وكان المؤيد بالله قد أرهص وقدم مقدمات قطعية الإنتاج لهذه النعم جزاهم الله جميعاً عنا أفضل الجزاء، ولقد بلغني أن رجلاً أعمى من ولد عقيل بن أبي طالب مر ومعه قائده بمحل قريب من محل الشيخ العارف محمد بن علان عالم مكة، فقال العقيلي لقائده وهو لا يشعر بمكان الشيخ محمد: والله لقد رفع هذا الإمام يعني المؤيد بالله قدر أهل هذا البيت، يعني بيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال له الشيخ محمد: ماذا تقول يا فلان فأنكر مقالته، ثم أخبره بها فقال له الشيخ محمد: لا والله، بل رفع جميع أهل مذهبه ليس أهل البيت فقط.
الحسين بن أحمد بن الحسين [ - ق 11 ه ]
السيد الأديب الحسين بن أحمد بن الحسين بن عز الدين بن الإمام الحسن بن الإمام عز الدين بن الحسن المؤيدي، كان أديباً شريفاً عالي الرتبة، وله في علم الأدب، وله في الآداب(1) حظ، وله شعر فائق، لكنه ليس بالكثير، وكان بصنعاء أيام الدولة، ولما التمس الباشا سنان من الأدباء تاريخ البكيرية(2)
__________
(1) في (ب): في الأدب.
(2) حاشية في (ب): هنا فلق، فإن عام عمارة البكيرية عام ست وألف سنة العام الذي دعا فيه الإمام المنصور بالله عليه السلام، وفي هذا العام تمام عمارة ما يتعلق بها من مستطابات ونحوها، وتاريخ وفاة هذا السيد على ما يقتضي به آخر الترجمة وقتله مع مطهر بن الإمام شرف الدين يوم الجمعة سادس شهر محرم سنة تسع وخمسين وتسعمائة، فكيف يكون مؤرخاً لمستطابات البكيرية فيما نظر به السيد العلامة صلاح بن الحسين رحمه الله نهاية وافية ودراية شافية جزاه الله خيراً. هذا وهم فإن المقتول مع مطهر بن الإمام ليس هو السيد الحسين المذكور، وإنما هو جده أبو أبيه الحسين بن عز الدين، وإنما نشأ هذا الوهم من تصحيف لفظة أبيه في قوله: وولادة أبيه الحسين حفظه الله بالنون مكان الياء، وقد أصلحته كما ترى، وهذا التصحيف قد نشأ فقدم ولادة الابن على الأب بثلاثين سنة، ولم ينتبه له المعترض فينكره، مع أنه أحق بالاستنكار، فيتأمل والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
السيد صلاح بن الحسين لطف الله به، وقول المؤلف هنا في استشهاد السيد الحسين في ثلاء مجاهداً مع مطهر بن الإمام بأمر صنوه الإمام الهادي بن أحمد بن عز الدين أوضح من الشمس في الدلالة على أن المقتول جد السيد المذكور لا هو، ولله القائل: (حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء)، والله الموفق وهو أعلم.
وهي القبة الأنيقة التي عمرها الوزير حسن باشا وطلب منهم تاريخ الحمام وتاريخ المستطابات التي اتخذت عند القبة تمالح الأدباء، واتحفوا في ذلك وأجادوا، فمن ملح السيد في تاريخ المستطابات
كم حاقن وحاقب ... خلاصه في سبقه
وكان والده أحمد بن الحسين أعجوبة الزمان في المكارم، ملكاً عظيم المنزلة واسع الإفضال، بلغت عساكره مبلغاً عظيماً، مما يحكى أنه جعل أنواع عسكره خمس عشرة طائفة، وجعل بعد العيد خمسة عشر يوماً أيام عطلة يخرج في كل يوم طائفة من العسكر بزي عجيب /80/ وكان يقول: أنا لا أفي لمن قطع (العمشية) قاصداً إليّ(1)، وحكي أنه كان يخرج من بيته كل يوم ثلاثمائة جفنة للحشم والخدم، وأهل الأعمال والضيوف، وكان يأكل مع العامة، وذكر عنه أنه استقل الناس على طعامه فدخل البيت واجماً منكسر الخاطر، فجاءته بعض الشرايف لها عليه سطوة سألته ما حدث من الحوادث أوجب ذلك الانكسار، فاستعفاها فلم تعفه، فقال: رأيت الناس على طعامي قليلاً، ولد السيد أحمد بن الحسين المؤيدي سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، وقتله الأتراك سنة إحدى وتسعين وتسعمائة، سلخ شهر القعدة، وقبره (بشرمات) من بلاد آل عمار، وولادة أبيه الحسين سادس رمضان سنة ثلاث وتسعمائة، واستشهد الحسين هذا في (ثلا) مجاهداً مع مطهر بن الإمام بأمر صنوه الإمام الهادي أحمد بن عز الدين، وأصيب بسهم يوم الخميس خامس شهر محرم سنة تسع وخمسين وتسعمائة، ومات ثاني ذلك اليوم يوم الجمعة، وقبر بثلا وجده عز الدين المذكور ولد ليلة الأربعاء رابع محرم سنة ثلاث وثمانين بقرية (المجمعة) (2)، وتوفي في شهر محرم من سنة إحدى وأربعين وتسعمائة بالطاعون [- رحمهم الله تعالى -](3).
