ثم سكتت وهي للغيظ كاظمة، ومن حديث الشملة واجمة، فتبجحت الشملة تبجح المذنب، وقالت: يا سيدتي، لم أعتب، فإن كنت قد أخطأت في المقالة، فالإقالة الإقالة، غير أن العجب داخلني، والعقل المستعمل زائلني، حين رأيت شعرتي بيضاء، وحاشيتي سوداء، فظننت أني أحسن الملابس، وأزين ما دخل المجالس:
فالصَّفح أولَى إن سمحـ ... ـت عن التمادي في السخطْ
وعليّ أقسم لا رجعـ ... ـت إلى الذي قد قلت قط
فلما سمعت الفوطة اعتذارها، فاءت إلى صحبتها وجوارها. قال صاحب هذه المقالة: فناجاني وهمي أن أسألهما عن شأنهما، ومن الذي وضعهما في مكانهما.
فقلت لهما: أراكما متعريين عن المالك، متعرِّضين للمهالك، ألستما ممن يدخلكما في رقة، ويجعلكما من جملة رزقة؟ فبدرت الشملة تقول:
أنا في حمى الملك الذي ... لا يُستباح له حمى
نجل الخليفة والذي ... أعطى الجزيل وأنعما
عز الهدى وأعز من ... في كاهل العليا سما
من رام أخذي قاهراً ... رام السُّها والمرزما
ثم أنشأت الشملة تقول:
حمينا به من كل عادٍ وسارقٍ ... ومن ظالمٍ يخشى سطاه ومارقِ
بعزِّ أمير المؤمنين ومن غدَا ... يُقرُّ له بالفضل كلُّ الخلائقِ
ثم قالت: إن أردت التمالك فاسبق قبل أن يلحق، فمن هانت عليه هبَة الفرس والبغلة، هانت عليه هبَة الفوطة والشملة، ومولانا يهتز للنداء والسلام.
/302/ كمل الجزء الأول من مطلع البدور ومجمع البحور، ويتلوه الجزء الثاني(1) فلله الحمد وبه أستعين.
__________
(1) زيادة في (ب): وذلك بعناية سيدي الصنو القاضي العلم العلامة شيعي آل محمد أحمد بن الحسن صالح بن محمد بن أبي الرجال، وذلك بخط الفقير إلى الله تعالى الحسن بن محمد بن صالح بن أبي الرجال غفر الله لهم أجمعين.
مطلع البدور ومجمع البحور
تأليف العلامة المؤرخ
أحمد بن صالح بن أبي الرجال
الجزء الثاني
تحقيق
عبدالسلام عباس الوجيه………محمد يحيى سالم عزان
مركز التراث والبحوث اليمني
بسم الله الرحمن الرحيم، رب يسر وأعن يا كريم
من اسمه الحسن
الحسن بن إبراهيم بن عبد الله
الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، كان وجيهاً متقدماً في الفضل ملموحاً إليه للمقامات العلية والرتب العلوية، وأمه - عليه السلام- أمامة بنت عصمة العامرية من بني جعفر بن كلاب، وكان المهدي العباسي خاف منه فأخذت له منه زوجته منه أماناً لما حج المهدي، وكان المنصور الدوانيقي قد بالغ في طلبه وطلب عيسى بن زيد بعد قتل إبراهيم قتيل باخمراء فلم يقدر عليهما.
الحسن بن إبراهيم بن سليم
الشريف الأمير الكبير الحسن بن إبراهيم بن سليمان(1) [بن الإمام القاسم بن علي بن عبدالله](2) بن محمد بن القاسم الرسي، كان من وجوه الكبراء وعيون الأمراء (فراغ) (3) تلافي مخلاف العضد أيام ابني عمه الأميرين الخطيرين [ذي الشرفين الفاضل] (4) وحصارهم للصليحي.
الحسن بن أحمد بن يحيى [ - 840 ه ]
الحسن بن أمير المؤمنين المهدي لدين الله أحمد بن يحيى السيد الجليل العارف الحسن بن أمير المؤمنين(5) أحمد بن يحيى.
__________
(1) في (أ): سليم، والصحيح سليمان، وكذا في سيرة الأميرين الجليلين، وكان له وقعات كبيرة تضمنتها هذه السيرة، وهو شاعر مجيد انظر بعض شعره ص227 منها.
(2) فراغ في النسخ، ولعل ما أثبتناه هو الصحيح، وسليمان هو من أولاد الإمام القاسم العياني كما ذكره في الحدائق الوردية ص120.
