قال العلامة شعلة - رحمه الله -: وكان له اسم آخر وهو أحمد بن أحمد الروفاتي، قدم هجرة حوث سنة عشر وستمائة في أيام المنصور بالله، فأجاز للعلامة بن الوليد، وللعلامة حميد بن أحمد، وأجاز لشعلة وأثنى عليه العلماء - رحمه الله - قال شعلة: كان حافظاً(1).
زيد بن إسماعيل الحسني [ - ق 4 ه‍ ]
السيد الأستاذ الفاضل أبو الحسين زيد بن إسماعيل الحسني - رحمه الله - تلميذ الإمام السيد أبي العباس - رضي الله عنه - وهو إمام جليل تتلمذ به الفضلاء، ونقل عنه النبلاء، ومن تلامذته الشيخ أبو الحسن علي بن أبي طالب أحمد بن القاسم الحسني الملقب بالمستعين بالله، والشيخ العالم أبو الحسن علي بن الحسين بن محمد شاة سريحان صاحب كتاب (المحيط بالإمامة) (2).
زيد بن جعفر الباقري [ - ق 7 ه‍ ]
العلامة الفاضل اللسان البليغ زيد بن جعفر الباقري، ثم الصعدي - رحمه الله - من علماء أوائل المائة السابعة، فاضل عالم مجيد، لقي الإمام أحمد بن الحسين - عليهما السلام- وكان له شعر فائق، ومن شعره:
أهاب بمسلوب الحشاشة مسبوت ... معاهد بالمروُّت سقياً (لمروُّت)
فلبّيتها مستمطراً(3) ظهر لوعةٍ ... من الشوق لامستمطيا ظهر مخروت
قلت: المخروت بالخاء المعجمة بعدها راء مهملة أي المخطوم في أنفه.
فجئنا نجوب البيد ليس يهولني ... تنائف يعمى دونها كل خريت
دليلاي طيف لا يزال مسامري ... وريَّا رباها حين يأتي بتفنيت
أرى أن إلمامي بها أعظم المنى ... ولو جئت سبروتاً إلى كل سبروت(4)
بقاع إذا اهتزت بوصل فنبتها ... فرائد من درٍ بديع وياقوت
ومنها:
__________
(1) وانظر الطبقات ترجمة (259).
(2) قال في الطبقات ترجمة 260: سمع كتاب الأحكام للهادي عليه السلام على السيد أبي العباس، ورواه عنه محمد بن علي الجيلاني.
(3) في (ب): قال في الأم: لعله مستمطئاً.
(4) سبروتاً: السُّبْرُوتُ: القَفْر لا نبات فيه، والشيء القليل التافه، والفقير. (القاموس المحيط، ص 154).

ويفعل أعيان لعين بحلها ... بألباب من يفعل(1) بها فعل هاروت
فحبل سلوي دونها قد بتته ... وحبل اشتياقي دونها غير مبتوت
أمامي وخلفي حاديان تخالفا ... فلست بمصغ لا إلى غيرها ليتي
سوَى العرصَات الزاكيات التي سمت ... بأفضل منظور وأفضل مسموت
وأعلى الورَى كعباً وأفضلهم أباً ... وأرفعهم في العالمين مدا صيت
[ثم أطال في مدح إمامه عليه السلام] (2).
زيد بن الحسين الأشتري [ - ق 5 ه‍ ]
السيد الأجل الفاضل أبو الحسين زيد بن الحسين الأشتري الجرجاني سيد فاضل من علماء العراق، له روايات وأخبار، وروَى شيئاً من مناقب المؤيَّد بالله أحمد بن الحسين الهاروني - عليهم السلام- ومما حكى عنه قصة عياض الثعلبي نقل عنه ابن الشجري - رحمه الله - أنه حكى أن عياضاً المذكور حضر مجلساً بجرجان جرى فيه ذكر السيد المؤيَّد بالله، وذكر بعضهم أن الله سبحانه يعينه على الحق وينصره، فقال العياض الثعلبي: برئت من إله يعنيه، وقال عقيب هذا القول: أوجعني بطني، وتعلق ببطنه، وعاد إلى داره ومات في تلك اللَّيلة /134/ قال: وسمعت هذا السيد يقول: إن أبا عمرو الفقيه القصَّار الجرجاني حضر مجلساً بجرجان في أيام الأمير فلك المعالي، فذكر بعضهم أن السيد أبا الحسين الهاروني إنما يطلب بما يفعل الدنيا، وليس يعمل لله سبحانه، فقال أبو عمرو وكذلك أبوه علي بن أبي طالب، كان يحارب معاوية وعائشة للدنيا لا للآخرة، وفارق ذلك المجلس وعاد إلى داره وفلج في الوقت، وما برز من داره بعد ذلك، ومات من تلك العلة. وللسيد أبي الحسين روايات منقولة في التواريخ - رحمه الله -.
__________
(1) في (ب): يلمم.
(2) سقط من (أ).

