الكتاب : البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار
المؤلف : الإمام أحمد بن يحيى المرتضى(عليه السلام)- زيدية
الناشر : مكتبة اليمن
مصدر الكتاب : موقع الإسلام
http://www.al-islam.com
[ الكتاب مشكول ومرقم آليا غير موافق للمطبوع ]

بَسِيطِهِ مُعْتَصَرًا ؛ لِيَسْتَحْضِرَ الْمُنْتَهِي بِنَقْلِهِ الشَّوَارِدَ ، وَيَنْهَضُ بِالْمُبْتَدِي إلَى أَقْصَى الْمَوَارِدِ ، فَتَقَرَّبَتْ بِذَلِكَ سُبُلُهُ ، وَأَحْصَدَتْ لِلْمُمْتَارِ سُنْبُلَهُ ، فَأَكْرِمْ بِذَلِكَ الِاجْتِهَادِ سُلَّمًا ، وَلِلتَّفَنُّنِ مَهْيَعًا وَهَيْثَمًا ، فَجَزَاهُمْ اللَّهُ عَنَّا أَفْضَلَ الْجَزَاءِ ، وَحَبَاهُمْ مِنْ الْأَجْرِ بِمُضَاعَفِ الْإِجْزَاءِ .
هَذَا وَلَمَّا كَانَ دِينُ الْإِسْلَامِ مُرَكَّبًا مِنْ أَمْرَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا ، وَلَا كَمَالَ لِدِينِ مَنْ انْثَلَمَ فِي حَقِّهِ أَيُّهُمَا اعْتِقَادٌ لِلْحَقِّ مُوَافِقٌ ، وَعَمَلٌ لِلشَّرْعِ النَّبَوِيِّ مُطَابِقٌ : كَانَ خَلِيقًا مَنْ قَرَعَ سَمْعَهُ التَّخْوِيفُ ، وَتَطَوُّرُ ذَلِكَ التَّكْلِيفِ مُلَاحَظَةَ تَصْحِيحِ اعْتِقَادِهِ ، وَتَثْبِيتِ عَمَلِهِ وَانْتِقَادِهِ ، وَهَيْهَاتَ أَنْ يُدْرِكَ الْأَرَبَ الْمُعْتَمَدَ وَيَتَحَقَّقَ تَقْوِيمَ الْأَوَدِ مَنْ لَمْ تَخُضْ سَفِينَةُ أَفْكَارِهِ لُجَجَ الْعُلُومِ ، وَيَدْمَغْ سَيْفُ تَحْقِيقِهِ هَامَاتِ الْوُهُومَ ، وَيَضْرِبْ بِالسَّهْمِ الْقَامِرِ فِي كُلٍّ مِنْ الْفُنُونِ ، حَتَّى لَا يَنْثَنِيَ عَنْ أَيُّهَا بِصَفْقَةِ الْمَغْبُونِ ، وَلَقَدْ دَارَ الْفَلَكُ عَلَى نِفَاسِ الْهِمَمِ فَأَهْلَكَهَا ، وَحَكَمَ الْعَجْزُ عَلَى ضَعْفِهَا فَمَلَكَهَا ، حَتَّى صَارَ أَبْنَاءُ الزَّمَانِ وَالْجُلَّةُ مِنْ أَفَاضِلِ الْإِخْوَانِ لَاوِي الْأَعِنَّةِ عَنْ عُبُورِ هَذَا الْمَيْدَانِ ، يَرَوْنَ التَّفَنُّنَ مَقْصِدًا مَهْجُورًا وَأَمَّا الِاجْتِهَادُ فَحِجْرًا مَحْجُورًا ، وَهَيْهَاتَ ، مَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّك مَحْظُورًا .
فَهَذَا كِتَابٌ لَطِيفُ كَافِلٌ لِمَنْ عَرَفَ مَعَانِيَهُ ، وَحَقَّقَ مَبَانِيَهُ بِإِحْرَازِهِ لِلنِّصَابِ الْمُعْتَبَرِ فِي الِاجْتِهَادِ مِنْ الْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ ، بَعْدَ تَحْصِيلِهِ الْعُلُومَ الْعَرَبِيَّةَ .
