ومما يدل على إمامته عليه السلام من السّنة أيضاً ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :(أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي)، هذا الخبر قد روي من طرق شتى وإن كان دون خبر الغدير، وقد اختلف أصحابنا فيه، فقيل: هو خبر متواتر كخبر الغدير وهذا هو مذهب المنصور بالله ورواه في شرح الأصول عن كثير من السادات وعوّل على هذا إمام زماننا أيده الله تعالى، ومنهم من لم يقض بكونه متواتراً وإنما استدل على صحته بإجماع العترة وتلقته بالقبول من غير مناكرة فيه، بل هم بين مستدل به على إمامته ومستدل به على فضله وإلى هذا ذهب صاحب شرح الأصول، وبيان الاستدلال بهذا الخبر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أثبت لعليٍّ عليه السلام جميع منازل هارون من موسى بدليل أنه استثنى النبوة وهو يدل على الاستغراق، ولاشك أن هارون خليفة على قومه لإجماع المسلمين على ذلك ولقوله تعالى{وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين}(الأعراف:142)، ولولا استحقاقه للخلافة وصلاحه لها لم يكن ليستخلفه، ومن منازله الشركة في الأمر كما حكى الله عن موسى بقوله{رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي}(طه:26،27،28) إلى قوله {قد أوتيت سؤلك يا موسى}(طه:36) ومن جملة منازل هارون من موسى كونه أفضل أمته فيجب أن تثبت جميع هذه المنازل لعلي عليه السلام لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يستثنها مع النبوة.

وإذا ثبت بهذا استحقاق علي عليه السلام الخلافة والشركة في الأمر فهو معنى الإمامة قطعا، لأنّا لا نعني بقولنا إمام إلاّ مالك التصرف فيجب أن يكون علياً عليه السلام شريكاً له في ذلك، وأولى بالتصرف في الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأن الاستحقاق قد كان ثابتاً له بما قدمنا في وقت الني صلى الله عليه وآله وسلم. وبقي نفاذ التصرف موقوفاً إلى وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإجماع أنه لم يكن لأحدٍ من الأمة تصرف في هذه الأمور التي قدمنا ذكرها في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فصحَّ بذلك إمامة علي عليه السلام.
فإن قيل: هذا إنما يستقيم لو عاش هارون بعد موسى فأمّا وهو مات قبله فلا يصح. قلنا: نحن نعلم قطعاً أنه لو عاش بعده لكان خليفة، فالمنزلة ثابتة قطعاً وبطلانها بعارض الموت لا يقدح في ذلك. فثبت بذلك لعلي عليه السلام أي كونه خليفة (رسول الله) ودلّ على أنه الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل.
الدليل الرابع: على إمامته إجماع أهل البيت عليهم السلام على أنه الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإجماعهم حجة كما ثبت في موضعه. الدليل الخامس: على إمامته عليه السلام ما ثبت أنه أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وباقي الصحابة مفضولون، وإمامة المفضول لا تصح، قال بعض أصحابنا لكن هذا لا يدل على إمامته بل على بطلان إمامة من سواه فقط. ومن مشهور فضائله فضيلة القرابة، وفضيلة النجابة، وفضيلة طيب المنشأ، وفضيلة السَبْق، وفضيلة العلم، وفضيلة الصبر، وفضيلة الصدق والوفاء، وفضيلة التخصيص بالكرامات المنبهة على علو منزلته عند الله .

