[الفائدة الإحدى والثلاثون والمائة: وعلى متولي الحفظ جناية غير الكلب]
وعلى متولي الحفظ من مالك أو مستعير أو نحوهما جناية غير الكلب إن جنى ليلاً؛ إذ قضى صلى الله عليه وآله وسلم بذلك؛ لاعتياد حفظها بالليل، ولا ضمان في النهار لاعتياد إرسالها؛ إذ لا تعدي بأرسالها، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم : ((جرح العجماء جبار )) فإن جرت العادة بعكس ذلك انعكس الحكم؛ إذ العلة العادة، ولا ضمان إن جرت العادة بعدم حفظ الدواب لما مر.
[الفائدة الثانية والثلاثون والمائة: في أنه لا يضمن ما جناه الكلب ليلاً]
وأما الكلب فإنه يرسل في الليل ولا يضمن ما جناه ولو في الطريق ونحوها؛ لأنه محتاج إلى إرساله بالليل للحفظ دون النهار، فيجب حفظه بربطه في النهار، فإن جنى نهاراً ضمنت جنايته ولو غير عقور، حيث لا يعتاد إرساله بالنهار.
[الفائدة الثالثة والثلاثون والمائة: في ضمان الراعي ما أكلت الغنم في مرعاها]
ويضمن الراعي ما أكلت الغنم في مرعاها؛ إذ عليه حفظها، فإن أبعدها عن الزرائع وغفل يسيراً، فتعدت لم يضمن؛ إذ يعذرون في اليسير مع إبعادها، ولو رعاها ليلاً فدخلت بساتين ذات حيطان وأبواب، فلا ضمان؛ إذ التفريط بفتخ الأبواب بخلاف الزروع التي بلا حيطان. ذكر ذلك في البحر.
فإن ضربها صاحب الزرع فقتلها ضمنها إجماعاً، أو أرشها، وهو ما نقص من قيمتها، فإن حبسها ليلة فتلفت فإن أمكن ردها في الليل، ولم يردها ضمن؛ لتعديه بالحبس مع إمكان الرد.
[الفائدة الرابعة والثلاثون والمائة: في الفرس الشموس]
ولو كان الفرس شموساً لا يركب إلا في الصحراء فركب في الشارع، ضمن ما جنت؛ لتعديه ولتفريطه، وإن فلتت من الإصطبل أو من العقال، وقد حفظها حفظ مثلها،لم يضمن؛ إذ لا تقصير، وكذا لو جنت العقور في المرعى وقد عقلها أو ربطها.
[الفائدة الخامسة والثلاثون والمائة: من وضع حية في مكان ضمن ما جنت]
ومن وضع حية ضمن ما جنت حتى تنتقل، ولا ضمان بعده؛ إذ هو بمجرد اختيارها.
[الفائدة السادسة والثلاثون والمائة: وعلى متولي الحفظ جناية العقور]
وعلى متولي الحفظ ضمان جناية العقور من كلب أو غيره إن فرط في حفظه حفظ مثله، وسواء جنى في المرعى أو غيره ليلاً أم نهاراً، لما مر من قضاء علي عليه السلام بالضمان في بقرة قتلت حماراً، ولو كانت جناية العقور على الداخل في ملك صاحبه إن كان دخوله بإذنه لفظاً؛ إذ هو مع الإذن غار له إن لم يخبره بان العقور موجود، فإن كان جاهلاً وجوده أو كونه عقوراً أو دخل بغير إذنه لم يضمن إذ لا تغرير.
d: ولو دخل لعرف أو لتجويز الرضى لم يضمن أيضاً، إذ يقدر أنه لم يأذن بالدخول للعرف، وجواز الرضى إلا لمن حفظ نفسه، أو بشرط براءته، والأصل عدم الضمان.
d: وإنما تضمن جناية العقور في غير الكلب، فلا تضمن جنايته ليلاً، لما مر؛ ولقول علي عليه السلام: يضمن صاحب الكلب إذا عقر نهاراً، ولا يضمن إذا عقر ليلاً، وأمره صلى الله عليه وآله وسلم بقتل الكلاب منسوخ إذ رآها بعد ذلك، فلم يأمر بقتلها فكان نسخاً.
