(وبه) قال أخبرنا أبو يعلى محمد بن الحسين الفرا الحنبلي بقراءتي عليه، قال حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن سويد، قال حدثنا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي، قال حدثني أبو عبد الله الأخفش، قال أخبرنا ابن بديل، عن السري بن المنهال، عن يحيى بن رجاء قال: قال الحسن: ثلاث لا يسأل العبد عنهن يوم الحساب ما أنفق: في مرضه، وإفطاره، وعلى ضيفه.
(وبه) قال أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح العشائري الحربي بقراءتي عليه، قال حدثنا أبو الطيب عثمان بن عمر بن محمد بن محمد المنتاب الدقاق الإمام.
(رجع) السيد قال وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر السلماسي، قال حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن حيويه الخراز لفظاً، قالا حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، قال حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، قال أخبرنا ابن المبارك، قال أخبرنا عمر بن عبد الرحمن بن مهرب وغيره أنهم سمعوا وهب بن منبه يقول: قال حكيم من الحكماء: إني لأستحي من ربي عزّ وجلّ أن أعبده رجاء ثواب الجنة، فأكون كالأجير إن أعطي أجره عمل وإلا لم يعمل، وإني لأستحي من ربي عزّ وجلّ أن أعبده مخافة النار فأكون كالعبد السوء إن رهب عمل وإن لم يرهب لم يعمل، ولكني أعبده كما هو له أهل، قال: وقال عمر عن وهب: ولكن يستخرج مني حب ربي عزّ وجلّ ما لم يستخرج مني غيره.
(وبه) قال أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قراءة عليه، قال حدثنا القاضي عمر بن محمد بن سنبك، قال حدثنا أبو محمد الطوسي، قال حدثنا محمد بن الحسين -يعني الزعفراني، قال: قال العنسي -يعني عبيد الله بن محمد، قال محمد بن واسع: صلوا بالليل كظلمة القبور، وصوموا النهار لحر يوم النشور، وتصدقوا يذهب عنكم نوائب الدهور. [16]
مجلس في الفوائد
(وبه) قال حدثنا السيد الإمام الأجل رحمه الله تعالى في يوم الخميس الرابع عشر شهر الله المبارك رمضان إملاء من لفظه، قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد بن إبراهيم البرمكي بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو محمد طالب بن عثمان المعروف بابن أخت السراج الأزدي قراءة عليه، قال أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقري، قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي، قال حدثنا عبد الله بن شبيب ولقيت هارون فحدثني به، عن سليمان بن محمد بن يحيى بن عروة، عن أبيه، عن عمه عبد الله بن عروة قال: أفحمت السنة نابغة بني جعدة فدخل عليَّ ابن الزبير في المسجد الحرام ثم أنشده.
(وبه) قال السيد وأخبرناه أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن ريذة قراءة عليه بأصفهان، قال أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، قال حدثنا الحسين بن فهم البغدادي، قال حدثنا هارون بن أبي بكر الزبيري، قال حدثني يحيى بن هارون النهري، عن سليمان بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير، عن أبيه، عن عمه عبد الله بن عروة بن الزبير قال: أفحمت السنة نابغة بني جعدة، فأتى عبد الله بن الزبير وهو جالس بالمدينة فأنشده في المسجد:
حكيت لنا الصديق لما وليتنا ... وعثمان والفاروق فارتاح معدم
وسويت بين الناس في الحق فاستووا
فعاد صباحاً حالك اللون مظلم
أتاك أبو ليلى يجوب به الدجى
دجى الليل جواب الفلاة عثمثم
لتجبر منه جانباً زعزعت به
صروف الليالي والزمان المصمم
فقال ابن الزبير: إليك أبا ليلى، فإن الشعر أهون وسائلك عندنا، أما صفو مالنا فلآل الزبير، وأما عفوته فإن بني أسد تشغلها عنك وتيما، ولكن لك في مال الله حقان: حق لرؤيتك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحق لشركتك أهل الإسلام في الإسلام، ثم أمر به فأدخله دار النعم وأمر له بقلائص سبع وحمل رخيل وأوقر له الركاب براً وتمراً، فجعل النابغة يستعجل فيأكل الحب صرفاً، فقال ابن الزبير: ويح أبي ليلى، لقد بلغ به الجهد، فقال النابغة: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((وليت قريش فعدلت، واسترحمت فرحمت، وعاهدت فوفيت، ووعدت فأنجزت إلا كنت أنا والنبيون فراط القاصفين(1))). الخبر على لفظ الطبراني.
