وروى في الأمالي من حديث أنس مرفوعاً: ((العلم علمان: علم بالقلب فذالك العلم النافع، وعلم باللسان فذلك حجة الله على ابن آدم))، ومراده عَليْه السَّلام عدم مطابقة اللسان للقلب لا ذم ما جرى على اللسان مطلقاً، فإن الإفادة والاستفادة وأنواع العبادة واقع به.
ولا بأس بالتوسل إلى الله تعالى بعمل الإنسان نفسه وبالملائكة والأنبياء والصالحين وذلك شفاعة، قال تعالى حكاية عن المؤمنين: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا ءَامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(16)} [آل عمران]، وكقصّة أهل الغار الثلاثة وهي مروية مرفوعة في البخاري وغيره من حديث ابن عمر، ورواه أيضاً مسلم ويحسن ذلك عند الشدائد أخذاً من القصّة، وقد أجازه الجزري في (شرح العدة).
ومنع من التوسل بأحد إلى الله تعالى ابنُ القيِّم في (إغاثة اللهفان) أشد المنع وهو أن يقول: اللهمَّ بحق كذا، أو بحق فلان، أو بكذا فلا حق على الله، والصحيح جوازه لما رواه الطبراني في آخر دعاءٍ في الصباح: ((وأسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السموات والأرض وبكل حق هو لك وبحق السائلين عليك))، ولما رواه المرشد بالله من حديث أبي سعيد قال: كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم إذا قضى صلاته قال: ((اللهمَّ إني أسألك بحق السائلين عليك فإن للسائلين عليك فيها حقاً))... إلخ الدعاء بما سيأتي،وهذا كافٍ، وثم روايات أخر تفيد هذا.
وأن يكون محسناً ظنه بالمؤمنين، مشركاً لهم في دعائه العام غالباً،فإن المؤمنين والصالحين سبب للقبول فكأنه صادر منهم سيما الغائبين، ففي الأمالي من حديث أبي الدرداء مرفوعاً: ((إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة: آمين، ولك مثله)).
وأن يتخير لأدعيته -سيما المطلقة- الأوقات الفاضلات، والأماكن الطيبات، كشهر رمضان والجمعة والحرمين، وسيأتي لذلك باب خاصٌّ إن شاء الله فيطلب، وأماما قيد بوقت فلا يتركه في وقته فإن الشارع طبيب عارف ودليل على الخير، فالتنبيه منه على وقت قد ومكان قد علم أن له قدراً عظيماً في النفع.
وليكن على هيئَة تامَّة فلا يرفع يديه حتى تبدوا إبطاه إلا في نازلة وعند الجأر إلى الله تعالى إذ لم يفعله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم إلا في الاستسقاء ويوم بدر، رواه في البحر، وقدر روي عنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم رفع يديه إلى حذاء صدره وذلك في التضرع كدعائه يوم عرفة فإنه رفعهما إلى حذاء صدره، قال الراوي: حتى أن زمام ناقته جذبته أو استرسل عليه شككت أنا فذهب يرفعه بواحدة وبقت الأخرى حذاء صدره مع دعائه.
وليكن بباطن الكف لحديث مالك بن يسار السكوني قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((إذا سألتم الله فسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهروها))، رواه في (الضياء)، وقال: هو عند أبي داوود، وهو أيضاً في (شمس الأخبار) من حديث جعفر بن محمد عَليْه السَّلام مرفوعاً بزيادة: ((وإذا استعذتموه فاستعيذوه بظاهرهما))، ومثله عن ابن عباس مرفوعاً بزيادة: ((وامسحوا بها وجوُهكم)).
وأخرجه البخاري عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((إذا رفع يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه)).
قال في (الضياء) رواية عن البحر والمنتخب: أن القاعد يبسط يديه على فخذيه، والتضرع رفعهما قليلاً، والإبتهال إلى حذاء الصدر .
وفي الأمالي: ((إن ربكم حيي كريم يستحي أن يمدّ أحدكم يده))، وفي رواية ((يديه فيردهما صفراوين))، وفي أخرى ((خائبتين))، قبلنا الله تفضلاً منه.
