الكتاب : شرح الأزهار
المؤلف : عبد الله بن مفتاح

[1]

[2]
بسم الله الرحمن الرحيم (الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين) (أما بعد) فقال المصنف رحمه الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
(مقدمة (1)
__________
(1) يقال بفتح الدال وكسرها والفتح على أن المعنى أن المؤلف أيده الله قدمها أمام المقصود فهي اسم مفعول بالكسر على أن المعنى أنها قدمت شيئا أمام المقصود وهو معاني فصولها ويكون نسبة التقديم مجازا وإلا فالمقدم حقيقة هو المؤلف أيده الله تعالى وذلك كما يقال عيشة راضية والمعنى مرضية ويمكن أن مقدمة بالكسر بمعنى متقدمة في نفسها من غير نظر إلى أنها قدمت شيئا فقد جاء ذلك ومنه المثل (قد بين الصبح الذي عينين) ولا يريدون أنه بين شيئا آخر بل يريدون انه قد تبين واتضح يضرب مثلا لمن لم يفهم الأمر مع اتضاحه أو تعامى عنه فيكون المعنى أنها متقدمة لا بالنظر أن شيئا آخر قدمها ولا أنها قدمت شيئا وعلى الجملة فهي ما يقدم أمام المقصود لارتباط له بها وانتفاع بها فيه وفي كونها مقدمة علم أو مقدمة كتاب فرق يذكرونه وهو في الحقيقة اعتباري لا حقيقي لأنهم يقولون أن مقدمة العلم هي التي يتوقف على معرفتها معرفة مسائله ومقدمة الكتاب لطائفة من كلامه قدمت للانتفاع بها فيه لما بينهما من الارتباط سواء توقف عليها أم لا وهذه هي مقدمة كتاب لان معرفة الفقه أعني فهمه لا يتوقف على معرفتها وبينهما ارتباط ظاهر ولها انتفاع فيه ولا يصدق عليه الآخر وهو كونها مقدمة علم لان شيئا من الفن لا يتوقف في معرفته على معرفتها وان توقف من حيث ترتب جواز العمل بمقتضاه فهو أمر وراء معرفته ويلوح لي والله اعلم أن هذه ليس القصد بها واحدا من المعنيين بل المقصود بها أمر ثالث غير مقدمة العلم والكتاب وهي معنى كونها مقدمة بالفتح والكسر يجب تقديمها على الخوض فيما بعدها لا لاجل توقف فهمه عليها ولا لاجل الانتفاع بها في فهم شيءمنه بل لوجوب معرفتها أولا وتوقف استثمار وضع الفقه والعمل به عليها وهذا معنى ثالث لم أر أحدا لمح إليه وهو المقصود كما هو المعروف من حالها ومعرفة فصولها فيكون معنى مقدمة (هذه مقدمة) اي لا يجوز اهمالها أو تقدم شيءعليها والله اعلم * (قال الوالد) ايده الله حين اطلاعه عليه وهذا المعنى هو الذي قصدناه وقصده صاحب الأزهار انتهى من شرح المقدمة بلفظه لسيدي عبد الله ابن الامام شرف الدين عليلم من خطه ولم يذكر المقدمة غيرنا من التأخرين قال عليلم وانما ذكرناها وان كانت من علم الاصول ولا مدخل للاصول في الفروع لوجهين (احدهما) انها من اصول الفقه بمنزلة فروض الصلاة ونحوها من علم

[3]
(لا يسع (1) المقلد (2) جهلها) بمعنى انه لا يجوز له الاخلال بمعرفتها * (فصل (3) ذكر فيه (مولانا عليلم) من يجوز له التقليد (4) ومن يحرم عليه (5) * وما يجوز فيه التقليد من الاحكام (6) وما لا يجوز (7) فقال (التقليد (8) وهو قبول قول الغير (9) من دون أن يطالبه بحجة (10)