زيد بن صالح الزيدي [ - ق 5 ه‍ ]
أبو القاسم العلامة زيد بن صالح الزيدي العراقي، ذكره العراقيون وأثنوا عليه، وممّن ذكره يوسف الحاجي، وذكره السيد الشجري - رحمهم الله - وفي سيرة المؤيَّد بالله من أصحابه أبو القاسم بن زيد بن صالح ويوسف حاجي، ذكره في أصحاب المؤيَّد بالله، فلعله سقط عليه لفظ ابن، والله أعلم.
ومن أصحاب الناصر للحق زيد بن صالح من كبارهم وأجلائهم، يروي عنه المؤيَّد بالله أحمد بن الحسين - عليهما السلام-(1).
زيد بن علي بن الحسين [ - ]
السيد الكبير زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام- عالم كبير فاضل شهير، وهو راوي خطبة الزهراء عن مشيخة آل الرسول.
وقد وهم بعض الناس أن الراوي هو الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين، فاستشكل ذكر أبي العيناء في روايته، وهذه جلية الحال فليعلم ذلك.
زيد بن علي الحسني [ - ق 5 ه‍ ]
الشريف العالم المتكلم زيد بن علي الحسني، إمام الزيدية بالمسجد الجامع بصنعاء، من الرؤساء العلماء الكبار الجلة الخيار، أحسبُه بعد أربعمائة من الهجرة، ناظر قدماء المطرفيَّة - أقماهم الله - كالشيخ عطاف وغيره، وكانوا يعترفون بفضله - رضي الله عنه -.
قلت: لعله زيد بن علي بن الحسين بن الحسن بن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن محمد بن جعفر بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام- صاحب كتاب (الرد على عامر بن عبد الله الظليمي) فيمن طعن فيه على الهادي إلى الحق - عليه السلام- في كتاب بسيط، ويحتمل أن زيداً هذا غيره، وقد اكتفينا عن ترجمة زيد بن علي هذا المجيب على عامر الظليمي بذكره هنا.
زيد بن علي الزيدي [ - ق 5 ه‍ ]
القاضي أبو الفضل زيد بن علي الزيدي المعروف بابن النجار الرازي - رحمه الله - كان من عليّة أصحاب المؤيد بالله.
قال السيد الإمام ابن الشجري - رحمه الله -: كان من بيت العلم والرئاسة.
__________
(1) في (ب): وولاه الناصر القضاء.

زيد بن علي بن الحسن [ - 551 ه‍ ]
العلامة شيخ الحفَّاظ إمام المعقول والمنقول زيد بن علي بن الحسن بن علي بن أحمد بن عبد الله الخراساني الزيدي، واشتهر بنسبته إلى جده الحسن، فالموجود في الكتب زيد بن الحسن(1) البروقني(2)، ويقال: البروقاني، هو إمام في العلوم، كثير العبادة، واسع الهمَّة، تخرج عليه علماء العراق واليمن، وهو كثير الالتباس بتاج الدين زيد بن أحمد بن الحسن البيهقي، ولذلك تعرَّض للفرق بينهما المشائخ - رضي الله عنهم - وترجم لزيد هذا الجُلّة من الأصحاب.
قال السيد الصارم في علومه: وصاحب المقصد والمسلك أيضاً ناقلاً عنه زيد بن الحسن الخراساني البيهقي الزيدي، شرف الأمَّة حافظ الآثار، ناقل علوم الأئمة الأطهار، وهو الذي يذكر في إسناد مجموع زيد بن علي وصَل من بلده لزيارة قبر الهادي وعقد مجلساً /135/ لإملائه فضل العترة بالمشهد المقدَّس بصعدة، وكان يملي في كل خميس وجمعة مدَّة سنتين ونصف، فما أعاد حديثاً، وسمع منه الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان - عليهما السلام- والقاضي جعفر بن عبد السلام الأبناوي(3) البهلولي، واستجازوا منه، وهو الذي يذكره أهل التعاليق في صفة صلاة التسبيح، وليس بالبيهقي الشافعي.
__________
(1) في الطبقات زيد بن الحسن بن علي البيهقي البروقني نسبة إلى بروقن من قرى خراسات، انظر الطبقات ق3 ج1 ص446 ترجمة 261.
(2) في (أ): التروقني.
(3) في (ب): الأبناوي.

