أحمد بن نسر بن مسعود(1) [ - 670ه ت]
القاضي الفرضي العلامة أحمد بن نسر بن مسعود بن عبد الله بن عبد الجبار العنسي مؤلف (الوسيط)(2) - رحمه الله - كان عالماً خطيراً، ويشهد بذلك كتاب الوسيط المذكور، ألفه للعلامة الشاكري - رحمه الله - قال في خطبته: وبعد فإنه لما سمع عليّ الفقيه الأجل الأكمل رفيع القدر والمحل نظام الدين ولسان المتكلمين وقريع الميادين القاسم بن أحمد الشاكري - طوّل الله عمره، وأعلى في الدارين درجته - مذاكرة في الفرائض ألقيتها عليه على وجه الإجمال، من غير أن آتي له في شيء منها بمثال على الحد الذي كنت سمعته عن شيخي - جزاه الله عني خيراً - فسألني بعد ذلك المساعدة إلى تعليقها، وبيان كل مسألة منها وتحقيقها /214/، فأجبته إلى ما قال، وأسعفت له بالسؤال وأوضحت كل مسألة منها بمثال، انتهى ما أردت نقله، وقد نقل الفقيه العلامة(3) تأريخ إلتماس الشاكري لذلك قال: في سنة خمس وستين وستمائة، قال: نقله من خطه - رحمهما الله جميعاً -.
أحمد بن الهادي بن علي(4) [ - 1042 ه‍ ]
__________
(1) الجواهر المضيئة ترجمة (123)، أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (185)، مصادر التراث في المكتبات الخاصة في اليمن (تحت الطبع)، الروض الأغن 1/88، مصادر الحبشي 216 باسم الحسن بن أحمد بن نسر ، مؤلفات الزيدية 3/148، نزهة الأنظار - خ - طبقات الزيدية الكبرى قسم الثالث ترجمة رقم (112).
(2) الوسيط في علم الفرائض كتاب شهير، منه نسخة خطية برقم (3) فرائض المكتبة الغربية، بالجامع الكبير بصنعاء، وأخرى ضمن مجموع مكتبة آل الوزير في هجرة السر، خط سنة 812ه بخط ممتاز، ثالثة بمكتبة السيد العلامة محمد بن محمد المنصور ضمن مجموع، ونسخة مصورة عنها بمكتبة السيد محمد بن عبدالعظيم الهادي خطية سنة 1073ه.
(3) في (ب): العلامة المقراي.
(4) طبقات الزيدية الكبرى القسم الثالث ترجمة رقم (114).

السيد العلامة شمس الدين أحمد بن الهادي بن علي بن مهدي بن محمد بن الهادي بن محمد بن الحسن أبي الفتح بن مدافع بن محمد بن عبد الله بن محمد بن الإمام الناصر أبي الفتح الديلمي المدافعي، نقل ترجمته ولده السيد العارف الهادي بن أحمد. كان سيداً عارفاً في الفقه، قرأ على القاضي العلامة شيخ المشائخ عامر بن محمد الذماري، وكان يثني عليه القاضي، واشتهر على ألسنة الفقهاء تسميته بالباقر لتبقره في العلم، وقد كان يضرب به المثل، سمعت السيد العلامة صلاح بن علي بن عبد الله بن علي بن الحسين المؤيدي (شارح الكافل) - رحمه الله - يصف بعض العلماء الأجلاء ويقول: علمه يشبه علم هذا السيد، وكان للسيد خصال حميدة، وخرج للجهاد بالديار الصنعانية، وكان له تلامذة رحلوا إليه منهم الفقيه العلامة محمد بن الهادي بن أبي الرجال، وتخرج عليه ووقف عنده بالهجرة، اليحيوية مدة، وعلق كل منهما بصاحبه لعلاقة الفقه حتى إنه أخبرني الفقيه محمد الخشب من ملازمي خدمة السيد - رحمه الله - أنه لما وصل السيد هجرة سناع تمنى الانقطاع إلى العلم والكون(1) في تلك الهجرة بشرط كون الفقيه محمد بن الهادي عنده - أعاد الله من بركتهم - وأمليت في حضرة إمامنا المتوكل على الله رب العالمين - حفظه الله تعالى - مسألة في الطمأنينة بعد تكبيرة الإحرام في سجود السهو، هل يثبت أو لا؟ فقال الإمام - أيده الله - هذه مسألة كان الفقهاء يختبرون فقه الرجل بها. قال: ولما وصل السيد العلامة أحمد بن هادي الديلمي إلى شهارة رصده الطلبة في هذه المسألة، ففعل ما هو الصواب، فعرفوا فقهه - رحمه الله تعالى - توفي أحد شهري ربيع في سنة اثنتين وأربعين وألف.