الحسين بن احمد المغدفي [ - ]
__________
(1) في (ب): لمن قطع إلى العمشية قاصداً لي.
(2) المجمعة قرية في أعلا وادي يسنم.
(3) ما بين المعكوفين سقط من (ب).
السيد العالم الحسين بن أحمد المغدفي - أعاد الله من بركته - كان سيداً عارفاً بالأدوات، وله في الفقه مسكة حسنة، وكان فاضلاً تقياً، وهو الذي سعى في عمارة مسجد الأبزر بصنعاء، ووقف كتبه للطلبة هنالك، ونقل إلى رحمة الله في (……)(1). ودفن بالروضة من أعمال صنعاء.
الحسين بن أحمد بن ساعد [ - ق 9 ه ]
الفقيه العلامة الحسين بن أحمد بن ساعد - رحمه الله - من العلماء المشاهير، ذكره صاحب الصلة، وللسيد الحافظ محمد بن إبراهيم في مجاوبته عن سؤاله ما يدل على فضله، فإنه قال: وجوابي هذا على غواص لججه، ونقاد لحججه(2)، وإنما سألني للعلة التي أجبت عليه لأجلها، وهي محبة الغوص في العلم، وكد القرائح ورياضتها على ما بعد من الفهم، وقد أحسن من قال في مثله:
كم عالم بالشيء وهو يسأل
ومن جيد ما قيل في ذلك:
نحن أدرى وقد سألنا بنجد ... أقصير طريقنا أم طويل
وكثير من السؤال اشتياق ... وكثير من رده تعليل
الحسين بن أحمد بن يعقوب [ - ق 4 ه ]
الحسين بن أحمد بن يعقوب، الفقيه اللسان البليغ، قاضي المسلمين، وعضد الملة، وحيد وقته، وفريد دهره، كان من كبار العلماء مكيناً في الفضائل، تولى القضاء للإمام المنصور بالله القاسم بن علي العياني، وكتب له عهداً يدل على جلالة قدر القاضي وجلالة قدر الإمام وتوسط في مصالح الإسلام، وكان واسطة العقد في زمانه، وهو الذي جمع سيرة الإمام القاسم بن علي(3)، وكان مع العلم الكثير من أهل الجهاد والعبادة كما على ذلك طائفة العلماء من الزيدية، وله أشعار كثيرة من جملته ما قاله بعد قضية بني ربيعة وإيقاع الإمام لهم الواقعة التي دمغت البغاة، فقال الحسين:
ذكراك أرقني وصحبي نُوَّمُ ... وهواك مني في الحشا يتضرمُ
قد شاقني حيئك ثم صرفته ... إذ عاقني امر لدي مقيم(4)
__________
(1) في (أ) و (ب).
(2) في (ب): حججه.
(3) السيرة المنصورية طبعت بتحقيقنا.
(4) في (ب): مقدم.
