القاضي العلامة المكين جعفر بن يحيى بن أبي يحيى، كان من عيون أصحاب الإمام المنصور بالله - عليه السلام - وعليه وقائع، ودخل الأعداء عليه حصن حقل على صفةٍ ذكرها أهل التأريخ، لكنَّه تحصَّن - رحمه الله - بقول وناسٍ ونجدة، ووثب من محلٍ بعيد هائل، وما تمكن الأعداء من دخولهم عليه إلى حقل إلا بمكائد وأغطية، وإلا فإنه من أمنع الجبال باليمن.
قال ابن الكلبي: إن الحبشة لم تتمكن من حقل مع استيلائها على اليمن.
أبو جعفر باجويه(1) [ - ]
أبو جعفر باجويه العلامة الكبير، ترجم له ملا يوسف حاجي في متأخري الناصريّة، وأحال على شهرته، والله المستعان.
أبو جعفر الزيدي [ - ]
السيد الكبير أبو جعفر الزيدي - أعاد الله من بركته - كان من أخدان المؤيدبالله أحمد بن الحسين الهاروني في العراق /287/ واستدعاه غير مرّة ليستخلفه، فأبى ولم يجبه لاشتغاله بنفسه وإقباله على زهده، ذكره المرشد(2) بالله بن الموفق - عليهما السلام -.
أبو جعفر الزيدي الآملي(3) [ - ]
الشيخ العلامة أبو جعفر الزيدي الآملي - رحمه الله تعالى - هو غير صاحب شرح الإبانة، ذكره الملا يوسف، وسيأتي ذكره صاحب الإبانة في محله فيمن اسمه محمد.
__________
(1) طبقات الزيدية الكبرى القسم الثالث ترجمة رقم (140).
(2) في النسختين: المؤيد بالله، وظنن فوقها في (ب) بقوله: (ظ) المرشد بالله، وهو الصحيح كما أثبته.
(3) تأخرت هذه الترجمة في (ب) إلى ص 339.
جعفر الطائي
جعفر الطائي ويقال له: الوقار، وهو والد العلامة محمد الوقار الآتي ذكره - إن شاء الله تعالى - الضبي النسب، وإنما نسب إلى طي لأنه كان وأهله ينزلون بجبل طي وهو من (ضبه تراد)، كان عالماً هاجر(1) إلى الهادي - عليه السلام - وكان يألفه السادة الأمراء الهاديون(2)، وكان وجيهاً لديهم لمكان علمه وهجرته إلى الهادي - عليه السلام - وأحسبه أوّل من وفد اليمن من هذا البيت المعروف بآل الطائي، كأبي العنب(3) وغيره.
جعيد بن الحجاج الوادعي(4) [ - ]
الفقيه الكامل جعيد بن الحجاج الوادعي صهر نشوان بن سعيد الحميري، كان هذا الفقيه عالماً بليغاً فصيحاً، وهو قائل الشعر الذي طار في الآفاق، واتَّهم الناس أنه لنشوان بن سعيد لما يعرفونه من حال نشوان، وذلك أن القاسميين قد كان فيهم من يعتقد أن الحسين بن القاسم بن علي - عليهما السلام - هو المهدي المنتظر، وأنه لم يقتل، وتلبس بهذا المقال جماعات فحول منهم كالأمير فليتة العالم الكبير، ولم نذكره في هذه التراجم لتصريحه بهذه المقالة، ومن شعره:
أنا شاهد لله فأشهد يا فتى ... لفضائل المهدي على فضل النبي
وهو الذي قبض الإمام أحمد بن سليمان وأسره بعد أن عمي، هكذا قال ابن فِنْدِ بعد أن عمي، فغضب لذلك رجال همدان عاصيها ومطيعها حتى قرامطتها، وأنفوا أشد الأنفة فنزلوا على فليتة مستشفعين في أمره بقولٍ يقول فيه قائلهم:
نحنُ بني هاشم لكم خدمٌ ... بحبِّكم نلتَوي ونلتزمُ
أنتم لنا كعبة نلوذ بها ... وسوحكم من جهاتنا حرَمُ
فلا ترد الوجوه عابسة ... عنك وقد قابلتك تبتسمُ
__________
(1) في (ب): عالماً عاملاً.
