بأقوال لو اعترضت شماماً ... لساخ بها ويالك من مساخِ
ولو مرت بأرض ذات زرع ... لعادت بعد ذاك من السباخ
على أني كما قد قيل قدماً ... جذيل للتحكك في المناخ
/192/ ومن شعر السيد صلاح الدين - أعاد الله من بركاته - ما نقله السيد صارم الدين بخطه عنه، وقال: هذه الأبيات الفائقة، والكلمات الرَّائقة للوالد صلاح الدين سليل الأئمة الهادين صلاح بن إبراهيم بن علي بن المرتضى - رحمه الله - وهي آخر ما قاله:
أثرها تبلغ القصوى ودعها ... سدى ترمي الغروب به الشروقا
فلم يشفق على حسب كريم ... يكون على ركائبه شفيقا
وإني ذاهب أرمي بنفس(1) ... مراميها وألزمها الحقوقا
فكم حاقت وكم خدعت وكم ذا ... تجرعني القطيعة والعقوقا
أجاهدها(2) بصبرٍ واحتشامٍ ... إلى أن تسلك الجرد الطريقا
وأضربها بجد العزم حتى ... أقطع من ترائبها العروقا
أروح فلا أشم على بلاد ... ولدت بها المخائل والبروقا
وأنسى الأهل والأحباب طراً ... وأنسى الجار فيها والصديقا
وأنسى أحمداً ولدي وابناً ... له براً بوالده شفيقا
وأنسى شمس حور العين حقاً ... وسبط أخٍ له عضداً وثيقا
وأعناباً تحاكي التبر لوناً ... وتحكي في منافعها الرحيقا
خرجت إليك يا ربي فكن لي ... إذا شطَّ المزارُ بهم رفيقا
وأدخلني الجنان بفضل جودٍ ... فأصبح في المعاد به حقيقا
ولاطفني وعاملني بعفو ... فمن لا طفت لم يذق الحريقا
وصل على محمدٍ كل حينٍ ... وبلغني بغرته اللحوقا
لأنظر غرَّة كالبدر خلقاً ... وأخلاقاً بها أضحى خليقا
انتهى الموجود.
__________
(1) في (ب): بنفس.
(2) في (ب): بنفس.

قال السيد الهادي بن إبراهيم بن محمد: كانت طريقة حي سيدي صلاح الحدة والإصابة في الجواب على أهله وولده وغيرهم من أوان صغره، ومما يحكى أنه طلب من الإمام الناصر ولاية فرآه الإمام وهو صغير السن قريب من التكليف، فكتب له ولاية، وقال فيها: قد فعلنا للولد صلاح الدين ولاية في المصالح، فقال: يا مولانا، أما المفاسد فأنا لا أحتاج فيها إلى ولاية فتبسَّم الإمام وتعجب من حدته توفي ……(1)
صلاح الدين صلاح بن إبراهيم [ - بعد سنة 704 ه‍ ]
السيد الإمام العلامة الأمير صلاح الدين صلاح بن أمير المؤمنين إبراهيم بن تاج الدين أحمد بن محمد - عليهم السلام- عالم كبير، ونحرير خطير، له رسائل ومسائل(2)، وكان حجَّة ومحجَّة.
قال السيد أحمد بن عبد الله: إنه كان من وجوه أهل البيت وعلمائهم، وإنه في زمان الإمام المهدي لدين الله أحمد بن الحسين، وكان كثير المحبَّة للأمير يحيى بن منصور ومعظماً له، مثنياً عليه، وسكن الشرف الأعلى، وبينه وبين الأمير المنتصر بالله مفضل بن منصور وأخيه مكاتبات ومراسلات. انتهى
قلت: وهو الذي تمم كتاب الشفاء؛ لأن الأمير الحسين بدأ بالجزء الأخير منه حتى تمَّ له، ثم ابتدأ بتأليف الجزء الأول فبلغ فيه إلى أوائل النكاح ونقله الله إلى جواره فتمّمه صلاح الدين إلى باب النفقات، ثم تممه السيد صلاح بن الجلال - رحمه الله تعالى -.
__________
(1) في (ب): بياض في الأم.
(2) انظر مؤلفاته، وأماكن وجودها في كتاب أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (498).