__________
الفروع وذلك ان معرفة هذه المقدمة واجبة على كل مكلف يريد التقليد (الثاني) انها كلام في حكم التقليد وذلك ضرب من العمل اه‍نجرى (1) وفي نفي الوسع عن الجهل مبالغة في عدم الجواز لانه شبه الجهل بالمكان الضيق الذي لا يمكن دخول المقلد اياه لضيقه والمراد بالجهل هنا هو الجهل البسيط الذي هو عدم العلم بالشيءلا المركب الذي هو اعتقاد الشيءلا على ما هو به اه‍بكري وقيل اراد المركب والبسيط وهو اولى وفي هذه العبارة مجاز يطول الكلام لتحقيقه ووجه العدول إليه فتركناه اه‍غيث لفظا (2) كان الأولى في العبارة ان يقول الآخذ ليعم المستقتى والمقلد والملتزم اه‍فتح (3) والدليل على وجوب معرفة هذا الفصل انه متضمن لما ذكرناه فالمقلد مع الجهل لا يأمن من ان يكون قد قلد فيما لا يجوز التقليد فيه أو قلد وهو لا يجوز له وذلك قبيح والاقدام على ما لا يؤمن كونه قبيحا قبيح اه‍يحيى حميد (4) غير المجتهد (5) وهو المجتهد (6) (الاحكام الشرعية) هي الوجوب والحرمة (1) والندب والكراهة والاباحة وما؟ عليها ويتعلق بها مثل الواجب فرض عين وكفاية وموقت وموسع ومضيق وعزيمة ورخصة (1) ويتبعها الصحة والفساد (7) في الاصولية (8) واشتقاق التقليد من القلادة لما كان المقلد يجعل القول الذي يتبع العالم فيه قلادة في عنق العالم أو يجعل قول العالم قلادة في عنق نفسه فهو في الأول مقلد بكسر اللام واسم العالم مقلد بفتحها؟ اه‍بكرى (9) (والأولى) في حد التقليد أن يقال هو العمل بقول الغير أو الاعتقاد أو الظن بصحته اه‍ح لى لفظا قر زو بنى عليه في البيان في كثير من المواضع ففي النكاح قبيل الرابع من شروط النكاح وفي الطلاق قبيل العدة وفي البيع قبيل البيع الموقوف اه‍من خط سيدنا حسن مع العمل قرز (10) واعترض على هذا الحد بانه يلزم إذا اتبعنا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نكون مقلدين إذ لم نطالبه بحجة (1) ويلزم فيمن اتبع أرباب المذاهب والشبه أن يكون مقلدا لعدم المطالبة بالحجة ويلزم فيمن طالبه بالحجة فلم يبرز له حجة أن لا يكون مقلد (2) لانه قد طالب وايضا فان لفظه القبول مترددة بين معان القول أو الاعتقاد أو الظن ويلزم فيمن طالب بالشبهة واتبع لها ان يكون مقلدا لانه لم يطالب بحجة والأولى في حده هو الاعتقاد أو الظن أو العمل بصحة قول الغير من غير ظهور حجة ولا شبهة زائدة على حاله أو قوله وانما قلنا زائدة على قوله أو حاله لئلا يخرج عن التقليد من اتبع الغير لاجل قوله أو ما يرى من حاله من التقشف والزهادة لانه قد اتبعه لشبهة فلا يخرج عن كونه مقلدا فعرفت صحة هذه الزيادة وجعل ابن الحاجب التقليد نفس العمل اه‍يحيى حميد (1) يقال قد طالبناه بالحجة الموجبة لكون ما جاء به حقا وهي المعجزة فليس من التقليد في شيء(2) وهو مقلد قطعا وكذا لو أبرز له الحجة من دون طلب فيبين أنه مقلد وليس كذلك مطلقا وكذا أو أبرز له الدليل بمطالبة أو غيرها ولا شبهة وتكون الحجة ظاهرة

[4]
(في المسائل (1) الفرعية (2) احتراز من الاصولية سواء كانت من أصول الدين (3) أو أصول الفقه (4) أو أصول الشرائع (5) فان التقليد فيها لا يجوز * وقال أبو إسحاق بن عياش والامام ى يجوز التقليد في أصول الدين وروى عن القاسم (6) وأبى القاسم (7) أيضا (العملية (8) احتراز من الفروع العلمية كمسألة الشفاعة (9) وفسق من خالف الاجماع فانه لا يجوز التقليد فيهما (الظنية) وهي التى دليلها ظني من نص (10) أو قياس (11) (والقطعية (12) وهى التى دليلها قطعي وهو