وعلقت منك محاسناً صيرنني ... لا أستفيق من الهوى أتكتم
فرض الجهاد على العباد مؤكد ... أولى من الأهوا ومما يذمم
/81/ ربط العباد الهاشمي ببيعة ... لزمت جميع الخلق فيما يلزمُ
القاسم المنصور والنصر الذي ... فتق الرتوق وكلما يستبهمُ
فبغى رعاع من عشيرٍ غرهم ... عفو الإمام وفي الخطاء تقدموا
فثنى عليهم عطفه وجميله ... ودعاهمُ أن ينصفوا ويحكّموا
فتغلبوا واعصوصبوا وتكبروا ... عن أن يجيبوا قوله واستعصموا
وتعاضدوا في الجحد عن مخطيهمُ ... سفهاً وقالوا ليس منا مجرمُ
فدعا بكهلان ونادى حميراً ... فأجاب دعوته الكرام الغشّمُ
من فوق جرد كالصقور وفتية ... الموت عندهمُ تراه المغنمُ
حتى إذا اجتمعت قبائل كلها ... من حي همدان وحمير يمموا
حيث الخطية أحدقت من فوقهم ... طير السماء الألف ما قد تعلمُ
يغشون متضع البلاد وحزنها ... كالموج يعتسف الأكام ويلهمُ
من فوقهم تركية ومغافر(1) ... والسمر تلمع والحديد المبهمُ
فبدا بحصنٍ لم يراقب أهله ... نعم الإله فدكدكوه وهدموا
وثنوا أعنتها علاقاً يمما ... والجمع منتظر لهم مستلئمُ
من حي بحرٍ والربيعة كلها ... وبني ألال كلهم متقدمُ
وقالوا دوننا ... هندية فيها الحمام وأسهمُ
والثور عندهم حصين مانع
... لهمُ وإن حماه مما يسلمُ
فتذامرت قومي السراة فلم يكن ... إلا قليلاً واستبيح المحرمُ
أمسوا بها صرعى تنوش لحومهم ... عرج الضباع فهم لديها مغنمُ
لولا ظلام الليل أسدل دونهم ... لم يبق منهم مخبر متكلمُ
خابت ظنونهمُ وأصبح ثورهم ... باحا يحرق بالنيار ويهدمُ
جاسوا ديارهمُ وخلوا حصنهم ... دكاً يباباً والمعاطن رغمُ
وتقسموا أموالهم وظنينهم ... ومغانماً ما كن قدماً تغنمُ
ثم انثنوا والخط فوق رقابهم ... وسيوفهم من هامهم فيها الدمُ
ونساؤهم سفعوا الخدود حواسراً ... شعث الغدائر للمحاسن تلطمُ
يبكين كل فتىً أبيح حريمه ... وتناولته البيض فهو محذمُ
__________
(1) في (ب): ومعاقر.
هذا جزاء الناكثين لبيعةٍ ... لم يودهم منها سبيل يعلمُ
الحسين بن أحمد الأسدي [ - ق 11 ه ]
أويس زمانه، وبصري أوانه الحسين بن الحاج أحمد بن عواض الأسدي - أعاد الله من بركته - أحد الفضلاء الأبدال منقطع القرين في الطاعة.
الحسن(1) بن محمد بن سلمان [ - ق 4 ه ]
الحسين بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن - عليهم السلام- ترجم له المنصور بالله وقال: قتل أيام المقتدر(2).
الحسين بن حميد بن مسعود المقرائي [ - ق 9 ه ]
الفقيه العلامة الحسين بن حميد بن مسعود المقرائي، والد محمد بن الحسن مصنف (المصابيح والسلوان) مختصر وفيات الأعيان لابن خلكان، وشارح رسالة (الحور العين)، وأراد شرح البحر فعاقه الحمام، ووالده هذا له (المنهج المستبين في أصول الدين)، وشرح على الحاجبية بسيط مفيد(3).
الحسين بن حمزة بن أبي هاشم [ - ]
__________
(1) لعلها الحسين.
(2) قال أبو الفرج في المقاتل: قتل الحسين بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى، بعد منصرفه من البجة من عبكر عبدالله بن عبدالحميد الملتاني العمري (المقاتل ص556)، والأخير ملك البجة بأرض الحبشة، وكان أعظم إخوته بطشاً وهمة، وله مآثر دنيانية، وفيه ميل إلى السلطة وانحراف عن الدين من غير فساد في اعتقاده، وكانت له وقائع كثيرة قتل بين يديه جماعة كثيرة من الطالبيين. انظر مشاهد العترة الطاهرة، تأليف السيد عبدالرزاق عونة الحسيني ط1 سنة 1408هـ، والمقتدر العباسي بويع سنة 295هـ، وقتل سنة 320هـ.
(3) في الترجمة إشكال، وفي أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (945): محمد بن الحسن بن حميد بن مسعود بن عبدالله المقرائي [862 - 908 ه ]، عن الطبقات أنه: ليس الحارثي المداني؛ لأن الزمان غير الزمان، وإنما اتفقا اسماً وأباً ونسبة، وانظر بقية الخلاف والمؤلفات في ترجمته هناك.
