قالوا: قد جاء في القرآن عمومات في الوعد عامة للمؤمن والفاسق كقوله تعالى{يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً}(الزمر:53) وقال تعالى{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء}(النساء:48) إلى غير ذلك من الآيات وعلى الجملة فالقرآن مملوء وإجماع المسلمين منعقد على وصف الله بأنه غافر وغفور وغفار وكثير المغفرة وواسع الرحمة وأرحم الرحَمَة وأرحم الراحمين وأكرم الأكرمين وكثير العفو والإحسان وعظيم التجاوز والامتنان ونحو ذلك من الأوصاف المشعرة بالعفو وعدم المؤاخذة، فإما أن يكون ذلك مع وجود التوبة من العبد أو تكفير ثوابه لعقابه أو يكون مع عدمهما، والأول باطل إذ المسقط لعقاب المعصية حينئذ هو التوبة والثواب وليس لله حينئذ تفضل عندكم بعد المؤاخذة إذ قبول التوبة ثابت قطعاً والمؤاخذة بعدها قبيح منه فكيف يتمدح به ويصف نفسه بغاية الكرم ونهاية الجود وأي سعة في (رحمته ومغفرته) إذا كان يفعل بالعبد كل ما يستحقه قطعاً ولا يعفو عن وزن حبة خردل إلاّ إذا سقطت بنفسها بتوبة أو تكفير ثواب، وحينئذ قد سقط حقه منها تعالى فتركه للعقاب عليها لا يكون عفواً ولا مسامحة فتعين الثاني وهو أن يكون ذلك مع عدم سقوط العقاب بتوبة أو ثواب وهو الذي نقوله ونذهب إليه ويجب حينئذ حمل آيات الوعيد التي ذكرتم على آيات الوعد.
الجواب: والله الموفق أنا قد بينا بما مهدنا من المقدمات الأربع أن عموم الوعيد أدلة قطعية ظاهرة الدلالة، وعمومات الوعد مجملة غير مبينة ، ألا ترى إلى قوله تعالى{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء}(النساء:48) فإنها مجملة من جهة الغفران والمغفور له معاً وكذلك سائرها عند التأمل، وإذا ثبت ذلك وجب الاعتماد على آيات الوعيد إذ لا يترك القطعي بما ليس بقطعي، وأيضاً فإن في عمومات الوعيد ما لم يمكن تأويله ولا إخراجه عن ظاهره بوجه من الوجوه، وقوله تعالى{ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به}(النساء:123) نزلت الآية خطاباً للمسلمين قيل سبب نزولها أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا، فقال أهل الكتاب: نبيئنا قبل نبيئكم وكتابنا قبل كتابكم. وقال المسلمون: نحن أولى منكم نبيئنا خاتم النبيئين وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبل ويشهد عليها فنزلت الآية، قال الحسن البصري ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، إن قوماً ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم وقالوا: نحسن الظن بالله وكذبوا لو أحسنوا الظن بالله لأحسنوا العمل.
قال الإمام المهدي عليه السلام: لولا هذه الآية لكان الحق ما ذهب إليه أبو حنيفة من القول بالوقف لتعارض عمومات الوعد والوعيد وعدم علمنا بالمخصص منهما للآخر وهذا بناء من المهدي عليه السلام على أن الترجيح إنما يفيد الظن أو لأن العام دلالته ظنية كما هو قول الأكثر في أصول الفقه، فعدل إلى الاحتجاج بالآية هذه لأن دلالتها على نفي الإرجاء قطعية فإن العام إنما يكون ظني الدلالة عند بعضهم فيما عدا سببه، فأما في سببه فهو قطعي فيه اتفاقاً، وأما قول المخالفين إن المغفرة لا تكون مع التوبة والتكفير فقول باطل، لأن حقيقة المغفرة هي أن لا تعجل للعبد ما يستحقه من العقاب فإنه تعالى قد قابل أنواع الكفور والعصيان بسبوغ النعم والإحسان ولاشك أن ذلك أعظم الحلم وأوسع الغفران وقد سمى الله تأخير العقاب عفواً كما في قصة اليهود{ثم عفونا عنكم من بعد ذلك} {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}(الشورى:30). وأيضاً فإنا نقول أراد بذلك المغفرة مع التوبة، وقولكم لا يسمى حينئذ غفراناً.