__________
(1) فان قلت هلا جاز التقليد في جواز التقليد قلت ان مسألة جواز التقليد الحق فيها مع واحد والمخالف مخط آثم فمن سلك طريقة التقليد فيها لا يأمن أن يقلد المخطي الآثم والاقدام على ما هذا حاله قبيح عقلا وشرعا فلا يجوز للمكلف الاخذ بجواز التقليد الا بالعلم اه‍غيث (2) كالفقه والفرائض (3) كمعرفة الباري جل وعلا (1) يقال لان الحق فيها مع واحد والمخالف مخط آثم ولا يأمن المقلد الخطأ اه‍يحيى حميد والعارف للحق لا يكون مقلدا ولو اتبع غيره اه‍مضواحى (1) وقدمه ومعرفة صفاته وأسمائه ومعرفة النيران والوعد والوعيد وما يتعلق بذلك اه‍ح كافل (4) (لان الأصل) في التقليد التحريم الا ما دل عليه دليل ولم يرد دليل الا في الفرعيات العمليات فلا يقاس عليها غيرها اه‍فايق وهو علم يتوصل به إلى معرفة استنباط الاحكام الشرعية عن أدلتها واماراتها التفصيلية ذكره ابن الحاجب (5) وانما منع التقليد في أصول الشرائع اما لانه يشترط فيها العلم فلا يكفي الظن أو لانه معلوم من الدين ضرورة وسميت أصول الشرائع لوجوبها في كل شريعة كالاركان الخمسة (6) الرسي (7) البلخي (8) وهي ترجع إلى الجوارح والاعضاء سواء كان الاعتقاد مع العمل مطلوبا أم لا نحو قولكم الوتر مندوب وصلاة العيد واجبة ونحو كون اجرة الحجام والشفعة وغيرهما مشروعة فهذه المسائل فرعية لتفرعها في ثبوتها على الادلة الشرعية وعملية لانها ترجع إلى العمل فيها (والفرق) بين العملية والعلمية ان المطلوب في العملية هو العلم والتقليد فيه غير ممكن والمطلوب في العملية العمل والتقليد ممكن اه‍شرح أثمار (9) (وحقيقة) الشفاعة في اصطلاح المتكلمين سؤال منفعة الغير ودفع مضرة عنه على وجه يكون مقصود السائل حصول ذلك لاجل سؤاله اه‍غياصه هل هي للمؤمن والفاسق أم للمؤمن فقط لان ذلك فرع على ثبوت الشفاعة وكذلك مسألة الاجماع هل هو حجة أولا وهل يفسق مخالفة أولا عنه صلى الله عليه وآله وأنه قال لا أشفع الا لمن دخل الجنة ويزيدهم الله بها نعيما إلى نعيمهم وسرورا إلى سرورهم والدليل على ذلك قوله تعالى (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) فدل ذلك على انه صلى الله عليه وآله وسلم لا يشفع لاحد من الظالمين (10) قوله من نص أو قياس النص الظني كاخبار الاحاد مثل حديث الاوسق ونحو قوله تعالى ثلاثة قروء لاشتراك اللفظ (11) والقياس الظني كقياس الآرز على البر في تحريم الربا اه‍شرح وكقياس الخبز على البرفي تحريم الربا اه‍القياس قطعي وظني فالقطعي ما اتفقوا في علة أصله والظني ما اختلفوا في علة أصله (12) كبيع أم الولد دليله قطعي عند الهادي عليلم وهو قوله صلى الله عليه وآله في مارية القبطية أعتقها ولدها ورواية ابن عباس عنه صلى الله عليه وآله أنه قال إذا ولدت جارية الرجل منه فهي له ملك مدة حياته فإذا مات فهي حرة وروى سعيد بن المسيب عنه صلى الله عليه وآله أنه قال في أم الولد لا تباع ولا توهب ولا تورث ويستمتع منها مولاها مدة حياته فإذا مات عتقت اه‍ح يحيى حميد

[5]
النص المتواتر (1) والمتلقي بالقبول (2) على خلاف (3) فيه والاجماع المتواتر (4) والقياس الذي يكون دليل أصله ودليل العلة الجامعة بينه وبين الفرغ نصا (5) أو اجماعا (6) كذلك (7) أو عقليا (8) ضروريا كان أو استدلاليا (9) * فالتقليد في المسائل التي تجمع هذه القيود (10) (جائز (11) عند أكثر الامة وذهب الجعفر أن (12) وجماعة من البغدادية إلى تحريم التقليد على العامي وغيره في الفروع وغيرها قالوا وانما العامي يسأل العالم عن الحكم وطريقه (13) على التحقيق * وقال أبو علي الجبائي لا يجوز التقليد في المسائل القطعية من الفروع لان الحق فيها مع واحد * فالمقلد لا يأمن تقليد المخطي (قال مولانا عليلم) هذا صحيح الا انه قد علم اجماع الصحابة (14) على تجويز فتوى العامي في مسائل الفروع قطعيها وظنيها من دون تنبيه (15) على الدليل ولا انكار للاقتصار (16) فدل ذلك على جواز تقليده في القطعي والظني * ثم انا بينا من يجوز له التقليد بقولنا جائز (لغير المجتهد (17) لا له) أي