[الفائدة السابعة والثلاثون والمائة: فيمن طرد دابة من زرعه فأفسدت زرع غيره]
ومن طرد دابة من زرعه فأفسدت رزع غيره، لم يضمن إلا أن يكون متصلاً بزرعه محيطاً به؛ إذ هي معه أمانة مالم تتراخ عقيب الإخراج، أو يجري عرف بالتسييب بعد الإخراج، فلا يضمن؛ إذ لا تفريط في الحفظ المعتاد، ومن زاحم بهيمة في طريق فمزقت ثوبه فلا ضمان إلا أن يكون غافلاً، ولم ينبهه سائقها ضمن لتفريطه.
[الفائدة الثامنة والثلاثون والمائة: متى يحل قتل الهر؟]
ويحل قتل الهر إذا أكل الدجاج أو بال على الثياب، أو المأكولات أو أكل الحمام أو نحو ذلك؛ لضرره، وكذا إذا خشي منه ذلك في المستقبل.
[الفائدة التاسعة والثلاثون والمائة: في بعير ونحوه إذا صال على إنسان]
وإذا صال على إنسان بعير أو ثور ولم يحفظه مالكه، وخشي على نفسه جاز قتله، إن لم يندفع إلا بالقتل؛ إذ للمرء قتل ما صال عليه من آدمي أو بهيمة، ولم يندفع إلا بالقتل إجماعاً، لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيْكُمْ }[البقرة: 195] وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ }[البقرة: 194].
d: ولا يضمن تعديه كقتله نفسه.
d: ولا يجب الهرب من الصائل؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((من قتل دون دينه فهو شهيد ...)) الخبر، إذ ليس متعدياً بالدفع ولا يجوز الاستسلام له، ولو مسلماً، بل تجب المدافعة لما مر، وإذ قد أبطل حرمته بصولته فأشبه الذمي، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((كن عبد الله المقتول ...)) الخبر، محمول على بذل النفس في الفتنة بالمقتل بقتال أهلها.
d: ولو سقط على رأس إنسان زق فانخرق لم يضمن كالصائل، ولو سدت بهيمة باب بيت جاز للمضطر قتلها، إن لم تندفع إلا به، ولا ضمان كالصائل.
d: ولمن خشي التلف جوعاً أو عطشاً إيثار غيره، ذكره في البحر؛ لقوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ } [الحشر: 9]ولقصة بعض قتلى أحد.
[الفائدة الأربعون والمائة: وللمرء القتل والقتال على المحترم]
وللمرء القتل والقتال على المحترم، وإن قل؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((من قتل دون ماله فهو شهيد )) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((حرمة مال المسلم كدمه )) ويجب الدفع عن الغير؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((انصر أخاك ...)) الخبر، وعن الفواحش كالنهي عن المنكر مع كمال الشروط.
d: ويقدم في الإنكار الأخف فالأخف، فإن عدل إلى الأشد، وهو يمكن الأخف ضمن فيقدم الصياح على البهيمة والآدمي الأعزل ولو بالاستعانة بالغير، ثم الضرب باليد، ثم بالسوط، ثم بالعصا، ثم بالسلاح، فإن عدل إلى رتبة مع إمكان الدفع بدونها ضمن حتى لو ضربه، وهو صائل ضربة ثم ضربة أخرى، وقد اندفع ولا يؤمل عوده، فالثانية مضمونة فإن مات بهما فنصف الدية، فإن كان يندفع بالعصا وليس عنده إلا السيف، ونحوه، فله الدفع به للضرورة، فإن التحم القتال بينهما سقطت مراعاة الترتيب؛ لخروج الأمر عن الضبط.