أبدي التجلد أحياناً فيفضحني ... ريق يجف وخدٌّ(1) بالدموع ندي
وله (شرح على لامية الطغرائي)، تم في سبعة عشر كراسة، لكنه لم يظهره - رحمه الله - ولكنه كان يملي من فوائده في المجالس كثيراً (2) مما سمعته عنه في شرح قول الطغرائي
أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحلية الفضل زانتني لدى العطل
قال: ذكرت في شرح هذا البيت رأي الأمير الحسن بن ناصر القاسمي الغرباني، فإنه لما أراد الإمام القاسم [بن محمد](3) - عليه السلام- الدعوة تردد من أي محل يظهرها، فكل أشار بما عنده، فقال الأمير الحسن، وكان متين الرأي ثابت الحصافة(4): الرأي أن تكون الدعوة من بلاد نازحة نحو بلاد أبي زيد بالحقار؛ لأنها إذا ظهرت الدعوة شنت (الأروام) (5) الغارات وتعطلت الأماكن المعمورة بهم، فنعقبهم عليها، وكان هذا من أحسن الآراء، توفي السيد الحسن في(6) (……)(7) ودفن بجربة الروض مقبرة صنعاء عند العلامة النحوي - رحمهم الله جميعاً -.
الحسن بن أبي الشوك الرجوي [ق ]هـ
الحسن بن أبي الشوك الرجوي، هو الشيخ الكامل الحسن بن أبي الشوك، كان ينزل الرجو (8) من مشرق حاشد، وكان له تصرف علم وديانة، وقدر عند أهل العلم، روى أنه كان في أيام المعيد لدين الله الذي قد سبق ذكره في ترجمة إسماعيل الأصبهاني، فسئل الحسن، هل هذا هو إمام أم لا؟ قال: ليس بإمام ولكن أكتم علي، فخرج الرجل من ساعته حتى أتى المعيد، فأخبره فأمر بإحضار الحسن، فلما دخل عليه قال: يا حسن أحقاً إنك قلت إني غير إمام، قال: نعم، للسائل وأمثاله إنما إمامه ثورُه وإنما أنت /28/ إمامي وإمام أمثالي، فضحك المعيد وقال: بارك الله فيك.
__________
(1) في (أ): وريقٌ.
(2) لم أجد له نسخة خطية.
(3) زيادة في (ب).
(4) . في (أ) و (ب): الحصاة.
(5) الأروام: الأتراك.
(6) في (ب): في.
(7) في (أ) و (ب): فراغ، ووفاته سنة خمس وخمسين وألف كما في المستطاب للسيد يحيى بن الحسين بن القاسم.
(8) الرجو:

الحسن بن صالح بن حي [100- 169]هـ (1)
الحسن بن صالح بن حي - رحمه الله - هو الإمام المحدث شحاك أعداء الله، ولي آل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الحسن بن صالح بن حي الزيدي صهر عيسى بن زيد - عليهما السلام-.
قال أبو سليمان الداراني: ما رأيت أحداً الخوف أظهر على وجهه والخشوع من الحسن بن حي، قام ليلة إلى الصباح بعم يتساءلون يرددها فلم يختمها حتى طلع الفجر.
وقال إسماعيل بن خالد: شكوت إلى الحسن بن صالح بن حي الفقر والحاجة، فقال: أما تخاف الغنى ثم لم يزل يحدثني في الفقر حتى تمنيت أني أحوج مما أنا فيه، ثم دخل البيت فأخرج عشرة دراهم، وقال: ما نملك غيرها فخذها.
وسئل الحسن عن غسل الميت فغشي عليه، وجعل يختلج بدنه كالسمكة يخرج من الماء.
وعنه، الناس يحتاجون إلى العلماء كما يحتاجون إلى الطعام والشراب.
ونظر إلى القبور فقال: ما أحسن ظاهرك وإنما الدواهي في باطنك.
