وقلنا: أو في سبب ذلك كعلم المُتَنَبِّه بالله فلا مشقة عليه فيه وإنما المشقة في سببه وهو النظر.
وقلنا: أو ما يتصل بذلك نحو حراسة الفعل من الرياء والسمعة وغير ذلك من المحبطات وإن كان الفعل لا مشقة فيه كتلاوة القرآن بالصوت الحسن وبعض العبادات لمن اعتادها ووفق لها، وإنما المشقة في المحافظة على صيانته من الرياء والعجب. وقد احترزنا عن الباري بقولنا أُعلم، وبقولنا مع مشقة لأنه سبحانه لا يُعلَّم ولا تلحقه مشقة، وقولنا ما لم يكن ملجأ احترازاً من المحتضر وأهل الآخرة فإنهم عالمون بالواجبات والمقبحات وليسوا بمكلفين لما هم فيه من الإلجاء وزيادة هذا القيد مبني على القول بأن الإلجاء بجامع الوجوب، وعلى القول بأنه لا يجامعه لا لحاجة إليه.
قال الدواري: الأولى أن يحذف من الحد ما الأولى فعله وتركه لأنه لا يكلف بهما إلا على جهة التبع للواجب والقبيح، ففي الواجب والقبيح غنية عن ذكرهما.
نعم وما يلزم المكلف على ضربين عقلي وشرعي :
أما العقلي: فهو ما عرف من جهة العقل، أما وجوبه كمعرفة الله تعالى وقضاء الدَّين ورد الوديعة وشكر المنعم وما أشبه ذلك، وأما قبحه كالجهل بالله تعالى والظلم والكذب والعبث وترك رد الوديعة وما أشبه ذلك.
وأما الشرعي: فهو ما عرف من جهة الشرع، أما وجوبه كالصلاة والزكاة والصوم والحج وما أشبه ذلك، وأما قبحه كالزنا والسرقة وشرب الخمر وترك الصلاة والزكاة والحج والصوم ويعتبر في التكليف العقلي كمال العقل فقط .

[ العقل ]
واختلفوا في العقل ما هو؟ وأين هو؟ أما حقيقته فهو عند أئمتنا عليهم السلام والمعتزلة : عرض .وذهبت المطرفيَّة : إلى أنه القلب لقوله تعالى{لمن كان له قلب}(ق:37) أي عقل .
وذهب بعض الفلاسفة : إلى أنه جوهر بسيط ويعنون بالبسيط غير المتحيز، وقال بعضهم:جوهر لطيف، ومنهم من قال : إنه قوة للنفس لأجلها يتمكن من تحصيل العلوم عن النظر وهذا يُحكى عن الغزالي وغيره.
وقال بعض الطبائعية: بل طبيعة مخصوصة.
والحجة لنا: على أنه عرض أنه يزول عند النوم ونحوه ويعود عند خلافه، فلو كان القلب كما زعمت المطرفيَّة أو جوهر على ما زعمت الفلاسفة لم يزل، وأما القوة والطبيعة فإن كان المراد بهما العرض الذي ذكرنا فقول حق (لا خلاف) وإلاَّ كان قولاً لا يعقل وهو باطل ، واحتجاج المطرفية بالآية باطل لأن (المراد به قلب) يعقل به دليله الآية الأخرى وهي قوله تعالى{لهم قلوب لا يعقلون بها}(الأعراف:179). ونظيره ما يقال هذا الأمر واضح لمن له عين وأذن وتارة يزاد يبصر بها أو يسمع بها فبطل ما قالوا .
وأما محله : فمذهب أئمتنا عليهم السلام والمعتزلة أن محله القلب لقوله تعالى { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها } (الحج:46) ، ودلالتها على المطلوب ظاهرة لأنه كما يحكم في قول القائل له عين يبصر بها. إن البصر معنى محله العين كذلك يحكم بأن معنى قوله{يعقلون بها} أن العقل معنىً محله القلب هذا لاشك فيه ولا مرية ولا دليل على ما ذكرناه سوى السمع وقد صح الاستدلال به كما يأتي إنشاء الله تعالى .

