السيد السند الشريف الفاضل إبراهيم بن أحمد بن عامر بن علي بن محمد بن علي بن الرشيد بن أحمد بن الأمير الحسين بن الأمير(1) علي بن يحيى العالم البر بن محمد العالم التقي بن يوسف الأشل بن الإمام الداعي إلى الله يوسف الأكبر. كان من أعيان الوقت علماً وحلماً، وزهادة وكرماً، يقل نظيره في جميع ذلك، وبه في الكرم تضرب الأمثال. نشأ - رحمه الله - على طريقة سلفه الكرام في السمت(2) والصمت والعفَّة والعبادة وعزة النفس عن المطامع والرأفة بالمسلمين والتقلل من زينة الدنيا، مع تمكنه من ذلك، فإنه ربى في الأيام المسعودة التي فاض ظِلاَلهُا على كل حاضر وباد، وأثرى فيها الكل، وهو مع ذلك في بحبُوحة ذلك البيت المشيَّد، فإنه من فصيلة الإمام(3) وبمنزلة الولد له، ونشأ في حجره، وهو ابن أخت الإمام المؤيد بالله، وأمهما وأم الحسن والحسين واحدة، وعامر المذكور عمَّ الإمام القاسم - عليه السلام -.
__________
(1) في (ب): بن الأمير بن، وهو خطأ.
(2) السمت: هيئة أهل الخير. (القاموس المحيط ص 155).
(3) في (ب) زيادة: المؤيد بالله.

وكان الإمام المؤيد بالله - عليه السلام - يخصّ إبراهيم بمزيد التكريم والتعظيم كما يقتضيه علوّه وشرفه، وكان الإمام حريصاً على إنزال الناس منازلهم، وكان لا يفارق الحضرة، ودرس على الإمام دروساً نافعة في كل فنّ، وعلى الشيوخ القادمين من الآفاق والملازمين للحضرة أيضاً، فما من فنٍّ في الغالب إلا وقد لقي الكمَلة من شيوخه؛ لأن الحضرة كانت مجمعاً للعلماء من الأعارب والأعاجم، ولمَّا اتفق في جهات(1) آنس وما صاقبها(2) من بغي بعض شيوخها، وجهه الإمام إلى تلك الأقاليم لتأديب أهل العُدوان بجيش كثيف فيه من عيون الدولة وأعيان المسلمين من يظن فيه الكفاية لذلك، كالسيِّد العلامة عز الدين ابن دريب الحسني الآتي ذكره، وغيره، فاستصلح السيد أحوال البلاد، وعاقب من يستحق العقوبة، وقبض شيئاً من سلاح البغاة، واستقر بالجهة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولمَّا ظهر صيت كرمه /16/ في الأقاليم جاء الناس على اختلاف أنواعهم إليه أفواجاً، فأماح(3) المستمنح(4)، وبذل الجزل حتَّى استأصل الموجود من المال في الجهة، ثُمَّ عين للوفد من ثمار ما قد بذرت حتَّى ضاقت الحال، فعاد إلى القرض فتناول أموالاً يجل حصرها، فلمَّا بلغ الإمام استدناه إلى الحضرة، وناصحه مناصحة الأب والأم التي ترأب وناصحه سيدنا العلامة حواري أمير المؤمنين أستاذ العلماء أحمد بن سعد الدين - طوَّل الله عمره - بمناصحة أهل الصدق والصداقة، ولمَّا اشتدَّ المرض بالسيِّد - رضي الله عنه - قال له القاضي كالمعتذر: بأن تلكم المناصحات وإن اشتدت عباراتها فمصدرها لله - عزَّ وجلَّ - فأجابه السيد بصوت خفي: إني أعدَّ ذلك من الإحسان، وإن ذلك طريق السلف الصَّالح أو كما قال، وأنشد:
ما ناصحتك خبايا الود من رجل ... مالم ينلك بمكروه من العذل
__________
(1) في (ب): في جهة.
(2) أي ما داناها وقرب منها.
(3) ماحه: أعطاه.
(4) في (ب): المستميح.