وكان يقسم الليل بينه وبين أخيه علي وأخته - رحمهم الله - فمات علي وأخته، فقام بوظيفتهما الليل كله، وإلى الحسن تنسب الصالحية من الزيدية (2)، قال أبو نعيم: كتبت عن ثمانمائة محدث فما وجدت أحسن من الحسن بن صالح، وقال أبو زرعة: اجتمع فيه إتقان وفقه وعبادة وزهد، وكان مذهبه ترك الجمعة مع الظلمة، ويخرج عليهم بالسيف.
__________
(1) من مصادر ترجمته: طبقات الزيدية الكبرى القسم الثاني (خ) سير أعلام النبلاء 7/361 طبقات ابن سعد 6/374، حلية الأولياء 8/317 تهذيب التهذيب 1/139، مشاهير علماء الأمصار 110، لوامع الأنوار 1/329، وانظر بقية مصادر ترجمته ومؤلفاته في أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة 303.
(2) والمبادئ والآراء التي تنسب إلى هذه الفرقة محل نظر، فهي من روايات الخصوم، وكذلك بقية الفرق المنسوبة إلى الزيدية التي تجادل أن تجعل الزيدية تابعين لغير آل البيت، بينما الحسن وغيره نسب إليهم ما نسب تبع لأئمة آل البيت فما وافق الأئمة من أقوالهم فهو منهم.

وروى عنه الذهبي حديث المنزلة بإسناد متصل، حكى ذلك في ترجمته، ولما نقل الزعفراني موته إلى المهدي العباسي خرّ ساجداً، وكان صهراً لعيسى بن زيد.
وروي أنه لما مات عيسى بن زيد - رحمه الله - صلى عليه الحسن بن صالح - رحمه الله - وتوفي بعده بستة أشهر، وقيل بشهرين، ووصل رجل إلى المهدي العباسي، فبشره بموتهما، فقال المهدي: جئتني ببشارتين يجل خطرهما، موت عيسى والحسن، ولا أدري بأيهما أنا أشد فرحاً، فاسألني حاجتك.
قال أبو مخرمة في اللطيفة العشرين من المائة الثانية: الحسن بن صالح بن مسلم بن حيان الهمداني من تور(1) همدان، فلقبه حي، سمع سماك بن حرب وإسماعيل السدي وعاصماً الأحول وغيرهم.
روى عنه عبد الله بن موسى بن جعفر ويحيى بن آدم الرقاشي(2) وغيرهم، وكان فقيه الكوفة وعابدها.
قال وكيع: كان يشبه سعيد بن جبير، كان هو وأخوه علي وأمهما قد جزأوا الليل ثلاثة أجزاء، فماتت أمهما فقسما الليل بينهما فمات علي فقام حسن الليل كله، توفي سنة سبع وستين ومائة، وقيل: توفي سنة تسع - بتقديم التاء - والله أعلم.
الحسن بن صلاح [ق10 ه‍ ]
السيد الحسن بن صلاح، السيد العلامة الحسن بن صلاح بن علي بن المؤيد سيد سَرِيّ عظيم المقدار، وهو صنو السيد الإمام العلامة علي بن صلاح الذي طالبه الإمام شرف الدين بالدعوة فلم يسعده.
الحسن بن عبد الله القطابري [ق10 ه‍ ]
__________
(1) في (ب): ثور.
(2) في (ب): الرقاشي.

