وترجم له بعض أحفاده(1)، فذكر شيئاً من جميل حاله، وقال: مولده - عليه السلام - في سنة خمس وستين وتسع مائة، ونشأ - عليه السلام - على السيادة والطهارة وطلب العلم الشريف على منهاج سلفه الأكرمين، فقرأ على القاضي العلامة عبد الرحمن الرخمي بمخرفة(2)، هكذا قال عبد الرحمن، ولم يكن مرَّ بسمعي، فهي فائدة أخرى، وقرأ كتب النحو والأدب جميعها و(الكشاف) على السيد الفاضل عثمان بن علي بن الإمام شرف الدين (بشبام) قبل دعوة الإمام القاسم، وسكن بأهله هناك(3) /5/ لطلب العلم.
ولمَّا دعا الإمام ببلاد (قارة)، كتب إليه، فوصَل إلى (سودة شظب)، وتوجَّه بجنود فافتتح من بلاد الأمراء آل شمس الدين كثيراً، وكانوا أعضاد الوزير الحسن والكيخيا(4) سنان، فما زال كذلك من سنة ست وألف إلى سنة ثمان وألف، ثم عاب فيه جماعة من أهل (قاعة)، وكان قد تزوج امرأة هنالك، وتفرَّق عنه أصحابه، ولم يبق إلا هو، وقصده جماعة من الأتراك، فأحاطوا به، ثم أسروه، وأدخلوه (شبام)، فطافوا به في (كوكبان) و(شبام) على جمَلٍ، وأمير كوكبان يومئذٍ الأمير أحمد بن محمد بن شمس الدين، ثم إإن(5) علي بن شمس الدين أرسل به مع جماعة من الترك إلى (حمومة) من (بني صريم) إلى الكيخيا سنان، فأمر بأن يُمثل به - عليه السلام - فسلخ جلده.
__________
(1) في (ب): أصحابه.
(2) مَخْرَفَة: قرية في مركز رُغَيْل، من مديرية مَسْوَر، وأعمال محافظة عمران. سكنها طائفة من علماء آل الحوثي، لذلك قصدها طلاَّب العلم، لذلك يقال لها اليوم: قرية الهِجْرَة. معجم المقحفي - 1451.
(3) في (ب): هنالك.
(4) الكيخيا: لقب عسكري يعني رتبة معينة عند الأتراك.
(5) في (أ): أنه.
قال الإمام القاسم - عليه السلام -: وصبر فلم يسمع له أنين ولا شكوى إلا قراءة: ?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ? [الإخلاص:1]. وكان سلخ جلده يوم الأحد الخامس عشر من شهر رجب عام ثمانية وألف. ثم إنَّ سنان ملأ جلده الشريف تبناً وأرسل به على جمل إلى صنعاء إلى الوزير حسن، فشهر(1) جلده الشريف على الداير على ميمنة (باب اليمن) ممَّا يلي الشرق، وسائر جسده - عليه السلام - دفن (بحمومة)، ثم نقل إلى (خمر) بأمر الإمام القاسم - عليه السلام - وقبره مشهور مزور له النذور والتعظيمات. ثم احتال بعض الشيعة في الجلد، فأسقطه إلى تحت الداير، ودفنه على خفيه، وعليه ضريح وقبَّة على يسار الخارج من باب اليمن.
وقد ترجم له الإمام القاسم - عليه السلام - ترجمة بخط يده الكريمة في نسخة (البحر) التي للإمام، وترجم له السيد العلامة صدر العلماء أحمد بن محمد الشرفي - رحمه الله - والقاضي العلامة أحمد بن سعد الدين، ورثاه بقصيدة منها:
أزائر هذا القبر حييت زائراً ... ونلت به سَهماً من الأجر قامِرا
وأدَّيت حق المصطفى ووصيه ... ودفيت(2) لمَّا زُرت في الله عامرا
سليل الكرام الشم من آل أحمد ... ومن كان للدين الحنيفي عامرا
وعمَّ الإمام القاسم بن محمَّد ... إمام الفِدا(3) من قام لله ناصرا
ومن شَدَّ أزراً منه حين دعا إلى ... رضا ربه أكرم بذلك آزرَا
تقلده المنصور سَيفاً مهنّداً ... وكان له في وجه أعداه شاهرا
فجاهد في الرحمن حقَّ جهاده ... وباين من أضحى عن الحق سادرَا
وكان له من موقف شهدت به ... أعاديه أن فاق الأوائل آخرا
__________
(1) في (ب): يشهر.
