وفي أمالي الإمام أبي طالب(ع) من حديث ابن عباس مرفوعاً قال بعد أن وصف قصة ذبح رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم وإضجاعه كبشه وفري أوداجه وتقييده ثلاث قوائم منه ويبقى له واحدة يركض بها فيقول عند أخذ الشفرة مستقبل القبلة للذبح: ((وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً)) - إلىآخر الإستفتاح الأول - ثم يضع الشفرة ويقول: ((بسم الله، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهمَّ منك ولك، اللهمَّ تقبل من محمد وآل محمد إنك أنت السميع العليم، ويمر الشفرة إمراراً سريعاً لإراحة الأضحيَّة ثم يقول في الثاني كذلك إلا أنه يقول: تقبل من محمد ومن أمة محمد من لم يذبح، ثم يقول قائماً قبل ذبح الآخر: آمنا بالله وما أنزل إلينا))...إلخ الآيتين .
(فصل) في شيءٍ مما ورد في الاستخارة
في تخريج البحر لابن بهران من حديث جابر مرفوعاً: كان النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم يعلمنا الاستخارة كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول بعد صلاة غير الفريضة: ((اللهمَّ أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنتَ علام الغيوب، اللهمَّ إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري)) - أو قال: ((عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، اللهمَّ وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به، قال: ويسمي حاجته)).
وفي أحكام الإمام الهادي(ع) رفعه: كان النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم يقول: ((إذا أراد أحدكم أمراً فليسمّه وليقل: اللهمَّ إني أستخيرك فيه بعلمك، وأستقدرك فيه بقدرتك، فأنتَ تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغُيُوب، اللهمَّ ما كان خيراً لي من أمري هذا فارزقنيه ويسره لي وأعني عليه وحببه إليَّ ورضني به)) - وفي أمالي الإمام أبي طالب(ع): ((وإِرضني به)) (بإثبات ألف الهمز ة، وهو عنده من حديث علي عَليْه السَّلام مرفوعاً) - ((وبارك لي فيه، وما كان شراً لي فاصرفه عني ويسر لي الخير حيث كان)).
قال عَليْه السَّلام: وبلغنا عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم أنه قال: ((من سعادة الرجل كثرة الاستخارة، ومن شقائه ترك الاستخارة))، فينبغي تقديمها في كل أمر يهمَّ به الإنسان وإن خف.
(فصل) في صلاة الحاجة
في الإعتصام من حديث عبدالله ابن أبي أوفى قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((من كانت له حاجة من بني آدم فليتوضأ ثم ليصل ركعتين، ثم ليثني على الله، عز وجل، ويصلي على النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم،سبحان الله ربّ العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، اللهمَّ إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، و الغنيمة من كل برّ، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضاً إلا قضيتها))، ومثله في تخريج البحر لابن بهران.
(فصل) في السجدة عند ذكر الذنب والتوبة
في أمالي الإمام المرشد بالله (ع) من حديث علي عَليْه السَّلام قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((من أذنب ذنباً فقام في جوف الليل وصلى ما كتب الله ثم وضع جبهته على الأرض ثم قال: ربّ إني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، غفر ا لله ما لم يكن مظلمة فيما بينه وبين عبد مؤمن فإن ذلك إلى المظلوم)).
وفي الإعتصام من حديث كعب بن عجرة أنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم أمر كعب ابن مالك حين تاب الله عليه أن يصلي سجدتين فيكون ذلك عند البشارة شكراً ويدعو بما أحب سيّما ما في أمالي الإمام أبي طالب(ع) من حديث طويل: ((اللهمَّ تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وثبت حاجتي، وأجب دعوتي، وسدد لساني))، وهو في حديث ابن عباس مرفوعاً، وقد ذكرناه مستوفى في موضعه.
وفيه من حديث علي عَليْه السَّلام قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم يقول: ((من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو وأتوب إليه، ثم تاب غفرت له ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد البحر ورمل عالج))، قال الإمام أبو طالب: المراد أن يقول ذلك ويضم إليه عقد القلب في الندم على ما كان منه والعزم على ترك أمثاله لا يصح غيره.
وفيه من حديث أنس في قصة طويلة في رجل تاب فقال له النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((قل: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي ا لقيوم، قال: من قاله غفرت ذنوبه))، فقام إليه رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله: ألهذا الرجل خاصة أم لأمتك عامَّة ؟!، فقال: ((هو لذلك الرجل خاصة ولأمتي عامَّة)).
وفي الإعتصام من حديث أبي بكر قلت: يا رسول الله عملني دعاء أدعو به في صلاتي قال: ((قل: اللهمَّ إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، وأن تكثر من الدعاء في السجود فإنه موضع الإجابة))، - كما في حديث أبي هريرة قال: قال قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((أقرب ما يكون العبد من ربه تعالى وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء))، رواه المرشد بالله عَليْه السَّلام.
