الحسين بن محمد الذويد [ - ]
الفقيه العلامة الحسين بن محمد الذويد الصعدي - رحمه الله تعالى - أحد العلماء الكبار، وهو أحد الشارحين للأزهار، وكتابه مفيد وللأزهار شروح أولها الغيث المدرار للمصنف، وشرح تلميذه العلامة علي بن محمد النجري، وللعلامة عبد الله بن محمد النجري مصنف المعيار شرح أيضاً يضاهي شرح ابن مفتاح في القدر والصفة، وشرح القاضي حسين هذا وهو جزآن، وشرح العلامة ابن مفتاح وفرغ ابن مفتاح من تأليفه سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، ولعلي بن عبد الله الرقيمي حاشية وأخرى للفقيه سعيد بن ناجي، ولبعض السادة الجرموزيين من آل الهادي حاشية، وللتهامي حاشية، وللسيد العلامة أحمد بن محمد الشرفي شرح يحتوي على الأدلة يتخرج في جزأين، ولابن عبد الباعث شرح جزآن عظيم، استوفى الأدلة، ولابن عبد السلام شرح، وللعلامة ابن قمر شرح عجيب، ولعبد الحميد بن أحمد شرح وغير هؤلاء من العلماء، توفي الفقيه حسين في (……)(1)، وشرح ابن عبد الباعث، وهو محمد بن أحمد بن عبد الباعث، يسمى جلاء الأبصار، وشرح ابن عبد السلام يسمى بالأنهار [- رضي الله عنه -](2)، ولعلي بن محمد الهاجري شرح، ولسيدنا إبراهيم الشجري(3) حاشية مفيدة، فيها تنبيهات على غرائب وعجائب(4).
الحسين بن محمد المسوري [ - 983 ه ]
القاضي العلامة الحسين بن محمد المسوري - رضي الله عنه - هو محيا عالم الشيعة، المحيي لمعالم الشريعة، كان صحيح الاعتقاد، منثلج الصدر بطريقة الحق، لا يزيغ للشبه ولا يعبئ عندما اشتبه، وكان من أهل الزهادة في الدنيا والبعد عن مطامعها، كما قال - رحمه الله -:
أنا أصبحت نائباً ... إنني لست بانيا
وأعاني هوى الوصيِّ ولو كنت عانيا
كسوتي حبه ولو ... صرت في الناس عاريا
__________
(1) فراغ في (أ) و (ب).
(2) سقط من (ب).
(3) جاء في حاشية (ب): والمفتي الشجري هو القاضي إبراهيم بن يحيى المعروف...
(4) انظر هذه الشروح والحواشي في تراجم أصحابها، وفي كتابنا أعلام المؤلفين الزيدية.
ومع هذا فعيشه أنعم من عيش الملوك، وهكذا من لم يقف عند المطامع والآمال، هو في عداد الملوك، وإن كان من أرباب الفاقة والسلوك، وكان متخلقاً بأخلاق /95/ النبوءة، سماحاً بما في يده، غير متكلف بما في وسعه.
روي أنه كان مقيماً بالشرف الأعلى فوفد إليه العلامة المجتهد الصدر محمد بن علي بن عمر الضمدي في جماعة من أصحابه وأهل جهاته، فتلقاه بالبشر والإنصاف:
وما البشر للأضياف أن يكثر القرى ... ولكنما وجه الكريم خصيب
فنزل القاضي محمد عنده في أحسن نزل، يدخلون للآداب في أبواب، ويتعاطون كؤوس العلم أكواباً بعد أكواب.
حب الأديب على الأديب فريضة ... كمحبة الآباء للولدان
فإذا هما اجتمعا بسوح مرة ... كانا من الآداب في بستان
لا شيء أحسن منهما في مجلس ... يتعاوران جواهر الألحان
وأما هذان الإمامان، فما مجلسهما إلا مجمع البحرين ومطلع البدرين، ومن السعادة قران السعدين، ولما حضر الطعام جاء القاضي الحسين - رحمه الله - بميسوره، وقال متمثلاً بأبيات القفال الشاشي:
أوسع رحلي على من نزل ... وإن لم يكن غير خبز وخل
فأما الكريم فيرضى به ... وأما اللئيم فمن لم أبل
فقال العلامة محمد بن علي(1):
ليس الكريم الذي تأتيك جفنته ... مملؤة ويكون الفيصل الفصلا
إن الكريم الذي تأتيك جفنته ... على الدوام وفيها أيش ما حصلا
__________
(1) في (ب): محمد بن علي بن عمر.