__________
(ولقائل أن يقول) ليس هذا مما نحن فيه لان الكلام فيما يجوز التقليد فيه ولعله أراد تبيين القطعي من حيث هو اه‍مرغم (1) كالقرآن (2) كخبر معاذ (1) حين وجهه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن وكخبر المجوس سنوا بهم سنة أهل الكتاب وكاخبار الربا والفرار من الزحف اه‍وا بل (1) فقال له بم تحكم قال بكتاب الله قال فان لم تجد قال فبسنة رسول الله قال فان لم تجد قال اجتهد رأيي قال صلى الله عليه وآله الحمد لله الذي وفق رسول رسوله غير المحتمل (3) يعني الخلاف في الملتقى بالقبول هل قطعي أم لا الاصح قطعي اه‍تلخيص (4) وذلك اجماعهم على أن من أثبت ميراث ذوي الارحام أثبت الرد ومن نفاه نفاه (1) وكاجماعهم على جر الام الولا إلى عصبتها من النسب اه‍تلخيص (1) وان كان الامام محمد بن المطهر أثبت الرد ونفي ميراث ذوي الارحام (5) كقياس العبد على الامة في تنصيف الحد (6) كقياس المجنون على الصبي في الولاية (7) أي متواتر أو متلقى بالقبول على خلاف فيه (8) العقلي الضروري ما لا ينتف بشك ولا شبهة كالعلم بان النفي والاثبات لا يجتمعان (1) والاستدلالي (2) ما ينتفي بشك أو شبهة فيحتاج إلى دليل كالعلم بأن العالم محدث ولهذا خالف فيه كثير من العقلاء فيحتاج إلى دليل (1) وكذا الكذب الضار فان قبحه ضروري يقاس عليه ما لا يضر فيكون قبحه ضروريا بدلالة العقل (2) وكقياس حد من سكر بغير الخمر على الخمر مثال القياس العقلي قياس العالم على أفعالنا كالبناء في الحاجة إلى المحدث بجامع الحدوث وهذا استطراد والا فما عليه العقل خارج عن دائرة ما يجوز فيه التقليد كما هو ظاهر اه‍تكميل (9) قياس اللواط على الزنى في الحد والجامع بينهما الايلاج في الفرج (10) ليس الا قيدين فقط (11) بل يجب عند تضييق الحادثة قرز (12) جعفر بن حرب وجعفر بن مبشر من معتزلة بغداد (13) أي دليله من الكتاب والسنة (14) قبل الخلاف ومن بعدهم (15) من المفتي (16) على الحكم من دون طلب دليل ولا الزموا طلبه ولا خصصوا الدليل بل كانوا يفتون عموما (17) والدليل على ما اختاره أهل المذهب من عدم جواز التقليد للمجتهد مطلقا المذهب وهو قول الاكثر انه متمكن من تحصيل العلم أو الظن بالادلة والامارات فهو متعبد بما ادى إليه اجتهاده ولا يجوز له الرجوع إلى غيره بخلاف غير المجتهد فان فرضه التقليد لعدم تمكنه مما يتمكن منه المجتهد ولقوله تعالى (فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) اه‍ح بهر ان فان قيل انه يفهم من قوله لغير المجتهد عدم جواز التقليد للمجتهد

[6]
