وما عند رب العرش خير وما قضى ... رضينا به فهو الحكيم الموحدُ
ونسأله صدر الكلام ووسطه ... وآخره ما دام طود مؤطّدُ
دوام صلاة الله ثم سلامه ... لمن في مقام الحمد يدعو ويحمدُ
وعترته كيما يجيب دعاءنا ... فإنا إلى الرحمن نسعى ونحفدُ
وأزكى سلام الله تبلغ صالحاً ... ورحمته تترى له وتردّدُ(1)
صالح بن عبد الله بن حنش [ - ق 11 ه‍ ]
القاضي العلامة اللسان البليغ صالح بن عبد الله بن حنش - رحمه الله - كان جم الفضائل، واسع المكارم لساناً بليغاً خطيباً مقولاً، وله شعر منسجم، وكان من عيون العلماء، ووجوه الفضلاء، عالماً بالأدب فقيهاً، وله في الخطب صناعة فائقة تشتمل على المواعظ والنصائح، مع سهولة وعذوبة وقصر في الفقرات مع وفاء المعنى، وكان يسكن (ذيبين) (2) /187/ ويفصل الخصومات بعض المدَّة وتردد إلى حضرة الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، وله فيه غرر قصائد، ودرر فرائد، وكان حسن الأخلاق سمح الطبيعة مزاحاً على منهاج العلماء الأخيار من السلف، وله أولاد نجباء منهم العلامة حاكم المسلمين محمد بن صالح، وسيأتي - إن شاء الله - ذكره، ومنهم أحمد بن صالح من عباد الله الصالحين، كان مدرساً في الفقه، ولم تطل أياَّمه، وكان غزير العبرة لا يزال بين العشائين باكياً، ولما مات - رحمه الله - رثاه الصنو العلامة محمد بن الهادي بن أبي الرجال - رضي الله عنه - بأبيات كتبت على الصخر عند ضريحه وهي:
يا صاحب القبر كم أحرزت من أدبِ ... ومن عفافٍ ومن فضلٍ ومن حسبِ
وكم وضعت على القرطاس من حكمٍ ... وكم أفدت ذوي الرغبات والطلبِ
لله من طود علمٍ شامخٍ علمٍ ... وبحر علمٍ خضم زاخرٍ لجبِ
بدر كريم بهي أروع ندس(3) ... فذ أبيّ حميد الفعل منتجبِ
__________
(1) في (ب): وتتردد.
(2) ذِيْبِين: مدينة شرق (خَمِر) وشمال (رَيْدَة) بمسافة 20 كيلو متراً. (معجم المقحفي، ص657).
(3) في (ب): مدر كريم بهي أروع فدس.

مهذب أحوذي(1) كامل ورع ... خدن العبادة والطاعات والقرب
يا رحمة الله زوري رمسه أبداً ... ويا سحائب جود الله فانسكبي
ولم يحضرني من شعر القاضي صالح إلا ما كتبه إلى بعض السادة من ولد الإمام يحيى بن حمزة وإلى رجل من آل الرصاص والقاضي محمد بن أحمد بن أبي الرجال المعروف بالحاج، وكان محمد بن أحمد من عيون الزمان وفضلائهم، حميد الخصال، مرجوعاً إليه للدين والدنيا، فكتب إليه القاضي في قضيَّة وقعت بين رجل من أولاد ذي حوال وهم الفقهاء بالملاحة هجرة العلامة علي بن أحمد الأكوع، ورجل من آل القعيد من بني صريم فإن الحوالي قتل القعيد فاستماح الثلاثة لخلاص الحوالي فقال:
إلهي بالرسول وخير آلٍ ... وبالضحَّاك في يوم النزالِ
أقلني عثرة أشفقت منها ... على ديني وأخلاقي ومالي
ترامت بي الحوادث في أكف ... عراها الدهر بالحرب السجالِ
لقد أفنيت يا زمن الرزايا ... أهيل الفضل من صحبي وآلِ
وأنهلت الفؤاد كؤوس حزنٍ ... أمرَّ عليه من سمر العوالي
ولم تترك علي لباس صبرٍ ... ولا جسماً من الآلام خالِ
لحاك الله يا زمني تأنى ... فقد أدركت حظك من قبالي
وما أعناك حتى لم تدع لي ... يميناً تستريح إلى شمالي
وكان العدل طبعك بعد حين ... فقل لي ما لخطبك والتوالي
وما ذنبي إليك فأتقيه ... سوَى قولي بتحريم السؤالِ
وبعدي عن بني زمني جميعاً ... لأمرٍ ما ولو كانوا عيالي
خلا أني أنست إلى رجالٍٍ ... هم أسباط أرباب الكمال
بني القوم الأفاضل من نزارٍ ... وأندى العالمين يدَانوَال
وأعلمهم بتحريمٍ وحلٍ ... وأشكرهم على الرزق الحلالِ
/188/
وأبعد عن مقارفة الدنايا ... وعن جهلٍ وعن زور المقالِ
وهم ضد الزمان ومن عليه ... من الأوباش في كل الخصالِ
بني يحيى بن حمزة من ترقّى ... بهمَّته على هامِ الهلالِ
__________
(1) أحوذي: الأَحْوَذِيُّ: الخفيف الحاذق، والمشمر للأمور القاهر لها، لا يشذ عليه شيء. (القاموس المحيط، ص 314).