وكان القاضي حسين من أهل الاجتهاد في العلوم، سيما الأدوات ومصداق ذلك أنه لما قدم مكة لقيه بعض علمائها، لكنه العالم في البلاد، فتعاطيا جامات الأنس مترعة بالصفاء، والعلم نسب بين العلماء، ونسب(1) فعلق بفؤاد ذلك العالم حب القاضي، فدخل إلى مقام الشريف فقال: حج هذه السنة من اليمن رجل فاضل واسع الآداب والعلوم، وأثنى بنحو هذه العبارات، فتوسل به الشريف إلى لقاء القاضي الحسين، فأسعده القاضي ودخل إلى مقامه وهو محتفل بوجوه الأشراف الحسينيين، فدارت بينهم المذاكرة، فقال العالم المكي في سياق خطاب: إن معاوية بن أبي سفيان من أهل الجنة، فقال القاضي الحسين - رحمه الله -: ما كنت أظن علي بن أبي طالب يسب في مقامكم أيها السادة الأشراف، فقالوا: ومن سبه؟ قال: هذا الشيخ يزعم أن علياً قاتل أهل الجنة، وهذا غاية السب له، فتجهم الأشراف لذلك الشيخ، فهذا الثناء من الشيخ دليل على منزلة القاضي من العلم.
__________
(1) في (ب): ونشب.
وكان له في الجهاد عناية، وكان مواظباً على مجالس الإمام شرف الدين ومشاوراً في المهمات، وله أشعار في الوقائع الإمامية تهاني ونحوها، ولم يكن همه - رحمه الله - في ممادح الإمام إلا ذكر المقامات العالية كما قال مولانا أمير المؤمنين المتوكل على الله رب العالمين - أدام الله تأييده - طالعت سيرة الإمام شرف الدين فرأيت للبلغاء في وقته قصائد ورأيت القاضي الحسين لا يقول الشعر إلا عند فعل الإمام - عليه السلام- لأمر عظيم من أمور الإسلام، ولما كان من مطهر بن أمير المؤمنين ما كان وأرادوا الدخول على الإمام رام القاضي مع جماعة من أمثاله الثبات في الحجرة بسيوفهم يدافعون بأنفسهم عن نفسه، وكان القاضي ليس بالجلد، فلما اجتمع بمطهر أخبره بما أراد، فتعجب مطهر وجزاه خيراً، وبعد هذه القضية سكن (الشرف)، وكان يجمع /96/ البر للإمام من الراغبين في الخير من المسلمين، ويحمله إلى (الظفير)، فسمع الزبرطانات(1) والمدافع من جنود الوزير الأعظم بحوشان على أولاد رسول الله بثلا ومطهر إذ ذاك هو جامع شمل المسلمين، فقال القاضي: معاذ الله، أن أرغب بنفسي عن آل الرسول وأترك نفسي من الجهاد، فتوجه إلى مطهر وأقام عنده، وتوفي بثلا - رحمه الله - (فراغ) ولعلنا نذكر شيئاً من أحوال مطهر، فإنه راجع ربه واستغفر في تلك الهفوة وذب عن الإسلام بعدها، وله كرامات مروية من أدلة رضا أبيه عنه اتصال مثل هذا القاضي الجليل بجنابه، وكان القاضي لا يزال يتردد إلى الإمام إلى (الظفير)، وفي بعض زياراته للإمام إلى الظفير بعد تحول الأحوال أمره الإمام بالمرور على ولده شمس الدين بن الإمام، وكتب الإمام إلى ولده:
جاءكم سلمان بيتي ... فاعرفي يا شمس حقه
ولرجواه فحقق ... وببشرٍ فتلقه
__________
(1) في (ب): الزبرطافات.