(2) في (ب): الهادويون.
(3) في (ب): الغيب.
فنزل إليهم فليتة، فحلفوا ألا يبرح حتى يرسل الإمام فأرسله على كره منه، وهذا عارض من القول، وأمَّا الفاضل وذو الشرفين فقد قيل: تركهما للدعوة لاعتقادهما حياة عمهما الحسين، وصرَّح بعض المؤرخين بهذا، وقال السيد العلامة صالح بن عبد الله الغرباني القاسمي(1) - رحمه الله - أنه يحفظ أنهما تركا الدعوة لأن أعيان الدولة ورؤساء القبائل كان فيهم من هذه عقيدَته، فلو صرح أحدهما بدعوته لصرَّح بتخطيئة هذه /288/ الدعوَى الفاسدة، فيعود الأمر إلى الشقاق، والعدُوُّ إذ ذاك قوي الشوكة، والشعر الذي ذكرنا لجعيد ونسب إلى نشوان قوله:
أما الحسين فقد حواه الملحد ... واغتاله الزمن الخؤون الأنكدُ
فتبصروا يا غافلين فإنه ... في ذي عرار ويحكم مستشهدُ
فلما ظهر هذا الشعر هاج القاسميون، وظنوه لنشوان، فقال الأمير عبد الله بن القاسم بن جعفر:
أما الصحيح فإن أصلك فاسد ... وجزاك منا ذابل ومهنّدُ
فأجاب نشوان يذب عن نفسه بقصيدة طويلة منها:
من أين يأتيني الفساد وليس لي ... نسب خبيث في الأعاجم يُوجدُ
لا في علوج الروم جدٌ أزرَق ... أبداً ولا في السود خالٌ أسودُ
إني من العرب الصميم إذا امرؤٌ ... غلبت عليه العجم فهو مولَّدُ
فدع السفاهة إنها مذمومةٌ ... والكف عنها في العواقب أحمدُ
والله ما مني نظام جاءكم ... فيه يقول حوَى الحسين الملحدُ
ولقد أتيت به فقمت مبادراً ... عجلاً أمزِّق طرسه وأقدِّدُ
فأشاعه من ظن أن ظهوره ... في الناس مكرمة عليها يُحسدُ
أغضبتم أن قيل مات إمامكم ... ليس الإمام ولا سواه يُخلَّدُ
لا عارَ في قتل الإمام عليكم ... القتل للكرماء حوضٌ يوردُ
إن النبوءة بالنبي محمد ... خُتمت وقد مات النبيء محمدُ
إلى أن قال:
فدع التهدد بالحسام جهالةً ... فحسامك القطاع ليس له يدُ
من قد تركت به قتيلاً أنبني ... ممن توعده ومن تتهددُ
إن لم أمت إلا بسيفك إنني ... لقرير عين بالبقاء مخلدُ
__________
(1) في (ب): القاسمي.
انتهى ما نقلناه، وقد آل أمر نشوان مع الأشراف إلى ما سيأتي تفصيله بعد [في] ترجمته، وتصافحوا، والحمد لله رب العالمين.
الجلال بن صلاح بن محمد(1) [710 - 784 ه ]
السيد الأمير الكبير علم الزيدية، ومفخر الأسرة اليحيويّة، الجلال بن صلاح بن محمد بن الحسن بن المهدي بن علي بن المحسن - رحمهم الله، وأعاد من بركتهم - قال ابن المظفر - رحمه الله -: كان من الفضلاء العُظماء العلماء وشيخ بني الزهراء، من عيون آل محمد ومن أنصار الإمام المهدي لدين الله علي بن محمد - عليه السلام - وُلد في جمادى سنة عشر وسبعمائة، وتوفي في شوال سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وقبره بمشهد الإمام الهادي إلى الحق بصعدة، واسمه /290/ محمد، لكنَّه اشتهر بالجلال، فذكرناه في هذا الحرف.
