على باب السقيفة يوم الشورى إذ دخل علي عليه السلام وأهل الشورى وحضرهم عبدالله بن عمر، فسمعت علياً عليه السلام يقول: بايع الناس أبا بكر فسمعت وأطعت، وبايعوا عمر فسمعت وأطعت، ويريدوا المبايعة لعثمان فإذاً أسمع وأطيع، ولكني محتج عليكم، أنشدكم الله، هل فيكم أحد أخاه رسول الله غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: أنشدكم الله، هل فيكم من أحد له أخ كأخي جعفر له جناحان أخضران يطير بهما في الجنة غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال:أنشدكم الله، هل فيكم من أحد له عم كعمي حمزة سيد الشهداء؟ قالوا: اللهم لا، قال:أنشدكم الله، هل فيكم أحد له زوجة كزوجتي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة؟ قالوا: اللهم لا، قال: أنشدكم الله، هل فيكم من له سبطان كسبطاي الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة إلاَّ ابني الخالة؟ قالوا: اللهم لا، قال: أنشدكم الله، وبحق نبيئكم، هل فيكم من أحد وحَّد الله قبلي؟ قالوا: اللهم لا ، قال: أنشدكم الله ، هل فيكم من أحد صلى إلى القبلتين غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: أنشدكم الله، هل فيكم من أحد ولي غسل (رسول الله) بالروح والريحان مع الملائكة المقربين غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: أنشدكم الله، هل فيكم من أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اغسلني أنت فإنه لا يرى أحد شيئاً من عورتي إلاَّ عمي غيرك يا علي؟ قالوا: اللهم لا، قال: أنشدكم الله، هل فيكم من أمر الله تعالى بمودته حيث يقول{قل لا أسألكم عليه أجراً إلاَّ المودة في القربى}(الشورى:23) غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: أنشدكم الله، هل فيكم من لم يسد بابه حين أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسد الأبواب التي إلى المسجد غيري؟ قالوا: اللهم لا، ولم قلتم للنبي
صلى الله عليه وآله وسلم سددت أبوابنا وأخرجتنا من المسجد وتركت عليَّا، قال صلى الله عليه وآله وسلم:(ما أنا أخرجتكم ولا سددت أبوابكم ولا تركت علياً، ولكن الله أمرني بإخراجكم وترك علي)، قالوا: اللهم لا، إلى غير ذلك مما احتج به عليه السلام، وأورده عليهم بياناً لإمامته وفضله، ثم قال: اللهم اعلم واشهد وكفى بالله شهيداً بيني وبينكم أسمع وأطيع وأصبر حتى يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده، شأنكم فاصنعوا ما بدا لكم، ثم قال هذه الأبيات:-
محمد النبي أخي وصهري وحمزة سيد الشهداء عمي
وجعفر الذي يضحي ويمسي يطير مع الملائكة ابن أمي
وبنت محمد سكني وعرسي مسوط لحمها بدمي ولحمي
وسبطا أحمد ابناي منها فمن هذا له سهم كسهمي
سبقتكم إلى الإسلام طراً غلاماً ما بلغت أوان حلمي
وأتاني ولايته عليكم رسول الله يوم غدير خم
فويل ثم ويل ثم ويل لمن يلقى الإله غداً بظلم
فهذا كلامه عليه السلام، وقد علمت أنه لا تصح دعوى الإجماع مع مخالفته، بل لا ينبغي مساواة كلام الناس جميعاً بقوله فإنه يجب طرح أقوالهم واعتماد قوله لأن قوله
حجة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(علي مع الحق والحق مع علي، علي مع القرآن والقرآن مع علي)، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار:(إذا سلك الناس وادياً وعلي وادياً فعليك بعلي وخلِّ عن الناس)، أو كما قال: ولأنه معصوم مع ذلك. وقد نُقِلَ بالسند الصحيح مخالفة غيره، فإنه لما بويع لأبي بكر حمل الناس عمر على ذلك طوعاً وكرهاً حتى أفضت الحال إلى أمور شنيعة، فمن ذلك كسر سيف الزبير بن العوام، واستخف بسلمان، وضرب عمّار بن ياسر، وأسقط سعد بن عبادة من مرتبته حتى قال قائلهم: قتلتم سعداً فقال عمر: قتله الله فإنه منافق وأخذ عمر سيفه واعترض به صخرة فقطعه، وكذلك فإن المروي أن عمر بن الخطاب قال لعلي (عليه السلام) : بايع لأبي بكر، قال: فإن لم، قال: ضربنا عنقك، وكذلك فإن المروي عن أبي بكر أنه قال لسعد بن عبادة: لئن نزعت يداً من طاعة أو فرقت جماعة لأضربن الذي فيه عيناك، إلى غير ذلك من الأمور الشنيعة. وكفى في بطلان دعوى الإجماع بما رواه الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان (عليه السلام) في حقائق المعرفة قال: لمّا بويع أبو بكر وارتقى المنبر منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان ممن قعد عن بيعته اثني عشر رجلاً ستة من المهاجرين وستة من الأنصار، فكان من المهاجرين خالد بن سعيد وأبو ذر وعمّار والمقداد وسلمان وأُبي بن كعب، وكان من الأنصار قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي وأبو الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وأبو بردة الأسلمي وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وأبو أيوب الأنصاري، فقال بعضهم لبعض: قوموا إلى هذا الرجل فأنزلوه من منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال بعضهم: إن هذا الرجل اتفقت عليه الأمة ولكن انطلقوا بنا إلى صاحب هذا
الأمر حتى نشاوره ونستطلع رأيه وانطلقوا القوم حتى أتوا أمير المؤمنين (عليه السلام علي بن أبي طالب) ، فقالوا: يا أمير المؤمنين كنا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورأينا هذا الرجل قد صعد منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأردنا أن ننزله عنه فكرهنا أن ننزله دونك ونحن نعلم أن الحق لك، فقال عليه السلام، أما أنكم لو فعلتم ما كنتم إلاَّ حرباً لهم وما كنتم إلاَّ كالكحل في العين أو كالملح في الزاد وقد اتفقت هذه الأمة التاركة قول نبيئها الذين باعوا آخرتهم بدنياهم، وقد شاورت في ذلك أهل بيتي فأبوا إلاَّ السكوت لما يعلمون من وغر صدور القوم وبغضهم لأهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولكن انطلقوا إليه وأخبروه بما سمعتم من قول نبيئكم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولا تتركوا شبهة من أمره ليكون ذلك أوكد في الحجة وأبلغ في العقوبة إذا لقي الله وقد عصاه وخالف أمر نبيئه، فانطلق القوم في يوم جمعة في وقت صلاة الظهر حتى جثوا حول منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأقبل أبو بكر فصعد المنبر، فقال المهاجرون للأنصار: قوموا فتكلموا بما سمعتم من قول نبيئكم صلى الله عليه وآله وسلم، فقال الأنصار للمهاجرين: بل أنتم قوموا فتقدموا فإن الله قدمكم علينا في كتابه قال الله تعالى{لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار}(التوبة:117) وكان أول من تكلم خالد بن سعيد فقام قائماً على قدميه وقال: معاشر المسلمين أنشدكم الله وبحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تشهدون بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي:(هذا خالد صدِّيق قومه)؟ فقالوا : بلى والله نشهد بذلك، فقال: يا معاشر المسلمين فأنا أشهد أني سمعت رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم وهو يقول(علي قائد البررة وقاتل الكفرة وهو أحق بالأمر من بعدي) ثم جلس، وقام من بعده أبو ذر الغفاري فقال: يا معشر الناس أنشدكم بالله وبحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تشهدون بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يرحمك الله يا أبا ذر تموت وحدك وتدفن وحدك وتحشر وحدك وتحاسب وحدك وتدخل الجنة وحدك (يُكرم بك) الله سبعة نفر يلون غسلك ودفنك)، قالوا: نشهد والله بذلك، قال: فأنا أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول?علي أخي وابن عمي وأبو سبطي والحجة من بعدي)، ثم جلس. وقام سلمان الفارسي فقال يا معشر المسلمين ناشدتكم بالله وبحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تشهدون بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:(سلمان منّا أهل البيت) قالوا: بلى والله نشهد بذلك، قال: فأنا أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول:(علي إمام المتقين وقائد الغر المحجلين والأمير من بعدي)، ثم جلس. ثم قام من بعده المقداد بن الأسود الكندي ثم قال: معشر المسلمين أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول:(علي مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي فالفائز من تولاه والكافر من عاداه)، ثم جلس. وقام من بعده عمّار بن ياسر فقال: يا معشر المسلمين ناشدتكم الله وبحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تشهدون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال(يا آل ياسر أبشروا مأواكم الجنة)، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم):(عمار مع الحق والحق مع عمار حيث ما دار دار الحق معه)، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم):(يا عمار تقتلك الفئة الباغية يكون آخر زادك من الدنيا قعب من لبن)، فقالوا: بلى