المقدمة الثانية: في بيان فضل الذكر والتنبيه على يسير من ذلك جملة لأنه سيأتي في أبوابه ما يتم المراد به
إعلم أن الدعاء شأنه عظيم كما قد أشرنا إليه، وهو قسمان: قسم بالقرآن الكريم، وقسم بأذكار خارجة عنه.
فأما القرآن الكريم: ففضله غير محتاج إلى بيان ولا إستظهار، وأجره مضاعف، وناهيك عن حال كتاب الله العزيز أنه إذا تلاه التالون مجرداً عن كل نية غير التعبُّد والاستملاح أعطي صاحبه بكل حرف عشر حسنات كما ثبت عنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم في غيرمحل أخرج معناه الترمذي، ويقال لقارئه: ((إقرأ ورقة(1) ورتِّل كما كنت ترتل فإن منزلك عند آخر آية تقرأوها))، أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وحسَّنه. وكفى به، كونه كلام الله، فإن الناس يعظمون كلام الملوك لكونه كلامهم، وهذا كلام ملك الملوك.
روي في الأمالي من حديث علي عَليْه السَّلام مرفوعاً: ((فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه))، وسيأتي في بابه منه شيء من أدلة التفضيل.
والقسم الثاني: الدعاء بسائر الكلام المأثور النبوي: ولا يعدل عنه إلا لمن لا يحسنه ولا بأس لمن أمعن عن فيه وأبقى التصرف لمطابقة الحادثة من دون ترك لما يمكن، ففي الألفاظ النبوية مهما حفظت تراكيبها بركة وسر عظيم من دون توغل في التقطيع والتسجيع والتنطُّع والتصنع. ولا يقال تركه والاستغناء عنه بالقرآن أولى لما فيه من المغزى النافع والسر في الحاجات، ولكلٍ فضل وإلا لما احتيج إليه ولا حث الشارع عليه ولا دخل في صلب الصلاة وزاحم القرآن.
__________
(1) لعله: (وارقه).
وأما فضائله: فهي كثيرة؛ كبيرة جمَّة مستخرج من أبواب الذكر الآتية إن شاء الله، فذكرها هنا تكرير، ومنها في أمالي المرشد بالله عَليْه السَّلام بسنده: أن رجلاً قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ فأتني بشيء أتشبث به قال: ((لا يزال لسانك رطباً من ذكر ا لله تعالى))، وأخرجه في (الحفاظ(1)) مثل الترمذي والحاكم وغيرهما.
وفي (كنز الرشاد) للإمام الحافظ الزاهد عزالدين بن الحسن عَليْه السَّلام من حديث معاذ أنه قيل: يا رسول الله أوصني يا رسول الله، قال: ((عليك بتقوى الله ما استطعت، وذكر الله عند كل شجر وحجر، وما عملت من سوء فأحدث له توبة، السر بالسر والعلانية بالعلانية))، أخرجه أحمد وغيره.
وفي الأمالي من حديث أنس مرفوعاً: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا))، قالوا: يا رسول الله وما رياض الجنة ؟، قال: ((حلق(2) الذكر))، وأخرجه أحمد أيضاً والتزمذي وغيرهما، وأمثال ذلك كثير كما سيأتي نصه.
__________
(1) قوله: في الحفاظ (في) بمعنى مِنْ.
(2) حِلَق -أولها حاء مهملة مكسورة-: جمع حلقة.