وقالت الفلاسفة : محله الدماغ ودليلهم ما يعلم من كي دماغ متغير العقل وصلاحه به وذلك يدل دلالة ظاهرة على كونه فيه ولا حجة لهم في هذا إلاَّ ما نقول له مادة من الدماغ ككي باطن العقب لبعض أوجاع البطن، وكالمجبوب فإنها لا تنبت لحيته والفساد وقع بالجَب وموضع نبات الشعر سالم، لكن هناك مواد من ناحية الموضع الذي جُب فلما انقطعت تلك المواد لم تنبت الشعر، فالشعر دليل على الذكر ولا بعدم الشعر مع وجود الذكر إلاَّ في النادر من الناس ويقال له الكوسج الذي ذمه أمير المؤمنين عليه السلام في قوله: لا يوجد في أربعين كوسجاً رجل خير.
ثم اعلم إن الذين قالوا : بأن العقل عرض محله القلب كما هو المختار. اختلفوا في تعيينه فقال جمهور أئمتنا : إنه معنىً غير العلوم العشرة الضرورية إذ هو مدرك وهي إدراك فهو في منزلة المعنى الموجود في الحدق وهي بمنزلة المشاهدة، وقال المهدي عليه السلام والمعتزلة : بل هو مجموع العلوم العشرة الضرورية وقد جمعها الإمام المهدي عليه السلام في قوله:-
فعلم بحال النفس ثم بديهة كذا خِبْرة ثم المشاهد رابع
ودائرة والقصد بعد تواترٍ جلي أمور والتعلق تاسع
وعاشرها تمييز حسن وضده فتلك علوم العقل مهما تراجع
بيانها : أما العلم بحال النفس فالمراد : علمه بكونه مريداً وكارهاً ومشتهياً ونافراً وغير ذلك.
ومعنى البديهة نحو : ما يعلم من أن العشرة أكثر من الخمسة.
والخبرة تعني : ما كان يستند إلى الخبرة والتجربة نحو كون الحجر تكسر الزجاجة والنار تحرق القطن.
والمشاهدة تعني : علم ما نشاهده وذلك واضح.

والدائرة يعني : بها علمه بالقسمة الدائرة بين النفي والإثبات نحو زيد لا يخلو إما أن يكون في الدار أولا ونحو الشيء لا يخلو من كونه موجوداً أو معدوماً فيعلم أنه لا يصح اجتماع الأمرين ولا يخلو من أحدهما.
والقصد المراد به : علمه بمقاصد المخاطبين الجليَّة نحو أن يقول الغير أرأيت زيداً؟ فإنك تعلم مقصده الذي هو الاستفهام عن رؤية زيد.
وقوله بعد تواتر المراد به : العلم بمخبر الأخبار المتواترة كتواتر الأخبار بمكة فإنه يعلمها من لم يشاهدها لتواتر الأخبار خلافاً لأبي هاشم فإنه لم يعد ذلك من علوم العقل.
وقوله جلي أمور المراد به : العلم بالأمور الجلية قريبة العهد كالزلازل الظاهرة وموت سلطان البلد وإطباق الغيم ونحو ذلك.
وقوله التعلق تاسع المراد به : العلم بإسناد الفعل إلى فاعله كإسناد البناء إلى بانيه والكتابة إلى كاتبها.
وقوله وعاشرها تمييز حسن وضده المراد به : العلم بحسن الحسن وقبح القبيح نحو علم الواحد منا بحسن رد الوديعة ووجوب قضاء الدَّين وغير ذلك وعلمه بقبح الظلم والكذب ونحو ذلك.