والله نشهد بذلك، ثم أقبل بوجهه إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر ارجع عن ظلعك واقبر شرَّك والزم منزلك وابك على خطيئتك ورد الأمر إلى من جعله الله (ورسوله له) ولا تركن إلى الدنيا ولا يغرنك من قريش أوغادها فعن قليل ترتحل عن دنياك وما ربك بظلام للعبيد، ثم جلس. وقام من بعده أبي بن كعب وقال: يا معاشر المسلمين ألستم تشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رقى المنبر يوم غدير خم وقام علي عليه السلام إلى جانبه وحط يده اليمنى وشالاً أيديهما حتى رؤيَ بياض إبطيهما ثم قال : (يا معشر الناس من كنت نبيه فهذا علي وليه، ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من ولاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) ثم جلس. وقام من بعده قيس بن سعد بن عبادة فقال: يا أبا بكر ألست تشهد أن (رسول الله) صلى الله عليه وآله وسلم يوم كنَّا بين يديه فأقبل عليك بوجهه فقال?يا أبا بكر من أحب عليَّاً فقد أحبني ومن أبغض عليَّاً فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ومن أبغض الله كان حقيقاً على الله أن يكبه على منخريه في نار جهنم) فقال: بلى أشهد بذلك، ثم قال: يا معشر المسلمين أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول?أنا حرب لمن حارب عليَّاً وسلم لمن سالم عليَّاً)، ثم جلس. وقام من بعده أبو الهيثم بن التيهان فقال: يا معاشر المسلمين ألستم تشهدون بأن (رسول الله) صلى الله عليه وآله وسلم قال:(هذا ابن التيهان ما كذبني منذ آمن بي ولا نافقني منذ صدقني)، قالوا: بلى نشهد بذلك، قال: يا معاشر المسلمين أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول:(علي سفينة من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق أو قال في النار هوى)،ثم جلس. وقام من بعده
سهل بن حنيف فقال: معشر المسلمين إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (علي باب حطة من دخل منها كان آمناً)، ثم جلس. وقام من بعده أبو بردة الأسلمي فقال: معاشر المسلمين أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :(علي أخي، وابن عمي، وحامل رايتي يوم القيامة، والخليفة من بعدي، المؤمن من تابعه والكافر من خالفه)، ثم جلس.وقام من بعده خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وقال: يا معاشر المسلمين ألستم تشهدون بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل شهادتي وحدي ولم يزد معي غيري، قالوا: بلى نشهد بذلك، فقال: إني أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول:( ألا إن الله ربكم ومحمداً نبيئكم والقرآن إمامكم والإسلام دينكم وعليَّاً هاديكم فوالى الله من والاه وعادى من عاداه)، ثم جلس.وقام من بعده أبو أيوب الأنصاري فقال: يا أبا بكر ألست تذكر هذه الآية يوم نزلت {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا}(المائدة:55) فقمت أنت وصاحبك فقبلتما بين كتفيه وقلتما: أصبحت والله مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة، فقال: بلى قد كان ذلك ، فقال: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول:( علي عين الله في خلقه ولايته الصراط المستقيم والحجة على الأمة بعدي)، فلما سمع أبو بكر ذلك نزل عن المنبر ودخل منزله فمكث لا يخرج إلى الناس ثلاثة أيام، فلما أن كان في اليوم الرابع أتاه عمر وعثمان وعبدالرحمن بن عوف وسالم مولى حذيفة والأشعث بن قيس وأبو موسى الأشعري وقنفذ مولى عمر مع كل رجل منهم عشرة رجال شاهرين لأسيافهم حتى أخرجوه من منزله حتى علا المنبر فخطب وجعلوا يدورون في المدينة وهم يقولون: والله لئن عاد أحد إلى مثل (ما تكلم