وعلاَّمين من ذروات قوم ... كرامٍ في المقال وفي الفعالِ
لهم في كل واردة جوابٌ ... يسكّتُ كل منتحل وغالِ
أريد أخا بني الرصاص يحيى ... عماد الدين وابن أبي الرجالِ
إذا ما الدهر أبقى القوم فينا ... وأفنى آخرين فلا نبالي
جزاك الله بدر الدين عني ... جميلاً في الحياة وفي المآلِ
وبلغَّك المهيمن ما ترجي ... وزادك رفعةً في كل حالِ
وساء فتىً يسوق إليك سوءاً ... وحمّله ذنوباً كالجبالِ
وكنت لك الفدا من البلايا ... ومن أحبَبْت من عمٍ وخالِ
عرفت بخلتي فأزحت عني ... هموماً طال منهنَّ اعتلالي
عجيب سعيك الميمون فوراً ... بتلك الأرض منخفض وعالِ
ونظمك للأمور بحسنٍ رأي ... كنظم الدر في سلك اللآلي
حقيق يا أبا حسن مقاماً ... يقوم به بحسن الامتثالِ
حمدت الله إذا أبقاك ركناً ... ومثلك فوق ظهر الأرض عالي
ومالي والتعجب من حليم ... تريه سوابق الأمر النوالي
(كأني ما شهدت له مقاماً ... يزيل الكرب في آل الحوالي)(1)
وقد أضحى لديه أبو عليٍ ... كئيبَ القلبِ منبتَّ الحبالِ
فساهمه الهموم وذبَّ عنه ... بأقوالٍ وأفعالٍ ومالِ
وقاه الله أسباب الرزايا ... وما حملت به سود الليالي
وأسكنه الجنان غداة يقضي ... على العاصي بتضييق المجالِ
وإني والذي خلق البرايا ... أحق عباده بالاشتغالِ
وأحوجهم إلى كرمٍ وعفوٍ ... إذا وافيت والميزان خالِ
فيا ليت المنيَّة أدركتني ... وما عندي لمخلوقٍ ولالي
وصلى ربنا أبداً على من ... تفرَّدَ بالمحاسنِ والمعالي
رسول الله أحمد خير ماشٍ ... على صفحات مخصوف النعالِ
ومن ولاه يوم غدير خُمٍّ ... وحر الجو يلعب بالغزالِ
ونادى في الهجيرة غير وانٍ ... ولم يعدل إلى برد الظلالِ
عدُوي كل من عادى علياً ... ومن والاه فهو لي الموالي
وتوفي - رحمه الله - فيما أحسب بذيبين في ……(2)
__________
(1) زيادة في (ب).
(2) في (ب): بياض في الأم.

