(وبه) قال لنا السيد، قال لنا القاضي أبو الطيب، قال لنا القاضي أبو الفرج: في بغاث الطير لغتان: بَغاث وبِغاث بالفتح والكسر، فأما الضم فخطأ عند أهل العلم باللغة، وقد أجاز بعضهم الضم، والمقلاة التي لا يعيش لها ولد، والقلب بفتح اللام: الهلاك، ومن ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن المسافر ومتاعه لعلى.
قلت: إلا ما وقى الله، ومنه قول الشاعر:
فلم أر كالتجمير منظر ناظر
ولا كليالي الحج أقلتن ذا هوى
ثم قال: يا كثير، أنشدني في إخوان دهرك هذا، فأنشده:
خير إخوانك المشارك في المر ... وأين الشريك في المر أينا
الذي إن حضرت سرك في الحي ... وإن غبت كان أذناً وعينا
ذاك مثل الحسام أخلصه القي ... ن جلاه الحلي فازداد زينا
أنت في معشر إذا غبت عنهم ... بدلوا كلما يزينك شينا
فإذا ما رأوك قالوا جميعاً ... أنت من أكرم الرجال علينا
فقال له عبد الملك: يغفر الله لك يا كثير، وأين الإخوان غير أني أقول:
صديقك حين يستغني كثير ... ومالك عند فقر من صديقي
فلا تنكر على أحد إذا ... طوى عنك الزيارة عند ضيقي
وكنت إذا الصديق أراد غيظي ... على حنقي وأشرقني بريقي
عفوت ذنوبه وصفحت عنه ... مخافة أن أكون بلا صديق
(وفيه أيضاً في الفوائد والحكايات)
(وبه) قال حدثنا السيد الأجل الإمام قدس الله روحه في يوم الخميس الثامن والعشرين من شعبان إملاء من لفظه، قال أخبرنا أبو ذر محمد بن إبراهيم بن علي الصالحاني المزاكر قراءة عليه، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، قال حدثنا الأحمسي، قال حدثنا المحاربي، عن بكر بن حنيس، عن عبد الغفور بن داود، عن همام، عن كعب قال: مكتوب في التوراة: (من آذى مؤمناً فقد آذى الأنبياء، ومن آذى الأنبياء فقد آذى الله، ومن آذى الله فهو ملعون في التوراة والإنجيل والقرآن).
(وبه) قال أخبرنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم الصيرفي بقراءتي عليه في جامع أصفهان، قال أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك المقري، قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحسن المعروف بابن متويه إمام مسجد الجامع، قال حدثنا عباس بن الوليد بن مرثد، قال أخبرني أبي، قال حدثنا الضحاك بن عبد الرحمن، قال: سمعت بلال بن سعد يقول: يا أولي العلم لا تقتدوا بمن لا يعلم، يا أولي الألباب لا تقتدوا بالسفهاء، ويا أولي الأبصار لا تقتدوا بالعمي، ويا أولي الإحسان لا يكون المساكين ومن لا يعرف أقرب إلى الله عزّ وجلّ منكم، وأحرى أن يستجاب لهم، فليفكر مفكر فيما يبقى له وينفعه.
(وبه) قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي الحبلي بقراءتي عليه، قال أخبرنا [6] أبو الفضل عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري، قال حدثني أبي، قال حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن سلام قال: قرأت في رقعة على بشر بن الحارث: أن المازني دخل عليه، فقال: يا أبا نصر، بم أوصل أهل المعرفة إلى الله عز وجل؟ قال: فقال لي: بالأسلاف الدائرة، قلت: يا عجباه تجيبني بأعجف جواب، فقال: أجبتك بقدر ما أعلم، إن الله عزّ وجلّ أكرم وأجل وأعز وأعظم من أن يحمل ولياً من أوليائه على طريق وعر لا يعطيه من الزاد ما يبلغه.
قلت: زدني رحمك الله؟
قال: إنك لن تكون مريداً حتى تكون مراداً.
