ويعصر لهم الخمر، ويكسح لهم الدور وبيوت الماء، يعيش في أخبث مهنة يكون ولا يكاد يلقى إلا سكران أو حامل نجاسة، وعلى أقبح صورة في الدين والدنيا، فقال المزيِّن حالفاً بالله العظيم: إن الزنجي أقرب إلى الله من هذا الأباضي وأهون عذاباً في النار منه، الذي قد أعجبتك هيئته وخشوعه، ثم التفت المزين إلى الحمامي فرفع بصره عليه سريعاً فدعاه فقال: يا حمامي، أخبرني من حملك على ما أنت عليه من شرب الخمر، وقطع الصلاة، والتمرغ في النجاسات والأوساخ وحمل الأقذار، أنت أم الله تعالى، فكأنه ارتاع ثم رفع صوته هاشي أنبيلاً هاشي أنبيلا، يكررها ويرددها، ومعناها: حاش لله حاش لله، وأنبيلاً عندهم: اسم الرب سبحانه، ثم التفت، فقال: يا سليمان، هملتني نفسي، هملتني نفسي، همامي كيبة همّامي كيبة، معناه: حملتني نفسي، حملتني نفسي، حمامي خيبة، وخيبة بمعنى خبيث يستعمله العامة.
محفوظ [ - ]
/209/ محفوظ، هو شيخ الزيدية، رحل إليه الطبري - رحمه الله - لسعة كتبه، فإنه كان وأهل بيته من أهل الرئاسة، وكان أكثر ذخرهم الكتب الإسلامية، كتب آل محمد أصولاً وفروعاً، ومحفوظ المذكور جد آل محفوظ علماء ريدة من أعمال البون، واتفق أن الطبري - رحمه الله - أيام إقامته عندهم اشتهى اللحم، فأخذ درهمين وشرى بهما لحماً من السوق، وكان محفوظ لا يرى ذلك ولا يفعله، فقالت له امرأته: أنت لا تأكل لحم السوق، وهذا الطبري أكل منه، أنت(1) أعلم أم هو؟ فقال: بل هو، لكني أورع، فلفضل القوم معاً ذكر ذلك محفوظ لأبي الحسين الطبري، فقال: صدقت يا بني، ودليل ذلك قول الله سبحانه: ?إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ? (فاطر:28).
أحمد بن موسى النجار [ - ]
__________
(1) في (ب): أأنت أعلم.
الفقيه المكين العالم الأفضل تقي الدين أحمد بن موسى النجار الصعدي - رحمه الله - من أعلام المائة السابعة، كان عالماً صدراً - رحمه الله - من فقهاء صعده المحروسة، من المجاهدين في سبيل الله مع الإمام أحمد بن الحسين - عليه السلام - واستشهد في حرب الحصبات(1) يوم استشهد رايس(2) الشيعة حُمَيْدُ المحلّى - رحمه الله - وهو حرب بين أصحاب الإمام والبغاة أحمد بن المنصور وأسد الدين التركماني، ورايس المسلمين الأمير الكبير أحمد بن يحيى بن حمزة، وأسر الأمير - رحمه الله - ذلك اليوم.
أحمد بن موسى بن عمران (3) [ - قبل 801 ه ]
الفقيه العلامة العابد شهاب الدين أحمد بن موسى بن عمران بن عيسى العباسي - رحمه الله - فقيه محقق عالم عامل حليف القرآن، كان من أصفياء الإمام المهدي أحمد بن يحيى - عليهما السلام - وأود أنه ذكره الفقيه العلامة ابن المظفر وغيره، وكنت رأيت له ترجمة، ذكر فيها وردهُ من القرآن، وأنه كان حليفاً للقرآن، وكان إماماً في العلوم محققاً في الفرائض مؤلفاً(4)، له شرح على الدرر، وكان مع الإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى في يوم (معبر)، وحبس مع الإمام هو والعلامة سليمان النحوي، والعلامة إبراهيم بن محمد بن يوسف، والمقري معوضة بن حسين، والمقري الورد العماد(5)، وقيد هؤلاء الجلة - رحمهم الله تعالى - بقيود ثقيلة، ومات هذا العلامة أحمد بن موسى في الحبس أعاد الله من بركته، ورثاه الإمام المهدي بقصيدة مطلعها:
يا عين جودي بدمع منك مدرار(6) ... على تقي صبور خير أخيار
__________
(1) الحصبات: مرتفع جبلي يقال له (نقيل الحصبات) يقع في بلاد السواد، جنوب شرق مدينة ثلا. (معجم المقحفي ص 469).
