الفقيه العارف المذاكر حجَّة أهل الفروع إبراهيم بن حثيث الذماري، من قرية ذي العليب من بلاد جهران، وليس من الفقهاء(1) بني حثيث أهل القبَّة(2) الذين ينتسبُون إلى الفقيه محمد بن حثيث، فإن محمد بن حثيث أصله من قايفة(3)، وكان فاضلاً أيضاً، كان إمام الفقه محققاً مناظراً قليل النظير في الإصابة والحفظ وجودة النظر، وعليه يُعوِّل الفقهاء، ورجع شيوخه إليه في أوائل أمره وغصن علومه رطيب، واتفق في أوائل مَنْشَئِهِ تردد مع فقهاء مدينة ذمار وهم أهل الورع والتحفظ إلى حدٍ تقصر عنه العبارة، سمعتُ شيخنا العلاَّمة إبراهيم بن يحيى السحولي عند ذكر أحوالهم في بعض الأيام يقول: لو اتفق أولئك العلماء في(4) مسألة ما استجزت خلافهم، لما يراه من الحفظ للعلم والتحفظ في العَمل، فدار بينهم إشكال أوجب أنهم يتجنبون الوضوء بماء المدرسة الشمسية بذمار، وذلك أنه تولَّى نزع الماء من البئر ولد دون التكليف، فقالوا: هذا(5) على أصل الإباحة، والمباح يملكه الناقل له أو المحيي على قواعد المذهب فهو إذاً ملك للصبي فبأي وجهٍ خرج من ملكه وإباحته، كلا إباحةٍ فتنبَّه القاضي إبراهيم للمسألة وقال: إن ذلك فيما كان مباحاً لم يسبق فيه حق، أمَّا ما قد سبق فيه حق فلا يملكه الفاعل، فطالبوه بالمأخذ فأبرزه من كتب المذهب الشريف فتوضؤوا، واطمأنت نفوسهم. وتعمَّر القاضي صارم الدين مدة وتأخرت به الأيام /31/ حتى وفد على الإمام الأجل المؤيَّد
__________
(1) لعلها: فقهاء.
(2) ذكرها المقحفي في معجم البلدان والقبائل اليمنية ص: 506 باسم قبة حثيث، وقال: قرية في قاع جهران وتعرف باسم عليب، تهدم منها 98 منزلاً في زلزال ديسمبر 1982ه. انتهى
(3) قائمة: وتسمى أيضاً قيفة من قبائل رداع وهي بطن من مراد، ومن أقسامها: قيفة ولد ربيع، وقيفة آل غنيم، وقيفة آل محسن يزيد، وقيفة آل مهدي (انظر المصدر السابق ص: 528).
(4) في (ب): على.
(5) في (ب): زيادة: الماء على أصل.

بالله ابن الإمام المنصور بالله - عليهما السلام - وأجلَّه الإمام وعظَّم قدره، وكان في الحضرة علماء منهم القاضي العلامة سعيد بن صلاح الهبَل - رحمه الله - وكان إمام الفقه، فأثنى على القاضي صارم الدين، وشوَّق ألباب الطلبة للقائه، وحثهم على سماع (معيَار النجري) عليه؛ لأنه خرِّيته(1) الماهر فعوَّل(2) عليه إمامنا المتوكل على الله حفظه الله، فاشترط للسَّماع حضور نسخة صحيحة معيّنة، وقرؤوا عليه، وحضر الأعيان، ولم يبعد القاضي سعيد عنهم وقت السماع، ولكنه استنكر تبلد طبع القاضي وأنه لم يبق على عهده، وكان القاضي صارم الدين لا يبالي بالجهال ومن لا يتحرَّز في دينه، وكان يأخذ دراهم على الفتيا، فذاكره تلميذه القاضي العلامة محمد بن صلاح الشامي(3)، فقال: هؤلاء بأيديهم حقوق لله تعالى وولاتهم يومئذٍ الأتراك، وأظهر للقاضي محمد بن صلاح شواهد أن تلك الدراهم كانت [تصل](4) إلى الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد - أعاد الله من بركته - ولم أتيقن اسم والده فكتبته في هذا المحل والله الهادي، ووفاته يوم الأربعاء السابع والعشرين من صفر سنة إحدى وأربعين وألف.