أحمد بن الهادي بن هارون [ - ]
__________
(1) في (ب): والسكون).

السيد الجليل شمس الدين أحمد بن الهادي بن هارون الهدوي - رحمه الله تعالى - كان سيداً سرياً ذكي القلب، ثابت الحصاة(1)، له فراسة صادقة، ينبغي أن يقال فيه: إنه(2) من المحدثين بهذه الأمة، وله في العربية مسكة حسنة وفي الفقه، واشتغل بأمور الإسلام العامة، فإنه كان من أهل الكمال والرئاسة والسد للثغور، ينوب في مقامات لا ينوب غيره فيها، ولو توفر على العلوم مع سعة ذكائه أنسى بالأوائل. وكان اشتغاله - مع الجهاد وعلو الهمة - بالتقوى. وكان جزل الطباع، مسدد الرأي، ليس فيه ولا في آرائه رعونة؛ لأنه كان ذكي القلب، واستفاد التجارب مع ترو(3)، من المأثور عنه في التروي: إذا شريت عنزاً سهرت ليلة، يريد أنه لا يقدم على الأمور جزافاً. وكان الإمام المؤيد بالله يرعى مقامه، ويعده لمهمّات كثيرة، وولي أمر صعدة شهوراً بالنيابة عن مولانا العلامة محمد بن الحسن بن أمير المؤمنين /215/ بأمر الإمام، ووجهه الإمام في غزوة نجران التي أذلت الملحدين، جعله نائباً عن مولانا عز الإسلام المذكور - حماه الله - ولكنه لم يكن بد من توجه المولى العزي بنفسه الكريمة؛ لأن النصاب من العسكر ما اجتمع عند تجهز السيد - رحمه الله - فاقتضى بطريق مولانا عز الإسلام النفوذ بنفسه، وولي السيد شمس الدين ذمار المحروسة عن أمر إمامنا المتوكل على الله. ولبث - رحمه الله - مدة عاملاً ببلاد خولان، سكن حيدان(4)، وحف به علماء لم يدخل في العمل إلا بهم، منهم القاضي محمد بن الهادي بن أبي الرجال - رحمه الله - الماضي ذكره قريباً، ولي القضاء، ومنهم القاضي العلامة الرايس المجتهد محمد بن علي بن جعفر - رحمه الله - ولي قبض بيوت الأموال، وكانت الأعمال علوية نبوية تزين بها التواريخ،
__________
(1) الحصاة: العقل والرأي. المرجع السابق ص (1172).
(2) في (ب): أنه.
(3) في (ب): تروي.
(4) حيدان: مدينة مشهورة بالغرب الجنوبي من صعدة، بمسافة 70كم (انظر معجم المقحفي ص: 201).