وقال في النزهة: ومن مشائخ الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان أبو الحسن زيد بن علي البيهقي التروقاني الوارد إلى اليمن في سنة أربعين وخمسمائة، وهو الذي مات في تهامة بموضع يقال له: السيحتان من مخلاف الشرفاء آل سليمان الشرط(1) من اليمن وكان موضعاً خالياً، فأصبح مأهولاً ، وقبره به مشهور مزور، وذلك وقت رجوعه من اليمن إلى بلاده، فإن الإمام أخذ عنه وهو أحد طرقه، وكان شيخ زيد هذا الفضل بن الحاكم أبي سعيد المحسن بن محمد بن كرامة الجشمي البيهقي، وكان شيخ ولده الفضل أباه المذكور.
__________
(1) في (أ): مخلاف الشرط.

وقال السيد الإمام لسان المعقول والمنقول أحمد بن محمد الشرفي - رضي الله عنه - زيد بن الحسن البيهقي الزيدي - رضي الله عنه - قدم اليمن من خراسان في سنة إحدى وأربعين وخمس مائة، أظنه بجمادى الأولى منها، وكان الشريف علي بن عيسى بن حمزة السليمان رئيس(1) العلماء، وعالم الرؤساء بمكّة المشرفة، وهو الذي صنف جار الله له الكشاف، قد قدم كتاباً إلى المتوكل على الله أحمد بن سليمان - سلام الله عليهما - يخبره بقدوم الشيخ وبالثناء عليه وأن مقدمه من خراسان، فوصل إلى الإمام في هجرة(2) محنكة من بلاد خولان مغارب صعدة، ومعه كتب غريبة وعلوم حسنة عجيبة، فسُرَّ به الإمام - عليه السلام- وتلقاه بالبشر والإتحاف وخلَّى له موضعاً في منزله، فأقام به مدة، وكان شديد الورع والعبادة وحسن الطهارة، وكان ربَّما يتوضأ لصلاة الظهر فيصلي بذلك الوضوء الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثُمَّ يصلي به آخر ليلته إلى أن يطلع الفجر فيصلي به الفجر، وكان يؤيّد الإمام - عليه السلام- ويحضّ الناس على طاعته، وقال يوماً للقاضي الأجل سليمان بن شاور: إنا يا معشر الزيدية بالعراق نتطوَّل بهذا الإمام ونزداد به على جميع الفرق في الآفاق، ثُمَّ أقام - رحمه الله - مجاوراً لقبر الهادي إلى الحق مدَّة من الزمان، وكان يتفرغ يوم الخميس وليلة الجمعة في رواية الأخبار في فضل آل محمد لا يخلط مع ذلك سواه، وأقام سنتين ونصفاً يروي الأخبار في ذلك، فما أعاد خبراً فيه مرتين، ويقال: إن الذي استدعاه من العراق الشريف علي بن عيسى السليماني لمَّا ظهر مذهب التطريف في اليمن(3) المحروس، فخرج أنفة للشرع وحميَّة عليه وغضباً لله - جل علاه - فلقي شدائد، ونهب أكثر كتبه بين مكة والمدينة، وكانت وفاته - رحمه الله - في تهامة بموضع يقال له السنحتاني من مخلاف الشرفاء آل سليمان، وكان ذلك الموضع خلاء فأصبح
__________
(1) في (ب): رائس.
(2) في (ب): إلى هجرة.
(3) في (ب): باليمن.

