[الفائدة الخامسة والتسعون: ولكل أن يفعل في ملكه ما شاء]
ولكل أن يفعل في ملكه ما شاء، وإن ضر الجار، قيل: إجماعاً، وفيه نظر إذ فيه خلاف القاسم عليه السلام.
وعن مالك: أنه لا يجوز أن يفعل في ملكه ما يضر جاره إلا التعلية.
d: فلو كان لرجل ملك أو حق بإزاء نهر الغير أو بيره فحفر في ملكه أو حقه بئراً، سواء كانت من فوق أو من تحت أو مساوية، فجذبت ماء نهر للغير أو ماء بئره إلى بئره التي حفرها، فإنه لا يمنع من ذلك، ولو استغرق ماء نهر جاره أو بئره، ولا يأثم في ذلك مهما كان الماء في النهر، أو البئر باقياً على أصل الإباحة، أما لو كان في بركة أو سقاية مملوكة، فليس له جرّهُ من ملك نفسه، فإن فعل لم يملكه بل يلزمه رده أو مثله إن كان قد تلف والوجه في جواز الحفر، ما تقرر أن لكل أن يفعل في ملكه ما شاء؛ لأنه مالك لا عن قسمة فيحدث ما شاء، وإن ضر كسائر التصرفات.

[الفائدة السادسة والتسعون: مجرد الاستعمال في الكهوف لا يوجب حقاً ولا ملكاً]
مجرد الاستعمال في الكهوف لا يوجب ملكاً ولا حقاً، بل إن كان منحوتاً ويعرف بالأثر، فهو من فعل الآدميين ويملكه من نحته، فإذا جهل فهو إما مرغوب عنه فيملكه من سبقه، أو مظلمة ملتبسة وإن لم يكن فيه أثر النحت فهو من فعل الله، كما قال الله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً }[النحل: 81] وله حكم سائر الموات يكون لمن سبق إلى إحيائه بالنحت فيه أو بالبناء في جوانبه ملكاً أو إلى من سبق إلى تحجره حقاً، والتحجر أحد الأسباب المعروفة، ومنه الزرب؛ إذ يتخذ لمنع الداخل والخارج، وله أن يبيح أو يهب لا بعوض، وله منعه ولا يبطل قبل ثلاث سنين إلا بإبطاله ولا بعدها إلا به، أو بإبطال الإمام أو الحاكم ولو من جهة الصلاحية.

[الفائدة السابعة والتسعون: في مبني شركة الأبدان]
ومبني شركة الأبدان على التوكيل في العمل، لا التضمين إذ وكل كل منهما صاحبه على تقبل العمل ليستحق الربح، فلو ضمن العمل على غير المتقبل لم يستحق الأجرة كمن اشترى سلعة وضمنها غيره، فإن الضامن لا يستحق شيئاً من الربح، ومعنى هذا كما في الغيث أن يستأجر الغير على حفظ السلعة فإن الضامن لا يستحق شيئاً من الربح، لكن الضمان في هذه الشركة يتبع الوكالة فللوكيل أن يرجع على من وكله بحصته من الضمان، وليس للخصم مطالبة الموكل بها، ولهما فيها العمل مجتمعين ومفترقين كلو وكَّل رجلين في بيع أو شراء.

[الفائدة الثامنة والتسعون: عدم انفساخ الشركة بترك العمل]
ولا تنفسخ بترك أحدهما العمل فيها، وفي جميع الشرك، ولاحقه من الأجرة وفاقاً إذ عقداها على أن ما يحصل لأحدهما فهو مشترك بينهما، وهذا لا يبطله ترك العمل.

[الفائدة التاسعة والتسعون: في ما لا يلزم أحد الشريكين مما لزم الآخر]
وما لزم أحدهما من غرم لا من جهة ما اشتركا فيه لم يلزم الآخر، والوجه ظاهر.
قلت: ويدل عليه قوله تعالى: {وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتَ }[البقرة: 286]، {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }[الأنعام: 164].

[الفائدة المائة: حكم إذا قبض أحد الشريكين قدر حصته]
وإذا قبض أحد الشريكين قدر حصته من الدين لم ينفرد به، ولو نواه له بل يكون لهما إلا أن يستوفي شريكه نصيبه من الغريم، وكذا الورثة إذا قبض أحدهما قدر حصته من دين الميت كان لهم جميعاً، ولو نواه لنفسه إذ قبضه بالولاية لا بالاتفاق إلا أن يستوفي الباقون حقهم، وهذا إن كان الوارث قبض من جنس الدين لا من غير جنسه؛ إذ يكون من باب البيع، وأما في غير ذلك كثمن مبيع أو نحوه بين اثنين، فمن قبض قدر حصته فهو له؛ إذ لا ولاية له على قبض حق الثاني.

[الفائدة الإحدى والمائة: في الشركة العرفية]
والشركة العرفية هي حيث يكون كسب الجميع للجميع، والنفع والخسارة، كذلك للجميع وعليهم، وهي راجعة إلى شركة الأبدان، وحكمها في أن ما حصل من المصالح وغيرها يكون مشتركاً بينهم وعليهم، لا فضل لأحدهم على الآخر، وسواء حصلت إضافة الشراء إليهم أو لا حتى أن أحدهم لو شرى أرضاً كانت مشتركة، ولو أضاف إلى نفسه، والوجه أن كلاً منهم وكيل للآخر كالأبدان.

[الفائدة الثانية والمائة: متى يلزم إجابة أحد الشريكين إلى حفر البئر]
وإذا طلب أحد الشريكين حفر البئر لزيادة مائها فلا تلزم إجابته إلا أن يعرف أنها وإن لم تحفر قَلَّ ماؤها.

[الفائدة الثالثة والمائة: في أنه لا يجبر أحد الشريكين على إحداث حائط أو نحوه]
ولا يجبر أحد على إحداث حائط أو عرم أو فرجين أو خندق أو سقف بين الملكين، بل يعمره الطالب في ملكه؛ إذ لم يتقدم حق الشريك بخلاف ما إذا انهدم لتقدم الحق.

[الفائدة الرابعة والمائة: في نقض القسمة]
تنقض القسمة بالغلط كإعطاء النصف من له الربع، ولو بحكم إذ خالف قطعياً، وبظهور الغبن الفاحش لا المعتاد، ولا تسمع دعوى الغبن من حاضر غير مجبر من ظالم إذ قد رضي به كالبيع.
فأما إذا كان غائباً أو حاضراً غير مباشر، بل موكل أو صغير فإنها تنقض؛ لأن تصرف الوكيل والولي بغبن فاحش لا ينفذ، وكذا الصغير، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((لا ضرر ولا ضرار في الإسلام)) والغبن الفاحش: ما زاد على نصف العشر عند القاسمية والناصر؛ إذ يتسامح بدونه.
وقال (ي): بل ما خرج عن تقويم المقومين، إذ يرجع إليهم في العيوب ونحوها.
(المهدي): وهو قوي إذ لا دليل على تعيين القدر، وكذا تنقض إذا استحق بعض الأنصاب كالغلط وبانكشاف دين على الميت بينه، أو بإقرار الورثة جميعاً فإن قضوه قررت فإن أقر بعضهم فعليه حصته في حصته، وانكشاف الوصية كالاستحقاق، وتنقض بعدم استيفاء المرافق في الانصباء كالطريق والمسيل إجماعاً؛ إذ الغرض بالقسمة الصلاح.

20 / 28
ع
En
A+
A-