وفيه من حديث عبدالله بن أبي أوفى قال: جاء رجل إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم فقال: إني لا أقرأ القرآن فعلمني شيئاً يجزيني من(1) القرآن قال: ((قل: الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله))، قال: فقبض على يده وعد خمساً مع إبهامِه قال: هذا لله تعالى فما لي، قال: ((قل: اللهمَّ اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني))، فأمسك عليهن بيده الأخرى وعد خمساً مع إبهامه ثم أدبر فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((ملأ يديه من الخير)).
وفيه من حديث أبي مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((رأيت إبراهيم صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم ليلة أسري بي فقال: يا محمد أقريء أمتك عني السلام وأخبرهم أن الجنَّة طيبة التربة عذبة الماء وإنها قيعان وغراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله)).
__________
(1) عن (نخ).
وفيه من حديث علي عَليْه السَّلام قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((من قال في كل يوم مائة مرة: لا إله إلا الله الحق المبين، كان له أماناً من الفقر وأمن من وحشة القبر واستجلب به الغنا واستقرع بها باب الجنَّة))، ولفظه في (الجامع الكبير): ((من قال في كل يوم مائة مرة: لا إله إلا الله الملك الحق المبين، كان له أماناً من الفقر وأماناً من وحشة القبر واستجلب بها الغنى واستقرع بها باب الجنَّة))، رواه الشيرازي في (الألقاب) من طريق ذي النون المصري عن سليم، ورواه الخطيب والديلمي والرافع وابن النجار من طريق الفضل بن غانم عن مالك بن أنس عن حعفر بن محمد عَليْه السَّلام...إلخ ما في الكتاب، ورواه أبو نُعيم في (الحلية) من طريق ابن زريق عن سليم الخواص عن مالك. إنتهى.
قلت: وفائدته ذكر الزيادة في قوله في صدر المتن ((الملك)) فينبغي الزيادة لأنها مقبولة وهي غير مخلة ولا مانعة، قال الفضل بن علقم: لو رحل الإنسان في هذاالحديث إلى خراسان لكان قليلاً. إنتهى.
وفيه من حديث أبي أمامة قال: كان من دعاء رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((اللهمَّ اغفر لنا وارحمنا وارض عنا وأدخلنا الجنَّة ونجنا من النار وأصلح شأننا كله، فكأنا اشتهينا يزيدنا فقال: ((قد جمعت الأمرين)).
وفيه من حديث أبي هريرة قال: ما رأيت أحداً بعد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم أكثر أن يقول: ((أستغفر الله وأتوب إليه))، من رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم .
وفيه من حديث هانيء بن عثمان الجهني قال: أخبرتني حميصة بنت ياسر عن بشيرة أخبرتها أن النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم أمرهن أن يراعين التسبيح والتهليل والتقديس ويعقدن الأنامل فإنهنَّ مسؤلات ومستنطقات .
وفيه من حديث أنس قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً واحداً أحداً صمداً فرداً وتراً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، إلا أعطاه الله تعالى في الجنَّة أربع مائة قصر من ياقوتة حمراء))، ثم قال: ((هذا القول على المؤمن خفيف وعلى المنافق ثقيل)).
وفيه من حديث أنس قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((من هلل مائة مرة وكبر مائة مرة كانت خيراً له من عشر رقاب يعتقها ومن سبع بدنات ينحرها عند بيت الله الحرام)).
وفيه من حديث خالد بن عمران عن النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم أنه قال: ((خذوا جُنّتكم))، قالوا: يا رسول الله من عدو حضر ؟، قال: ((لا؛ بل من النار))، قال: قلنا وما جنتنا من النار ؟، قال: ((سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولاحول ولا قوة إلا بالله فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات ومعقبات ومجنبات وهنَّ الباقيات الصالحات))، وهو في غيره أيضاً.
