رجعنا إلى ذكر الأعمش - رحمه الله - كان عالماً ثقة فاضلاً، وكان أبوه من ديناوند(1) وقدم الكوفة وامرأته حامل بالأعمش، فولدته بها، قال السمعاني: وهو لا يعرف بهذه النسبة بل يعرف بالكوفي، وكان يقارن بالزهري في الحجاز.
قال ابن خلكان: وكان لطيف الخلق مزاحاً، جاء أصحاب الحديث(2) ليسمعوا عليه، فخرج إليهم وقال: لولا أن في منزلي من هو أبغض إلي منكم ما خرجت إليكم. وجرى بينه وبين زوجته يوماً كلاماً فدعا /166/ رجلاً ليصلح بينهما فقال لهما الرجل: لا تنظري إلى عمش عينيه، وحموسة ساقيه، فإنه إمام وله قدر، فقال له: أخزاك الله ما أردت إلا أن تعرفها عيوبي.
وقال له داود بن عمرو الحايك ما تقول في الصلاة خلف الحائك؟ فقال: لا بأس بها على غير وضوء، قال فما تقول في شهادة الحائك؟ قال: تقبل مع عدلين.
__________
(1) في (ب): دبناوند.
(2) في (ب): يوماً.

ويقال: إن الإمام أبا حنيفة - رضي الله عنه - عاده يوماً في مرضه فطوّل القعود عنده، فلما عزم على القيام قال: ما كأني إلا ثقلت عليك، فقال: والله إنك لثقيل عليَّ وأنت في بيتك. وعاده أيضاً جماعة فأطالوا الجلوس عنده فضجر منهم فأخذ وسادة وقال: شفا الله مريضكم بالعافية. وقيل عنده يوماً قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((من نام عن قيام الليل بال الشيطان في أذنه)) فقال ما عمشت إلا من بول الشيطان في أذني. وكانت له نوادر كثيرة، وقال أبو معاوية الضرير: بعث هشام بن عبد الملك إلى الأعمش أن اكتب إليَّ مناقب عثمان ومساوئ علي، فأخذ الأعمش القرطاس وأدخله في فم شاة فلاكته وقال لرسوله: قل له هذا جوابك، فذهب الرسول، ثم عاد وقال: إنه ذهب إلى أن يقتلني إن لم آته بالجواب ويحمل عليه بإخوانه، فقالوا له: أفده من القتل، فلما ألحوا عليه كتب له: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فلو كان لعثمان - رضي الله عنه - مناقب أهل الأرض ما نفعتك، ولو كان لعليٍّ مساوئ أهل الأرض ما ضرتك فعليك بخويصة نفسك والسلام.
مولده سنة ستين من الهجرة، وقيل: إنه ولد يوم مقتل الحسين - رضي الله عنه - وذلك يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وكان أبوه حاضراً قتل الحسين - عليه السلام- وعدَّه ابن قتيبة من جملة من حملت به أمه سبعة أشهر. توفي سنة ثمانٍ وأربعين(1)، وقيل سنة تسع وأربعين.
قال زائدة بن قدامة: تبعت الأعمش يوماً فأتى المقابر فدخل في قبر محفور فاضطجع فيه، ثم خرج منه وهو ينفض التراب من رأسه ويقول: يا ضيق مسكناه - رحمه الله - ودُنْبَاوَنْد - بضم الدال المهملة وسكون النون وفتح الباء الموحدة وبعد الألف واو مفتوحة ثم نون ساكنة بعدهما دال مهملة - وهي ناحية من رستاق الري في الجبال وبعضهم يقول: دمناوند والأول أصح.
__________
(1) زيادة في (ب): ومائة، شهر ربيع الأول، وقيل سنة سبع وأربعين، وقيل: سنة تسع وأربعين.

