زيد بن محمد الداعي [ - ق 3 ه‍ ]
الشريف الكبير الأعظم أبو الحسين زيد بن محمد الداعي الأديب العارف، من بيتٍ (ربحت) أنف الفخر به وشمخت، وثبتت قوائم مجده ورسخت، فهم أحد مفاخر الزيدية بل أحد مفاخر الإسلام.
قال الحاكم في الجلاء(1): كان قاضياً نبيلاً، وكان شاعراً مجيداً، لا يلحق ، أنشد له ابن الشجري وغيره.
قال الناطق بالحق أبو طالب - عليه السلام-: أنشدني مشائخنا بطبرستان لزيد بن الداعي محمد بن زيد ماقاله وهو محبوس ببخارى بعد قتل أبيه - رضي الله عنه -:
إن يكن نالك الزمان ببلوى ... عظمت شدة عليك وحلتْ
وأتت بعدها نوازل أخرى ... خضعت بعدها النفوس وذلت
وتلتها قوارعٌ ناكباتٌ ... سئمت عندها الحياة وملت
فاصطبر وانتظر بلوغ مداها ... فالرّزايا إذا توالت توّلت
وإذا أوهيت قواك وحلتْ ... كشفت عنك جملة وتجّلت
انتهى، وأنشد لي ابن الشجري في الأمالي ما كتبه إلى بعض أصدقائه بعد قتل أبيه، وأسره في الحرب التي وقعت بينهم وبين الخراسانية أصحاب إسماعيل بن أحمد الساماني صاحب ما وراء النهر من أعمال خراسان سنة سبع وثمانين ومائتين وهو يقول:
أسجنٌ وقيدٌ واشتياقٌ وغربةٌ ... ونأيُ حبيبٍ إنَّ ذا لثقيلُ
أيا شجرات الحور من شط هرهرٍ ... لشوقي إلى أفيائكن طويلُ
ألا هل إلى شم البنفسج في الضحى ... لحشْكَرْدَ(2) من قبل الممات سبيلُ
فبلغ الشعر إلى إسماعيل بن محمد فرَق له ودعاه، وخيَّره بين الرجوع إلى وطنه وبين الإقامة ببخارى، فقال: لا قد تغيَّرت تلك الأحوال عمَّا كانت عليه واختار الإقامة ببخارى، وصاهر حمويه بن علي وهرهر(3) الذي ذكره آمل وحشكرد قرية على شط هرير.
__________
(1) في (أ): الحلاء، ولعله جلاء الأبصار للحاكم المحسن بن كرامة الجشمي.
(2) كذا في (ب) و (أ).
(3) في (ب): وهرهر هرير.

قلت: وأبوه وعماه سلطان الإسلام وعلماهُ النَّيِّران، ولهما عجائب وغرائب، وتولى الناصر الكبير القضاء لمحمد بن زيد ورثاه بمراثي طويلة، وللحسن بن زيد مصنفات في فقة الزيدية منها (البيان).
زيد بن محمد الكلاري [ - ق 5 ه‍ ]
القاضي الإمام، حجَّة المذهب، شيخ الشيوخ، وحيد أهل الرسوخ، زيد بن محمد الكلاري - رحمه الله - هو حافظ المذهب وعالمه الذي لا يبارى ولا يمارى ولا يجارى ، حقق القواعد وقيَّد الأوابد ووضَّح الأدلة والشواهد، حتى استغنى بتحصيله المحصلون، وانتفع بتفصيله المفصلون، وليس لشرحه(1) بعد ذهاب الشرحين شرحي (التجريد) و(التحرير) للأخوين - عليهما السلام- نظير، أقرّ له المخالف والموالف حتى إن شيخنا المحقق أحمد بن محمد الشابي - بالشين المعجمة - بعدها ألف بعدها باء بواحدة من أسفل مشدَّدة - القيرواني المالكي، اطلع عليه فبهره، وتعجَّب من تحقيقه وجودته، واستنكر تضعيفه حديث القلتين بالاضطراب، وقال: قد خرجه الأربعة وصححه خزيمة، فكيف يكون فيه اضطراب، ثم اطلع(2) السهيلي من أصحابهم وغيره للإضطراب، فعاد إلى التعجب من القاضي - رحمه الله - وجميع مشائخ الزيدية يغترفون من رحيقه، ويعترفون بتحقيقه، ولقد مرَّت مسالة في البيان بمجلس الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن أمير المؤمنين - عليهما السلام- وشيخه العلامة عامر بن محمد الذماري - رحمه الله - في (البيان الشافي)، فتبادر القاضي إلى تضعيفها /141/ ومعارضتها، وقد كان المرجوع إليه في وقته، فلمَّا قال ابن مظفر - رحمه الله - ذكره القاضي زيد في الشرح هاب القاضي عامر التكلم وقال: الشرح جُهمَة، وقد ذكره الملا يوسف الجيلاني في تراجمه: القاضي زيد مع جماعة من المؤيَّدية، وقد ذكر الفقيه العلامة الحسن بن
__________
(1) شرح القاضي زيد يسمى الجامع في الشرح، وهو في عدة مجلدات، انظر الطلبقات وأعلام المؤلفين الزيدية ومصادر التراث في المكتبات الخاصة في اليمن.
(2) سقط من (ب).