قلت: زدني رحمك الله.
قال: إنه إذا أراد العبد واصله، فإذا واصله لاطفه، فإذا لاطفه خلع على قلبه خلع الرضوان، فإذا فقد اللطف حن إلى العبادة ونظر إذا كان إنما منعها من قبل معصية بادر بالتوبة وإن كان إنما منعها من قبل نعمة بادر بالشكر، فلا يزال يرعى قلبه كذلك حتى يلقى الله عزّ وجلّ بتمام طاعته، يا حسنه غداً وقد خرج من قبره ووجهه مكلل بالنور، وقد ألبس حللا من النور، وحمل على نجيب من النور، وأحدقت به ملائكة النور، وأدخل إلى حجب النور، فليستطع بذلك المؤمن أن ينظر إلى نور النور.
(وبه) أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نصرويه الحنيفي الفقيه الخطيب السمرقندي، قدم علينا بغداد حاجاً قراءة عليه، قال أخبرنا أبو أحمد محمد بن يحيى العباسي بسمرقند، قال أخبرنا أبو أحمد عبد العزيز المرزبان، قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن البلخي بكيش، قال أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود قال: مثل المحقرات من الذنوب كمثل قوم سفر بأرض قفر معهم طعام ولا يصلحه إلا النار، فتفرقوا، فجعل هذا يأتي بروثة ويجيء هذا بالعظم حتى جمعوا من ذلك ما أصلحوا به طعامهم، كذلك صاحب المحقرات يكذب الكذبة ويذنب الذنب ويجمع ذلك لعله أن يكبه الله عزّ وجلّ على وجهه في نار جهنم.
(وبه) قال أخبرنا القاضي أبو الحسن أحمد بن علي بن الحسين بن التوزي بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، قال أخبرنا محمد بن الحسن بن دريد، قال حدثنا عبد الرحمن، قال حدثنا عمي قال: كانت العرب إذا مات الرجل منهم ولم يترك ولداً وترك خلف سوء، قالوا: مات فلان كله.
(وبه) قال أخبرنا أحمد بن علي، قال أخبرنا محمد بن عمران، قال أخبرنا محمد أبو حاتم، عن الأصمعي قال: سمعت أعرابياً يقول: رب مغبوط بنعمة هي داؤه، ورب محسود على رخاء هو بلاؤه، ورب مرحوم من سقم هو شفاؤه.
(وبه) قال أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأزجي بقراءتي عليه، قال حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم الهمذاني من لفظه، قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نجي قال: سمعت أبا محمد جعفر النيسابوري يقول: سمعت أبا الحسين التوزي يوصي بعض أصحابه يقول: عشرة وأي عشرة احتفظ بهن واعمل فيهن جهدك، فأول ذلك من يدعي مع الله عزّ وجلّ حالة تخرجه عن حد علم الشرع فلا تقربن منه.
والثانية من رأيته ركن إلى غير أبناء جنسه وخالطهم فلا تقربنه.
والثالثة من رأيته يسكن إلى الرئاسة والتعظيم له فلا تقربن منه ولا ترجو فلاحه.
والرابعة فقير رجع إلى الدنيا إن مت جوعاً أو ضراً فلا تقربن منه ولا ترتفقن به وإن أرفقك، فإن رفقته تقسى قلبك أربعين صباحاً.
والخامسة [7] من رأيته مستغنياً بعلمه فلا تأمن جهله.
والسادسة: من رأيته مدعياً حالة باطنه لا يدل عليها ولا يشهد عليها حفظ ظاهره فاتهمه على دينك.
والسابعة: من رأيته يرضى عن نفسه ويسكن إلى وقته، فاعلم أنه مخدوع فاحذره أشد الحذر.
والثامنة: من رأيته من المزيدين يسمع القصائد ويميل إلى الرفاهية فلا ترجون خيره.
والتاسعة: فقير لا تراه عند السماع حاضراً فاتهمه، واعلم أنه منع من بكرات ذلك لتشوش سره وتبديد همه.