قلت: ومن شعره ما كتب به إلى بعض إخوانه يعزيه:
إني أعزيك لا أني على ثقةٍ ... من الحياة ولكن سُنَّة الدينِ
فما المعزَّى بباق بعد مَيِّتَهُ ... ولا المعزِّي وإن عاشا إلى حينِ
سليمان بن موسى الدواري [ - ]
سليمان بن موسى الدواري - رحمه الله - العالم الكبير الفاضل الشهير سليمان بن موسى - عادت بركاته - ذكره المقرائي بما يدل على جلالة قدره، وعظم شأنه.
قلت: وهو شيخ العلامة علي بن أسعد الحظوار.
سليمان بن ناصر الدين بن سعيد السحامي [ - ق 7 ه‍ ]
شيخ العصابة، وإمام(1) الإصابة مطلع (شمس الشريعة)، ومظهر عجائب الإسلام البديعة، سليمان بن ناصر الدين بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن أحمد بن كثير السحامي، عالم العلماء وواحد الفضلاء، أحد أساطين الفقه، حفظ القواعد، وقيَّد الشوارد، وهيمن على كتب العراقين واليمن، واستخلص من ذلك كتاب شمس الشريعة الفائق في أسلوبه الغريب في جمعه وجودة تركيبه، وفيه يقول إمام زمانه المنصور بالله عبدالله بن حمزة - عليهما السلام-.
أهلاً بصدر شريعةِ الإسلامِ ... وبأوحدٍ في ديننا علاَّمِ
/167/
أعني سلالةَ ناصرٍ علم الهدى ... حِلف التقى ومبيَّن الأحكامِ
نجل ابن ناصر علم آل محمد ... فأتَى بياقوتٍ ودرَّ نظامِ
فجزاك ربك عن سلالة أحمد ... خير الجزا وحباك بالإنعامِ
وهو من بيت علم وفضل ومحل منيف، يسكنون صُرحَة(2) - بالصاد مهملة مضمومة بعدها راء مهملة مفتوحة ثم حاء مهملة - من جهة بني مسلم، كذا ذكره علي بن نشوان بن سعيد، وقد نقل بعض المعتنين بهذه أن مسكنه هجرة شوحط قرب (قرَن)، وولده بها وذريته.
__________
(1) في (ب): أهل.
(2) صِرْحَة: بكسر فسكون، قرية أثرية بسفح جبل بني مسلَّم، تبعد عن مدينة ((يريم)) بمسافة 17 كيلو متراً غرباً، (معجم المقحفي، ص902).

قلت: ولا يمتنع اجتماع الأمرين، وكان للقاضي عادت بركاته عناية كاملة في استصلاح العامَّة والدعاء إلى الحق وإشادة الآثار الصالحة، فصلح بحميد سعيه في ذلك الإقليم خلائق دعاهم إلى مذهب العترة - عليهم السلام- فدانوا بذلك، واشتهر العدل والتوحيد وتنزيه الله (سبحانه)(1)، وكان يحمل إلى المنصور بالله - عليه السلام- الأموال الواسعة، ويحملها الجمال والدواب أثقالاً كثيرة، وكان أحد المجاهدين المناصرين المراغمين لأعداء الله، ففاز بحلّتي الجهاد والاجتهاد، قال بعض شيوخنا: إن مؤلف البيان المعروف (ببيان السحامي) أخوه وهو علي بن ناصر، وتعقبه بعض المطلعين من شيوخنا بأنه ابن أخيه، فهو علي بن الحسن بن ناصر الدين.
قال السيد العلامة علي(2) بن عبدالله بن الوزير: إنه أخوه كما حكيناه عمن سبق، وكان شيخنا القاضي أحمد بن سعد الدين يرجح الثاني، وفي هذا نقل مفيد غاب عني عند الرقم.
قال السيد شمس الدين: وكانا مطرفيين فرجعا إلى الحق، وصنف سليمان (شمس الشريعة) في فروع الفقه و(النظام) في أصوله، وكانا من تلامذة الإمام الأعظم المتوكل على الله أحمد بن سليمان - عليهما السلام- وتوفي في ……(3) ودفن بقرية (جبن) (4).
سليمان بن هيجان بن القاسم [ - ]
السيد العلامة الكبير صدْر المفرعين سليمان بن هيجان بن القاسم بن يحيى بن حمزة بن أبي هاشم - عليهم السلام- هو صاحب المذاكرة المشهورة، وكان عالماً كبيراً.
قال شيخنا شمس الدين - رحمه الله -: هذه المذاكرة هي بيان ابن معرف، وهو المسمى (بالمنهج المنير الجامع لفوائد التحرير)، سمي بالمذاكرة لمذاكرة السيد سليمان به شيخه ابن معرف رحمه لله، وقال ابن نزار - رحمه الله -: إن البيان غير المنهج، والله أعلم.
__________
(1) سقط من (ب).
(2) في (ب): أحمد بن عبد الله الوزير.
(3) بياض في النسختين.
(4) جُبَن: بضم ففتح، مدينة في الجنوب الغربي من مدينة رداع بمسافة نحو 50 كيلو متراً. (معجم المقحفي، ص 286).