الحسين بن حمزة بن أبي هاشم، إمام علوم واسعة ممن ذكره بذلك السلطان الأشرف، قال: هو عالم بني حمزة السيد العلامة الحسين بن حمزة بن علي بن محمد بن حمزة بن أبي هاشم، قال مؤلف سيرة الإمام المطهر بن محمد: وهو السيد الفاضل (……)(1).
الحسين بن حمزة بن علي [ - ق 8 ه ]
السيد العلامة الحسين بن حمزة بن علي صنو الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة، ذكره الجندي في تاريخه، وذكر أن جدهما علي المذكور خرج من العراق أيام السيد يحيى السراجي، هذا لفظه: قال وقدم معه ولده حمزة، وانتسب إليه /82/ وعرف صحة نسبه فزوج ابنه حمزة بابنته - يعني بابنة السراجي - فأولدت له يحيى والحسين، وذكر أن يحيى بن حمزة أقام بمدرسة حوث، قال: وهي مدرسة الزيدية، تخرج منها جماعة من علمائهم، قال: وكان الحسين متديناً متفقهاً، انتهى.
الحسين بن علي بن علي بن الحسين [ - ق 2 ه ]
الحسين بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي - عليهم السلام- كان كامل الصفات من عيون العترة ووجوه الأسرة، قال أبو نصر البخاري: كان علي بن محمد بن جعفر قد اتفق رأيه ورأي أبيه على الخروج في سنة مائتين، واختار علي بن محمد أن يظهر بالأهواز، واستصحب ابن الأفطس - يعني الحسين بن الحسن هذا - وابن عمه زيد بن موسى الكاظم، فلما ظفر أصحاب المأمون بمحمد بن جعفر علم جعفر(2) أنه لا يتم له الأمر، فخرج من البصرة وخلف زيد بن موسى.
الحسين بن حسن بن شبيب [ - ق 6 ه ] ت
الفقيه العلامة الحسين بن حسن بن شبيب الحسني التهامي، كان عالم الزيدية إماماً منهم، وهو والد أبي القاسم الآتي ذكره، وكان الحسين - رحمه الله - إماماً في الكلام، وقد كان اعتقد شيئاً من مذاهب المطرفية، ثم رجع بعد وصول البيهقي زيد بن الحسن - رضي الله عنه - من العراق.
__________
(1) فراغ في (أ) و (ب).
(2) سقط من (أ).
قال القاضي عبد الله بن زيد - رحمه الله -: ولما رجع إلى مذهب الحق عن ذلك المذهب الزائغ رجع من أتباعه خمسمائة رجل، صاروا زيدية، وأفادني شيخي العلامة شمس الإسلام منبع الفوائد ومجمع الفرايد أحمد بن سعد الدين المسوري - وسع الله للإسلام في عمره، ورضي الله عنه - أن ابن شبيب كان ينكر الخوارق في غير زمن الأنبياء حتى اتفقت قضية زبيد والظلمة بها والرماد الذي ذكره المؤرخون، فأذعن لوقوع ذلك في غير زمن الأنبياء، ذكر هذا - أيده الله - لي عند ذكر ابن شبيب الذي رجع إلى المذهب الحق وهو هذا، وأما ولده أبو القاسم فلم يمسه التطريف وهؤلاء بنو شبيب يسكنون (ضمد).
قال السيد الهادي بن إبراهيم: ابن شبيب جد الفقهاء آل النعمان.
قلت: وبصنعاء في الزمن الأقدم بيت يعرفون ببني أبي شبيب، منهم الشيخ أبو الفرج بن علي بن أبي شبيب، وهو أحد رجال المطرفية، وكان له عبادة يتولى(1) الأذان، ويبادر إلى الصلاة أول الوقت، والله أعلم.
الحسين بن زيد بن علي بن الحسين [114 - 190 ه ] (2)
__________
(1) في (ب): ويتولى.
(2) وقيل: مولده سنة 115هـ وتوفي 191هـ عن الأسنة، انظر أعيان الشيعة 6/23 - 26 عن تفاصيل ترجمته، وانظر أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة 368، وانظر بقية المصادر فيه.
