بن عليّ إمام الزيدية، ذكره ابن حجر، قال ابن الجوزي: كل إمام من الأئمة المتبوعين في المذاهب بايع لإمام من أئمة أهل البيت، فبايع أبو حنيفة لإبراهيم بن عبد الله بن الحسن، وبايع مالك لأخيه محمد، وبايع الشافعي لأخيهما يحيى، نقل ذلك العامري في (الرياض المستطابة).
قلت: وقد حكى بيعة الشافعي - رضي الله عنه - ليحيى الذهبي في (النبلاء)، وحكى بيعة أبي حنيفة لإبراهيم في (الضياء المعنوي) شرح مقدمة الغزنوي (1) تأليف الشيخ محمد بن أحمد القرشي الحنفي، وهو من أجلَّ كتب الحنفيَّة.
قلت:وحكى ذلك الطحاوي أيضاً، وحكى العلامة البغدادي ما لفظه: كان أكثر الفقهاء في الصدر الذي فيه زيد بن علي - عليه السلام- على رأيه، ثم بعده كذلك فأبو حنيفة من رجاله وأتباعه في كل كتاب من كتب أهل المقالات، وكذا صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن والشافعي تلميذ لمحمدبن الحسن، وكان داعياً ليحيى بن عبد الله بن الحسن الإمام في زمان هارون الرشيد وشر……(2) بنو العباس لأجل ذلك وكذا كانت ……(3) في غير الفقه على رجلين من أتباع زيد بن علي وهما أجلاء أهل الحق أحدهما يحيى بن خالد الرنجي، والآخر إبراهيم بن يحيى المدني، وكذا مالك الفقيه، كان يفتي من سأله بالقيام مع محمد بن عبد الله النفس الزكية على المنصور أبي الدوانيق وشيخه جعفر الصادق /162/ في الحديث فلا مذهب أقدم من مذهب زيد بن علي - عليهما السلام- ولا أفضل، وكيف لا يكون كذلك؟ وهو يرويه عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ليس بينه وبينه إلا رجلان، انتهى بلفظه.
__________
(1) كذا في (أ) وفي (ب): الغربوي.
(2) فراغ في (أ)، (ب)، ولعلها: وشرره.
(3) فراغ في (أ)، (ب).
ولأبي حنيفة - رحمه الله - مشيخة من سادات الزيدية، قال القريني الحنفي: منهم زيد بن علي وأخوه الباقر وابنه الصادق والحسن بن الحسن وعبد الله الكامل، وقد كان للأعمش - رحمه الله - في ولاء أولاد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مقامات لا تنكر.
وتخوَّف على نفسه من الخلفاء، وقد ترجم له المعادي والموالي، وذكره السيد الصارم في (العلوم) والقاضي في (المسلك)، ولفظهما سليمان بن مهران الكاهلي الأعمش، وهو من أعلام الزيديَّة، قال عيسى بن يونس: حدثنا الأعمش بأربعين حديثاً فيها ضرب الرقاب لم يشركني فيها غير محمد بن إسحاق، وقضيته مع المنصور مشهورة، روى عنه الجماعة.