والعاشرة: من رأيته مطمئناً إلى أصدقائه وإخوانه مدعياً لكمال الخلق بذلك فاشهد له بسخافة عقله ووهن ديانته.
(وبه) قال أخبرنا أبو طاهر عبد الكريم بن عبد الواحد الحسناباذي بقراءتي عليه، قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قال حدثنا إبراهيم بن الحسن بن سعيد الجوهري، قال حدثنا سالم بن نوح، عن محمد بن ذكوان، عن رجاء بن حيويه قال: إني لواقف بباب سليمان بن عبد الملك إذ جاء رجل حسن الهيئة فسلم، فقال: يا رجاء عليك بالمعروف وعون الضعيف، يا رجاء من كان له منزلة من سلطان فرفع حاجة إنسان ضعيف لا يستطيع رفعها لقى الله عزّ وجلّ يوم يلقاه وقد ثبت قدميه للحساب، يا رجاء إنه من كان في حاجة أخيه المسلم كان الله عزّ وجلّ في حاجته، يا رجاء إن من أحب الأعمال إلى الله عزّ وجلّ فرحاً تدخله على مسلم. ثم فقده، فكان رجاء يرى أنه الخضر صلى الله عليه.
(وبه) قال أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين الواعظ بقراءتي عليه، قال حدثنا أبي، قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال حدثنا علي بن مسلم، قال حدثنا يوسف، قال حدثنا شعبة، عن سعيد.
عن أبي بردة عن أبيه قال: رأى ابن عمر رجلاً من أهل اليمن قد حمل أمه وهو يطوف بها حول البيت وهو يقول:
إني لها بعيرها المدلل ... إن ذعرت ركابها لم أذعر
أحملها ما حملتني أكثر
ما ترى يا ابن عمر: جزيتها؟
قال: لا ولا برجرة واحدة، ثم طاف، ثم صلى خلف المقام ركعتين.
(وبه) قال أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قال حدثنا عبد الله بن يعقوب، قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد، قال حدثنا عبد الرحمن بن صالح، قال حدثنا محمد بن بشير، قال أنشد رجل مسعراً:
لا ترجعن إلى السفيه خطابه ... إلا جواب تحية حياكها
فمتى تحركه تحرك جيفة ... تزداد نتناً ما أردت حراكها
قال: فأعجب ذلك مسعر فقال: هذا في القرآن، يعني معناه.
(وبه) قال أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو القاسم طلحة بن محمد الشاهد، قال حدثنا الحرمي بن أبي العلاء، قال حدثنا الزبير بن بكار، قال حدثني إسماعيل بن أبي أويس، قال حدثني بكار بن محمد بن حارست، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنه جاء إلى عمر بن عبد العزيز يستأذن عليه في إمرته، قال: وكان عمر بن عبد العزيز يجله إجلالاً شديداً، فرده الحاجب وقال: عنده عبد الله بن عمرو بن عثمان مخلياً به، قال: فانصرف غضبان، وكان في صلاحه ربما قال الأبيات، فأخبر عمر بإتيانه، فبعث أبا بكر بن سليمان [8] بن خيثمة وعراك بن مالك يعذرانه، ويقولان إن عمر يقسم بالله ما علم بإتيانك ولا برد الحاجب إياك، فقال لأبي بكر وعراك:
ألا أبلغا عني عراك بن مالك
فإن أنت لم تفعل فأبلغ أبا بكر
فكيف تريد أن ابن ستين حجة
على ما أتى وهو ابن عشرين أو عشر
وقال لعمر وصاحبه:
لقد جعلت تبدو شواكل منكما ... كأنكما بي موقران من الصخر
فمنا تراب الأرض منها خلقتما ... وفيها المعاد والمصير إلى الحشر
ولا تعجبا أن تؤتيا فتكلما ... فما حشي الأقوام شراً من الكبر
لقد علقت دلواكما دلو تحول ... من القوم لا وغل المراسي ولا مزري
أطاوعتما بي عاذراً ذا معاكسة ... لعمري لقد أورى وما مثله يوري