(وبه) قال أنشدنا أبو الحسين هلال بن المحسن بن إبراهيم بن هلال الكاتب بن الصابي، قال أنشدنا جدي أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي لنفسه:
ولي حاسد قد رام شلوي بجهده ... وقصر تقصير الحوار عن البزل
ولا فخر لي أن أسبق الرجل الذي ... تأخر عن أدنى المنازل من فضلي
ولا عار أني لو سبقت إلى المدى ... إذا كنت مسبوقاً بمن شكله شكلي
ألا ليت أقراني كثيراً ولم أكن ... غريباً مضاع الحق منقطع الحبل[17]
كفى حزنا أن الحجا في زماننا ... بلى أسرة يأوي إليها ولا أهل
وإن أخاه يستضام محلئاً ... عن الورد إلا من ثوى في حمى جهل
لقد هزني طيب المقام وظله ... وحنت قلوصي للترحل والحل
إذا كان خفض العيش للقدر خافضاً ... فلا متعت نفسي ببرد ولا ظل
سأعتان من بطن الحصان لمركبي
بظهر حصان حامل في السرى رحلي
وإني لأستجفي الحشايا وثيرة
إذا كان لي فيها ضجيع من الذل
واستوطئ الرحل العلافي ناجياً
إذا العز أضحى لي رديفاً على الرحل
أفي كل يوم عاجز يستحك بي
__________
(1) القاصفون: هم الذين يزدحمون حتى يقصف بعضهم بعضاً والدفع الشديد لفرط الزحام، يريد أنهم يتقدمون الأمم إلى الجنة على أثرهم بداراً متدافعين ومتزاحمين. ا هنهاية.
ليشفيه من عر جلدته جلدي
له مثل ما لي من دراريع كاتب
عليه ولكن ما لها لابس مثلي
إذا جمعتنا في الصناعة محنة
تضاءل دوني حين أكتب أم أملي
جرينا إلى غاياتنا من بلاغة
هوى قدره فيها عن الكلم الفحل
فما صفرت كفاه من فرط عيه
ولا امتلأت كفاي بالمنطق الفضل
ولكنه أثرى على حسب نقصه
وأملقت حسب الفضل والأدب الجزل
لئن عدلت عني عن المال ثروة
إلى كل وغد ساقط الفرع والأصل
فما هي إلا كالبغي التي صبت
إلى العبد وازورت نشوزاً عن البعل
تصد عن الأكفاء من كل ماجد
كريم وتهوى كل مستأخر نذل
وذلك حكم الله لي منكب
عن القصد قد أعيا القرون التي قبلي
فصبراً عليها وانتظاراً لعلها
كما أولعت بالجور تغلظ بالعدل
(وبه) قال أخبرنا أبو الفضل عبيد الله وأبو الحسين محمد ابنا أحمد بن علي بن الكوفي الصيرفي بقراءتي عليهما، قالا أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن بن الفضل بن المأمون، قال حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، قال حدثنا أبي، قال حدثنا أحمد بن عيد، قال أخبرنا أبو المنذر، قال: عاش سلمة بن يزيد الجعفي خمسين ومائة سنة وكان له ابن قد أسلم فاستأذنه في الهجرة فمنعه من ذلك ثم ألح عليه فأذن وأنشأ يقول:
يخوفنا بهجرته فتانا ... كما تخشى المفركة الطلاقا
يفجعنا بأمر كل يوم ... كما تخشى المقيدة الإباقا
أراه لا يزال له قرين ... يواعده غدواً وانطلاقا
وكان كأنه سدم مريض ... فلما أن أذنت له أفاقا
أحين رأيت إن كبرت بناتي ... وشاب الرأس أزمعت الفراقا
فقدني الآن منك وقدك مني ... إذا جاوزت للروم العراقا
وحالت بيننا أجيال طي ... وكان الدهر هماً واشتياقا
تخبرني بأن الروم ضان ... تميزها وترتتق ارتتاقا[18]
فيوماً قد حنيت عليك ظهري ... إلى الأحشاء ضماً واعتناقا
ويوماً قد حويت عليك نهبي ... أخيرك المتالي والحقاقا
ويوماً قد سعيت عليك حتى ... أكل القوم والقلص العتاقا
قال أحمد بن عبيد: المفركة: المبغضة إلى الرجال، فهي تخاف من الطلاق أكثر مما يخافه غيرها، والمقيدة: التي تقيد يد البعير وتحاذر أن ينحل القيد فيشرد البعير.