مأهولاً، وقبره به مشهور مزور، وذلك رجوعه من اليمن إلى بلاده، وهو ممَّن قرأ على الحاكم أبي سعيد المحسن بن كرامة - رحمه الله - هذا كلام السيد: أنه قرأ على الحاكم نفسه، وقد تقدم كلام النزهة أنه قرأ على ولده الفضل.
زيد بن علي الهوسمي [ - ق 5 ه‍ ]
الشيخ العالم الورع زيد بن علي الهوسمي - رحمه الله- (1)، ذكره القاضي العلامة عبد الله بن علي العنسي - رحمه الله - في رحلته إلى العراق، وحكى عنه ما يدل على ورعه، قال: أتيت بلاد الديلم، وكان المسلمون يأتونني بما آكل من الخبز، فربَّما يبقى منه ما لا آكله إلى أن يجف ويتعذر عليَّ شهوته ونحو ذلك، وكنت بمسجد يصلي فيه الفقيه زيد /136/ أو قال القاضي زيد، فدخل المتوضأ وأنا هناك، فأقبل كلب من الكلاب، فرميت بحرف خبزه بقي عندي لم أشته أكله، فجعل يكسره بفمه ويلوكه، فسمعه الفقيه زيد فقال: ما هذا؟ قلت: أطعمته كسرة بقيت عندي، فقال: ما أقل ورعكم يا أهل اليمن، ويحك يا عبد الله متى تعينت عليك فريضة الكلاب، وهذا خبز يأتيك به المسلمون لتأكله. انتهى كلامه
قلت: يعني إنما يقرب إليه من الطعام إباحَة لا تمليك، وهذا من جمود الفقهاء على ظواهر القواعد، ولكنه يدل على ورع وحيطة، جزاه الله خيراً(2).
زيد بن علي بن هبة [ - ]
العلامة بدر الإسلام زيد بن علي بن هبة الراوي، فاضل عالم وإليه لمح في رياض الأبصار بقوله:
وبالبدر زيد من إذا الكتب عقدت ... هتفن به الأقطار يا زيد أحلل
زيد بن علي الخولاني [ - ق 7 ه‍ ]
الفقيه الفاضل زيد بن علي الخولاني - رحمه الله - ذكره السيد العلامة يحيى بن القاسم الحمزي - رحمه الله - وأثنى عليه، وهو من أعيان المائة السابعة.
__________
(1) في (أ): الهومسي.
(2) انظر المزيد من روايته وشيوخه في طبقات الزيدية الكبرى ق3 ترجمة 262.

زيد بن علي بن الحسين [ - 1040 ه‍ ]
القاضي البليغ، كاتب الإنشاء، بديع زمانه، زيد بن علي بن الحسين المسوري، هو العالم بن العالم بن العالم، كان صحيح العقيدة، صالح الحال، صادق الودّ لآل محمد - عليهم السلام- على طريق سلفه وأهل بيته، وكان بديع زمانه، فريع(1) أوانه، مجيداً في الإنشاء، غاية الإجادة، وله في النظم يد طولى، قال الشعر من صغره، وظهر صيته وتقدم على النظراء، وصحب سيف آل محمد سلطان الإسلام مولانا الحسن بن القاسم، وكان أبرع أهل الحضرة، ولو أظفر بشيء من كتبه عند كتابة هذه غير ما كتبه لوالدي - رحمه الله - عن رأي مخدوم الجميع سيف الإسلام - رحمه الله - لمَّا ولاه أعمال (بعدان) ووجهه لفتح حصنه (جبل حب) فقال في العهد بعد البسملة(2) والصلاة والسلام على محمد وآله: من فاز في محبَّة الآل(3) بالسبق، وعرف عند جميع الناس بالإتصاف بمحاسن الخلق، وكان من ورق الشجرة التي بها يستظل من طلب الحق، فإنه حقيق بأن يحمل أعباء الولاية، أهل لتعظيم شأنه إلى غير نهاية، جدير باستنابته منابنا في السياسة والرعاية، ولمَّا كان المتوَّج بهذا التاج والمرتقي بعقله وكماله درج هذا المعراج، هو القاضي الرئيس الندب الحلاحل، النفيس المجاهد المناضل، المعاضد المناصر الباسل، علم الدين والناشئ في طاعة رب العالمين، صالح بن محمد بن أبي الرجال أصلح الله له وبه الأعمال، وبلغ فيه وبلغه قصارى الآمال، استخرنا الله سبحانه وهو خير مستخار، واخترناه بعد أن ساغ لنا اختياره بطول الاختبار، للنيابة عنَّا والمقام مقامنا، والكفاية لنا، والتكفُّل بما يتعلق بنا من أعمال الجهة البعدانية، وولايتها القاصية والدانية، يتصرّف فيها كما أمرناه، ويقوم من أمرها بما سنذكره - إن شاء الله- وما ذكرناه، يقدم ويحجم، ويحل ويبرم، ويحل ويحرم، ويضع ويرفع، ويضر وينفع، مطلق اليد في التصرف، نافذ الكلمة من غير تعجرف، راعياً لحق
__________
(1) لعلها: فريد.
(2) في (ب): التسمية.
(3) في (أ): بقصب السبق.

