بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين
[ديباجة الكتاب، والسبب في تأليفه وذكر مصادره وتوثيقه]
الحمد لله باريء البرايا، وواسع المِنَا والعطايا، مجيب دعاء الداعين، وميسر السبيل للساعين، أحمده حمدَ من كان قصارى(1) حمده الاعتراف بالعجز عن القيام بأداء شكره لصغير من الآلاء، واستغرق فكره في تعرّف إدارك أياديه، عز وجل، على عبده الحقير، فأطرق إعظاماً وإجلالاً ، أنعم تفضلاً ، وأحسن تطولاً، وأوسع تنفلاً، وأوعد إكمالاً، له الثناء الجميل، والفضل الجزيل، والشكر الجليل تبارك وتعالى.
والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعباد على الإطلاق، ومتمماً لمكارم الأخلاق، محمد طيّب المحْتد ، وزاكي الأصول والأعراق، وعلى آله ناشري برود السعادة على أيدي الدهور، وناصبي أعلام السيادة، التي لا حود في عودها ولا قصور.
وبعد: فإن الله -تعالى؛ وله الحمد- خلق الخلق ليمتن عليهم بأنواع الامتنان، ودعاهم إلى ما يستحقون معه الخلود في غُرَف الجنان، ويسر لهم إلى نيل ذلك طريقين، بعد أن هداهم النجدين، وهما: العبادة بالأقوال والأفعال، فيعملون قليلاً، ويستريحون طويلاً.
__________
(1) يعني: غايته.
فأما العبادة الفعليَّة، فلا تحتاج إلى مقدمة ولا قضية، لأنها أركان الإسلام، وما يفرع منها ويتعلق بها.
وأما العبادة القوليَّة، فهي سائر الأذكار والأدعية، ولها نتعرض إن شاء الله تعالى.
وكون العبادة تنقسم إلى هذين الطرفين، وتتنوع إلى هذين النوعين، أمر بيِّن، قال تعالى في ذم المشركين في إشراكهم في أحد جزئي العبادة: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ}..إلخ [الفرقان:60].
وقال في القسم الآخر: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ(65)} [العنكبوت].
وقال في حثّ المؤمنين: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا}..إلخ [الكهف:110].
وقال: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر:14]، وقال تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}..إلخ [غافر:60]، هذا باعتبار ظاهر الآيات في أحد الأمرين وإن حمل الكل على الكل غالباً لأن المرجع إلى مطلق الإقرار بالله تعالى بلوازمه، أو الإنكار بلوازمه، ثم جعل تعالى ركن الشهادة مهيمناً على النوعين، ومصدقا لما اندرج تحته من الطرفين فهما حقها والموجبان لصدقها، وجعل الإخلاص والتفكر وسائر مسبباتهما من الخشوع والخضوع ونحوهما كالماهيَّة لهما والملاك توجد حقيقتهُمَا بوجود ذلك، وتزول وإن بقت صور أفرادها بزواله.
روى السيد الإمام المرشد بالله في أماليه، من حديث عليٍّ عَليْه السَّلام قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم يقول: ((التوحيد ثمن الجنة، والحمد لله شكر كل نعمة، وخشية الله مفتاح كل حكمة، والإخلاص ملاك كل طاعة)).
