وقال عمر: بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، فأنزل الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}.
ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب كتب له صيام ستين شهراً، وهو أول يوم هبط جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالرسالة. لفظ حديث ابن عبيد وهو أتم.
(وبه) قال أخبرنا إبراهيم بن طلحة بن إبراهيم بن غسان بقراءتي عليه في منزله بالبصرة، قال حدثنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي سعيد العامري الكوفي، قال حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان، قال حدثنا أبي، قال حدثنا علي بن خلف عن عبد النور.
عن داود بن يزيد الأودي، عن أبيه قال: جاء رجل إلى أبي هرير وهو جالس عند أبواب كندة في مسجد الكوفة، فقال: أنشدك بالله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه))؟ قال: اللهم نعم، ولولا أنك ناشدتني ما ذكرته، فقال: اللهم لا أعلم إلا قد عاديت من والاه وواليت من عاداه، فقال له الناس: اسكت اسكت.
(وبه) قال أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسن، قال حدثنا [146] محمد بن بكير، قال حدثنا عطاف بن خالد المخزومي، قال حدثني إسماعيل بن رافع أبو رافع.

عن أنس بن مالك قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مسجد منى قاعداً، فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف فسلما عليه، وقالا: جئنا يا رسول الله لنسألك، فقال: إن شئتم أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه فعلت، وإن شئتما أسكت فتسألاني فعلت، فقالا: أخبرنا يا رسول الله نزدد إيماناً ونزدد يقيناً، فقال الأنصاري للثقفي: سل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: بل أنت فإني أعرف لك حقك فاسأله.
قال: أخبرني يا رسول الله.
قال: جئتني تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه، وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما، وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه، وعن وقوفك عشية عرفة وما لك فيه، وعن رميك الجمار وما لك فيه، وعن نحرك وما لك فيه، وعن حلقك رأسك وما لك فيه، وعن طوافك بالبيت بعد ذلك وما لك فيه -يعني الإفاضة.
قال: والذي بعثك بالحق نبياً لعن هذا جئت أسألك.
قال: فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام فلا تضع ناقتك خفاً ولا ترفعه إلا كتب الله لك حسنة ومحا عنك به خطيئة، وأما طوافك بالبيت فإنك لا تضع رجلاً ولا ترفعها إلا كتب الله لك بها حسنة ومحا عنك بها خطيئة ورفعك بها درجة، وأما ركعتاك بعد الطواف فكعتق رقبة من ولد إسماعيل، وأما طوافك بالصفا والمروة فكعتق سبعين رقبة، وأما وقوفك عشية عرفة فإن الله تعالى يهبط إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، يقول: هؤلاء عبادي جاءوني شعثاً من كل فج عميق يرجون رحمتي ومغفرتي، فلو كان ذنوبكم عدد الرمل أو كعدد القطر أو كزبد البحر لغفرتها، أفيضوا عبادي مغفوراً لكم، ولمن شفعتم له. وأما رميك الجمار فلك بكل حصاة رميتها كبيرة من الكبائر الموبقات الموجبات، وأما نحرك فمذخور لك عند ربك، وأما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة حلقتها حسنة ومحا عنك خطيئة.
قال: يا رسول الله فإن كانت الذنوب أقل من ذلك؟