فلولا اتقاء الله تقياي فيكما ... للمتكما لوماً أحر من الجمر
ولو شئت أدلي فيكما غير واجد ... علانية أو قال عندي في السر
فإن أنا لم آمر ولم أنه عنكما ... ضحكت له حتى يلح ويستشري
(في الفوائد أيضاً)
(وبه) قال حدثنا السيد الإمام قدس الله روحه في يوم الخميس التاسع والعشرين من شعبان إملاء من لفظه، قال أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قراءة عليه، قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزار قراءة عليه، قال حدثنا أبو بكر بن أبي الأزهر، قال حدثني بندار -يعني ابن عبد الحميد قال: سألت الفراء عن قول الله عزّ وجلّ: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} أين خبر حتى؟ فقال لي: الخبر في {اقْتَرَبَ الْوَعْدُ} وأنشدني:
حتى إذا قملت بطونكم ... ورأيتم أبناءكم شبوا
وقلبتم ظهر المجن لنا ... إن اللئيم العاجز الخب
قال: المعنى حتى إذا كبر أولادكم قلبتم ظهر المجن لنا، فسألت أبا عبيدة معمر بن المثنى عن ذلك فأخبرني بمثل ما أخبرني به الفراء، فأحسب أن الفراء أخذه عن أبي عبيدة، وقال لي: العرب أيضاً تسقط الواو من الكلام وتقديرها إثباتها كما تثبتها، وتقديرها طرحها، وإنما خاطب الله تعالى العرب على قدر ما كانوا به يتكلمون، فقال جل اسمه حكاية عن إبليس لعنه الله: {قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا، قَالَ أَرَأَيْتَكَ} يريد والله أعلم، وقال لأنها جملة معطوفة على جملة وهي كلام إبليس.
وأنشدني أبو عبيدة:
غاص من غاص لينمار لنا ... ثم وافى معه مخشلبه
من غريم السوء خذ لو حجراً ... أمن العريان تبغى سلبه
أراد ولو حجراً.
(وبه) قال أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسن بن التوزي البزار بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر قراءة عليه، قال أخبرنا المظفر بن يحيى الشرائي، قال حدثنا العنزي -يعني الحسن بن عليل، قال حدثني أبو بكر العبدي، قال: اجتمع عند أبي دلف أضياف له [9] وزوار، فخرج ذات يوم بارد وهو في خزورة وأكسبته إلى دار أضيافه، فقال: أين شعراؤكم؟ واجتمعوا فقال: إن حقكم لواجب وما أعطيكم إلا للاعتماد على الأجر مع القرابة، هاتوا أشعركم، فقربوا إليه أشعرهم، فقال له: هاهنا أحد يتقدمك في الشعر؟ قال: لا، قال: أجز:
قنبرة تنقر في حائط ... وسط فراخ لأبي منقر
قال: فوجم الآخر ودخله حصر، فقال رجيل من القوم سيء المنظر لا كسوة عليه: أتأذن لي؟ قال: هات، فقال:
لم تعد فيما طلبت رزقها ... والرزق قد قدر للقنبر
قال: فضحك واستبشر، وقال: أنت أشعر القوم، وقدمه في الجائزة وكساه، وأعطى القوم به، وكان لا يؤبه له.
(وبه) قال أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين الواعظ بقراءتي عليه، قال حدثنا أبي، قال حدثنا عبد الله بن محمد، قال حدثني هارون بن سفيان المستملي، قال حدثني عبد الله بن صالح بن مسلم، قال حدثني شبيب بن شيبة، قال: قال لي أبو جعفر وكنت من سماره: يا شبيب عظني وأوجز.
قال: قلت: يا أمير المؤمنين إن الله عزّ وجلّ لم يرض لك من نفسه بأن يجعل فوقك أحداً من خلقه، فلا ترض له من نفسك بأن يكون عبد هو أشكر منك.
قال: والله لقد أوجزت وقصرت.
