(وبه) قال أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن عثمان بن السواق بقراءتي عليه من أصل كتابه، قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي، قال حدثنا أبو الحسن إدريس بن عبد الكريم الحداد المقري، قال حدثنا خلف بن هشام بن البزاز، قال حدثنا عبد الوهاب -يعني ابن عطاء، عن بشر بن نمير، عن القاسم مولى خالد بن يزيد بن معاوية قال:
أخبرني أبو أمامة الحمصي(1) أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((من قرأ ثلث القرآن أعطي ثلث النبوة، ومن قرأ ثلثيه أعطي ثلثي النبوة، ومن قرأ القرآن كله أعطي النبوة كلها ويقال له يوم القيامة: اقرأ وارقه بكل آية درجة حتى ينجز ما معه من القرآن، ثم يقال له اقبض فيقبض هذه، ثم يقال له اقبض فيقبض، ثم يقال له هل ترى ما في يديك؟ فإذا في يده اليمنى الخلد وفي الأخرى النعيم)).
(وبه) قال أخبرنا أبو نصر إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله الكسائي بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حشيش المعدل قراءة عليه، قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن مخلد الداركي، قال حدثنا إسماعيل بن عمرو، قال حدثنا حفص بن سليمان، عن كثير بن زاذان، عن عاصم بن ضمرة.
عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من قرأ القرآن فاستظهره وحفظه أدخله الله الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت له النار)).
__________
(1) هو أبو أمامة الباهلي الصدي بن عجلان، فإنه سكن في حمص ومات بها سنة إحدى وثمانين، وقيل سنة ست وثمانين، وهو آخر من مات بالشام من الصحابة في قول بعضهم، ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب.

(وبه) قال أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن جعفر بن الحسن العسكري نزيل البصرة، قال أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال وأخبرني أبي، قال أخبرنا إبراهيم بن حرب العسكري، قال أخبرني العباس بن بكار، عن عيسى بن عمر النحوي قال: أقبلت مجرمزاً حتى أقعنيت عند الحسن فسمعته يقول: قرأ هذا القرآن ثلاثة رجال: فرجل قرأه فاتخذه بضاعة فنقله من بلد إلى بلد ومن مصر إلى مصر يبتغي ما عند الناس، وقوم قرأوه فثقفوه كما يثقف القدح أقاموا حرفه وضيعوا حدوده واستردوا به ما عند الولاة واستطالوا به على الناس، يقول أحدهم: والله ما أسقط من القرآن حرفاً، ومتى كانت القراء كذا مالهم كثر الله بهم القبور وأخلى منهم الدور، وقوم قرأوا القرآن فوضعوه على القلوب فهملت لذلك أعينهم وذبلت شفاههم وأسهروا ليلهم وأظموا نهارهم وخنوا في برانسهم وبكوا في محاريبهم فبهم يسقى الغيث، وبهم يدفع الله اللأواء، وبهم يقضي الله على الأعداء، والله لهذا الضرب من القراء أعز من الكبريت الأحمر.
قال أبو أحمد: قول عيسى أقبلت مجرمزاً، المجرمز: المجتمع المنقبض من قولهم جمع جراميزه، اقعنيت، يعني جمعت على ثيابي، والإقعناء الاستثفار، وقول الحسن: وخنوا في برانسهم، الخنين: تردد البكاء في الأنف.

(وبه) قال أخبرنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم الصيرفي الخراساني بأصفهان بقراءتي عليه بها في جامعها، قال أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك المقري في شهر رمضان سنة سبع وثلاثمائة، قال حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحسن المعروف بابن متويه إمام المسجد الجامع، قال: قرأت على عبد العزيز بن محمد بن إسحاق الدمشقي، عن أحمد بن عاصم الأنطاكي، قال: تلذذت الجوارح بذكرها، وهشت الأبدان لاستماعها، ووضحت للعقول حقائقها، وهان على السامع وعيها، مستأنسة إليها أرواح الموقنين، مطمئنة إليها أنفس المتقين، والهة إليها أبصار المفكرين، قنعة بها قلوب المستبصرين، متناهية [85] إليها أوهام المتوهمين، ساكنة إليها فكر الناظرين، مستبشرة بها إخلاص الصديقين، كلمة خفت على القلوب محملها، ولان على الجوارح لفظها، وسلس على الألسن تردادها، وعذب على اللهوات مقالتها، وبرد على الأكباد لذاذتها -يعني القرآن.
(وبالإسناد) المتقدم قال حدثنا السيد الإمام الأجل قدس الله روحه إملاء من لفظه، قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن ريذة قراءة عليه بأصفهان، قال أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، قال حدثنا بكر بن سهل، قال حدثنا عبد الله بن يوسف، قال حدثنا الهيثم بن حميد، قال أخبرني زيد بن واقد، عن سليمان بن موسى، عن كثير بن مرة.
عن تميم الداري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((من قرأ مائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة)).
(وبه) قال السيد أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان بقراءتي عليه، قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، قال حدثنا محمد بن غالب، قال حدثنا عبد الصمد بن النعمان، قال حدثنا محمد بن طلحة، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوسجة.
عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((زينوا القرآن بأصواتكم)).

