[الفائدة الخامسة والأربعون: حكم الزوجة إذا لم تكن ناشزة]
إذا لم تكن الزوجة عاصية بالنشوز كالصغيرة والمجنونة، والمحبوسة ظلماً لم تسقط نفقتها.
[الفائدة السادسة والأربعون: حكم تعليق الطلاق بشروط متعددة]
إذا علق طلاق امرأته بشروط متعددة معطوفة بالواو، لم تطلق إلا بفعل مجموعها، نحو: إن أكلت وشربت وركبت فأنت كذا، لم تطلق إلا بفعل الثلاثة ولا يعتبر الترتيب؛ إذ الواو لمطلق الجمع، والوجه في وقوع المشروط، قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُوْدِ }[المائدة: 1] وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((المؤمنون عند شروطهم )).
d: ويقع بمجموع الشرط والجزاء، إذ هو معلق بحدوث الشرط... حدث، وكسائر المشروطات: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلْسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا }[الأنفال: 61]ونحوه ولا يقال: عند وقوع الشرط قد عدم الطلاق؛ لأنا نقول عند وقوع الشرط، فكأنه يجدد اللفظ بإيقاع الطلاق، وهو فائدة التعليق.
[الفائدة السابعة والأربعون: حكم الحاضن]
ولا يرجع الحاضن بما أنفق على الطفل من غير إذن ولي المال من أب أو وصي أو حاكم، إذ لا ولاية له على المال إلا الأم؛ حيث غاب الأب أو تمرد فلها الرجوع بالنفقة إن نوت الرجوع، إذ لها ولاية كالوديع إذا أنفق على الوديعة، وكذا لها الرجوع مع النية في أجرة الحضانة كالنفقة بلا حاكم، إذ ولايتها أخص من الأب والحاكم.
[الفائدة الثامنة والأربعون: فيما هو سبب وجوب نفقة الزوجة]
سبب وجوب نفقة الزوجة هو: ملك منافع البدن بالعقد لا العقد، فإنما هو سبب السبب، ولكون السبب هو ملك المنافع صح منها إسقاط النفقة بأن تنوي التبرع عنه، ولا رجوع لها، والحال هذه كما لها أن تبرئه عن الماضي؛ لأنها قد استحقته، ولما كان السبب مستمراً جرى استمراره مجرى تجدده فلا يصح إبراء الزوجة من المستقبل ولأنه إبراء من الحق قبل ثبوته، وذلك لا يصح؛ إذ هو قبل السبب الذي هو ملك المنافع؛ لأن ملكها إنما يتجدد بتجدد الأوقات.
[الفائد التاسعة والأربعون: في جواز إسقاط الزوجة حقها من القسم]
للزوجة إسقاط حقها من القسم؛ بأن تهب نوبتها إجماعاً، وسواء كانت الهبة للزوج أو لبعض نسائه، كما وهبت سودة قسمها لعائشة؛ ولأن ذلك حق لها لا يتعلق بغيرها فصح لها التصرف فيه، إذ هو إسقاط بعد وجود السبب، وهو العقد إلا أن للزوج منعه من الهبة إذ الحق له، ذكره في البحر.
قال في تتمة الشفاء: ولها الرجوع في ذلك؛ لأنه حق يحصل حالاً فحالاً فجرى مجرى هبة المنافع.
قال في البحر: فيقضيها ما فوت بعد العلم برجوعها لا قبله كالمباح له.
[الفائدة الخمسون: في إسقاط الخيار قبل حصول سببه]
في إسقاط الخيار في البيع ونحوه قبل حصول سببه، وجملة الخيارات على ما ذكره أصحابنا اثنا عشر خياراً:
أحدها: خيار المجلس وهو مشروع قبل التفرق بالأقوال إجماعاً، وأما بعده فقال (زية): لا يثبت إذ قد لزم البيع بالعقد إلا أن يشرط، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إذا اختلف البيعان فالقول ماقال البائع أو يترادان )) ونحوه، ولم يفصل وقال: (زين العابدين، و(سا)، و(ن)، و(ي) وروي عن علي عليه السلام: بل يثبت مالم يتفرقا بالأبدان، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((البيعان بالخيار مالم يتفرقا )) ونحوه، والتفرق: حقيقة في التفرق بالأبدان.
(المهدي): أن أجمع على صحة الخبر فهو أقوى، ولا يعارضه ظاهر، قوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ }[النساء:29] ونحوها بل كالمطلق والمقيد، ولا القياس على النكاح والإجارة، إذ الخبر أقوى ولكون سببه العقد، فقال في البحر: أنه يبطل بإبطاله قولاً حال العقد أو بعده لا قبله، أو فعلاً كبيع المبيع أو إعتاقه أو نحوه.
قلت:كالقيام من المجلس لفعل ابن عمر.
الثاني: خيار الشرط، وهو مشروع إجماعاً لخبر حبان.
الثالث: خيار الرؤية، وهو مشروع عند الأكثر، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((من اشترى مالم يره فهو بالخيار إذا رآه )).
الرابع: خيار الغرر لخبر المصراه.
الخامس: خيار تعذر تسليم المبيع كالمغصوب والمرهون، وهو للبائع والمشتري (المهدي) إذ هو كالموقوف (ي) بل للمشتري فقط إن جهل لا أن علم كالمؤجر.