سليمان بن يحيى الثقفي [ - ق 6 ه‍ ]
الشيخ الهمام العارف ولي آل محمد سليمان بن يحيى الثقفي، جامع سيرة الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان - سلام الله عليهما - وهي دالة على تمكنه في العلم، وحسن تعبيره في القول يدل على فضلٍ ومكانة في العلم - أعاد الله من بركته-(1).
سليمان بن يحيى بن الحسين الحمزي [ - ]
السيد الإمام سليمان بن يحيى بن الحسين الحمزي، أحد جدود الإمام المتوكل على الله المطهر بن محمد.
قال مؤلف سيرة المتوكل عند عدّه للجدود، الرابع جده السيد الفاضل العالم العامل الورع الكامل ذو الكرامات الباهرة والفضائل الطاهرة الذي سخر الله له ولزوجته الشريفة الفاضلة مهدية بنت فليتة نمراً يسرح مواشيهما ويرعاها، ثم يروحها، استمرت بذلك عادته كالأجير الناصح المواظب، وكانا يكرمان الضيف لأن منزلهم على ممر أهل المشرق والمغرب، وكانا يفعلان لأهل كل جهة ما يوافقهم من المعيشة إكراماً لهم، بذلك اشتهر، وانتشر فضلهم.
سليمان بن يحيى القاسمي [ - 815 ه‍ ]
السيد الفاضل الكامل شيخ العترة سليمان بن يحيى /168/ القاسمي - رضي الله عنه - كان من عيون الأعيان، ومن أفراد الزمان، ذكره السيد العلامة الحافظ الهادي بن إبراهيم بن الوزير، وإليه لمح في قصيدته المسمَّاه رياض الأبصار بقوله:
وبالقاسميّ بن الأئمة والندا ... سليمان من علياه للنجم يعتلي
قلت: سكن حبور وأوطنها وبها توفي - رضي الله عنه - وممَّا كتبه إليه بعض شيوخ العترة، وقد فارقه بحبور:
تودعتُ الأحبَّة من حبورٍ ... أظل زمانهم مزن الحبورِ
فكنت كمن يودع روح صدر ... وهم لا شك أرواح الصدورِ
فرعياً ثم رعياً ثم رعياً ... لمن هم كاللآلئ في النحورِ
خلائقهم رياض الروض نوراً ... ومن أخلاقهم نور البدورِ
__________
(1) في (أ): عاد الله من بركته.

جَحاجِجَةٌ غطارفةٌ كرامٌ(1) ... تفيض أكفهم فيض البحورِ
أفاض الله مالاحت بُروق ... عليهم دائماً سحب السرورِ
ولا سيما سليمان بن يحيى ... فعمره الإله مدى الدهورِِ
نشأ طهراً ولا عجب إذا ما ... (2)
حوى علماً وحلماً واحتمالاً ... وإصلاحاً ونظماً للأمورِ
أليف الضيف تلقاه ضحوكاً(3) ... يلُوح بوجهه نورُ السرورِ(4)
فدام معمراً ما لاح برقٌ ... وما صدحت حمامات الزهورِ
سليمان بن يحيى بن محمد الصعيتري [ - 815 ه‍ ]
العلامة المحقق وجيه الإسلام، وحيد المفرعين، ولسان المحصِّلين، سليمان بن يحيى بن محمد بن يحيى الصعيتري بن بنت العلامة الحسن بن محمد النحوي، هو (5) مؤلف (البراهين)، وناهيك بذلك دليلاً على علمه وتحقيقه، وله شرح آخر على (تذكرة) جدِّه - رحمه الله - ومن شروح التذكرة [المصابيح](6) لمحمد بن حسن المقرائي والد الفقيه يحيى و(الرياض) للفقيه يوسف و(الكواكب) ليحيى بن مظفر و(تعليقة ابن مفتاح) و(التبصرة) للسيد الحمزي وللخالدي تعليق ومما كتب على صخره الموضوع على قبره:
قد كان أشهر من نارٍ على علم ... بين الرجال ومن داع على فننِ
أحاط بالفقه حتى صار مجتهداً ... ونال ما عجزت عنه بنو الزمنِ
مع الحداثة في سنٍ فوا أسفا ... عليه لو عاش ما أحيا من السننِ
ما زال بالعلم مشغوفاً ومعتمداً ... فيه إلى أن ثوى في اللحد والكفنِ
قد كان في دهره بحراً وطود هدى ... لطالب العلم من شام ومن يمنِ
__________
(1) جَحَاجِحَةٌ: مفردها: جَحْجَح: السَّيِّد. (القاموس المحيط، ص 209). غَطَارفةٌ: مفردها: غِطْريف، والغِطْرِيْف: السيد الشريف، والسخيُّ السَّرِيُّ، والشاب. (المرجع السابق ص 777).
(2) فراغ في (أ) و (ب).
(3) في (أ): ضحاكاً.
(4) هذا البيت سقط من (أ).
(5) في (أ): هو من مؤلف.
(6) سقط من (أ).

