وله أرى في قلب سلمى فوق ما ... في قلبه من صبوةٍ ولجاجِ
ولسوف يبلغنا هوى سلمى له ... وسؤالها عنه مع الحجاجِ
للفضل أهلٌ يعرفون بوسمه ... والروح يحفظه دَمُ الأوداجِ
يا شمس دين الله يا بن محمدٍ ... يا خير محجاج وخير محاجي
يا من حوى العلم الشريف ومن سما ... ببراعة وفصاحةٍ وأحاجي
ومن الذي في الحلم يسبق أحنفاً ... وله لسان بلاغة العجاجِ(1)
وإذا دجا الديجور بات ملازماً
ً ... محرابه جنح الظلام الدَّاجي
لتنسُّكٍ وتعبُّدٍ وتهجدٍ
ٍ ... وتلاوةٍ من قلب عبدٍ ناجي
يا من يقابل ضيفه ببشاشةٍ ... عن نور وجهٍ واضحٍ وهَّاجِ
إني لمحتار البديهة باهتٌ ... ماذا أقول وكيف عنه أحاجي
أأكون بالفوز العظيم مهنئاً ... لك يا سما ملجا اللهيف اللاجي
أم أمنح الفوز الهني ليحبني(2) ... بالاعتراف مخاطباً ومناجي
لا بل أهنيه بأنك زرته ... شرفاً فعاج الفوز خير معاجِ
لما رجعت عقيب حج نلته ... متتوجاً عنه بأعظم تاجِ
أما الهني(3) فلكل أخوتك الأولى ... نعموا بقربك حين جئت مناجِ
سروا بذاك فهاهم في لذَّةٍ ... مزجت من العليا بخير مزاجِ
يحيى وصالح والفتىِ ابراهيمهم ... في الفضل فتَّاحون كل رتاجِ
قد تمم الخلاَّق جمعك شملهم ... بالقرب في (الاغلاس) والإدلاجِ
لا زلتم في نعمةٍ وسعادة
ٍ ... ما عجَّ في الفلوات ركب (نعاجِ)
ثم الصلاة على الذي لو زرته ... للقاك في الأولاد والأزواجِ
فأجابه صنوه صارم الدين إبراهيم بن محمد بن يحيى بن أحمد بن حنش الماضي ذكره - رحمه الله -:
كشف الهموم بصنعَةٍ وعلاج ... طرس(4) حكته فرائد المواجِ
ما إن يقاس به أزاهير الربا ... من بعد غيث هامر ثجاجِ
وكأن لذته وطعم مذاقه ... عسل مصفَّى لم يشب بمزاجِ
/189/
وأريجه كالمسك فض ختامه ... عطر فنفحته بكل فجاج
بهر العقول فما يُطاق لوصفه ... بل يعجم الفصحا بغير حجاج
__________
(1) في حاشية (ب): الحجاجي.
(2) ليحيبني.
(3) لعلها: الهنا.
(4) طرس: صحيفة.

لو أنَّ كعباً كان شاهد نظمه ... لغدا جزيل الصمت غير ساحي(1)
ولذاب من كمدٍ ومن حسدٍ أسىً ... وكذاك رؤبة والد العجاجي
لله ما أهداه من متفضل ... أضحى علاه واضح المنهاج
متزهدٍ متواضعٍ متهجدٍ ... سبط الخلائف خيرة الأفواج
نشر الكمال عليه رائق برده ... وغدا لهُ ملكاً بغير لجاج
ملك العلوم بفهمه وذكائه ... وسما بسؤدده على الأبراج
عز الهدى والدين ذاك محمد ... سبط الخلائف عصمة المحتاج
لله أيام به سمحت لنا ... كالخابطي الظلما أتوا بسراج
أهدى نظاماً كالجواهر نضدت ... فعددته من جملة الإفراج
الحج للبيت العتيق وأوبةٌ ... بسلامةٍ ميمونة الانتاج
والله يشكر سَعيه وصنيعه ... وينيله في الدَّهر ما هو راجي
ويمنُّ باللقياء في عجلٍ علَى ... حالٍ حلا بتفاكهٍ وتناجي
والله أسأل أن يجيب دعاءه ... بنبيئه المختار ذي المعراج
صلَّى عليه إلهنا مهما سرَى ... برق فأشرق في الظلام الداجي
هذا وسلمَى بعد تركك وصلها ... تشكو البعاد إلى ذوي الأخداج
وتقول علَّ محمداً يدنو لنا ... في إمرَة الزوار والحجَّاج
فلقد تقدم حبَّه من بعده ... والفضل للمتقدم (الهملاج(2))
وتقول حاشاه يبدل عهدنا ... في مشهد العجاج والثجاج
فلقد عرفنا من صحيح وداده ... ما يوجب التشمير في الإدلاج
أرجو إلهي أن يبيح(3) بجوده ... وصلاً له عن كل شوق ناجي
ويزور أحمد جدَّه خير الورَى ... ويعود عوداً (فالج(4) الفلاجي)
وعليك ما أملا السلام مكرراً ... ما عُدَّ بالأفراد والأزواج
__________
(1) هكذا في الأصل. ولعلها مساجي ليستقيم الوزن.
(2) الهملاج: بالكسر، من البراذينِ: المهملج (المرجع السابق ص 205).
(3) في (ب): يتيح.
(4) فالج: الفالج: الفائز من السهام. (المرجع السابق ص 197).