(2) في (ب): وسبطيه.
(3) في (ب): الهدى.
عامر بن محمد الصباحي [ - 1047 ه ]
القاضي العلامَة المذاكر، شيخ الأئمة، لسانُ الفقه، وإنسان عينه، عامر بن محمد الصباحي - رحمه الله تعالى -. نسبه إلى (بيضاء صباح) قرية مشهورة في مشارق (اليمن) تقرب من (قَرَنَ) المنسوب إليها أويس القرني - رضي الله عنه - على نحو مرحلتين. كان هذا العلامة وحيد وقته، وفريد عصره، إليه النهاية في تحقيق الفروع، ينقل عنه الناس ويقرؤون عليه قواعد المذهب.
رحل في مبادئ أمره إلى (ذمار)، فقرأ، ولقي شيوخها المحققين، وحصل على قَشَفٍ في العيش، وشدَّة في الأمر، يروَى أنه كان لا يملك غير فروٍ من جلود الضأن، وكان إذا احتلم غَسله للتطهير، ثم(1) يلبسه أخضر(2)؛ لأنه لا يجد غيره، وكان موَاظباً على العلم أشد المواظبة أيام هذه الشدَّة المذكورة، وكان أبوه من أهل الثروة والمال، لكنه حُبس، وأوذي في الله بأيدي الأتراك لموالاته أهل البيت /6/.
ثم رحل القاضي - رضي الله عنه - إلى (صنعاء) وأقام بها، ودَرَس، ودرَّس، ورحل إلى شيخ الزيدية إمام الفروع والأصول إبراهيم بن مسعود الحميري إلى (الظهرين)، وكان إذ ذاك بقية العلماء، وله (بالتذكرة) خصوصاً فرط ألفه، فطلبه القاضي عامر أن يقريه فيها، فأجابه، ولم يستعدَّ لتدريسه؛ لظنه أنه من عامَّة الطلبة، فلما اجتمعا للقراءة، رأى في القاضي عامر حضارة وحافظة، ومعرفة كاملة، فقال له: يا ولدي لست بصاحبك اليوم، فاترك القراءة، فتركها، ثم استَعدَّ لها، فاستخرج ببحثه من جواهر علم القاضي نفائس وذخائر، وعلق به، ثم إنه عاوده بالرحلة إليه للزيارة، فأكرمه الفقيه صارم الدين، وأمر الناس بإكرامه، ورحل إليه من (صنعاء) لمسألة واحدة أشكلت عليه، غابت عني مع معرفتي لها لولا طول العهد، روي أنها أشكلت عليه(3) فلم يبت إلا في الطريق قاصداً إلى (حجَّة).
ورحل القاضي - رحمه الله - إلى (صعدة).
__________
(1) سقط من (أ): ثم.
(2) أي مبتل.
(3) سقط من (أ): عليه.
قرأ الحديث على شيخه الوجيه: عبد العزيز البصري المعروف ببهران، ولقي الإمام الحسن، وصحبه، وما زال حلفاً للصالحات، مواظباً على الخير.