إبراهيم بن خيران [ - ](5)
الشيخ العلامة ترجمان علوم الأئمة صارم الدين إبراهيم بن خيران، من أجلاء العلماء والأعلام الأجلاء، وهو الذي ينسب إليه بعض العلماء (الكامل المنير)، وبعضهم ينسبه إلى نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم، وناهيك بهذا الشيخ الذي التبس ما صنفه بما صنفه هذا الإمام الجليل - رحمهم الله جميعاً - ومن اطلع على هذا الكتاب علم محل الفقيه المذكور من العلم.
__________
(1) خرِّيته: الخِرِّيت كسكّيت: الدليل الحاذق. (القاموس المحيط ص152).
(2) في (ب): معول.
(3) في (ب): محمد بن صلاح السلامي.
(4) سقط من (أ).
(5) أعلام المؤلفين الزيدية ص: 50 ترجمة (11).

إبراهيم بن سليمان بن أحمد [ - 722 ه‍ ]
الفقيه الفاضل العارف إبراهيم بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن المعروف بأبي الرجال بن سرح بن يحيى صنو الفقيه الفاضل إمام المذاكرين صاحب (الروضة)(1) محمد بن سليمان، ترجم لإبراهيم صنوه العلامة موسى بن سليمان الآتي ذكره - إن شاء الله تعالى - وأثنى عليه بما يستحقه، وقال: توفي في أوَّل يوم من ربيع الأول من شهور سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، قلت: وقبره بالطفّة المشهورة بظفار - رحمه الله تعالى -.
إبراهيم بن طماح [ -]
الفقيه العالم إبراهيم بن طماح من هجرة ذي حُوْد(2) من بلاد المقُري، عالم تقي له خزانة كتب ومقام فاضل - رحمه الله تعالى -.
إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أبي النجم [ - ]
القاضي العلامة حاكم المسلمين إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أبي النجم، قاضي صعدة المحروسة وحاكمها ومفتيها في الحلال والحرام وعالمها، كان قاضياً فاضلاً ممدحاً بالشعر، وأهل بيته أهل مكارم عديدة، وسيمر بك ذكر جماعة من أهل بيته في أثناء هذا الاختصار، وذكر نسبهم وتوليهم للقضاء كما سيأتي من أيام عمر بن الخطاب، ولله القائل:
الأسعدون بنو أبي النجم الأُلى ... ظعنوا وثوب الدهر منهم عاطرُ
المنعمُون ولا جواد منعم ... والمطعمون ولا كريم ناحرُ
والطيبون فلا فعال آثمٌ ... والحاكمون فلا قضاء جائرُ
__________
(1) ويسمى الروضة في فروع الفقه، لمحمد بن سليمان بن أحمد المعروف بابن أبي الرجال، جمعها عنه تلميذه محمد بن أحمد بن سلامة بن أبي الحبيش (انظر أعلام المؤلفين الزيدية ص: 903).
(2) هجرة ذي حود هجرة عامرة معروفة من مخلاف المنار (مخلاف مقري) وأعمال آنس في الغرب من ذمار مع ميل نحو الشمال، وتبعد عنها بنحو ثلاثين كيلو متر (هجر الأكوع 2/ 760).

إن أصبحوا تحت التراب فذكرهم ... مثل على ظهر البسيطة سائر(1)
ولم يمرَّ بي في بيوت الزيدية بعد آل محمَّد - صلوات الله عليه وعليهم - أكثر مناقب من أهل هذا البيت، وكان هذا القاضي صارم الدين ممدّحاً بالشعر، فمن ذلك ما قاله السيد إبراهيم بن محمد بن مدافع الديلمي:
إما بلغت إلى شريف مقامه(2) ... فالثم ثراه تشرفاً بترابه
وانزل بساحة سيِّد من سادةٍ ... يَعلو الأنام بفضله ونصَابه
تلقى لإبراهيم نشر عوارفٍ ... كالمسك ينفح في فناء(3) جلابه
في بُعده ودنوّه ومقاله ... وفعَاله وشفاهه وكتابه
وخلائقاً تحكي الرياض ونائلاً ... متواصلاً والفضل في آدابه
صنو التقى وأخو المكارم والعطا ... وأبو الحيا والمجد من أترابه
إلى آخرها، وقال فيه آخر:
يا أيها القاضي الذي لم يزَل ... في كل حال خلقه مرتضَى
ومن نداهُ عارض واكف ... وعزمُه كالصَّارم المنتضَى
ومن حمَى أحسَاب أسلافهِ ... وحاطها بالفضل أن تقبضَا
ومَن يؤمُّ المجد إن غيره ... عن غيره جنَّب أو أعْرضَا
إنِّي لم أمدحك للمرتجى ... لكنني أثني على ما مضَى
لا زلت أهلاً للهدى والحدَا ... وللمعالي والحجَا والقضَا
واختصرنا ما قيل فيه - رحمه الله تعالى - من التقريض خوف الإطالة، ولمَّا مات أبَّنهُ جماعَة منَ الفضلاء فقال فيه القائل:
لئن غاب من أبنا أبي النجم كوكبٌ ... كريم إلى كل القلوب محبَّبُ
__________
(1) حاشية في (ب)، قوله: الأسعدون إلى آخره، هذه هي في القاضي العلامة صارم الدين إبراهيم بن يحيى بن أبي النجم لا في إبراهيم بن عبد الله كما ذكر المؤلف - رحمه الله - كما هو موجود الآن والحمد لله تمت، وكذلك كلمة السيد إبراهيم بن مدافع الديلمي وما بعدها والترثية في إبراهيم بن يحيى بن أبي النجم، وأمَّا كلمة الإمام المعتضد بالله فهي في إبراهيم بن عبد الله هذا، والجواب عليها وما بعدها فلينظر تمت والله الموفق.