محبتي فيك تأبى أن تسامحني ... بأن أراك على شيء من الزَّلل
وكان له خط حسن على أسلوب المشق(1)، كما كان كخاله(2) الحسين بن القاسم - عليهم السلام - ورزق كتباً واسعة، اجتمع عنده مالا يجتمع عند غيره من نظرائه، وبلغني [عنه](3) - وأظنَّه(4) الذي أخبرَني - أنَّ هذه الكتب اجتمعت من فضلِ الله كسبب(5) الدُّعاء إلى الله، وذلك أنه استعار كتاباً من بعض أصدقائه فمنعه، فاشتدَّ غمه، وخلَى بنفسه، وبكى، ثم سأل الله أن يمنحه الكتب فامتلأت جوانب داره من طيِّها، ولهُ كرَامَات أخبرني [العبد الصالح](6) الفقيه إسماعيل الشبامي، وكان من عباد الله الصَّالحين الأخيار، وكان كثير الملازمة له لجامعَة التقوى أنه أخبره - قدَّس الله روحه - أنه مرَّ في بعض الأزقَّة بقرطاسٍ فنقله إجلالاً لاسم الله، وكان ذلك دأبه، فلمَّا نظر فيه لم يجد فيه كتابة فألقاه ومضى، ثم خطر بباله أن هذا قرطاس مظنة أن يكتب فيه اسم الله، فينبغي تكريمه، فرجع والتقطه، وإذا قد كتب في القرطاس بخط سويِّ ما لفظه: ولو بياض. وكان له شعر كثير. ورثاه جماعة من الفضلاء، ومولده…… (بياض) (7).
ووفاته في سادس عشر من شهر رجب سنة ست وخمسين وألف [وممَّا قاله السيد حسين الصاعي مؤرَّخاً لوفاته في آخر مرثيته قوله:
بسادس عشر في الأصم وفاتُه ... فتأريخه جا(8) خير بر بكى حدَّا](9)
__________
(1) المشق في الكتابة: مدُّ حروفها (انظر القاموس المحيط ص: 1192).
(2) في (ب): لخاله.
(3) زيادة في (ب).
(4) في (ب): وأظن أنه.
(5) في (ب): بسبب.
(6) زيادة في (ب).
(7) مولده في شوال سنة ثماني عشرة وألف كما في طبقات الزيدية عن ولده محمد.
(8) تحذف الهمزة ليستقيم الوزن.
(9) ما بين المعكوفين سقط في (ب).

ودفن في الحجرة عند باب قبَّة الإمام القاسم بشُهَارة(1) بجوار والده السيِّد العلامة شمس الإسلام أحمد بن عامر المتوفى في صفر سنة اثنتين وعشرين وألف، وكان عالماً عاملاً فاضلاً، وله بمكة مقام مع بعض علمائها، يقضي بشرف العلم وبشرفه أعاد الله من بركته.
إبراهيم بن أحمد بن مفضَّل [ - ] ه
السيد العالم الفاضل إبراهيم بن أحمد بن مفضَّل(2)، قال السيد أحمد بن عبد الله /17/: كان سيداً فاضلاً عاملاً، درس على الإمام المهدي علي بن محمد، فجوّد في علم الفقه والفرائض، وكان جامعاً لمحاسن الخلال، زاهداً متوكلاً، نسخ مدَّة ختماً كثيرة وكتباً عديدة، سكن بهجرة اللحمرة(3).
إبراهيم بن أحمد بن علي العبالي [1049 - 1071ه‍ ] (4)
__________
(1) شُهارة بضم الشين المعجمة وقد تفتح: جبل مشهور في بلاد الأهنوم شمالي حجة، وهو من معاقل اليمن المشهورة، (انظر معجم البلدان اليمنية ص: 365 - 366).
(2) في (ب): المفضل.
(3) في (ب): اللحم.
(4) أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (2) ومنه تاج العروس مادة (عبل) الجامع الوجيز خ، بغية الأماني والأمل خ، الجواهر المضيئة في معرفة رجال الحديث عند الزيدية خ، مصادر الحبشي 385 معجم المؤلفين 1/6، هداية العارفين ج 2/23، إيضاح المكنون 2/529، وأغلبها تستند إلى ترجمة المؤلف في كتابه هذا.