/189/
صالح بن علي الدقم [ - ]
(الفقيه)(1) العلامة الكبير صالح بن علي الدقم الصنعاني - رحمه الله تعالى - هو من العلماء الكبار الجلة الخيار، له في العلم رسوخ، وله تلامذة وشيوخ. من تلامذته عالم الزيدية إبراهيم بن نزار - رحمه الله تعالى -.
صالح [ - ]
الفقيه العالم صالح بن أخي العلامة عبد القاهر الذي ذكره الأهدل، قال: ومن علماء الزيدية يوسف بن عبد القاهر، وابن أخيه صالح ومحمد بن صالح الموجود بعصرنا، يدرس ويفتي وهم بيت علم، اجتمعت بأخٍ لمحمد هذا عبد القاهر، وسمعت من غيره أيضاً أنهم بيت علم.
صالح بن ملكان الناصري [ - ق 5 ه‍ ]ت
علامة العراق صالح بن ملكان الناصري - رحمه الله - ذكره في شرح الإبانة، وحكى عنه حكاية في علم الناصر للحق، قال: رأيت شخصاً(2) منسياً من العلويّة قد أتى عليه من السنين مائة سنة وثماني عشرة سنة، وكان قد صحب الناصر للحق والهادي إلى الحق - عليهما السلام- وستة أئمة(3)، فسألته عنهما فقال: ألفيت الهادي كوادٍ عظيم مستطيلاً، وألفيت الناصر للحق كبحر زاخر بعيد القعر.
أبو الصباح الحوثي [ - ]
العلامة أبو الصباح الحوثي، هو من كبار الزيدية وجلَّتهم، ومن العيون الناظرة والمشيخة الكبار، له عقب بحوث من أعمال البون يعرفون بآل الصباح فيهم العلماء، إلا أنهم دخلوا في التطريف، فلم نشتغل بذكرهم، من وجوههم يحيى بن الصباح عالم المطرفيّة، كان فاضلاً فيهم، حريصاً على الفوائد، روى عليان بن إبراهيم من كبار المطرفية، قال: كان يحيى بن الصباح لا يفارق دواته أينما سار، فإذا سمع حكمة يخاف أن يفوته تحفظها بالنسيان كتبها، فإن لم يجد ما يكتبها فيه كتبها في عصاه.
__________
(1) ساقط من (ب).
(2) في (ب): مسناً.
(3) في (ب): وستة أئمة سواهما.

قلت: وأما الصباح هذا فكانت أيامه وما قد أظلم غسق التطريف، وكان من كملة الرجال وحلمائهم وتعمر كثيراً، وحكي أنه كان له عشرة بنون كلهم يركب الخيل، واتفق في بعض الأزمنة أن رجلاً أبطرته النعمة فتربص خلوة للصباح فوجده فوق بركة (جوب) يغتسل أو يريد الاغتسال وقد كشف رأسه وكان خليقاً فصفعه ذلك الغمر الجاهل فتلفت الصباح هل يراه من أحد، ثم قال له: قد صنعت ما صنعت فاذهب بنفسك فأبى ذلك الغمر أن يهرب ولبث مكانه فبلغ الخبر بني الصبَّاح فأقبلوا يبتدرون لقتل ذلك الغمر فبدر أبوهم فأقسم لئن صنعوا به شيئاً لا جمعهم وإياه محل فتركوا، ثم إن ذلك الجاهل ندم، واستقبح ما صنع فاستصحب جماعة ممن يعز قدره عند الصباح وبنيه حتى أتى منزله معتذراً فعفا عنه، فلما عفا عنه حلف ذلك الرجل ليكونن خادم بغلته، فأبى عليه الصباح فلم يقبل وخدمه.
صباح المزني [ - ق 2 ه‍ ]
العلامة الفاضل صباح المزني، من جماعة الإمام الأعظم وتلامذته، ذكره الشيخ حافظ الزيدية أبو القاسم البغدادي - رحمه الله -.
أبو الصبار [ - ق 2 ه‍ ]
العالم أبو الصبار، ويقال: أبو الصباد العبدي، عالم كبير من جماعة الإمام الأعظم وتلامذته، حكاه أبو القاسم - رحمه الله -.