وفيه من حديث ابن عمر قال: ((من قال سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر كتب الله له بكل واحدة منهن عشر حسنات ورفع له بهن عشر درجات، ومن زاد زاده الله ، ومن حالت شفاعته دون حد من حدود الله ضاد الله في أمره ، ومن خاصم خصومة باطل كان في سخط الله حتى ينزع ، ومن يغتب مؤمناً أو مؤمنة بغير علم حبسه الله يوم القيامة في ردعة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج))، وقد ذكرنا الحديث برمته وإن كان الثمرة في صدره لما فيه من الفائدة الجليلة فرب عامل بالصدر والعجز إن شاء الله تعالى ، وهذا الحديث وأمثاله مما فيه نوع من ذكر معين وإن كررنا فلمندوحة ما فيه من إختلاف يستدعي الذكر، والفائدة هنا ذكر الجزاء فيه غير ما تقدم فيتأمل فيما عرض من ذلك والله أعلم.
وفيه من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((من قال: لا إله إلا الله قبل كل أحد، ولا إله إلا الله بعد كل أحد، ولا إله إلا الله يبقى ربّنا ويفنى كل أحد أتاه حافظاه عند النشر فقالا: قم فإنك من الآمنين، ويؤتى بحلتين فيكساهما ومركب فيركبه فينظر إليه المؤمنون فيقولون: ملك مقرب، وينظر إليه الأنبياء فيقولون: نبي مرسل، حتى يقف تحت لواء الحمد)).
وفيه من حديث أنس قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيءٍ قدير، خرقت كل سقف من السماء فلا يلتأم خرقها حتى ينظر الله، عز وجل، إلى قائلها فحقاً على الله سبحانه أن لا ينظر إلى عبد فيعذبه أبداً))، وفيه من حديث راشد بن سعد مثله بنقص: ((وهو حي لا يموت بيده الخير))، وزيادة: ((في كل يوم مائة مرة))، واختلاف في الجزاء فهنا: ((أتى الله يوم القيامة ووجهه أضوأ من القمر ليلة البدر)).
وفيه من حديث أنس أيضاً قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((من قال: لا إله إلا الله غرست له شجرة في الجنَّة من ياقوتة حمراء منبتها من المسك فيها مثل ثدي الأبكار يعلق(1) عن سبعين حلة))، قال رجل: يا رسول الله أذاً نكثر من أن نقول: لا إله إلا الله ؟، قال رسول الله –صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: ((خير الله أكثر وأطيب)).
وفيه من حديث أنس أيضاً قال: يا رسول الله ما ثمن الجنَّة ؟، فقال: ((لا إله إلا الله، ومن قال: لا إله إلا الله، مائة مرة، في كل يوم وليلة إلا أتت على ما في صحيفته مرسية(2) فطمستها)).
__________
(1) تفلق (ظ).
(2) أي باقية لم تمح فطمستها أي محتها. أو يكون بدل (مرسية): (من سيئة) فهي قريبة.
وفيه من حديث حذيفة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((يا حذيفة ومن ختم له بشهادة أن لا إله إلا الله يريد بها وجه الله أدخله الله الجنَّة، يا حذيفة من ختم له بإطعام مسكين يريد به وجه الله أدخله الله الجنَّة، يا حذيفة، من ختم له بصيام يوم يريد به وجه الله أدخله الله الجنة)) قال: قلت: يا رسول الله أسر هذا أم أعلنه؟ قال: ((بل أعلنه))، قال حذيفة: إنه لآخر شيءً سمعته من رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم.