(3) في (ب): ثلا في مخلاف.
(4) سقط من (ب).
(5) في (ب): المهدي لدين الله أحمد بن يحيى.
قال السيد العلامة الهادي بن إبراهيم بن محمد بن الوزير - رحمه الله -: كان سيداً كاملاً، وهو الذي تولى سيرة أبيه(1)، وغلب عليه حب الإمارة على ما عليه أولاد الأئمة. قال: وتوفي(2) ولا عقب له، وذكره ابن فند - رحمه الله - فقال: كان من الفضلاء الأعيان أهل العلم الكثير والإتقان، انتهى(3).
قال السيد أحمد بن عبد الله بن الوزير - رحمه الله -: قبره مع والده في تابوته يلي الجانب العدني، مات عقيب موت والده - عليه السلام- بأربعين يوماً. قال: وكذا أولاده في الفناء الأكبر سنة أربعين وثمانمائة.
قلت: ووفاة والده أمير المؤمين - عليه السلام- يوم السبت(4) عند طلوع الشمس قدر نصف منزله، ومرض ستة أيام، ومات في اليوم السادس وهو الثاني عشر من شهر صفر سنة أربعين وثمانمائة بالطاعون، وقبره بظفير حجة.
الحسن بن أحمد المهدي بن علي(5) [618 - 646 ه ]
السيد العالم الحسن بن أحمد المهدي(6) بن علي بن المحسن، كان من أهل العلم والفضل، وله تصانيف(7) في أصول الدين، وهو تمام (العقد الثمين في معرفة رب العالمين)، صنف أول العقد السيد إبراهيم بن قاسم من ولد الإمام يوسف إلى مسألة الإرادة، وتممه هذا الأمير، كان مولده نصف ربيع الأول من سنة ثماني عشرة وستمائة، ومات سنة ست(8) وأربعين.
__________
(1) هو كنز الحكماء وروضة العلماء في سيرة الإمام المهدي، منه نسخة خطت سنة 1071هـ في 84 ورقة رقم (2376) مكتبة الأوقاف وثانية رقم (115) تاريخ المكتبة الغربية، وثالثة خطت سنة 1093 بمكتبة السيد محمد بن محمد الكبسي.
(2) في (ب): وتوفى.
(3) مآثر الأبرار ج ص ، مصادر الحبشي 491 التحف شرح الزلف 123، مؤلفات الزيدية 2/389.
(4) في (ب): الأحد.
(5) الجامع الوجيز في مصادر الحبشي 106 مؤلفات الزيدية 2/267 المستطاب. ح تحت التحقيق أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (279).
(6) في (ب): أحمد بن المهدي.
(7) في (ب): وله تصنيف.
(8) في (ب): سبع وأربعين.
الحسن بن أحمد بن قاسم بن علي
السيد الحسن بن أحمد بن قاسم بن علي بن تاج الدين، كان من العلماء الكملاء الفضلاء النبلاء، ذكره صاحب اليتيمة(1) - رحمه الله -.
الحسن بن أحمد بن يوسف
الحسن بن أحمد بن يوسف بن محمد الضهري(2)، هو من فقهاء الشيعة اليحيوية، وكانت له عناية بقراءة الكتب على السلف كمحمد(3) بن الفتح بن يوسف ومحمد بن الفتح، قرأ على المرتضى محمد بن يحيى - عليهما السلام- وكتب ابن الضهري نسخاً من الأحكام كثيرة، وهو من شيوخ الحسن بن داية الآتي ذكره.
قال الشيخ أبو الغمر اللحجي الزيدي: أحسب ابن الضهري ممن انتقل من ناحية صنعاء إلى صعده أو آباؤه.
قال أبو الغمر: ورأيت في كتب فقه مجموعة بخط يحيى بن محمد بن جعفر بن أبي رزين فتاوى وروايات كثيرة عن الأشراف من آل المختار وابن بريه /2/ (فراغ) الطائي وابن الضهري، ورأيت مكتوباً على ظهر نسخة من نسخ الأحكام عن ابن الضهري (فراغ) الهادي إلى الحق - عليه السلام- أكل لحيحاً(4) في موضع، ثم سئل عنه كيف يعمل (فراغ) يعمل بمخ الصلب، فقاءه - عليه السلام- فقأه وقال هذا هو الحرام المحض (فراغ) وهذه رواية لا أدري ما صحتها إذ ليس ما ذكر فيها حاله ظاهر (فراغ) (5) - عليه السلام- يقول عليه(6) إذ قد نص - عليه السلام- على الحلال والحرام (فراغ) والطحال وما أشبهها، ولم يفصح في المخ بشيء، انتهى.