أحمد بن محمد بن القاسم(1) [975 - 1055 ه‍ ]
__________
(1) البدر الطالع ج 1/119، معجم المؤلفين ج 2/112، نشر العرف ج 1/67، مصادر الحبشي 55، 127، 118، 384، 437، 456، المستطاب - خ - بهجة الزمن - خ - الجواهر المضيئة ص 16 - خ - طبق الحلوى هامش ص 8، المؤرخون اليمنيون ص 44، مؤلفات الزيدية ج 1/500، ج 2/184، 209، 256، 397، ج 2/239، بغية المريد - خ - بغية الأماني والأمل في تراجم أولي العلم والعمل - خ -. وانظر أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة رقم 158.

السيد العالم الزاهد شمس الدين أحمد بن محمد بن صلاح بن محمد بن صلاح بن أحمد بن محمد بن القاسم بن يحيى بن الأمير داود بن المترجم بن يحيى بن عبد الله بن القاسم بن /190/ سليمان بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن القاسم الحراري، نسبه إلى (حرارة قرية بالبون) بن محمد بن القاسم بن إبراهيم - سلام الله عليهم - الشرفي - رحمه الله - كان خاتم المحققين، فصيحاً، بليغاً، مطلعاً، شديد الفهم، له عناية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان جليل القدر في صدور العامَّة والخاصة، وكان من أعيان أصحاب الإمام القاسم وتولَّى له، ثُمَّ صحب الإمام المؤيّد بالله - عليه السلام - وفي أوائل الدعوة المتوكلية أدام الله ظلالها وانتقل أيام المؤيد بالله من (شهارة) إلى معمرة من بلاد هنوم(1)، وكان مقصوداً إلى هنالك بالنذور وللتبرك والأدعيَة ولحلّ المشكلات، وكان من التقشف والورع بمكان عظيم، وصنَّف في أصول الدين (شرح الأساس الكبير)(2) ، و(شرحه الصغير)(3)، و(شرح الأزهار) بشرح سمَّاه (ضياء ذوي الأبصار)(4)
__________
(1) كذا في (أ) و(ب) ولعلها الأهنوم.
(2) ويسمى (شفاء صدور الناس في معاني الأساس)، الشرح الكبير على الأساس في علم أصول الدين للإمام القاسم بن محمد - عليه السلام - كتاب شهيد، وفير النسخ في المكتبات الخاصة (انظر عنه كتابنا أعلام المؤلفين الزيدية ص: 171، وكتابنا مصادر التراث الإسلامي في المكتبات الخاصة).
(3) ويسمى (عدة الأكياس المنتزع من شفاء صدور الناس) ص: 1414ه، وانظر عن نسخة الخطية المصدرين المذكورين.
(4) ويسمى ضياء ذوي الأبصار في الكشف على أدلة الأزهار، منه نسخة خطت سنة 1061ه برقم (1163) مكتبة الأوقاف بالجامع الكبير، وفي المكتبة الغربية بنفس الجامع برقم (169) منه، ومن المجلد الأول برقم (170 - 171)، ومن الثاني برقم (171 - 172) فقه، ونسخة من المجلد الأول خطت سنة 1075ه إلى باب الرضاع، بمكتبة السيد محمد بن عبدالملك المرواني، وثلاث مجلدات مصورة عن نسخة بخط المؤلف سنة 1041ه برسم الحسين بن القاسم - مكتبة السيد العلامة عبدالرحمن بن حسين شايم، وثلاثة مجلدات مصورة في مكتبة السيد العلامة محمد بن عبدالعظيم الهادي، وأخرى مصورة عن نسخة فيها المؤلف بمكتبة السيد العلامة محمد بن حسن العجري، أخرى في مجلدين مصورة بمكتبة السيد العلامة يحيى راوية.