قال: إذاً يدخر لك ذلك في حسناتك. وأما طوافك بالبيت الحرام بعد ذلك فإنك تطوف ولا ذنب لك يأتي ملك حتى يضع يده بين كتفيك ثم يقول: اعمل لما سيقبل فقد غفر لك ما مضى.
قال الثقفي: أخبرني يا رسول الله.
قال: جئتني لتسألني عن الصلاة.
قال: والذي بعثك بالحق نبياً لعنها جئت أسألك.
قال: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء فإنك إذا تمضمضت انتثرت الذنوب من بين شفتيك، وإذا استنثرت انتثرت الذنوب من بين منخريك، وإذا غسلت وجهك انتثرت الذنوب من أشفار عينيك، وإذا غسلت يديك انتثرت الذنوب من أظفار يديك، وإذا مسحت برأسك انتثرت الذنوب عن رأسك، وإذا غسلت رجليك انتثرت الذنوب من أظفار قدميك، ثم إذا قمت إلى الصلاة فاقرأ من القرآن ما تيسر، فإذا ركعت فأمكن يديك من ركبتيك وافرق بين أصابعك حتى تطمئن راكعاً، ثم إذا سجدت فأمكن وجهك من الأرض حتى تطمئن ساجداً، وصل من أول الليل وآخره.
قال: يا رسول الله أرأيت إن صليت كله؟
قال: فأنت إذاً أنت.
(وبه) قال أنشدنا شيخنا أبو الفضل يوسف بن محمد بن أحمد الجلودي الفقيه في جمادى الأولى من سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وكتب إلي بخطه، قال أنشدني أبو عبد الله الحسين بن محمد البغدادي، قال: حججت مع المعري الشاعر وشاهدته واقفاً عند المستجار متعلقاً بأستار الكعبة يقول:
ستور بيتك ظل الأمن منك وقد ... علقتها مستجيراً أيها الباري
وما أظنك لما أن علقت بها ... خوفاً من النار تدنيني من النار
فها أنا جار بيت أنت قلت لنا ... حجوا إليه وقد وصيت بالجار[147]

الحديث السابع (في فضل أهل البيت عليهم السلام كافة وما يتصل بذلك)
(وبالإسناد) المتقدم قال حدثنا السيد الإمام أدام الله تأييده إملاء من لفظه، قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن ريذة قراءة عليه بأصفهان وأنا أسمع، قال أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، قال حدثنا حرب بن الحسن الطحان، قال حدثنا حسين الأشقر، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير.
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما نزلت: {قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} قالوا: يا رسول الله ومن قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: ((علي وفاطمة وابناهما عليهم السلام)).
(وبه) قال السيد أخبرنا أبو الحسين أحمد بن الحسين بن التوزي القاضي بقراءتي عليه ببغداد، قال أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، قال حدثنا أبو حفص عمر بن داود بن عنبسة المعروف بابن بيان العماني، قال حدثنا محمد بن عيسى الواسطي أبو بكر، قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال حدثنا الحسين بن الحسن الأشقر، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير.
عن ابن عباس قال: لما نزلت: {قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله عزّ وجلّ بمودتهم؟ قال: فاطمة وولدها.
قال السيد: كأنما سمعته في الرواية الأولى عن المرزباني ومات سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
(وبه) قال أخبرنا محمد بن علي بن محمد المؤدب المعروف بالمكفوف بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قال حدثنا موسى بن هارون هو الجمال، قال حدثنا عباد بن يعقوب، قال حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله تعالى: {سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} قال: على آل محمد.

(وبه) قال أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن العلاف بقراءتي عليه، قال حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي، قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله البصري، قال حدثنا سليمان بن أحمد، قال حدثنا الوليد بن مسلم، قال حدثنا الأوزاعي، قال حدثنا شداد أبو عمار، عن واثلة بن الأسقع أنه حدثه قال: طلبت علياً عليه السلام في منزله فقالت فاطمة عليها السلام: ذهب يأتي برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال: فجاءآ جميعاً فدخلا ودخلت معهما، فأجلس علياً عليه السلام عن يساره وفاطمة عليها السلام عن يمينه والحسن والحسين عليهما السلام بين يديه، ثم التفع عليهم بثوبه ثم قال: (({إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، اللهم هؤلاء أهلي، اللهم هؤلاء أهلي أحق، قال واثلة: فقلت من ناحية البيت: وأنا من أهلك يا رسول الله؟ قال: وأنت من أهلي))، قال واثلة: فذلك أرجى ما أرجو من عملي.
(وبه) قال أخبرنا محمد بن علي بن محمد المكفوف بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قال حدثنا محمد بن يحيى، قال حدثنا إسحاق بن الفيض، قال حدثنا سلمة بن الفضل، قال حدثنا شملال بن إسحاق، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: {عَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} قال: إلى ولايتنا أهل البيت. [148].
(وبه) قال أخبرنا أبو محمد، قال أخبرنا عبد الله، قال حدثنا موسى بن هارون، قال حدثنا إسماعيل بن موسى، قال حدثنا عمر بن شاكر البصري، عن ثابت البناني في قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} قال: إلى ولاية أهل البيت.