وفيه من حديث زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((من قال: لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه دخل الجنَّة))، ثم قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((والإخلاص بلا إله إلا الله أن تحجزك عما حرم الله عليك))، ولا يخفى ما في هذا الحديث من التقييد بالإخلاص، وتفسير الإخلاص بعدم العصيان من المحبطات وقد إستلزم إخلاص القلب، وأما إخلاص القلب منفرداً فغير نافع وقد ينازع فيه وردَّه ظاهر من الحديث وربما استكثر الناظر هذا الجزاء أو يتكل على العمل وجوابه في الحديث السابق قريباً من أن ((خير الله أطيب وأكثر))، وما في هذا أيضاً من أن المنتفع بها يسير من الناس بالنظر إلى التقييد مع تفسيره كما في حديث: ((المخلصون على خطر عظيم))، فنسأل الله التوفيق، وينبغي التدبر لجميع المعاني النبوية فكفى بصاحبها طبيباً ودليلاً على الخير، والله تعالى أعلم.
وفيه من حديث ابن عباس مرفوعاً من دعاء رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم وتضرعه قال في حجة الوداع: ((اللهمَّ إنك قد ترى مكاني وتسمع كلامي وتعلم سري وعلانيتي ولا يخفى عليك شيء من أموري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، الوجل، المشفق المضرور، المعترف بذنبه أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك إبتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائفين دعاء من خضعت لك رقبته وفاضت إليك عيناه وذل خده ورغم لك أنفه، اللهمَّ لا تجعلني بدعائك شقياً، وكن بي رؤفاً رحيماً يا خير المسؤلين ويا خير المعطين)).
وفيه من حديث علي عَليْه السَّلام قال: قال لي النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((يا علي إحفظ هؤلاء الكلمات فإنهن لا يقرّنّ في قلب منافق ولا يقولهن عبد ثلاث مرات إلا خرج من النفاق: اللهمَّ إني ضعيف فقو في رضاك ضعفي، وخذ إلى الخير بناصيتي، واجعل الإسلام منتهى رضاي، وبارك لي فيما قسمت لي، وبلغني برحمتك الذي أرجو من رحمتك، واجعل لي وداً في صدور المؤمنين، وعهداً عندك يا كريم)).
وفيه من حديث أم معبد: كان النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم يقول: ((اللهمَّ طهر لساني من الكذب، وقلبي من النفاق، وبصري من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)).
وفيه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((إنه جاءني جبريل عَليْه السَّلام في أحسن صورة لم ينزل في مثلها قط ضاحكاً مستبشراً بهذا الدعاء فقال: السلام عليك يا محمد، قال: وعليك السلام يا جبريل))، ثم ساق شرح قصة بعث الله له إلى رسوله بالدعاء هذا، وعظّم من شأن هذا الدعاء تعظيماً لم يبلغ درجته شيءٍ وهو أن قال له (عليهما صلاة الله وسلامه): ((قل: اللهمَّ يا من أظهر الجميل وستر القبيح، يا من لا يؤاخذ بالجريرة ولا يهتك الستر، يا عظيم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى، ويا منتهى كل شكوى، يا كريم الصفح، يا عظيم المن، يا مبتديء بالنعم قبل استحقاقها، يا ربّنا ويا سيدنا(1) ويا غاية رغبتنا أسألك يا الله أن لا تشوه خلقي في النار))، ثم قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((وما ثواب هذه الكلمات ؟))، قال جبريل عَليْه السَّلام: لا يمكن حصر جزائها، ثم ساقها كلمة كلمة فقال: ((إذا قال: يا من أظهر الجميل وستر القبيح ستره الله في الدنيا والآخرة))...إلخ حذفناه إختصاراً، وعلى الجملة فهو من أعظم ما ورد فيه الجزاء على الإطلاق.
__________
(1) زاد في (شمس الأخبار): يا مولانا.
وفي مجموع الإمام زيد بن علي(ع) عن علي عَليْه السَّلام قال: دخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم على بعض أزواجه وعندها نوى العجوة تسبح به، قال: ((ما هذا؟))، قالت: أسبح بهذا كل يوم، فقال: ((لقد قلت في مقامي هذا أكثر من كل شيءٍ سبحت به في أيامك كلها))، قالت: وما هو يا رسول الله ؟، قال: ((قلت: سبحانك اللهمَّ عدد ما أحصى كتابك، وسبحانك زنة عرشك ومنتهى رضى نفسك)).