، وله رسائل كثيرة، وشرح (البسَّامة) بشرح متوسط يخرج في أربعَة مجلدة كبار،(1) وتمم البسَّامة أيضاً وله أشعار من ذلك ما كتبه إلى صنوه السيد العلامة التقي الرائس الحسن بن محمد الشرفي - نفع الله ببركاته - وذلك أن السيد الحسن نزل إلى الشرف، وتزوج فيه، ولم يرجع إلى(2) ما هو بصدده، فكتب إليه يحثه على الرجوع:
أيا صاح كم بين امرئ ذي شهامةٍ ... له همم تعلو على الكوكب العالي
عشيق جنيات المعالي متيَّمٌ ... بأبكارها صب بها غير مكسال
يرى حلق التدريس جنة روحهِ ... يقطف من حافاتها الثمر الحالي
يحكم عقلاً قد أنار على هوى ... خذول غرور للمطيعين قتال
وآخر أعشاه امرؤ القيس إذ عشا ... بعشق هوى نفس لربات أحجال
فقال: يمين الله أبرح قاعداً ... ولو قطعوا رأسي هناك وأوصالي
ومن شعره - رحمه الله تعالى - تمام(3) البسَّامة قصيدة السيد الإمام صارم الدين - رضي الله عنهما - وذلك بدعوة الإمام القاسم - عليه السلام - وولده المؤيَّد بالله:
ثم ابتدا الدعوة الغرَّاء من قمرٍ ... إمامنا القاسم المنصور في صفرِ
من قام لله لا يلوي على أحدٍ ... وباع مهجته من ربه فبري
__________
(1) ويسمى اللآلئ المضيئة في أخبار أئمة الزيدية، مخطوط اختصر فيه شرح البسامة للزحيف، وزاد عليه الحوادث المتأخرة، انتهى فيه إلى سنة 1053ه، منه نسخة بالجامع (107) تأريخ، أخرى امبروزيانا (101)g، ثالثة مصورة بمعهد المخطوطات العربية رقم (1945) تأريخ، والمجلد الأول منه إلى عهد الإمام الهادي - عليه السلام - بكتبة الوالد العلامة محمد بن قاسم الوجيه، ولدي نسخة مصورة منه، ونسختان مصورتان للمجلد الأول والثاني بمكتبة السيد العلامة محمد بن عبدالعظيم خطتا سنة 1034ه بمكتبة آل الهاشمي بصعدة، ونسخة بمكتبة المولى العلامة مجد الدين المؤيدي، ونسخة من المجلد الثاني خطت سنة 1069ه) بمكتبة جامع المدان.
(2) في (ب): لما هو بصدده.
(3) وطبعت بآخر مآثر الأبرار 3/1426 - 1429.