ولمَّا دعا الإمام القاسم المنصور، وكان(1) يومئذٍ بـ(صنعاء) فخرج إليه، وصحبه، وقرأ عليه الإمام كتاب (الشفاء)، ثم وُلي القضاء ولاية يعزُّ نظيرها، ولا تقدر العبارة للوفاء بوصفها، فإنه كان من الحلم والأناة والوفاء بمحَلٍّ لا يُلحق، وكان وحيداً في العلم، وصادقاً في كل عزيمة قولية وفعلية، فزاده الله الجلالة والمهابة في الصدور، إذا برز في الجامع، خضع الناس شاخصين إليه، مع كمال صورته، وطول قامته، وكان لذلك الجلال الرحماني لا يحتاج الأعوان، بل يبرز للقضاء، وإذا أراد حبس أحد من أجلاء الرجال، وأعيان الدولة، التفت إلى أقرب الناس إليه كائناً من كان، فأمره بالمسير به إلى الحبس، فلا يستطيع أحد الامتناع عن أمره.
وهو الذي قَوَّى أعضاد الدولة المؤيَّدية، وكان الصَّدر يومئذٍ غير مدافع، واستقر بحضرة الإمام المؤيَّد بالله مدَّة، ثُمَّ نهض إلى جهة (خولان العالية)، فاستوطن (وادي عاشر)، وابتنى بها داراً عظيمة من أحسن المنازل، تولَّى بناءها ولده العلامة الأمير قاضي المولى شرف الدين الحسن بن أمير المؤمنين أحمد بن عامر الماضي ذكره، فهيَّأها للضيوف على قدر همته، وكان مضيافاً كريماً.
ولمَّا استقر القاضي بـ(عاشر)، انتفع العامَّة بهِ والخاصَّة، ورحل إليه(2) الفضلاء للقراءة، كالقاضي المحقق محمد بن ناصر بن دغيش الغشمي - رحمه الله - وكان أحد رواة أخباره، وكان(3) لا يترك الإشراف على (التذكرة) في الفقه كل يوم يطالع فيها.
__________
(1) في (ب): وهو ضعيف.
(2) في (ب): إليها.
(3) في (ب): قال وكان.
ومن رواة أخباره تلميذه سيد المسلمين، وإمام المتقين، خليفة العصر، المتوكل على الله بن المنصور بالله - عليه السلام - فإنه الذي تولى تهذيبه، وكان مولعاً به، ويخصصه بمزايا حتى إنه كان(1) لا يقبل في مجلس القراءة أموراً يعتادها الطلبة إلا من الإمام - عليه السلام - فكان يقبلها منه؛ لكثرة محبته له وتنويره - رحمه الله -.
وكانَ يتولى عظائم الأمور، ورحل إلى (صنعاء) لعقدٍ عقده بين الأروام والإمام، واستنهض الإمام لحرب الأروام، ولمَّا كثرت كتب (خولان العالية) و(الحدأ)، ومن قاربهم من قبائل الزيدية، إلى القاضي عامر، يستنهضونه لاستنهاض الإمام للخروج على الترك، وكان الإمام قد فعل، لكنه احتاج إلى الكتم حتَّى من القاضي على جلالته /7/، فدخل يوماً إليه، وعنف على الإمام؛ فأخبره الإمام بأن أخوته سيُوف الإسلام قد خرجوا، منهم من جاء من المغرب وهو الحسين، ومنهم المشرِّق وهو الحسن، ومنهم المتوسط بينهما وهو أحمد، قام القاضي - رحمه الله - على وقاره وكبر سنه فحجل(2)، كما فعل جعفر بن أبي طالب - عليه السلام - وهو أحد السنن المأثورة، ولم يكن(3) بين وفاته - رحمه الله - وبين وفاة ولده إلا أيام قليلة.
__________
(1) سقط من (أ): كان.
(2) يعني جرى على رجل واحدة.
(3) في (ب): وكان.