قال شمس الدين: لا أدري بما أكافي هذا المقام والذي أجد الآن بقشة أداتي بما فيها فأعطاه إياها بجميع ما فيها. وكان القاضي بديع النظم وحيداً فيه، مفخراً لأهل اليمن، ولطال ما امتحنت أرباب البلاغة بأبيات رويت للقاضي في الشريف حسن بن أبي نمي، منها:
حنين ولكن حال بينهما البعدُ ... وشوق ولكن دونه الغور والنجدُ
وأفئدة كادت تطير صبابة ... إليهم ولكن من لمضناهم بعدُ
تنوَّر برقاً لاح من سوح أرضهم ... كسيف بقلب الجيش فارقه الغمدُ
فأظهر سراً للهوى كان مضمراً ... ففي كبد وقد وفي ناظر سهدُ
ومنها:
فيا حبذا من ذي ألاَلٍ مراحنا ... ومسرحنا والعيس قد شقها الوجدُ
ويا حبذا ليل هنالك طيب الأريج ولا حر هناك ولا بردُ
بذياً لك الوادي أضعنا عقولنا ... إلى أن تساوى عندنا الهزل والجدُ
ومنها:
قضينا بها آمالنا مثلما قضت ... قصارى أمانيها من الحسن الوفدُ
مليك إذا استقبلتَ غرة وجهه ... وقبَّلتَ منه الكف قابلك السعدُ
مليك يرى أن الشجاعة والسخا ... فروض على السادات ما منهما(1) بدُ
فما يتردد الثقات منهم المرتاض بهذه الصناعة أن هذا من شعر الحسن بن حجاج، ولكنه - رحمه الله - كثير الولوع بالإلهيات(2) والنبويات والعلويات، والذب عن الإسلام وعن أعراض أهل البيت، وهو مكثر في هذه جداً، فمن شعره ما كتبه في هامش كتاب (الأربعين في إرشاد السائرين إلى منازل المتقين) لمحمد بن محمد الطائي عندما أنشده الطائي في آخر الكلام، في الحديث السادس والعشرين، وهو قوله: فأنشدونا لبعضهم:
الشافعي إمام الناس كلهم ... بالعلم والحلم والعلياء والبأسِ
له الإمامة في الدنيا مسلمة ... كما الخلافة في أولاد عباسِ
97/أصحابه خير أصحاب ومذهبه ... خير المذاهب عند الله والناسِ
فكتب القاضي - رحمه الله - هذه الأبيات كالمجيب:
إن الخلافة في آل النبي كما ... كانت لوالدهم من غير إلباس
__________
(2) في (ب): بالإلاهيات.
علي المرتضى من لا يقاس به ... بعد النبي أخو فضل من الناس
(كيف القياس لمعدوم الفضائل مع ... شخص فضائله في ألف كراس)(1)
فارجع وراءك أو فاثبت لليث شرا ... لكل متهم بالنصب فراس
ومن قصائده الإلهيات:
يا رب هل إلا إليـ ... ـك توجهت آماليه
وبباب رحمتك الوسيـ ... ـعة قد حططت رحاليه
وقرعته من تحت أسـ ... ـتار الظلام الداجية
بضراعة مشفوعة ... بدموع عين باكية
حاشا لجودك أن تخيّيب يا كريم رجائيه
أو أن أعود وراحتي ... من فيض برك خالية
من ذا الذي أدعو فيسـ ... ـمعني ويكشف ما بيه
ويحل عقدة فاقتي ... ويجيب صوت دعائيه
عجلاً ويغفر لي ذنوباً قد ملأن حَباليه
ويصب سحب نواله ... ويرد كيد عدائيه
إلاك يا من لا عليـ ... ـه قط تخفى خافية
يا رب فانصرني وكثر فيك من أنصاريه
واجعل لعبدك جنة ... من كل شر واقية
وانظر إلي بعين بر يا إلهي كالية
واجعل على جسدي وأذ ... يالي لباس العافية
وأزل بحق علاك يا ... رب السما أوصابيه
فإليك وحدك يا إلهي والدي أوصى بيه
والدهر قد أمسى به ... آساد بغي ضارية
وتكنفت منه الشرو ... ر جميع هذي الناحية
وغدا على أمر البرية كل جبت طاغية
فَعُرَى الأمانة والديا ... نة في البرية واهية
وذرا الخيانة في قلو ... ب الناس أمست راسية
ومخالب السفهاء من ... مهج الأفاضل دامية
وظننت أبناء الزما ... ن بكل عهد وافية
حتى إذا ظنوا بأن الدهر حوَّل حاليه
عزموا على إهمالهم ... تلك الأواخي(2) قاصية
ورنوا إلي بما يخبّر عن قلوبٍ قالية
فتركتهم وقلوبهم ... يا ذا الجلال كما هيه
وقصدت بابك أبتغي ... يا رب حسن قرائية
ووردت بابك(3) أقتفي ... أثر النفوس العالية
وجعلت دلوي في الدلا ... يا سيدي ورشائيه
فأعد علي عوائد الـ ... ـكرم التي هي ماهيه
أصلح إلهي أين كنـ ... ـت بحق ذاتك شأنيه
وأقِلْ إذا أعثرنني ... نوب الزمان عثاريه
__________
(1) هذا البيت سقط من (أ). وهو موجود في (ب).