محمد النحوي - رحمه الله - في تعليقه على (اللمع) ما نصّه: من كتب المؤيد بالله (التجريد) وشرحه و(الإفادة) و(البلغة) و(الزيادات) ويسمَّى (الملحق على الإفادة) ويسمى (المسائل) ويسمَّى (المفرد من الأدلة والتفريعات) و(المسترشد والنيروسيات) و(الوافر على مذهب الناصر)، و(تعليق ابن أبي الفوارس على التجريد) و(تعليق الإفادة للقاضي زيد)، ولها تعليق آخر لابن عبد الباعث وشرحها للأستاذ، و(شرح أبي مضر للزيادات)، وقبله (شرح الحقيني) عليها و(المجموع بين الإفادة والزيادات، وأوَّل التحرير)، وهو لعلي بن محمد الخليل والأستاذ وابن أبي الفوارس، والقاضي يوسف ممن عارض المؤيَّد بالله، وقرأ عليه، وباحثه، وأمَّا القاضي يوسف فقرأ عليه قليلاً وعلى أبي طالب أكثر وأكثرها على الأستاذ، وبعدهم على خليلٍ، وهو قبل القاضي زيد، فكأن القاضي يروي عنه وأبو مضر اسمه شريح بن المؤيَّد، وأبوه قاضي المؤيَّد بالله، وكان طال به الدَّهر إلى زمان القاضي زيد، فانه يروي عن القاضي زيد، والله أعلم، وأبو جعفر في زمان أبي طالب، وهو قاضيه. انتهى

قلت: وعلى ذكر هذا البحث أذكر (شرح القاضي زيد على التحرير) وهو معروف بالتعليق، وقد تعرض علماؤنا للفرق بين الشرح والتعليق، فنقل شيخنا القاضي الوحيد العلامة أحمد بن سعد الدين - رحمه الله - عن بعض العراقيين، قال: نقله من خطه من ديباجة شرح القاضي زيد - رحمه الله -: اعلم أن الفرق بين الشرح والتعليق أن الشرح فيه ذكر المذهب وحده، ليس فيه اعتراض ولا مطالبة ولا نوع معارضة في مجموع المسائل، والتعليق يذكر(1) فيه المخالف والموالف تارة على طريق الاعتراض، وتارة على سبيل الاستدلال، فتعليق التحرير ثمانية كتب مجلدة، وشرحه دون ذلك، ويستفاد من التعليق معرفة علم الجدل، ومدارك الخطأ والزلل، وأمَّا (تعليق التجريد) فتصنيف أبي يوسف، وأمَّا (شرح البلغة) فتصنيف القاضي أبي(……)(2) بن محمد بن مهدي الحسني المدفون في بلد (بكشا)، وأمَّا (الإبانة) فتصنيف الشيخ الأجل أبو جعفر بن علي الديلمي على مذهب الناصر - عليه السلام- وشيعته، أربعة كتب مجلدة.
قلت: ونقل العلامة شيخ الشيوخ القاضي أحمد بن يحيى(3) حابس - رضي الله عنه - في (المقصد الحسن) ما لفظه: فإن قلت: ما بالهم في شروح الكتب يذكرون تارة شرحاً وتارة تعليقاً؟ قلت: اصطلح العلماء - رحمهم الله - أن الكتاب إذا شرحه شارح ثم جاء غيره فانتزع منه منتزعاً أنه يسمى ذلك المنتزع تعليقاً أي تعليق الشرح المنتزع منه، فحيث أضيف ذلك التعليق إلى الكتاب فهو على حذف مضاف أي تعليق شرحه.
__________
(1) زيادة في (ب): كلام.
(2) في (ب): كذا في النسختين.
(3) زيادة في (ب): بن.