قلت: وقولهما: قضيته مع المنصور مشهورة هي ما حاصله أن المنصور طلبه ذات ليلةٍ قال الأعمش: ففكرت في نفسي، فقلت: ما دعاني في هذا الوقت لخير، ولكن عسى أن يسألني عن فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فإن أخبرته قتلني، قال: فتطهرت ولبست أكفاني وتحنطت، ثم كتبت وصيتي ثم صرت إليه فوجدت عنده عمرو بن عبيد فحمدت الله على ذلك، فقال لي: ادن يا سليمان، فلما دنوت فاح له ريح الحنوط فقال: ما هذه الرائحة أصدقني وإلا قتلتك فصدقته فحوقل، ثم قال: تعرف يا سليمان ما اسمي، فأخبرته أنه عبد الله الطويل بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبَّاس، قال: صدقت، فأخبرني بالله وبقرابتي من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كم رويت في عليّ من فضيلة من جميع الفقهاء؟ وكم يكون؟ قلت: يسيراً يا أمير المؤمنين، قال: علي ذلك، قلت: عشرة آلاف، قال: فقال يا سليمان لأحدثنك في فضائل علي - عليه السلام- حديثين(1) يأكلان كل حديث رويته عن جميع الفقهاء فإن حلفت لي ألاَّ ترويه لأحد من الشيعة حدَّثتك، فقلت: لا أحلف، ولا أخبر بهما أحداً، فقصَّ له المنصور الحديثين في سياق قصَّة طويلة هي موجودة في كتب الحديث، ذكرها الحاكم في (الجلاء) وحُميد في (الحدائق)، وفي آخر الحديث أنه لما ورد الشام وأهله كلهم نواصب اجتمع برجل محب لأمير المؤمنين له شأن عظيم فتهاداه هو وأخواه وأحد الأخوين كان منحرفاً عن أمير المؤمنين - كرم الله وجهه - وكان إماماً لقوم، وكان إذا أصبح لعن علياً - كرَّم الله وجهه - ألف مرَّة كل غداة وأنه لعنه يوم الجمعة أربعة آلاف مرّة فغير الله ما به من نعمة، فتاب، وصار يحب علياً، وواعده الشيخ الذي قدم عليه أولاً ليتصل بأخويه فوافق أحدهما فأجازه عشرة آلاف درهم، ثُمَّ واعده لغده إلى مسجدٍ يصلي فيه أخوهما الذي كان يلعن (علياً)(2) أمير المؤمنين، قال: فلما أصبحت في الغد قصدت المسجد فتشابهت
__________
(1) في (أ): حديثان.
(2) سقطت من (ب).
عليَّ الطريق فسمعت إقامة الصلاة في مسجد، فقلت: والله لأصلين مع هؤلاء القوم، فنزلت عن البغلة ودخلت المسجد فوجدت رجلاً قامته مثل قامة صاحبي، قلت: لعله يعني الأخ الأول ويحتمل الثاني فصرت عن يمينه، فلمَّا صرنا في ركوع وسجود إذا عمامته قد رمى بها من خلفه فتفرَّست في وجهه فإذا وجهه وجه خنزير ورأسه وخلفه ويداه ورجلاه، فلم أعلم ما صليت وما قلت في صلاتي متفكراً في أمره، وسلم الإمام وتفرس في وجهي وقال: أنت الذي أتيت أخي بالأمس فأمر لك بكذا وكذا؟ قلت: نعم، فأخذ بيدي وأقامني فلما رآنا أهل المسجد /163/ تبعونا فقال للغلام: أغلق الباب ولا تدع أحداً يدخل علينا، ثم ضرب بيده إلى قميصه فإذا جسده جسد خنزير فقلت: يا أخي ما هذا الذي آرى بك؟ قال: كنت مؤذن القوم وكنت كل يوم إذا أصبحت ألعن علياً ألف مرَّة بين الأذان والإقامة، قال: فخرجت من المسجد ودخلت داري هذه، وهو يوم جمعة وقد لعنته أربعة آلاف مرَّة، ولعنت أولاده فاتكأت على الدكان فذهب بي النوم فرأيت في منامي كأنما أنا بالجنَّة قد أقبلت فإذا علي فيها متكئ والحسن والحسين معه متكئين، بعضهم ببعض مسرورين تحتهم مصليات من نور وإذا أنا برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - جالس والحسن والحسين قدَّامه وبيد الحسن كأس فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للحسن: اسقني. فشرب، ثم قال للحسين: اسق أباك علياً. فشرب، ثم قال للحسن: اسق الجماعة. فشربوا، ثم قال: اسق المتكئ على الدكان.