قلنا: قد سماه الله غفراناً فإن كتاب الله مملوء بالمغفرة مع التوبة فكيف لا يسمونه غفراناً قال الله تعالى{وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى}(طه:82) وقال تعالى{يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً واستغفروا ربكم إنه كان غفاراً ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم}إلى قوله{جزاءهم مغفرة من ربهم إلاَّ الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفوراً} إلى غير ذلك مما يكثر تعداده. ثم نقول: قد وردت المغفرة في هذه الآيات ونحوها مقيدة بالتوبة ولابد من الاتفاق على ذلك ووردت فيما احتججتم به مطلقة غير مقيدة بها ومن الأصول المقررة حمل المطلق على المقيد (ولا سيما) مع كثرة المقيد وقلة المطلق كما في مسألتنا وبذلك بطل ما تمسكوا به وتم ما أردنا والحمد لله رب العالمين. فثبت بذلك الذي ذكرنا خلود كل فاسق وفاجر في النار وبطل ما قاله المخالفون.
المسألة الرابعة والعشرون ((في المنزلة بين المنزلتين))
وتسمى أيضاً مسألة الأسماء والأحكام، وحقيقة المنزلة بين المنزلتين لغة: كون الشيء بين شيئين ينحدر إلى كل واحد منهما بشبه، واصطلاحا: كون صاحب الكبيرة ممن ليس بكافر له (أسماء وأحكام) بين أحكام المؤمن والكافر وأسمائهما، والمراد بالمنزلة بين المنزلتين هو الفاسق وفسقه بسبب عصيانه بما هو كبير غير مخرج من الملة لا إن أتى صغيراً فمؤمن أو كبيراً مخرجاً من الملة فكافر وحينئذ يتوجه الكلام إلى قسمة المعاصي إلى كبائر وصغائر.
فنقول: قد نطق القرآن بذلك قال الله تعالى{لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها}(الكهف:49) وقال تعالى{وكل صغير وكبير مستطر}(القمر:53) وقال {كبائر الإثم والفواحش إلاَّ اللمم} وما ارتكبه الأنبياء عليهم السلام فنقطع بصغره لوقوعه منهم على جهة التأويل وهو إما لتفريطهم في التحرز لظنهم أنهم لا يقعون فيها، ومن ذلك خطيئة آدم عليه السلام أو لظنهم أنها غير معصية، ومن ذلك خطيئة يونس وداود عليهما السلام ولا يجوز منهم ذلك فيما يتعلق بالأداء البتة كالكذب والكتمان، إذ لو جوزنا ذلك في حقهم لم نأمن أن يكون بعض ما جاؤا به ليس عن الله أو أنهم كتموا شيئاً أمرهم الله بتبليغه إلينا وذلك خلاف الحكمة وقدح في الحكيم حيث أظهر المعجز على من ذاك حاله ولا يجوز وقوع المعصية منهم عمداً عند الهادي والناصر وبعض البغداذية خلافاً للمهدي والبصرية.
قلنا: إن تعمدوها لأجل تعريفهم أنها صغائر فذلك إغراء وهو لا يجوز على الله تعالى، وإن تعمدوها جرأة على الله من غير مبالاة بصغرها وكبرها وحاشاهم، ثم بينت من بعد فذلك مؤدٍ إلى التنفير من قبول ما أتوا به وذلك باطل، وقد قال تعالى{فنسي ولم نجد له عزماً} وقال{فظن أن لن نقدر عليه}أي لن نضيق عليه أي لانؤاخذه، وأما غير الأنبياء من المكلفين فنقطع بأن ما وقع منهم على جهة العمد فهو كبير وما وقع منهم خطأً أو نسياناً أو بإكراه فهو صغير، فالصغير متعين فيما ذكر هذا هو مذهب الناصرية وظاهر كلام الهادي عليه السلام وصريح قول المرتضى وقول القاسم بن علي العياني عليهم السلام وبعض البغداذية، وقال بعض الزيدية وبعض البغداذية والطوسي بل بعض العمد ليس بكبيرة. وحجتنا قوله تعالى{ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً} ولم بفصل ، وقوله تعالى{ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين} ولم يفصل ولم يغفر سبحانه سيئة من غير توبة إلاَّ الخطأ والنسيان والمضطر إليه لقوله تعالى{وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به}(الأحزاب:05) وقوله تعالى معلماً لعباده ومرشداً{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}(البقرة:286) واستثنى تعالى المضطر إليه، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم(رفع عن أمتي الخطأ والنسيان…الخبر) فعلمنا بذلك أن الكبائر ما وقع عمداً من غير اضطرار.
