الحوادث، وأفادوا معرفة اختلاف الأمة واجتماعها؛ وأهل الأصول ذللوا سبل الاجتهاد، ومهَّدوا كيفية الاستنباط، وكذلك سائر أهل الفنون المفيدة والعلوم النفيسة، وكل أبدع، وأجاد، وأحسن، وأفاد، وأكمل ما تعرَّض له، وزاد.
وممَّن ذكر هذا المعنى الإمام المؤيَّد بالله في كتابه في (إثبات النبوءات)(1)، والشيخ الصَّالح الشهرودي صاحب (عوارف المعارف)، فإذا عرفت هذا فلا يعزب عنك معرفة خصيصتين:
__________
(1) هو كتاب النبوات، طبع بعنوان: (إثبات نبوة النبي) بتحقيق خليل أحمد إبراهيم الحاج، وصدر عن دار الباز السعودية للطباعة والنشر.

الخصيصة الأولى: أن أهل البيت - عليهم السلام - اختصوا من هذه الفضائل بأشرف أقسامها وأطول أعلامها، وذلك لأنهم كانوا على ما كان عليه السَّلف الصالح من الصحابة والتابعين من الاشتغال بجهاد أعداء الله، وبذل النفوس في مرضاة الله، مع الإعراض عن زهرة الدنيا، وترك المتشابهات(1)، والاقتصاد في المأكول والملبوس، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والقيام بالفرائض والنوافل في أفضل أوقاتها على أتم هيئاتها، وتلاوة القرآن العظيم، والتهجد آناء الليل والنهار، والتحري والخوف من الله تعالى، والدعاء إلى الله - عزَّ وجلَّ - بالحكمة والموعظة الحسنة، وبذل النصيحة للناس، وتعليمهم معالم الهدى، والاقتصار في العلم على ما اقتصر عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- ،(2) وعلى ما اقتصر عليه أصحابه المشهود لهم في كتاب الله تعالى بأنهم خير أمة أخرجت للناس، وعلى ما اقتصر عليه التابعون الذين شهد لهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بأنهم من خير القرون(3)، فإن جميع هؤلاء ما تشاغلوا بالإكثار من التواليف والتفاريع وجمع الحديث الكثير، وقد قال العلماء - رضي الله عنهم -: إن طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم، والإفضل للمسلمين الاقتداء بالسلف، فإنهم كانوا على طريقة قد رآهم عليها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فأقرَّهم عليها، والله ما يعدل السلامة شيء.
__________
(1) لعله: المشتتهيات.
(2) في (ب): صلى الله عليه وعليهم أجمعين.
(3) حديث ((خير القرون قرني ثم الذين يلونهم))، عزاه صاحب الموسوعة إلى: سنن الترمذي (2302)، (2303)، فتح الباري لابن حجر (7/6) (13/21)، إتحاف السادة المتقين للزبيدي (2/323)، تلخيص الحبير لابن حجر (4/204)، البداية والنهاية لابن كثير (6/286)، تفسير ابن كثير (7/493) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (2/53)، الأسرار المرفوعة لعلي القاري (271).