السيد النجيب إبراهيم بن أحمد بن علي العبالي، - رحمه الله ورضي عنه- نشأ في مهاد العلم مرتضعاً لثدي التقوى، لم يعرف من الدنيا غير العلم وإحيائه، والمذاكرة لأربابه في صباحه ومسائه، حتَّى بذَّ(1) الأقران، وصار على صغره كبير الشأن، قرأ العربية، وحقق، ووضع على (المغني لابن هشام) ما يجري مجرى الحاشية، ولم يرتبها، بل جمعها، وأراد درس الكتاب والتهذيب لها وقت القراءة، وقرأ الفرائض على أهلها، وكان له في القسمة والجبر والمقابلة تحقيق نافع، وقرأ في الفقه وحشَّى بخطه على شرح الأزهار، وهو خط مشق في الحسن العجيب، وقد وضع بخطه في غالب الفنون حواشي مفيدة، ولم تكن له [لهجة](2) بغير العلم وأهل العلم، حتَّى قال بعض العارفين: لم يخلق هذا السيد لغير هذه الوظيفة ولغير الجنة، وتوفي - رحمه الله تعالى - ولم يزد عمره على اثنتين وعشرين سنة، وكانت وفاته عند طلوع الشمس نهار الخميس في سابع وعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وألف سنة، وقراءته جميعها على شيخه وأستاذه ووالده المربي له عمَّه أخي أبيه السيد العلامة المحقق شيخ أهل زمانه في الأصول والعربيَّة [شجاع الدين](3) عزِّ الدين بن علي العبَالي(4) - أبقاه الله، ونفع بعلومه - وشيخ السيِّد شجاع الدين مولانا الحسين بن أمير المؤمنين - رضي الله عنه -.
إبراهيم بن أحمد [ - ]
السيد العلامة صارم الدين إبراهيم بن أحمد عمُّ الإمام أحمد بن الحسين، كان عالماً ويعرف شيئاً من الحساب على قواعد(5) الزيج، وكان يقول: نعم هذا المكان يشير إلى محل هجرة(6) كوم، ويولد فيه إمام في عينه كسرة وفي جنبه علامة. انتهى
__________
(1) بذَّ: أي غلب.
(2) سقط من (أ).
(3) سقط من (أ).
(4) انظر طبقات الزيدية الكبرى، القسم الثالث 2/ 67 ت (399).
(5) قواعد الزيج: الزِّيج (بالكسر) خيط البنَّاء. (القاموس المحيط ص189).
(6) هجرة كوم.

إبراهيم بن أحمد بن ساعد [ - ]
القاضي العلامة صارم الدين إبراهيم بن أحمد بن ساعد، عالم كبير ونحرير خطير، له عبارات فائقة ومعان في الإنشاء رائقة، تدُلُّ على كمال الذَّات وعلم بالأدوات - رحمه الله تعالى -.
إبراهيم بن أحمد الشظبي [ - ](1)
القاضي العلامة إبراهيم بن أحمد الشظبي، توَّلى القضاء للإمام المنصور بالله، ذكره أبو فراس بن دعثم. انتهى
إبراهيم بن أحمد الحاشدي [ - ]
القاضي العلامة إبراهيم بن أحمد الحاشدي، عالم كبير، تولَّى القضاء للإمام المنصور بالله أيضاً - رحمه الله - ذكر هذا والذي قبله فاضل بن عياش بن علي بن محمد بن أبي القاسم بن أبي عمره ولعله أبو فراس، فيحقق(2).
إبراهيم أحمد الراغب [ - 983]ه(3)
__________
(1) السيرة المنصورية ج1 ص383 و ج2 ص 965 باسم إبراهيم بن أحمد وسيأتي بعده، ولعلهما واحد هو إبراهيم بن أحمد بن أبي الأسود الأقهومي، قال في السيرة المنصورية ص 354: وهو من خير عباد الله زهداً وورعاً وعلماً، وهو قاضي الإمام - عليه السلام - في تلك الجهات (أي جهات شظب).
(2) في السيرة المنصورية ذكر أبو فراس القاضي الفاضل شرف الدين إبراهيم بن أحمد بن أبي الأسد القهمي الذي حضر إلى مسجد قاعة لمناظرة المطرفية، ويظهر أنه والأول شخص واحد، كما ذكر إيضاح السيرة المنصورية باسم إبراهيم بن أحمد بن أبي الأسود الأقهومي وأنه قاضي الإمام في جهات شظب، وقال محقق السيرة: الأقهومي نسبه إلى الأقهوم من بلاد شظب.
(3) ملحق البدر الطالع (4)، طبقات الزيدية الكبرى القسم الثالث (تحت الطبع) وفيه إبراهيم بن أحمد بن الورد الحجي المحلي الظفيري، ومن مصادر ترجمته أيضاً الجامع الوجيز للجنداري، والجواهر المضيئة للقاسمي.