والسبب الداعي للتعرض لآخر القسمين، أن الأئمة والعلماء -رحمهم الله تعالى- قد وضعوا في ذلك النصيب الوافر، والفضل المتكاثر، خلا أن ذلك مدرج في غصون تصانيفهم، وأعطاف تآليفهم، ولا يخفى ما قد عم وطم من القصور الظاهر في عالم العلماء، فضلاً عمن لا يعد من قبيل أولئك الكرماء، فربما مر الحريص على الفائدة في موضعها عند الاشتغال بغيرها كالدرس مثلاً فيترك تلك إشتغالاً أو تكاسلاً فيذهب كما قد جربت ذلك من نفسي مراراً من الأوقات وإرسالاً، ولم أحض بطائل أعماراً طوالاً، وأمَّا من لم يكن من ذلك القبيل، فإنه يمنعه بعد السفر عن الوصول إلى القليل، ولم يوجد شيء من المراد مجموعاً مقرباً للباحث والطالب، وإن وجد خارجاً فلم يقع الظفر به، ككتاب الذكر لمحمد بن منصور المرادي؛ وهو من أجل ما وضع في هذا الباب، وكتاب (عدة الحصن الحصين، وشرحه) لمحمد بن محمد بن محمد الجزري الشافعي رضي الله عنه، و (الأذكار) للنووي، و (سلاح المؤمن)، وغيرها فإن فيها كثيراً طيباً، وكذلك (الهدي النبوي) لابن القيم، و (منظومةٌ شرحها الهدي)، كلاهما للعلامة الحسن بن إسحاق -رحمه الله- فإن في ذلك كثيراً لاشتماله على هديه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم وخلائقه كلها ذكر وهدياً وأمثال ذلك، لكنه عول على الحقير من لا يسعه مخالفته في مقصد صالح، ولا يستجيزها ومقصده أن يكون قطعة من الأدعية تختص بطرق الأئمة عَلَيْهم السَّلام وشيعتهم ا لكرام، مما صح لنا طريقه وروايته وإن كان في صحيفة إمام هذا الفن وسيّد أهل العبادة والزهادة زين العابدين علي بن الحسين عَلَيْهم السَّلام ما يشفي ويكفي، ولكن القصد الاقتصار على المرفوع من الأدعية النبوية، وربما تدرج شيء يسير من أدعية أمير
المؤمنين علي عَليْه السَّلام لسببين: كونه نفس الرسول صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم، وكون المنقول عنه غالبه الرفع حكماً كما ستقف عليه، ويكون ذلك مما طريقه متصلة بالأئمة عَلَيْهم السَّلام إلى جدهم المصطفى صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم ليكون أقرب للناظر وأيسر للخاطر، وربما نذكرمن أدعية بعضهم نزراً يسيراً إحتياجاً أو إستحساناً وذلك لم يتعدَّ موضعين أو ثلاثة إلا ما ندر، وكل ذلك مذكور منسوب ليختار الناظر العمل به أو تركه، وقد ذكر لي بعض مشايخي، مد الله مدته، أن الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم عَليْه السَّلام قد تعرض لأدعية الأئمة وهي مجموعة وسيسر الله الظفر بها لك إن شاء الله، فنظرت وإذا المعمول عليه لم يقم بالتعويل، إذ الخطب يسير والأمر جميل، لأن مطلوبه -عافاه الله- لم يكن من قبيل التصنيف ولا التأليف إنما هو جمع لمفترق أو تفريق لمجتمع، غير أني راجٍ من ذي الأياد والطول، والقوة والحول، أن يجعل لي من أجل البحث والتسويد من الأجر نصيباً، وأن يفرج به وينفع قلباً كئيباً، ففي الصحيح: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث))، حتى قال: ((أو علم ينتفع به بعد موته))، واندارج هذا تحت جملة العلم اندراج ما أشار إليه حديث: ((إن لله ملائكة يطوفون يلتمسون الذكر فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله جلسوا إليهم))، حتى قال: ((فيقولون إنَّ في فيهم فلاناً رآهم فجلس، فيقول الله تعالى: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم))، وهو متفق عليه، فجردت النفس لذلك المقصد مستعيناً بالله الواحد الصمد، قائلا:
يا من عليه المعتمد، ومن فيض سماحه مستمد، أمِدنا بنواصي بركات الإحسان، ومتعنا بلطفك العام التام الذي لا يختلجه منع ولا نقصان.
وينبغي قبل الشروع ذكر مقدمتين نافعتين إن شاء الله تعالى،
وترتيب المقدمة الأولى في صفة ما يكون عليه الملتمس شيئاً من الدعاء من الآداب.