[معتمد الأخذ في هذا الكتاب كتب أهل البيت(ع) وشيعتهم رضي الله عنهم]
إعلم أنا قد بينا أن المعتمد في الأخذ عنه في مختصرنا هذا هم أهل البيت (عليهم السلام ورحمة الله وتحياته، ورضوانه وبركاته)، وعلى الجملة فمن جعلهم واسطة بينه وبين الله تعالى في عمله فقد تمسك بهم ولم يعرض عنهم كما أشار إلى الطرفين حديث: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي))...إلخ الحديث، فإنه دل على وجوب التمسك بهم من حيث التنبيه أن تركهم مظنة الضلال في قوله: ((لن تضلوا))، فالضال أتى من جهة نفسه بعد هذا الشأن، وقوله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((أهل بيتي كسفينة نوح))... إلخ، ومؤداه نجاة وضلالاً(1) مؤدَّى الأول، ومن تصدى إليهما من شرحهما في كراريس، وأمثال ذلك كثير، فدينهم مستفاد من دين أبيهم الرسول صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم إذا عرفت ذلك فسنبينه على أمهات هذا المختصر برمز باين لا يشتبه ميلٌ إلى الاختصار، واللائق بمن نَقَل منه أن يتحرى في رموز الكتب ويوضحها، فإن بعض شراح (عدة الحصن الحصين) حَمَلَهُ الخلط من النساخ في رموز (العدة) على أن شرحها شرحاً مستقلاً ليرفع الخلل فإن أمكن حفظ تلك الرموز بخط مخالف من حمرة أو خضرة مثلاً وإلا ذكر كل كتاب بإسمه ونسبه إلى صاحبه كما سنبينه هنا، والذي نريد له رمزاً هو ما سيتكرر ذكره في المختصر، وما كان نادراً أو قليلاً فسنذكره باسمه -إن شاء الله تعالى-.
__________
(1) أي مؤدى حديث التمسك وحديث السفينة واحد في نجاة المتمسك بأهل البيت -عليهم السلام- المتبع لهم الذي كالراكب في السفينة وفي ضلال التارك لأهل البيت -عليهم السلام- وهو الغارق الهاوي.
[مواضيع الكتاب وأبوابه (39) باباً وخاتمة]
وجملته تنحصر في تسعة وثلاثين باباً وخاتمة، وبالله الإعانة.
الباب الأول: في الإبتداء بشيء من القرآن تشرّفاً غير ما يأتي في بابه -إن شاء الله تعالى-، وكلمة الإخلاص.
الباب الثاني: في الصلاة على النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم وما يتصل بذلك.
الباب الثالث: في شيء مما رود عند الاستيقاظ من النوم وما يتصل بذلك.
الباب الرابع: مما ورد عند دخول الخلاء والخروج منه.
الباب الخامس: مما ورد عند الوضوء وما يتصل بذلك.
الباب السادس: مما ورد عند الخروج من المنزل وما يتصل بذلك.
الباب السابع: مما ورد عند دخول المسجد وما يتصل بذلك.
الباب الثامن: مما ورد في الأذان وما يتصل بذلك.
الباب التاسع: مما ورد بعد الفراغ من الصلاة فيها مطلقاً ومقيداً وما يتصل بذلك.
الباب العاشر: مما ورد في الإستسقاء وما يتصل بذلك.
الباب الحادي عشر: مما ورد عند الكسوف وهياج الريح وسائر النوازل وما يتصل بذلك.
الباب الثاني عشر: مما ورد عند الخروج من المسجد وما يتصل بذلك.
الباب الثالث عشر: مما ورد عند دخول المنزل وما يتصل بذلك.
الباب الرابع عشر: مما ورد عند أخذ المضجع وما يتصل بذلك.
الباب الخامس عشر: مما ورد عند القيام للتهجد والعود في النوم وما يتصل بذلك.
الباب السادس عشر: مما ورد في الصباح والمساء وما يتصل بذلك.
الباب السابع عشر: مما ورد عند رؤية الهلال وما يتصل بذلك.
الباب الثامن عشر: مما ورد عند الإفطار وما يتصل بذلك.
الباب التاسع عشر: مما ورد في السفر ودخول محلة وما يتصل بذلك.
الباب العشرون: مما ورد في الجهاد وما يتصل بذلك.
الباب الحادي والعشرون: مما ورد في التفرق من المجلس وما يتصل بذلك.
الباب الثاني والعشرون: مما ورد في الأكل والشرب وما يتصل بذلك.
الباب الثالث والعشرون: مما ورد في اللباس وما يتصل بذلك.