وَهَا نَحْنُ أَوَّلًا : نُحَقِّقُ الْبُرْهَانَ عَلَى مَا ادَّعَيْنَاهُ ، وَنَعْرِضُ مِصْدَاقَ مَا حَكَيْنَاهُ فَنَقُولُ : لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ التَّحْقِيقِ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ وَأَكَابِرِ الْأَئِمَّةِ ، أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَقْتَعِدُ مَنْ أَحْرَزَهُ تَحْتَ الِاجْتِهَادِ ، وَيُعَدُّ

صَاحِبُهُ مِنْ جَهَابِذَةِ الِانْتِقَادِ ، هِيَ عُلُومٌ خَمْسَةٌ : الْأَوَّلُ : الْكِتَابُ ، وَالْمُعْتَبَرُ مِنْهُ مَعْرِفَةُ مَوَاقِعِ آيَاتِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ خَمْسُمِائَةِ آيَةٍ لَا غَيْرُ .
الثَّانِي : السُّنَّةُ ، وَالْمُعْتَبَرُ مِنْهَا الْآثَارُ الْوَارِدَةُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْوُجُوبُ ، وَالنَّدْبُ ، وَالْإِبَاحَةُ ، وَالْكَرَاهَةُ ، وَالْحَظْرُ دُونَ الْقَصَصِ وَفَضَائِلِ الْأَعْمَالِ .
وَقَدْ نَصَّ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ عَلَى أَنَّ مِثْلَ ( سُنَنِ أَبِي دَاوُد ) كَافٍ وَافٍ فِي الْقَدْرِ الْمُعْتَبَرِ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ أَحَدَ طُرُقِ الرِّوَايَةِ كَافٍ فِي حِفْظِهَا .
الثَّالِثُ : الْمَسَائِلُ الَّتِي تَوَاتَرَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهَا مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ .
الرَّابِعُ : عِلْمُ أُصُولِ الْفِقْهِ وَتَحْقِيقُ مَسَائِلِ أَبْوَابِهِ فَهَذِهِ مُجْمَعٌ عَلَى اعْتِبَارِهَا وَلَا مُخَالِفَ فِي انْخِرَامِ الِاجْتِهَادِ الْأَكْبَرِ بِانْخِرَامِهَا .
الْخَامِسُ : عِلْمُ أُصُولِ الدِّينِ فَهُوَ مِنْ أَهَمِّ الْمُعْتَبَرَاتِ عِنْدَنَا لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِالسَّمْعِيَّاتِ عَلَى تَحْقِيقِهِ .
فَهَذِهِ جُمْلَةُ الْعُلُومِ الْمُعْتَبَرَةِ بَعْدَ عُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَإِنَّ كِتَابَنَا هَذَا قَدْ انْتَظَمَ هَذِهِ الْخَمْسَةَ انْتِظَامًا شَافِيًا ، وَصَارَ بِاسْتِقْصَاءِ الْمُعْتَبَرِ مِنْهَا زَعِيمًا وَافِيًا ثَلَاثَةٌ فِي دِيبَاجَتِهِ ، وَاثْنَانِ فِي غُضُونِ مَسَائِلِهِ مُسْتَقْصَاةٌ مُفَصَّلَةٌ ، فَأَمَّا الْمَنْطِقُ فَالْمُحَقِّقُونَ لَا يَعُدُّونَهُ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبُرْهَانِ دُونَهُ .
وَأَمَّا عِلْمُ أَحْوَالِ النَّقَلَةِ تَفْصِيلًا ، وَانْتِقَادُ أَشْخَاصِهِمْ جَرْحًا وَتَعْدِيلًا ، فَقَبُولُ الْمَرَاسِيلِ أَسْقَطَهُ ، وَإِنْكَارُ قَبُولِهِمْ إيَّاهَا سَفْسَطَةٌ ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ غَايَةُ مَحْصُولِهِ التَّظْنِينَ ، وَلَمْ يُسْتَثْمَرْ بِهِ الْعِلْمُ الْيَقِينُ حَكَمَ فُحُولُ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ بِقَبُولِ مَرَاسِيلِ الْعُدُولِ وَإِنَّ رِوَايَةَ الْعَالِمِ الْعَدْلِ تَعْدِيلٌ حَيْثُ لَا يُرَى قَبُولُ الْمَجَاهِيلِ وَحِينَئِذٍ كَمُلَ مَا أَرَدْنَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَصَحَّ مَا أَوْرَدْنَا .

