قالت: يا عبد الله إن مجلسك مجلس ريبة فقم، فقال لها: أنا مسلم بن عقيل فهل عندك مأوى؟ قالت: نعم، أدخل، وكان ابنها مولى لمحمد بن الأشعث، فلما علم به الغلام انطلق إلى محمد فأخبره، فانطلق محمد إلى عبيد الله فأخبره، فبعث عبيد الله عمرو بن حريث المخزومي صاحب شرطة إليه ومعه محمد، فلم يعلم مسلم حتى أحيط بالدار، فلما رأى ذلك مسلم خرج بسيفه فقاتلهم، فأعطاه محمد الأمان فأمكن من يده، فجاء إلى عبيد الله بن زياد، فأمر به فأصعد إلى أعلى القصر فضرب عنقه، وألقى جثته إلى الناس وأمر بهانئ فسحب إلى الكناسة فصلب هناك، وقال شاعرهم:
فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري
إلى هانئ بالسوق وابن عقيل
أصابهم أمر الإمام فأصبحا
أحاديث من يسعى بكل سبيل
أتركب أسماء الهماليج آمناً
وقد طلبته مذحج بقتيل
وأقبل الحسين عليه السلام بكتاب مسلم كان إليه، حتى إذا كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال لقيه الحر بن يزيد التميمي، فقال له: أين تريد؟ قال: أريد هذا المصر، قال له: ارجع فإني لم أدع لك خلفي خيراً أرجوه، فهم أن يرجع، وكان معه إخوة مسلم بن عقيل، قال: والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل، فقال: لا خير في الحياة بعدكم، فسار فلقيه أول خيل عبيد الله بن زياد، فلما رأى ذلك عدل إلى كربلاء فأسند ظهره إلى قصب أو خلاف لا يقاتل إلا من وجه واحد، فنزل وضرب أبنيته، وكان أصحابه خمسة [191] وأربعين فارساً ونحواً من مائة رجل.

وكان عمر بن سعد بن أبي وقاص قد ولاه عبيد الله بن زياد الري وعهد إليه عهداً، فقال: اكفني هذا الرجل، فقال: اعفني، فأبى أن يعفيه، قال: فانظرني الليلة فأخره، فنظر في أمره، فلما أصبح غدا عليه راضياً بما أمر به، فتوجه عمر بن سعد إلى الحسين بن علي عليهما السلام، فلما أتاه قال له الحسين: اختر واحدة من ثلاث: إما أن تَدَعُوني فالحق بالثغور، وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني فأنصرف من حيث جئت، فقبل ذلك عمر بن سعد، فكتب إلى عبيد الله بن زياد بذلك، فكتب إليه عبيد الله: لا ولا كرامة حتى يضع يده في يدي، فقال الحسين بن علي عليهما السلام: لا والله لا يكون ذلك أبداً، فقاتله فقتل أصحابه كلهم وفيهم بضعة عشر شاباً من أهل بيته ونحى سهم فيقع بابن له صغير في حجره فجعل يمسح الدم عنه ويقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا ثم يقتلونا، ثم دعا بسراويل حبره فشقه ثم لبسه، ثم خرج بسيفه فقاتل حتى قتل عليه السلام، فقتله رجل من مذحج، وحز رأسه وانطلق به إلى عبيد الله لعنه الله فقال:
أوقر ركابي فضة وذهبا ... فقد قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس أماً وأبا ... وخيرهم إن ينسبون نسبا
فوفد هو إلى يزيد بن معاوية لعنهم الله تعالى ومعه الرأس، فوضع بين يديه وعنده أبو برزة الأسلمي، فجعل يزيد يُنَكّت بالقضيب على فيه ويقول:
نفلق هاماً من رجال أعزة
علينا وهم كانوا أعق وأظلما