قال الدواري(1): اعلم أن الشروح التي توجد لأصحابنا - يعني في زمانه - (شرح التحرير لأبي طالب)، و(شرح التجريد للمؤيَّد)، و(شرح الإفادة للأستاذ)، و(شرح النصوص لأبي العبَّاس)، و(شرح الأحكام لأبي العبَّاس أيضاً)، و(شرح أبي مضر)، ومثله (شرح الحقيني) كلاهما على الزيادات، و(شرح لابن عبد الباعث على التحرير) والمشروحات ستة (التحرير) و(التجريد) و(الأحكام) و(النصوص) لأبي العبَّاس و(الإفادة والزيادات للمؤيَّد) والتعاليق أربع: (تعليق ابن أبي الفوارس منتزع من شرح التجريد)، و(تعليق القاضي زيد منتزع من شرح أبي طالب) /142/ و(تعليق الإفادة للقاضي زيد منتزع من شرح الإفادة)، و(تعليق الإفادة لابن عبد الباعث على الإفادة)، انتهى.
زيد اليامي [ - 122 ه‍ ] وقيل سنة 123هـ
زيد اليامي من أصحاب الإمام الأعظم زيد بن علي - عليه السلام- ذكره البغدادي - رحمه الله -(2).
زيد بن موسى الكاظم [ - ]
زيد بن موسى الكاظم الذي كان يلقب بزيد النار، كان عالماً كبيراً من وجوه أهله، ولمَّا تَولى محمد بن محمد بن زيد - عليه السلام- عقد له على (الأهواز)، فلما دخل البصرة(3) وغلب عليها حرق دور بني العباس وأضرم النار في نخيلهم، ولذلك سمَّى زيد النار فحاربه الحسن بن سهل، فظفر به وأرسل به إلى المأمون، فأدخل عليه (بمروٍ) مقيداً، فأرسل المأمون إلى أخيه علي الرضا، ووهب له جرمه، فحلف على الرضا ألا يكلمه أبداً، وأمر بإطلاقه، ثم إن المأمون سقاه السم فمات وقبر بمرو، وكان هذا السيد الجليل حافظ الزيدية، ذكره البغدادي وغيره.
__________
(1) في (ب): الدواري.
(2) زيد بن الحارث بن عبدالكريم بن عمر بن كعب اليامي أبو عبدالرحمن الكوفي، كان شيعياً ورعاً زاهداً من ثقات التابعين، ذكره المزي فيمن روى عن الإمام زيد، وكذلك أبو عبدالله العلوي، توفي سنة 122هـ وقيل سنة 123هـ وقيل سنة 124هـ. انظر تسمية من روى عن الإمام زيد ترجمة 12.
(3) في (أ): ببصرة.

زيد بن مقبل(1) [ - ق 7 ه‍ ]
العلامة الكبير، من علماء صعدة، وذكر أحواله بعض علمائنا - رحمهم الله - وقال: قتله أحمد بن المنصور بالله وأسد الدين التركماني حين دخلا صعدة، وكشفوا النساء، وانتهبوا بيوت المدينة، وأسروا طائفة، وأقاموا بالمدينة.
زينة بنت حمزة بن أبي هاشم [ - ق 6 ه‍ ]
الشريفة الفاضلة العابدة زينة بنت حمزة بن أبي هاشم ذات الشرف والعفاف، والمجد الذي أناف على ذرى آل أبي(2) مناف، كانت غوث اللهيف، عون الضعيف، ولها حسنات وإحسان، وأياد لم تكن في حساب ولا حسبان، وكيف لا وهي من البحبُوحة العالية، والدوحة الرفيعة السامية، وفد إليها الناس، ولاذوا بها في الأزمة والبأس، وكانت بحيط حمران من (ذيبين) ولها منازل للضيوف وأبواب يدخل منها الوفد للقراء(3) وأبواب يخرجون منها، ويروى أن أغلب الضيف المشهورة بشعاب علي من فوق الشعب المعروف شعب خديجة إنما سيمت غلة الضيف لأنه يأتي إلى هنالك من به حاجة إلى القراء.
قال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة أخبرنا الشريف العالم العامل الورع الكامل القاسم بن يحيى بن موسى بن يحيى بن علي بن المحسن بن الحسن بن يحيى بن عبد الله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام- عن عمه داود بن موسى، قال: وفدت إلى الشريفة الفاضلة زينة بنت حمزة - رضي الله عنها - وكانت تقصد كما يقصد الملوك، وتعطى فوق عطائهم، مشهورة بالعلم والفضل، فامتدحتها بشعر رواه لي فضبطت منه:
يا ربة الدين والتوحيد والأدبِ ... ويا مؤمل أهل الفقر في الحقبِ
ويابنة الملك والأطهار من حسن ... من آل حمزة والعالين في الرتبِ
بنت الشفيع الذي يرجو شفاعته ... كل الخلائق من عجم ومن عربِ
لولا أبوك الذي أحيا لنا شرفاً ... وشاده طيباً في الناس لم يطبِ
__________
(1) في (ب): زيدان بن مقبل.
(2) في (ب): آل عبد مناف.
(3) في (ب): للقرى.