قلت: ولما وردت الرسالة القادحة من الباطنية إلى الإمام المطهر بن يحيى المظلل بالغمام أمره الإمام /193/ برد جوابها، وهتك حجابها، فكشف النقاب، وأتى بالعجب العجاب، وما أحسن قول الإمام المظلل بالغمام حين وصلت إليه هذه الرسالة فإن من لفظه في جوابهم على(1) الكتاب: أمَّا بعد فإن الرسالة القادحة وردت إلى المشهد المقدَّس المنصوري سلام الله على ساكنه بمحروس ظفار حاسرة للثامها، عاثرة بزمامها، كاشرة في ابتسامها، ترمي في غير سدد، وتكبُو في القاع الجدد، لابسَة في ظهرها(2) ثوب الدين الشريف، يشف من تحتها مذهب ميسمها(3) السخيف، قد جمع فيها من أغباش جهالاته، وآجن ماء ضلالاته، ما يدل على باطن إلحاده، ويشهد بعناده وإحجاده، تارة يشير إلى صفات النقص والكمال، ومرة يقدح في عدل الكبير المتعال، وأخذ الإمام على هذا حتى قال: إلى غير ذلك من الترهات، وزخارف الجهالات، ويُصور أن ذلك يخفى على أهل العقول، وأن أحداً عندها لا يحسن أن يقول، ولا في ميدان نقص بشبهته يجول:
وإذا ما خلا الجبان بأرض ... طلب الطعن وحده والنزالا
فكان كالباحث عن حتفه بظلفه، والجادع مارن أنفه بكفّه.
ومن لم يتق الصحصاح زلت ... به قدماه في البحر العميقِ
وللسيد صلاح الدين - رضي الله عنه - جواب على السيد العلامة الأمير محمد بن الهادي بن تاج الدين؛ لأنه اعترض باعتراضات على الإمام المطهر بن يحيى - سلام الله عليه - فتولى الجواب هذا الأمير الخطير، والقرن بالقرن ينطح، والحديد بالحديد يفلح.
__________
(1) في (ب): عن.
(2) في (ب): طهرها.
(3) في (ب): منشمها.

وهذا الأمير أبو إمام وابن إمام، أما ولداه فالإمام إبراهيم بن تاج الدين المقبور بالأجيناد مقبرة تعز أسرة السلطان المظفر، وأما ابنه فالإمام علي بن صلاح المقبور بالجبوب(1) بمدينة (السودة) وهما من أعلام الأئمة ومن عجائب الإمام علي بن صلاح أنه يعبق من قبره ريح عند دخول الزائر القبة، ذكي العرف لا يمكن يشتبه إلى شيء من الطيب، هذا في الغالب قلَّ ما يتخلف، ورأيت من يأمرني بزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهداني إلى قبَّة الإمام علي بن صلاح فدخلتها لظني أنها القبة المصطفويَّة.
وأما السيد صلاح بن إبراهيم فقبره بالوعليّة من بلاد الشرف، وهو ممن تمم كتاب الشفاء للأمير الحسين بن محمد بعد موته - رضي الله عنهم -.
صلاح بن أحمد بن عبد الله الوزير [945هـ - ]
السيد العلامة خاتمة النجباء، وكعبة العلماء والأدباء ذو الخلائق السنيَّة، والطرائق السنيَّة، أوحد العلماء، صلاح بن أحمد بن عبد الله بن أحمد الوزير - رضي الله عنهم - كان أفضل أهل زمانه وأورعهم وأفصحهم في صناعات الكلام جميعاً وأبرعهم، وهو من بيت سمت شرفات شرفه، وأنافت على الشموس علالي غرفه، وكان هذا السيد بقيتهم المحيي لمآثرهم الصالحة - رضي الله عنهم - وكان محققاً في جميع العلوم سيما علوم القرآن، صادعاً بالحق لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان سجح الأخلاق، عذب الناشئة، غريب النادرة، يأتي على سهولة ناحيته وعدم اكتراثه في المقال بكل عجيب، فالمقال كما قيل مسخر له، وله في هذا المعنى أبيات لم تحضرني عارضها بمثلها في المعنى وإن خالفها في الرويّ السيد الأديب محمد بن عبد الله الحوثي، وكان سكون السيد الصلاحي - قدس الله سره - (بكوكبان)، وأمَّه وأم أخيه عبد الإله - رحمهما الله تعالى - بنت الإمام شرف الدين - عليه السلام-.
__________
(1) في (ب): في الجبوب.