وَقَدْ أَوْرَدْنَا فِي كِتَابِنَا هَذَا عُلُومًا أُخَرَ لَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِ الِاجْتِهَادِ اتِّفَاقًا لَكِنْ لَا يَلِيقُ بِمَنْ يُعَدُّ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ وَمِنْ عُيُونِ مَنْ أُوتِيَ الْحِكْمَةَ أَنْ يَجْهَلَهَا ، وَهِيَ : كِتَابُ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ ، وَكِتَابُ رِيَاضَةِ الْأَفْهَامِ فِي لَطِيفِ الْكَلَامِ ، وَتَارِيخُ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ ، وَغَيْرُهَا ، وَعِلْمُ أَعْيَانِ مَسَائِلِ الْفِقْهِ وَتَفْرِيعَاتِهَا ، وَاسْتِفْصَالُ حَوَادِثِهَا وَتَصَوُّرَاتِهَا .
فَلَقَدْ اسْتَحْسَنَ بَعْضُ مَنْ تَوَسَّمَهُ ، وَعَرَفَ مَا انْطَوَى عَلَيْهِ فَأَعْظَمَهُ التَّنْبِيهَ عَلَى فِهْرِسْتِ مَضْمُونِهِ تَرْغِيبًا بِتَلْقِيبِهِ .
( الْبَحْرُ الزَّخَّارُ الْجَامِعُ لِمَذْهَبِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ ) فِي الِاعْتِقَادَاتِ الدِّينِيَّةِ ، وَاللَّطَائِفِ الْكَلَامِيَّةِ ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ، وَالسِّيَرِ النَّبَوِيَّةِ ، وَالْآيَاتِ الْحُكْمِيَّةِ ، وَالْأَحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ ، وَالْمَسَائِلِ الْفَرْضِيَّةِ ، وَالْمُحَرَّمَاتِ الْقَلْبِيَّةِ ، مَعَ الْأَدِلَّةِ النَّقْلِيَّةِ وَالْحُجَجِ الْقَطْعِيَّةِ ، وَالْأَمَارَاتِ الظَّنِّيَّةِ ، مِنْ الْآيَاتِ الْحُكْمِيَّةِ ، وَالْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ وَالْإِجْمَاعَاتِ الْمَرْوِيَّةِ ، وَالْقِيَاسَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَالشَّبَهِيَّةِ .
هَذَا وَإِنَّ عَلَّامَ الْغُيُوبِ الْمُطَّلِعَ عَلَى سَرَائِرِ الْقُلُوبِ ، يَعْلَمُ مَا قَصَدْنَاهُ بِحِكَايَةِ مَا أَوْدَعْنَاهُ ، وَهُوَ التَّرْغِيبُ لَا لِافْتِخَارٍ ، فَلْيَكُنْ قَلْبُ سَامِعِهِ سَلِيمًا وَعَلَى تَحْسِينِ الظَّنِّ بِنَا مُسْتَقِيمًا ، وَهَذِهِ مُقَدِّمَةٌ تَتَضَمَّنُ شَرْحَ رُمُوزٍ اسْتَعْمَلْنَاهَا لِمَنْ يَتَكَرَّرُ ذِكْرُهُ مِنْ أَسْمَاءِ الْعُلَمَاءِ فِي أَثْنَاءِ الْكِتَابِ اخْتِصَارًا فِي الْخَطِّ .
أَمَّا رُمُوزُ الدِّيبَاجَةِ فَهِيَ هَذِهِ : الْعَدْلِيَّةُ ( هـ ) .
- الْبَصْرِيَّةُ ، ( يه ) .