(فصل) في صلاة التسبيح
قال في (الجامع الكافي) قال محمد: صلاة التسبيح أربع موصولة لا يسلم إلا في آخرهن، وجايز أن يصليهنّ بالليل والنهار ما لم يكن وقت نهيٍ عن الصلاة، قال: روي عن النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم أنه قال لعمه العباس ولجعفر ابن أبي طالب في صلاة التسبيح وهي أن يقرأ فاتحة الكتاب وسورة معها وتسبح خمسة(1) عشر مرة (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) ثم تركع وتسبح بهاعشراً، فإذا رفع رأسه من الركوع قالها عشراً، وإذا سجد عشراً، وإذا رفع رأسه من السجود عشراً، وإذا سجد الثانية عشراً، فإذا رفع رأسه من السجود عشراً، فيكون ذلك خمساً وسبعين، في كل ركعة))، قال: فقال صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((لو كان ذنوبك مثل عدد نجوم السماء وعدد قطر السماء وعدد أيام الدنيا وعدد رمل عالج لغفرها الله لك، صلها كل يوم مرة واحدة))، قال العباس: ومن يطيق ذلك يا رسول الله ؟!، قال: ((صلِّها كل يوم جمعة))، قال: ومن يطيق ذلك ؟!، قال: ((فصلها في كل شهر مرة))، قال: ومن يطيق ذلك يا رسول الله ؟!، - حتى قال:- ((فصلها في عمرك مرة واحدة))، وهي في كتاب (الذكر) لمحمد بن منصور (رحمه الله تعالى) وغيره مع اختلاف يسير.
__________
(1) صوابه: وتسبح خمس عشرة.
الباب العاشر: في شيءٍ مما ورد في الاستسقاء
في تخريج البحر لابن بهران من حديث جابر قال: رأيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم يواكي(1)، فقال: ((اللهمَّ اسقنا غيثاً مغيثاً مريعاً نافعاً غير ضارٍ عاجل غير آجل، قال: فأطبقت عليهم السماء))، وفيه رفعه: كان النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم إذا استسقى قال: ((اللهمَّ اسق بلادك، وارحم عبادك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت))، ثم ذكر نحو ما تقدم.
__________
(1) قوله يواكي: أي يتحامل إذا أراد رفع يده.
وفي شمس الأخبار من حديث جعفر ابن عمرو ابن أبي حريث عن أبيه عن جده مرفوعاً قال: خرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم يستسقي فصلى ركعتين ثم قلب رداءه ورفع يده فقال: ((اللهمَّ صاخت جبالنا، وأغبرّت أرضنا، وهامت دوابنا، يا معطي الخيرات من أماثلها، ومنزل الرحمة من معادنها، ومجري ا لبركات على أهلها بالغيث المغيث أنت المُسْتَغْفَرُ الغفار فنستغفرك للخاصات من ذوبنا، ونتوب إليك من عظيم خطايانا، اللهمَّ فأرسل السماء علينا مدراراً، واصلاً بالغيث، واكفاً مغزاراً من تحت عرشك حيث يشفعنا وتعود علينا غيثاً مغيثاً عاماً مجلجلاً غدقاً خصيباً ذارعاً راتعاً، ممرغ النبات، كثير البركات، قليل الآفات، فإنك فتاح بالخيرات، اللهمَّ وإنك قلت: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ(30)} [الأنبياء]، اللهمَّ ولا حياة لشيءٍ خُلِق من الماء إلا بالماء، اللهمَّ وقد قنط الناس أو من قنط منهم، وساءت ظنونهم، وتاهت ألبابهم، وتحيرت البهائم في مراتعها، وملت الدَّوران في مواطنها، وعجت عجيج الثكلى على أولادها إذ حبست قطر السماء فَرَقَّ لذلك عظمها، وذهب لحمهما، وذاب شحمها، اللهمَّ فارحم حنين الحانة وأنين الآنة، وارحم اللهمَّ بهائمنا الهائمة، والأنعام السائمة، اللهمَّ وقد برزنا إليك ياربّ نستغفرك لذنوبنا، ونستسقيك لعيالاتنا وبهائمنا، اللهمَّ اغفر إنك كنت غفاراً، وأرسل السماء علينا مدراراً، وزدنا قوة إلى قوتنا، وأعنا على الأعداء، ولا تقلبنا محرومين، آمين، اللهمَّ هذا الدعاء وعليك الإجابة لأنك لا تخلف الميعاد))، قال: فوالله ما رجعنا إلى منازلنا حتى أرسل الله علينا المطر ثلاثة أيام فجاء الناس يشكون إليه خراب
منازلهم، فرفع يده وقال: ((اللهمَّ هاهنا ولا هاهنا، اللهمَّ حوالينا ولا علينا))، وفيه: ((اللهمَّ لا تُطِع فينا مسافراً ولا تاجراً فإن المسافر يدعوا حتى لا تمطر وإن التاجر ينتظر شدة الزمن وغلاء السعر)).