وذكر الإمام المؤيد بالله أنه لما ألح على السيد في هذا العمل واستدناه، رأى ليلة وصول السيد إلى حضرته قائلاً يقول له:
بشراك يا بن الطهر من هاشم ... بما جد دولته تحمد
بأحمد المنصور من هاشم ... بورك ممن(1) اسمه أحمد
وهما البيتان اللذان رآهما السيد الأمير سليمان بن محمد بن المطهر والد الإمام أحمد بن سليمان - رحمهم الله جميعاً - وكان هذا السيد الجليل لا يعرف أحد كنه ما عنده من العلم، لذكائه، فإذا(2) توسط في المسألة مع أي عالم فَهِمَ المقاصد والمتفرعات على البحث فيمليها آخذاً لها من كلام معارضه. وكان له في تعبير الرؤيا حظ سيما في أول أمره، وإلا فإنه أخبرني بآخره من الأمر أنه قلَّ ما عنده من المدد في ذلك، فمن عجيب تأويله الرؤيا أنه عرض(3) الفقيه محمد بن الهادي بن أبي الرجال رؤيا فقال له: هذا الرائي في بيته خشبة انكسرت فليفتقدها، فعزم الفقيه فوجد الخشبة انكسرت تلك الليلة، فأخبر السيد - رحمهما الله - بذلك. فقال السيد: وينبغي أن أصلح الخشبة أنا لأني الذي عبّرت الرؤيا. ومن عجيب ما اتفق وهو إلى وصفه بالفراسة أقرب أنه كان القاضي العلامة الحسن بن أحمد الحيمي - رحمه الله - وزيراً لمولانا سيف الإسلام عضد أمير المؤمنين أحمد بن الحسن بن أمير المؤمنين - حفظهما الله - وأبقاهما عند دخوله بالجنود إلى (وصاب)(4) وديار الشام، وكان مولانا صفي الدين يعوِّل على آراء القاضي، وحق له أن يعوِّل(5)، فإن هذا القاضي كان عذيقها المرجب وجذيلها المحكك(6)
__________
(1) في (ب): في من.
(2) في (ب): فإنه إذا توسط.
(3) في (ب): عرض عليه.
(4) في (ب): بوصان، قلت: ووصاب: جبل متسع بالغرب الجنوبي من صنعاء بمسافة 182كم، ويشمل ناحيتين: وصاب العالي، ووصاب السافل (انظر معجم المقحفي ص: 699).
(5) في (ب): يقول.
(6) قوله: كان عذيقها المرجب، وجذيلها المحلك، هو من كلام الحباب بن المنذور، قاله في سقيفة بني ساعدة، وهو بلفظ: أنا عذيقها... الخ، وصار مثلاً، والعذيق: تصغير العذق، والمرجب: المسند بالرجبة، وهي خشبة ذات شعبتين، وذلك إذا طالت الشجر وكثر حملها اتخذوا ذلك لضعفها عن كثرة حملها، والجذيل: تصغير الجذل، وهو عود ينصب للإبل الجرباء تحتك به، فتستشفي به، والمحلكة الذي كثر به الاحتكاك حتى صار أملس، والمعنى: فهو أني ذو رأي يستشفى به في الحوادث، لا سيما في مثل هذه الحادثة، وإني في ذلك كالعود الذي يشفي الجرباء، وكالنخلة بكثرة الحمل من توفر مواد الآراء عندي (هامش في مآثر الابرار 1/ 229 - 230).

، فرأى القاضي في النوم أنه والمولى صفي الدين تحت ثوب واحد، فأراد أن يعرض الرؤيا، فقال للسيد أحمد بن الهادي: يا مولانا رجل رأى أنه وآخر قال له السيد - رحمه الله -: اترك قصص الرؤيا وأنا أقصها وأعبَّرها لك، قال القاضي: هات تمم الرؤيا. قال: نعم، رأيت أنك أنت وسيدي أحمد بن الحسن بن أمير المؤمنين تحت ثوب واحد، قال القاضي: والله ما غادرت شيئاً /216/، وابتهر القاضي لذلك، فقال له السيد: لا تعجب هذه رؤيا قد رأيتها لنفسي أنا وسيدي زعيم المسلمين الحسن بن الإمام، وأوَّلها لي شيخي أحمد بن موسى سهيل(1)، وكان من الحسن مكانك لابنه(2). وله من هذا القبيل شيء واسع، ومن عجائبه أنه لما عمر داره التي في الضيعة خرج مولانا الحسن بن أمير المؤمنين - عليه السلام - لطيافتها فوجده قد جعل ساحة تحت الدار واسعة وهيّأ فيها مرابط الخيل، ولم يكن له إذ ذاك شيء، فتعجب المولى شرف الدين فقال له السيد: إن شاء الله ننتقم من الأتراك، ونملأ هذه خيلاً، فمن عجيب الاتفاق أن السيد دخل بعد قضية نجد محترب(3) بخيل عدد تلك الرباطات التي هيأها، ذكر لي هو - رحمه الله - ذلك. وكان له كرامات ودعوة مستجابة، وكان له في أعلا بيته بالضيعة غرفة، ذكر لي أنه إذا غفل عن بيته ظهر فيها سراج وتلاوة، ومثل هذا سيأتي في ترجمة القاضي محمد الجملولي - رحمه الله - وذكر لي أنه جاءه رجل له مقام عجيب في الاتصال بعالم الجن له نكت تشهد بهذا، فقال: إن بعض الجن توصَّى إلى السيد - رحمه الله - أنه إذا صرع أحد من المسلمين كتب له السيد - رحمه الله - ثلاث عشرة مرة، قل هو الله أحد، ثم يكتب اسمه أحمد بن الهادي بن هارون، وفعل ذلك السيد، وشفي به من شفي. كانت وفاته - رحمه الله - بصنعاء المحمية في (……)(4) ودفن بخزيمة - رضي الله عنه - وأمرني
__________
(1) في (ب): بهذا التأويل.