وقالت البصرية: بل الكبيرة ما وجب فيها حداً ونص على كبره وغير ذلك محتمل وورود الوعيد لا يدل على الكبر عندهم لدخول الصغير في عموم قوله تعالى{ومن يعص الله ورسوله…الآية}(النساء:14) وخالفهم أبو القاسم وقال: إن الوعيد لا يشمل الصغيرة. قال المهدي عليه السلام: مبيناً لكلام البصرية تعيين الكبيرة بأن يصفها الله تعالى بالفحش نحو قوله تعالى في الزنا{إنه كان فاحشة…الآية}(النساء:22) أو العظم نحو قوله تعالى في القذف{وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم}(النور:15) أو الكبر نحو قوله تعالى في قتل الأولاد{إنه كان خطأً كبيرا}(الإسراء:31) أو الإحباط كما استدللنا على كبر الشرك لو وقع من الأنبياء (عليهم السلام) لقوله تعالى{لئن أشركت ليحبطن عملك}(الزمر:65) أو نحو ذلك كوصف صاحب الذنب بأن عليه غضب الله أو لعنته بالنص الصريح نحو قوله تعالى في الفرار من الزحف{ومن يولهم يومئذ دبره} إلى قوله{فقد باء بغضب من الله}(الأنفال:16) ونحوه قوله تعالى في قاتل المؤمن{وغضب الله عليه ولعنه…الآية}(النساء:93)، وكذلك كل من أمر الله بإقامة الحد عليه كالسرقة وقطع الطريق وشرب الخمر ونحو ذلك. وقد اختلف الناس في كمية ما يتعين من الكبائر، فروي عن عبد الله بن عمر أنها تسع الشرك بالله وقتل النفس بغير حق وقذف المحصنة والزنا والفرار من الزحف والسحر وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين المسلمين والإلحاد في الحرم، وزاد أبو هريرة أكل الربا، وزاد علي عليه السلام السرقة وشرب الخمر، وزاد الجمهور الخروج على الإمام وبعضهم البغي على المحق مطلقاً، وزاد بعضهم النميمة لقوله تعالى{إن جاءكم فاسق بنبأ…الآية}(الحجرات:06) وغير ذلك من الاختلافات، وإذا علم ذلك فاعلم: أن أصحاب الكبائر
من هذه الأمة كشارب الخمر والزنا ومن جرى مجراهما يسمون فساقاً وفجاراً إجماعاً، والفسق في اللغة الخروج على جهة الإضرار، ومنه قيل لِلْفَارَة فويسقه لخروجها من جحرها لطلب المضرة، وفي الاصطلاح عبارة عن معاصي مخصوصة مستحق لأجلها أحكام مخصوصة وعقاب عظيم دون العقاب الأعظم، وحقيقة الفاسق من استحق عقاباً عظيماً دون العقاب الأعظم مع أحكام دنيوية مخصوصة، ولا يسمون مؤمنين عندنا خلافاً للمرجئة بناءً منهم على أن الإيمان هو المعرفة والإقرار أو أحدهما والأعمال خارجة عنه فالفاسق مؤمن بإيمانه فاسق بفسقه، ولا يسمون منافقين خلافاً للحسن البصري وفي ذلك وقعت المناظرة بينه وبين واصل بن عطاء واحتج الحسن بوجهين: أحدهما: أن الفاسق لو كان يقطع بصدق الوعد والوعيد والجنة والنار لما ارتكب الكبيرة الموجبة المهلكة والموقعة في العذاب الدائم. وثانيهما: قوله تعالى{إن المنافقين هم الفاسقون}(التوبة:67). ولا يسمون كفاراً خلافاً للخوارج فإنهم يقولون إنه فاسق كافر ثم افترقوا، فمنهم من قال هو كافر لفظاً دون الحكم فلا يكون حكمه حكم الكافر، ومنهم من قال أصحاب الكبائر كفار لفظاً ومعنى ويجرون على من هذا حاله أحكام الكفر التي نذكرها بعد، ثم اختلف هذا الفريق فبعضهم وهم الأباضية جوزوا أن يقال فيه إنه مشرك والذي عليه أكثرهم المنع، واشتهر للناصر عليه السلام القول بأنه يسمى كافر نعمة، قال لأن فعل الطاعات واجتناب المعاصي كالشكر على نعم الباري تعالى، فإذا ارتكب العبد شيئاً من هذه المعاصي كان كمن لم يشكر نعمة الله ، وحكى في الأساس مثل هذا عن ابن عباس والصادق والقاسم والهادي وأحمد بن سليمان عليهم السلام قال فيه وروى أنه إجماع قدماء العترة والشيعة.