لا للمجتهد (1) فانه لا يجوز له التقليد (ولو وقف على نص أعلم منه (2) فانه لا يجوز له تقليده وهذا قول الاكثر * وقال محمد بن الحسن (3) أنه يجوز تقليده للاعلم مطلقا (4) وقال أبو علي انه يجوز إذا كان الغير صحابيا (5) ولا يجوز في غيره * وقيل (6) انه جائز له مطلقا ولو غير أعلم * وهذه الاقوال انما هي قبل أن يجتهد المجتهد في الحكم فأما بعد أن اجتهد فالاجماع منعقد على انه لا يعدل عن اجتهاده إلى اجتهاد غيره الا ان يجتهد فيه ويترجح له فذلك عمل باجتهاد نفسه لا غيره (7) (قال عليلم) ثم لما كان في العمليات ما لا يجوز التقليد فيه أخرجناه بقولنا (ولا في عملي يترتب (8) العمل به في الواجب (9) والجائز (على) أمر (علمي) أي لا يكفى فيه الا العلم * وهذا الذى يترتب على العلمي هو (كالموالاة) للمؤمن وحقيقتها أن تحب له كل ما تحب لنفسك
__________
فهلا استغنى عن التصريح بالمفهوم وهو قوله لا له لان هذا الكتاب مبني على الاختصار قلنا انه وان كان الامر كذلك الا أنه صرح بالمفهوم ليترتب عليه الكلام الواقع بعده اه‍بكري لان قوله ولو وقف على نص أعلم منه تأكيد لعدم جواز تقليد المجتهد لغيره وقوله ولا في عملي يترتب على علمي عطف على قوله لا له اه‍بكري وذلك لان التقليد بدل من الاجتهاد ولا يجوز العدول إلى البدل مع امكان الأصل كما لا يجوز التيمم مع امكان التوضئ ونظير هذه المسألة التقليد في القبلة وفي دخول الوقت في الغيم وفي مسألة الآنية التي فيها متنجس فانه لا يجوز مع امكان الاجتهاد بالتحري والنظر في الامارات الا أن يخشى فوت الوقت ومما نحن فيه أنه ليس للمقلد العمل بقول الغير في حكاية مذهب امامة تخريجا مع كونه يمكنه الترجيح لان ذلك فرع من الاجتهاد فإذا أمكنه لم يجز له التقليد اه‍ان ولو فاسقا قرز (1) المطلق لا المقيد (2) قلت وبلغنا عن حي الامام ي عليلم انه لما طلق حي الشريفة بنت محمد ابن الهادي ثلاثا لم تخللها رجعة وكان مولعا بها ولعا عظيما راجعه بعض العلماء في ذلك بقول الهادي عليلم في ان الطلاق لا يتبع الطلاق وان الهادي نعم المقلد وأكثر أهل اليمن على مذهبه في ذلك فقال الامام ى في ذلك مع شدة رغبته في المراجعة انه لا يسعنى العمل بغير اجتهادي وكان يرى خلاف قول الهادي عليلم قلت ولله در العلماء العاملين بما علموا اه‍ان (3) الشيباني (4) ولو غير صحابي (5) واحتج بقوله صلى الله عليه وآله أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وحقيفة الصحابي من طالت ملازمته للنبي صلى الله عليه وآله متبعا له وبقي على ذلك بعد موته صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات (6) للكرخي والاصم (7) الا أن تضيق الحادثة (1) فانه يجوز له العمل بقول غيره اتفاقا اه‍ن وقواه مى وعليه قوله تعالى فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون (1) كتكبير الجنازة (8) ترتب جواز لا ترتب صحة فيجوز التقليد فيه والاحكام الشرعية مترتبة على معرفة الله تعالى وصدق نبيه صلى الله عليه وآله وجاز التقليد فيها اه‍فايق ولانه ترتب صحة فجاز التقليد فيه اه‍مضوا حي هذا وهم ظاهر لانه مترتب على جواز وصحة أيضا وأيضا لا يصلح التقليد الا بعد دليل الجواز من السمع وكل ذلك مترتب على ثبوت الشرعيات ولا يجد المدعي إلى الفرق سبيلا وهذا بعد التسليم ان الامتناع بذلك انما هو لترتبه عليه جوازا لا صحة (9) الواجب اظهارها عند التهمة والجائز عند عدم التهمة والمرد بالجائز والواجب من الموالاة هو الاعتقاد في الأول عند خوف التهمة الجائز ما عداه وهو الاظهار باللسان اه‍ن

[7]