(2) في (ب): الأواخي.
(3) في (ب): بحرك.
واجعل من التقوى شعا ... ري دائماً ودثاريه
وافكك بحقك من قيو ... د الموبقات أساريه
فمطامعي أمست إلى ... عتبات جودك سارية
أمست مدى همي لعظـ ... ـمي من ذنوبي بارية
يا بردها مهما غدت ... عن طب عفوك بارية
فبحق ذاتك لا هتكـ ... ـت بزلتي أستاريه
وتول عوني في إقا ... ماتي وفي أسفاريه
وبحق من خمدت به ... نار الضلال الحامية
خير الأنام صفيك الد ... اعي إليك علانية
ومن نبوياته وهي كثيرة، فهذه منها:
إليكم بكم في حبكم أتوسلُ ... إذا عز عني ما به أتوصلُ
فهل من يد أو نظرة تحضرونني ... بها نحوكم كيما أقول لتفعلوا
/98/(لحا) الله قلباً لم تكونوا سكونه ... فذلك أخلى من يراع وأعطلُ
وبليل بالاً لم يبت كلما شرى ... سنا البرق من تلقائكم يتبلبلُ
أعيدُوا لنا عيدَ التداني وأطلعوا ... عمود صباح الوصل فهو المؤملُ
أعوذ بكم من ليل هجرٍ ذيوله ... على صبكم من ليل لقمان أطولُ
علي لكم عهد قديم وموثق ... أبى عقده أني بكم(1) أتبدلُ
شربت بكم كأس الغرام ولم أزل ... بها قبل إدراكي أعل وأنهلُ
ووليت وجهي في الهوى شطر بيتكم ... وبت بمسعى كعبة الحب أرملُ
(ولما تجلى لي صباح تعلقي ... بكم ونأى ليلٌ من الشك أليلُ)(2)
صعدت منار العاشقين ولم أزل ... عليه إلى دين الغرام أُحَيعِلُ
فإن كنت من أهل المحبة آخراً ... فلي حالة تقضي بأني أولُ
يضللني من لم يكن يعرف الهوى ... ولا كيف شرع الحب وهو المضللُ
سلو البرق عني حين أمسى وميضه ... يطرز من ثوب الدجى ما يفصلُ
يخبركم عن حر لاعج لوعة ... وعن دمع عين من جوى البعد يهملُ
وإني كما شاء الغرام من الضنا ... ومن حمل أثقال الهوى وهو يدنلُ
فإن ترحموا مثلي فمن شأن مثلكم ... وإن يك إهمالاً فمثلي يهملُ
بفقري بإخلاصي بذلي بفاقتي ... إليكم وهذا ما به أتعللُ
أقيلوا أنيلوا أسعدوا أنجدوا صلوا ... أعيدوا أفيدوا طولوا وتطولوا
__________
(1) في (أ): لكم.
(2) هذا البيت زيادة في (ب).