فقال له أبو برزة: ارفع قضيبك فوالله لربما رأيت فاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على فيه يلثمه، وسرح عمر بن سعد بحرمه وعياله إلى عبيد الله ولم يكن بقي من أهل بيت الحسين عليه السلام إلا غلام كان مريضاً مع النساء، فأمر به عبيد الله ليقتل فطرحت زينب بنت علي عليه السلام نفسها عليه وقالت: لا يقتل حتى تقتلوني، فرق له فتركه وكف عنه، ثم جهزهم وحملهم إلى يزيد، فلما قدموا عليه جمع من كان بحضرته من أهل الشام ثم دخلوا عليه، فهنأوه بالفتح، فقام رجل منهم أزرق أحمر، فنظر إلى وصيفة من بناتهم، فقال: يا أمير المؤمنين، هب لي هذه، فقالت زينب: لا والله ولا كرامة لك ولا له، إلا أن يخرج من دين الله عزّ وجلّ، فأعادها الأزرق، فقال له يزيد: كف، ثم أدخلهم إلى عياله، ثم جهزهم وحملهم إلى المدينة، فلما دخلوها خرجت امرأة من بني عبد المطلب ناشرة شعرها، واضعة كمها على رأسها تلقتهم وهي تقول:
ماذا تقولون إن قال النبي لكم
ماذا فعلتم وأنتم خيرة الأمم
بعترتي وبأهل بعد مفتقدي
منهم أسارى وقتلى ضرجوا بدم
قال أبو الوليد هذا البيت لم أسمعه من خالد:
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم
أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
(وبه) قال أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي، قال حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب قراءة عليه، قال أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، قال حدثنا السكن بن سعيد الجرموزي، عن العباس بن هشام، عن أبيه، عن محمد بن القاسم الهاشمي قال: قال المغيرة بن نوفل الهاشمي [192] للجراح بن سنان الأسدي لما طعن الحسين بن علي عليهما السلام:
إذا سقى الله عبداً صوب غادية
فلا سقى الله جراحاً من الديم
أعني به ابن سنان شر من حملت
أنثى ومن شر من يمشي على قدم
شلت يمينك من غاد بمعوله
على فتى ليس بالواني ولا البرم
يا نصر نصر قعين كيف نومكم
وقد أتيتم عظيماً ليس بالأمم
حاشا جذيمة إني غير ذاكرها

ولا بني جابر لم ينطفوا بدم
قال أبو بكر الجراح بن سنان، هذا الذي طعن الحسين بن علي عليهما السلام من بني أسد من بني نصر بن قعين.
(وبه) قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن طلحة بن إبراهيم بن غسان بقراءتي عليه، قال حدثنا أبو الطيب عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن شيبة المقري العطار مغسل الخلفاء، قال حدثنا ابن المكرم -يعني محمد بن الحسين، قال حدثنا محمد بن علي بن الحسين بن شفيق، قال حدثنا النضر بن شميل، قال أخبرنا هشام القردوسي(1)، عن حفصة بنت سيرين، عن أنس قال: كنت عند ابن زياد إذ جيء برأس الحسين بن علي عليهما السلام، قال: فجعل يقول بقضيب في أنفه: ما رأيت مثل هذا حسناً، ثم تذكر، فقلت: أما إنه كان من أشبههم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
(وبه) قال أخبرنا ابن غسان، قال حدثنا أبو الطيب، قال حدثنا ابن مكرم، قال حدثنا نصر بن علي، قال أخبرني أبي، قال حدثني الحسن، عن أبي الحسناء قال: سمعت أبا العالية البراء قال: لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام أتى عبيد الله بن زياد برأسه، فأرسل إلى أبي برزة، وكان في أبي برزة بعض العظم، كذا قال السيد وأظنه بعض القصر، قال له عبيد الله: أي محمديكم هذا الدحداح؟ قال أبو برزة: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما كنت أحسب أن أعيش حتى يعيرني إنسان بصحبة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قال عبيد الله: كيف ترى شأني وشأن الحسين يوم القيامة، قال: الله أعلم، وما علمي بذلك، قال: إنما سألتك عن رأيك؟ قال: إن سألتني عن رأيي فإن حسيناً يشفع له يوم القيامة أبوه محمد ويشفع لك زياد، قال: أخرج فلولا ما جعلت لك لضربت عنقك، حتى إذا بلغ باب الدار قال: ردوه، فقال: لئن لم تغدو علي وتروح لأضربن عنقك.
__________
(1) القردوسي: بالقاف.

الحديث التاسع (في التوبة وما يتصل بذلك)
(وبالإسناد) المتقدم إلى السيد الإمام المرشد بالله رضي الله عنه، قال أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأزجي قراءة عليه في منزله بباب الأزج ببغداد، قال حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد المفيد إملاء بجرجرايا في شوال سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، قال حدثنا أبو عمران موسى بن هارون بن عبد الله بن مروان البزاز ويعرف بالحمال، قال حدثنا سليم بن منصور بن عمار، قال حدثني أبي، عن المنكدر بن محمد، عن أبيه.