وتكره له كل ما تكره لنفسك * ومن ذلك تعظيمه واحترام عرضه وذلك وان كان عملا فلا يجوز فيه التقليد ولا العمل بالظن لا ذلك لا يجوز الا لمن علم يقينا انه من المؤمنين (1) والأصل فيمن ظاهره الإسلام الايمان ما لم يعلم بيقين انه قد خرج عنه (2) (والمعاداة (3) وهي نقيض الموالاة أيضا لا يجوز التقليد فيها ولا يكفى في العمل بها الا العلم لانها ترتب على الكفر أو الفسق وهما مما لا يجوز التقليد فيه فكذا ما يترتب عليهما (4) *
(فصل) (وانما يقلد (5) من حصل فيه شرطان (أولهما) قوله (مجتهد (6) وهو المتمكن من استنباط (7) الاحكام الشرعية عن أدلتها (8) وأماراتها (9) وانما يتمكن من ذلك من جمع
__________
(1) بالاختيار أو العلم أو الرجوع إلى الأصل قرز (2) ولو شهد عدلان أنه قد خرج عنه لم يعمل بذلك حيث لم ينضم إليه حكم اه‍نجري قرز فعلى هذا للمأمور أن يصلي على مسلم قتله بأمر الامام ما لم يعلم فسقه والاصح أن يقال ان قول الامام كدليل دل المقلد على الكفر ونحوه فيكون كحكم الحاكم بوجوب القصاص والرجم كما ذكره ص بالله في باب القضاء فيجب العمل به إذ من البعيد ان يفعل ذلك وهو لا يعتقد السبب وقد ذكر معناه النجري في شرح المقدمة على البيان (1) وهو الذي اختاره الامام المهدي في تكملة البحر ولعله يكون رجوعا عن الذي في الغيث اه‍يحيى حميد (1) ولفظه قوله ولو بشهادة عدلين يعني حيث لم ينضم إليها حكم فأما بعد الحكم فالواجب علينا اعتقاد حقيقته كما إذا حكم الحاكم باستحقاق رجل الحد سرقا أو قاذفا اوردة الا ان هذا الاعتقاد بالنسبة إلى ظاهر الشرع وان كنا نجوز أن يكون في نفس الامر على خلاف ذلك فذلك التجويز لا يمنع من هذا الاعتقاد كما نعتقد أن الفاسق الذي غاب عنا باق على فسقه وان كنا نجوز تغير حاله إلى الصلاح ونحو ذلك اه‍من مقدمة البستان على البيان للنجري رحمه الله تعالى (3) مع ارادة المضرة بالغير وازالة النفع عنه لا الوحشة التي تكون بين كثير من الفضلاء من غير ارادة مضرة فذلك ليس بعداوة ويجب دفعه بما أمكن ذكره في البحر حيث كان في دار الايمان أو في دار الكفر حيث فيه علامات الإسلام (4) فاما ما يأمر به الائمة أو من هو في مقامهم من حرب الباطنية أو المطر فيه ونحوهم ففي الغيث انهم انما يأمرون بالقتل ونحوه دون الاعتقاد فكان كالامر بالحد والا تعذر المقصود بالامامة من الجهاد والحدود والصحيح ما ذكره ص بالله * ان قول الامام كالامام كالدليل إذ يفيد العلم الشرعي كحكم الحاكم في القصاص والحدود قرز من أخذ أموالهم ونجاسة رطوبتهم اه‍ان (5) والدليل على الوجوب معرفة هذا الفصل ان في العلماء من لا يجوز تقليده فالمقلد مع الجهل لا يأمن ان يكون قلد من لا يجوز تقليده وذلك قبيح والاقدام على ما لا يؤمن كونه قبيحا قبيح فيجب على كل مكلف الوصول إلى العلم وهو ان يعلم يقينا عدم جواز تقليد الجاهل والعالم غير العدل اه‍يحيى حميد (6) حقيقة الاجتهاد) استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي بالاستدلال وحقيقة المجتهد هو العالم بالاحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلة بالاستدلال (7) والنبط بالتحريك الماء يخرج من البئر أول ما تحفر؟ وإنباطه واستنباطه اخراجه واستخراجه واستعير لما يخرجه الرجل بفصل ذهنه من المعاني أي استخراجها (8) ما أفاد العلم (9) أفاد الظن وهي العلة التي تجمع بين الأصل والفرع كاختلاف الجنس في الربا اه‍