(2) في (ب): إلى شريف جنابه.
(3) في (ب): قناء.

له خلق بالمكرمَات مفضَّضٌ ... وعلم وحلم بالحيَا مذَهَّبُ
حَميٌّ كميّ أريحيّ مشيّع ... عليم بأعقاب الأمور مهَذَّبُ
وَفي قومهِ بأسٌ وعزّ ونجدة ... وليسَ لنا عن مذهب القوم مذهبُ
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دُعوا ... أجابُوا وذكراهم من المسك أطيَبُ
أئمتنا الهادون والسَّادَة الأُلى ... لنا عندهم حقٌّ عظيم ومرحَبُ
زكيُّ الهُدَى والمجد منهم وصنوه ... سُلَيمان والباقون صِيْدُ وأسحبُ
وقد كان إبراهيم للنَّاس عنْ يَدٍ ... وكانَ لنا منه من الماء أعذبُ
/33/
فغادرنا فيه الزمان فيا لها ... مقدرة في صادق ليس يكذبُ
وقد كان إبراهيم جفنة طارق ... إذا جاء والليل البهيم مطنبُ
وقد كان إبراهيم سم محارب ... إذا الحرب يوماً جمرها يتلهَّبُ
فيبكيه خطيُّ وسيف ومنبر ... وكتب وأفراس وحيه ومذهبُ
إلى [آخر] ما قاله ورثاه الإمام المعتضد بالله أمير المؤمنين الداعي بن المحسن:
أرى الموت كل به مرتَهنْ ... فصبراً على حادثات الزَّمنْ
أوائلنا ظعنوا قبلنا ... ونحن بِأثْرِ الذي قد ظَعَنْ
فما أحسن العيش لو أنَّه ... يدوم شِرينا بأغلى الثمنْ
ولكن رأيت صروف الزما ... ن لا تتقى بحصين الْجُنَن(1)
أطفن ببلقيس في عرشها ... وأخرجن من قصره ذا يزنْ
ورعن سلامة ذا فائش ... وأنزلن في هوَّةٍ ذا جَدَنْ
وقيس المتوَّج في حضرمو ... ت وقد عزَّ عصراً فما يمتهنْ
وأقصد أسهمها التُّبَعِيْن ... وزلزلنهم من سوامي القَنَنْ
فهل بعد ذلك مستعتبٌ ... على الدهر في سارح أو يَفَنْ(2)
نظنُّ المنازل أوطاننا ... ونجهل أن القبور الوطنْ
فنخربُ داراً إليها المعاد ... ونعمُر من دارسات الزمن(3)
فمن مبلغٍ قاضي المسلميـ ... ـن وعلام شيعتنا باليمنْ
__________
(1) الجُنن جمع جُنَّة بالضم وهو ما استترت به من سلاع، والجُنَّة: السترة (انظر مختار الصحاح ص: 114).
(2) الشارخ: الشاب، واليَفَنُ محركة الشيخ الكبير.
(3) جاء في حاشية (أ)، (ب): الدمن.