__________
حرف الحاء المهملة
حاتم بن منصور(1) [ - 765 ه ]
الفقيه الفاضل العابد بصري أوانه زين الدين حاتم بن منصور - رحمه الله تعالى - قال في ترجمته السيد العلامة يحيى بن المهدي بن القاسم الحسيني - رضي الله عنه - ما لفظه: الفقيه الإمام حاتم بن منصور الحملاني - رضي الله عنه وأرضاه- وهو كما وصفت في أوَّل الكتاب إمام من أئمة الشريعة المحمديَّة، سيد من أهل العبادة، وقدوة لمن أراد الزهادة، وغيث لمن أمَّه من أهل الفقر والفاقة، كان زميلاً في درس العلوم للإمام المؤيَّد بالله ذي العزة يحيى بن حمزة، وكان شيخهما في العلوم وقدوتهم في طاعة الحي القيوم الفقيه الإمام قدوة زمانه وغوث أوانه محمد بن خليفة بهجرة حوث - حرسها الله بالصالحين - وكان شيخ محمد بن خليفة السيد السند الإمام الصوام القوَّام، المتنزه عن قبض الحلال والحرام محمد بن وهاس، وروي(2) أنه - عليه السلام - ما نكح ولا ذبح ولا فتح باباً ولا قبض درهماً حتى لقي الله تعالى، وكان هذا حاتم بن منصور - رحمه الله - قد براه الخوف، وأنحلته العبادة حتى إنه كان يُرى كالشن (البالي)(3) من الخوف والبكاء، ما رُئي على رأسه عمامة قط، وكان يلبس الثوب إلى نصف ساقه، ولا يسدل الثوب في صلاته.
روى لي سيدي إبراهيم بن أحمد الكينعي - رحمه الله - قال: صلَّى حاتم بن منصور زُهَاء أربعين سنة بالجماعة إماماً، ما ترك صلاة واحدة بالجماعة يعلمها، ولا في مدَّة الأربعين سجد لسهوه إلا ستّ مرات، وما يدع البكاء في الصلاة الجهريَّة والمخافتة، وما يترك صلاة التسبيح في اليوم مرَّة(4) وقت الضحى ولا في الليل مرَّة حتى لقي الله تعالى.
__________
(1) أعلام المؤلفين الزيدية، ترجمة 264، المستطاب (خ)، الجامع الوجيز، صلة الإخوان (تحت التحقيق)، اللآلئ المضيئة (خ)، مآثر الأبرار (خ) طبقات الزيدية الكبرى القسم الثالث ترجمة رقم (148).
(2) في (ب): روي.
(3) سقط من (ب).
(4) زيادة في (ب): في.
روَى لي الثقة أنه قبض روحه وهو يصليها مستلقياً من المرض، وكان محلقاً وشيخ أهل زمانه في أصول الدين وأصول الفقه(1)، وله موضوعات ومسائل فقه مروية وأنظار واجتهاد، فعراه الخوف، وأذهل لبه، فترك نشر العلم، واشتغل بالعبادة، وقد أخذ منه بالنصيب الأوفر - إن شاء الله - وكان لا يدَّخر شيئاً حتى ليومه، بل يؤثر به إخوانه، ويواسي بما فتح الله له أهل الفاقة من المسلمين، وكان يدّان المئين والألوف من الدراهم والدنانير في تزويج الفقراء من دَرَسَتِهِ وإخوانه، ومن شكا عليه العنت وما خلَّف شيئاً من متاع الدنيا إلا ثوباً وكوفيَة ونعلاً، وكان تحته بساط خَلِقٌ وفروة عارية، وتولَّى قضاء ديونه، وتولَّى مشقة أطفاله ولده الفقيه الفاضل الزاهد محمد بن حاتم بن منصور.
روَى لي ولده هذا أن تاجراً من أهل صنعاء، وكان صالحاً فقيهاً جاءه ليودعه وهو يريد التجارة إلى مصر فقال له حاتم: يا فلان، لو خيرتُ بين أن أحوز هذا /290/ الذي يشغلك أو أكون أعمَى أصَمّ لاخترت العمى والصمم، وكان لا تأخذه(2) في الله لومة لائم، جاءه يوماً أمير صنعاء وملكها معتذراً في حد سارق وجده أخذ على أخ من إخوته ثوباً في الليل، فسلم على الفقيه، وأراد تقبيل يده، فانزوى عنه الفقيه، وعف عن مس يده كأنها ثعبان، فقال: يا سيدنا قد فعلنا بهذا السارق، وصنعنا، فقال له الفقيه - أعاد الله من بركاته -: يا عبد الله، هذا السارق يأخذ الناس بالليل، وأنت تأخذهم بالنهار، فبهت ذلك الأمير، وولى منكسر القلب مسود الوجه.