ينبغي لمن أراد حضّه يتوسل بها من الدعاء أن يحسن الظن بالله تعالى ولا يستبعد الإجابة فإن الله تعالى لا يرد دعاء داعٍ إلا أن يقول: ((دعوتُ فلم أُجَب))، رواه الإمام زيد بن علي -عليهما السلام-، وأخرجه الشيخان، والنسائي، وابن ماجه، ولفظ البخاري من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، قالوا: وكيف يعجل ؟، قال: ((يقول دعوت الله فلم يستجب لي))، وفي حديث أبي سعيد مرفوعاً: ((ما من مسلم دعا بدعوة ليس فيها قطيّعة رحم ولا إثم إلا كان له إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يوفر له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها))، قالوا: يا رسول الله أنكثر ؟ قال: ((فالله أكثر)) أخرجه الإمام المرشد بالله عَليْه السَّلام، ومعناه في المجموع: وأن يعرف قدر الدعاء وما يدعو به والمدعو تعالى، فإن أحد ركني العبادة الدعاء كما قدمنا، وإن شأنه عظيم كما سيأتي إن شاء الله، وأن يعرف أن الله تعالى أعظم من يُوقر ويتواضع له، فإذا كان الإنسان في الدعاء فهو بين يدي ملك الملوك، تبارك وتعالى، وليعلم أن الله يبغض الملحّ المُلْحِف إلا في دعائه وبيده الإيجاد والإعدام، ولا يمل فإن الله تعالى لا يمل حتى يمل العبد، ففي الحديث: ((الدعاء هو العبادة))، ((ليس شيء أكرم على الله من الدعاء))، ((وإن الدعاء ينفع مما نزل ومما ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء فإن الله تعالى يحب أن يُسأل، ومن لم يدع الله غضب الله عليه))، رواه أبو يعلي والحاكم والترمذي، وشاهده في
الأمالي، وفي أمالي الإمام أبي طالب(ع) عَليْه السَّلام: ما أعطي أحد أربع(1) فمنع أربعاً، ما أعطي أحد الدعاء فمنع الإجابة إن الله تعالى يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]، وما أعطي أحد الاستغفار فمنع المغفرة إن الله تعالى يقول: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} [هود:90]، وما أعطي أحد التوبة فمنع القبول إن الله تعالى يقول: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ}[الشورى:25]، وما أعطي أحد الشكر فمنع من الزيادة إن الله تعالى يقول: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم:7]، وليكن على هيئة طيبة من طهارة غالباً وخشوع وخضوع وانكسار خاطر فإن الله تعالى عند المنكسرة قلوبهم وطيب مكتسب وملبس ومأكل وإخلاص وما يناسب ذلك.
أخرج [في] أمالي الإمام أبي طالب(ع) عَليْه السَّلام من حديث علي عَليْه السَّلام: (من أحبّ أن تستجاب دعوته فليطب مكسبه وأن يكون مرضي العمل صالحه)، ففي شمس الأخبار من حديث علي عَليْه السَّلام أيضاً مرفوعاً: (( إن الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر))، ومن حديث الحسن -رحمه الله تعالى- مرفوعاً: ((إن الله تعالى لا يقبل دعاء عبد حتى يرضى عمله))، وأن يكون اعتقاده على الله تعالى قاطعاً علائق المخلوقين.
__________
(1) صوابه: أربعاً.
أخرج أبو طالب في أماليه من حديث أمير المؤمنين عَليْه السَّلام مرفوعاً: (إذا أراد أحدكم أن لا يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم ولا يكون له رجاء إلا عند الله تعالى، فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأله شيئاً إلا أعطاه، ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا فإن في القيامة مواقفاً كل موقف مقام ألف سنة، ثم تلا هذه الآية: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ(4)} [المعارج])، وأن يبدأ الداعي أولاً بحمد الله تعالى، ثم الصلاة على النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم لما رواه السيد المحقق العلامة النقاد أحمد بن محمد الشرفي -رحمه الله- في (ضياء ذوي الأبصار) من حديث فضالة بن عبيد قال: سمع رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم رجلاً يدعوا في صلاته، لم يحمد الله تعالى، ولم يصل على النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم، فقال له صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((عجل هذا))، فقال له أو لغيره: ((إذا صلّى أحدكم فليبدأ بحمد الله تعالى والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم، ثم يدعوا بما شاء))، قال: رواه الترمذي والحاكم على شرطيهما.
وفي أمالي المرشد بالله وأمالي أبي طالب عَليْه السَّلام، واللفظ له قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((ما من دعاء إلا وبينه وبين السماء حجاب حتى يصلي على النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم فإذا فعل ذلك انخرق الحجاب ودخل الدعاء، وإذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء)).
وأخرج الطبراني في (الأوسط) عن علي عَليْه السَّلام بلفظ: (كل دعاء محجوب حتى يصلي على النبي وآله)، وأخرجه البهيقي أيضاً والرهاوي في (الأربعين) عنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم، ذكره السيوطي في (الجامع الكبير).