(وبه) قال أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن الحسن الجوهري بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن حيويه الخراز، قال أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد السكري، قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن أبي سعيد الوراق، قال حدثني محمد بن عمار السعدي، قال حدثني محمد بن محمد بن سليمان، قال حدثنا ابن عائشة، قال أخبرني أبي، قال: قتل ابن لقيس بن عاصم فوثبت عشيرته فقال: على رسلكم إن يأتكم القوم مذعنين يقرون لكم بحقكم لم نبعدهم من عفو، وإن لم يفعلوا فما أقدركم على الطلب بحقكم، فما برحنا حتى جاءوا بالقاتل، فما رأيت ثكلان أحسن رداً منه، فقال: ما أردت إلا ابن عمك وإن كان ليكثر عددك ويزين عشيرتك، قال: هفوة فاعف، قال: قد عفوت ولأمه لوعة وسأعوضها من ذلك.
قال ابن عائشة، قال أبي وهو محتبي: لا والله ما حل حبوته، فقال العنوي:
حليم إذا ما سورة الجهل أطلعت ... حبى الشيب للنفس للحوج غلوب
وقال:
فما حل من جهل حبى حلمائنا ... ولا قائل المعروف منا يعنف
(وبه) قال أخبرنا المطهر بن أبي نزار محمد بن علي بن محمد العبدي الخطيب، قال حدثنا أبو عبد الله بن منده محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى، قال حدثنا محمد بن عبد الله، قال حدثنا محمد بن زكريا، قال حدثنا إبراهيم بن عمر، قال حدثنا الأصمعي قال: خرجت أنا وصديق لي إلى المقابر فإذا بصبية قد كادت أن تختفي بين قبرين صغيرة، فإذا هي تطلع من برقع بعيني جؤذر ومدت يداً كأنها لسان طائر بأطراف كالمداري، ثم قالت: اللهم إنك لم تزل قبل كل شيء، وأنت الكائن بعد كل شيء، وقد خلقت والدي قبلي وخلفتني بعدهما، منهما أنستني بقربهما ما شئت ثم أوحشتني منهما إذا شئت، فكن لي ولهما مؤنساً وكن لي بعدهما حافظاً.
قال: وهبت ريح فرفعت البرقع فإذا تحته بيضة نعامة حسناء، فقلت: يا حبيبة أعيدي كلامك.
قال: فنظرت إليّ وقالت: يا شيخ والله ما أنا لك بحرمة فتأنس بي ولمحادثة أهلك أولى بك.
قال: فاستحييت من القبور تعجباً مما جاء منها، فقلت لها: خذي علي كلامك فمررت فيها كما قالت، فقالت: إن يكن في الأرض أصمعي فأنت هو.
قال: وسألت عنها فإذا هي أيم، فأتيت صديقاً لي وله ابن مدرك، فقلت: هل لك في أن يلم الله شعثك وشعث فلان ابنك، فوصفت له الجارية، وما رأيت من عقلها وجمالها، وقلت: تصدقها عشرة آلاف درهم فإني أرجو أن تكون أحمد مالك عندك عاقبة فأسرع إلى ذلك، وقال لي: امض إلى أهلها فمضينا فإذا نحن بعم لها فكلمناه في ذلك فقال: والله ما لنا في أمورنا وفي أنفسنا معها شيء فكيف في أمرها ولكني أعرض عليها ما جئتم له، ثم دخل ثم خرج، فقال: هاهي ده، فخرجت ثم جلست خلف سجف لها ثم قالت: اللهم حي العصابة بالسلام، ثم أقبلت على عمها فقالت: قل يا عم، فقال: هذا عمك ونظير أبيك يخطبك على ابن عمك ونظيرك ويبذل لك من الصداق عشرة آلاف درهم، فقالت: يا عم أضرت بك الحاجة حتى طمعت طمعاً [19] أضر بمروءتك، تزوجني غلاماً غراً عراقياً يغلبني بثروته ويصول علي بمقدرته، ويمن علي بفضله، ويعتلي علي بذات يده، ثم يقول: يا هنة بنت الهنة، ثم أعيش بعدها عيشاً ناعماً، كلا إن ربي واسع كريم.