السادس: فقد صفة ذكرت حال العقد لا قبله إلا لعرف أنه كالمذكور حاله، وهو مشروع، إذ لا خلاف في صحة اشتراط ما يقتضيه العقد كتسليم الثمن، فصح اشتراط صفة الفضل قياساً.
السابع: خيار المغابنة، وهو مشروع لخبر حبان، وإنما يثبت لصبي أو متصرف عن الغير غبن فاحشاً؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((لا ضرر ولا ضرار )) رواه في الانتصار.
قالت: (العترة) ويثبت في البيع والشراء إذ لم يفصل الدليل، وهو خبر حبان.
الثامن: خيار معرفة قدر البيع وقدر الثمن، كما في بيع الصبرة، ودليله: القياس على خيار العيب.
التاسع: خيار تعيين المبيع.
العاشر: خيار الإجازة في البيع الموقوف.
الحادي عشر: خيار الخيانة في المرابحة والتولية.
الثاني عشر: خيار العيب، وهو والرؤية ثابتان بالنص، وغيرهما بالقياس.
قلت: بل وخيار المجلس والشرط والغرر فإنها ثابتة بالنص كما مر.
واعلم: أن لكل من هذه الخيارات سببا يترتب عليه عند (أصحابنا)، ولا يصح إبطاله قبل حصول سببه، فسبب خيار الشرط، وفقد الصفة الشرط الملفوظ به حال العقد أو قبله مع جري العرف به، وسبب خيار الرؤية الرؤية.
عند (ي): فلا يبطل بالإبطال قبل وجودها.
(المهدي) وهو (هـ): بل العقد فيبطل بإبطاله قبل الرؤية، وقيل: سببه وسبب خيار معرفة قدر المبيع أو الثمن الجهالة على الأصح، ذكره النجري، والظاهر أن الخلاف واحد فيهما، فقيل: الجهالة، وقيل: العقد، وقيل: الرؤية والمعرفة، كما في المعيار، قال فيه: وسبب ما عدا هذه النقص الحاصل في المبيع، وكل من هذه الخيارات يصح إسقاطه بعد وجود سببه لا قبله لما تقرر من أنه لا يصح إسقاط حق قبل وجود سببه.
نعم أما ما كان سببه ممتدًا فلا يصح إسقاطه كخيار تعين المبيع، وتعذر التسليم وخيار الرؤية، ومعرفة مقدار المبيع على القول بأن سببهما الجهالة.
[الفائدة الإحدى والخمسون: في أن أوراق العملة من المثليات كالنقدين]
أوراق العملة من المثليات كالنقدين فتضمن بمثلها، فإن عدم المثل فالقيمة للتعذر، ودليل كونها من المثليات صدق حقيقة المثلي عليها، وهي استواء أجزائها صورة بالمشاهدة ومنفعة وقيمة، وقد ذكر في البحر أن العدد المستوي كالمكيل والموزون على أن الظاهر أنها مضبوطة بالوزن، وإذا ثبت كونها مثلية ثبت لها أحكام المثلي في الضمان وغيره، ومن ذلك أنها تكون مبيعاً إن عينت، نحو: بعت منك هذه الورق بهذه السلعة أو قوبلت بالنقد؛ لأن النقدين الذهب والفضة لا يكونان إلاثمناً بالإجماع، فإذا قال: بعتك هذه الأوراق بعشرة دراهم صح البيع كما لو قال: بعتك هذا الطعام بعشرة دراهم، وإذا كان بذمته مائة من الأوراق مثلاً فقضاه بها من النقدين صح بشرط قبض الدراهم قبل الافتراق؛ لئلا يكون من بيع الكالي بالكالي أي المعدوم بالمعدوم؛ لأنه منهي عنه، ولو باع ورقاً لا يملكها بدراهم لم يصح؛ للنهي عن بيع ما ليس عندك، وأما بيعها بدراهم نسأ فإذا كانت مضبوطة بالوزن فيجوز بيعها بدراهم ودنانير نسأ للإجماع على جواز شراء الموزون بهما نسأ.
[الفائدة الثانية والخمسون: في حكم من اشترى ثم ادعى عيباً]
وإذا ادعى المشتري أن العيب الذي في المبيع حادث عند البائع، فالبينة على المشتري والقول للبائع فيما يحتمل الحدوث مع كل واحد منهما، وذلك كخرق الثوب، فإن القول في ذلك للبائع مع يمينه؛ لأن الأصل عدم العيب، ويمينه على القطع، حيث لا يعلم أن العيب حدث عنده، ويجوز له ذلك استناداً إلى الظاهر، وقد أفتى به الإمام المطهر، وقرر للمذهب، فأما ما يعلم ضرورة تقدمه كزيادة عضو أو نقصان خلقة فالقول للمشتري بلا بينة ولا يمين، وله رده على البائع إذا جهله، وهكذا القول في الداء العتيق.
وأما فيما يعلم تأخره ضرورة كالجرح الطري، فالقول للبائع بلا بينة ولا يمين، وأما الطلب في الحيوان إذا ظهر قبل أن يوفي مع المشتري أربعين يوماً فالظاهر أنه من عند البائع، فإن كان من بعد الأربعين فلا شيء على البائع إلا أن تكون بلد المشتري لا يصيب دوابها الطلب.