ألم تعلموا أني فريد هواكمُ ... وأنيَ عن قومٍ سواكم لأميلُ
ولم أر إلاَّ كم ومن ير واحداً ... مثنى على الدنيا فذلك أحولُ
عصيت عليكم كل من لام فيكمُ ... وقد كثرت حولي وُشاةٌ وعذلُ
ولم يلهني عنكم بلاد وأسرةٌ ... وأهلٌ وجيرانٌ ومالٌ ومنزلُ
ولا عاق قلبي مذ نشا عن نزوعه ... إليكم غضيض الطرف أدعج أكحلُ
يذكرني بان العذيب ورامة ... إلى القاعة الوعسا جنوب وشمألُ
ويقلقني حادي الصبا كلما حدا ... دوالج تغدو وهي بالصيف حملُ
إذا ضربتها كف طلق تمخضت ... بما يرأب الكلم العتيق ويدملُ
كأن اضطراب البرق في جنباتها ... مشاعل مقرورين تخبو فتشعلُ
كأن حنين الرعد في مهجاتها ... أراح لأَنْداءِ الغمائم يثقلُ(1)
كأن السحاب الجون في كل (تلعة) ... من الأرض للعذب النفاخ تغربلُ
كأن الرياض الحق وشيٌ مدبّجُ ... بأزهارها واللوح لوح مصندلُ
كأن غصون الدوح فرع (معثكل) ... تعقصه ريح الصبا وترجلُ
كأن النعامى كلما عبرت بها ... تعبر عنها جوها (وتمندلُ)
/99/ كأن بقايا ترب نعل نبينا ... بأعطافها جاءت به تتهدلُ
محمد الهادي البشير ومن علا ... مكانته عند الإله المعولُ
محمد الداعي إلى الله والذي ... نصلي عليه ثم ندعو فيقبلُ
نبيٌ زكيٌّ لا يوفيه بارع ... مدائحه إلا الكتاب المنزلُ
نبي هدى ما زال مذ لاح نوره ... به الدين يعلو والضلالة تسفلُ
به جاءت البشرى على ألسنٍ غدت ... بها عنهم الأخبار في الأرض تنقلُ
ألم تر (سيفاً) كان بشَّر جده ... وفصَّل ما قد كان (تُبَّع) يحملُ
وما قاله فيه (بحيرى) وقد رأى الـ ... ـغمام له دون الرفاق تظللُ
وما صح من قول (ابن نوفل) إذ رأى ... محياه من نور الهدى يتهللُ
وما جاءت التوراة من نعته بما ... يقهقر عنه جاحد ومعطلُ
وما شهدت إنجيل عيسى له بما ... إذا طن في سمع المعاند يحجلُ
(ومن طاب في الأصلاب حتَّى أتت به الـ ... ـسعادة عن طيب أبيان تنقلُ)(2)
__________
(1) في (ب): تثقل.
(2) زيادة في (ب).
إلى إن بدت في حمله كل آية ... إلى الأرض والسبع السموات تحملُ
وأهدت لنا الشفَّا بمولده شفا ... به رحم الدين الحنيفي يوصلُ
وسل آل سعد كيف سعد رضاعه ... أما أخصبوا بالمصطفى حين أمحلوا
وقابلهم وجه من اليمن باسماً ... أراح عليهم ذودهم وهي حفلُ
وشق لديهم صدره ليساط عن ... بواطنه عاب القلوب ويغسلُ
وبات به الشيطان عن خبر السما ... يصُدُّ إذا رام استراقاً ويتبلُ
وما مر من يوم ولم يك شأنه ... على رغم أهل الشرك يزكوا وينبلُ
ولم تزل الأحوال منه على ذوي ال ... ـعبادة للأوثان للحزن تدخلُ
وإن امرءاً تمت عناية ربه ... به فهو دون العالمين المفضلُ
عجائب أحوال النبي محمد ... غرائب قد بانت لمن كان يعقلُ
يتيم بلا مال تظل لخوفه ... بأهل الدنى أرجائها تتزلزلُ
وفي كل قطر أظهر الله آية ... له وهو في كل(1) الكلاية يكفلُ
بتغوير ماء من بحيرة (ساوة) ... إلى أن غدت في جوفها النار تشعلُ