فنسأل الله السلامة، ولا شك أن عنايتهم بعد تحصيل ما لا بدَّ منه /11/ من العلم إنما كانت بالجهاد وافتقاد العامَّة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والمحافظة على أورادهم في التهجد وقيام الليل ومناقشة النفوس وتهذيبها، وذلك أفضل مما كان عليه أكثر(1) المحدِّثين والفقهاء من الإخلال بكثير من هذه الفضائل الجليلة والنعوت الجميلة التي وردت نصوص الآيات القرآنية في وصف المؤمنين بذكرها، ولم يشتغل السلف الصَّالحون بغيرها، والذي كانوا عليه أولى من الإخلال به ، بسبب الاشتغال بجمع العلم الزائد على الكفاية، وقد نص الإمام المنصور بالله - عليه السلام - على مثل هذا الكلام في كتاب (المهذب)، واحتج بفعل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وفعل السلف الصَّالح، ولله دره ما كان أحسن استخراجه للفوائد من أفعال السلف الصالح وأحوالهم - رضي الله عنهم -، ثم ساق السيد محمد في هذا المساق كلاماً حسناً حتى قال: وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه ذكر أويساً القرني، وأخبر أنه يشفع في مثل ربيعة ومضر، وجاء في فضله مالم يحضرني الآن، مع أن بعض أهل الحديث من أهل الحفظ الواسع والاطلاع التام على معرفة الرجال، ذكر أنه لم يرو عن أويس حديث قط، ولقد كان السَّلف يقلون الرواية جداً، فعن أبي عمرو الشيباني، قال: كنت أجلس إلى ابن مسعود حولاً لا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فإذا قال: قال رسول الله استقبلته الرعدة، وقال: هكذا أو نحو ذا أو وهذا، مع أن ابن مسعود كان من أوعية العلم وأعيان علماء الصحابة وأهل الأصحاب والتلامذة، فلم تزد مروياته على ثماني مائة حديث وثمانية وأربعين حديثاً، وكذلك أضرابه من السَّابقين الأولين ونبلاء الأنصار والمهاجرين؛ هذا أبو ذر الغفاري الذي ((ما أظلت الخضراء أصدق لهجة منه)) (2)
__________
(1) في (ب): كثير من.
(2) الحديث عزاه في الموسوعة إلى: البداية والنهاية لابن كثير 7/165.

روى مائتي حديث وثمانين حديثاً؛ وهذا سلمان الفارسي الذي قال فيه عليٌّ - عليه السلام -: (إنه أدرك العلم الأوَّل والعلم الثاني)، روى ستين حديثاً، وهذا أبو عبيدة بن الجراح أمين الأمة روى أربعة عشر حديثاً، وأمثال هؤلاء السَّادة النجباء والأعلام العلماء الذين نص المصطفى عليه الصلاة(1) والسلام على أن غيرهم: (لو(2) أنفق مثل أُحُدٍٍ(3) ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصفه)(4)، ولقد روَى أبو أسامة عن سفيان الثوري أحد أقطاب الحديث التي تدور رحَاه عليها أنه قال: ليس طلب الحديث من عدَّة الموت، لكنه علم يتشاغل به الرجل، قال بعض حفاَّظ الحديث: صدق والله سفيان، فإن طلب الحديث شيء غير الحديث؛ فطلب الحديث اسم عرفي لأمور زائدة على تحصيل ماهيَّة الحديث وكثير منها مراقي إلى العلم، وأكثرها /12/ أمور يستعف بها المحدث، من تحصيل النسخ المليحة، ويطلب المعالي وتكثير الشيوخ والفرح بالألقاب والثناء وتمني العمر الطويل ليروي، وحب التفرد إلى أمور عديدة لازمة للأغراض النفسَانية لا للأعمال الرَّبانية، فإذا كان طلب الحديث النبوي محفوفاً بهذه الآفات فمتى خلاصك منها إلى الإخلاص؟ ومتى كان علم الآثار مدخولاً؟ فما ظنك بعلم المنطق والجدل وحكمة الأوائل التي تسلب الإيمان، وتورث الشكوك والحيرة؟ انتهى
__________
(1) في (ب): - عليه السلام -.
(2) الحديث عزاه في الموسوعة إلى: السنة لابن عاصم 2/478.
(3) زيادة في (ب): ذهباً.
(4) في (ب): ولا نصيفه.