(وبه) قال أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي، قال حدثنا علي بن محمد بن سعيد الزرار الكوفي، قال أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي، قال حدثنا محمد بن الحسن البلخي، قال أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال أخبرنا مسعد، عن منصور، عن مجاهد في قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ}[الزمر:33] قال: هم الذين يجيئون بالقرآن يوم القيامة قد اتبعوه، أو قال: اتبعوا ما فيه.
(وبه) قال أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن عثمان البندار بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي، قال حدثنا بشر بن موسى، قال حدثنا أبو عبد الرحمن بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو بكر عبد الله بن يزيد المقري، قال حدثنا موسى بن علاء بن رباح، قال سمعت أبي قال:
سمعت عقبة بن عامر يقول: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوماً ونحن في الصفة فقال: ((أيكم يحب أن يغدوا إلى بطحان(1) أو العقيق فيأتي كل يوم بناقتين كوماوين وهراوين(2) فيأخذهما في غير إثم ولا قطع رحم؟ قال: قلنا: كلنا يا رسول الله يحب ذلك، قال: أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن أيام منى من الإبل)).
__________
(1) بطحان: بضم الباء وسكون الطاء موضع بالمدينة، والكوماء بفتح الكاف وسكون الواو الناقة عظيمة السنام.
(2) لم نجد لهذه اللفظة ذكر في النهاية، بل وجد عن القاضي العلامة أحمد الجنداري ما لفظه: في سنن أبي داود: كوماوين زهراوين تثنية زهراء: وهي البيضاء المستنيرة، وما في الكتاب وهم من الناسخ. تمت.

(وبه) قال أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الذكواني قراءة عليه، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قال حدثنا مسلم يعني ابن سعيد الأشعري، قال حدثنا مجاشع بن عمرو بن حسان الأزدي، قال حدثنا ابن لهيعة، قال حدثنا مسرح بن طعان المغافري قال:
سمعة عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((لو أن القرآن في إهاب ما مسته النار)). [86]
(وبه) قال أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد الواسطي، قال حدثنا القاسم بن عيسى الطائي، قال حدثنا هارون بن مسلم العجلي، عن عبد الله بن الأخنس، عن ابن أبي مليكة.
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)).
(وبه) قال أخبرنا أبو بكر محمد بن ريذة قراءة عليه، قال أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، قال أخبرنا أحمد بن داود المكي، قال حدثنا عمار بن مطر، قال حدثنا ليث بن سعد، عن الزهري.
عن سلمة بن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعبد الله بن مسعود: ((إن الكتب كانت تنزل من السماء من باب واحد، وإن القرآن أنزل من سبعة أبواب على سبعة أحرف، حلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وضرب أمثال، وأمر وزجر، فأحل حلاله وحرم حرامه، واعمل بمحكمه، وقف عند متشابهه، واعتبر أمثاله، فإن كلا من عند الله وما يذكر إلا أولوا الألباب)).
(وبه) قال أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأرجي بقراءتي عليه، قال حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد المفيد بجرجرايا، قال حدثنا سليمان بن محمد بن رويط، قال حدثنا أحمد بن عبد الله الكندي، قال حدثنا علي بن معبد بن شداد، قال حدثنا وهب بن راشد، عن مالك بن دينار.