والأرض ترفض بالفجَّار قد ملئت ... بالظلم والجور والعدوان والنكرِ
وكان أول نشر الحق رَايته ... من قارة وبدا نور لذي بصرِ
فسلَّ سيفاً على الأتراك قاطبة ... وصب عزماً على الفجَّار كالقدرِ
وكان منه عليهم كل ملحمةٍ ... يشيب من هولها الأطفال في الصغرِ
حكت وقائع صفين التي سلفت ... والنهروان فكم يومٍ حمَى وعري
/191/
منها نغاش وأسناف وريشتهم ... أضحوا بها فوق ظهر الأرض كالجزرِ
وكان منه بنجد السلف(1) محلمة ... لكنها بين آل الطهر بالغررِ
ومن يحدثك مما كان في مُدَعٍ ... وفي ثلا قلت ماذا الفعل من بشرِ
وفي المرازم(2) من خولان ملحمةٌ ... لكنها بين آل الطهر بالغررِ
أما مواطن ساقوفٍ وفي هِزَمٍ ... وفي الجبال اضطرام البعض في الأخرِ
وحاز عم إمام الفصل واشتهرت ... له المناقب مثل الشمس والقمرِ
وحجة النصب والفجار كان بها ... وقائع ومصاب السَّادة الطهرِ
وكان في الفايشي ما كان من خبر ... وبعده يوم غربان على الأثرِ
وسودة ابن المعافا كم بها عبراً ... أفنت خلائق وانهدَّت على الأثرِ
ونكَّس الله رايات الضَّلال معاً ... وجاء بالنَّصر من غزوٍ لمنتصرِ
وقبل غزوٍ تلاقَى القوم في حمكٍ ... ففاز فيه جنود الحق بالظفرِ
وبالحضائر في واديه كان به ... حصد الأعاجم حصد(3) اليانع الثمرِ
ويوم أثلة يومٌ هال مشهده ... والموت يحدو بهم من عرصة الهجرِ
وكم أعد وأحصي من وقائعه ... بالظالمين أولى الفحشاء والنكرِ
نيفاً وعشرين عاماً لم تزل نقماً ... سيوفه في ذوي الإفساد كالشَّررِ
وفي مواطن للتمحيص قد شهدت ... لأهلها بعظيم الشأن والظفرِ
وبالشهادة فيها فاز فائزهم ... بأعظم الحظ عند الله والذخرِ
كيوم رحبان والشامات لا سقيا ... ونوعه(4) وشفيع مقتضى الغيرِ
__________
(1) لعلها: السقف.
(2) في (أ): الملازم، وهو تحريف.
(3) في (أ): حصْيد.
(4) لعلها: ونوعه.

وكان فيها وما في بينهما(1) عجب ... للناظرين أولي الألباب والفكرِ
كم من خوَارق للعادات باهرة ... كرامة الله يأتيها(2) على قدرِ
كالجمع ولَّوا بلا حربٍ وقسهم(3) ... والأسد مذعورة ذلَّت من البقرِ
هذا ولم يولد الدهر الخؤون صفا ... ولا رثا للورَى من بعد فاعتبرِ
وقام من بعده من خصَّه كرماً ... إلهه بعظيم الفضل والخطرِ
مؤيّد الدين حامي سرحه بضبا ... هنديَّة وقناً خطيَّة سمرِ
كهف الأنام وغوث المسلمين معاً ... سبط الأنام فتى الصمصامة الذكرِ
والله يحفظه والله يكلؤه ... كلاءة لكلا الإسلام والبشرِ
/192/ ومن شعره - قدس الله روحه -:
قل للذين يسرهم ما غمّنا ... ممن رواه بشرهم يرمينا
من حاسدٍ أو من عدوٍّ ظالمٍ ... لم يخش من ربِّ البرية فينا
لا تعجلُوا فالصبر أفضل جنةٍ ... ولنا عوائد لم تزل تأتينا
وإذا تأخَّر نصرنا من ربّنا ... لمصالحٍ واختار ذاك رضينا
ووفاته في ثلث الليل الأخير من ليلة الأربعاء الثالث والعشرين من ذي القعدة عام خمسة وخمسين وألف بمعمرة من جبل هنوم، وقبره مشهور مزور، ومولده سنة خمس وسبعين وتسعمائة.
أحمد بن محمد بن المنتصر(4) [ - 1016 ه‍ ]
__________
(1) لعلها: (بينها) ليستقيم الوزن.
(2) في مآثر الأبرار: تأتيه.
(3) في مآثر الأبرار: تقتهم.
(4) بغية المريد، طبقات الزيدية الصغرى، طبقات الزيدية الكبرى ترجمة رقم (84)، الجامع الوجيز.