__________
(1) زيادة في (ب): والفقه.
(2) في (ب): لا يأخذه.
وله من مكارم الأخلاق ومحبَّة أهل البيت والإحسان إليهم سيما إلى آل الإمام يحيى بن حمزة مالا يمكن وصفه لكثرته، وكان للمسلمين ولإخوانه في الدين والأرامل والمساكين والضعفاء والمرملين كالوالدِ الشفيق يتحمَّل لمصالحهم ومرافقهم الصعب، فجزاه الله عن آل محمد وعن إخوانه المسلمين أفضل ما جزى محسناً على إحسانه آمين آمين. وقبره مشهور مزور بصنعاء على باب اليمن بمشهد الإمام الصوام القوَّام علم الإسلام خليفة زين العابدين المختص بالكرامات من رب العالمين المهدي بن قاسم بن المطهر بن أحمد بن أبي طالب بن الحسن بن يحيى بن القاسم بن محمد بن القاسم بن الحسين بن محمد بن القاسم بن يحيى بن الحسين بن الحسين بن زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام - فهما ضجيعان وتوأمان وأليفان في حياتهما ومماتهما حباهما الله بالرضاء والرضوان وأسكنهما غرف الجنان.
رضيعا لبان ثدي أم تحالفا ... بأسحم داج عوض لا يتفرق
وكتب حيّ السيد الإمام عبد الله بن محمد بن أمير المؤمنين يحيى بن حمزة بخط يده الكريمة في لوح على قبر حاتم بن منصور هذين البيتين:
عمَّت فضائله فعمَّ مصابه ... فالناس فيه كلهم(1) مأجورُ
والناس مأتمهم عليه واحد ... في كل درا رنَّة وزفيرُ
انتهى كلام السيد يحيى - رحمه الله، وأعاد من بركته -.
قلت: وهذان البيتان اللذان كتبهما السيد فخر الدين - رحمه الله - على لوح حاتم من شعر التيمي كما حكاه القاضي التنوخي - رحمه الله - ولهما ثالث وهو:
ردَّت مناقبه إليه حياته ... فكأنه من نشرها منشورُ
وبخط بعض العارفين توفي ليلة الأحد الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وسبعمائة - رحمه الله تعالى -.
حاتم بن أحمد بن عمران(2) [ - 556 ه ]
__________
(1) في (أ): كله.
(2) الأعلام 2/151، ومنه: العسجد المسبوك - خ - واللطائف السنية - خ -.
السلطان البليغ الهمام شجاع الدين حاتم بن أحمد بن عمران بن المفضَّل بن علي بن زيد بن المعمر بن الصعب الفضل(1) بن عبد الله بن سعيد بن غوث بن الغز بن مدكر بن اليام(2) اليامي، كان عالماً /291/ باللغة محققاً حافظاً لأيام العرب وأمثالها وأشعارها، متكلماً في كل نوع من أنواع الكلام بعبارات ملوك العلماء، والمشهور أنه من غير طائفة الزيدية كثرهم الله وقوَّى أعضادهم، ويفهم ذلك أيضاً من قول الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان مجيباً عليه في كتاب وجَّهه السلطان إليه؛ لأنه أراد الدخول في طاعة الإمام، فلم يقبله لأمور عرفها، فتكلم السلطان بكلام جاف وتمثل بقول أبي الطيب:
كدعواك كل يدَّعي صحة العقل ... ومن ذا الذي يدري بمافيه من جهلِ
فأجابه الإمام - عليه السلام -:
إذا كنت لا تدري بما فيك من جهل(3) ... فذاك إذاً جهل مضاف إلى جهلِ
ولم أنتحل ما ليس فيَّ وإنما ... مقالي حق قد يصدقه فعلي
ومن جهل الرحمن والرسل لم يكن ... بمعترفٍ يوماً بحق بني الرسلِ
وكل بلاد الله غيرك عارف ... بما فيَّ من أصلٍ شريف ومن فضلِ(4)
فهذا من كلام الإمام - عليه السلام - فيه اللمح بقوله: ومن جهل الرحمن إلى آخره، إلا أن المذكور كما يقال: باطني، لكنه ذكر الأمير الحسين مؤلف الشفاء أن الأمير فليتة اعترض على الإمام أحمد بن سليمان بالاستعانة بالسلطان حاتم وولده علي، فرد عليه الإمام كلاماً قال فيه: فأما السلطان الأجل علي بن حاتم فإنه مبائن للباطنية بالقول والفعل، محارب لهم على ذلك هو وأبوه وجده، أمَّا هو فحربُه لهم ظاهر مشهور(5)، وأما أبوه حاتم فكان يمقت الباطنية، ويتبرأ منهم، وله شعر يقول فيه:
__________
(1) في (ب): بن الفضل.