ويختم الدعاء بالصلاة على النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم قال في أمالي أبي طالب عَليْه السَّلام من حديث علي عَليْه السَّلام: ((ما من دعاء إلا وصلاتكم عليّ جواز دعائكم ومرضات لربكم وزكوة لأعمالكم)).
وأخرج النسائي بسند صحيح قوي عن زيد بن خارجة قال: سألت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم فقال: ((صلّوا عليّ واجتهدوا في الدعاء، ثم قولوا: اللهمَّ صل على محمد وعلى آل محمد)).
قال في (المقاصد) وهذا عند الطحاوي وأحمد والبغوي في (معجم الصحابة) وأبو نعيم والديلمي، قال الحافظ أبو الخير في (شرح الحصن): وأما الاقتصار على الصلاة عليه - يعني من دون آله - فلا أعلمه ورد في حديث مرفوع إلا في سنن النسائي في آخر دعاء القنوت، قال فيه: وصلى الله على النبي، ولم يقل فيه: وآله.
قلت: وحديث القنوت هو من رواية الحسن السبط عَليْه السَّلام ولم يذكر فيه الصلاة على النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم كما في كتب أهل البيت عَلَيْهم السَّلام حتى يرد ما قيل من التفرقة،ورواية النسائي هذه يردها تصيرحه هو بذكر الآل كما تقدم وندورها لما تظاهرت عليه الأخبار والحفاظ وأهل البيت عَلَيْهم السَّلام فهي ظاهرة النكارة، وتصريحه -صلَّى الله عَليْه وعلى آله وسلم- في كثير بقوله: ((وعلى آلي))، فقيل: حديث النسائي لا يعارض القول الصريح، والأمر الفصيح، مع تطرق الاحتمالات إليه لو فرض مساواته لما عارضه؛ والله أعلم، وليقل: اللهمَّ صل على محمد وآل محمد وأعطني كذا، فإن في الصلاة على النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم لا يُرد والله تعالى كريم وهو أكرم من أن يستجيب واحدة ويرد الأخرى، وهو معنى حديث في المجموع عن علي عَليْه السَّلام.
وأن لا يكون حاله كعبد السوء كما حكى الله، عز وجل، وهو أن يتضرع إلى الله يفزع إليه في الشدائد وينساه ويستغني عنه في السراء ونحوها، قال تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} [يونس:12]، وقال صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((من سرّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء))، رواه الترمذي والحاكم.
وأن يكون حاضر القلب، عارفاً بمصدر ما يدعو به وله ومورده، فإن التلفظ باللسان غير نافع، قال صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((أفضل الدعاء ما خرج من القلب بجد واجتهاد))، فبذلك يسمع ويستجاب وإن قل، قال صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((إن الله لا يستجيب دعاء من قلب ساهٍ لاهٍ))، روي في أمالي المرشد بالله عَليْه السَّلام من حديث حنظلة: ((إن الله تعالى أوحى إلى موسى بن عمران عَليْه السَّلام: أن قومك زينوا مساجدهم، وأخربوا قلوبهم، وسمنوا كما تسمن الخنازير ليوم ذبحها، وإني نظرت إليهم فلا أستجيب لهم دعاءهم ولا أعطيهم مسائلهم))، وكفى بجوامع الكلم التي أعطيها نبيئنا صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم.
قال في أمالي الإمام أبي طالب(ع) عَليْه السَّلام والمرشد بالله عَليْه السَّلام من حديث أنس قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((صلي صلاة مودع ترى أنك لا تصلي بعدها أبداً، إضرب ببصرك موضع سجودك حتى لا تعرف من عن يمينك ولا من عن يسارك، واعلم أنك بين يدي من يراك ولا تراه))، فكفى بها كلمة لمن اعتمدها.
والدعاء والصلاة أخوان كما قدمنا، وأن لا يكون مصاحباً لشرهٍ ولا بطر واستهزاء، روى أبو طالب من حديث ابن مسعود مرفوعاً: ((من أحسن صلاته حيث يراها الناس وأساءها حيث يخلو فتلك استهانة يستهين بها ربه عز وجل)).
وقد روي عن علي عَليْه السَّلام أنه سمع رجلاً يستغفر الله وهو ضاحك لاهٍ فقال له عَليْه السَّلام: (إستغفارك يحتاج إلى استغفار)، فجعله ذنباً يحتاج إلى توبة.