وممَّا ينبغي نقله - وإن كان بترجمة ولده أحمد أليق، لكنه اقتضى الحال كتابته هنا - وهو أن أحمد بن عامر، لمَّا تمَّ له الحضور مع أبناء الإمام في حروب (زبيد)، استأذن مولانا شرف الإسلام في زيارة والده، فقال له ابن الإمام: قد عزمنا على الطلوع جميعاً، فتأخر له يويمات(1)، فرأى القاضي أحمد(2) - رحمه الله - في المنام رجلين يقول أحدهما للآخر: اقبض روحه، فيقول الآخر: لا اقبض روحه، فإن له أباً شيخاً كبيراً، قد سأل الله أن يريه إياه، فلا أقبض روحه حتى يصل إليه، فلمَّا استقر هذا في ذهنه - رحمه الله - دخل إلى مولانا شرف الإسلام(3)، وألَحَّ عليه في الفسح، ولعله أسرَّه بذلك، فأذن له، فطلع حتَّى وصل (ذمار)، وكان هنالك مولانا صفيُّ الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله - عليهما السلام - فأكرمه وعظمه، وعوَّل عليه في الإقامَةِ عنده أياماً؛ ليتصحح، ويزول عنه وعثاء السفر، وكثَّر عليه في ذلك، فرأى القاضي الرجلين الأوَّلين، يقول أحدهما لصاحبه: اقبض روحه، فإنه أبطأ وتراخى، ولم يبق له في الأجل سعة، فأجابه الآخر بما أجاب به أولاً، فتيقض القاضي لنفسه، وعزم على المبادرة، فلما وصل إلى هجرة (شوكان) - وهي بالقرب من (وادي عاشر) مسكن والده - رضي الله عنه - وصل إليه القبائل والشيوخ، فإنه كان صدراً من الصدور، فَصَدُّوهُ عن زيارة والده، فرأى الرجلين، فقال أحدهما: ما قال أولاً، وذكر أن القاضي تراخى، فأجابه الآخر بما أجاب، ثُمَّ قال: يكون له مهلة حتَّى يزور والده، ويبقى خمسة أيام، ثُمَّ تقبض روحه، فتوجه القاضي مبادراً(4) إلى حضرة والده، فتلقاه، وحصل به الأنس، ثُمَّ أوصى وصيَّةً عظيمة وهو كاملُ الحواس، ليس به بأس، ولمَّا كان اليوم الخامس، أشعر والده وتودعه، ثُمَّ قبض الله روحه إليه، فتولى والده أعماله،
__________
(1) يعني أيام قلائل.
(2) سقط من (أ): أحمد.
(3) في (أ): علامة العصر فرد الدهر أوحده.
(4) سقط من (ب): مبادراً.
ودفنه بقبَّة هنالك، وقام كالخطيب في الناس، ووعظهم وذكرهم؛ حتَّى بكى الحاضرون - رحمة الله عليه-.
وكان القاضي عامر لا يترك(1) كل يوم ثلاثة أجزاء من القرآن على الاستمرار، ويدعو بدعاء الصَّحيفة، ويقول: أنا أستحي من الدُّعاء بها؛ لما فيها من التذلل، وذكر البكاء، والتحول، ولسنا كذلك، يتصاغر - رضي الله عنه - كما جرت عادة الفضلاء.
كانت وفاته - رحمه الله - في حادي عشر من شهر رمضان سنة سبع وأربعين وألف، وقبر في القبَّة التي قبر فيها عبد القادر التهامي، وقبر فيها ولده أحمد بن عامر - رحمه الله - من أعمال (عاشر) من جهة (خولان العالية).
وهو يلتبس بشيخ الإمام القاسم، وهو: الفقيه العلامة المهاجر(2) شيخ القراءات السَّبع.
عامر بن علي البصير الحججي
الفقيه الناسك عامر بن علي البصير الحججي الحيمي - رحمه الله - كان من المحققين لعلم القراءة، فقيهاً فاضلاً، قرأ عليه الإمام وأصحابه، وأقام (بشهارة) مهاجراً، وكان له عزيمة في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ولمَّا فتحت (صنعاء)، دخل إليها، وتولى الإمامة في (قبة البكيرية)(3)، ولم يزل يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، نافذ الكلمة، حتى توفي بـ(صنعاء)، ودفن بجوار /8/ النحوي - رحمه الله تعالى- بـ(جربة الرَّوض).