الفقيه الجليل، العابد الناسك، الجامع بين فضيلتي العلم والعمل، إبراهيم بن أحمد المعروف بالراغب، كان من عيون الفضلاء في وقته في طريقتي العلم والعمل /18/، ولقي الشيوخ الأجلاء(1)، وأخذ عنه علماء أجلاء، وكان صنوه عبد الله بن أحمد على منهاجه، وكان عبد الله يسمَّى بالناصح وإبراهيم بالراغب، والذي سمَّاهما بهذين الاسمين الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين - عليه السلام - ترجم لهما محمد بن داود المحلي، والسيد عبد الله العلوي شيخ أهل وقته، وذكر المحلي أن موتهما سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة بالطاعون، وذكر السيِّد فخر الدين عبد الله العلوي أن موتهما سنة أربع وثمانين. ومن تلامذة الرَّاغب الفقيه الفاضل عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن مسعود الحوالي، ولعلَّنا - إن شاء الله - ننقل ترجمة الفقيه عبد الله بن سَعيد التي وضعها الفقيه اللغَوي عبدالله بن المهدي - رحمه الله -.
__________
(1) من مشائخه السيد عبد الله بن القاسم العلوي، والسيد الحافظ عبد الله بن الإمام يحيى شرف الدين.

إبراهيم بن أحمد الكينعي [ - 793]ه(1)
الفقيه الإمام، المتَألِّه الربَّاني، صارم الدين إبراهيم بن أحمد بن علي الكينعي - رضي الله عنه - كان من عبَّاد وقته المجتهدين في الطاعة على اختلاف أنواعها، من فكرٍ وذكرٍ وخشوع وخضوع وتذكّر بحقوق الله تعالى بالقول والفعل وهدَاية بالعلم، فإنه كان من أعيان علماء وقته، وممَّن تقل العبارات في كنه أحواله في المعامَلة الربَّانيَّة، وكان على ذلك من أوَّل نشأته - رحمه الله تعالى - وهو من بيت معمور بالعلم والعمل، كان أبوه أحمد من علماء وقته وعبَّاد دهره، وأمَّه كانت موصوفة بالإيثار، حميدة الآثار، وأخته مريم الآتي ذكرها - إن شاء الله تعالى - ومن عرف أحوال هذا الإمام عرف أنّ للَّه تعالى صفوَة من عباده علم قلوبهم، وأنَّها أصداف لجوَاهر الألطاف، فأرسل ودقه(2)، فسبحان المانح، وقد عني بترجمته جماعة منهم العلامة الأصولي ابن أبي الخير - رحمه الله تعالى - وللسيّد الهادي بن إبراهيم شيء في ذكر أحواله.
__________
(1) الكينعي: صلة الإخوان في حلية بركة أهل الزمان (سيرة إبراهيم الكينعي) تأليف السيد يحيى بن المهدي (تحت الطبع بتحقيقنا)، وهي الأصل الذي استند عليه مترجموه ومنهم المؤلف، والسيد إبراهيم بن القاسم في طبقات الزيدية (تحت الطبع)، والشوكاني في البدر الطالع 1 /4، وانظر أعلام المؤلفين الزيدية وفهرست مؤلفاتهم ترجمة (3) وبقية المصادر هناك.
(2) ودقه: الوَدْق: المطر. (القاموس المحيط ص 854).