الْبَهْشَمِيَّةُ ، ( هشم ) الْمُعْتَزِلَةُ ، ( لَهُ ) .
أَبُو عَلِيٍّ ( ع ) أَبُو هَاشِمٍ ( م ) ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عد ) .
قَاضِي الْقُضَاةِ ( ض ) .
أَبُو الْقَاسِمِ الْبَلْخِيّ ( ق ) .
أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ عَيَّاشٍ ( ش ) .
أَبُو الْهُذَيْلِ ( ل ) .

الْإِسْكَافِيُّ ( ك ) .
عَبَّادٌ ( د ) .
أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ ( خي ) .
أَبُو رَشِيدٍ ( ر ) .
الْجَاحِظُ ( ظ ) .
صَالِحُ قُبَّةٍ ( قبه ) .
بِشْرُ بْنُ عَتَّابٍ الْمَرِيسِيِّ ( يسي ) .
الْحَاكِمُ ( كم ) .
أَبُو طَالِبٍ ( طا ) .
الشَّافِعِيُّ .
( شا ) .
وَأَمَّا رُمُوزُ الْفِقْهِ فَهِيَ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ : الْأُولَى الصَّحَابَةُ وَالثَّانِيَةُ مِنْ التَّابِعِينَ وَالثَّالِثَةُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْفُقَهَاءِ .
أَمَّا الصَّحَابَةُ فَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ ( ) وَعُمَرُ ( ) وَعُثْمَانُ ( ) وَابْنُ عَبَّاسٍ ( ع ) وَابْنُ مَسْعُودٍ ( عو ) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ( عم ) حُذَيْفَةُ ( فة ) عَائِشَةُ ( عا ) زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ( زَيْدٌ ) أَبُو هُرَيْرَةَ ( رة ) وَبَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ يُذْكَرُونَ بِأَسْمَائِهِمْ .
وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَمِنْهُمْ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ( بص ) النَّخَعِيّ ( خعي ) عَطَاءُ ( طا ) طَاوُسٌ ( وو ) مَكْحُولٌ ( كح ) سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ( يب ) سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ( سَعِيدٌ ) عِكْرِمَةُ ( مه ) قَتَادَةَ ( ده ) .
مُجَاهِدٌ ( هد ) ابْنُ أَبِي لَيْلَى ( لِي ) وَأَمَّا أَهْلُ الْبَيْتِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ فَمِنْهُمْ الْعِتْرَةُ ( هـ ) الْقَاسِمِيَّةُ ( ية ) زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ( ز ) وَالْبَاقِرُ ( با ) الصَّادِقُ ( صا ) أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى ( سا ) النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ ( كية ) الْقَاسِمُ ( ق ) الْهَادِي ( هـ ) النَّاصِرُ ( ن ) الْمُؤَيَّدُ ( م ) أَبُو طَالِبٍ ( ط ) أَبُو الْعَبَّاسِ ( ع ) الْمُرْتَضَى ( تضى ) أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ( أَحْمَدُ ) الْمَنْصُورُ ( ص ) الْإِمَامُ يَحْيَى ( ي ) فَإِنْ كَانَ تَخْرِيجًا لِأَيِّ السَّادَةِ أَضَفْنَا إلَى رَمْزِهِ جِيمًا مِثَالُهُ تَخْرِيجُ أَبِي طَالِبٍ ( جط ) تَخْرِيجُ الْمُؤَيَّدِ ( جم ) تَخْرِيجُ أَبُو الْعَبَّاسِ ( جع ) .
وَإِنْ كَانَ أَحَدَ قَوْلَيْهِ : أَضَفْنَا إلَيْهِ قَافًا مِثَالُهُ أَحَدُ قَوْلَيْ الْهَادِي ( قه ) وَإِنْ كَانَ أَحَدَ أَقْوَالِهِ أَضَفْنَا إلَيْهِ لَامًا مِثَالُهُ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ ( لش ) وَإِذَا أَطْلَقْنَا الْحِكَايَةَ عَنْ الْعِتْرَةِ فَالْمُرَادُ الْقَاسِمِيَّةُ وَالنَّاصِرِيَّةُ ، وَإِذَا حَكَيْنَا إجْمَاعَهُمْ فَهَذَا رَمْزُهُ ( هـ جَمِيعًا ) .

وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَهَذِهِ رُمُوزُهُمْ : الْفُقَهَاءُ ( هَا ) الشَّافِعِيُّ ( ش ) أَبُو حَنِيفَةَ ( ح ) مَالِكٌ ( ك ) أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ( مد ) إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ ( حَقّ ) دَاوُد الظَّاهِرِيُّ ( د ) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ( ث ) الْأَوْزَاعِيِّ ( عي ) اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ( ل ) الزُّهْرِيُّ ( هـ ) رَبِيعَةُ ( عة ) الْمُزَنِيّ ( ني ) الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ( لح ) أَبُو ثَوْرٍ ( ثَوْرٌ ) أَبُو يُوسُفَ ( ف ) مُحَمَّدٌ ( مُحَمَّدٌ ) أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ ( فو ) .
قُلْت فَإِنْ أَرَدْنَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الشَّخْصِ أَضَفْنَا إلَى رَمْزِهِ عَيْنًا مِثَالُهُ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ( عح ) وَعَنْ ش ( عش ) ، الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ ( شص ) أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ( حص ) أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ ( صش ) أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ ( صح ) أَحَدُ وَجْهَيْ صش ( جش ) الْفَرِيقَانِ ( قين ) وَحَيْثُ يُحْكَى لِلْمَذْهَبِ عَلَى مَا حَصَّلَهُ السَّادَةُ فَهَذَا رَمْزُهُ ( هب ) وَحَيْثُ تَقَدَّمَ رَمْزُ الْإِمَامِ يَحْيَى عَلَى رَمْزِ الْعِتْرَةِ فَإِرَادَتُنَا إضَافَةُ الْحِكَايَةِ عَنْهُمْ إلَيْهِ حَيْثُ عَرَضَ لَنَا فِي حِكَايَةِ الْقَوْلِ عَنْهُمْ تَشْكِيكٌ مِثَالُهُ ( ي هـ ) وَكَذَلِكَ حَيْثُ تَقَدَّمَ رَمْزُهُ عَلَى رَمْزِ الْهَادِي أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ .
وَحَيْثُ نَقُولُ : الْأَكْثَرُ : فَالْمُرَادُ بِهِ الْعِتْرَةُ وَالْفُقَهَاءُ الْأَرْبَعَةُ ( ح ش ك مد ) وَرُبَّمَا فَصَلْنَا بَيْنَ الصَّحَابِيِّ وَالتَّابِعِيِّ بِثُمَّ وَبَيْنَ التَّابِعِيِّ وَمَنْ بَعْدَهُ تَنْبِيهًا عَلَى ذَلِكَ .
نَعَمْ وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الدِّيبَاجَةُ أَحَدَ عَشَرَ كِتَابًا وَهِيَ : كِتَابُ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ ثُمَّ كِتَابُ الْقَلَائِدِ فِي تَصْحِيحِ الْعَقَائِدِ .
وَفِيهِ كُتُبٌ سِتَّةٌ : كِتَابُ التَّوْحِيدِ .
كِتَابُ الْعَدْلِ ، كِتَابُ النُّبُوَّاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ، كِتَابُ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ، كِتَابُ التَّحْقِيقِ فِي الْإِكْفَارِ وَالتَّفْسِيقِ ، كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ، ثُمَّ كِتَابُ رِيَاضَةِ الْأَفْهَامِ فِي لَطِيفِ الْكَلَامِ ، ثُمَّ كِتَابُ مِعْيَارِ

الْعُقُولِ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ ، ثُمَّ كِتَابُ الْجَوَاهِرِ وَالدُّرَرِ فِي سِيرَةِ سَيِّدِ الْبَشَرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ الْغُرَرِ ، وَعِتْرَتِهِ الْأَئِمَّةِ الْمُنْتَخَبِينَ الزُّهْرِ ، ثُمَّ كِتَابُ الِانْتِقَادِ لِلْآيَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الِاجْتِهَادِ .