وكانت له جراية كاملة من الأمير أحمد بن محمد فائضة، فاتفق فيما سمعت من الألسن أنه تفكر يوماً في تعطله عن العلم وطالبته همته بالرحلة /194/ إلى صنعاء لإحياء الشريعة أيام الأروام، فأفاض ذلك على صديق له، فقال له: هذا نعم الرَّأي غير أنك ذو تقرير من الأمير إذا انقطع عنك شق الأمر عليك، فسكت عنه حتى اجتمع أهل السوق بمدينة شبام وأظهره على ظهر دكان وسأله كم تحرز هذا الجمع وتقدره؟ فقرب ذلك الرجل أنهم نحو ألفين، فقال: كم لكل واحدٍ منهم من الأمير؟ قال: ليس له شيء، قال: فمن أين يأتيهم رزقهم؟ قال: من الله، فقال: سبحان الله يا فلان يرزق الله هؤلاء ولا يرزق صلاح بن أحمد - يعني نفسه - أو كما قال، فدخل صنعاء فنشر العلم، وأحيا مآثر السلف، ولم يشتغل بمكسب، وأقبل إليه الأروام، وعظموا شأنه، ولم يكن يداجيهم في مسألة، بل يصارحهم بالحق، وله جوابات عليهم مسكتة، روى أنه قال له الباشا جعفر: وكان من كبار العلماء، من أفضل الصحابة، يا سيد صلاح؟ فقال: أبو بكر. قال الباشا: تفضله على علي - كرم الله وجهه -؟ قال: أنت سألتني عن الصحابة، وأمَّا القرابة فأمرهم آخر، عليٌّ يُعد في القرابة، فسكت. واستشكل الباشا فعلاً فعله(1) الإمام المنصور بالله - عليه السلام- من تعزيره لمن لعب بالشطرنج تعزيراً مخصوصاً قد ذكره صاحب الشفاء من أئمتنا، وأن علياً - كرَّم الله وجهه - فعله من إيقافه بالشمس معقولة رجله، فاستغرب الباشا هذا، وفرح ظنّاً منه أن الإمام لا سلف له في هذه، وأنها هفوة، فسأل الأصحاب فما أجابوا، فلمَّا دخل السيد صلاح قال: بلغك يا مولانا ما فعل الإمام؟ قال السيد: ما فعل الإمام - صلوات الله عليه-؟ قال: فعل كذا وكذا، قال: أصاب الإمام أصاب الله بآرائه، قال الباشا: من أين لك أنه أصاب؟ قال: هذا فعله جده أمير المؤمنين وأسند له الرواية، وبلغني أن السيد نسب روايتها إلى الزمخشري، فتعجب
__________
(1) في (ب): فعله من إيقافه بالشمس.

الباشا من استقامة الإمام.
وعرض عليه الباشا الشعر الداير بين الناس في التوجيه بأهل المذاهب الذي أوَّله.
حبَّك ذا الأشعري حنفني ... وذاك من أحمد المذاهب لي
حبك ما زال شافعي أبداً ... يا مالكي كيف صرت معتزلي
ثم قال الباشا مداعباً للسيد صلاح: أين ذكر الزيدية في الشعر؟ قال السيد ارتجالاً:
زاد غرامي به فزيَّدني ... بُعداً عن المكثرين في عذلي
فتعجب الباشا من سرعة السيد وجودة قريحته.
وأخبرني شيخنا الوجيه عبد الرحمن بن محمد الحيمي - نفع الله بصالح عمله - أنه كان في بعض الأيام عند السيد صلاح الدين، وهو يحلق، فأصاب المزين عند حلق الشارب شفته فجرحها فالتفت السيد إلى شيخنا وقال: أفلحتُ، قال سيدنا: ففرحت بهذه اللطيفة واجتمعت بالسيد صلاح الدين(1) الحاضري، فأعلمته فقال: بديهة أعلمت والله، قلت: وهذه لطيفة حسنة، فإن معنى قوله - رضي الله عنه - أفلحتُ - بضم التاء - أي صرت أنا أفلح بذلك الشق الواقع من المزَين، فإن الأفلح مشقوق السفلى، والعامة يقولون لمن أصابه أمر يكفيه من السوء والخير أفلح فلان، يعني أنه لا يحتاج بعد هذا شيئاً من هذا الجنس، وقال السيد صلاح الحاضري: أعلمت أي أخبرتني والأعلم مشقوق الشفة العلياء - رحمهم الله تعالى -.
وأقام بصنعاء عن رأي الإمام القاسم واستجاز منه الإمام، فأجازه، ومولده - رضي الله عنه - ليلة الجمعة السابع والعشرين من شهر شعبان الكريم /195/ سنة خمس وأربعين وتسعمائة، وله شعر في كل معنى، فمن ملحه أنه استعار من بعض أصدقائه حماراً فأكثر في الاعتذار فقال:
يا سيدي ما موجب الاعتذار ... تكلف الأعذار في الغير عار
أهون به شيئاً وأحقر به ... لا تحمل الصعب لأجل الحمار
وله - رحمه الله - مخمساً لبيتي عبد الله بن الإمام شرف الدين، وهما:
بدت تختال في سكر(2) الدلالِ
إلى آخرهما، فقال السيد الصلاحي - قدس الله سره -:
وعابثة بأحلام الرجالِ
__________
(1) في (ب) زيادة: الدين.
(2) في (ب): بكر.