وترجم له السيد العلامة المتقن يحيى بن المهدي بن قاسم بن المطهَّر بن أحمد بن أبي طالب بن الحسن بن يحيى بن القاسم بن محمد بن القاسم بن يحيى بن الحسين بن الحسين ذي الدمعَة بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - كرَّم الله وجهه في الجنَّة وعليه وعلى عقبه السلام - الآتي ذكره - إن شاء الله تعالى - وبسط في الترجمة حتى كانت مجلداً حافلاً اشتملت على عجائب وغرائب، وعلى شيوخ إبراهيم وتلامذته وكثير من أحواله، قال فيها: أمَّا صفة ذاته الكريمة(1) المقدَّسة بالرَّحمَة والتحيَّة، فهو من أحسن الناس وجهاً وأتمهَّم خلقة وأقرب إلى الاصفرار والرِّقة، ربعة [من القوم] (2) ليس بالطويل ولا القصير، كأن بنانه الأقلام، ترعف بالبركة لمن قصده من الأنام، بوجهٍ أبيض قد غشيَه(3) نور الإيمان وسيما الصَّالحين، قد أحاط بذاته من كل مكان، صفاء قلبه على وجهه يلوح، ونوافح مسك الحكمة من فيْهِ تفوح، رقيق القلب، دائب الأطراق(4)، ذو سكينة ووقار، وحياء ما عليه غبار، سريع المشية، غير ملتفت إلا إلى قصده، إذا مشى كأنه راكع من الإطراق، أو خائف من ضارب الأعناق، إذا خرج نهاراً /19/ ازدحم الناس على تقبيل يده والتشبث بأهدابه والتبرك برؤية وجهه، وهو يكره ذلك، وينفر عنه، يغضب إذا مدح، ويقول: يا فلان، دع هذا، وكان يفرح، ويستبشر إذا نصح غير مرَّة، يقول: يا ليت لي مؤدِّباً(5)، ما وضع يده على قلبٍ قاسٍ إلا رقّ، ولا على أليم إلا برئ(6)، إذا تلا القرآن سمعت في جوفه
__________
(1) في صلة الإخوان: الزكية.
(2) زيادة من صلة الإخوان.
(3) في الصلة: غشاه.
(4) في الصلة: ذائب الأطراف.
(5) في الصلة: يا فلان، دع هذا لامرئ يفرح به، ويسر إذا نصح، سمعته يقول غير مرة: يا ليت لي مؤدباً، من رآه بديهة هابه، وانفتح له قلبه محبة [وساق كلاماً]إلى قوله: ما وضع يده.
(6) في الصلة: إلاَّ رَقَّ، واشنرح، ولا على أليم إلاَّ سرَّى عنه، ولعينيه فتح.

الأزيز، إذا رآه العلماء تواضعوا لرُؤيته [وعكفوا على اقتطاف حكمته] (1)، وإذا رآه أهل الدُّنيا حقروها، وعافوها، وإذا رآه أهل المعاصي أعجمهم(2) القلق.
ثم ساق السيد يحيى - رحمه الله - من هذا وأمثاله إلى أن قال: ولمَّا بلغ التكليف، وكمل عقله الشريف، وتوفي والداه - رحمة الله عليهما وعليه وعلينا معهم- ضرب أكباد المطيِّ بالارتحال إلى صنعاء اليمن ليرقى إلى درج الكمال، فأناخ مطيِّ سفره بعقوة(3) من استنار بعلمه، واستصبح بمصباح حكمته وفهمه، إمام أهل الشريعة المحمَّدية وسلطان علماء الحقيقة الربانية، السجَّاد في الليالي، والبكاء في صلواته من خوف البارئ، حاتم بن منصور الحملاني - قدس الله روحه - في الجنان - فحلق(4) عليه في الفقه مدَّة من الزمان، حتى حصَّل الفائدة من فقه آل محمد - عليه وعليهم السلام - قدر عشر سنين، فظهرت فائدته فحلق عليه، وأقرى فيه برهة من الزمان، وقرأ في الفرائض على الشيخ الأجل الخضر بن سليمان الهرش، حتى برز فيها على مشائخه، سمعت من القاضي العالم أحمد بن محمد الشامي - رحمة الله عليه ورضوانه - قال: ما في الجيل واليمن أفرض من إبراهيم بن أحمد سيما في الجبر والمقابلة، وسمعته يوماً قال: يمكنني أن أفهم ما في هذه البِرْكَةِ من أرطال الماء بالمساحة، وطالت صحبته مع الشيخ الخضر، ولم يفترقا حتى الممات، حجّا معاً سبع سنين، وتوفي خضر في البحر، ودفن في جزيرة، وأوصى إلى إبراهيم بكتبه. ثم إنَّ إبراهيم اتخذ صنعاء مسكناً؛ لأنها مجمع الفضلاء، فسكن في درب الفقيه أحمد بن حميد الآتي ذكره، وكان يتكسب على من يجب عليه ثُمَّ على إخوانه في الله تعالى بالتجارة، وكان يسافر إلى مكة المشرفة، وكانت له
__________
(1) ما بين المعقوفين زيادة في الصلة.
(2) في (أ): أعجلهم.
(3) بعقوة: العَقْوَة: شجرٌ، وما حول الدال والمحلة. (القاموس المحيط ص 1206).
(4) حلق: تحلَّقوا: جلسوا حَلْقَةً حلقة. (القاموس المحيط ص 808).

4 / 182
ع
En
A+
A-