(2) في (ب): وكان مكاني من الحسن مكانك من ابنه.
(3) في (ب): مخيرب.
(4) فراغ في (أ) و (ب).

المولى السيد الكريم بن الكريم بن الكريم محمد بن المتوكل على الله بن المنصور بالله - سلام الله عليهم - أن أكتب شيئاً يكتب(1) على صخرة، فكتبت:
هذا الضريح الذي فوق الضراح سما ... وحاز من بعد أفلاك السماء سما
فيه الهمام ضياء المكرمات(2) ومن ... للذكر والغزو شق (الحندس) البهما
ما زال بالحرب والمحراب مشتغلاً ... إن قيل ماذا الذي تهواه قال هما
قد حالف الخط والخطي مدته ... ما زال ينشر فيها العلم والعلما
عليه أسنا سلام الله ما حمدت ... فيه الصفات وما مزن السحاب همى
__________
(1) في (ب): يرقم.
(2) في (ب): المبهمات.

وذكرت بعد هذا النظم شيئاً يسيراً من النثر، وكان بينه وبين مولانا العلامة محمد بن أمير المؤمنين(1) المذكور أنس لا يقاس به غيره، وكان خريجه تهذّب بكثير من طباعه؛ لأنه لما وجهه والده أمير المؤمنين إلى (البيضاء) بجنود وافرة إلى ناحية البيضاء أصحبه هذا السيد الجليل، وكان له بمنزلة الأب الذي يرأب، واتفق رأيهما، وتطابقت مقاصدهما، وحمد /217/ أثرهما، وممن صحب المولى العزي في هذا السفر القاضي العلامة الزاهد المحقق محمد بن علي بن صالح العنسي - أسعده الله -(2)، وتخرج عليه(3) أيضاً المولى العزي، فهو أستاذه في المعقول والمنقول، وهذا السيد الجليل من سلاطين الإسلام، ومن حسنات الأيام، لم أر أحرص منه على دينه، ولا أوقف منه عند الشبهة، ولا جرم أنها شنشنة من أخزم، وكان اقترانه بهذين الفاضلين أتم وأحزم، فهكذا القرناء الصالحون والله حسبنا وكفى. وتوالى موته - رحمه الله - وموت القاضي العلامة حواري أمير المؤمنين إبراهيم بن الحسن العيزري، وكان صديقاً للسيد والقاضي العلامة الحسن بن أحمد الحيمي - رضي الله عنهم - والسيد الأديب أحمد بن الحسن بن حميد الدين السابق ذكره، وكان هؤلاء أعيان الوقت، ولي بهم الجميع - رحمهم الله - الأنس الكبير والألفة، فاقتضت الحال كتابة هذه الأبيات، وذكر تواليهم - رحمهم الله تعالى -:
نوا(4) زال غابت عندهن الطوالع ... فهاهي سود أوجهاً والمطالعُ
وها كل مجد قد وهى منه طوده ... وغاض من الشرع الشريف مشارعُ
وكل فؤاد للغضى فيه منزل ... وكل المآقي للعقيق مواضعُ
ففي كل قلب نار حزن تذيبه ... فذا كل قلب في العيون مدامعُ
فكيف سلوي بعد فقد أحبتي ... وقد حال صخر دونهم ويرامعُ(5)
وصاروا بعيداً والمزار مشاهد ... نيام لهم بين التراب مضاجعُ
__________
(1) في (ب): - رضي الله عنه -.