(2) في (ب): بن يام اليامي.
(3) في (ب): ومآثر الأبرار إذا كنت لا تدري بما فيك من جهل، كما أثبته، ولفظ الشطر في (أ): إذا كنت لا تدري بأنك لا تدري.
(4) مآثر الأبرار 2/791.
(5) في (ب): مشهور ظاهر.
برئت من الذويب ومن علي ... ومن ماذون همدان بريتُ
موادين عموا وغووا هداهم ... فإن شايعتهم فلقد عميتُ
ظموا ورويت من ماءٍ معينٍ ... ولو أني صحبتهم ظميتُ
شقوا بخلافهم للدين حقاً ... وخالفت الغواه فما شقيتُ
ولو أني أشاء شهرت منهم ... فضائح لا تواريها البيوتُ
أأخشى الناس في ديني وأغضي ... كأني بعد ذلك لا أموتُ
وقومي مذكر وشبا حسامي ... لساني مثله لولا الصموتُ
فإن ترني وإياهم جميعاً ... فقل كيف التقَى ضبٌّ وحوتُ
ولو وردوا الفرات ونجَّسوه ... ولم يك طاهراً حتَّى تموتوا(1)
__________
(1) مآثر الأبرار 2/797 - 798.
الذويب المذكور في هذا الشعر الذويب بن موسى والذويب الماذون الوادعي، كان في /292/ عصر الإمام أحمد بن سليمان والسلطان المذكور، وكان ماذوناً له، وهي مرتبة من مراتب أهل الباطِن، يسمَّى صاحبها ماذوناً، وقبر الذويب المذكور بحوث، وكان باطنياً مع أن هذا المذهب في الظاهر غريب، لكن المال والسلطان أظهراه، وكان الذويب صاحباً لمحمد بن زياد الماربي الشاعر المفلق، ولعله يأتي ذكره، فقد ينسب إلى الزيديَّة - رحمهم الله - وإن كان متهتكاً ميّالاً إلى الدنيا، وقد مدح الناس والملوك، وأجاد ماشاء في مديح المفضَّل بن أبي البركات، ولم يحظ بطائل من نائل، فقدم الذويب بن موسى برسالة من جعفر بن محمد بن جعفر بن القاسم الحسني الرسي الأمير بشهارة علَى المفضل، فدخل عليه ذات يوم وعنده ندماؤه، وقد انتشى فأنشده من أشعار المازبي في مدائحه ما هزَّه، وارتاح له، فقال: ما تقول في هذا؟ قال: محمد بن زياد المازبي، قال: لئن وقعت عيني عليه لأغنيه(1)، فأمر إليه يصل من حيث كان، وكان بنجران فوصل، وامتدحه فأعطاه ألف دينار، ثم ألف بعد ألف حتى صار من أغنى الناس، لكنه كان المارني متلافاً لا يبقي لنفسه شيئاً، وعلي المذكور في شعر حاتم هو علي بن جراح(2) الشاكري، ومثل ما نقل الأمير الحسين، نقل السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير - رحمه الله - ونقل عن الإمام أحمد بن سليمان ما نقله الأمير الحسين.
قال السيد الصارم، قال الإمام - يعني أحمد بن سليمان - السلطان علي بن حاتم مبائن للباطنيَّة وأبوه حاتم قتلوه(3).
__________
(1) في (ب): لأغنينه.
(2) في (ب): حراج.
(3) ظنن عليها في (ب) بقوله: ظ وأبوه حاتم قبله.