فهذه العلوم العشرة زعم المهدي والمعتزلة ومن تابعهم أنها نفس العقل وكلامهم باطل .وبيان بطلانه أنَّا نعلم قطعاً أنه يُعَدُّ من العقلاء من لم يتصور جميعها بل بعضها وأيضاً فإن العاقل منَّا يشتغل بدقيق الفكر والنظر ويستنبط العلوم الغامضة ولا يخطرها (جميعاً بباله) ذلك معلوم عند كل عاقل غير مكابر، فلو كانت هي العقل لم يُعد من العقلاء إلا من تصور جميعها، ولما أمكن عاقلاً الاشتغال بنحو النظر إلاَّ بإحضارها جميعاً بباله وقد بينا بطلانه، هذا وأما تكليف المكلف بالشرعي فيعتبر فيه ما تقدم من كمال العقل وبلوغه بالاحتلام أو الإنبات أو السنين أو نحو ذلك على ما هو مقرر في كتب الفقه. وقد بنى إمام زماننا القاسم بن محمد أيده الله تعالى على أن من عُدَّ من العقلاء وأولي الألباب فهو مخاطب بالكل لأنه لم يفصل الدليل والخطاب وقد قال تعالى { واتقون يا أولي الألباب } (البقرة:193) ( هو) : النظر .
[ النظر ]
اختلف فيه فقيل : لفظة مشتركة وهو قول الأكثر، وقيل : معناه مفرد وهو نظر الفكر الذي هو المراد هنا وهو حقيقة فيه مجاز في غيره، والظاهر ما عليه الأكثرون من القول باشتراكه بين معانٍ خمسة:-
[ معاني النظر ]
القول باشتراكه بين معانٍ خمسة:-
أولها : نظر العين وهو تقلب الحدقة السليمة إلى جهة المرئي التماساً لرؤيته ومنه قول الشاعر:
نظروا إليك بأعين مزورة نظر التيوس إلى شفار الجازر
وعلى هذا حمل قوله تعالى في قصة المنافقين{وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد}(التوبة:127) معناه قلَّب بعضهم حدقته السليمة في جهة البعض الآخر التماساً لرؤيته.

وثانيها: نظر المقابلة يقال الجبلان يتناظران والداران تتناظران معناه تتقابلان ويدل عليه قول الشاعر:
إذا نظرت إلي جبال أحد أفادتني بنظرتها سرورا
معناه قابلتني .
قال الدّواري: فيه نظر إذ مقصود الشاعر بنظر جبال أحد تقليب أحداقها أورده على جهة الاستعارة والتجوز.
وثالثها: نظر الانتظار وهو التوقع لحصول أمر في المستقبل ومنه قول الشاعر:
وجوه يوم بدر ناظرات إلى الرحمن يأتي بالخلاص
معناه منتظرة وعليه قول الله تعالى في قصة بلقيس السبأية { إني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون } (النمل:35) معناه منتظرة.
ورابعها: نظر الرحمة وهو إرادة حصول منفعة للغير أو دفع مضرة عنه ومنه قول الشاعر:
أنظر إلي بنظرة من رحمة فالفقر يزري والنعيم متّجل
ويروى بعين بِرِّك نظرةً .
قال الدواري: فيه نظر لأنه أراد تقليب الحدقة ، وكأنه جعل للرحمة حدقة ، ولتلك الحدقة نظرات تعطف ورأفة فأمره أن ينظر إليه بتلك النظرات ، وهذا على جهة الاستعارة الرائقة ، ويشهد بذلك أن الرحمة قد ذكرت فلا (يصح أن يكون المراد) نظر الرحمة ، ومن ذلك قول الله تعالى في قصة أهل النار { ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم } (آل عمران:77) معناه ولا يرحمهم.
وخامسها: نظر الفكر وهو المراد هنا وهو إجالة الخاطر في شيء لتحصيل اعتقاد ويرادفه التفكر ، وعليه حمل قول الشاعر:
انظر بفكرك تستبين المنهجا .... واعلم بأن الفكر هو سبب النجا