(وبه) قال أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن الحسن بن محمد الوراق بقراءتي عليه، قال حدثنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب إملاء عن ظهر قلبه، قال حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني، قال وأخبرناه أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسن الدينوري الخطيب بقراءتي عليه، قال أخبرنا قاضي القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد قراءة عليه في داره، قال أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، قال وأخبرناه عالياأبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن ريذة قراءة عليه، قال أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، قال حدثنا عبد الله بن رياحين برمادة رملة سنة أربع وسبعين ومائتين، قال حدثنا أبو عمرو زياد بن طارق، وكان قد أتت عليه عشرون ومائة سنة، قال: سمعت أبا جرول زهير بن صرد الحشمي يقول: لما أسرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين يوم هوازن وذهب يفرق السبي فأتيته فأنشدته أقول هذا الشعر:
أمنن علي رسول الله في كرم ... فإنك المرء نرجوه وننتظر
أمنن على بيضة قد عاقها قدر ... مشتت شملها في دهرها عير
أبقت لنا الدهر هتافاً على حزن ... على قلوبهم الغماء والغمر
إن لم تداركهم نعماء تتبعها ... يا أرجح الناس حلماً حين يختبر
أمنن على نسوة قد كنت ترضعها ... إذ فوك يملؤها من محضها الدرر
إذ أنت طفل صغير كنت ترضعها ... وإذ يريبك ما يأتي وما يذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته ... واستبق منا فإنا معشر زهر
إنا لنشكر للنعماء إذ كفرت ... وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
فألبس العفو من قد كنت ترضعه ... من أمهاتك إن العفو مشتهر
يا خير من مرحت كمت الجياد به
عند الهياج إذا ما استوقد الشرر
إنا نؤمل عفواً منك نلبسه ... يهدي البرية إذ تعفو وتنتصر
فاعف عفا الله عما أنت راهبه ... يوم القيامة إذ يهدى لك الظفر
قال: فلما سمع الشعر قال صلى الله عليه وآله وسلم: ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وقالت قريش: ما كان لنا فهو لله ولرسوله، وقالت الأنصار: ما كان لنا فهو لله ولرسوله.
(وبه) قال أخبرنا أبو محمد يوسف بن رباح بن علي الحنفي البصري نزيل الأهواز قراءة عليه في جامعها، قال حدثنا القاضي أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار الأذني قراءة عليه بمصر في منزله، قال حدثنا أبو العباس محمود بن محمد بن الفضل الأديب بأنطاكية، قال حدثنا أبو محمد هشام الراس، قال حدثنا أبو المنذر هشام بن الكلبي عن أبيه عن صالح بن كيسان أن عكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو صبروا أنفسهم لله يوم اليرموك حتى قتلوا وكانوا مرتثين، فأقبلت امرأة من قريش بشنة فيها ماء تسقي القتلى فرأتهم في مكان واحد، فدفعت الشنة إلى عكرمة، فلما رأى قلة الماء آثر به الحارث بن هشام، فأخذ الحارث الماء، فلما رأى قلة الماء آثر به سهيل بن عمرو فتدافعوها إلى أن ماتوا ولم يشرب واحد منهم [20] جرعة، فصرخت المرأة وقالت: ما رأيت كاليوم قط ذهاب سادات ثلاثة.
(وبه) قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن ريذة قراءة عليه، قال أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، قال حدثنا موسى بن زكريا، قال حدثنا شيبان العصفري، قال حدثنا أبو وهب السهمي، عن أبي يونس القشيري، عن حبيب بن أبي ثابت أن الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وعياش بن أبي ربيعة ارتثوا يوم اليرموك، فدعا الحارث بشراب فنظر إليه عكرمة فقال ادفعوه إلى عكرمة، فدفع إليه فنظر إليه عياش بن أبي ربيعة فقال عكرمة ادفعوه إلى عياش، فما وصل إلى أحد منهم حتى ماتوا جميعاً وما ذاقوه.
(وبه) قال حدثنا السيد الإمام رحمه الله في يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر رمضان إملاء من لفظه، قال أخبرنا أبو إسحاق بن إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي قراءة عليه، قال أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن حيوة الخزاز قراءة عليه، قال أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد السكري قال: سمعت أبا محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة المروزي يقول: في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لا تهلك أمتي حتى يكون التمايل والتمايز والمعامع)) يرويه محمد بن كثير عن إسماعيل عن هشام بن الغاز عن مكحول الدمشقي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك أراد بالتمايل أنه لا يكون سلطان يكف الناس عن التظالم فيميل بعضهم إلى بعض بالغارة، وأراد بالتمايز أن الناس يتميز بعضهم عن بعض ويتحزبون أحزاباً بوقوع المعصية، ومنه قول الله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ}[يس:59].
(وبه) قال أخبرني أبو حاتم علي بن عبيدة أنه قال: تميزوا يريد انقطعوا عن المؤمنين وكونوا فرقة واحدة، وقوله تعالى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} أي ينقطع بعضها عن بعض.
وأما المعامع فهي شدة الحرب والجد في القتال والأصل فيه ممعة النار وهو سرعة تلهبها، قال الشاعر ووصف فرساً:
جموحاً مروحاً واحصارها ... كمعمعة السعف الموقد
شبه حفيفها من المرح في عدوها بحفيف النار إذا التهب في السعف، ومثله معمعمة الحر، ومعمعان الصيف قال ذو الرمة:
حتى إذا معمعان الصيف هب له ... بأجة شن عنها الماء والرطب
والأوجة تأجج النار، ومنه يقال للمرأة الذكية المتوقدة معمع.