[الفائدة الثالثة والخمسون: في صحة بيع الوارث لقضاء الدين]
وإذا باع الوارث للقضاء مع عدم الوصي أو لتراخيه صح البيع، والقول له في أنه باع للقضاء. ذكره في التاج وهامشه.
[الفائدة الرابعة والخمسون: حكم من وكل في ماله انصرف إلى الحفظ]
وإذا قال: وكلتك في مالي انصرف إلى الحفظ فقط، وليس له أن يبيع أو يهب أو غير ذلك مما لا يتعلق بالحفظ، إذ يحمل المطلق على الأقل، والأقل الحفظ إلا أن يفوضه، فله التصرف في ماله فيما فيه مصلحة للموكل، وكذا لو قال في التفويض فيما يضرني وينفعني فليس له التصرف بما فيه ضرر كالهبة والعتق ونحوهما، عملاً بظاهر اللفظ؛ لأن العرف إنما يقتضي في مثل ذلك التصرف فيما فيه مصلحة، وإنما يؤتي بقوله: فيما يضرني للمبالغة في صحة الوكالة وتقريرها.
[الفائدة الخامسة والخمسون: ويحرم بيع الشيء بأكثر من سعر يومه]
(زين العابدين) و (هق) و (ن) (ص بالله) و (ي) ويحرم بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النسأ، لقوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا }[البقرة: 275] والرباء لغة هو الزيادة، كما قال تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ }[الروم: 39]أي من زيادة، وظاهر الآية يدل على تحريم كل زيادة في بيع إلا ما خصه دليل، ولا تعارضه آية البيع؛ لأن هذه حاضرة وخاصة، وآية البيع مبيحة وعامة، والحاضر أرجح من المبيح، والعام يجب بناؤه على الخاص، ووجه عمومها أنها تتناول البيع الذي فيه ربا وما لا ربا فيه، ولا يرد عليه بيع الشيء بأكثر من سعر يومه نقداً؛ لأنه مخصوص بالاجماع. ذكره الصعيتري.
واحتجوا أيضاً بظاهر قوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ }[النساء: 29] والمعلوم أن المشتري غير راض به، وإنما دخل فيه اضطرارًا فأشبه المكره وللنهي عن بيع المضطر، كما روي عن علي عليه السلام أنه قال: (إنه سيأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يده، ولم يؤمر بذلك)، قال الله تعالى: {وَلاَ تَنسَوا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ }[البقرة: 237] ويُبَايَعُ الْمُضْطَرُّونَ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع المضطر. الخبر، ولأن هذه الزيادة لا يقابلها لا المدة فيجب أن يحرم كما لو اشترى شيئاً بثمن معلوم، ثم يزيد في ثمنه ليؤجله فإنه لا يجوز بلا خلاف. فكذلك هذا.
(زيد) و (م بالله): بل يجوز، ورواه في الجامع الكافي عن الحسن بن يحيى، وهو قول جمهور العلماء؛ لعموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ }[البقرة: 275]، وقوله: {إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ }[البقرة: 282]فأحل بيع النسيئة إلى أجل معلوم، وليس برباً؛ لعدم العلة المقتضية له، ولا نسلم عدم الرضا به إذا دخل فيه مختاراً، وإلا لزم في من باع مختاراً لحاجة نفسه أو عائلته بلا غبن وهو يكره خروج المبيع عن ملكه، ولا قائل به وليس من بيع المضطر.
(الحسن بن يحيى): لأن بيع المضطر هو أن يؤخذ الرجل بالخراج أو ما لا بد له من أدائه، وما لا طاقة له بدفعه فيبتاع السلعة بأضعاف ثمنها، أو بيع العقدة لحالة الضرورة بالثمن الوكس الشديد، فهذا مما نهي عنه ولا ينبغي الشراء منه؛ لأن المسلم أخو المسلم ينظر له ما ينظر لنفسه.
d: (ية) و(ن) فأما بيع الجملة بسعر التفاريق بنسأ فجائز إذ الجملة هي التفاريق.
قيل: وهو مشروط بأن يكون التفاوت بينهما قدر ما يتغابن الناس بمثله لأنه إذا كان كذلك لم يعلم أن الزيادة لأجل المدة.
d: (ط) و(ي) وما فسد لأجل الربا فباطل لا يملك بالقبض؛ للإجماع على بطلان الربا، فلا يملك ربحه بل يرد لمالكه إن عرف، وإلا فلبيت المال (جم)، بل يملك لأجل الخلاف كسائر العقود لكن يلزمه التصدق به، (ي): إنما ملك في غيره لاستناده إلى عقد، والعقد في الربويات مرتفع للإجماع على تحريمه.
(المهدي): وفيه نظر إذ المجمع عليه غير المختلف فيه.