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن فتى من الأنصار يقال له ثعلبة بن عبد الرحمن [193] وكان يحف للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعثه في حاجة فمر بباب رجل من الأنصار، فرأى امرأة الأنصاري تغتسل فكرر النظر وخاف الوحي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فخرج هارباً على وجهه، فنزل جبالا بين مكة والمدينة، ففقده النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم إن جبريل عليه السلام نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن الهارب من أمتك بين هذه الجبال يتعوذ بي من ناري، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا عمر ويا سلمان انطلقا فأتياني بثعلبة، فخرجا من أنقاب المدينة فلقيهما راع من رعاة الإبل يقال له ذفافة، فقال له عمر: يا ذفافة، هل لك علم بشاب هارب بين هذه الجبال، فقال له ذفافة: لعلك تريد الهارب من جهنم، فقال له عمر: ما علمك أنه هرب من جهنم؟ قال: لأنه إذا كان في جوف الليل خرج من بين هذه الجبال واضعاً يده على أم رأسه وهو ينادي: يا ليتك قبضت روحي في الأرواح وجسدي في الأجساد ولا تجردني لفصل القضاء، قال: إياه نريد، فخرج بهما ذفافة، فلما كان في جوف الليل خرج عليهم فغدا عمر عليه فاحتضنه، فقال: الأمان الأمان، متى الخلاص من النار، فقال عمر بن الخطاب: أنا عمر بن الخطاب، قال: يا عمر، هل علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذنبي؟ قال: لا علم لي إلا أنه ذكرك بالأمس فأرسلني وسلمان في طلبك، فقال: يا عمر، لا تدخلني عليه إلا وهو في الصلاة أو بلال يقول قد قامت الصلاة، فقال له عمر: أفعل، فأقبلوا إلى المدينة فوافق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في صلاة الغداة، فبدر عمر وسلمان الصف، فلما سمع ثعلبة قراءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم خر مغشياً عليه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -يعني الصلاة- قال: يا عمر ويا سلمان، ما فعل

ثعلبة بن عبد الرحمن؟ قالا: هو ذا يا رسول الله، فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحركه فانتبه، فقال له: يا ثعلبة ما غيبك عني؟ فقال: ذنبي يا رسول الله، فقال: أفلا أدلك على آية تمحو الذنوب والخطايا؟ قال: بلى، قال: قل: ((اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار))، قال: ذنبي يا رسول الله أعظم؟ قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: بل كلام الله أعظم، فأمره النبي بالإنصراف إلى منزله، فمرض ثمانية أيام، ثم إن سلمان أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله هل لك في ثعلبة فإنه لما به. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قوموا بنا إليه، فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدخل عليه فأخذ رأسه فوضعه في حجره، فأزال رأسه من حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لم أزلت رأسك؟ فقال: لأنه من الذنوب ملآن، قال: ما تجد؟ قال: أجد مثل دبيب النمل بين جلدي وعظمي، قال: فما تشتهي؟ قال: مغفرة ربي، قال: فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: يا أخي إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: لو أن عبدي هذا لقيني بقراب الأرض خطيئة لقيته بقرابها مغفرة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فصاح صيحة فخر ميتاً، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بغسله وكفنه وصلى عليه، فلما فرغ من الصلاة عليه أقبل يمشي على أطراف أنامله، فلما وضعه في لحده وسوى عليه، قال قائل: يا رسول رأيناك تمشي على أطراف أناملك؟ فقال: والذي بعثني بالحق ما قدرت أن أضع رجلي على الأرض لكثرة أجنحة من نزل يشيعه من الملائكة.

(وبه) قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن عبد الله بن رستة بن المهيار البغدادي نزيل أصفهان بقراءتي عليه، قال حدثنا أبو الطيب عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن شيبة إملاء بالبصرة في رجب سنة [194] سبع وستين وثلاثمائة، قال أخبرنا أبو الحسن بكر بن أحمد بن مقبل، قال أخبرنا أحمد بن سنان القطان، قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن عبد الكريم الحريري، عن زياد بن أبي مريم، عن عبد الله بن معقل قال: سألت ابن مسعود: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الندم توبة؟ قال: نعم.
(وبه) قال أخبرنا إبراهيم بن طلحة بن إبراهيم بن غسان بقراءتي عليه في الطريفي الكبير، قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن شيبة، قال حدثنا بكر بن أحمد بن مقبل، قال أخبرني عمران بن عبد الرحيم الأصفهاني بأصفهان، قال حدثنا خليفة بن خياط، قال حدثنا عبد الوهاب، عن محمد بن زياد، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب.
عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((قال الله تعالى: (إذا تاب عبدي إليّ نسيت جوارحه عمله، ونسيت البقاع، ونسيت حافظيه حتى لا يشهدا عليه)).
(وبه) قال أخبرنا السيد، قال بكر بن أحمد، قال عمران بن عبد الرحيم: أنا أفدت أبا زرعة الرازي هذا الحديث حين سأله عنه خليفة قال: لو لم أسمع منه إلا هذا الحديث الواحد لكان كثيراً.
(وبه) قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن عبد الله بن رسته بن المهيار البغدادي نزيل أصفهان، قال حدثنا أبو الطيب عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن شيبة إملاء بالبصرة في رجب سنة سبع وستين وثلاثمائة، قال حدثنا أبو الحسن بكر بن أحمد بن مقبل، قال حدثنا محمد بن غالب بن حرب، قال حدثنا صالح بن حرب مولى بني هاشم، قال حدثنا إسماعيل بن عبيد الله التيمي، قال حدثنا مسعر، عن حميد.