عزاء إليكم تقي الهدى ... بسبطك وارث علم السنن
فنعم السّمي سميَّ الخليل ... رضيع لبَان السخا والمنن
يعزُّ هداك مليك السما ... فإنَّ العزاء يزيلُ الحزَنْ
بموت الرسول وهلك البتو ... ل ومثوى الحسين الرضي والحسنْ
فما دُمت دامت مباني العلا ... لآل أبي النجم في كل فنْ
فقوَيتهم في مساعيهم ... وشدَّدت من أزرهم ما وَهَنْ
وكنتم قضاةً لآل الرسو ... ل تقفُون آثارهم في السننْ
وما لامكم قبلها لائمُ ... ولا شاب إعراضكم من دَرَنْ
فتعساً لقاضٍٍ يباري علا ... كِ بصعدة كالبلس وسط القرنْ
ولا نابك الدهر من بعدها ... وسلمت من طارقات المحنْ
وأجاب والد القاضي صارم الدين وهو القاضي الوحيد عبد الله بن محمد بن حمزة بن أبي /34/ النجم عن هذا الشعر فقال:
كتابك يا ذا الوفا والمننْ ... يفرّق جمع جيوش المحنْ
ويأسو القلوب ويَنْفِي الكرُو ... ب ويقطع سبل دواعي الإحنْ(1)
ويشفي الصدور وينمي الحبو ... ر(2) ويهدي السرور وينفي الحزنْ
ولِمْ لا وأنت وحيد الأنا ... م وعالم عصرك في كل فنْ
وربك غشَّاك من نوره ... بهاءً فأنت فريد الزّمنْ
وكم لك من أثر ظاهرٍ ... خلفت الحسين به والحسنْ
وأشبهت قاسم في فعله ... ويحيى الإمام مقيم السُّننٍ
دَعوت إلى المنهج المستقيم ... وهدم كنَائس أهل الوثنٍْ
وبايعك النَّاس ثمَّ انثنوا ... وأسقط أكثرهم في الفتنْ
فيا ليت شعريَ فِيْمَ النجاة ... وطوبَى لمن قرَّ ثم اطمأنْ
علينا ملائكة حافظون ... وكل بما قد جنى مُرْتَهِنْ
فيا ربِّ عوناً فإنَّ الكريم ... يجيب الحزين ويهدي السنن
عسَى ولعَلَّ مليك السما ... يُجمِّع شمل بني المؤتمنْ
ويحرسهم من مهاوي الهلاك ... ويوقظهم من سِنَاةِ الوَسَنْ(3)
غبطت أبا النجم لما أتا ... ه‍ داعي المليك ومسدي المننْ
وكان كبدرٍ عراه المحاق ... لِسَاناً فصيحاً ووجهاً حسَنْ
__________
(1) الإحن: جمع الإحنة وهي الحقد.
(2) الحُبور: السرور.
(3) السِنَّةُ والوَسَن: النعاس.

وكنت أرجِّيه بعد المما ... ت يقضي الدّيُون وينفي الدَّرنْ
فحالَ القضَاء على شخصهِ ... حميد السجايا رحيب العطنْ(1)
إلى الله أشكو الذي نالني ... عسَى الله يجبر هذا الوَهَنْ
يُهوِّن وجدي أني امرء ... أُرَجي المنيَّة أن تأتَينْ
أجاوره في ثرى قبره ... وأشتمَّ أعظُمَه والكفَنْ
وأرجُوه يشفع يوم الحساب ... فيسكنني الله فيما سكَنْ
ولولا الإجابة حتم لما ... جَعَلْتُ الجواب لقَلبي شجنْ
سلام الإله ورضوانه ... عليك فأنت رضيع الفطنْ
وما زلت تكسو الجيوب العراة ... كسيت من الرِّيش غالي الثمنْ
وقال والده فيه رحمهما الله تعالى /35/:
وخير لنا منه ثواب ورحمة ... وخير له منَّا الإله مجَاوِرُ
رضيت قضَاء الله فيه وإنني ... لرَبي على إحسَانِه اليوم شاكِرُ
وقال فيه:
لئن كانَ إبراهيم وَلَّى بيومهِ ... فما أنا عَن ريب الزَّمان جزوعُ
أيا وحشة فارقت شخصك سيّدي ... فراق حبيب ما إليه رجُوعُ
لو(2) كانَ يغنيني البكا لتفجَّرت ... عيُوني دماً إذ ما بهنّ دموعُ
لئن غبت عن عيني حبيبي فإنني ... أراك بقلبي والأنام هجُوعُ
وأرجُوك في يوم القيامة شافعاً ... وإنَّك من هَول الحساب شفيعُ
رضيت قضاء الله في كل حادِث ... وقلبيَ من حزنٍ عليك وجيعُ
فلا تبعدن إنَّ المنيَّة دعوَة ... يجيبُ لها كل الأنام مطيعُ
يُهوِّن وُجْدي أنَّني بك لاحق ... وأنّي إلى ما أنت فيه سريعُ
وقد كنت أرجو أن تكون مشيِّعي ... وقاضي ديُوني والدموع هَمُوْعُ(3)
فحال قضاء الله دون إرادتي ... وكل لحكم الحادثات صريعُ
ولو(4) كنت تُفدَى ياأبا النجم بالفدا ... بذلتُ الفدا والأقربون جميعُ
أقمت فروض الله قبل وجوبها ... ولا يستوي عبد وفى ومضيعُ
ورثاه يوسف بن جعيد وغيره - رحمهم الله أجمعين -.