كانت وفاته - رحمه الله تعالى - ليلة الثلاثاء، لعله ثاني عشر من جمادى الأخرى سنة خمس عشرة وثمانمائة، ودفن بجربة الروض في حوطة القاضي الحسن بن محمد النحوي - رحمهم الله تعالى -.
سليمان بن يحيى النحوي [ - ]
العلامة الفقيه سليمان بن يحيى النحوي، ترجم له بعض آل النحوي، وأثنى عليه بالعلم - رحمه الله تعالى -.
سليمان بن يحيى العاضل [ - ]
العلامة الفاضل سليمان بن يحيى العاضل من أهل (منقذة)، وهو من تلامذة أحمد بن علي البشاري، قرأ عليه هو والفقيه يوسف بن أحمد - رحمه الله -.
سورة بن كليب الزيدي [ - ق 2 ه‍ ]
العالم الكامل حجَّة الإسلام سورة بن كليب الزيدي - رضي الله عنه - أحد أعلام الزيدية، وصاحب العناية بلسانه وسنانه، صحب الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي - عليهم السلام- وكان ثقة في أموره، ومفزعة في مهمَّاته البشرية، ترجم له في رجال الزيدية البغدادي وغيره.
أبو السعود بن عبد الله [ - ق 7 ه‍ ]
أبو السعود بن عبد الله الإمام العالم الفقيه من أعيان المائة السابعة، ذكره السيد يحيى بن القاسم - رحمه الله -.
/169/ أبو السعود بن فتح [ - ]
شيخ الزيدية العلامة أبو السعود بن فتح، هو إمام اللغة، وسيبويه اليمن، فاتح المرتجات، صاحب التصانيف، ذكره المقرائي في نزهته، وقال: صاحب موضوعات وتصنيفات(1)، وهو أحد رجال الزيدية فضلاً وعلماً، وكان مسكنه ببلاد (آنس)، قال: قيل هذا وهو الذي ذكره الأمير الحسين في (الشفاء).
__________
(1) في (ب): وتأليفات.

قلت: يلمح إلى ما في كتاب الحيض من كتاب الشفاء، فإنه لمَّا قال الأمير: إن الشطر في لغة العرب لا تحيض بمعنى النصف، قال: ومما يحكى في ذلك أن الشيخ أبا السعود بن فتح النحوي استزاد رجلاً إلى بلدٍ جوَّز حصول رزق منها، وشرط له شطر ما يحصل له، فلما حصل له ما توسمه وحضرا جميعاً للمقاسمة فقسم له أبو السعود بعض ما حصل له دون النصف، فاختصما، وترافعا إلى أهل العلم، فقرر عليه أبو السعود، أنه شرط شطر المحصول، فلما قرره عليه حكم العلماء بثبوت ما فعله أبو السعود وسقط ما توهمه صاحبه. انتهى
وقال ابن الوزير في تاريخ أهله عند تعداد جماعة من علماء الزيدية.
أبو السعود بن المبارك:
ومنهم أبو السعود بن فتح شارح مختصر أبي عباد: له معرفة جيدة في اللغة والعربيَّة، وقال بعض أصحابنا في ترجمة له: إنه سكن (ألهان).
قلت: مختصر أبي عباد كتاب في النحو معتمد.
قال السيد شمس الدين أحمد بن عبد الله فيما أحسب له عدَّة شروح، وكان آل أبي عباد نحاة اليمن والجلال السيوطي، ذكرهم فقال: إبراهيم بن أبي عباد التميمي النحوي، وهو ابن أخي الحسن بن إسحاق بن أبي عباد النحوي.
قال ياقوت من آل النحويين باليمن: وله تصانيف في النحو مختصرات سمَّى أحدهما (التلقين) والآخر يعرف (بمختصر إبراهيم)، ومات متأخراً بعد الخمس المائة، ولهم التحقيق البليغ، وممَّن شرح مختصر أبي عباد العلامة علي بن رزين(1)، وكان إمام وقته في لسان العرب والعروض والحساب والهندسة، قال القاضي أبو الخير أحمد بن عبد السلام بن أبي يحيى والد القاضي جعفر إنه لا يعلم أحداً ممن أدرك في اليمن كعلي بن أبي رزين وأخيه موسى، وقال إبراهيم الصبري مثل ذلك وابنا رزين والصبري من رجال المطرفية، وفي المطرفية من يعرف بأبي السعود جماعة منهم أبو السعود بن المبارك، وهو من أقدم طبقاتهم.
أبو السعود بن زيد بن الحسن
__________
(1) في (ب): بن أبي رزين.