قال: والأقرب ملكه بالقبض كغيره، قالوا: تسليمه كالمشروط بملك بدله فهو كعدمه
أجاب: بل مشروط بتسليمه أي البدل لأجل العقد وقد وقع فصح.
[الفائدة السادسة والخمسون: صحة بيع الشيء بزيادة لا لأجل النسأ]
(المهدى): وما باعه بزيادة لا لأجل النسأ صح؛ لارتفاع علة المنع وهي الزيادة لأجل النسأ، وهذا هو الذي ذكره علي خليل على مذهب (هـ)و (ن).
[الفائدة السابعة والخمسون: فيما تعلق بسبب هل يجوز تعجيله أو لا]
ما تعلق بسبب فلا يجوز تعجيله عليه.
(الصعيتري): إجماعاً، (هـ) ويجوز فيما تعلق بسببين تعجيله قبل حصول الثاني منهما، وفيه نظر؛ لأنه إذا كان الثاني سبباً لم يجز التعجيل قبل حصوله، وإنما يجوز إذا كان شرطاً في الوجوب، وهو مراد الأصحاب إلا أنه قد يطلق السبب على الشرط؛ لأنه قد يتوقف وجود الحكم على وجودهما، وينتفي بانتفائهما وإن كان السبب يلزم من وجوده وجود الحكم بخلاف الشرط، وقد ذكروا للفرق بينهما ضابطاً وهو أن كل أمرين وقف عليهما حكم فصح اجتماعهما عند لزوم الحكم، وكان الباعث على الحكم أحدهما دون الآخر كان الباعث السبب، والآخر هو الشرط وإن لم يصح اجتماعهما كانا جميعاً سببين، ونزيده بياناً بأن يقال أنه يجب النظر في الأوصاف، فإن كان مجموعهما مناسباً فالكل سبب أو كل واحد منها مناسب، فكل واحد سبب فالأول كالقتل العمد العدوان، والثاني كأسباب الحدث الموجب للوضوء وإن ناسب البعض في ذاته، والبعض الآخر في غير ذاته، فالأول سبب، والثاني شرط، والمناسب لا يكون جزاءً من السبب هو ما يتحقق به الأمر الذي يكون سبباً للوجوب.
قوله: أن الحكم قد يتوقف وجوده على السبب والشرط معاً، ليس على ظاهره، بل المراد أن المتوقف عليهما هو الوجوب المضيق لا مطلق الوجوب، وذلك كالنصاب والحول، فإنه قبل النصاب المالي ملك خالص للمالك، وبعده قبل الحول ملكه باقي إلا أنه قد تعلق به حق الله تعالى بقدر الزكاة، لكنه تعلق ضعيف لا يمنعه التصرف، وبعد الحول خرج ذلك القدر عن ملكه وصار النصاب مشتركاً بينه وبين المصرف، غير أنه بقي له فيه حق الصرف، وهذه القاعدة عظيمة الفائدة إذ يترتب عليها كثير من المسائل الفرعية، وسيمر بك شيء منها إن شاء الله في هذا المجموع، ولنذكر من ذلك صورة كالتمثيل لما اشتملت عليه هذه الفائدة، وذلك مسألة إسقاط الشفعة قبل عقد البيع:
ذهب الأكثر إلى أن سبب ثبوت الشفعة العقد فلا تبطل بالإبطال قبله، إذ هو إسقاط للحق قبل ثوبته، فلا تأثير له كإبطال الأجنبي، ولا خلاف فيه إلا عن البتي والثوري، وحجتهما قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((لا يحل لشريك أن يبيع حتى يؤذن شريكه ، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك)) فصح الترك قبل البيع.
(المهدي): إنما أراد إن شاء شرى وإن شاء ترك الشراء، فلا مدخل للشفعة هنا
(ي): والإجماع على خلاف ذلك أي على خلاف قولهما.
قلت: مع أن قول الأكثر متضمن لإجماع أهل البيت عليهم السلام، إذ لم ينقل عن أحد منهم خلاف في ذلك.
[الفائدة الثامنة والخمسون: حكم من اشترى شقصاً وأوصى به]
ومن اشترى شقصاً فأوصى به لشخص، ثم مات وحضر الشفيع فهو أولى به؛ لتقدم حقه على الوصية، والثمن للورثة لا للموصى له، إذ لم يوص له إلا بالعين لا ببدلها.
[الفائدة التاسعة والخمسون: حكم الشروط المفسدة للبيع]
والشروط المفسدة للبيع إنما تفسده إن قارنت العقد، لا لو تقدمت أو تأخرت وانبرم العقد على وجه الصحة من غير شرط، إلا أن يجري عرف بأن المشروط قبل البيع كالمشروط حاله.