المسألة السادسة والعشرون ((في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر))
ووجه إلحاق هذه المسألة ومسائل الإمامة بباب الوعد والوعيد على ما هو اعتماد الشيخ وكثير من المتكلمين أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يستباح معهما القتل وغيره من العقوبات وكذلك الإمامة فإنها تراد لإقامة الحدود ودفع الكفار وأهل المعاصي بالقتل ونحوه من العقوبات، فكان لهما علقة بباب الوعيد لأنه موضوع لاستحقاق أهل الكبائر العقوبة وفعلها بهم، ولأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يدخلان إلاّ فيما يدخله الوعد بالثواب والوعيد بالعقاب، وكذلك الإمامة لا تراد إلاَّ للقيام بما يتوجه على المكلفين من فعل ما وعدوا بالثواب على فعله وتوعدوا بالعقاب على تركه، والمراد بالأمر ما يشمل القول والفعل كالضرب ونحوه، وكذلك النهي والمعروف يشمل الفرض والنفل، والمنكر يشمل القبيح والمكروه كراهة تنزيه.
قالت الزيدية والمعتزلة: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على كل مكلف وجوب كفاية سواء كان ثم إمام أم لا على قدر الطاقة والإمكان والقدرة عليهما بالقول على مراتبه وهو القول اللين أولاَ ثم الخشن ثانياً ثم التهدد والوعيد ثالثاً، ثم بعد القول يجب القتال بالعصى ونحوها أولاً والسيف بعد ذلك جرحاً أولاً وقتلاً ثانياً إن لم ينته إلاَّ به، فعلى هذه المراتب يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا يتجاوز إلى أعلى مع حصول المقصود بالأدنى، قال بعض السادة من أهل العصر فإن كان التفكر في القدر الكافي مخلاً بالمدافعة بحيث يفعل المحظورة في مدة التفكر وجب
دفعه بغير رَوِيَّة ولو بالأضر.
قال إمام زماننا أيده الله وهو قوي لعدم حصول الانزجار لولاه ولا بد من ذكر تفصيل ها هنا.
فنقول: الأمر والنهي إما بالقول أو بالسيف، أما بالقول فإنه يجب على كل مكلف ولا كلام في ذلك لكن إذا كان المأمور به والمنهي عنه من قبيل الاعتقادات وجب على الآمر الناهي أن يبين بطلان المنهي عنه ويحل شبهته ويبين حقيقة المأمور ويظهر دليله، ولا يجوز أن يأمره بالاعتقاد مجرداً إذ الأمر بالتقليد لا يجوز، وأما بالسيف فالمأمور به أو المنهي عنه إما اجتهادي أو قطعي، فالاجتهاديات لا يجوز القتال عليها بالسيف إلاَّ للإمام فقط إذ له أن يلزم الغير اجتهاده وإن اختلف هل له ذلك مطلقاً أو فيما تقوى به شوكته فقط كما هو الأصح، وأما القطعيات فالمعروف: على ضربين عقلي وشرعي، فالعقلي يقاتل عليه بالسيف الإمام وكل أحد كقضاء الدين ورد الوديعية، وأما الشرعي فلا يقاتل عليه بالسيف إلاَّ الإمام فقط، وادعى بعضهم الإجماع على ذلك لكن منه ما يجوز للإمام الإجبار عليه كأخذ الزكاة كرهاً ونحوه ومنه ما ليس له ذلك كالصلاة والصوم لأنها متوقفة على البينة التي لا يصح الإجبار عليها ولا يقوم غيرها مقامها، لكن للإمام حبسه أو قتله بعد استتابته (ويتأنَّى به) ثلاثة أيام فإن تاب وإلاَّ قتله وقتله حدَّاً، وأما المنكر: فإنه يلزم كل مكلف القتال عليه بالسيف وقتل فاعله دونه إن لم ينته، وإنما فرقنا بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أن فاعل المنكر القطعي يمنع منه ولو بالقتل وتارك المعروف لا يجبر على فعله بالقتل من أحاد الناس لأن المنكر إذا قتل من أراد فعله فقد حصل الغرض وهو عدم وقوعه ولا كذلك الواجب.
فإن قيل:من تركه لا يحصل منه الغرض الذي هو وقوع الواجب فافترقا.