[8]
علوما خمسة (أولها) علم العربية (1) من نحو (2) وتصريف ولغة (3) ليتمكن بذلك من معرفة معاني الكتاب والسنة (وثانيها) علم الايات المتضمنة للاحكام الشرعية وقد قدرت خمسمائة آية (4) (قال عليلم) أعنى التى هي واردة في محض (5) الاحكام وتؤخذ من ظواهرها (6) وصرائحها * فاما ما يستنبط من معاني سائر القرآن من الاحكام فانها كثيرة وسيعة كما فعل الحاكم (7) الا أنها غير مشروطة في كمال الاجتهاد بالاتفاق * ولا يجب في الخمسمائة أن تحفظ غيبا بل يكفي أن يكون عارفا بمواضعها من السور بحيث يتمكن من وجدانها عن الطلب من دون أن يمضي على القرآن (8) جميعا (وثالثها) أن يكون عارفا بسنة الرسول (9) صلى الله عليه وآله وسلم ولا يلزم الاحاطة بل يكفيه كتاب فيه أو كثر ما ورد (10) من الحديث في الاحكام نحو كتاب السنن (11) أو الشفا في مذهبنا أو نحوهما (12) ولا يلزم في حفظ السنة الا كما تقدم في الآيات وهو أنه لا يلزم غيبها بل يكفى امكان وجدان الحديث الذي يعرض طلبه من دون امرار الكتاب *
__________
(1) وذلك لان الادلة من الكتاب والسنة عربية الدلالة فلا يتمكن من استنباط الاحكام منها الا بمفهوم كلام العرب افرادا وتركيبا والذي يحتاج منها قدر ما يتعلق باستنباط الاحكام الشرعية من الكتاب والسنة اه‍ح كافل (2) ولا يشترط ان العرب جميع اللغة ويتعمق في النحو والتصريف حتى يبلغ الخليل وسيبويه بل يكفيه ما يعرف به معاني الكتاب والسنة فأما علم المعاني والبيان ففي كلام الزمخشري ما يؤخذ منه اعتبارهما ومال إليه بعض المحققين ورجح الامام المهدي عدم اعتبارهما قرز (3) ومعاني وبيان (4) (قال في البيان) واعلم ان المجتهد لا يكتفي بالنظر في تلك الخمسمائة الآية على ما قيل الا بعد احاطته بمعاني سائر القرآن الكريم إذ قبل النظر فيه يجوز ان يكون فيه حكم شرعي مخصص أو ناسخ أو غيرهما وليس له ان يقلد مجتهد غيره إذ لا حكم في ذلك الباقي إذ الغرض انه مجتهد فلا يجوز له التقليد والمراد بالآية الكلام المرتبط بعضه ببعض وان كان أكثر من آية اصطلاحية اه‍تكميل قرز (5) أي خالصة (6) الظواهر ما تحتمل التأويل كقوله تعالى حرمت عليكم امهاتكم فانه يحتمل النظر أو الوطئ أو غيرهما والصرائح التي لا تحتمل التأويل كقوله تعالى أقتلوا المشركين ومثل قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم (7) اسمه ابو سعيد محمد بن المحسن بن كرامة الجشمي صاحب السفينة وهو عدلي من كبار الشيعة فانه في تفسيره المسمى بالتهذيب استنبط من كل آية من القرآن حكما شرعيا اصطلاحا فانه أولا يأتي بالآية جميعها ثم بعد تمامها يقول اللغة ثم يقول الاعراب ويبين ما يشكل في اعراب الآية ثم يقول المعنى ويبين معاني الآية ثم يقول الاحكام ويبين ما يستنبط من الآية من الاحكام الشرعية وعلى هذا جرى في القرآن جميعا اه‍ح بكري (8) المراد السور قرز فعلى هذا لو مضى على القرآن جميعا حتى لم يبق الا سورة الناس كفى على هذا الظاهر اه‍مفتى (9) قيل وهي ألف ألف حديث وقيل سبعمائة ألف حديث ذكره في صدر كتاب الحج في الانتصار قولا وفعلا وتقريرا (10) وهي خمسة البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وموطأ مالك وسنن أبي داود (11) في المذهب وغيره (12) اصول الاحكام للامام أحمد بن سليمان عليلم وامالي احمد بن عيسى عليلم قال بعض علمائنا شرح نكت القاضي جعفر تكفي المجتهد اه‍تكميل