(2) لعلها: رئيس.
(3) المستطاب - خ - 2/17، مصادر الحبشي 263، أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة رقم 181.
(4) في (ب): مؤلفاً فيها.
(5) في (ب): الورد بن العماد.
(6) في (ب): مدراري.
وهي تنيف على عشرين بيتاً، وهو الذي دار بينه وبين الإمام المقاولة التي حكاها في (الغيث)(1) في قوله تعالى: ?رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ? (إبراهيم:40) إنه إذا قنت به المصلي فأثبت الياء حال الوقف.
قال الإمام - عليه السلام -: الأقرب عندنا على أصول المذهب أن صلاته لا تفسد؛ لأن لذلك نظيراً، وهو لو وصل لأن المقصود صورة اللفظة. وخالفه الفقيه العلامة أحمد بن موسى المذكور - رحمه الله - ووقعت بينهما مراجعة معروفة.
قلت: قال إمام زماننا المتوكل على الله إسماعيل بن أمير المؤمنين - عليه السلام -: في هذه /210/ المراجعة غفلة، فإن إثبات الياء وصلاً ووقفاً ثبت رواية عن أحد السبعة (القراء)(2)، رواها البزي، والله أعلم. والعلامة المذكور هو مصنف (أسرار الفكر في كشف معاني الدرر) (3)، والمراد بالدرر(4) كتاب الأمير علي بن الحسين في الفرائض، قال في ديباجته - رحمه الله -: وقد صار هذا الاسم علماً لهذا الفن؛ لأنه قد غلب عليه كما أن الفقه قد صار علماً لعلم الحلال والحرام، وإن كان في الأصل لكل مفقوه، وكذلك علم الكلام لعلم التوحيد، وإن كان في الأصل لكل كلام، وكذلك علم النحو لعلم العربية، وإن كان في الأصل لكل منحو أي مقصود.
__________
(1) وهو الغيث المدار المفتح لكمائم الأزهار في الفقه، للإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى - عليه السلام - المتوفي سنة 840ه، وهو شرح كبير لكتاب (الأزهار) في أربعة مجلدات ضخمة (انظر عن نسخه الخطية كتابنا أعلام المؤلفين الزيدية ص: 207).
(2) سقط من (ب).
(3) لم أقف له على نسخة خطية.
(4) ويسمى: درر الفرائض في الجلي منها والغامض - خ - قال الحبشي: منه نسخة خطت 811ه، جامع (24) فرائض، أخرى خطت سنة 834 نفس المكتبة (32) فرائض، ثالثة خطت سنة 709ه المتحف البريطاني رقم (3788)، أخرى خطت سنة 868ه في (282) صفحة، بمكتبة جامع الإمام الهادي - عليه السلام - بصعدة.
وهذا الفن ينطلق في لسان العلماء على أربعة فنون: الأول: التوريث.
والثاني: الجذور، والكعاب، والدقائق، والثواني، والهندسة، واستخراج الخبي، والأعداد المضمرة وغير ذلك مما دَّونه الحساب.
والثالث: المساحة، وعلم اليد، وهو الوهم في الضرب والقسمة والنسبة والجمع والتفريق والتضعيف والتنصيف والجربانات والزكوات وملاقاة الأنهار، وهذه الثلاثة لم تخل من الوجود وإن عز تحريرها.
والرابع: علم الرّمل، فإن بعض العلماء قد عدَّه من علم الفرائض، والأمير لم يقصد إلا الفن الأول.