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((التسويف شعاع الشيطان يلقيه في قلوب المؤمنين)).
(وبه) قال أخبرنا إبراهيم بن طلحة بن إبراهيم بن غسان بقراءتي عليه في منزله بالبصرة، قال حدثنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي سعيد العامري الكوفي، قال حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان، قال حدثنا أبي، قال أخبرنا خلف بن أيوب العامري، عن أبي مدعور، عن لبطة بن الفرزدق، عن أبيه قال: قال لي أبو هريرة: قدماك هاتان صغيرتان، فإن استطعت أن تحوز لهما مقاماً عند حوض محمد صلى الله عليه وآله وسلم فافعل، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((إن باب التوبة مفتوح حتى يغرغر العبد بنفسه)).
(وبه) قال سمعت أبا الحسن أحمد بن محمد بن أحمد يقول: سمعت أبا الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري يقول: سمعت إبراهيم بن عبيد الله بن أيوب المخرمي يقول: سمعت سري -يعني السقطي يقول: من دخل الخشوع قلبه، ظهر الوقار على جوارحه.
(وبه) قال أخبرنا أبو الحسن، قال سمعت أبا عمر بن حيوية يقول: سمعت أبا عبيد بن حربويه القاضي يقول: سمعت سري السقطي يقول: من النذالة أن يأكل الإنسان بدينه.
(وبه) قال سمعت أبا الحسن يقول: سمعت أبا عمر بن حيويه يقول: سمعت أبا عبيد بن حربويه يقول: سمعت سري السقطي يقول: من مرض فلم يتب فهو كمن عولج فلم يبرأ.
(وبه) قال أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن محمد بن علي بن إبراهيم الشيرازي صاحب الرباط بأبي قريش بقراءتي عليه، قال حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص المعروف بابن الحماني، قال حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن النقاش قال: قال أحمد بن يحيى ثعلب: دخلت على أحمد بن حنبل يوماً فسمعته يقول: كنت في البصرة في بعض مجالس العلماء فرأيت شيخاً، فسألت عنه، فقيل أبو نواس، [195] فقلت: أنشدني شيئاً من شعرك في الزهد، فأنشأ يقول:

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما يخفى عليه يغيب
لهونا عن الأيام حتى تتابعت ... علينا ذنوب بعدهن ذنوب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى ... ويأذن في توباتنا فنتوب
أقول إذا ضاقت عليّ مذاهبي ... وحل بقلبي للهموم نذوب(1)
لطول جناياتي وعظم خطيئتي ... هلكت ومالي في المتاب نصيب
فأغرق في بحر المخافة آيساً ... وترجع نفسي تارة فتتوب
وتذكر عفواً للكريم ورحمة ... فأحيا وأرجو عفوه فأنيب
وأخضع في قولي وأرغب سائلاً ... عسى كاشف البلوى عليّ يتوب
(وبه) قال حدثنا السيد الإمام المرشد بالله رحمه الله، قال أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن أحمد الجوزذاني المقري بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن إبراهيم بن شهدل المديني، قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي، قال أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن سعيد، قال حدثنا أبي، قال حدثنا حصين بن المخارق أبو جنادة، عن خليفة بن حسان، عن الإمام أبي الحسين زيد بن علي عليهما السلام: الأواه: التواب.
(وبه) قال أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الذكواني، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قال وسمعته -يعني أبا عبد الله عمرو بن عثمان المكي، يقول: وقال في مسألة في التوبة: التوبة على تفسير اللغة: هو الرجعة، ولذلك فرض الله حق التوبة على الخلق لما ذهلوا عنه، واشتغلوا بالمعاصي، فافترض عليهم الرجوع إليه عما ذهلوا به عنه؛ لأن التائب هو الراجع، كذلك تقول العرب.
(وبه) قال أخبرنا أبو بكر بن ريذة قراءة عليه بأصفهان، قال أخبرنا الطبراني، قال حدثنا علي بن إبراهيم العامري الكوفي، قال حدثنا أحمد بن يونس، قال حدثنا الحسن بن صالح، عن أبي سعيد البقال، عن عبد الله بن معقل.
__________
(1) أي جروح.

38 / 120
ع
En
A+
A-