أمّا فضيلة القرابة: فلأنه ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبيه وأمه، وشاهد ذلك قول أبي طالب:
إن علياً وجعفراً ثقة عند شدائد الأمور والكرب
لا تخذلاه وانصرا ابن عمكما أخي لأمي من بينهم وأبي
ولذلك فإنه عليه الصلاة والسلام لما علم احتجاج قريش على الأنصار بالقربى، قال: احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة، وقال في معنى ذلك:-
وإن كنت بالشورى ملكت أمورهم فكيف تليها والمشيرون غُيَّبُ
وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم فغيرك أولى بالنبي وأقرب
وأمّا فضيلة النجابة: فلأن نسبه هو نسب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفرق بينهما من الأمهات إلاّ فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي عليه السلام وفضائلها مشهورة، ومما يؤيد ذلك: حكاية الحاكم رحمه الله تعالى في كتاب تنبيه الغافلين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال(إن الله تعالى خلق روحي وروح علي قبل أن يخلق آدم عليه السلام بما شاء الله، فلما خلق آدم أودع أرواحنا في صلبه فلم يزل ننقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر لم يصبها دنس الشرك ولا عهر الجاهلية حتى أقرها في صلب عبد المطلب ثم أخرجها من صلبه فقسمها قسمين فجعل روحي في صلب عبد الله وروح علي في صلب أبي طالب، فعلي مني وأنا من علي نفسه كنفسي وطاعته كطاعتي، لا يحبني من يبغضه، ولا يبغضني من يحبّه).

وأما فضيلة طيب المنشأ: فلأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي كفله وآواه وأدّبه وربّاه فلم يسجد لصنم ، ولم يقع في مأثم، وقد بين عليه السلام ذلك في بعض خطبه المذكورة في نهج البلاغة فقال: وقد علمتم موضعي من (رسول الله) بالقرابة القريبة والمزية الخصيصة وضعني في حجره وأنا وليد يضمني إلى صدره ويكنفني في فراشه ويمسني جسده ويشمني عرقه وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه وما وجدلي كذبة في قول ولا خطية في فعل.
وأمّا فضيلة السَّبق: فلأنه عليه السلام أول ذكرٍ آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصلى معه، وله مع فضيلة السبق فضيلة العصمة وفضيلة إيتاء الحكمة في حال صغره ومن شعره في معنى ذلك قوله:
سبقتكم إلى الإسلام طراً غلاماً ما بلغت أوان حلمي
وآتاني ولايته عليكم رسول الله يوم غدير خم
وأما فضيلة العلم: فلأنه عليه السلام وارث علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمخصوص بمكنون سره، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم(أنا مدينة العلم وعلي بابها) وكان كل الصحابة محتاجاً إلى علمه ولم يكن محتاجاً إلى علم أحد منهم، ومما يؤيد ذلك: حكاية الحاكم عنه عليه السلام في كتاب تنبيه الغافلين أنه قال: لو كسرت لي الوسادة ثم جلست عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم، والله ما من آية
نزلت في بر ولا بحر ولا سماء ولا أرض ولا سهل ولا جبل ولا ليل ولا نهار إلاَّ وأنا أعلم متى نزلت وفي أي شيء نزلت، وما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلاَّ وأنا أعلم أي آية نزلت فيه تسوقه إلى جنة أو نار.

وأما فضيلة الصبر: فلأنه ذكر في كتاب المحن أن الله سبحانه ابتلى صبره في أربعة عشر موطناً، سبعة في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسبعة بعد وفاته، وجملة ذلك أنه بلي من المحن ما لم يبل به غيره من الصحابة، وظهر من صبره عليها ما لم يظهر من غيره مثله على ما هو دونها وذلك عند مبيته على فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم موطناً لنفسه على الصبر للقتل إلى ما كان من صبره في مواطن الزَّحف التي تزل فيها الأقدام وتبلغ القلوب الحناجر إلى ما كان من صبره على ما أبتلي به من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإجماع أكثر الصحابة في ذلك الحال على استغنام الفرصة في أخذ حقه والاستيثار بالأمر دونه وعظم الصبر على قدر البلوى وعظم البلوى على قدر عظم حال المبتلى، وقد مدح الله الصابرين وجعل من ثواب بعضهم استحقاق الإمامة فقال سبحانه{وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا…الآية}(الأنبياء:73).
وأما فضيلة الصدق والوفاء: فلأنه عليه السلام لم ينكث عهداً، ولم يخلف موعداً، وشاهده في ذلك قول الله سبحانه {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر}(الأحزاب:23) وهو علي كرم الله وجهه ، وقوله تعالى{يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيرا}(الإنسان:07).
وأما فضيلة التخصيص بالكرامات: المنبهة على علو مرتبته (عليه السلام) عند الله فهي أكثر من أن تحصى كما قد نظم ذلك الإمام المنصور بالله عليه السلام في شعره الذي يقول فيه:-
رُدَّت له شمس الضحى فَرَدّها مِنْ أعظم الآيات والفضائل
ولو عَدَدّت ما قضيت حقه ومن يعدّ حب رملٍ هائل
وصرفت عنه لغير موجب بل لِهَنَّات قيل أو دغايل