قلت: ويخرج من عموم الكتاب الأمر بالمندوب فإنه مندوب والنهي عن المكروه فإنه مندوب أيضاً. نعم وإنما يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الزيدية والمعتزلة إذا تكاملت شروطهما وهي خمسة:
الأول: أن يعلم الآمر الناهي أن الذي يأمر به معروف حسن والذي ينهي عنه منكر قبيح ولا يكفي الظن، فإن أقدم على الأمر والنهي من غير علم كان إقدامه منكراً فإن عرف جنسه والتبس عليه أفرضٌ هو أم نَفْل أو عرف كراهته والتلبس كراهة تنزية أم كراهة حضر حسن منه الأمر والنهي بالقول فقط من غير تهدد ونحوه، ويعني بكونه منكراً أو معروفاً أنه كذلك عند المأمور والمنهي وإن كان مذهب الآمر والناهي بخلافه، فإذا رأينا رجلاً يشرب المثلث لم يجب نهيه بل لم يحسن لجواز أن يكون حنفيَّاً، فإن علمنا أنه ليس حنفيَّاً وجب الإنكار عليه وسواء كان المنكِر حنفيَّاً أو غيره.
الثاني: أن يعلم أو يظن أن لأمره ونهيه تأثير وإن لم يعلم ذلك ولا يظنه فلا وجوب قطعاً، قيل لكنه يحسن لأنه دعى إلى الخير، وقيل لا يحسن لأنه عبث، وفي الأساس: يشترط ظن التأثير حيث كان المأمور والمنهي عارفين بأن المأمور به معروف والمنهي عنه منكر وإلاّ وجب التعريف وإن لم يظن التأثير لأن إبلاغ الشرائع واجب إجماعاً والأصل في ذلك قوله تعالى{إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى…الآية}(البقرة:159) ونحوها، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(من كتم علماً مما ينتفع به الناس ألجمه الله بلجام من نار).
قال إمام زماننا أيده الله : ويجب أيضاً أمر العارف بالمعروف ونهي العارف عن المنكر وإن لم يحصل الظن بالتأثير لقوله تعالى{وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً، قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون}(الأعراف:164) والمعذرة لا تكون عما لا يجب، قال عليه السلام: وإنما يجب ذلك ريثما يتحول المتمكن من الهجرة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(لا يحل لعين ترى الله يعصى فتطرف حتى تغيرِّ أو تنتقل).
الثالث: أن لا يعلم الآمر الناهي ولا يظن أن أمره ونهيه يؤديان إلى منكر آخر وهو مثل المنكر الأول أو أعظم، وسواء علم أو ظن أنهما يؤديان إلى ذلك أم لا بل بقي شاكاً، فإذا علم أنهما يؤديان إلى ذلك أو ظنه لم يحسن أمره ولا نهيه. وفي الأساس: وحصول القدرة على التأثير مع ظن الانتقال إلى منكر غيره لا يرخص في الترك لأن هذا منكر معلوم وذلك مجوز مظنون أو مع حصول الظن بوقوع شيء من ذلك مع عدم ظن التأثير لا يجوزان لأنهما حينئذ كالإغراء، ومع ظن التأثير لا يجبان وفي حسنهما تردد.
الرابع: أن لا يعلم ولا يظن أن أمره ونهيه يؤديان إلى مضرة في نفسه من قتل أو حبس طويل أو ذهاب عضو من أعضائه أو ماله المجحف فإن علم ذلك أو ظنه سقط الوجوب قطعاً، وأما الحبس فمنهم من قال يسقط أيضاً لأنه إلقاء بالنفس إلى التهلكة وقد نهى الله عن ذلك، ومنهم من قال يحسن صبراً في الله تعالى كما صبر كثير من الصالحين لله تعالى فإنهم كانوا ينشرون بالمناشير ويقرضون بالمقاريض ونحو ذلك وهم صُبُرٌ وكان ذلك كثيراً في صالحي الأمم الماضية كسحرة فرعون لعنه الله تعالى وغيرهم، وكان في بدء الإسلام وقد مدحهم الله تعالى على ذلك وهذا هو مذهب السيد المؤيد بالله وغيره، ومنهم من فصَّل (قال وإن) كان هذا الذي يجري عليه ذلك يقتدى به ويكون سبباً لتحريك قلوب المسلمين على الصبر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسن كفعل الحسين بن علي وزيد بن علي عليهم السلام ونحوهما، وإن كان لا يقتدى به ولا يكون أسوة لم يحسن وهذا التفصيل قول الجماهير من العلماء من الزيدية والمعتزلة وغيرهم ويقرب أن خوفهم من الضرب والجرح يكون حكمه حكم الخوف على النفس أو على عضو، والذين قالوا بعدم حسن ذلك حملوا فعل الحسين بن علي وزيد بن علي عليهم السلام على أحد وجهين، إما أنهم لم يعلموا ولا غلب في ظنونهم تلفاً، أو يقال أن الحسين بن علي وزيد بن علي عليهم السلام قتلا جهاداً والجهاد مخالف حكمه حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وجوه:
أحدها: أن الجهاد واجب وإن خشي المجاهد على نفسه التلف بخلاف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومنها: أن الجهاد يجوز فيه ترك الكافر على ما هو عليه من المعصية@ ويسلِّم الجزية أو نحوها بخلاف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه لا يجوز تقرير صاحبه عليه بحال بمال ولا بغير مال.