عباد بن يعقوب الرواجني الأسدي
عباد بن يعقوب الرواجني الأسدي الكوفي الحافظ المحقق المدقق، ترجم له السيد الصارم(4)، وصاحب (المقصد)(5)، قالا: هو الحافظ المحقق المدقق مُحدِّث الشيعة، وكان محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول فيه: حدثني الصدوق في روايته، المتهم في دينه.
__________
(1) سقط من (ب): لا يترك.
(2) في (ب): الماهر.
(3) جامع معروف بصنعاء بناه الأتراك.
(4) في الفلك الدوار ص103.
(5) يعني ابن حابس في المقصد الحسن.
قال السيد صارم الدين - رحمه الله تعالى -: كذب ابن خزيمة، فإنه المتهم في دينه، كيف وقد روي عنه(1) التجسيم، وأنه قال في قوله تعالى: ?يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ? [القلم:42] قال: ساق كساقي هذه. قال الذهبي: إن صحت الرواية عنه فبعداً له، وسحقاً.
قالوا فيه(2): شيعي جلد. وعدَّه الحاكم في (العيون) من رجال الزيدية.
قال ابن معين: (3)عبد الرزاق أعلى منه في التشيع بمائة ضعف، روى عنه البخاري، والترمذي، وابن ماجة. انتهى
عباد الأحول الهمداني أبو عبيدة (4)
أبو عبيدة عباد الأحول الهمداني - رحمه الله - من أصحاب الإمام الأعظم زيد بن علي - عليهما السلام - الخارجين معه، ذكره البغدادي في عدادهم.
عباد بن منصور(5)
عباد بن منصور - رحمه الله - عالم وقته، الصادق، من أعيان الناصحين للإمام إبراهيم بن عبد الله، وتولى قضاء (البصرة).
العباس بن أحمد الظافر
العباس بن أحمد الظافر الزيدي - رحمه الله - أحد رجال الدين وأنصاره، ومن أهل الرغبة في مرضاة الله، والفضل، والخير، تولى (خولان قضاعة)، وترجم له عبد الله بن عمر الزيدي شيخ وقته، وأثنى عليه - رحمه الله -.
العباس بن إسحاق
السيد الشريف، الطاهر الكريم، العالم، العباس بن إسحاق، الذي يقال له: الملهوف(6) بن إبراهيم بن موسى بن جعفر - رحمه الله - ترجم له المنصور بالله - عليه السلام - وقال: قتل أيام المقتدر.
العباس بن عيسى الأوقص
العباس بن عيسى الأوقص الهاشمي العَقِيْلي الزيدي، منسوب إلى عقيل بن أبي طالب، كان من العلماء، تولى القضاء للداعي الكبير الحسن بن زيد الحسني - رحمه الله - وكان مشاراً إليه بالعلم، عظيم المقدار - أعاد الله من بركته -.
__________
(1) أي ابن خزيمة.
(2) أي المترجم له.
(3) في (ب): قال.
(4) سقطت هذه الترجمة من (ب)، وله ترجمة موسعة في معجم أصحاب الإمام زيد والرواة عنه، تحت الطبع.
(5) سقطت هذه الترجمة من (ب).
(6) في (أ): المهلوس .
عبد الجليل القزويني
العلامة الكبير عبد الجليل القزويني، ورد (اليمن) مع أبي طالب بن أبي نصر الرازي صاحب (الهداية)، الداعي إلى أبي طالب الصَّغير، وورد معهم من العلماء سيد جليل من ولد الهادي الأصغر يحيى بن محمد بن يحيى بن الهادي، يقال له: الحسين، وعالم من علماء الناصرية يقال له: الحسين بن أبي يوسف، والعلامة الفقيه عبد الله البرجي، وكل منهم حريٌ بترجمة، غير أني لم أعرف تفاصيل أحوالهم - رحمهم الله - وسنذكر وصول الشيخ أبي طالب إلى (اليمن) في محله - إن شاء الله تعالى-.