حكى(1) الشريف الفاضل العالم أنها وصلته بستين ديناراً وما يتبعها من كسوة، وجملت(2) حاله.
حرف السين المهملة
سالم بن أبي حمزة الثمالي [ - ق 2 ه‍ ]
سالم بن أبي حمزة الثمالي العالم العامل، ذكره أبو القاسم البغدادي في رجال الزيدية وغير البغدادي أيضاً وهو(3) من أجلاء وقته ونبلاء زمانه، ولقي زيداً - رضي الله عنه -.
سالم بن أبي حفصة [ - 140 ه‍ ] ت
سالم بن أبي حفصة - رحمه الله - ذكره البغدادي أيضاً في رجال الزيدية وأهل الإسناد لهم - أعاد الله من بركته -(4).
سالم بن أحمد بن سالم [ - بعد سنة 600 ه‍ ]
العلامة سالم بن أحمد بن سالم البغدادي(5)، ذكره ابن جميل النهدي في رحلته، قال الشيخ (……)(6)
/143/ قال: اجتمع به سادياح بنيسابور في مدرسة الصدر يحيى بن إسماعيل مبلغ دعوَة الإمام المنصور بالله في الصفة الشرقية بشهر رمضان سنة ستمائة.
__________
(1) في (ب): فحكى.
(2) في (أ): وحملت.
(3) زيادة في (ب): وكان.
(4) انظر المزيد عنه في أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة 441.
(5) في (ب): البغدادي الإمام الكشيري.
(6) فراغ في النسخين (أ) و (ب).

سباع بن محمد الحراني [ - أوائل ق 7 ه‍ ]
سباع بن محمد الحراني، الشريف الفاضل الشجاع الباسل، قال أبو فراس بن دعثم: كان عبداً صالحاً ورعاً كثير الصيام، أتى إلى الإمام(1) المنصور بالله عبد الله بن حمزة قاصداً للجهاد بعد أن تخلَّص عن ماله، وقضى الحقوق التي عليه في بلده، فلمَّا وصل استأذن الإمام - عليه السلام- للتقدم عليه للبيعة، فأذن له فبايعه وقال له الإمام: بارك الله فيك، وحكى أنه رأى مناماً أنه يبايع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فلما فرغ من بيعته قال له: بارك الله فيك كما قال له الإمام فحمد الله وأثنى عليه وازداد يقيناً، قال: كنت أنظر قول الإمام بعد البيعة يُوافق قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في المنام، وأقام ملازماً مع الإمام صابراً مرابطاً حتى استشهد في سبيل الله إلى - رحمه الله - بغزاة نجران الثانية،وهو من جملة أشراف الحجاز القادمين من آل الحسن، ومنهم الحسن بن طامي، ومفرح ويمين ابنا الحسن بن ثابت وعلي ومحمد ابنا الحسن بن مفرح الخراسان وسالم بن عمرو وعلي بن الرأس(2)، وحظي منهم بالشهادة محمد بن الحسن بن مفرح في غزاة سراقة، وهذا الشريف سباع - رضي الله عنه -.
سالم السلولي [ - ق 2 ه‍ ]
سالم السلولي، كان من تلامذة الإمام، عظيم الشأن، وهو الذي خرج زيد بن علي من داره يوم قتل - عليه السلام-.
سري بن إبراهيم بن أبي بكر [ - 626 ه‍ ]
سرى بن إبراهيم بن أبي بكر بن علي بن معاذ بن مبارك بن تبع بن يوسف بن فضل العرشاني - رحمه الله - كان من العلماء الكبار، أهل النباهة والأخطار، تولى قضاء صنعاء لبني أيوب، واستمرَّ بها إلى أن فتحها الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، ذكره السيد العلامة أحمد بن عبد الله بن الوزير. وذكر السيد شمس الدين أنه ممن كان يعترض معاملة الإمام للمطرفية، وله (رسالة) في هذا المعنى.
__________
(1) في (ب): الإمام.
(2) في (ب): الرائس.