__________
(1) أي رحب الذراع، وهو كناية عن سعة صدره ولطف أخلاقه.
(2) في (ب): ولو.
(3) الهموع بفتح الهاء: السائل، وبالضم: السيلان، وقد هَمَعَت عينه أي دمعت (مختار الصحاح ص: 699).
(4) في (ب): فلو. وهي الصواب.

إبراهيم بن علي بن المرتضى [741 - 782]ه(1)
السيد العالم الكامل إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضَّل(2) - رضوان الله عليه ورحماته - كان إماماً، جليلاً، عَلَماً، عالماً، نبيلاً، مفخراً للإسلام - قدس الله روحه - ترجم له جماعة أجلاء، منهم السيد العابد يحيى بن المهدي الزيدي، قال فيه: كان عالماً فاضلاً زاهداً عابداً، قد براه الخوف، وأنحلته العبادة، وكان وجهه يتلألأ نوراً، وكان يُرى نور وجهه من بعيد، وكان مصفار اللون من خوف الله تعالى، وله وظائف في العبادة والتلاوة، وله ولأهل بيته ما يعجز إلا من وفقه الله، روَى لي السيد الأفضل أحمد بن الهادي بن أمير المؤمنين يحيى بن حمزة - عليه السلام - أنَّ هذا إبراهيم - أعاد الله من بركاته - كان يؤثر بطعامه وطعام أهل بيته الفقراء، ورُبَّ ليلةٍ يضمرونها، وكان من لبَاسهِ العَبَاء والخشن من الصوف، قال: وكان يلبس الشملة، فإذا كان الليل طرحها على أولاده من شدة البرد وفراشه الحصير، وعبادته وزهادته وأوراده الصَّالحة قبلة للصَّالحين وقدوةً للعارفين، وله كرَامَات ظاهرة وفضائل باهرة. انتهى كلامُه. توفي - رحمه الله - يوم الاثنين في رجب سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة بهجرة الظهراوين(3) من أعمال شظب(4)
__________
(1) صلة الإخوان (تحت الطبع) الفضائل (خ)، المستطاب (خ)، الطبقات الكبرى القسم الثالث تحت الطبع ترجمة (20) وفيها مولده 741ه.
(2) في (ب): مفضل.
(3) الظهراوين، كانت هجرة عامرة تدعى هجرة شظب نسبة إلى الجبل الذي يقع فيه، وأحياناً تدعى هجرة بني حجاج نسبة إلى العزلة التي يقع فيها جبل شظب، وهي شرق السودة وجزع عناش مقبرة شهيرة تقع بين هجرة الظهراوين وجبل سرارة وتسمى اليوم عشان (هجر الأكوع 3/ 1340).
(4) شظب جبل قرب السودة من محافظة عمران، وإليه تنسب سودة شظب من مدارس العلم في اليمن، وفيه قبور جماعة من العلماء، وهو جبل واسع يطل على مركز السودة (المقحفي 356، مجموع الحجري 3/ 452).