قال: قلت: والله لئن كنت قصرت فما بلغت كنه النعمة فيك.
(وبه) قال أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن حيويه الحرار، قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد السكري، قال حدثني عمر بن شبة، قال حدثني أبو يحيى الزهري، قال حدثني يوسف بن الماجشون، عن أبيه قال: قال حسان بن ثابت: أتيت جبلة بن الأيهم الغساني وقد مدحته فأذن لي عليه، وعن يمينه رجل ذو ضفيرتين وهو النابغة، وعن يساره آخر لا أعرفه، فجلست بين يديه، فقال لي: أتعرف هذين؟
قلت: أما هذا فأعرفه النابغة، وأما الآخر فلا أعرفه.
قال: هو علقمة بن عبدة، فإن شئت استنشدناهما فسمعت، وإن أحببت سكت.
قال: قلت: فذاك، قال: فاستنشد النابغة:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
قال فذهب نصفي، ثم قال لعلقمة: أنشد، فأنشد:
طحا بك قلب في الحسان طروب ... بعيد الشباب عصر خان مشيب
قال: فذهب نصفي الآخر.
قال: ثم قال لي: أنت الآن أعلم، إن أحببت أن تنشدنا بعدما سمعت فأنشد، وإن أحببت أن تمسك فأمسك.
قال: فتشددت وقلت: لا بل أنشد.
قال: هات، فأنشدته القصيدة التي أقول فيها:
أبناء جفنة عند قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل
يغشون حتى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل
بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شم الأنوف من الطراز الأول[10]
قال: فقال لي: أدنه أدنه، فلعمري ما أنت بدونهما، ثم أمر لي بثلاثمائة دينار وبعشرة أقمصة لها جيب واحد، وقال: هذا لك عندنا في كل عام.
(وبه) قال أخبرنا أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الفقيه الطبري الشافعي بقراءتي عليه، قال حدثنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا بن طراوه، قال حدثنا أحمد بن جعفر بن موسى البرمكي، قال حدثني ميمون بن هارون، قال حدثني عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع، عن جده الفضل بن الربيع قال: خرج أمير المؤمنين هارون الرشيد من عند زبيدة وقد تغدى عندها ونام وشرب وهو يضحك، فقلت: قد سرني سرور أمير المؤمنين، فقال: ما أضحك إلا تعجباً، أكلت عند هذه المرأة ونمت وشربت فسمعت رنة، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: ثلاثمائة ألف دينار وردت من مصر، فقالت: هبها لي يابن عم، فدفعتها إليها، فما برحت حتى عربدت وقالت: أي خير رأيت منك.
(وبه) قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي بقراءتي عليه، قال حدثنا أبو المشهور معروف بن محمد بن معروف الواعظ النخعي نزيل الري قدم علينا، قال حدثنا محمد بن الحسن الخزاعي الهمذاني بأنطاكية، قال سمعت الحسين بن معاذ يقول: سمعت الفضيل بن عياض يقول: رحم الله ابني علياً قرأ آية من كتاب الله فخر في محرابه ميتاً.
(وبه) قال أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن جعفر بقراءتي عليه في منزله في بني حرام بالبصرة، قال أخبرنا أبو أحمد الحسن بن الصباح، عن أبي المنذر، قال: قال عبد الرحمن بن حسان:
ألا أبلغ معاوية بن حرب ... فقد أبلغتم الحنق الصدورا
تقون بنا نفوسكم المنايا ... عسى بكم الدوائر أن تدورا
بحرب لا ترى الأموي فيها ... ولا الثقفي إلا مستجيرا
(وبه) قال أخبرنا أبو ذر محمد بن إبراهيم بن علي الصالحاني قراءة عليه، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حبان، قال أخبرنا إسحاق بن جميل، قال حدثنا محمد بن عمرو بن العباس، قال سمعت سفيان بن عيينة يقول: قال مطرف بن طريف: ما أحب أني كذبت وأن لي الدنيا وما فيها.