السيد العلامة البليغ الحسن بن عبد الله القطابري - رحمه الله تعالى - /29/ كان سيداً عالماً عاملاً فاضلاً بليغ الشعر، ومن شعره المشهور ما هنأ به الإمام مجد الدين بن أمير المؤمنين الحسن بن أمير المؤمنين الهادي عز الدين بن الحسن - عليهم السلام- ورثى به والده الإمام الحسن، فاشتملت على التهنئة والتعزية مع حسن السبك، وقل ما يتفق هذا، قالوا: وأول من جمع بينهما عطاء بن أبي الصيفي مهنياً ليزيد بالخلافة ومعزياً في أبيه معاوية، وشعر السيد - رحمه الله - هو هذا:
الأمس يبكي وهذا اليوم قد ضحكا ... وضل يضحك من بالأمس كان بكا
يوم عزاء وتعديد على ملك ... ثوى ويوم نرى من بعده ملكا
بالأمس غيب في بطن الثرى قمر ... واليوم لاح هلال زين الفلكا
كذا الزمان وفي أفعاله عبر ... والشر والخير في أفعاله اشتركا
وهكذا الدهر ما زالت عجائبه ... حيناً تسر وحيناً تشرق الحنكا
لئن فقدنا إماماً كان عمدتنا ... فقد وجدنا إماماً للفقيد حكا
وإن مضى ناصر الدين الحنيف فقد ... أعاضنا الله بالداعي وما تركا
جلت خلافة مجد الدين كربتنا ... حتى كأن أباه القرم ما هلكا
وأصبح الدين من بعد العبوس به ... مستبشراً ضاحكاً لا يعتريه نكا
والشرك أصبح في ويل وفي حرب ... لما (رأى)(1)سيف مجد الدين وانتهكا
واستبشرت مكة عند القيام به ... وطيبة طار منها القلب إذ ملكا
لأنه صاحب العدل الذي وردت ... به الملاحم والنهج الذي سلكا
مهدي عيسى الذي جاءت به سير ... ولم أكن في الذي بينت مؤتفكاً
أما ترى الأرض قد عمت بدولته ... خصباً وشمر عنها الجدب وانفركا
__________
(1) سقط من (أ).

قلت: وهذا الإمام الممدوح حري بأن تمدحه الملائكة والروح، كان من العلم بمحل لا يلحق، ومن الهداية في فلك لا يغيب نوره ولا يمحق، وأما علوم العربية فكان نسيج وحده، وله (شرح على الموشح) (1)، وكان من الزهد والورع بمحل عظيم، وكانت بسطته على أكثر الإقليم المتوسط من اليمن، وكانت الحصون بيده، فلما اطلع على أمور من الأمراء تقضي بها السياسة منع منها، فكان بها إنحلال الحال وأعظمها مسألة الرهائن، فإنه لم يرض بهم، وقال: (لا تزر وازرة وزر أخرى)، وكانت له كرامات، منها: أن الشيخ بشار صاحب الدرب المشهور بدرب ملوح لما مر عليه هارباً إلى الحجاز في زمرة من الفضلاء طالبه بحصان نجيب كان الإمام يركب عليه، وقال: هذا لا ينبغي أن يكون إلا لمن عليه عهدة طريقة الحاج /30/ لنجدته، ولم يترك للإمام خيرته، فجمع الإمام أصحابه ورتبوا أشياء من الذكر، فلم يكن إلا إلى هزيع من الليل، وقد ورم الشيخ ثم انتقع، وكان بذلك هلاكه، ولما حضرت الإمام مجد الدين الوفاة جعل وصيه الإمام شرف الدين وأرسلوا إلى الإمام شرف الدين بسجادته وشيء من أعمال عبادته، فبكي الإمام شرف الدين كثيراً، ثم قال: لو علمت حال مجد الدين ما قمت هذا المقام، فذكر له العلامة الزريقي فضائل مجد الدين وبسط فيها كثيراً أعاد الله من بركاتهم. وكان للإمام مجد الدين في الأدب مع كمال رجاحته وزهده وفكرته حظ عجيب، وهذا ديدن أهل هذا البيت المؤيدي - عليهم السلام- روي أنه كان بعض أصحابه راكباً لحمار فتردى من فوقه فقال الإمام بديهاً ملاطفاً له:
أفي الصحيرات(2) ألقتك المقاديشُ ... ولم تكن تلقاك (3) العرب المطاييشُ
فظل بينك والبطحا معانقة ... فوها إلى فيك تقبيل وتخميشُ
__________
(1) لم أجد له نسخة خطية، وعن الإمام مجد الدين [886 - 942]هـ ومؤلفاته ومصادر ترجمته، انظر أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة 857.
(2) في (أ): الصخرات.
(3) في (أ): يضنك.

كانت وفاته بالحرجة في (……)(1) وله عقب هنالك ومشهد مشهور مزور، وخزانة كتب - عليه وعلى سلفه السلام -.