__________
(1) في (ب): التتمة.
(2) نسبة إلى وادي ظهر المعروف من مخاليف صنعاء (طبقات الزيدية ق3 ترجمة 491ج1).
(3) في (أ): لمحمد.
(4) في (أ): نجيحاً، والصحيح لحيحاً أو لحوحاً، وهو رقاق الذرة المعروف يشت على إناء من الفخار ويدسم الإناء الذي توقد النار تحته بمخ دسم لكي ينزع القرص بسهولة.
(5) فراغ في (أ) و (ب).
(6) كذا.
قلت: على أن ذلك بجهة كفار التأويل عند يحيى - عليه السلام- أو أراد (فراغ)(1) السلام خاصة لشدة عيافته وتكرهه لذلك حتى يبلغ (فراغ) حكاية فعل، والله أعلم(2).
الحسن بن أحمد بن أفلح [بعد سنة 378 ه ]
الفقيه العلامة الحسن بن أحمد بن أفلح - رحمه الله - أحد العلماء الكبار والمشيخة الخيار (فراغ) (3).
الحسن بن أحمد الحبيشي [ق8 ه ]
__________
(1) كذا في (أ) و (ب).
(2) الفراغات في الترجمة من الأصل، وفي كتاب الطبقات سمع كتاب الأحكام، للهادي للحق يحيى بن الحسين بن القاسم - عليه السلام - على محمد بن الفتح بن يوسف، وصح له سماعه في شهر ربيع الآخر من شهور سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة ومحمد بن الفتح سمعه على الإمام المرتضى محمد بن يحيى الهادي للحق ومحمد بن يحيى سمعه من أبيه الهادي للحق وسمعه عليه جماعة منهم الشريف علي بن الحارث، ويوسف بن أبي العشيرة، والحسن بن محمد بن داية، وعبدالكريم بن حرار أو نزار، وكان سماعهما عليه سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. (طبقات الزيدية الكبرى، القسم الثالث ج1 ص85 ط1 بتحقيقنا.
(3) في الطبقات الكبرى: سمع الأحكام للهادي للحق من أوله إلى آخره على الحسن بن محمد بن داية، وهو سمعه على الحسن بن أحمد الضهري، وكان سماع الحسن بن أفلح في شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. قال أبو السعود محمد بن وضاح أخبرني علي بن مطهر بن شهاب، عن أبيه أن هذه الرواية محروسة محفوظة عن الثقاة من مشائخ المتقدمين. قال أبو السعود: نقلت هذه في سناع سنة 472هـ. (الطبقات الكبرى القسم الثالث ج1 ص293 ترجمة 155).
الفقيه العلامة المحقق الحسن بن أحمد بن داود الحبيشي - بالحاء المهملة بعدها باء موحدة من أسفل بعدها ياء مثناة تحتية بعدها شين معجمة - وهو بصيغة التصغير، قيل: منسوب إلى (الحبيشية) من مشارق بلاد يحصب، كان عالماً محققاً، قرأ على العلامة الحسن بن محمد النحوي - رضي الله عنه - وللحبيشي تعليق على الزيادات سماه منتهى الإرادات، أخذ فوائد عن شيخه النحوي - رحمهم الله جميعاً -(1).
الحسن بن أحمد العنسي [ق7 ه ]
__________
(1) لعله من علماء القرن الثامن وأوائل التاسع الهجري، فشيخه النحوي توفى سنة 791هـ. من مؤلفاته: منتهى الإرادات في تحصيل مسائل الزيادات تعليق على الزيادات، أخذ فوائده من شيخه النحوي. قال الحبشي: في الجامع نسخة خطية بعنوان تعليق على الزيادات لعله كتابنا هذا جامع 319 فقه. انظر مصادر الحبشي ص192 المستطاب 2/4خ أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة 273.