ومنها: أن النهي عن المنكر تقتل فيه المرأة والصبي بخلاف الجهاد فأما إن خشي أخذ شيء من المال، فمن المتكلمين من قال يجب الأمر والنهي كما يجب على المجاهد الجهاد وإن خشي قتل دابته وعلى المتوضي شراء الماء بما أمكن من المال إذا وجده، قيل وذلك رأي المنصور بالله وبه قال الفقيه حميد، ومنهم من قال لا تجب وهو ظاهر الخلاصة وقول كثير من المتكلمين، وأما السَّب وخوفه فإن كان لا يضع منزلة المسبوب لم يسقط الوجوب وإن وضع من منزلته فيقرب أن الحكم فيه كالحكم فيمن خشي على عضو من أعضاءه، وفي الأساس: وتجويز ما يقع على الآمر والناهي بسببهما من نحو قتل وتشريد وانتهاب مال غير مرخص في الترك وفاقاً بين كثير من العلماء لقوله تعالى{وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(اجعل مالك وعرضك دون دينك… الخبر) أو كما قال وكالجهاد.
قلت: وما ذهب إليه في الأساس هو مذهب المؤيد بالله ومن معه.
الخامس: أن يعلم أو يظن أنه إن لم يأمر بالمعروف ضاع وإن لم ينه عن المنكر وقع كمن شاهد غيره لم يصل الفريضة من أول الوقت إلى أن بقي ما يسع الفريضة فقط فإنه يتضيق عليه الأمر لئلا يضيع المعروف ولا يتضيق في غير ذلك، وكذا من شاهد آلات المنكر حاضرة وغلب على ظنه أنه لم ينه وقع المنكر فإنه يتضيق عليه النهي، فأما بعد ضياع المعروف وبعد الفراغ من المنكر فإنه لا يجب الأمر والنهي لعدم الفائدة اللهم إلا أن يكون ذلك على جهة التذكير والوعظ فيكون المقصود بذلك ألا يقع أمثاله في المستقبل فيكون ذلك حسناً وإن لم يكن واجباً، وقد علم أن من هذه الشروط ما هو مشروط في الوجوب والحسن ومنها ما هو مشروط في الوجوب فقط، ومنها ما يقوم الظن فيه مقام العلم ومنها ما ليس كذلك. نعم (وأما ما) ذكرناه من القول بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند تكامل شروطهما هو مذهب الزيدية والمعتزلة قاله بعض أصحابنا، وحكي عن الحشوية: أنه لا يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلقاً، والذي ذكره الدواري: أن أهل القبلة قاطبة مجمعون على وجوبهما، وإنما الخلاف في مسألة وهي هل من شرطه الإمام أم لا، فالذي عليه الأكثر أنه لا يشترط الإمام بل يجبان من دونه، وقالت الإمامية: لابد فيه من الإمام، ثم اختلفوا، فمنهم من قال: لا تجب قولاً ولا فعلاً إلا بالإمام، والذي عليه أكثرهم أنه لابد من الإمام في الفعل أما القول فالإمام غير شرط فيه.
والدليل على ذلك المذهب الصحيح من جهة العقل مختلف فيه، فذهب أبو علي إلى أنه: يجب ذلك عقلاً سواء لحق أحدنا ضرر أم لا، إذ لو جوزنا عقلاً ظهور المنكرات وانتشارها من غير نكير لجرى ذلك مجرى الإباحة والرضى بها وهو قبيح عقلاً، وذهب أبو هاشم إلى أنه: لا يجب عقلاً إلاّ في موضع واحد وهو حيث يلحق الواحد منا ضرر بذلك المنكر كأن يُرى يتيماً يُضرب أو ضعيفاً يُظلم فيلحق الرائي الغم والمضض بذلك فيجب عليه إزالة ذلك المنكر دفعاً للضرر عن نفسه، وهذا القول هو الذي رجحه المهدي عليه السلام قال: لأنه لو وجب عقلاً لم يكن وجوبه إلاّ لوجه كما هو حكم الواجبات العقلية، ولا وجه لوجوبه من جهة العقل إلاّ كونه أمراً بمعروف أو نهياً عن منكر إذ لا وجه يصلح للعلة غير ذلك، ولو كان وجوبه علينا وألجأنا للمأمورين المنهيين لهذه العلة لأطرد في حق الباري تعالى وكان يلجي المكلفين إلى فعل المعروف وترك المنكر لأن ما وجب وقوعه على وجه اطرد شاهداً وغائباً، واتفق العلماء الذين قالوا بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أن السمع دليل على ذلك وهو قوله تعالى{وليكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}(آل عمران:104) فهذا أمر عام لكل مكلف وكل وقت والأمر يقتضي الوجوب لقوله تعالى{فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}(النور:63) إلاَّ أنه فرض كفاية على الكافة لأنه أمر لطائفة غير معينة، وهذه الآية لا تدل على وجوب القتال فلابد من أن تنظم إليها الآية الأخرى وهي قوله تعالى{وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}(الحجرات:09) فهذه الآية
دلت على عموم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول ثم بالسيف وهو المراد بالمقاتلة، ومما يدل على وجوبهما من السنة قوله صلى الله عليه وآله وسلم:(لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم سلطاناً جائراً لا يرحم صغيركم ولا يوقر كبيركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم).