تريك الصدق في عين المحالِ
ويسقى الهجر في كأس الوصالِ
بدت تختال في سكر الدلال ... وتبسم عن شنيب(1) كاللآلئ
أرتني من سماحتها غريباً
وأبدت من محاسنها عجيباً
وصورت المنى الأقصى قريباً
وقالت من أكون له حبيباً ... ببذل الروح قلت لها: ألالي
ومن شعره:
ولي حبيب كأن الله صوّره ... من ناضر الزهر أو من ناضر البردِ
أو أنه صافي البلور أودع في ... أحشائه الورد محمر النطاق ندي
إذا تذكرت أني عنه منترح ... ضممت كفي إشفاقاً على كبدي
وإن أشرت إلى أرضٍ أقام بها ... قبَّلت من فرط أشواقي إليه يدي
وله:
أهابه عند أفراح اللقا وأرى ... للظبي ما يتَّقيه الناس في الأسدِ
فيعجم الروع مني كل ناطقةٍ ... وإن أغبْ عنه غاب الروح عن جسدي
وله في مِرَاءَة:
أشاهدةَ الشمس في حسنها ... على مثلها فاشهدي أو دعي
وإني بذاك من الشاهدين ... ولكن جرحت فلا أدعي
وله أيضاً فيها:
يا حاكي الصور الجميلة أنقها ... ما في المروة أن تضيع جميلا
علل بها بعض النفوس فإن في ... تعليلها أجراً هناك جزيلا
وله فيها:
تحكي وتنسى فليتها حفظت ... لي بعض ما قد حكته أحيانا
حكاية تلك لو ظفرت بها ... جعلتها في العيون إنسانا
ومن شعره السائر:
لله أيامي بذي مرمرٍ ... وطيب أوقاتي بربع الغراس
والشمل مجموع بمن أرتضي ... والسر فيه السر والناس ناس
والجنس منظوم إلى جنسه ... وأفضل النظم نظام الجناس
وزهر زهران لنا مجتنى ... وقاته الهازم جند النعاس
وسفح حذان إلى جانبي ... غضران من تلك الربوع الأناس
/196/
ملاعب تجري بها خيلنا ... في السلم والحرب الشديد المراس
والشامخ الفرد لنا موئلٌ ... يمنعنا الله به كل بأس
له من الزهر نطاق ومن ... عوالي السحب العوالي لباس
والقلب يقظان لرمز الهوى ... يعرف ما يلقيه قبل الحواس
والطرف مشغول ببدر الدجى ... والفكر مشغول بظبي الكناس
وللصبا غصن إذا هزَّه ... نسيم أنفاس صبا(2) الوصل ماس
__________
(1) في (ب): شنيب.
(2) في (ب): ضنا.

ولما تكلم الزمخشري - رحمه الله - في تفسير قوله عز وجل: ?وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ? [الأعراف:43]، فقال: وهذا يدل على أن الجنة مستحقة بالعمل لا بالتفضل. انتهى
وكتب السيد الحافظ محمد بن إبراهيم ما لفظه: نعم يا شيخ المحقة، قلت: الجنة بالعمل فالعمل بماذا؟ قلت: بالاختيار والاختيار بماذا؟
رأى الأمر يفضي إلى آخر ... فصيّر آخره أولاً
?وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللَّهُ? [الأعراف:43] انتهى، ?وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ? [النور:21] ?نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا? [هود:58] في آياتٍ كثيرة، وإنما أتي المخالف من توهمه أن الآية نص في العوض، وهي في السببيَّة ظاهرة شهيرة.
قال السيد العلامة صلاح بن أحمد مراد الزمخشري - رحمه الله -: إن العمل الصالح سبب في دخول الجنة والتوفيق إليه تفضل من المولى - تبارك وتعالى- نسأل الله التوفيق والمغفرة، قال: وقلت أنا:
علقوا الفضل بأسباب تقى ... يا ترى الأسباب ما الأسباب فيها
ليس إلا الفضل فيها سبب ... قف هنا إن شئت أو فازداد تيها
توفي - رحمه الله - في ……(1) وقبره بجربة الروض يماني صنعاء المقبرة المشهورة، وقد روي أنه يسمع القرآن من قبره - رضي الله عنه -.
__________
(1) فراغ في النسختين قال في (ب): بياض في الأم.