[9]
وعلى هذا لو حصل له أحد الطرق (1) التي يجوز معه العمل بالخبر في كتاب مبوب على أبواب الفقه وكل حديث مذكور فيما يليق به من الابواب كفاه ذلك وان لم يسمع الكتاب إذا كان قد عرف الابواب في الفروع (ورابعها) المسائل (2) التي وقع اجماع (3) عليها من الصحابة والتابعين وغيرهم التى تواتر اجماع مجتهدي هذه الامة (4) عليها (قال عليلم) الا أنها قليلة جدا أعني التى نقل الاجماع فيها بالتواتر (قال) وقد تصفحناها فوجدنا أكثرها مستندا (6) إلى آية صريحة أو خبر متواتر صريح فيستغنى عن كثير منها أي من الاجماعات بمعرفة ذلك المستند وهو يكون موجودا في الآيات والاحاديث التي اعتبر معرفتها فلا يخرج عن ذلك الا القليل (7) فحفظها يسير غير عسير بعد هذا التنبيه الذي أوضحناه لكن ينبغي حفظ ذلك القليل أبلغ مما مر (8) حذرا من الخطر في مخالفة الاجماع (9) (وخامسها) علم أصول الفقه (10) لانه يشتمل على معرفة حكم
__________
(1) وعلى هذا لو حصل له أحد الطرق الاربع أقواها قراءة الشيخ على التلميذ أو التلميذ على الشيخ مع قول الشيخ سمعت ما قرأت ثم قول الشيخ قد أسمعت هذا الكتاب (1) وسواء قال بنفسه أو وضع عليه خطه ويسمى مناولة وكذا لو كتب إليه انه قد أسمع الكتاب الفلاني قلت وهو نوع مناولة فان سمع ولم ينكر ولا قال سمعت * أو وجد نسخة ظن انه قد أسمعها لا امارات فيها جاز العمل لا الرواية في الاصح فان قال أجزته أو أروه عني لم تجره الرواية ما لم يقل قد سمعته اه‍معيار ون اه‍(1) فاروه عني أو ثم يعطيه اياه فيجوز العمل بما فيه اه‍ن (2) وهي أربعة عشر مسألة وقيل ستون وقيل عشرون وقيل خمسة عشرة اه‍(3) قال في الفصول المراد القطعي لئلا يخالفه اه‍(4) وزاد في الفصول وكل قاطع شرعي وقضية العقل المراد بها البراءة الأصلية ونحوها عند انتفاء المدارك الشرعية وأصول الدين ولا تشترط العدالة والذكورة والحرية ومعرفة فروع الفقه وأسباب النزول وسير الصحابة وأحوال الرواة جرحا وتعديلا اه‍فصول (5) أي تتبعناها اه‍(6) (مسألة) والمعتبر اجماع (1) اهل العصر فما وقع بعده من خلاف فلا حكم له أجمع المتأخرون على خلافه كابن أبي ليلى ونحوه فقال بالله والاكثر لا يعتد بخلافه ولا يجوز العمل به لوقوع الاجماع على خلافه وقال المتكلمون وبعض الحنفية ان خلافه باق وانه يعتد به ولا يكون الاجماع بعده حجة اه‍وي حميد (1) والاجماع حجة لا تجوز مخالفته اه‍(7) قيل أربعة عشر وقيل اثني عشر وقيل ثمان اه‍(8) في الكتاب والسنة اه‍(9) فيعرفها بحيث يعرف انما أدي إليه اجتهاده ليس مخالفا للاجماع أعني بأنه يعلم انه موافق لمذهب صحيح أو يعلم ان هذه المسألة حادثة لا خوض فيها لاهل الاجماع اه‍والخطر في مخالفة الاجماع انما يعظم ان صح استدلال قاضي القضاة بقوله تعالى (ويتبع غير سبيل المؤمنين قوله ما تولى) قطعي بفسق من خالفه وأما إذا اختار قول الامام المهدي في المنهاج انه ظني فلا سبيل إلى القطع بفسقه ذكره مولانا عليلم في الغايات اه‍(10) ويكفي في ذلك مختصرا قال الدواري كالفايق للرصاص والتقريب للقاضي شمس الدين قلت وينبغي ان يعتبر التحقيق فيه خاصة إذ هو قطب رحا الاجتهاد لانه لا يقدر على استنباط الاحكام على الوجه المعتبر الا ذو القدم الراسخ اه‍ح حابس لفظا

1 / 239
ع
En
A+
A-