أحمد بن موسى بن مقبل سهيل [ - 1045 ه ]
الفقيه العارف شهاب الدين أحمد بن موسى بن مقبل سهيل (- رحمه الله -) (1)، هو من أجلاء الشيعة وأهل الصدق لله تعالى والاستقامة الكلية، وكان شيخاً معمراً، حضر بيعة الإمام الحسن بن علي - عليه السلام - واستقامت الدعوة المؤيدية، وبسط الله ظلالها، وتفيأ المذكور في رافع الظل منها، وكان يلي قبض زكوات بصعدة وبيوت أموال، ويبرى عن شيء منها لولاية صحيحة، وعمله أكثر من علمه، وكان وافر العقل إلى الغاية، فهو مصداق قولهم في الفقه: أزهد الناس أعقلهم، وكان من شيوخ الطريقة، كان يدخل إلى محله لهذه الأعمال الصالحة، وغداه خبز قفار بغير إدام، يدخل في كمه ولا يزال تارة تنزع نفسه إلى الأكل، فيمنعها ويقول لها: الصدقة أفضل، فإذا تمكن منها تصدق بقوته، وقد يؤثر الأكل لمصالحه، وكان مشرفاً على الطب، وعلى يديه الشفاء، وله مسائل أوردها إلى الإمام القاسم، وهو ممن سمعته يروي أنه اطلع هو والقاضي العلامة أحمد بن صلاح الدارري(2) على حديث في الإمام القاسم بن محمد، وكان من أهل الود الخالص لآل محمد يؤثرهم على نفسه وأهله، وكان بنو الهادي بالضيعة يرونه أباً لهم، واتفقت له كرامة، وذلك أنه كان ليلة في مضجعه وليس عنده شك في صحة العمارة بالبيت الذي هو فيه، فرأى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - يقول له: قم فإن بيتك سيخرب، فاستيقظ الفقيه، واستعاذ بالله من شرها، وظن ذلك عبارة عن أمر دينه، وعاد إلى نومه فرأى أمير المؤمنين مرة أخرى يناجيه بمثل ذلك، فاستعاذ، ثم نام مرة أخرى، فرأى أمير المؤمنين جذب بيده حتى لم /211/ يستيقظ الفقيه إلا وهو قائم، فخرج من المكان ثم انهدم سريعاً، - رحمه الله - توفي بصعدة المحروسة، ودفن بموضع، ثم نقله ولده العابد يحيى بن أحمد إلى محل آخر بعد سبعة أشهر فوجده على صفته لم يتغير منه شيء، وفاته في تأريخ سنة خمس وأربعين وألف، وقد ذكر في المشجرات تقريب من
__________
(1) زيادة في (ب).
(2) كذا في (ب).
هذا نسب إلى نزار، والله أعلم.
أحمد بن مهدي الحسيني(1) [ - ]
السيد، العابد، الزاهد، العالم، أحمد بن مهدي الحسيني نسباً ومذهباً - رحمه الله - قال - في ترجمته - بعض المعتنين بهذا الشأن:كان من عباد الله الصالحين، ومن علماء آل محمد العاملين، وأحسب أنه صنو السيد العلامة يحيى بن المهدي الزيدي - رحمه الله -.
قال السيد يحيى بن المهدي: أخي وقرة عيني أحمد بن المهدي بن قاسم، وهو مبرز في العلوم مستمر(2) في طاعة الحي القيوم، نشأ على العلم والعبادة منذ بلغ عشر سنين، وحج(3) ابن ست عشرة سنة.
أحمد بن المهدي بن الهادي(4) [ - ]
السيد العالم أحمد بن المهدي بن الهادي بن الإمام إبراهيم بن تاج الدين - عليه السلام - كان فاضلاً عالماً صالحاً براً، من عيون أهل البيت، أعاد الله من بركته، كذا ترجم له بعض السلف من أهل بيته - عليهم السلام -.
أحمد بن المهدي بن المحسن(5) [ - ]
السيد العلامة شمس الدين أحمد بن المهدي(6) بن المحسن - رحمه الله تعالى - قال ابن مظفر - رحمه الله تعالى -: كان عابداً زاهداً فاضلاً عالماً، وللأمير تاج الدين مرثية فيه تنبئ عن(7) فضله.
أحمد بن المهدي بن محمد(8) [ - 1044 ه ]
__________
(2) في (ب): مشمَّر.
(3) في (ب): وحج وهو ابن ستة عشرة سنة.
(6) في (ب)زيادة: بن علي.
(7) في (أ): على.
(8) الدرة المضيئة.