أبو الحسن بن أبي العباس [ - ]
أبو الحسن بن أبي العباس، أبو الحسن العالم الكبير بن أبي العباس القرضي الكتكتاني(2)، نسبه إلى قرية من قرى قلوم رودما(3)، وبها قبره - رحمه الله - ترجم له الملا يوسف حاجي.
حسن بن عبد الرزاق [ - ق7هـ تقريباً]
العلامة الفقيه حسن بن عبد الرزاق صاحب الرد على المطرفية وأحد المنكرين عليهم، ذكره القاضي عبد الله في الرسالة المنقذة (4).
الحسن بن عبد الله بن زيد العنسي [بعد سنة 689 ه‍ ]
الحسن بن عبد الله بن زيد، القاضي العالم بن العالم الحسن بن عبد الله بن زيد العنسي - رحمه الله - كان عالماً عاملاً، قرأ على الإمام المظلل بالغمام المطهر بن يحيى - نور الله ضريحه - وأثنى عليه الإمام، ونوه بذكره، وصحبه في أيام (تنعم)، وقرأ عليه أيام الحرب هنالك أصول الأحكام والمجموع وكان الفراغ من السماع آخر شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وستمائة.
الحسن بن عز الدين بن المهدي الجحافي [ق10 ه‍ ]
السيد العالم الحسن بن عز الدين بن المهدي بن أحمد بن الجحافي - رحمه الله - كان عالماً فاضلاً جليلاً نبيلاً(5)، وهو والد السيد عبد الرحمن بن الحسن العالم المشهور الآتي ذكره وكان والده العلامة عز الدين بن المهدي، أحد العلماء الكملاء الفضلاء، تولى القضاء ببلاد ظليمة للإمام شرف الدين - عليه السلام- ولعلنا نذكره في محله إن شاء الله تعالى.
الحسن بن عزوي العصيفري [ق11 ه‍ ]
__________
(1) فراغ في (أ) و (ب)، ووفاة الإمام مجد الدين بن الحسن بن عز الدين في الحرجة من بلاد شريف سنة 942هـ، ومدة خلافته 14 سنة.
(2) في (ب): الكتاني.
(3) في (ب): رودمان.
(4) لعله من المعاصرين للإمام عبدالله بن حمزة عليه السلام.
(5) في (أ)، وفي (ب): تكيلا.

الحسن بن عزوي العصيفري، الفقيه البليغ فصيح آل محمد، كان عالماً فاضلاً، من بيت علم معمور بالخير حميري النسب شيعي الحسب، ومسكن أهل هذا البيت بميتك (1) بنواحي عفار، وأكثر شعره - رحمه الله - في نصرة الإسلام وتهييج أرباب الحق، وكان شعره واضح المعاني فصيح المباني، فمن شعره يوم فتح الإمام المنصور بالله (2) لصنعاء /31/:
ظهرت حجة العلي الكبير ... بالإمام المؤيد المنصورِ
بسليل النبي من طاهر العتـ ... ـرة من فرع شبر وشبيرِ
ألبس الناس من محياه نوراً ... قد بدا والأنام في ديجورِ
وعليه من الجلالة برد ... ليس من سندس ولا من حريرِ
ومحيط به مهابة عزم ... فهي سور عليه من غير سور
ذا ابن من سبح الحصى في يديه ... واستقى للحجيج وجه الهجير
ذا ابن خير الأنام عن وحي جبريـ ... ـل وقول النبي يوم الغديرِ
وهي طويلة، ومن شعره في الإمام المنصور بعد أخذ الإمام للسلطان شهاب في آخر القصة التي تمر - إن شاء الله - بعضها في ترجمة ابن ثسبيب، هي أن السلطان أوى إلى براش ثم استسلم للإمام:
أقمت من دين أحمدٍ أوده ... وأنجز الله فيك(3) ما وعَدَه
يا رافع الظلم عند شدته ... وماهد العدل خير من مهده
وأنت(4) أنت الذي لهيبته ... فرائص الظالمين مرتعده
ويلٌ(5) لمن خانه وعانده ... ويل لأعداء دينه المرده
ويل لمن لم يدن بطاعته ... وأنكر الفضل فيك أو جحده
كيف يحب النبي ويبغضه ... وقد رأى حب والد ولده
__________
(1) مَيْتك: هو الاسم القديم لبلاد عَفَّار، بالشرق الشمالي من مدينة حجة. (معجم المقحفي ص1693).