وَهَذَا ابْتِدَاؤُنَا فِيهَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَبِهِ نَسْتَعِينُ .

كِتَابُ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ بَابُ الْفِرَقِ الْكُفْرِيَّةِ ( مَسْأَلَةٌ ) هِيَ سَبْعٌ : تَجَاهُلِيَّةٌ ، وَدَهْرِيَّةٌ .
وَثَنَوِيَّةٌ ، وَصَابِيَةٌ ، وَمَنْجَمِيَّةٌ ، وَوَثَنِيَّةٌ ، وَكِتَابِيَّةٌ .
( مَسْأَلَةٌ ) فالتجاهلية ثَلَاثٌ : ( سُوفُسْطَائِيٌّ ) وَهُوَ مُنْكِرُ الْيَقِينِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَجَاعِلُهُ حُسْبَانًا وَ ( عِنْدِي ) وَهُوَ مُثْبِتُ الْحَقِيقَةِ ، وَجَاعِلُهَا تَابِعَةً لِلِاعْتِقَادِ .
وَ ( سُمُنِيٌّ ) وَهُوَ مُنْكِرُ مَا لَمْ يُشَاهِدْ بِالْحَوَاسِّ ، وَفِيهِمْ مُثْبِتُ الْمُشَاهَدِ وَالْمُتَوَاتِرِ فَقَطْ ، وَمِنْهُمْ مُنْكِرُ الْكَسْبِيَّ فَقَطْ وَهُمْ فَرِيقَانِ : تَكَافُئِيَّةٌ .
وَجَاعِلُو الْمَعَارِفِ ضَرُورِيَّةً .
وَأَكْثَرُ النَّاسِ عَلَى إثْبَاتِ الضَّرُورِيِّ ، وَالْمُكْتَسَبُ عَلَى خِلَافٍ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ .
( مَسْأَلَةٌ ) وَالدَّهْرِيَّةُ هُمْ الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُؤَثِّرِ فَمِنْهُمْ مَنْ نَفَاهُ مُطْلَقًا حَكَاهُ ( ل ) وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَائِنَا وقرقورديوس وَغَيْرُهُ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ عِلَّةً قَدِيمَةً وَهُوَ أرسطا .
وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ صَانِعًا قَدِيمًا .
وَلِأَفْلَاطُونَ قَوْلَانِ أَخِيرُهُمَا حُدُوثُ الْعَالَمِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى حُدُوثِ التَّرْكِيبِ وَإِنْ قَالُوا بِقِدَمِ الْعَنَاصِرِ وَهِيَ : الْحَرَارَةُ ، وَالْبُرُودَةُ ، وَالرُّطُوبَةُ ، وَالْيُبُوسَةُ ، عَلَى خِلَافٍ فِيهَا .
( مَسْأَلَةٌ ) وَالثَّنَوِيَّةُ تِسْعٌ : ( مَانَوِيَّةٌ ) قَائِلَةٌ بِإِلَهِيَّةِ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ وَحَيَاتِهِمَا وَقُدْرَتِهِمَا وَامْتِزَاجِ الْعَالَمِ مِنْهُمَا وَتَضَادِّ طَبْعِهِمَا ( وَمَزْدَكِيَّةٌ ) وَهُمْ كَذَلِكَ حَتَّى أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ النُّورَ مُخْتَارًا وَالظُّلْمَةَ بِطَبْعِهَا .
وَ ( دِيصَانِيَّةٌ ) كَذَلِكَ .