السيد الكريم العالم أحمد بن المهدي بن محمد بن علي بن الحسين بن الإمام عز الدين بن الحسن المؤيدي - رحمه الله - كان عارفاً في الفروع موصوفاً بالتدريس لكتاب (البحر)، وقرأه عليه الفضلاء، واشتهر بالرئاسة والإمارة، تغفل(1) الناس عن وصفه بالعلم إلا الخواص كما ذكر في الأمير بن مأكولا، وكان من كملاء الرجال البارعين في الرئاسة القائمين بوظائفها، واسع الأخلاق، واجتمع لديه من آل يحيى بن يحيى خلق كثير، وغزا غزوات إلى نواحي الشام وتهامة، وكان رحب الفناء مطعاماً موصوفاً بالحلم، وسيأتي ذكر ولده خاتمة المحققين صلاح بن أحمد - رحمه الله - توفي بجبل رَازِح(2)، ودفن بالقبة عند المسجد المشهور بقلعة غمار - رحمه الله - وهو أحد الذين افتتحوا صعدة، وكان مناط الأمر بيد السيد العلامة محمد بن أحمد بن عز الدين أحد أفراد وقته علماً وفضلاً، وهو والد(3) الإمام المحقق إبراهيم بن محمد المؤيدي، وكان هذا السيد الجليل من أهل الوفاء والرياسة مقدماً في الفضائل، ولم يرض السيد أحمد بن المهدي أن يلي شيئاً من الأمور مع وجوده، وإنما كان تبعاً له، وفتح صعدة، هذا من العجائب؛ لأنه توجّه السيدان من شهارة وبين يدي السيد محمد مرفع يضرب وليس معه عسكر، فقال الأمير قرأ جمعه من أمراء الأتراك(4)، وكان محبوساً بشهارة: عرفت دوائر صعدة مستهزءاً بهم، فلم يصل السيدان إلى صعدة إلا بإمارة كاملة، ودخلوها عنوة من سورها واجتمع بهم شيوخ سحار، وكانوا من الكمال بمحل عظيم، ودخلوها في صبيحة واحدة على وجه لا يخطر ببال. ومن عجيب ما اتفق ما أخبرني به شيخي العلامة /212/ أحمد بن سعد الدين - قدس الله روحه - قال: دخل السادة صعده وقت الفجر، وبلغني الخبر إلى
__________
(1) في (ب): فغفل.
(2) رازح بفتح الراء بعدها ألف ساكنة ثم زاي مكسورة فحاء مهملة، هي أحد قضوات محافظة صعدة (معجم المقحفي ص: 258).
(3) في (ب: وهو والد السيد الإمام.
(4) في (ب): الترك.
هجرة(1) ابن المكردم ببلاد الأهنوم، ذلك الوقت عقيب صلاة الفجر، وامتلأت الأسماع من العامة والخاصة بذلك الخبر، ولم يزل الناس يتحدثون بذلك حتى كاد يظهر لهم أنه لم يأت الخبر من جهة معروفة، فكادوا يتشككون في ذلك، فوصل الخبر وقت العتمة، والله أعلم.
أحمد بن المهدي البهكلي
الفقيه العلامة شهاب الدين أحمد بن المهدي البهكلي(2) - رحمه الله - كان فقيهاً فاضلاً موصوفاً بالعلم، قرأ في المشاهد النحوية(3)، ومن شيوخه السيد العلامة محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن القاسم، والسيد محمد بن صلاح بن يحيى بن محمد بن يحيى بن القاسم - رحمهم الله - وله إليهما أبيات شعرية أعاد الله من بركتهم أجمعين، وهي:
أمحمد ومحمد لله من ... جبلين يحمَى كل من بكما احتمى
هل عطفه بالوصل تشفي غلتي ... ويلذَّ عيشي حيث كنت وكنتما
وتعود أعيادي بطيب وصالكم ... وأرد أنف من اعتداني مرغماً
قد كنتما عيشاً يمدَّ ظلاله ... ستراً على مثلي ويمطر أنعما
كم عمَّ برُّكما وأيم الله من ... كلف إليه ونال فضلاً منكما
وعدت رياض الناس روضانية ... بكما تشعشع نورها متبسما
فشربتما كأس الوصال روية ... في حضرة قدسية جمعتكما
ولبستما من عبقري كرامة ... حلل الرضا لا العبقري المعلما
كان(4) الولاية حلقة مرقومة ... بكما وعز في سموّكُما سما
والهدي تاجاً للزمان مرصعاً ... بجواهر العلم الذي علمتما
ومتى أعود إلى (قطابر) نازلاً ... بالربع من ذاك الجناب مسلما
وأهلُّ بالإحرام زائر سادة ... من زار تربتهم أهل وأحرما
هي روضة مزجت بطينة طيبة ... وسمت فناسبت الحطيم وزمزما
وعراصها غنم الغنا ومنى المنى ... وحطيم(5) بحر في البرية قد طما
وأبلَّ خدي بالدموع لفقد من ... بكت الأنام لهم كما بكت السما
__________
(1) هجرة ابن المكردم: لم أجد لها ترجمة في معجم المقحفي.
(2) في (ب): البهلكي التهامي.
(3) اليحيوية.ظ
(4) لعلها: كأن.
(5) في (ب): وخضم.