(2) في (ب) زيادة: تعالى.
(3) في (ب): وتخرج أيضاً عليه المولى.
(4) في (ب): نوازل.
(5) يرامع: لم أجدها في القاموس.

أناجيهم والقلب قد عبثت به ... سيوف هموم كلهن قواطعُ
أأحبابنا هل تسمعون نداءنا ... أم استك منكم يا رفاق مسامعُ
أما كنتم من قبل ذا فصحاءنا ... ومفخرنا إذ تحتوينا المجامعُ
أما كنتم نور البلاد جميعها ... بدور كمال في البلاد سواطعُ
فما ذاك المجد(1) بعد ثباته ... أجيبوا فإني للمقالة سامعُ
عليكم سلام الله عندي جوابكم ... إذا حال من دون الجواب موانعُ
قضيتم وقد قضيتم كل مأرب ... وسارت لكم بين الأنام شوايعُ
فطوبى لكم طبتم على كل حالة ... مقالة صدق ما بها من ينازعُ
ونحن بلينا بالمصيبة بعدكم ... ننوح كما ناح الحمام السواجعُ
218/ولو أننا نقضي لكم بعض حقكم ... لما ذاق منا بارد الماء ناقعُ
ولا جال في مجرى سوى ذكر عهدكم ... ولا نام ليلاً في المضاجع هاجعُ
فأنتم لنا والله كنتم أحبة ... منابرنا تزهو بكم والجوامعُ
ولكننا نأوي إلى حصن ربنا ... فذلك حصن في الحوادث مانعُ
هو الصبر إن الصبر حصن ذوي الأسى ... يقاتل عن أصحابه ويمانعُ
وإن لم يك الصبر الجميل يطيعنا ... وذاب بنار تحتويها الأضالعُ
رجعت(2) إلى التفكير في كل أسوة ... فيأتي لنا صبر سوى الصبر طائعُ
ألم يك قد مات النبي وآله ... وعطل عنهم في المعالي المرابعُ
وما المال والأهلون إلا وديعة ... ولا بد يوماً أن ترد الودائعُ
وما المرء إلا كالشهاب وضوؤه ... يحور رماداً بعد إذ هو ساطعُ
فلي أسوة في واحد بعد واحد ... وثالثهم يتلوه في العد رابعُ
بها ليلُ بسامون في كل حالة ... سواء رخاء حركت أو زعازعُ
على كل حال هم جبال جهينة ... وهل حركت رضوى الخطوب الروائعُ
على أنهم في الخصب والجدب أبحر ... فمن أين تأتيهم(3) فنعم الشرائعُ(4)
فقل لابن هارون الذي هو أول ... تلاك رجال للزمان صنائعُ
وفَوالَك لَمَّا أَن رأوك سبقتهم ... إلى مورد منه النفوس كوارعُ
__________
(1) في (أ): فما ذاك المجد.
(2) في (ب): رجعنا.
(3) في (ب): تأتيها.
(4) في (ب): المشارع.