(2) الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد بن علي عليه السلام [967 - 1029 ه‍ ]
(3) في (ب): منك.
(4) سقط في (ب): أنت.
(5) في (أ): ويلي.

قلت: تأمل معنى هذا البيت، فإن مقصده - رحمه الله - كيف يجتمع حب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وبغض ولده الممدوح، وقد شاهد الناظر حب الوالد لولده، فما يرضي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بحبه وبغض أولاده:
طوبى لمن سار تحت رايته ... ومن حذا حذوه ومعتقده
طوبى لأرض مشت بها قدم ... له وطوبى لمنبر صعده
لا يعقد الدهر ما يحل ولا ... يحل ريب(1) الزمان ما عقده
وهي طويلة، وسيمر - إن شاء الله - في ترجمة جد الناظريين - رحمهم الله - شيء من شعره، وأحسب من أهل بيته الأديب الكاتب أحمد بن عزوي الصنعاني، خالط بني طاهر، وكان فصيحاً بليغاً، ومن شعره الجواب على الشيخ الحافظ عبد الرحمن الديبع في مدح زبيد وتعظيمها على الجبال، وقصيدته هي:
أسكن زبيد تجد ما تشتهي فيها ... فهي التي(2) تذهب الأسوا وتنفيها
زبيد لا شك عندي أنها خلقت ... من جنة الخلد يا طوبى لثاويها
وجودها(3) العين لا شيء يشابهها ... ولا يشابه معنى من معانيها
تنسى بكل بلاد الله ساكنها ... وليس شيء من البلدان ينسيها
وحسب هاتيك فخراً أن سيدنا ... محمداً قد دعا قدماً لواديها
وليلها طيب فيما رواه لنا ... الشيخان عن طيب الأخلاق زاكيها
/32/ وفي حديث سطيح أن بقعتها ... مرحومة رحم الباري محييها
كأنها حرم في الأرض قد أمنت ... تجبى الثمار إليها من بواديها
ونخلها يشبه الغادات زينها ... في جيدها حلية ذو العرش مبديها
وإن ترد علماء الدين تلق بها ... ما تبتغي منهم علماً وتفقيها
بها الأشاعر لا قلت جماعته ... يأتي إلى الصلوات الخمس يحييها
وجامع قد زهى أقطارها حسناً ... سامي المساجد من أقطارها تيها
أحياه مالكنا بعد الممات كما ... أحيا من السنة البيضاء باليها
العادل الظافر الميمون عامر من ... له البلاد قد انقادت نواحيها
ومن به أمنت كل البرية ما ... تخشاه واندفعت عنها مساويها
__________
(1) سقط من (أ): ريب.
(2) في (أ): الذي.
(3) في (ب): وحودها.