علام السرائر، متحرياً رضاه ورضا خليفته، ورضانا في الباطن والظاهر، سالكاً في بيوت الأموال سبيل الحفظ والصيانة، محافظاً على ما نعرفه منه من الدين والأمانة، ثابتاً في حسن الطاعة لله ولرسوله ولإمامه ولنا مكانه، ناظراً إلى من فوقه بعين الإجلال، وإلى من دونه بعين البر والشفقة في جميع الأحوال، سائراً في الرعية بغاية الرفق، واسعاً لمطيعهم وعاصيهم بالصبر وحسن الخلق، آمراً لهم بما أوجبه الملك الحق، ناهياً لهم عما لا يرضى به /137/ خالق الخلق، معرفاً لهم بما هو عليهم من الواجبات، آخذاً عليهم في المحافظة على الصلوات، ساعياً في هدايتهم بالتي هي أحسن في جميع الأوقات، ذاباً عنهم بالحق كل مريد، كافاً عنهم(1) كل شيطان مريد، موقراً لكبيرهم، وراحماً لصغيرهم، راعياً لحقوق أرباب البيوت، أصمَّ الأذن عن أقاويل أهل الغيبَة والقتوت، مُساوياً بينهم في نظره وقوله وفعله، شاملاً للأعلى والأدنى منهم بإحسانه وفضله، مدافعاً عن الأيتام والحرم، رافعاً عن الضعفاء منهم ظلم من ظلم، ثابتاً على(2) أوساط الأمور، لابساً حلة الحلم والوقار عند ورود ما تحرج منه الصدور، (نُطْنَا) به هذا الأمر ركوناً على ما ظهر من رفقه وعدله، واتكالاً على ما نعهده من وفور دينه وعقله، وألقينا ما خفا علينا إلى علام الغيوب، وعملنا بما أوجبه حسن الظن به والمطلع الله على سرائر القلوب، وهو حسبنا ونعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على محمد وآله وسلم، حرر بتاريخ سادس عشر من شهر شعبان عام ثمانية وثلاثين وألف.
__________
(1) في (ب): عنهم حدّ كل شيطان.
(2) زيادة في (ب): صراط.

وله أشعار في معاني عديدة، وهو من بيت سخر الله لهم الكلام، ويسر لهم المفاخر العظام، أعاد الله من بركتهم، ومن شعره وهو أوّل ما قال حتى روي عنه أنه كان لا يحب نسبتها إليه؛ لأن شعره من بعد هذه حسن كثيراً لكني لم أظفر عند الرقم إلا بهذه وهي طويلة نتبرّك ببعضها وهي في المولى سيف الإسلام الحسن بن أمير المؤمنين - عليهما السلام-:
تقوى الإله وإصلاح السريراتِ ... هما السبيل إلى نيل السعاداتِ
وخير ما قدّم الإنسان من عمل ... ما كان لله عن إخلاص نيَّات
فما اتقَى الله عبد فاستعان به ... إلاَّ تأتى سريعاً كلما يأتي
ومكَّنته الأماني من أزِمّتها ... وجاءه الدهر يسعى بالإرادات
انظر إلى حُسْنِ فعلِ الله في حسنٍ ... وما تبيّن فيه من كرامات
في أمره لأولي الألباب مدَّكر ... وللمريبين فيه آي آيات
هل نال ما ناله من قبله أحد ... إن كنت برّزت في علم الروايات
حاشاه من أن يضاهى في مكارمه ... أو في مناقبه أو في السيادات
فقل لمن رام..... للحوق به ... أقصر فما أنت من أهل السموات
إن امرءًا صار فوق الشمس مقعده ... هيهات إدراكه هيهات هيهات
بلى إذا شئت أن تحظى برتبته ... وإن ذلك من أقصى المحالات
انصب زمانك في درس العلوم معاً ... وانح الذي قد نحاه في الديانات
انصب زمانك في درس العلوم معاً ... مع اشتغالك فيه بالجهادات
كن في النهار لأمر الملك تنظمه ... والليل قم في محاريب العبادات
وهذا القدر كافٍ وهو شعر رائق كما ترى، وكان - رحمه الله - حسن الأخلاق، مسكيّ الشمائل لطيف الممازحة، وانتقل إلى جوار الله في شهر جمادى الآخرة سنة أربعين وألف، وقبره(1) في قبة الشيخ الغيثي برباط المعاين بين مدينتي إب وذي جبلة من مدائن اليمن - رحمه الله تعالى -./138/
__________
(1) في (ب): وقبر.

80 / 182
ع
En
A+
A-