فولَّى الحسن بوجهه، وقال: يا أبة كيف أسقيه وهو يلعن أبي كل يوم ألف مرَّة، ولقد لعنه اليوم أربعة آلاف مرَّة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: مالك لعنك الله تلعن علياً، وتشتم أخي لعنك الله، تشتم أولادي الحسن والحسين، ثم بصق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فملأ وجهي وجسدي فانتبهت من منامي فوجدت موضع البصاق الذي أصابني من بصاق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد مسخ كما ترى، ثم قال: يا سليمان أسمعت في فضائل علي أعجب من هذين الخبرين؟
قلت: هما خبران طوينا ذكرهما للإختصار، يا سليمان حب علي إيمان، وبغض علي نفاق، لا يحب علياً إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا كافر، فقلت: يا أمير المؤمنين الأمان، قال: لك الأمان، قال: قلت: فما يقول أمير المؤمنين فيمن قتل هؤلاء؟ قال: في النار لا أشك، قال: قلت: فما تقول فيمن قتل أولادهم وأولاد أولادهم؟ قال: فنكس رأسه، ثم قال: يا سليمان الملك عقيم، ولكن حدث عن فضائل علي بما شئت، قال قلت: فمن قتل ولده فهو في النار، قال عمرو بن عبيد: صدقت يا سليمان، الويل لمن قتل ولده، قال المنصور: يا عمرو اشهد عليه أنه في النار، فقال: أخبرني الشيخ الصدوق - يعني الحسن- عن أنس أن من قتل أولاد علي لا يشم رائحة الجنة، قال: فوجدت أبا جعفر قد خمص وجهه، قال: وخرجنا قال أبو جعفر لولا مكان عمرو ما خرج سليمان إلا مقتولاً.
ويشبه هذه القصة ما حكاه التنوخي قال: حدث أبو الفرج عبد الواحد بن نصر المخزومي المعروف بالببغاء، وكتبه بإملائه، قال: كنت بصور في سني نيف وخمسين وثلاثمائة عند أبي علي بن محمد بن علي المستأمن، إنما لقب بذلك لأنه استأمن من عسكر القرامطة إلى أصحاب السلطان بالشام، وهو على حماية البلد، فجاءه قاضيها أبو القاسم بن أبان، وكان شاباً أديباً فاضلاً جليلاً واسع المال عظيم الثروة ليلاً، فاستأذن عليه، فأذن له، ولمَّا دخل إليه قال: أيها الأمير قد حدث الليلة أمر مالنا بمثله عهد وهو أن في هذه البلد رجل ضرير يقوم كل ليلة في الثلث الأخير ليطوف بالبلد، ويقول بأعلى صوته: يا غافلين اذكروا الله، يا مذنبين استغفروا الله، يا مبغض معاوية عليك لعنة الله، وإن رابيتي(1) التي ربتني كانت لها عادة في أن تنتبه على صياحه، فجاءتني الليلة، وأيقضتني، وقالت لي: كنت نائمة فرأيت في منامي كأن الناس يهرعون إلى المسجد الجامع، فسألت عن السبب، فقالوا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هنالك فتوجهت إلى المسجد ودخلته ورأيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على أعْلى المنبر /164/ وبين يديه رجل واقف، وعن يمينه ويساره غلامان واقفان والناس يسلمون على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ويرد - عليهم السلام- حتى رأيت الضرير الذي يطوف في البلد ويذكر ويقول: كذا وكذا وأعادت ما يقول في كل ليلةٍ فدخل فسلم على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فأعرض عنه، وعاوده فأعرض عنه، وعاوده ثالثة فأعرض، فقال الرجل الواقف: يا رسول الله رجل ضرير من أمتك يحفظ القرآن يسلم عليك فلم حرمته الرد عليه؟ فقال له: يا أبا الحسن، هذا يلعنك ويلعن ولدك منذ ثلاثين سنة، فالتفت الرجل الواقف فقال: يا قنبر فإذا بالرجل قد بدر فقال أصفعه فصفعه صفعة خرَّ على وجهه، ثم انتبهت فلم أسمع صوتاً، وهذا الوقت الذي جرت عادته فيه بالصياح والطواف والتذكير.