صديق بن رسام السوادي [ - ق 11 ه‍ ]
العلامة الفقيه الفاضل صديق بن رسام السوادي - رحمه الله - هو شيخ العربية، كان مبرزاً فيها إليه النهاية في السماع والتحشية والتصحيح لكتبها، وهو أشهر تلامذة شيخ الشيوخ لطف الله بن الغياث - رحمه الله تعالى - رحل إليه إلى الظفير وعلق على بابه، ووقف بأعتابه، حتى مضى سماعه على كتب العربية بأنواعها مع ضبط وتصحيح، وكان يتعلق بخدمة الشيخ - رحمه الله - ورحل بعد ذلك إلى شيوخ فلم ير بعد الشيخ لطف الله أستاذاً، ثم أقبل على الفقه حتى حقق وبرع وصار أحد أعلامه، وكان من الصلحاء متوسط الحال في كل شيء، وولاه الإمام المتوكل على الله أيده الله قضاء جهة خولان /190/ بمغارب صعدة، ولم يزل على طريقة السداد يحاسب نفسه في أكثر الوقت حتى لقي الله(1) في ……(2) ولم يخلف من العروض ما يعود بعائدة إنما كان له داره بصعدة، ومخترف أولاده.
صفية بنت المرتضى [ - 771 ه‍ ]
السيدة العالمة الفاضلة صفيَّة بنت المرتضى.
قال السيد شمس الدين: هي العالمة الفاضلة السيدة الكاملة فضلاً وعلماً وبركة وحلماً وزهداً ومجداً وشرفاً ونبلاً وعقلاً ونقلاً وأصلاً وفرعاً، فاقت فضائلها، وراقت شمائلها، عظمت في النساء، كعظم جدتها خامسة أهل(3) الكساء، جمعت إلى العلم العمل، وبلغت في مدارك العلوم منتهى الأمل، وعلى الجملة ينعت في فضلها على فضلاء الرجال فضلاً عن ربات الحجال وما أحقها بقول المتنبي:
ولو كن النساء كما ذكرنا ... لفضلت النساء على الرجال
__________
(1) زيادة في (ب): تعالى.
(2) فراغ في (أ) و (ب).
(3) في (ب): أصحاب.

اشتغلت بالعلم من أوان الحداثة، ودرست على والدها قراءة محققة، وحققت وحصلت بالقلب والقلم، وفاقت في الفقه والأصول والعربية والإخباريات، ولم يكن لها شغل غير العلم والاجتهاد فيه ولا تتعلق بشيء غيره من أعمال النساء والرجال، وكان لها عند والدها مكان مما هي عليه في ذلك الإقبال المفيد، وكانت كاتبة فصيحة تقول الشعر ولها أشعار محكمة جيدة، كان خطها أحسن من خط والدها وهو المعروف في كتب جمَّة، فقد حصلت بخطها كتباً كثيرة.
قال الفقيه الأفضل العلامة أحمد بن يحيى الآنسي، قال الإمام علي بن محمد - عليه السلام-: لو كانت الشريفة صفية بنت المرتضى ذكراً، ودعى إلى الإمامة ما شككت في صحة إمامته، وكانت مقتدرة على الفتوى والإقراء، بالغة درجة الكمال في التصنيف والتأليف، ولها رسائل ومسائل، ومن رسائلها الرسالة الموسومة (بالجواب الوجيز على صاحب التجويز)، ولها رسالة بديعة جعلتها وصيَّة لابنتها الشريفة حورية بنت محمد بن يحيى القاسمي فيها ما يشهد بالتبحر في العلم وسعة الإطلاع، ولمَّا وصل الإمام المهدي - عليه السلام- إلى الهجرة، وأقام مع أخيها السيد علي بن المرتضى برهة كانت في أكثر أيام إقامته، تراجع الإمام في كثير من المسائل العلمية.

قال مولانا الإمام الناصر: كانت الشريفة صفيَّة بنت المرتضى فائقة لنساء زمانها، بل كانت في فضلها خارجة عن النظراء والأشباه، وصلت منها كتب إلى حي والدنا الإمام المهدي إلى ثلا وفيها من الكلام العجيب، واللفظ الغريب، والصناعة الفائقة، والبلاغة الرائقة، ما لم يكن لأحد من الفضلاء، فلما وصلت إليه أوقفني عليها وقال: هذا خط امرأة وكلامها وبلاغتها يحثني على الاجتهاد، وهكذا روت الشريفة فاطمة بنت أمير المؤمنين عن أخيها الإمام الناصر، ووصفها عدة من العلماء، قالوا: كانت لكشف المعظلات وفك المشكلات، تزوجت بعد أن بلغت ثلاثين سنة بالسيد(1) محمد بن يحيى القاسمي لا رغبة في الزواج، لكن رغبة في أن تقرأ عليه علم الكلام، وكان ذلك السيد من درسة والدها، فكانت(2) ذات معرفة بالنحو وهو عري عنه فأفادته وأفادها، وكانا زوجين صالحين عالمين، وكانت من الورع الشحيح في أعلى طبقاته.
الصلت بن الحرب بن إياس [ - ق 2 ه‍ ]
العلامة الصلت بن الحرب بن إياس الجعفي أحد أركان المذهب وأعضاده، وأعمدته وأوتاده، من تلامذة الإمام الأعظم وأصحابه، ذكره العلامة البغدادي - رحمه الله تعالى -.
/191/ صلاتي بن إلياس الملائي [ - ق 7 ه‍ ]ت
الشيخ الإمام الفقيه صلاتي بن إلياس الملائي - رحمه الله - هو من شيوخ العراق ومن أجلائهم، نقل عنه العلامة يوسف الجيلاني وذكره في جوابه لعمران بن الحسن بن ناصر، وحكى عنه حكاية في انحلال أمر الدين في العراق بعد الإمام أحمد بن سليمان - عليه السلام-؛ لأن دعوة الإمام كانت بالعراق منشورة اللواء بيد السيد الإمام علي بن محمد الغزنوي، فعارضه محمد بن إسماعيل الطبري، فكانت أمور.
__________
(1) في (ب): بالسيد العلامة.
(2) في (ب): وكانت.