قمران بالذكر الجميل تجملا ... وتجللا وتسربلا وتعمّما
غوثان إن عرت الخطوب وإن قسا ... قلب الزمان فما أبر وأرحما
فلذا وذا خلق أرق من الصبا ... وألذ من ماء العذيب مع الظما
فعليهما مني السلام ورحمة الـ ... ـرحمن ما صلى الإله عليهما
أحمد بن مير الحسني(1) [ - ]
السيد الإمام شمس الملة أحمد بن مير الحسني الجيلي القادم بجامع آل محمد من العراق(2) /213/ إلى اليمن إمام عظيم المقدار تفتخر به العصابة، قدم اليمن من العراق، فزهت به البلاد لمكان علمه وعمله، وصحبه عند خروجه إلى اليمن عالم كبير يسمى الحسن، وإليهما لمح السيد الهادي بن إبراهيم بقوله:
وبالحسنيين الذين تغشمرا(3) ... إلى خير داع كل مرتٍ وهو جل(4)
__________
(1) الفلك الدوار ص 236، التحف، ص 121، الجواهر المضيئة - خ - ص 21، مؤلفات الزيدية 2/230، المستطاب 2/12 - خ - أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (182)، طبقات الزيدية الكبرى القسم الثالث ترجمة رقم (109).
(2) ويسمى: الجامع الكافي في فقه آل محمد في الحديث في ستة مجلدات، لأبي عبدالله العلوي محمد بن علي بن الحسن بن علي المتوفي سنة 445ه (انظر كتابنا أعلام المؤلفين الزيدية ص: 946).
(3) الْمَرْتُ: المفازة بلا نبات، أو الأرض لا يجف ثراها ولا ينبت مرعاها (المصدر السابق ص: 205)، والهوجل: المفازة البعيدة لا علم بها (المصدر السابق ص: 1382).
(4) أي أقبلا، من قولهم إشمر السيل أي أقبل، (وانظر القاموس المحيط ص: 579).
وهو أعني السيد شمس الدين - رحمه الله - الذي روى أن أبا الطاهر أحمد بن عيسى بن عبد الله كان يناظر علماء المدينة ويقول بقول علماء الكوفة، فقال له بعضهم: يا أبا الطاهر، لا تفعل، فإن الوادي من هاهنا سال، فقال: أجل من هاهنا سال، لكنه استنقع عند أولئك، وبقيتم بغير شيء، انتهى. يعني بالوادي علياً - عليه السلام - وقد ترجم له السيد يحيى بن المهدي الحسيني، فقال: كان هذا السيد من العلماء المبرزين الراسخين المجتهدين العباد الزاهدين الورعين المتقشفين، خرج من الجيل والديلم لزيارة الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة بن رسول الله، وقد توفي - عليه السلام - فزار الإمام المهدي لدين الله علي بن محمد بصعدة، وسار إلى اليمن لزيارة ولده الإمام الناصر، وهو سيد يقرئ في (مصنعة(1) بني قيس)، ولزيارة القاضي الحسن بن سلمان الآتي ذكره - نفع الله بهم الجميع - ولهذا السيد تصانيف في العلوم، وفي الزهديات ما يشفي، رأيت له كتاباً نفيساً في مكة المشرفة يسمى (صفوة الصفوة) في زهد الصحابة - رضي الله عنهم - وفي علم المعاملة وفيه ما يدل على فضله وكرم أصله.
قال في آخره أبياتاً، قال: قائلها أحمد بن مِيْر الحسني استحسنتها وهي:
يا(2) نفس(3) إن تطلبي عافيةْ ... لا بد أن تلزمي(4) زاويةْ
فأكثر أبناء هذا الزما ... ن سباع إذا فتشوا ضاريةْ
أكفٌ عن الخير محبوسة ... وألسنة بالخنا(5) جاريةْ
فطوبى لمستحلس(6) بيته ... قنوع له بلغة كافيةْ
نداماه دون الورى كتبه ... فلا إثم فيها ولا لاغيةْ
فإن ضاق يوماً بها صدره ... تضجَّر من خفية خافيةْ
ومير - بكسر الميم وبعدها ياء تحتانية وراء - بمعنى سيد.
__________
(1) مصنعة بني قيس: من قلاع بني قيس في الرَّضْمة، جوار قرية الوَشَل. (معجم المقحفي ص 1549).
(2) لعلها: أيا. ليتقيم الوزن.
(3) في (ب): أيا نفس.
(4) في (أ): تلتزمي.
(5) الخنا: الفحش.
(6) أية يعكف ببيته ولا يفارقه.