قال في الخلاصة: ومما يدل على وجوبهما قوله صلى الله عليه وآله وسلم:(وأمروا بالمعروف تخصبوا وانهوا عن المنكر تنصروا). قال الدواري: قوله صلى الله عليه وآله وسلم:وأمروا بالمعروف تخصبوا لا دلالة فيه على الوجوب لأن طلب النفع لا يجب فكذلك ما يؤدي إليه، وقوله: وانهوا عن المنكر تنصروا يدل على الوجوب لأن الانتصار إما جهاداً وإما دفع ضرر وكله واجب وما أدى إليه فهو واجب. ومما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم:(والذي نفسي بيده ليخرجن أقوام من أمتي من قبورهم على صورة القردة والخنازير بما داهنوا أهل المعاصي وكفوا عن نهيهم وهم يستطيعون) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(ما من رجل بين ظهراني قوم يعمل بين ظهرانيهم المعاصي ولا يأخذون على يده إلاَّ أوشك أن يعمهم الله منه بعقاب) وروي عن موسى عليه السلام أنه سأل الله تعالى عن أحب خلقه إليه قال: أسرعهم إلى رضائي كسرعة النسر إلى وكره والذي يغضب عند محارمي كغضب النمر لنفسه فإنه متى غضب لنفسه لم يبالي بالناس قلوا أم كثروا. وقال صلى الله عليه وآله وسلم:(التارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير مؤمن بي ولا بالقرآن) وقال صلى الله عليه وآله وسلم:(لا يحل لعين ترى الله يُعصى فتطرف حتى تغير أو تنتقل) والمراد بالانتقال هو الهجرة، وقالت المعتزلة: هو من ذلك المكان إلى مكان لا يرى فيه، وقولهم باطل لأن المراد بالتحريم لأجل العلم مع القرب بحيث يمكن أن يرى المعصية وإلاَّ لقال حتى تغير أو تغمض.
فثبت بذلك الدليل القطعي أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على كل مكلف كفاية وبطل ما قاله المخالف.
المسألة السابعة والعشرون ((في إمامة علي عليه الصلاة والسلام))
وينبغي ذكر مقدمة قبل ذلك تشتمل على ماهية الإمامة ودليلها وما يتعلق بذلك.
فنقول: الإمامة في أصل اللغة الاقتداء والإمام هو المقتدى به قال الله تعالى{واجعلنا للمتقين إماماً}(الفرقان:74) وقال تعالى{يوم ندعوا كل أناس بإمامهم}(الإسراء:71) وحقيقتها في الاصطلاح: رئاسة عامة لشخص من الأشخاص في أمور الدين والدنيا المتعلقة بالسياسة على حد لا يكون فوق يده يد، فقولنا رئاسة عامة لنحترز بذلك عن الرئاسة الخاصة كرئاسة الرجل على أهل بيته ورئاسة الولاة والقضاة ونحوهم، وقولنا لشخص واحد من الأشخاص احتراز من النبوءة فإنه يصح ثبوتها في وقت واحد لأكثر من شخص واحد بخلاف الإمامة فإنها لا تثبت في وقت واحد لأكثر من شخص واحد عند بعض أهل المذهب وهو مذهب المعتزلة والأشعرية والخوارج خلافاً للكرامية وبعض الزيدية منهم الناصر عليه السلام وهو أحد قولي المؤيد بالله ورجحه الإمام يحي وهو مذهب الجاحظ وعبّاد من المعتزلة كما كان الهادي والناصر عليهما السلام في وقت واحد وكان الناصر يقول من كان في ناحيتنا أجاب دعوتنا ومن كان في ناحية الهادي أجاب دعوته، وكثير من أهل البيت يقول لم تثبت إمامة الناصر إلاَّ بعد موت الهادي عليه السلام.