وكالصدع من (إيوان) كسرى ولم يكن ... به خلل من قبلها يتخيلُ
وقام ينادي في العشيرة منذراً ... لهم ما لديه يبلس المتحيلُ
دعا قومه والشرك ملق جرانه ... وشيطانه في كل قطر مجللُ
فلما تولوا ناكصين وأعرضوا ... ومالوا عن الحق المبين وميلوا
تحداهمُ بالمعجز الباهر الذي ... يدين له قسراً خطيب ومقولُ
كلام إله العالمين وحبله الـ ... ـمتين الذي فيه الشفاء المعجلُ/100
فأفحمهم فاستيأسوا من نزاعه ... وقالوا أساطير مضت وتمحلوا
على العلم منهم أن أعلاه مورق ... وأسفله مغدودق إن(2) تطفلوا
فعادوا سراعاً يوفضون ضلالة ... إلى اللات والعزى ولم يتمهلوا
وقد أضرم الخوف الشديد لظاه في ... (أثافي) صدور القوم ثمت زلزلوا(3)
وحين أبو إلا لزوم ضلالهم ... وقالوا به مس وقالوا مخبلُ
تنحل منهم هجرة طفقت بها ... مساكنهم من خوفها(4) تتقلقلُ
ومنها:
__________
(1) في (ب): حضن.
(2) في (ب): إذ.
(3) في (ب): تزلزلوا.
(4) في (ب): من خوفه.
ومن لي بأن آتي على بعض فضله ... فتلك التي لم يستطعها محصلُ
وأي يعد الشهب أو يحصر الحصى ... قصير لعمري في علاه المطولُ
هو المقصد الأسنى هو النعمة التي ... بها الكل من آمالنا تتحصلُ
ألا يا رسول الله يا خير من طوت ... به البيد فتلاء الذراع وأفتلُ
مدحتك لا أبغي لذاك إجازة ... من العاجل الفاني به أتمولُ
ولكنني في قيد ذنب يحل من ... عراي القوى إني بذاك مكبلُ
وما كنت يا خير الأنام شفيعه ... إلى الله قل لي رده كيف يحملُ
إذا لم تقم بي يوم ينكشف الغطا ... فلست على حي سواك أعولُ
يمر ببالي وقت نشر صحيفتي ... [فيقلقني](1) هول هناك أهولُ
وأذكر منك الجاه والرحمة التي ... تعم جميع العالمين وتشملُ
فتنحل(2) عني عقدة الكربة التي ... بها لم أزل في مضجعي أتململُ
إذا الله حاشا الله رد وسيلتي ... بكم فاهدني من ذابه أتوسلُ
وكن لي وللإخوان يا خير مرسل ... إليه تشد اليعملات ويعملُ
عماداً وركناً كلما لحظت إلى ... مصاعده غير الحوادث يحجلُ(3)
وأهل لواء(4) من ذؤابة هاشم ... حبوني برفع القدر فيك وجللوا
وأولوا ووالوا كل عارفة بها ... أقاموا قناتي بعد ميل وعدلوا
ولا تنس فضلاً والديَّ فإنني ... على والديَّ العاجزين لأوجلُ
وأهلي التي ما زال خوف إلهنا ... لأجفانها بالسهد في الليل تكحلُ
فخذ بيدي يا خير من كرَّ يَمَّهُ ... وقل معنَا دار المقامة تدخلُ
وصلى عليك الله ما ظل بارع ... يجبر وشي المدح فيك ويملُلُ
(وآلك من أغنى الوليُّ عن الوفا ... لهم بالثنا بالذكر في الحق مجملُ
وصحبك من أرضوك حياً وميتاً ... وماتوا على هاتا ولم يتبدلوا
وهذا مقام أنت فيه مؤمل ... جدير لعمري أن يفوز المؤملُ) (5)
__________
(1) في (ب): فيقلن. ظ وفي الحاشية فيقلقني.
(2) في (أ): فينحل.
(3) في (ب): تخجل.
(4) في (ب): ولاء.
(5) الأبيات ما بين القوسين زيادة في (ب).