الباب الرابع والعشرون: مما ورد في النكاح وما يتصل بذلك.
الباب الخامس والعشرون: مما ورد عند ولادة المولود وما يتصل بذلك.
الباب السادس والعشرون: مما ورد في الأسواق وما يتصل بذلك.
الباب السابع والعشرون: مما ورد عند رؤية ما يسر وسماعه وضده وما يتصل بذلك، ومنه الرؤيا المنامية [ولسائر أحوال البدن(1)].
الباب الثامن والعشرون: مما ورد عند الهم والكرب وما يتصل بذلك.
الباب التاسع والعشرون: مما ورد عند خصاصة من فقر ودين وما يتصل بذلك.
الباب الثلاثون: مما ورد لحفظ القرآن وغيره وما يتصل بذلك.
الباب الحادي والثلاثون: مما ورد من الدعاء للمؤمن بظهر الغيب.
الباب الثاني والثلاثون: مما ورد عند خوف مخوف مطلقاً، وَدُخُول على سلطان، وذهاب ضالة، وشدة، وحاجة مطلقاً وما يتصل بذلك.
الباب الثالث والثلاثون: مما ورد في الأذكار العامة المطلقة القرآنية والنبوية من دون تقييد بوقت ولا مكان ولا شخص.
الباب الرابع والثلاثون: مما ورد مقيداً بوقت خاص، وفيه فصول ثلاثة: ما ذكر(2)، وما قيد بمكان، وما قيد بشخص.
__________
(1) ـ ما بين القوسين هنا زيادة على ما يأتي في الأصل، وهو ثابت في المخطوط، مع أن البناء هنا على الاختصار كما ترى.
ويعنى بهذا ما ذكره فيما سيأتي لاحقاً من قوله: وأما سائر الأفعال المتعقلة بالبدن..إلخ، وموضوع ذلك الابتداء بالتسمية وذكر الرقية والاستعاذة وما يقال عند التثاؤب والعطاس.
(2) يعني أن المقيد ثلاثة فصول: (1) ما ذكر –أي المقيد بوقت خاص. (2) ما قيد بمكان. (3) ما قيد بشخص.
الباب الخامس والثلاثون: مما ورد لأمراض عامة، أو خاصة.
الباب السادس والثلاثون: مما ورد في عيادة المرضى، وما يتصل بذلك.
الباب السابع والثلاثون: مما ورد في صلاة الجنازة، وما يتصل بذلك.
الباب الثامن والثلاثون: مما ورد في التعزية، وما يتصل بذلك.، وفيه فصل في دفع عذاب القبر.
الباب التاسع والثلاثون: في زيارة قبور الصالحين وما يتصل بذلك.
[الباب] الأربعون: الخاتمة في جملة من أحوال الآخرة كثيرة، ختم الله لنا بالحسنى، آمين.
[رموز أمهات هذا المختصر]
وهذه رموز أمهات هذا المختصر، الموعود بها أخرّتها أمام المطلوب حرصاً على حفظها وملاحظة لإتقانها عن الإلتباس لأن ثمرتها حينئذ معرفة الأمهات ليسكن الخاطر وليرجع إليها إذا أشكل في موضع شيء أو نقص فيبحث له، ولم يكن القصد في ذلك جميع ما وجد فيه الحديث من هذه الأمهات عند ذكره، بل يُستكفَى بذكر كتاب أو اثنين أو ما سنح لأن القصد بيان وجدان الحديث في أحدها لا الحصر، ولا بد إن شاء الله أن أجمع تخريجها من كتب الحديث ولحق بكل حديث ذكر من خرّجه بمعونة الله تعالى. تمت.
مجموع الإمام زيد بن علي -عليهما السلام- (ج).
صحيفة الإمام علي بن موسى الرضا عَليْه السَّلام (ص).
أمالي الإمام أحمد بن عيسى عَليْه السَّلام (سا).
أحكام الإمام الهادي عليه السلام (كا).
أمالي الإمام أبي طالب عَليْه السَّلام (ط).