قلت: ذكره الشيخ اللسان العالم ابن العالم علي بن نشوان الحميري، فقال: كان عالماً فاضلاً، وكان أكبر من بصنعاء من العلماء مقاماً ومعرفة وعلماً، ورجع إلى مذهب الزيدية عن مذهب الجبر، وكانت له في الفقه يد قويَّة، وله تثبت في الخصومات وحذاقة، فولاه الإمام المنصور بالله - عليه السلام- القضاء بمذهب آل محمد - عليهم السلام- وأن يرجع إلى أمير المؤمنين فيما التبس عليه من القضايا والأحكام، وكتب له بذلك عهداً، وفي أيام القاضي سري بن إبراهيم (بنى وردسار) المنارتين في الجامع، وأصلحه وبنى الجبَّان، وسري هو الذي بنى المطاهير والبركة بجامع صنعاء، ولم يكونا قبل ذلك ابتداء العمل سنة سبع وستمائة، روي من أخباره أنه كان له عنب، فحكم على إنسان فجاءه في الليل يناديه يا قاضي، قال: ما تقول؟ قال: هذا شريم معي كذا كذا سن وأنا عازم على قطع عنبك فلم يزل يتلطف له حتى ترك، ولمَّا أصبح باع العنب، وقال: لا يصلح لحاكم مزرعة، توفي قاضياً بصنعاء سنة ست وعشرين وستمائة.
سالم بن مرتضى بن غنيمة [ - ق 10 ه‍ ]
سالم بن مرتضى بن غنيمة(1)، صاحب (التفسير)، فقيه فاضل، وله (كتاب في التفسير)، وله (كتاب في الحديث على أبواب الفقه)، مخرّج من الست الأمهات، وأحسب أن هذا الفقيه هو الذي اختصر (المعتمد) لابن بهران في الحديث، والمعتمد هو جامع الأصول لابن الأثير، إلا أن ابن بهران جعله على أبواب الفقه، وهذا الفقيه الذي ظننته سالماً المذكور، اختصره اختصاراً يقرب - إن شاء الله - إلى الصواب، رأيته ولم أطالعه وبنو غنيمة(2) من أهل حبور بيت شهير.
__________
(1) في (أ): عينمة.
(2) في (أ): عينمة.

سري بن منصور [ - ]
أبو السرايا قائد المقانب، وزائد المناقب أسد الله الهصور، سري بن منصور، هو أحد الأعلام، الناشرين للأعلام /144/ وأوحد الحكام، المنفذين للأحكام، وأخباره أشهر من الشمس في الضحى، إذا انطمست آثار السلف فما انطمس أثره ولا انمحى، فما أحراه بقول من قال:
وإذا(1) سمعت برحا منصوبة ... للحرب فاعلم أنني قطب الرحا
وهو أحد بني ربيعة بن ذهل بن شيبان، ولمَّا رجع الإمام محمد بن إبراهيم صنو القاسم - عليهما السلام- من الجزيرة، وقد أخلفه نصر بن شيث(2) الزيدي ما وعده لأسباب من قومه، لقي أبا السرايا في الحجاز في ناحيةٍ من السواد، قد أوَى إليها خوفاً على نفسه، لأنه قد نابذ السلطان ومعه غلمان له فيهم أبو الشوك وأبو هرماس، وكان علوي الرأي ذا همَّةٍ سامية، فدعاه الإمام إلى نفسه، فأجابه وقال له: انحدر في القراء حتى أوافي على الظهر، وموعدُك الكوفَة، فسبقه الإمام إلى الكوفَة، وتعرَّف أحوال الناس ودعاهم، قال نصر بن مزاحم: فحدَّثني رجل من أهل المدائن(3)، قال: إني لعند قبر الحسين - عليه السلام- في ليلة ذات ريح ورعد ومطر، إذ بفرسان(4) قد أقبلوا فترجلواـ ودخلوا إلى القبر فسلموا، وأطال رجل منهم الزيارة، ثم جعل يتمثل بأبيات منصور بن الزبرقان النميري:
نفسي فداء الحسين يوم غدا ... إلى المنايا غدو لا قافل
ذلك يوم أنحى بشقوته ... على سنام الإسلام والكاهل
كأنما أنت تعجبين ألا ... ينزل بالقوم نقمة العاجل
لا يعجل الله إن عجلت وما ... ربك عما ترين بالغافل
مظلومة والنبئ والدها ... تدير أرحى مقلة حافل
ألا مساعير يغضبون لها ... بسلة البيض والقنا الذابل
__________
(1) في (ب): وإن.
(2) في (ب): نصر بن شبث.
(3) في (أ): المدارس.
(4) في (أ): بفارسين.

81 / 182
ع
En
A+
A-