(وبه) قال أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن الحسين الجورذاني بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم بن شهدل المديني، قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال أخبرنا أحمد بن الحسن بن سعيد أبو عبد الله، قال حدثنا أبي، قال حدثنا حصين بن مخارق السلولي أبو جنادة، عن سعد، عن الأصبع، عن علي عليه السلام في قوله تعالى: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} قال: ولايتنا أهل البيت.
(وبإسناده) قال حدثنا حصين بن مخارق، عن عمر بن شمر، عن جابر، وعن أبي جعفر، وعن زياد بن المنذر، عن أبي جعفر {فِي السِّلْمِ كَافَّةً} قال: ولاية آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
(وبه) قال أخبرنا محمد بن علي المكفوف المؤدب بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قال حدثنا موسى بن هارون، قال حدثنا ابن بنت السدي، قال حدثنا الحكم بن طهير، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا} قال: الموالاة لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
(وبه) قال أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي، قال حدثنا أبو الحسين عبد الله بن محمد بن الحسين بن عبيد الله بن هارون الدقاق المعروف بابن أخي ميمي، قال حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري النحوي إملاء، قال حدثني عمي أبو العباس أحمد بن يسار بن الحسن، قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد الترسي، قال حدثنا يحيى بن حماد، قال حدثنا أبو عوانة، عن سليمان بن مهران الكاهلي وهو الأعمش، عن يزيد بن حيان.
عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، قلت: يا رسول الله ومن أهل بيتك؟ قال: آل علي، وآل جعفر، وآل العباس، وآل عقيل)).

(وبه) قال أخبرنا عالياً أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب بن علي الكاتب المعروف بابن قفرجل بقراءتي عليه، قال أخبرنا جدي أبو بكر محمد عبيد الله بن الفضل بن قفرجل، قال حدثنا محمد بن هارون، قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد الترسي، قال حدثنا يحيى بن حماد، قال أخبرنا أبو عوانة، عن سليمان الأعمش، عن يزيد بن حيان.
عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، قال: قلنا: ومن أهل بيتك؟ قال: آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل العباس)) فكأنما سمعته من ابن أخي ميمي شيخ شيخي في الرواية الأولى، ومات ليلة الجمعة ودفن يوم الجمعة في الثامن والعشرين من شعبان من شهور سنة تسعين وثلاثمائة قبل مولدي باثنتين وعشرين سنة، والله المحمود على منته.

(وبه) قال أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قال حدثنا أبو الفرج عبد الواحد بن نصر المخزومي المعروف بالببغا وكتبته من إملائه، قال: كنت بصور في سني نيف وخمسين وثلاثمائة عند أبي علي محمد بن علي المستأمن وإنما لقب بذلك لأنه استأمن من عسكر القرامطة إلى أصحاب السلطان بالشام [149] وهو على حماية البلد فجاءه قاضيها أبو القاسم بن إبان وكان شاباً أديباً فاضلاً جليلاً واسع المال عظيم الثروة ليلا، فاستأذن عليه فأذن له، فلما دخل عليه قال: أيها الأمير قد حدث الليلة أمر ما لنا بمثله عهد، وهو أن في هذا البلد رجلاً ضريراً يقوم كل ليلة في الثلث الأخير فيطوف بالبلد ويقول بأعلى صوته: يا غافلين أذكروا الله، يا مذنبين استغفروا الله، يا مبغض معاوية عليك لعنة الله، وإن رابتي التي ربتني كانت لها عادة في أن تنتبه على صياحه، فجاءتني الليلة وأيقظتني وقالت لي: كنت نائمة فرأيت في منامي كأن الناس يهرعون إلى المسجد الجامع، فسألت عن السبب، فقالوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هناك، فتوجهت إلى المسجد فدخلته، ورأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على المنبر وبين يديه رجل واقف وعن يمينه ويساره غلامان واقفان، والناس يسلمون على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويرد عليهم السلام، حتى رأيت الضرير الذي يطوف في البلد ويذكر ويقول كذا وكذا -وأعادت ما يقول في كل ليلة- قد دخل فسلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأعرض عنه، وعاوده فأعرض عنه، وعاوده ثالثة فأعرض عنه، فقال الرجل الواقف: يا رسول الله رجل من أمتك ضرير يحفظ القرآن يسلم عليك فلم حرمته الرد عليه؟ فقال: يا أبا الحسن هذا يلعنك ويلعن ولدك منذ ثلاثين سنة، فالتفت الرجل الواقف فقال: يا قنبر، فإذا أنا برجل قد بدر، فقال اصفعه، فصفعه صفعة فخر على وجهه، ثم انتبهت فلم أسمع له صوتاً، وهذا هو الوقت الذي جرت عادته فيه بالصياح والطواف والتذكير.