السيد العالم الكبير شيخ البحر الزخَّار ومدرسة، مستند الأصحاب أحمد بن محمد بن المنتصر بن نهشل بن داود بن جعفر بن قاسم بن يحيى بن جعفر بن الحسين بن الأمير ذي الشرفين محمد بن جعفر بن الإمام القاسم بن علي بن عبد الله بن محمد بن القاسم بن إبراهيم - عليهم السلام - كان هذا السيِّد جليل أوانه ونبيل زمانه، من تلامذة الإمام شرف الدين - عليه السلام - وقرأ عليه شيخ الأئمة الحسن بن شرف الحمزي، وتوفي سنة ست عشرة وألف سنة، ودفن بقبَّة الحويت في (الظفير) (1)، وفي هذه القبَّة جده جعفر بن قاسم وبجنبه الفقيه مسعود بن محمد الحويت صاحب المدرسة والفقيه ناجي، وبعد ذلك دفن فيها السيد يحيى بن أحمد(2) بن المنتصر المذكور(3).
/192/ أحمد بن محمد بن الناصر(4) [ - ]
__________
(1) الظفير: جبل وبلدة في الجهة الشمالية من حجة بمسافة 17 كيلو متر، وهي من الهجر العلمية القديمة التي كان يقصدها الطلبة، وشهدت العديد من الملاحم العظيمة بين الأتراك وأهل اليمن، وفيها قبر الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى، المتوفي سنة 840ه، مؤلف البحر الزخار، والأزهار وغيرهما، وُلد الإمام شرف الدين المتوفي سنة 965ه، وينسب إلى الظفير العلامة لطف الله بن محمد الغياث الظفيري المتوفي سنة 1035ه، وكان من كبار علماء العربية المحققين، وله فيها وفي غيرها مؤلفات، (وانظر معجم المقحفي ص: 413).
(2) في (ب) زيادة: بن محمد بن المنتصر.
(3) بياض في (أ) و(ب).

السيد الجليل الإمام الورع شهاب الدين أحمد بن محمد بن الناصر بن أحمد بن الحسين - عليهم السلام - كان من سادات آل محمد صلى الله عليه وآله(1) وسلم، كان عابداً زاهداً ذكره صاحب (الصلة)، وذكره بالفضل، وحكى أن الإمام المهدي علي بن محمد كان يجلّه ويعظمه، وهو الذي جاء إلى الإمام رسولاً من الشريفة بنت الإمام يحيى بن حمزة تطلب أن يتوجه إلى ولدها يحيى بن المهدي أن يلبس الثياب للتجمل، فإنه كان يلبس شمةه - رحمه الله - فقال له الإمام: سبحان الله مثلك ومثلها من يتكلم بهذا من زهد في هذه الحرمة التي افتضح الناس بأكلها يقوم في وجهه حتَّى أهله، إنَّا لله وإنا إليه راجعون، صدق الإمام المؤيَّد بالله حيث يقول في (سياسة المريدين): من دخل في طريقنا هذه، نسبه أهل الزمان إلى استيلاء السوداء عليه وتغير المزاج.
__________
(1) في (ب): وآله الأخيار، كان عابداً.

قال السيد يحيى بن المهدي: حكى لي السيد أحمد بذلك، فلمَّا كان بالغد دخلت على الإمام مع السيد أحمد - رحمه الله - فاستفتح الإمام كلامه بحمد الله والصلاة على رسوله، وتبسم طويلاً، وقال: يا ولدي إن السيد شمس الدين ذكر أن /194/ والدتك الشريفة المطهرة قابلية تقاتلنا(1) نقابلك أن تسر قلبها، وتلبس الثياب، وتترك الشملة، وقد ساعدناها، وكلمناك، وإن كانت هذه عندي فرية مرية في كل شيء، وكشف الشملة عن عنقي، وقبله بنفسي(2) من شقيق، فإني لأجد برد شفتيه إلى وقتي هذا، وفاضت عيناه بالدموع، وقال: هذه مناقلة خير يا شمس الدين إن لم تنفعه وتعينه، فلا تضرّه، فكأنه وقع في قلبه أن السيد - رحمه الله - وقع في نفسه شيء من كلام الإمام، فقال الإمام: إنَّا كلنا ما فينا خير مَنْ كزين العابدين وعبد الله بن الحسن؟ أشر أحوالهم عندهم هي أحسن أحوالنا اليوم، فقال بعض الحاضرين: كيف ذلك يا مولانا؟ قال: أشر أحوالهم عندهم وهي أحسن أحوالنا تنسم(3) الحفظة من سيئآت لم تكن، انتهى كلام الإمام. ونقلته للتبرك به أعاد الله من بركته.
أحمد بن حاتم بن الحسين [ - ]
__________
(1) في (ب): يقاتلنا.
(2) في (ب): نفسي.
(3) في (ب): ينسم.

35 / 182
ع
En
A+
A-