القاضي العلامة المحقق المتقن الحسن بن أحمد العنسي - رحمه الله - قيل في حقه: لو كان باليمن وحده لعلا صيته وارتفع ذكره، كان علامة محققاً، سكن مسلب من بلاد الظاهر، وهذا من أعلام المائة السابعة، والحسن بن أحمد العنسي العلامة هو الذي استوفد الإمام القاسم بن علي العياني إلى بلاد عنس، وكان قومه أعز أهل اليمن، ولم يكن لهم سلطان، فطلب من الإمام عزمه ففعل، وكان من كبار العلماء، وهذا (فراغ)(1)
__________
(1) خلط في هذه الترجمة بين علمين، لعلهما بنفس الاسم الأول، هو الحسن بن أحمد بن نسر بن مسعود بن عبدالله بن عبدالجبار العنسي، عالم فقيه فرضي، من علماء القر، السابع الهجري، تلقى علومه على العلامة أحمد بن القاسم الشاكري وعلي بن مسعود النويرة، ولعله عاش بعد سنة 665هـ التي فرغ فيها من مؤلفه الوسيط ومن مؤلفاته: الوسيط في الفرائض، ألفه لشيخه علي بن مسعود النويرة، ملخص من كتاب شيخه العصيفري، وفرغ من تأليفه 665هـ، ومن نسخه مخطوطة منها نسخة خطت سنة 953هـ برقم 46 فرائض، وأخرى خطت 1094هـ برقم 22 فرائض، مكتبة الجامع الكبير صنعاء، وأخرى ذكرها الحبشي في الإمبروزيانا، وأخرى خطت سنة 867هـ بمكتبة جامع الإمام الهادي بصعدة، وله أيضاً كتاب جامع الخلاف في الفرائض، مكتبة الجامع؟ رقم 27 فرائض، وله أيضاً (الدرر في الفرائض) خط سنة 822 مكتبة الجامع رقم 27 فرائض. وله أيضاً رسالة في الرد على من قال: إن الجمعة من فروض الأعيان في سنة 1083هـ بمكتبة آل الهاشمي ضمن مجموع برقم 153. انظر أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة 282 ومصادر الحبشي 261، ومصادر التراث في المكتبات الخاصة في اليمن عبدالسلام الوجيه، انظر الفهرس.
أما الثاني الذي استوفد الإمام القاسم العياني إلى بلاد عنس، فهو غير الأول، وقد سهوت في كتاب أعلام المؤلفين فنقلت ترجمة ابن أبي الرجال ولم أتحقق؛ لأن الإمام القاسم العياني [310 - 393]هـ بينه وبين الحسن العنسي الأول حوالي 300 سنة تقريباً.
.
الحسن بن أحمد النعمان
العلامة الحسن بن أحمد النعمان، هو الفقيه اللسان البليغ الحسن بن أحمد النعمان الضمدي من مشاهير المخلاف وعيون أهله من البيت المعمور بالعلوم، قدم صنعاء، وله أشعار منها قصيدته في الإمام شرف الدين، وقرئت هذه القصيدة بمسجد الحشحوش (بالجراف):
على الرملة (الوعساء) رنَّح لي قدا ... فقد فؤادي قدَّة جهزةً قدا(1)
وأضرم نار الحسن في وجناته ... لقتلي فما كانت سلاماً ولا برداً
وأسبل ليل الجعد فوق متونه ... لزورة صب ذاب من صده وجدا
وحاول أن يخفي على رقبائه ... فنم به الخلخال إذ نضَّر اليدّا
فيا من لصب كل شيء يروده ... يردده عن سؤل مهجته رذا
غريق دموع مات إلا أقله ... له زفرات تحرق الحجر الصلدا
يهيجه سجع الحمامة في الضحى ... إلى (جؤذر) لو قابل القمر ارتدا
ثوى كنفي نجد وفي الغور مسكني ... ألا فسقت أمواج دمع الهوى نجدا
/3/ فوا حر قلبي ذيب من لاعج الجوى ... وندَّ لذيذ النوم عني إذا ندا
ووا رحمتا يا رحمتا لي من الهوى ... وقد كنت قبل العشق احسبني جلدا
فلما ابتلاني صرت رقاً لرقه ... فوا عجباً للغيد تستقنص الأسدا
ولست ببدع إن هلكت صبابة ... فدون الذي لاقيت يهلك من أبدا
ويا قاتل الله الغواني إنها ... لأعظم ذنباً من سفوك الدماء عمداً
أذاعوا بأني قد نقضت عهود من ... هويت معاذ الله أن أنقض العهدا
أمثلي لا يرعى مودة شادن ... على وفرة الواشين يمحض لي الودا
نعمت به والدهر مثل(2) جفونه ... وقد عقدت عنا صروف النوى عقداً
ولم أنس لا والله ليلة وصله ... فافرشني زنداً وألخفني نهدا
وبت به أحيا وأفنى صبابة ... واقطف بالتقبيل من خده الوردا
إلى أن بدت رايات صبح كأنه ... محيا أمير المؤمنين رأى الوفدا
إمام الهدى يحيى الذي ظهرت له ... مكارم شتى يحصر(3) الحصر والعدا
__________
(1) في (ب): فقد فوادي قده جهرة قداً.