إلَّا فِي جَعْلِهِمْ الظُّلْمَةَ عَاجِزَةً عَكْسَ النُّورِ وَ ( مَرْقُيونِيَّةٌ ) يَجْعَلُونَ لَهُمَا ثَالِثًا لَيْسَ نُورًا وَلَا ظُلْمَةً مُتَوَسِّطًا دُونَ اللَّهِ فِي النُّورِ وَدُونَ الشَّيْطَانِ فِي الطَّبْعِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرُوهُ ، وَ ( مَاهَانِيَّةٌ ) مِثْلُهُمْ إلَّا فِي النِّكَاحِ وَالذَّبَائِحِ وَجَعْلِهِمْ

الثَّالِثَ الْمَسِيحَ ، وَ ( كَيْسَانِيَّةٌ ) زَعَمُوا أَنَّ الْأَشْيَاءَ مِنْ أُصُولٍ ثَلَاثَةٍ : الْمَاءِ ، وَالْأَرْضِ ، وَالنَّارِ ، وَ ( صِيَامِيَّةٌ ) وَهُمْ : قِيلَ مِنْ الصَّابِئِينَ ، وَقِيلَ : مِنْ الدَّهْرِيَّةِ وَلَا كِتَابَ لَهُمْ مَعْرُوفٌ وَلَا أَقَاوِيلَ تُعْرَفُ .
( مَهْرَ كانية ) اُخْتُصُّوا بِأَنْ قَالُوا : لَا بُدَّ فِي كُلِّ زَمَانٍ مِنْ رَئِيسٍ مُخَلِّصٍ مِنْ الْآفَاتِ ، وَيُرْشِدُ لِلسَّدَادِ ، وَهُمْ أَقْرَبُ إلَى الْمَانَوِيَّةِ ، وَ ( الْمَجُوسُ ) يَقُولُونَ بِقِدَمِ الشَّيْطَانِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُمَا جِسْمَانِ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ .
( مَسْأَلَةٌ ) وَ ( الصَّابِئُونَ ) مُقِرُّونَ بِالصَّانِعِ وَقِدَمِهِ ، وَافْتَرَقُوا فِي الْجِسْمِ فَقَائِلٌ : هَيُولَا قَدِيمُهُ ، وَقِيلَ مُحْدِثُهُ ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْفَلَكَ حَيٌّ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ، وَكَوَاكِبُهُ الْمَلَائِكَةُ ، وَعَبَدُوهَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ .
( مَسْأَلَةٌ ) ( وَالْمَنْجَمِيَّةُ ) يَزْعُمُونَ قِدَمَ الْفَلَكِ وَلَا صَانِعَ لَهُ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْقَدِيمَ زُحَلٌ ، وَاخْتَلَفُوا فِي طَبْعِهِ وَشَكْلِهِ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ حَرَكَةَ الْفَلَكِ إلَى الْمَغْرِبِ وَالْكَوَاكِبِ إلَى الْمَشْرِقِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ الْأَفْلَاكِ وَكَوْنِهَا وَفَسَادِهَا وَتَرْتِيبِهَا ، وَقَدْرِ جِرْمِ الْكَوَاكِبِ وَحَيَاتِهَا وَشَكْلِهَا وَكَوْنِهَا وَسَيْرِهَا ، وَشَكْلِ الْأَرْضِ ، وَاتَّفَقُوا أَنَّهَا تَنْفَعُ وَتَضُرُّ وَتُعْطِي وَتَمْنَعُ .
قِيلَ : اخْتِيَارًا ، وَقِيلَ : طَبْعًا وَقِيلَ : تَدُلُّ ، وَقِيلَ : تُوجِبُ .
( مَسْأَلَةٌ ) وَ ( الْوَثَنِيُّ ) عَابِدُ الْوَثَنِ وَمَنْشَؤُهُ فِي الْهِنْدِ ، وَالصِّينِ .
اعْتَقَدُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جِسْمٌ وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُشْبِهُهُ فَعَظَّمُوهَا وَاِتَّخَذُوا أَصْنَامًا عَلَى صُورَتِهَا وَاعْتَقَدُوا أَنَّهَا تَنْفَعُ وَتَضُرُّ حَتَّى قَالَ لَهُمْ بَعْضُ عُلَمَائِهِمْ أَنَّ الْكَوَاكِبَ أَقْرَبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى حَيَّةٌ نَاطِقَةٌ مُدَبِّرَةٌ فَعَبَدُوهَا ، فَلَمَّا خَفِيَتْ عَلَيْهِمْ نَهَارًا اتَّخَذُوا أَصْنَامًا عَلَى شَكْلِهَا لِتَسْتَمِرَّ رُؤْيَتُهَا ، وَزَعَمُوا أَنَّ بِتَعْظِيمِهَا

تَتَحَرَّكُ لَهُمْ الْكَوَاكِبُ بِمَا يُحِبُّونَ ، وَسَبَبُ تَعْظِيمِ الْمَجُوسِ النَّارَ شَبَهُهَا بِالشَّمْسِ وَأَوَّلُ مَنْ عَبَدَ الصَّنَمَ فِي الْعَرَبِ : عَمْرُو بْنُ لُحَيٌّ .