ومن الأخبار الدَّالة على فضله وإمامته ما روي بالسند الصحيح إلى ابن عباس رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يطوف بالكعبة إذ بدت رمانة فاخضَّر المسجد لحسن خضرتها فتناولها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم مضى في طوافه فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طوافه صلى في المقام ركعتين ثم فلق الرمانة كأنها قُدَّت نصفين فأكل نصفاً ثم ناول علياً عليه السلام فأكلا منها فزنخت أشداقهما لعذوبتها ثم التفت إلى أصحابه فقال:(إن هذا قطف من قطوف الجنة ولا يأكله إلاّ نبي أو وصي ولولا ذلك لأطعمناكم)، ومن ذلك ما روي بالسند الصحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:(من آذى علياً فقد آذاني، إن علياً أولكم إيماناً وأوفاكم بعهد الله، أيها الناس من آذى علياً بعث يوم القيامة يهودياً أو نصرانياً، فقال جابر بن عبدالله رضي الله عنه وإن شهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله فقال: يا جابر كلمة يحتجرون بها أن تسفك دماؤهم وأموالهم وأن يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون)،

ومن ذلك ما روي بالسند الصحيح إلى أنس بن مالك قال :قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر وعمر:(امضيا إلى علي يحدثكما ما كان منه في ليلته، وأنا على أثركما قال أنس: فمضيا ومضيت معهما فاستأذن أبو بكر وعمر على علي عليه السلام فخرج إليهما فقال: يا أبا بكر حدث شيء، قال: لا، وما حدث إلاّ خير، قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولعمر امضيا إلى علي يحدثكما ما كان منه في ليلته، وجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: حدثهما ما كان منك في ليلتك، فقال: أستحي يا رسول الله فقال : حدثهما فإن الله لا يستحي من الحق، فقال علي: أردت الماء للطهور وأصبحت جنباً وخفت أن تفوتني الصلاة فوجهت الحسن في طريق والحسين في طريق في طلب الماء فأبطيا عليَّ فأحزنني ذلك فرأيت السقف قد انشق ونزل عليَّ منه سطل مغطى بمنديل فلما صار في الأرض نحيت المنديل عنه وإذا فيه ماء فتطهرت للصلاة واغتسلت وصليت ثم ارتفع السطل والمنديل والتأم السقف فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أما السطل فمن الجنة وأما الماء فمن نهر الكوثر وأما المنديل فمن استبرق الجنة من مثلك يا علي جبريل يخدمك في ليلتك)،

وروي بالسند الصحيح إلى أنس بن مالك قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بساط من خندف فقال لي: يا أنس ابسطه فبسطته، ثم قال: ادع لي العشرة فدعوتهم فلما دخلوا أمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجلوس على البساط ثم دعا علياً عليه السلام فناجاه طويلاً ثم رجع فجلس على البساط ثم قال: يا ريح احملينا فحملتنا الريح فإذا البساط يدفُّ بنا دفّاً، ثم قال: يا ريح ضعينا فوضعتنا، ثم قال أتدرون في أي مكان أنتم، قلنا: لا، قال: هذا موضع أصحاب الكهف والرقيم، قوموا فسلموا على إخوانكم، قال: فقمنا رجلاً رجلاً فسلمنا عليهم فلم يردوا علينا السلام ، فقام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) فقال: السلام عليكم معاشر الصديقين والشهداء، فقالوا: عليك السلام ورحمة (الله قال) : فقلت ما بالهم ردّوا عليك السلام ولم يردوا علينا فقال : ما بالكم لا تردّوا على إخواني، فقالوا: إنا معاشر الصديقين لا نكلم بعد الموت إلاّ نبياً أو وصياً، ثم قال: يا ريح احملينا فحملتنا تدّف بنا دفّاً، ثم قال: يا ريح ضعينا فوضعتنا فإذا نحن بالحرَّة قال: قال علي عليه السلام: ندرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم في آخر ركعة وطوينا وأتينا وإذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في آخر ركعة{أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً}(الكهف:09).
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:(من أحب أن يتمسك بالقضيب الياقوت الأحمر الذي غرسه الله في جنة عدن فليتمسك بحب علي بن أبي طالب عليه السلام).

وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:(تختموا بالعقيق فإنه أول حجر شهدت لله بالوحدانية ولي بالنبوءة ولعلي بالوصاية ولولديه بالإمامة ولشيعته بالجنة). وروي بالإسناد الصحيح إلى أنس بن مالك أنه قال: انقض كوكب على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال:(انظروا إلى هذا الكوكب فأيكم وقع في داره فهو الخليفة من بعدي قال: فوجدناه قد انقض في دار علي بن أبي طالب فنزل قول الله تعالى{والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى}(النجم:1،2)).
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:(إنما مثل علي في هذه الأمة كمثل
الوالد)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم:(إنما مثل علي في هذه الأمة كمثل قل هو الله أحد في القرآن)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم:(يدخلون الجنة سبعون ألفاً لا حساب عليهم، ثم التفت إلى علي عليه السلام فقال: هم شيعتك وأنت إمامهم)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم:(لو أن الغياض أقلام والبحر مداد والجن كُتَّاب والإنس حُسَّاب ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام).
ولنقتصر على هذا القدر الذي هو قطرة من مطرة ومجة من لجة مما يدل على أن علياً (عليه السلام) أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنه أولى الخلق بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم{إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}. ولعمري أن الأمر في ذلك واضح كضوء المصباح بل كفلق الصباح ولا يجد المخالف عشر المعشار في (أئمته اللذين) ادعى فضلهم وإمامتهم مما جاء في أمير المؤمنين (عليه السلام) :
ولكن تعامى وتجاهل وضل عن سواء السبيل وأضل
وليس يصح في الأفهام شيء .... إذا احتاج النهار إلى دليل
ولكن الأمر كما قيل: لهوى النفوس سريرة لا تعلم
كم حار فيه عالم ومتكلم

تنبيه:
لا بأس بذكر شبه المخالفين والرد عليها، وحكم من تقدم علياً (عليه السلام) في الإمامة، وحكم من أحربه، وحكم من توقف في إمامته، لأن هذه المسألة مما يحسن فيها التقرير لما فيها من كثرة الشقاق بين الأمة.
فنقول: احتجَّ من قال بأن النص في أبي بكر جلي بأنه صلى الله عليه وآله وسلم نصَّ على إمامته نصاً جلياً.
و الجواب: أن هذا النص إن كان آحادياً لم يصح التعلق به في هذه المسألة لأنها قطعية، وإن كان متوتراً وجب أن يكون معلوماً ظاهراً لكل من يلزمه فرض الإمامة لأن التكليف متى تعلق بشيء وجب أن يكون طريقه معلومة على الحد الذي يتناوله التكليف وإلاّ كان تكليفاً بما لا يُعلم وهو قبيح، ولا شبهة أن فرض الإمامة عام لكل المكلفين.
واحتجّ: من قال بالنص الخفي على إمامة أبي بكر بقوله تعالى{قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون}(الفتح:16).
قالوا: والداعي لهم أبو بكر لأنه أول من دعى إلى القتال بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه دعى إلى قتال أهل الردة، ولا يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الداعي لهم لأنه قد قال تعالى{فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبداً}(التوبة:83).
الجواب: من وجهين:
أحدهما: أنه لا طريق إلى أن المراد بالآية أبو بكر بل المراد بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو دعاؤه إلى قتال هوازن ولكن لم يخرجوا معه، والآية لم تمنع إلاّ من الخروج معه لا من الدعاء ، وقيل: المراد بها علي عليه السلام في دعائه إلى أهل الجمل وصفين والنهروان.

28 / 34
ع
En
A+
A-