ومنه قوله تعالى { أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت…الآية } (الغاشية:17) معناه أفلا يتفكرون في خلقها لأنهم قد كانوا ينظرون إليها نظر الأحداق فحثَّهم على ما أهملوه ، وهو الفكر بالقلب وهو منقسم إلى صحيح وفاسد، فالصحيح ما تتبع به أثر نحو التفكر في المصنوع ليعرف الصانع. والثاني : ما كان رجماً بغيب نحو التفكر في ماهية الروح وذات الباري.
نعم والقول بأن النظر الصحيح يجب على المكلِّف هو مذهب أئمتنا عليهم السلام وصفوة الشيعة والمعتزلة وغيرهم، ووجوبه من جهة العقل و(من جهة) السمع على ما نبينه، وإنما قالوا : بوجوبه لأنه المؤدي أي الموصل إلى معرفة الله تعالى وهو موجب لها، وأنكر أبو علي الأسواري وصاحب الجوهرة ذلك ، وقالا: ليس بموصل إليها ولا موجب لها وإنما هو شرط اعتيادي كما يشترط في الحفظ الدرس، وعلى القولين فالمعرفة هي المقصودة،ولكن لولاه لما حصلت،واختلفوا أيهما أحق بأن يطلق عليه أنه أول الواجبات.فقالت الزيدية والمعتزلة البصرية : الأحق بهذا الاسم النظر لأنه سابق لتأدية المعرفة. وقالت البغدادية : الأحق بهذا الاسم المعرفة لأنها المقصودة وإنما هو وصلة إلى حصولها .
وخالف في وجوبه قوم منهم أهل المعارف والتقليد ومنهم أهل الخبرة قالوا: وجدنا كل فرقة قد بذلت وسعها وأفضى بها النظر إلى صحة اعتقادها وبطلان اعتقاد مخالفها فوجب اطراح النظر ومنهم أهل التكافؤ قالوا: وجدنا كل فرقة قد أقامت البراهين على اعتقادها وعتقدت أنما نظر فيه المخالف لها شبهة وليس بعض ذلك أولى من بعض فوجب اطراح النظر.

والجواب: أن الدلالة الصحيحة قد دلتنا على وجوب النظر@ عقلاً وسمعاً ولا يترك ما دلت عليه الدلالة الجلية لأجل أمر محتمل، أما من جهة العقل فالمعلوم قطعاً أن شكر المنعم واجب وإن الإخلال به قبيح ، وجهله يستلزم الإخلال بشكره على النعم، لأن توجيه الشكر إلى المنعم مترتب على معرفته ضرورة وهي واجبة لذلك لا لغيره.ولا طريق للمكلفين إليها سواه ، أي النظر لامتناع أن تعرفه بالبديهة وإلاَّ لما اختلف العقلاء فيه،ومعلوم خلافهم، وبالمشاهدة لأنها لو صحت مشاهدته في حال من الأحوال لشاهدناه الآن،ومعلوم أنَّا لا نشاهده الآن وسيأتي لهذا مزيد إيضاح.وبالأخبار المتواترة لأن الأخبار المتواترة لا تكون طريقاً إلى العلم إلاَّ إذا كانت مستندة إلى المشاهدة بدليل أنه لو أخبرتنا طائفة عظيمة بوجود بلد في الدنيا يقال لها بغداد لعلمنا ذلك ، ولو أخبرتنا تلك الطائفة أن الله تعالى يُرى بالأبصار لم نعلم صحة خبرها ، ولم يكن فرق إلاَّ أن الأول مستندة إلى المشاهدة التي لا يجوز فيها الالتباس ، والثاني مستندة إلى الاعتقاد الذي يدخله الالتباس . فلما سبرنا هذه الأقسام ولم نجد واحداً منها يصح أن يكون طريقاً إلى معرفة الباري ، علمنا أنه لا طريق إليها سوى النظر الذي هو الفكر،إذ لا طريق تعدو هذه الأربع .
وإذا تقرر ذلك علمنا وجوب النظر، لأن من المعلوم : أن ما لا يتم الواجب الذي هو المعرفة مثلاً إلاَّ به يكون واجب كوجوبه ، وإلاَّ وقع الإخلال بالواجب ، وقد قضى العقل بقبحه .