__________
(1) في (أ) و (ب): رابتني.
قال أبو الفرج الأصبهاني(1): أيها(2) الأمير فتنفذ من يعرف خبره فأنفذنا في الحال رسولاً قاصداً يخبر أمره فجاءنا يُعرفنا أن امرأته ذكرت أنه عرض له في هذه الليلة حكاك شديد في قفاه، فمنعه من الطواف(3) والتذكير، فقلت: لأبي علي المستأمن أيها الأمير هذه آية ونحب أن نشاهدها، فركبنا وقد بقيت من الليلة بقية يسيرة وجئنا إلى دار الضرير، فوجدناه نائماً على وجهه يخور، فسألنا زوجته عن حاله فقالت: انتبه وحك هذا الموضع وأشارت إلى قفاه وكان قد ظهر فيه مثل العدسة وقد اتسعت الآن وانتفخت وتشققت، فهو الآن على ما تشاهدون يخور ولا يعقل، فانصرفنا وتركناه، فلما أصبحنا توفي وأكب أهل (صور) على تشييع جنازته وتعظيمه.
__________
(1) سقط من (ب).
(2) في (ب): وسندها.
(3) في (ب): التطواف.
قال أبو الفرج: واتفق أني لما وردت إلى باب عضد الدولة بالموصل في سنة ثمانٍ وستين وثلاثمائة لزمت دار خازنه أبي نصر خرشد بن ديارما(1) فيه، وكان يجتمع فيها كل يوم خلق كثير من طبقات الناس، فحدثت بهذه الحكاية جماعة في دار أبي نصر منهم القاضي أبو علي التنوخي - رحمه الله - وأبا القاسم الحسين بن محمد الحياني وأبا إسحاق(2) النصيبي وابن طرفان وغيرهم، فكلهم رد علي واستبعد ما حكيته على أشنع وجهٍ غير القاضي أبي علي - رحمه الله - فإنه جوز أن تكون هذه القصة صحيحة، وشيّدها(3) وحكى في معناها ما يقاربها، ثم مضت على هذه مدَّة يسيرة فحضرت دار أبي نصر على العادة، فاتفق (أكثر)(4) حضور الجماعة، فلما استقر بي المجلس سلم علي فتى شاب لم أعرفه فاستبنته فقال: أنا ابن القاسم بن أبان قاضي صور، فأقسمت بالله يميناً مكرَّرة مؤكدة وبأيمان كثيرة مغلظة محرجة إلا صدق فيما أسأله عنه، فقال: نعم عندي أنك تريد أن تسألني عن المنام والضرير الذكر وميتته الظريفة؟ فقلت: نعم هو ذلك فبداهم فحدثهم بمثل ما حدثتهم به فعجبوا من ذلك، واستظرفوه.
__________
(1) في (ب): ديار بن ما فيه.
(2) في (ب): إسحاق.
(3) في (ب): وسندها.
(4) ساقطة من (ب).