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من أعطي القرآن فدخل النار فأبعده الله)).
(وبه) قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن طلحة بن إبراهيم بن غسان بقراءتي عليه في جامع البصرة، قال حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد القزويني قدم علينا، قال حدثنا محمد بن إسماعيل بن محمد الطائي الدميري القاضي بدميرة، قال حدثنا أبو جعفر أحمد بن سهل بن حريث -يعرف بابن قزعة بمصر، قال حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح، قال حدثنا أبو محمد موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، عن حميد الطويل.
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من أحب الله عزّ وجلّ أحب القرآن، ومن أحب القرآن أحبني، ومن أحبني أحب قرابتي وأصحابي، ومن أحب الله وأحب القرآن وأحبني وأحب قرابتي وأصحأبي أحب المساجد فإنها أفنية الله عزّ وجلّ وأبنيته، أذن في رفعها وبارك فيها، مباركة مبارك أهلها، محفوظ أهلها، ميمونة ميمون أهلها، هم في مساجدهم والله عزّ وجلّ في حوائجهم، هم في صلاتهم وفي ذكرهم والله عزّ وجلّ يحوط من ورائهم ويكفل بأرزاقهم)).
(وبه) قال أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الذكواني، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن حيان، قال حدثنا محمد بن عبد الرحيم -يعني ابن شبيب، قال حدثنا أبو سالم(1) الرواس العلاء(2) بن مسلمة، قال حدثنا أبو حفص(3) العبدي، عن إبان.
__________
(1) أبو سالم الرواس هو العلى بن مسلمة الذي ذكره في الميزان، قال ابن حجر في التهذيب: العلي بن مسلمة بن عثمان بن محمد بن إسحاق الرواسي أبو سالم البغدادي، ثم ذكر حسبما ذكر في الميزان من الجارحين له.
(2) ذكره الذهبي في الميزان وقال: قال الأزدي لا تحل الرواية عنه، كان لا يبالي ما روى، وقال ابن طاهر: كان يضع الحديث، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات. ا ه‍.
(3) قال في الميزان: أبو حفص العبدي واه بالمرة.

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من رفع قرطاساً من الأرض فيه بسم الله الرحمن الرحيم إجلالاً لله أن يداس كتب عند الله من الصديقين وخفف عن والديه وإن كانا مشركين)).
(وبإسناده) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من كتب بسم الله الرحمن الرحيم فجوده تعظيماً لله غفر الله له)).
(وبه) قال أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن عثمان بن السواق بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي، قال حدثنا أبو الحسن إدريس بن عبد الكريم الحداد المقري، [87] قال حدثنا خلف بن هشام البزاز، قال حدثنا عبد الوهاب -يعني ابن عطاء، عن سعد، عن قتادة، قال: بلغنا أن ابن مسعود كان يقول في هذه الآية: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ}[البقرة:121] قال: تدري ما حق تلاوته؟ قالوا: وما حق تلاوته؟ قال: أن تحل حلالاه، وأن تحرم حرامه، وأن تقرأه كما أنزل، ولا يحرف عن موضعه.
(وبه) قال أخبرنا أبو نصر إبراهيم بن محمد بن علي الكسائي بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن حنيش المعدل قرأه علينا، قال حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن مخلد الفرقدي الداركي، قال حدثنا إسماعيل بن عمرو البلخي، قال حدثنا أبو سهل عبد ربه، عن أبي إسحاق الهجري، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود قال: إن هذا القرآن مأدبة الله عز وجل، فمن استطاع منكم أن يتعلم منه شيئاً فليفعل فإنه حبل الله تعالى، والنور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، ولا يزيغ فيستعتب، ولا يعوج فيقوم، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فإن الله عزّ وجلّ يأجركم على تلاوته بكل حرف عشراً، أما إني لا أقول لكم الم ولكن بكل ألف ولا وميم.
مجلس في الحكايات والنتف