فِي مُلْكِ سَابُورَ .
( مَسْأَلَةٌ ) وَكَانَتْ الْعَرَبُ عَلَى أَدْيَانٍ : مِنْهُمْ عَلَى دِينِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَالْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ وَعْلَةَ .
وَأَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةُ .
وَتَمِيمِ بْنِ مُرَّةَ .
وَمِنْهُمْ مَنْ تَهَوَّدَ كَحِمْيَرَ وَكِنَانَةَ ، وَبَنِي حَارِثٍ ، وَكِنْدَةَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَنَصَّرَ كَرَبِيعَةَ وَغَسَّانَ ، وَبَعْضِ قُضَاعَةَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَمَجَّسَ كَبَنِي تَمِيمٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَزَنْدَقَ كَأَكْثَرِ قُرَيْشٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَحَنَّفَ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ .
وَزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ .
وَقُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ وَعَامِرِ بْنِ طُرَيْبٍ ، وَغَيْرِهِمْ وَعَامَّةُ الْعَرَبِ ثَلَاثُ فِرَقٍ : ( فِرْقَةٌ ) تُقِرُّ بِاَللَّهِ وَالْبَعْثِ وَتُنْكِرُ الرُّسُلَ وَتَعْبُدُ الْأَصْنَامَ لِتُقَرِّبَهُمْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى .
وَ ( فِرْقَةٌ ) تُقِرُّ بِاَللَّهِ وَتُنْكِرُ الْبَعْثَ ، وَ ( فِرْقَةٌ ) تُنْكِرُ الْخَالِقَ وَالْبَعْثَ .
( مَسْأَلَةٌ ) وَأَهْلُ الْهِنْدِ فِرَقٌ : بَرَاهِمَةٌ ، يُقِرُّونَ بِاَللَّهِ وَيَجْحَدُونَ الرُّسُلَ ، وَدَهْرِيَّةٌ ، وَثَنَوِيَّةٌ ، وَهُمْ سَبْعَةُ أَجْنَاسٍ وَهِيَ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ مِلَّةً مَدَارُهَا عَلَى أَرْبَعِ مِلَلٍ ، فَمِلَّةٌ تُثْبِتُ الصَّانِعَ وَالرُّسُلَ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ وَمِلَّةٌ تَنْفِي ذَلِكَ كُلَّهُ ، وَمِلَّةٌ أَثْبَتَتْ الْخَالِقَ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ ، وَنَفَتْ الرُّسُلَ ، وَمِلَّةٌ تَقُولُ بِالتَّنَاسُخِ وَيَدَّعُونَ لَهُمْ شَرَائِعَ وَصَلَاةً وَحَجًّا وَلَا يَأْكُلُونَ الْبَقَرَ ، وَيَغْتَسِلُونَ بِبَوْلِهَا .
( مَسْأَلَةٌ ) وَقَدْ قَالَ بِالتَّنَاسُخِ بَعْضُ الْكُفَّارِ وَبَعْضُ مَنْ يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ كَالرَّوَافِضِ زَعَمُوا : أَنَّ الرُّوحَ تَنْتَقِلُ فِي الْهَيَاكِلِ فَالْمُثَابُ يَتَلَذَّذُ ، وَالْمُعَاقَبُ إلَى بَهِيمَةٍ يَتَأَلَّمُ ، وَأَنْكَرُوا الْبَعْثَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ .
( مَسْأَلَةٌ ) وَالْكِتَابِيَّةُ نَصَارَى وَيَهُودُ .
فَالنَّصَارَى :

1 / 792
ع
En
A+
A-