لأنك سباق إلى كل غاية ... وغيرك في مجرى الفضائل تابعُ
سبقتهم جرياً إلى الجنة التي ... جناها لمن يجنيه دانٍ ويانعُ
تلاك حواري الإمام أخو العلا ... وصارمنا السيف الذي هو قاطعُ
وقاضي قضاة المسلمين خطيبهم ... إذا خاض قاضيهم وخاض المصافعُ
زهود عن الدنيا الجميع بأسرها ... وليس له عنها إذا رام دافعُ
وثلثه الحيمي عالمنا الذي ... يناضل عن عليائنا وينازعُ
عليم حليم في الأمور مجرب ... محكك قد حكّته دهراً وقائعُ
أعان أمير المؤمنين بعزمه(1) ... بها في جنان الدهر منه مجامعُ
تجاوز براً بعد بحر ومجهلاً ... على مجهل فيها أمور روائعُ
إلى أرض سنار وجاوز أرضها ... إلى سجد والأمر و(2)الله فاجعُ
فصاول قوماً أهل مكر وسارعوا ... إلى خدعه والله عنه يدافعُ
/219/ وكم من أمور كان فيها مجلياً ... وبرهانه فيها لمن شك قاطعُ
وجدد وجدي والأسى يبعث الأسى ... نعي شريف منه سكت مسامعُ
وأرسل جفني (عندم) الدمع عن دمي ... يسلسله والطرف دام ودامعُ
شريف رضي مرتضى في خصاله ... بديع معان منه تنشا (3) البدائعُ
حكى فعله ماضي الجدود فأمره ... يشابه حسناً أمرهم ويضارعُ
سليل حميد الدين أحمد من له ... محامد إن عددتها ضاق واسعُ
عليهم جميعاً ألف ألف تحية ... تزورهم ما خرَّ لله راكعُ
واطلب من ذي العرش جبر قلوبنا ... فتلك خطوب للقلوب صوارعُ
واطلب منه اللطف في كل حالةٍ ... يلين به قاسٍ ويقرب شاسعُ
فإنا على تصميمنا في أمورنا ... وما ردنا(4) عنهن للرشد وازعُ
كأنا على أمر من الموت كلنا ... وما نبهتنا ذي الخطوب القوارعُ
فنحن كسرح إن ير الذئب مقبلاً ... يرعها وإن ولَّى فهن رواتعُ
على أننا قد ندعي في حلومنا ... دعاوي وهذا الفعل فيها ينازعُ
ولكن لنا في الله جل مطامع ... وليس بظني أن تخيب المطامعُ
__________
(1) يعني عزمه إلى أرض الحبشة.
(2) في (ب): تالله.
(3) في (أ): ينسى.
(4) في (ب): ومازدنا.

إلهيَ وفقنا لتقواك إنها ... لأربح شيء إذ تعد البضائعُ
وقدس بروضات الفراديس صحبنا ... تداني لهم فيها الثمار اليوانعُ
فقد قدموا ضيفاً يجودك سيدي ... وقبلهم طه المشفع شافعُ
وأحسن لنا منك الختام تفضلاً ... فأنت جواد ما لجودك مانعُ
أحمد بن يحيى بن يحيى(1) [ - ]
السيد الأمير الكبير ينبوع العلم شمس الدين أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الحسن بن الأمير العالم المعتضد بالله عبد الله بن الإمام المنتصر لدين الله محمد بن الإمام المختار لدين الله القاسم بن الإمام الناصر لدين الله أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم ترجمان آل الرسول بن رسول الله - صلوات الله عليه وعليهم- كان هذا الأمير الخطير من أكابر العلماء فاضلاً، ترجم له ابن المظفر، وقال: كان عابداً، ورعاً، زاهداً، انتهى.
قلت: وهذا والد الأميرين الخطيرين شيبتي الحمد محمد ويحيى المعروفين بالأميرين بدر الدين وشمس الدين - رضوان الله عليهم -. وأُمُّ هذا الأمير وأم إخوته الحسين والمحسن ومحمد وعلي والحسن عربية من الجوف، وهي مريم بنت ناصر /220/ من بني عمران.
أحمد بن يحيى بن أحمد(2) [ - ]
الأمير الشريف شهاب الدين أحمد بن الأمير شمس الدين يحيى بن أحمد بن يحيى بن يحيى - عليهم السلام - ترجم له ابن المظفر - رحمه الله - فقال الأمير الفاضل العالم ترجمان الدين أحمد بن(3) المهدي بن شمس الدين، قال: ومحله من الفضل معروف، وترجم له غيره، فأثنى عليه كثيراً.
قلت: وهذا والد الأمير المؤيد - أعاد الله من بركتهم -.
أحمد بن يحيى بن حمزة(4) [ - 748 ه‍ ]
__________
(3) في (ب): أحمد المهدي.
(4) صلة الإخوان، طبقات الزيدية الصغرى.

40 / 182
ع
En
A+
A-