قال الملا يوسف: فقد سمعت عن شيخ من شيوخنا - رحمه الله - وهو الفقيه الإمام العالم صلاتي بن إلياس الملائي أن سبب انحسار إسلام ديلمان تخاصم السيد أبي طالب الأخير والسيد الحسن الجرجاني، وسبب إنحسار إسلام جيلان تخاصم السيد علي الغرنوي والسيد الداودي، وأحببت ذكر الخلاف لتنبيه الناظر على قبح مغبة الخلاف - نعوذ بالله منه -.
صلاح بن إبراهيم بن علي المرتضى الوزيري [ - ق 9 ه‍ ]
السيد الهمام العالم الكبير حافظ علوم آبائه محيي مآثر الكرم العابد الزاهد صلاح بن إبراهيم بن علي بن المرتضى صنو السيد الحافظ الهادي بن إبراهيم بن علي المرتضى الوزيري.
قال السيد العلامة الهادي بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن صلاح بن إبراهيم، هو تلو أخيه الهادي في السن، قرأ في صعدة على القاضي عبد الله في الأصولين، وكان يستجيده القاضي ويعظم أنظاره، وفي علوم الأدب على صنوه الهادي وعلى غيره، وكذا في سائر الفنون، وقرأ بصنعاء تذكرة النحوي إلى الشفعة، وكانت له في الفروع يد قويَّة، وقرأ على الفقيه العلامة علي بن عبد الله بن أبي الخير في الأصولين ومهر في الفنون وفي البلاغة والأدب واللغة العربية، وكان له الشعر الجيد، وكان بينه وبين الإمام المهدي أحمد بن يحيى - عليه السلام- مودة عظيمة، وخرج معه إلى بيت بوس ثم انقطع إلى العبادة والذكر، وحج حجتين إلى بيت الله الحرام ماشياً،

ولزم مسجد الهجرة بشظب يقوم فيه بعض الليل وأكثر النهار لا يكلم أحداً حتى ولده، وحكي أنه أذَّن خمسين سنة في ذلك المكان للفروض الخمسة، وكان يربع التكبير في الأذان، كثير الصمت إذا نطق فمن أحسن الناس وأسرعهم جواباً وأكثرهم إصابة في المراجعات والمحاورات، وكان خطيباً أديباً أريباً، وتوفي والده - رحمه الله - فكان أخوه الهادي هو الذي يتولى أمر أخويه لصغرهما، وكفلهما مدَّة حتى بلغا مبلغ السادة، وأحرزا قصب السبق في السيادة، فكان من حي سيدي صلاح ما يقع من بعض الإخوة من قساوة الطبع وعدم التوقير الكلي ومعرفة الحق العارض والأصلي، فكتب إليه أخوه الهادي أبياتاً عتابية منها:ـ
أُخيَّ لنكتة(1) ترك التواخي ... وليس أخو الفتى إلا المؤاخي
رجوت تكون(2) لي ولداً وصنواً ... وعوناً في الشدائد والرواخي
وإن أحد علي بغى بظلمٍ ... صرخت إليه فاستمع اصطراخي
وإن يوماً تكدر لي شرابٌ ... أفاض عليَّ عيناً من نفاخ(3)
أتعرف يا صلاح أبي تولى ... وخلفكم أرَق من الفراخِ
وكنت لكم مكانته فلما ... ترعرعتم قرعتم لي صماخي
__________
(1) في (ب): لنكتةٍ.
(2) في (أ): يكون.
(3) الصواب: نُقَاخ.

91 / 182
ع
En
A+
A-