(2) في (ب): نال.
(3) في (ب): تحصر.
ومن رام(1) عزاً لم يرم قط قبله ... ودوخ كل الأرض واخترم الأعدا
ورد على آل النبي خلافة ... تقمصها بعد الوصي من ارتدا
وألبسها صرف القضاء بزعمها ... سلالة مروان ألا بعدوا بعدا
وقال بنو العباس بل نحن أهلها ... لأنَّا ورثنا بعد خير الورى البردا
فقام أمير المؤمنين بنصرها ... وخلصها فيمن تعدى بها الحدا
وألبسها عزاً ورفعاً وبهجة ... وعدلاً به يستغرق الشكر والحمدا
فلله يحيى تاج آل محمد ... ومنعم من في الأرض من كفه رفدا
ومن سار فينا مثل سيرة جده ... فأصبح شرب الحق من سعيه شهدا
إمام براه الله للحق رحمة ... فكل غوي من هدايته يهدى
فطوبى لنا من معشر قام جدنا ... بيحيى الرضا بحر المكارم مذ جدا
وكف أكف الدهر عنا بسعيه ... كما فل عنا من ضروس الردا حدا
وحكمنا في كل ما كان طارفاً ... وكل (تلاد) لا رأينا له فقدا
فيا أيها البحر الذي موجه الغنى ... إليك نظاماً رائقاً يفصح العقدا
أتاك به عبد يدين بودكم ... فجد غير مأمور لمن أخلص الودا
ودم يا إمام الحق ترجى وتتقى ... وما زلت منصوراً على كافة الأعدا
الحسن بن أحمد بن محمد [ت856 ه ]
/4/ العلامة الفاضل الحسن بن الزاهد أحمد بن العالم الشهير المحدث الحافظ محمد بن أحمد بن حسن بن عقبة، كان عالماً، توفي - رحمه الله - يوم السبت سابع وعشرين من شهر صفر سنة ست وخمسين وثمانمائة، ودفن (بالقرضين) بصعدة، وعنده ولده محمد العلامة - رحمهم الله - وإليه لمح العلامة أحمد بن محمد بن عقبة في قصيدته التي أولها:
أوان على صنعاءبالصرف قد (أخنا) ... وأبدلها عن سهل مرحبها حزنا
فأذكرني عصراً (بساقين) قد مضى ... حنانيك ما أمراه عيشاً وما أهنا
نشأت به حتى إذا ما تميمتي ... فراها شباب قلت هجراً لذا المغنى
إلى أرض صنعا مهرعاً متسرعاً ... لما فرض الباري علي وما سنا
لدى نجباء ماجدين فأمطروا ... نزيلهم من جود صيبهم مزنا
__________
(1) في (ب): نال.
هنيئاً مريئاً منبتاً درراً على ... صفائح سمعٍ حاصد محرز ذهناً
مشائخ تقوى قدس الله سرهم ... وأوسعهم من فيض رحمته منا
إلى أن قال:
ولما ارتقيت الأربعين شرحت من ... غوامض فن الفقه محتجب المعنى
بتذكرة النحوي رفوا محرراً ... فلا يجد النقاد في أيّه طعناً
وعاق عن الاتمام صول حوادث ... تعم وتعمي القلب والعين والأذنا
وأخذ على هذا الأسلوب يصف رحلته عن صنعاء الرحلة الثانية، وذلك بعد استيلاء الترك على صنعاء في رجب سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، فقال منها:
فأزمعت في أثناء ذاك زيارة ... رحلت لها صرفاً غزيرته وهناً(1)
إلى الحسن المذكور لمح بقوله:
بصعدة في القرضين حي سميدع ... وحي أبيه قادم الابن في السكنى
الحسن بن أحمد بن صالح اليوسفي(2)[ت1071هـ وقيل سنة 1070 ه ]
القاضي العلامة الحسن بن أحمد بن صالح اليوسفي الجمالي المعروف بالحيمي، كان - رحمه الله - من عيون الزمان وحيداً في صفات الفضل منقطع القرين في كل فضيلة، يعد في الحكام، بل هو الحري بقول أبي الطيب المتنبي:
قاض إذا التبس الأمران عَنَّ له ... رأي يفرق بين الماء واللبن
__________
(1) في (ب): وحَناً.
(2) انظر مؤلفاته ومصادر ترجمته في كتاب أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة 274.