قال أبو الفرج: فقلت: أيها الأمير فننفذ من يعرف خبره، فأنفذنا في الحال رسولاً قاصداً ليخبر أمره، فجاءنا يعرفنا أن امرأته ذكرت أنه عرض له في هذه الليلة حكاك شديد في قفاه فمنعه من التطواف والتذكير، فقلت لأبي علي المستأمن: أيها الأمير هذه آية ونحب أن نشاهدها، فركبنا وقد بقيت من الليل بقية يسيرة وجئنا إلى دار الضرير فوجدناه نائماً على وجهه يخور، فسألنا زوجته عن حاله، فقالت: انتبه وحك هذا الموضع -وأشارت إلى قفاه- وكان قد ظهر فيه مثل العدسة وقد اتسعت الآن وانفتحت وتشققت وهو الآن على ما تشاهدون يخور ولا يعقل فانصرفنا وتركناه، فلما أصبحنا توفي وأكب أهل صور على تشييع جنازته وتعظيمه.
قال أبو الفرج: واتفق أني وردت إلى باب عضد الدولة بالموصل في سنة ثمان وستين وثلاثمائة لزمت دار خازنه أبي نصر خرشيد بن ديار بن مافنه، وكان يجتمع فيها في كل يوم خلق كثير من طبقات الناس، فحدثت بهذه الحكاية جماعة في دار أبي نصر منهم القاضي أبو علي التنوخي رحمه الله وأبو القاسم الحسين بن محمد الجناني وأبا إسحاق النصيبي وابن طرخان وغيرهم، فكلهم رد عليّ واستبعد ما حكيته على أشنع وجه، غير القاضي أبي علي فإنه جوز أن تكون هذه الحكاية صحيحة، وشيدها وحكى في معناها ما يقاربها، ثم مضت على هذه مدة يسيرة فحضرت دار أبي نصر على العادة واتفق حضور أكثر الجماعة، فلما استقر بي المجلس سلم علي فتى شاب لم أعرفه فاستثبته فقال: أنا ابن أبي القاسم بن أبان قاضي صور، فبدأت فأقسمت عليه بالله يميناً مكررة مؤكدة وبأيمان كثيرة مغلظة محرجة إلا صدق فيما أسأله عنه، فقال: نعم، عندي أنك تريد أن تسألني عن المنام والضرير المذكر وميتته الطريفة، فقلت: نعم هو ذاك، فبدأهم وحدثهم بمثل ما حدثتهم به، فعجبوا من ذلك واستطرفوه.

(وبه) قال أنشدنا أبو نصر أحمد بن مسرور المقري ببغداد، قال أنشدني أبو محمد الحسن بن محمد المعروف بالساري صاحب أبي عبد الله المرزباني، قال أنشدنا والدي لنفسه: [150]
لن يبلغوا مدح النبي وآله ... قوم إذا ما بالمدائح فاهوا
رجل يقول إذا تحدث قال لي ... جبريل أرسلني إليك الله
(وبه) قال أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الذكواني، قال أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسحاق بن زيد المعدل، قال أخبرنا أبو بكر محمد بن ماهان، قال حدثنا عمران بن عبد الرحيم، قال حدثنا الحماني، قال حدثنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عبادة(1).
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قول الله عزّ وجلّ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب، ألا وإن الله تبارك وتعالى اختارني من ثلاثة من أهل بيتي على جميع أمتي وأنا سيد الثلاثة، وسيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر.
__________
(1) الصواب عباية عن ابن عباس، وهو عباية بن ربعي وهذا الحديث أخرجه محمد بن سليمان الكوفي في المناقب فقال: حدثنا خضر بن إبان قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال أخبرنا قيس بن الربيع، عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن ابن عباس قال قال رسول الله.

29 / 120
ع
En
A+
A-