[الحسين بن زيد ذي الدمعة، هو الخطير المقام ابن خطير المقام] (1) الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام- هو المعروف بذي الدمعة ويقال: ذو العبرة، لكثرة بكائه، وكان يكنى بأبي عبد الله، وأمه أم ولد، وكان من أصحاب جعفر الصادق رباه وكفله؛ لأن أباه - عليه السلام- قتل وهو صغير، والحسين بن زيد من أنصار محمد بن عبد الله النفس الزكية - عليه السلام- في عدة من الفضلاء كأخيه عيسى بن زيد وموسى بن جعفر وعبد الله بن جعفر - عليهم السلام- وكالمنذر بن محمد بن عبد الله بن الزبير، وكان ابن أبي ذئب وابن عجلان بايعاه أيضاً، وخرج معه مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير وابنه عبد الله بن مصعب وأبو بكر بن أبي سبرة الفقيه الذي يروي عنه الواقدي، وكان مالك بن أنس يحض في الناس على بيعته، فقيل له: إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر، فقال: إنما بايعتم مكرهين، وليس على مكره يمين، فأسرع الناس إلى مبايعته، قال الأصفهاني: إنه - رضي الله عنه - شهد حرب محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام- ثم توارى فكان مقيماً في منزل جعفر بن محمد سنين، وكان /83/ جعفر رباه، ونشأ في حجره منذ قتل أبوه، وأخذ عنه علماً كثيراً، فلما لم يذكر فيمن طلب لم يأنس به من أهله وإخوانه، وكان أخوه محمد بن زيد مع أبي جعفر مسوداً لم يشهد مع محمد وإبراهيم حربهما، فكان مكاتبته بما يسكن منه، ثم ظهر بعد ذلك بالمدينة ظهوراً تاماً إلا أنه كان لا يجالس أحداً ولا يدخل إليه إلا من يثق به، قال الأصفهاني: سمي ذا الدمعة لكثرة بكائه، وروى يحيى بن الحسين بن زيد قال: قالت أمي لأبي ما أكثر بكاك، فقال: وهل ترك لي السهمان والنار سروراً يمنعني من البكاء، يعني بالسهمين الذين قتل بهما أبوه زيد وأخوه يحيى.
__________
(1) سقط من (أ).
قال الأصفهاني عن الحسين بن زيد قال: مررت على عبد الله بن الحسن وهو يصلي فأشار إلي فجلست، فلما صلى قال: يا ابن أخي إن الله قد وضعك في موضع لم يضع فيه أحداً إلا من هو مثلك، وإنك قد أصبحت في حداثة سنك وشبابك، ستدرك الخير والشر، كلاهما يسرعان إليك، فإن تسعد حتى ترى منك ما يشبه سلفك فتلك السعادة التامة، والله لقد توالى لك آباء ما رأيت فينا، ولا في غيرنا مثلهم، إن أدناهم للذي لم يكن فينا مثله أبوك زيد لا والله ما كان فينا مثله، ثم كل ما رفعت أباً فهو أفضل.
الحسين بن عبيد الله بن شيبرة [ - ق 5 ه ] ت
العلامة الخطيب الحسين بن عبيد الله بن شيبرة - رحمه الله تعالى - من شيوخ الزيدية منسوب إلى شيبرة في بني عامر بن صعصعة، ثم في كلاب، سكن ريدة، وكان مع ذلك أهل ريدة يرون التطريف، وهو يخالفهم، ويصلون خلفه، وكان أخوه علي من كبار المطرفية، وكان له سعة من المال ورغبة في اصطناع الجميل، فكان يجتمع عنده الفقهاء ويذبح لهم الذبائح، ويطعم الطعام(1) الجزل، وكان مألفاً لهم، وروى عليان بن إبراهيم من مشائخ المطرفية، قال: كان علي بن عبد الله يسرج السرج من ماله للفقهاء في بيته وانقطع السليط في بعض السنين، وكان قد جمع للتجارة فيما أرى - والله أعلم - جراراً من دهن السلحة، وهو دهن ألبان فيما سمعت من كلام أهل بلادنا والبلاد التي حولنا، فكانوا إذا اجتمعوا عنده للحديث في العادة سرج لهم السرج من ذلك الدهن، ولا يلتفت إلى غلاه، انتهى كلامه.
وكان(2) أخوه الحسين - رحمه الله - على قدم الصدق زيدياً خالص المذهب صافي المشرب، وحكى أحمد بن داود الزيدي عن مشائخه قال: كان علي بن عبد الله يرى رأي علي بن محفوظ ومشائخه.
__________
(1) في (ب): الإطعام.
(2) في (أ): فكان.