أمالي الإمام المرشد بالله عَليْه السَّلام (لي).
ولما كان كتاب (شمس الأخبار) للعلامة التقي علي بن أحمد بن الوليد القرشي رحمه الله من أجلِّ كتب الشيعية، وأمهاته مصرّح بها في ديباجته كلها من كتب الأئمة وبعض شيعتهم الأكرمين؛ اعتمدنا النقل منه كون مرجعه كتب الأئمة؛ وهو من أصحّها؛ فإنه لمّا تمّ له تأليفه عرضه على الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عَليْه السَّلام فأعجب به إلى غاية، وحكم بصحته، وفرض على مؤلّفه أن يكون حصته من الجهاد تحصيل نسخة له عَليْه السَّلام، والقصة في مطلع البدور، فرمز ما أشرنا إليه (ش).
تخريج البحر لابن بهران رحمه الله (تج).
المقاصد الحسنة لأحمد بن عبدالله الوزير، إختصره عَليْه السَّلام؛ وأصله للسخاوي (صد).
الإعتصام للإمام القاسم بن محمد عَليْه السَّلام (م).
تتمة الأنوار للعلامة أحمد بن يوسف زبارة رحمه الله (ره).
ضياء ذوي الأبصار للعلامة المحقق شمس العترة أحمد بن محمد الشرفي رحمه الله (ضيا)(1).
هذا ما نكثر تكرره، وأما ما ندر كأمالي المؤيد بالله عَليْه السَّلام وغيره؛ أو عرض ذكره من غير كتبنا فيعزى إليه بإسمه، وكل هذه صحّت لنا طرقها جميعاً وربما نتعرض لذلك في بعض الأسانيد لحاجة أو نعرف بذلك صحة ما قلنا وقد اكتفيت عن ذكر الأسانيد بوجودها في الأمهات تركتها اختصاراً وسميته كتاب (السَّفِينَةُ المُنجِيَةُ في مُسْتَخْلَصِ المرْفُوْعِ من الأَدْعِيَةِ).
__________
(1) تقريباً للقارئ الكريم رأينا إثبات كلّ كتاب مما تقدّم باسمه؛ والاستغناء عن هذه الرموز.
هذا؛ ولم نأل جهداً في الاختصار، وطلب الوقوف على المراد والاقتصار، والمذكور في كل باب ما يحتاج إليه، وربما يعثر عاثر على زيادة لم نجدها عند التحصيل فقد أذنا له بإلحاقها مع ما عرفه من شرطنا كون الطريق لا تتعدى أهل البيت المطهرين، وكون المنقول منه مما صح للملحق فيه طريق صحيحة، والله تعالى المستعان، وأسأله تبارك وتعالى أن ينفع به ويجعله لمن اعتمده بركة ووقاية وكفاية وجالباً لخير الدارين، آمين آمين.
وهذا أوان الشروع في المقصود، طالباً من إخواني المؤمنين من فيض سماحتهم الدعاء لي في حياتي وبعد وفاتي، فقد قبلتُ ما وصلني به من وصل، والله يضاعف أجره، آمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الأول: في التشرف بشيء من آي القرآن الكريم والتيمن بالإبتداء به؛ وكلمة الإخلاص
في أمالي أبي طالب من حديث أم سلمة (رضي الله عنها) قالت: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم يقرأ: ((بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين))، حتى ذكر ((ولا الضالين))، قالت: سكت عند كل آية وهو يعدها حتى عدها سبعاً، قالت: فعد بسم الله الرحمن الرحيم آية.
وفي أمالي الإمام المرشد بالله (ع) من حديث أبي بن كعب عن النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((أيما مسلم قرأ فاتحة القرآن فكأنما قرأ ثلثي القرآن وكأنما تصدق على كل مؤمن)).
وفيه من حديث أبي أمامة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((أربع آيات نزلن من كنز تحت العرش لم ينزل منه شيء غيرهن: أم الكتاب فإنه يقول تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ(4)} [الزخرف]، وآية الكرسي، وخاتمة سورة البقرة، والكوثر)).