ما زال بالله محروساً وخالقه ... بكل ما يشتهي الأقدار يجريها
زبيد لا هم يغشى قلب ساكنها ... فالله يحرسها والله يكفيها
ينال كل امرئٍ ما يشتهيه بها ... وينجلي هم من أمسى يدانيها
من قاس أرض زبيد بالجبال فقد ... أخطا الصواب ولم يدرك معانيها
لا بارك الله في سكنى الجبال فما ... لذي تهامة يوماً راحة فيها
سوى الجبال التي في فضلها وردت ... أخبار خير عن المختار نرويها
أما (تعز) التي من فوقها (صبر) ... فلا سقى ربنا بالغيث ناديها
فيها صنوف من البلوى منوعة ... ما في الخلائق من بالعد يحصيها
من قمل وكتان خالدين بها ... لا يتركان دماً في جسم أهليها
وعسرة وعقاب في مسالكها ... بها يعاقب(1) من يا صاح يأتيها
وثقل ماء من الأحجار عنصره ... ذي قسوة لقلوب الناس يهديها
أنوف ساكنها طالت وأنفسهم ... حقيرة همها ما كان يرديها
في باعهم قصر عن كل مكرمة ... تطاولت نحوها الأيدي لتحويها
فعد عنها ولا تبغ المقام بها ... واسكن زبيد تنل كل المنى فيها
إلا إذا كان سلطان الوجود بها ... فإنه من أليم الداء يشفيها
الظافر الملك العدل الذي أمنت ... به البرايا جميعاً من أعاديها
ثم أخذ الشيخ على هذا النمط وهو مجيد فيه، إلا أن الشهاب بن عزوي حَبْلُ شعره أمتن وأقوى، وإن كان في الحديقة المسندة إلى الشيخ لين فإسناد حديقة الشهاب أنضر وأروى، وهي قوله /33/:
خفف على النفس من أشياء تخفيها ... فما ارتجالك نظم الشعر يشفيها
فأنت من غيظك المكروه في تعب ... فالله يطفئه والله يطفيها
من أنت حتى تذم الشم قاطبة ... وإنما ذمها ذم لمرسيها
لم تبلغ الشم طولاً يا بني ولم ... تخرق برجلك أرضاً أنت ماشيها
ما كنت تنقم إلا أنها ارتفعت ... على بلادك فخراً فهي تحنيها
إن البقاع إذا قام الوِهَادَ لَهُ ... بحجة أصبحت زوراً دعاويها
فالأرض من قبل قد كانت تمور على البحر المحيط بها لولا رواسيها
__________
(1) في (ب): معاقب.

فهل أتاك بها بالسبق شاهده ... فانظر إلى نصها إن كنت قاريها
وفي الأحاديث خير الناس ذوغنم ... بدينه فر يرعى في أعاليها
والوحي هل كان والتكليم في جبل ... مبداه حقق لنا إن كنت تقريها
لو شاد شداد في أرجائها إرماً ... ما كنت تنظرها بالخسف تمويها
أو كان يحصب من أرض الخصيب فقل ... سقى المهيمن بالأمطار ناديها
أو كان (غمدان) أو (غيمان) قد عمرا ... فيها فيا حبذا أرضاً تسميها
هل كان في أرضكم قصر يماثله ... فحجة لك في الدعوى تقويها
وأين تبع فيهم ذو الكلاع إلى ... خير الدلائل ما الإنسان مبديها
وكن بفضل(1) رجال الفضل مقتدياً ... واسكن بنفسك أرض القوم تنحيها
سل ابن يحيى الذي في ذي السفال ثوى ... هو ابن ابي الخير مولاها وواليها
أين ابن علوان قطب العارفين وأيـ ... ـن البحر علماً نفيس الدين مفتيها
أين الجنيد وأين الصردفي وأيـ ... ـن الأصبحي وسلمان الذي فيها
أين ابن حمزة يحيى أين ناصرها ... أين المؤيد والمنصور داعيها
أين المظلل بل أين المطهر بل(2) ... أين الممهد والهادي ومهديها
جبال علم على شم الجبال حووا ... من المفاخر ما لا الرمل يحصيها
لو لم يكن لجبال الأرض مفخرة ... إلا (تعز) لقال الناس يكفيها
أرض كساها الرضا من ربها حللا ... مطرزات بديعات حواشيها
الفخر ناسخها والعز ناشرها ... والسعد ملحمها والمجد مسديها
والأرض إن سعدت بالفضل أو شقيت ... فالله مسعهدها والله مشقيها
هذي تعز فقل لي ما ذممت بها ... أحسن شادنها أم حسن شاديها
ومنها:
أما يروقك أن الدهر مبتسم ... بين الثمار التي طابت لجانيها /34/
وروضة جمعت من كل مختلف الـ ... ألوان أعيت قوافي النظم منشيها
غصونها الخضر قد مالت على كثب ... قامات غزلانها باللين تحكيها
كأن أيدي الغمام الجون ترشفها ... من كأس خمر الحَيَا ريّاً وتسقيها
والياسمين على النسرين تنشره ... مر الرياح على الأغصان أيديها
__________
(1) في (ب): فكن بفعل.
(2) في (ب): أين.

59 / 182
ع
En
A+
A-