دليل ذلك : أن من وجب عليه قضاء دَّين أو رد وديعة أو نحو ذلك ولم يتمكن من ذلك إلاَّ بالقيام وفتح الباب وإخراج المال فإنها تجب عليه هذه الأفعال كلها، وإنما وجبت عليه لكونها وصلة إلى الواجب، بدليل أن العقلاء يذمون على الإخلال بها كما يذمون على الإخلال برد الوديعة. فتقرر بهذا الدليل وجوب النظر لأجل كون المعرفة لا تحصل إلاَّ به.
تنبيه : ما ذكرناه في أثناء الدليل من قولنا : أن جهل المنعم (مستلزم للإخلال) بشكره . فمبني على أن الطاعات شكراً كما هو مذهب الهادي عليه السلام وقدماء العترة،وأما من يقول : أن الشرائح ألطاف في العقليات،وأن الشكر الاعتراف فقط . كما هو مذهب المهدي عليه السلام ، وكثير من المعتزلة وبعض صفوة الشيعة فيقولون : إن وجه وجوب المعرفة كونها ألطافاً في أداء الواجبات . ومعنى ذلك أن العبد إذا عرف أن له خالقاً يثيبه إن أطاعه ويعاقبه إن عصاه كان أقرب إلى أداء الواجبات ، وكلامهم من أصله باطل لقوله تعالى { اعملوا آل داود شكراً } (سبأ:13) ، وإجماع أهل العربية على أن الشكر قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان في مقابلة النعمة قال الشاعر:
أفادكم النعماء مني ثلاثة .... يدي ولساني والضمير المحجبا

[ أدلة وجوب النظر ]
وأما الدليل:على وجوب النظر من جهة السمع فقوله تعالى { أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت } (الغاشية:17). ونحوها،وقصرت المجبرة الاستدلال على ذلك على السمع وأنكرت أن يكون العقل دليلاً بناء منهم على أصلهم وهو إنكار التحسين والتقبيح العقليين،وكلامنا عليهم من جهة إبطال أصلهم بالكلية،ومن جهة إبطال إنكار أن يكون العقل دليلاً على وجوب النظر خاصةً.

أما الأول:فهو أنَّا نعلم من حال العقلاء أنهم يصوبون مَنْ مدح المحسن أو أحسن إليه،ومن ذَمَّ المسيء أو عاقبه وما ذاك إلا لكونهم يرون الإحسان في العقل حسناً والإساءة في العقل قبيحة،فإنكارهم لذلك مخالفة لما عليه العقلاء.
وأما الثاني : فإنه يلزم من قولكم أحد محذورين،أما الدور وأما الكفر. أما الدور فحيث نقول بوجوب النظر على المكلفين في صحة دعوى الأنبياء عليهم السلام. لأنه لا يجب النظر إلاَّ بالسمع والسمع لا يثبت إلاَّ بالنظر،وأما الكفر فحيث نقول بعدم وجوب ذلك عليهم لأنه يلزم منه تصويب من أعرض عن دعوة الأنبياء عليهم السلام إذ لا واجب عليه وذلك كفر لأنه رد لما جاءت به الرسل وما علم من دين كل نبي ضرورة،وأيَّما كان فهو باطل.
ثم اعلم أن الذين قالوا بوجوب النظر اختلفوا هل هو فرض عين أو فرض كفاية؟.
فالذي عليه أئمتنا والجمهور أنه فرض عين. وقال أبو إسحاق بن عياش و البلخي والعنبري ورواية عن القاسم ورواية عن المؤيد بالله: بل فرض كفاية، ثم افترقوا في التقليد،فابن عياش والعنبري وغيرهما ورواية عن المؤيد بالله يجوز مطلقاً أي تقليد المحق وغيره هكذا رواه في الأساس عنهم،ونسب الدواري ذلك إلى البلخي والحشوية،ونُسب إلى ابن عياش جواز التقليد لمن غفل عن طريق النظر كالنساء والعبيد والعوام،قال وقد روي مثل ذلك عن البلخي أيضاً،قال الدواري: وذكر القاسم أن مقلد المحق ناجٍ . قال في الأساس: هذه رواية عنه وهو مذهب البلخي.

2 / 34
ع
En
A+
A-