وفيه عنه عَليْه السَّلام قال: ((من سبح الله في كل يوم مائة مرة، وحمده مائة مرة، وكبره مائة مرة، وهلله مائة مرة وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله مائة مرة دفع عنه من البلاء سبعون نوعاً أدناها القتل، وكتب له من الحسنات عدد ما سبح سبعون ضعفاً، ومحى عنه من السيئات سبعون ضعفاً))، وهذا له حكم الرفع.
[فصل في حديث الصيحة وما فيها من العبرة]
ولنذكر في هذا الموضع ما ورد جامعاً بين الأخذ من الأذكار النبوية والقرآنية لتوسط هذا الفصل بينهما وفيه عبرة للمعتبرين وهو ما رواه الإمام المرشد بالله عَليْه السَّلام في أمالي الإمام المرشد بالله (ع) من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((يطلع كوكب في آخر الزمان من المشرق ويكون في ذلك العام صيحة في رمضان يموت فيها سبعون ألفاً، ويعمى ويتيه سبعون ألفاً، ويصم سبعون ألفاً، ويخرس سبعون ألفاً، وتنفتق سبعون ألف عذراء، ويصعق سبعون ألفاً))، قيل: يا رسول الله فما تأمرنا إن كان ذلك ؟
قال: ((عليكم بالصدقة والصلاة والتسبيح والتكبير وقراءة القرآن))، قيل: يا رسول الله وما علامة ذلك أن لا يكون في تلك السنة ؟
قال: ((إذا مضى النصف من رمضان ولم يكن فقد أمنت السنة)) وفي رواية أخرى: ((إذا كان ليلة النصف من الجمعة يكون صوت من السماء))، ثم ساق الحديث، ثم قال الراوي: فمن السالم من أمتك ؟
قال: ((من لزم بيته وتعوذ بالسجود وجهر بالتكبير لله تعالى، ثم يتبعه صوت آخر فالصوت الأول صوت جبريل عَليْه السَّلام، والثاني صوت الشيطان، والصوت في رمضان والمعمعة في شوال وتميز القبائل في القعدة ويُغار على الحاج في ذي الحجة وفي المحرم، وما المحرم ؟، أوله بلاء على أمتي وآخره فرج لأمتي الراحلة في ذلك الزمان بقتبها ينجو عليها المؤمن خير من دسكرة تغل مائة ألف)).
وفيه زيادة من حديث أبي هريرة بعد قوله: ((وتنتهك المحارم في المحرم ثم يكون صوت في صفر ثم ينازع القبائل في شهر ربيع ثم العجب كل العجب بين جمادي ورجب))، وقال في آخر حديث آخر ورواياته: ((فكان إذا جاوز النصف من رمضان ولم يكن يوم جمعة)) قال حسان أحد رجاله: أما عامكم فقد سلم .
قلت: وفيه رواية منقطعة لكنها لم ترفع؛ منها عن أبي قاذويه قال: آية الحديث بأن يكون نار في السماء شبيهة بأعناق البخت أو كأعمدة الحديد، فإذا رأيت ذلك فأعدّ لأهلك طعام سنة))، قال: وربما علامة الحديث عمود نار يطلع في السماء، وهذا كله في الأمالي مقطعاً في الحديث الرابع عشر في ذكر ليلة القدر والرواية عن ابن عباس - أعني كونه الراوي - ولفظ: ((كوكب)) لم أجده في تلك المواضع وربما هو في موضع آخر وهو من رواية أبي الوليد، وأما الحديث بجميع طرقه فهو فيه. إنتهى.
(فصل) في ذكر شيءٍ من الأذكار بآيات قرآنية وسور ورد بها الأثر مطلقة ومقيَّدة غير ما سبق