ويشبه هذا ما حكى العلامة المهدي بن أحمد الرخمي - رحمه الله - أنه اطلع على نسخة أنوار اليقين في شبابه فوجد حاشية فيها بخط ابن معتق الصعدي، يروي عن خاله أنه سافر إلى أرض الحسا(1) والقطيف فوجدهم يسبون علياً - كرم الله وجهه في الجنة- ثُمَّ سافر مرة أخرى فوجدهم يرضون عنه فسألهم عن قضيتهم أنهم يسبون في السنة الأولى، ويرضون في الثانية فأخبروه أنه أراد رجل منهم الحج، وكان لهم قاضٍ يسب علياً، ويسبون معه، فلما خرج الذي أراد الحج من بيته قاصداً مكة والمدينة خرج معه أهل البلد والقاضي معهم فودَّعهم وودعوه، وقال له القاضي: متى قدمت المدينة ودخلت قبَّة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فأبلغه مني /163/ السلام، وسلم على أبي بكر وعلى عمر، ثم تصعد منبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - والعن علياً ثم إن الرجل عزم لوجهه فلمَّا [بلغ] المدينة دخل المسجد وسلم على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وعلى أبي بكر وعمر وأبلغ السلام عن القاضي من ذكر، ثم صعد المنبر فأراد(2) يلعن علياً عن القاضي فارتعدت فرائصه، وخاف خوفاً شديداً، ولم يتكلم بالسب، ثم إنه أقام تلك الليلة في مسجد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فرأى في المنام أنه في بيت القاضي وإذا علي - عليه السلام- قد دخل عليه منزله وهو غضبان، وفي يده اليمنى مدية وفي اليسرى قطنة، فوثب على القاضي فذبحه بالمدية ومسح المدية بالقطنة وتركهما في كوّة قرب سقف المنزل فانتبه الرجل من ساعته فأرَّخ الوقت والساعة، وقضى وطره، ورجع إلى بلده فلقيه أهل البلد وتخلف القاضي لم يرَه، فقال لهم: نريد بيت القاضي للسلام عليه فقالوا: إن القاضي قتل غيلة في منزله فقال: ندخل المنزل فلما دخل بهم المنزل أخبروه بما كان وأنه كان في ساعة كذا في ليلة كذا وهي الساعة التي رآها في النوم فقال لهم: ائتوني بمعراج ففعلوا فرقا فيه فوجد
__________
(1) لعلها: الاحساء.
(2) في (ب): وأراد.
المدية في الكوة والقطنة فقص عليهم الرؤيا فتركوا السب، وأبدلوه بالترضية.
قلت: كان القاضي المهدي من أجلاء العلماء، وهو أحد شيوخ الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد - رضي الله عنه - وسيأتي له - إن شاء الله - ترجمة.
وقريبٌ منها ما حكاه العلامة الحسن بن علي بن حنش - رحمه الله - وحكاها أيضاً غيره حتى إنها قريب التواتر، فلقد رأيتها من عدة طرق ولكني أحببت نقلها من هذه الطريق وأمثال هذا يكفي فيه الطريق الظنيَّة، بل قالوا: يكفي في الفضائل ما هو دون هذا، قال العلامة الحسن بن علي روى الشيخ العلامة عبد الله بن بدر الشرفي عن السيد الفضل بن يحيى الحسيني أنه قال: كنت أنا ورجل من أصحابنا الزيدية في (تعز) العدينية، فدخلت أنا وهو بعض مدارسهم، وحضر بعض الصلوات، فقال صاحبي في أذانه: حي على خير العمل، فسمعه بعضهم فقال لشيخ تلك المدرسة: ما هذا المذهب الذي يذكر فيه حي على خير العمل؟ فقال له الشيخ: هذا مذهب الزيدية، فقال: وإلى من ينتسبون؟ فقال الشيخ إلى رجل يقال له زيد بن علي، ولعنه المقرئ وأنا أسمع أنا وصاحبي فهممنا بقتله، وخرجنا من المسجد، فلما بلغنا المنزل الذي نحن فيه أدركتنا الندامة على عدم(1) قتله، فأمسينا نعمل كل حيلة ثم عزمنا على أن نقتله الصبح وإن قتلنا غضباً لله ولابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فلما طلع الفجر عدَونا عليه وإذا قد رمي به إلى مكان عالٍ مذبوحاً والأبواب من المسجد مغلقة موثقة، وطلب لينال فلم يمكن الصعود إليه إلا بالسلاليم، وبلغ ذلك السلطان المجاهد، فوقع عنده غاية الموقع وجاؤوا وموضع القطع أسود لم ينزل منه قطرة دم، كأنه حسم بنار، وهذا قليل من فضائله - عليه السلام- وهذا وأمثاله(2) كثيرة لو أردنا نقل فضائل تشبه هذا استوعبنا (الكاغد) والله المستعان.
__________
(1) سقط من (ب): عدم.
(2) في (ب): ومثاله.