ومنهم أبو السعود بن زيد بن الحسن بن علي، نسبته في بني مطعم من أهل تنعم من مشرق خولان العالية، وكان رجل هذه الطائفة بليغاً إلى الغاية، له شعر سيال ودارت بينه وبين العلامة محمد بن حميد الآتي ذكره مشاعرة، ولابن حميد أرجوزة في أصول المطرفية وأجابه أبو السعود هذا وأقذع في حق محمد بن حميد على جلالته، ومنها في ذكر محمد بن حميد - رحمه الله -.
هل أنت إلا ابن حميد لا غير ... فاعرف مدا قصدك(1) واقصد في السير
أولا فهملج ممعناً فلا ضير ... فالطرف لا يبهره جري العير
فيقال: إن محمد بن حميد سلط عليه من قتله، وكان محمد بن حميد إماماً في العلوم وجيهاً مسموع الكلمة، واشتد غضب السلاطين مع ابن حميد على أبي السعود لقوله في الأرجوزة:
يا لهف نفسي واضطرام وجدي ... على القنا السمر وبيض الهندِ
ومقربات كالسعال جردي ... تردي بأبطال كمثل الأسدِ
في جحفل ذي لجب جرارِ ... بين يدي مُهذَّب مغوارِ
/170/
محمدي ساطع الأنوار ... يثأر للحق بذي الفقار
فيقال: إنهم دسوا عليه من قتله بتفاضل من قرى جهران أرسلوا رجلين فوجدوه قد خرج لغسل ثيابه على بعض المياه فقتلاه، ومن هذه الأرجوزة:
ويل لمن لم ينتفع بعقله ... ويجتنب باب الردى ونقله(2)
ولم يزعه علمه عن جهله ... ويعتبر بمن مضى من قبله
كم ملكٍ قد كان إذا واعده ... واستصهد البلدان بالبطش الأ(شد)(3)
آلت يد الأيام ما كان أجد ... وافترسته بشبا الناب الأحد
أين ملوك حمير وكهلان ... والفرس والروم معاً ويونان
والأولون من ملوك كنعان ... أضحوا رفاتاً في رميم الأكفان
قد ضيعوا ما جمعوا من مالِ ... وأصبحوا رهائن الأعمالِ
ليوم بعث الأعظم البوالي ... والعرض في الموقف للسؤال
ومن جملتها:
آمنت بالله وبالشريعة ... مقتدياً بعلماء الشيعة
الفرقة السامعة المطيعة ... أرجو بذاك الدرج الرفيعة
__________
(1) في (ب): قدرك.
(2) في (ب): ويقله.
(3) سقطت من (أ).

بالطيبين من بني الفواطمِ ... بني النبي الأبطحي الهاشمي
كمثل يحيى والإمام القاسمِ ... والمرتضى البر التقي العالمِ(1)
ما ضل دين أبرموا أحكامه ... عن ربهم وأحكموا إبرامه
وهي طويلة جداً، ومما كتبه السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير صاحب العواصم من شعره
ابدأْ من العلم بالتوحيد مجتهداً ... في علمه تعرف الأقوال والمللا
حتى إذا اطَّرد التوحيد منبسطاً ... في القلب منك وأجني غرسه وحلا
فاعرف من الفقه حظاً يستضاء به ... وحاذر العجر والتفريط والكسلا
من لم يعاود نضالاً ثم ناضله ... معاود ذات يوم جهرَة بصلا
أبو السعود بن المنصور
ومنهم أبو السعود بن المنصور أبي ثور الأبهري الحنبصي، وكان من كبار أهل التطريف، ومن شعره إلى عليان بن سعد رئيس المطرفيَّة:
بلغ الأريحي عليان عني ... وجميع الإخوان مما يليهِ
إنني(2) مصطفٍ من الدين ما كا ... ن نبي الهدى لنا يصطفيهِ
مذهبي مذهب الأئمة زيد بـ ... ـن عليٍ وقاسمٍ وبنيهِ
لستُ إن كنت ذا اعتراض أرى
الجبـ ... ـر أو الاختراع والتشبيهِ
عذت بالله من مقالٍ بديعٍ ... واعتقاد لديه لا يرضيهِ
أنشد له بهذا الشعر السيد الإمام المعروف حافظ الإسناد محمد بن عبد الله بن الهادي الوزير.
__________
(1) زيادة في (ب): إلى قوله.
(2) في (ب): إنني.

87 / 182
ع
En
A+
A-