ودفن مع كرام /36/ بجزع عناش - رحمه الله -. انتهى
وترجم له غيره، قال ولده السيد العلامة الهادي بن إبراهيم - رحمه الله - عند أن ذكر طرفاً من أحواله، وقال معتذراً عن الاستيعاب والإطناب: تركنا ذلك لأنه لا أقبح من ثناء الأبناء على الآباء، وإن كنت لا أذكر إلا حقاً كان - رحمه الله - عبداً صالحاً مطيعاً لمولاه، مخبتاً من مخافته، ثم قال: لم يكن فنُّ من الفنون إلا وله فيه اليد الطولى، وتمكنت قراءته في علوم العربيَّة والآداب والأصولين، وكانت قراءته على شيوخ أعلام، وأئمة علم كرام، منهم السيد محمد بن الحسن بن باقي من آل الهادي - عليه السلام - ومنهم السيد العلامة الكلامي القاسمي في علم الكلام محمد بن يحيى بن مكني(1)، ومنهم القاضي العلامة محمد بن حمزة بن مظفر في علوم العَربيَّة، والفقيه الأفضَل الأعمَل الأكمل، إمام علم الحديث أحمد بن سليمان الأوزري، والفقيه العالم يحيى بن حاتم الجنبي، وكانت قراءته في الفقه على شيوخ كثيرة، وكان وسيم الخلق، طويلاً، بادياً، أشم الأنف، واسع الجبين، ماكن الأعضاء، سبط الأنامل، أقرب إلى النحافة في جسده من دون رقه كثيرة، كان يمشي الهوينا، وقال له بعض الفضلاء في ذلك، فأجابه مبتسماً: ?الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا? (الفرقان: 63) ولم يكن في فنٍّ من فنون العلم إلا وله شاة في قطيعه، وكان معظم قراءته في الهجرة اليحيويَّة، وكان فصيحاً بليغاً خطيباً مِصْقعاً مجيداً في الشعر ومن شعره:
وجدنا هذه الأجسام تملي الأدلَّة للعقول على الحدوثِ
يعاورها اجتماع وافتراق ... ونيطت بالتحرك والمكوثِ
أيعقل أنها من غير شيءٍ ... أقيمت في الأماكن والحيوثِ
وكتب إليه ابنه العلامة الهادي بن إبراهيم من صعدة شعراً، وطلب جوابها فأجابه بقوله:
هزَزت حساماً مشرفيّاً من الفم ... صليل غراريه فصيح التكلُّم
__________
(1) في طبقات الزيدية الكبرى 1/79: مكين.

وأبرزت للأبصار إبريز منطقٍ ... فكان سلاف السامع المتفهِّم
وجئت بألفَاظٍ رقاق تضمنت ... بديع معانٍ كالرحيق المختم
وكنت إذا المعنى تمنع صَيده ... أصبت بسَهم(1)اللفظ شاكله(2) الرمي
ومنها:
ألا إنَّ لي سبطاً تسمَّى تيمُّناً ... بكنيته(3) يحيى بن الحسين المعَظِّم
ففاضَ عليه النور من اسم جّده ... فجاء جوَاداً مَصْقعاً علماً كَمي
قَرأ (استبقوا الخيرات) قبل احتلامه ... فعَضَّ على الماضي بنان التندمِ
وأنشد له بعض العلماء من أولاده وقد أقام بحوث أيام الخريف:
إذا ما شئت من عللٍ تداوَى ... فخيَّم بالخريف لدى شراوَى(4)
به عنب يحاكي التبر لوناً ... وأحلا في المذاق من الحلاوَى
وحكى بعض الفقهاء أهل المعارف وهو الفقيه الفاضل أحمد بن يحيى الزباري /37/ - رحمه الله - أنه صحب السيد عادت بركاته في بعض أسفاره وقد تقدَّم من شظب إلى ذمار إلى حي الإمام الناصر ، فلمَّا وصلوا الصَّرارة رأوا حصن ثلا فقال السيد - رحمه الله تعالى -:
كأنه طائر هيَّا قوادمه ... لئن يطير ولمَّا ينشر الرِّيشا
قال الفقيه: فرويت ذلك لصنوه السيِّد شمس الدين أحمد بن علي، فاستجاده، وقال: ينبغي أن يكون قبله:
أما رأيت ثلا في نصب قامته ... يبدي لنا عن حضيض الأرض تكميشا
إبراهيم بن علي بن أمير المؤمنين [ - 978]ه(5)
__________
(1) في (ب): سهم.
(2) ينظر في صحة البيت.
(3) لعلها: بكنية، وإلاَّ فلن يستقيم الوزن.
(4) شراوَى: اسم منطقة ينظر إليها في المعجم.
(5) روح الروح خ، السلوك الذهبية خ، المذاهب السنية خ (أعلام المؤلفين الزيدية ص: 58 ت: (19).

7 / 182
ع
En
A+
A-