قلت: وهو الحق لما قدمنا من الدليل على أن الطاعات شكر، والدليل على أن الفاسق لا يسمى كافراً كما زعمت الخوارج أن الكافر له أحكام مخصوصة وأسماء معلومة لا تجوز على الفاسق، أما أحكامه فنحو حرمة المناكحة والموارثة والدفن في مقابر المسلمين. أجمعت الصحابة على أنه لا يثبت في حق الفاسق شيء من هذه الأحكام ولهذا فإنهم كانوا يقيمون الحدود على الجناة ولا يفرقون بينهم وبين أزواجهم فلو كان الجناة يسمون كفاراً لحرمت المناكحة بينهم إذ لا مناكحة بين أهل ملتين.
ويدل على ذلك أن الله شرع اللعان بين الزوجين متى قذف الزوج زوجته ورماها بالزنا فإنهما يترافعان إلى الحاكم فإذا أصرا على ذلك حلّفهما ثم يفرق بينهما بعد ذلك، فلو كان الفسق كفراً كما تقوله الخوارج لحصلت البينونة بينهما بنفس المعصية ولم يحتج إلى تفريق الحاكم لأن أحدهما يكون فاسقاً لا محالة لأن الزوج إن كان صادقاً كانت الزوجة فاسقة لأجل الزنا وإن كان كاذباً كان فاسقاً لأجل القذف الذي نص الله على أنه فسق بقوله تعالى{أولئك هم الفاسقون}(النور:04) إذ لا ملاعنة مع بطلان الزوجية كما لا ملاعنة بين الأجنبيين، فلما علمنا صحة الملاعنة بينهما دل ذلك على أن الفسق ليس بكفر. وأما الأسماء فيقال كافر وملحد لأنه جاحد لله تعالى ولرسوله ولجنته وناره ولاشك أن الفاسق لا يفعل شيئاً من ذلك. وقد بطل بما قررنا ما تقوله الخوارج، وقوله (كافر وملحد) ما كان ينبغي لأن إطلاق الكافر على الفاسق هو عين محل النزاع، وأما ملحد فهو اسم لكافر مخصوص وهو الجاحد للصانع فعدم إطلاقه على الفاسق كعدم إطلاقه على من كفر بغير ذلك فافهم.
تنبيه:
الكفر في أصل اللغة التغطية ومنه سمي الليل كافراً لتغطية ما أبانه نور النهار، ومنه سمي الزرَّاع كافراً لتغطيته البذر بالتراب، ومنه سمي المستلئم كافراً لتغطيه بلامة حربه، وفي عرفها الإخلال بالشكر قال الشاعر:-
نبئت عمراً غير شاكر نعمتي والكفر مخبثة لنفس المنعم
وفي الاصطلاح مستعمل في معاصي مخصوصة يستحق عليها العقاب الأعظم مع أحكام دنيوية مخصوصة تتبع ذلك العقاب، وحقيقة الكافر المستحق للعقاب الأعظم مع أحكام دنيوية مخصوصة ومقتضى كلام الأساس أنه المرتكب لمعصية مخرجة له من ملَّة الإسلام.
وأما الدليل على أن الفاسق لا يسمَّى منافقاً كما يزعمه الحسن البصري. فلأن المنافق بإجماع الصحابة من أبطن الكفر وأظهر الإسلام ومعلوم أن الفاسق لا يكون كذلك فكيف يكون منافقاً، وأيضاً المنافق يقدم على المعصية وهو مستحل لها غير خائف عقاباً من أجلها ولا تبعة بسببها، والفاسق ليس كذلك إذ الفاسق يفسق خائفاً من عقاب تلك الكبيرة التي أقدم عليها وإنما يسوف التوبة أو يرجي المغفرة وليس منافقاً قطعاً وبهذا عرف الجواب عمَّا تمسك به أوّلاً، وأمّا ما تمسك به ثانياً.
فجوابه: أن الذي في الآية أن المنافق فاسق ونحن كذلك نقول فمن أين لك أن الفاسق
منافق وهو محل النزاع.
تنبيه:
النفاق في أصل اللغة إظهار خلاف ما أُبطن، والمنافق من أظهر خلاف ما أبطن، وهو مأخوذ من النافقاء وهو حجر اليربوع لأنه يتخذ في بيته بابين أو أبواباً ويظهر منها واحداً ويكتم الآخر فإذ مُنع من الباب الذي أظهره لخروجه خرج من الباب المكتوم أو من أحد الأبواب الأُخر.