صلاح بن أحمد بن عبد الله [ - بعد سنة 893 ه‍ ]
السيد العلامة صلاح بن أحمد بن عبد الله بن علي بن محمد بن أبي القاسم - رحمه الله - سيد عالم من بيت العلم المعمور، كان عالماً عاملاً فاضلاً من أهل تسعمائة، أظنه في سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة في قيد الحياة، ويدل على ذلك قصيدة له في الشريفة الطاهرة بدرة بنت أمير المؤمنين زوج الإمام المطهر ذات الحسب الشريف والمقام الزليف التي رثاها الفضلاء منهم هذا العلامة وهي:
لعمرك ما من هاجم الموت أجزع ... ولكن ليوم بعده نتوقعُ
ليوم يشيب الطفل من هول ما يرى ... به وله كل الخلائق تجمعُ
لنفسي أبكي لست أبكي لغيرها ... لنفسي بنفسي شاغل لي مروعُ
صلاح بن أحمد بن المهدي [1010 - 1048 ه‍ ]
السيد العلامة البحر الحبر منقب المناقب، ومقنب المقانب، رئيس الرؤساء، ومفخر الكبراء، صلاح بن أحمد بن المهدي المؤيَّدي - عليهم السلام- كان من محاسن الزمان، ومفاخر الأوان، منقطع القرين في كل فضيلة، يعده المنصف من معجزات النبوة، فإنه - قدس الله سره - كان محارة لذوي الألباب في فصاحة منطقه وسعة حفظه وعلوِّ همته /197/ وكرم طبعه وسعادة جده، أناف على الشيوخ طفلاً،

فكيف يزاحمه أحد في الفضائل كهلاً، وعمره - عليه السلام- تسع وعشرون سنة، أحيا فيها من العلوم ما أشرق المبطلَ بريقِهِ، وسقى كل محق برحيقه، ودوخ العلوم وحقق وقرّر وناظر(1) وناضل، وهو في كل ذلك سابق لا يجارى، وناطق لا يمارى، وكان فهمه جذوة قبس، وهذا العمر القصير الذي هو من أطول الأعمار نفعاً اشتمل على قراءة وإقراء وجهاد وغزو وتصنيف، وتأليف، فمن جملة مصنفاته (شرح شواهد النحو)(2) واختصار شرح العيني لشواهد التلخيص وشرح الفصول شرحاً وافياً كافياً(3) وجمع القنطرة في أصول الفقه(4) وشرح الهداية)(5)، فبلغ إلى أوائل الكتاب في ستين كرَّاسة من ذلك شرح الخطبة مجلد، وله مع هذا ديوان شعر(6) زاحم به الصفي(7) وأضرابه، وعارض مشاهير القصائد للأوائل، النبويَّات والإخوانيات والغزليات.
__________
(1) في (أ): باطل.
(2) لم أجد له نسخة خطية.
(3) شرحه على الفصول هو (الدراري المضيئة الموصل إلى شرح الفصول اللؤلؤية، منه نسخة خ سنة 1067هـ في الجامع، وأخرى خطت سنة 1035هـ بمكتبة المولى مجد الدين المؤيدي، وانظر نسخاً أخرى في أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة 497.
(4) لعل منه نسخة خطية في دار الكتب المصرية رقم (97) مصور، انظر المصدر السابق.
(5) لطف الغفار الموصل إلى هداية الأفكار، خ في عدة مكتبات خاصة، انظر المصدر السابق.
(6) خ مكتبة السيد العلامة عبدالرحمن محمد شائم هجرة فللة.
(7) الصفي: صفي الدين الحلي، الشاعر المعروف.

92 / 182
ع
En
A+
A-