(وبه) قال حدثنا السيد الأجل الإمام قدس الله روحه إملاء من لفظه، قال أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن جعفر بن الحسن العسكري بقراءتي عليه بالبصرة في منزله في بني حرام، قال أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال أخبرنا أبو عبد الله المفجع، قال أخبرنا الخزاعي قال: قام محمد بن حبيب بن المسيب بن علس ينادي قومه فاستجلسوه، فأنشدهم قصيدة يقول فيها:
وقد أتناسى الهم عند احتضاره ... بتاج عليه الصيعرية تكرم
وطرفة بن العبد جالس مع القوم وهو غلام، فقال طرفة: قد استنوق الجمل، يريد صار الجمل ناقة، وذلك أن الصيعرية سمة توسم بها النوق دون الفحول، وهي من سماة أهل اليمن، فغضب المسيب فقال: من الغلام؟ فقالوا: طرفة بن العبد، فقال: ويل لهذا من لسانه، فكان كما قال.
قال أبو أحمد: وطرفة هو القائل:
وأعلم علماً ليس بالظن أنه ... إذا ذل مولى المرء فهو ذليل
وأن لسان المرء ما لم يكن له ... حصاة(1) على عوراته لدليل
(وبه) قال أخبرنا القاضي أبو محمد يوسف بن رباح بن علي الحنفي البصري قراءة عليه في جامع الأهواز، قال حدثنا القاضي أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار الأذني قراءة عليه بمصر في منزله، قال حدثنا أبو العباس محمود بن محمد بن الفضل الأديب بأنطاكية، قال حدثنا الميموني، قال حدثنا روح، قال حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان العلاء بن زياد يقول: لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت فاستقال ربه فأقاله، فليعمل بطاعة الله عزّ وجلّ.
__________
(1) أي عقل.

(وبه) قال أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين بن الثوري بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، قال أخبرنا أبو بكر -يعني ابن دريد، قال أخبرنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة قال: خطب عبد الملك بن مروان يوماً بمكة، فلما صار إلى موضع العظة من خطبته، قام إليه [88] رجل من آل صوحان قال: مهلاً مهلاً، إنكم تأمرون ولا تأتمرون، وتنهون ولا تنتهون، وتعظون ولا تتعظون، أفنقتدي بسيرتكم في أنفسكم أم نطيع أمركم بأسنتكم؟ فإن قلتم اقتدوا بسيرتنا، فأنى وكيف وما الحجة وما النصير من الله تعالى في الاقتداء بسيرة الظلمة الجورة الفسقة الخونة، الذين أكلوا مال الله دولاً، وجعلوا عباد الله خولاً، فإن قلتم أطيعوا أمرنا واقبلوا نصيحتنا، فكيف ينصح غيره من يغش نفسه أم كيف تجب الطاعة لمن لم تثبت عند الله عدالته، وإن قلتم خذوا الحكمة من حيث وجدتموها واقبلوا العظة ممن سمعتموها، فعلام قلدناكم أزمة أمورنا، وحكمناكم في دمائنا وأموالنا، وما تعلمون أن فينا من هو أفصح بصنوف العظات وأعرف بوجوه اللغات، فتخلوا عنها لهم وإلا فأطلقوا عقالها وخلوا سبيلها يبتدر إليها الذين شردتموهم في البلاد، وفرقتموهم في كل واد، بل ثبتت في أيديكم لاستقصاء المدة وبلوغ الغاية وعظم المحنة، إن لكل قوم يوماً لا يعدوه، وكتاباً بعده يتلوه، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

(وبه) قال أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأزجي بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم الهمذاني من لفظه، قال حدثنا محمد بن علي بن المأمون، قال سمعت أحمد بن عطاء يقول: إن للأبرار مراكب، ولكل مركب غاية إليها يصيرون، فمن ركب مركب الخوف نجا، ومن ركب مركب الرجاء وجد، ومن ركب مركب التوكل كفي، ومن ركب مركب التفويض وصل، ومن ركب مركب الشوق أدرك، ومن ركب مركب الإنابة دخل، ومن ركب مركب حسن الظن أصاب. فمركب الخوف للهرب، ومركب الرجاء للطلب، ومركب التوكل للراحة، ومركب التفويض للسرعة، ومركب الإنابة للدخول، ومركب حسن الظن للاختيار.
(وبه) قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن موسى الصفار بقراءتي عليه بمنزله بأصفهان في سكة الجصاصين، قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، قال حدثنا علي بن سهل، قال حدثنا الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن جابر، قال حدثني زيد بن رفيع قال: رأى داود عليه السلام منخلاً يهوي بين السماء والأرض، فقال: يا رب ما هذا؟ قال: هذه لعنتي أدخلها بيت كل ظالم.
(وبه) قال أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الذكواني قراءة عليه، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قال حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا، قال حدثنا أبو تراب -يعني عسكر بن حصين، قال حدثنا حاتم الأصم قال: لا يغيب المؤمن -يعني عن خمسة أشياء- عن الله، وعن القضاء، وعن الرزق، وعن الموت، وعن الشيطان.

17 / 120
ع
En
A+
A-