عبد الحفيظ بن عبد الله [ - 1077 ه ]
العلامة البليغ المحقق: عبد الحفيظ بن عبد الله بن عبد الله المهلا(1) بن سعيد بن علي النيسائي(2)، ثم الشرفي. الشيخ المعمَّر الصالح المتواضع، كان - رحمه الله - يسبح وحده في دماثة الخلق، وملاطفة الصَّديق، وصلة الرحم، وتعمَّر كثيراً، وكان يقصد الرحم إلى منازلهم بعد الشيخوخة، ويصلهم بممكنه، وتولى الخطابة (بزبيد) المحروسة وغيرها أيام ولاية السيد الهاشم بن حازم الحسني - رحمه الله - لتلك الجهات، وينشئ الخطب من نفسه فيجيدها، وله (كتاب في الفقه) ابتدأ فيه بذكر اللباس؛ لأنه أوَّل ما يباشره المكلف في يومه، وأحسن في ذلك الاعتبار، وكمَّل كتاب (الأوائل) للعسكري، وله شعر جيِّد، وكان صديقاً لأبي - رحمهما الله جميعاً -. توفي بجهة (الشرف) في [سنة سبع وسبعين وألف](3) - أعاد الله من بركته -.
__________
(1) في (ب): ابن المهلا.
(2) في (أ): النسأي.
(3) فراغ في (أ) و (ب). وما بين المعكوفين في ملحق البدر الطالع 112.
عبد الحميد بن أحمد المعافا
العلاَّمة بَديع الزمان البليغ المنشئ: عبد الحميد بن أحمد بن يحيى بن عمرو بن المعافا - رحمه الله تعالى - كان من عيون الزمان، وأفراد الوقت، بليغاً منطقياً ناظماً ناثراً، من بيتٍ معمور بالفضل والكمال، من بني عبد المدان، كما صرح /9/ به النَّسَّابون، وصرَّح به ابن عقبة، وذكره هذا العلاَّمة في منظومة له، وفيهم العلم والرئاسة، واستمرت له الأمارة وعلوُّ الكلمة مع الأئمة، فكانوا علماء أمراء، تنفذ أحكامهم بجهتهم.
ولم يزالوا كذلك حتى تولى الأمير عبد الله بن المعافا (للأروام)، وزاد في عتوه ، وبالغ فيما لا يليق بمنصبه، فكان أمير الأمراء مع الترك وُلِّيَ أكثر ذلك الإقليم إلى نواحي (الأهنوم، ووادعة، وعذرين) وغير ذلك، فمالت به شهواته حتى عادى الإمام المنصور بالله، فكان ما كان، وخِتَام ذلك قتله (بغارب أثلة)، في الحرب المشهورة هنالك، فتضاءل منصب القضاة المذكورين على جلالتهم، وفيهم بقية صالحة.
وأحيا مآثرهم عبد الحميد المذكور، فإنه كان أحد العلماء، سيما في العربيَّة، شرح (الملحة)، وكتب حواشي وأجوبَة مفيدة في النحو، وشرح (الهدايَة) في الفقه، ولا أعرف هل تيسَّر له التمام، أو لا؟ وشَرَحَ (الأزهار) بشرح اعتنى فيه بموافقة إعراب الأزهار، فإن (شرح ابن مفتاح) - رحمه الله - قد لا يناسب(1) إعراب المتن مع الشرح إلا بتحويل للمتن من رفع إلى نصب، أو نحو ذلك. وله شعر جيد، وخط حسن، وكان يتأنى في الكتابة؛ فيجيد في الإنشاء كثيراً، وله تخميس قصيدة الصفي:
فيروزج الصبح أم ياقوتة الشفق
ومن شعره في راية للإمام(2) المؤيَّد بالله - عليه السلام -:
أيا رايةً أصبحْتِ في الحسن آيَةً ... وفاق على الأعلام حُسْنكِ عَن يدِ
قُرنتِ بنصر الله حين صَنَعْتِ للإ ... مام أمير المؤمنين المؤَيَّدِ
إمام حَلَى جِيْد الزَّمان(3) بجوده ... محمَّدٍ ابن القاسم بن محمَّدِ
__________
(1) في (ب): يتناسب.
(2) في (ب): الإمام.
(3) في (ب): الكمال.