وفي تخريج البحر لابن بهران دعاء علي عَليْه السَّلام كان يقول في دعاء الإستسقاء: ((اللهمَّ إنا خرجنا إليك من تحت الأكنان والأستار راغبين في رحمتك، وراجين فضل نعمتك، وخائفين من عذابك ونقمتك، اللهمَّ فاسقنا غيثك ولا تجعلنا من القانطين ولا تهلكنا بالسنين ولا تؤاخذنا بالسفهاء يا أرحم الراحمين، اللهمَّ فإنا خرجنا نشكوا إليك من أحوالنا ما لا يخفى عليك منها حين الجأتنا المضايق الوعرة، وفاجاتنا المقاحط المجدبة، وأعيتنا المطالب العسرة، وتلاحمت علينا الفتن المستصعبة، اللهمَّ إنا نسألك لا تردنا خائبين، ولا تقلبنا واجمين، اللهمَّ انشر علينا غيثك وبركتك ورزقك ورحمتك، واسقنا سقيا نافعة مروية تنبت بها ما قد فات وتحيي بها ما قد مات، كثيرة المجتنى، نافعة الحبا تروي بها القيعان، وتسيل بها البطنان، وتستورق الأشجار، وترخص الأسعار، إنك على ما تشاء قدير)).
وفيه دعاء الهادي عَليْه السَّلام: اللهمَّ اسقنا فإياك دعوناك، وإياك قصدناك، ومنك طلبنا، ولرحمتك تعرضنا، أنت إلهنا وسيدنا، وخالقنا وراحمنا، فلا يخيب عندك دعاءنا، ولا ينقطع عندك رجاءنا، يا أرحم الراحيمن، زاد في (الأحكام): وينصرف راجعاً، ويقرأ في طريقه يس حتى يختمها، ثم يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله عليه توكلت وهو ربّ العرش العظيم، سبع مرات، ثم يقرأ آخر سورة البقرة .
وفيه دعاء الناصر عَليْه السَّلام: اللهمَّ اغفر لنا واسقنا، ثلاث مرات، ثم يقول: اللهمَّ اسقنا غيثاً مغيثاً، وجباً مخصباً، وجداًمريعاً(1)، طبقاً مغدقاً غدقاً، عامًّا هنيئاً مريئاً، دائماً درراً سكباً تحيي به البلاد، وتغيث به العباد، وتجعله للحاضر منا والباد، يا وهاب، اللهمَّ أنزل في أرضنا سكناها، اللهمَّ أنزل في أرضنا زينتها، اللهمَّ أنزل من السماء ماءً طهوراً تحيي به بلدةً ميتاً وتسقيه مما خلقت أنعاماً وأناسي كثيراً إنتهى [من تخريج ابن بهران].
وفيه رواية عن المُهَذَّب للإمام المنصور بالله عَليْه السَّلام: ويستحب أن يدعو في الخطبة الأولى فيقول: اللهمَّ اسقنا غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريئاً مرتعاً، غدقاً مجلجلاً، طبقاً سبحّاً دائماً، اللهمَّ اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهمَّ إن بالعباد والبلاد من اللأوى والظنك والجهد ما لا نشكوه إلا إليك، اللهمَّ أنبت لنا الزرع، وأدرَّ لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء، اللهمَّ ارفع عنا الجهد والجوع، واكشف عنا ما لا يكشفه غيرك، اللهمَّ إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدرارً)).
__________
(1) روي بالياء المثناة من تحت: أي يمرع الأرض عليه، أي يخصب. وروي بالباء الموحدة: أي منبتاً للربيع.
وفيه عند نزول الغيث يرفعه من حديث المطلب بن حنطب أن النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم كان يقول: ((سقيا رحمة ولا سقيا عذاب، ولا نستحق الهلاك، ولا بلاء ولا هدم، ولا غرق)) وفيه، وهو عند إطباق المطر متصلاً (بالمتن) قبل هذا من حديث المطلب: اللهمَّ على الضراب(1) ومنابت الشجر، اللهمَّ حوالينا ولا علينا . إنتهى [يعني من المهذب للمنصور بالله عبدالله بن حمزة –عليه السلام-].
الباب الحادي عشر: في ذكر شيءٍ مما ورد عند هيجان الريح وصوت الرعد وسائر الأفزاع السماوية
في أمالي الإمام المرشد بالله (ع) من حديث ابن عباس مرفوعاً: ((إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله فإنه لا يصيب ذاكراً)).
وفي تخريج البحر لابن بهران من حديث ابن عمر أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق قال: ((اللهمَّ لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك)).
وفيه من حديث عائشة أن رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- كان إذا رأى ناشياً في الأفق ترك العمل، وإن كان في صلاة خفف ثم يقول: ((اللهمَّ إني أعوذ بك من شرها))، فإن مطرت قال: ((اللهمَّ سيباً هنيئاً)).
وفيه من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم يقول: ((الريح من روح الله، وروح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله تعالى خيرها واستعيذوا به من شرها)).
وفيه من حديث ابن عباس عن كعب موقوفاً: من قال حين يسمع الرعد: سبحان من سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، عوفي من ذلك الرعد .
__________
(1) هو بالضاد المعجمة، وهي الجبال الصغار.