قلت: والذي(1) اشتغل به أهل البيت - عليهم السلام - هو العلم النافع الذي روي فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: ((العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل: آية محكمة، أو سنَّة قائمة، أو فريضة عادلة)) (2) رواه أبو داود في سننه إلى آخر كلام هذا السيَّد الحافظ، وحاصل كلامه أن الأئمة اشتغلوا بالعمل، وكذلك أقوال(3) أتباعهم، فإنهم لا يجيزون التخلف عنهم، وطريقهم في الورع مشهورة حتى إن بعض المتكلمين في الرجال جعل الدَّليل على أن عقدة والد الحافظ أحمد بن عقدة - رحمه الله - زيدي المذهب بأنه ضاع له درهم أو قال دينار، فطلبه الحاضرون حتى وجدُوه فلم يقبَله، وقال: من أين لي أنه درهمي؟ أو قال: ديناري، قال: وهذا يدل على أنه زيدي المذهب، فإنَّ هذه طريقة (علماء)(4) الزيدية، ومع هذا فلهم في العلم اليد المبسوطة.
هذا عبد السلام القزويني الزيدي ذكر ابن الدَّماميني الشافعي أنه جمع تفسيراً للقرآن لم يجمع في الإسلام مثله، فرغ منه في سبعمائة جزء، وسيأتي ذكره – إن شاء الله تعالى -، وهذا الإمام يحيى بن حمزة تعمَّر نيفاً على ثمانين سنة، قالوا: وعدَّت أيام عمره وكراريسه فأنافت الكراريس على عدَّتها، وفي ذلك يقول بعض العلماء:
لو عمرُه عدّ والتأليف منه أتى…لكل يوم كما قالوا بكرَّاس
__________
(1) في (ب): فالذي.
(2) الحديث عزاه في الموسوعة إلى: سنن أبي داود 2885، السنن الكبرى للبيهقي 6/208، جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبر 2/23، سنن الدار قطني 4/68، كنز العمال 28659، أمالي الشجري 1/53، تفسير ابن كثير 2/195، تفسير القرطبي5/65.
(3) في (ب): وكذلك أقول: أتباعهم.
(4) زيادة في (ب).

وقال يوسف بن كنج الشافعي: إنه لا ينبغي أن يُفتى في مذهب الشافعي بحضرة السيّد المؤيد بالله والقصَّة مشهورة، وفي التحقيق أنَّ الزيدية منتسبون إلى علي بن أبي طالب وسبطيه وأمهما لإجماعهم على أنَّ الحق معهم، وإن انتسبوا إلى زيد بن علي - عليه السلام -، فما ذاك إلا لأنها وقعت فترة بعد قتل الحسين - عليه السلام - كادت تنسى أشهر صفات أهل البيت - عليهم السلام - وهي الجهاد، فقام زيد بسنة آبائه، فانتسب من وراؤه إليه لهذه الخصيصة، كما قال الإمام المهدي محمد بن عبد الله النفس الزكية: [فتح لنا والله زيد بن علي باب الجنة، وقال: ادخلوها بسلام آمنين] (1)، فلولا هذه لكان انتساب هذه العصابة إلى علي بن أبي طالب أولى، فإنه لا يستجيز زيد بن علي - عليه السلام - ولا غيره مخالفته، ولذلك ترى مجموعيه(2) /13/ مُنْتَسِبِيْن إلى عليٍّ - كرَّم الله وجهه -، وإن اختلف أهل البيت، فكما اختلف الفقهاء عن أئمتهم، بل اختلفت الأمة بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في التحليل والتحريم، فكما أن ذلك الخلاف لا يخرج الأمَّة عن كونها أمة، ولا الشافعي عن كونه شافعياً بمخالفته لإمامه، لوجهٍ، كذلك هؤلاء، فإن الاختلاف منشؤه قواعد أصولية في ترجيح القول الأوَّل لقوة دليله، كما قال قوم، والآخر لكونه ناسخاً كما قال آخرون، ولا شك أن زيد بن علي بعد سلفه شمس العترة المضيَّة آتاه الله مالم يؤت غيره، فهو كما قال الذهبي: جبل من علم، وكما قال هو في نفسه - عليه السلام - فيما رواه سهيل بن سليمان الرازي، عن أبيه، قال: شهدت زيد بن علي - عليه السلام -
__________
(1) رواه في هداية الراغبين عن النفس الزكية ص 178، وروى مثله في الروض النضير عن الإمام الحسين الفخي 1/105.
(2) أي المجموع الحديثي والفقهي للإمام الأعظم زيد بن علي - عليهما السلام -، طبع أكثر من مرة، وطبع مؤخراً عن مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية بتحقيق الأستاذ عبدالله حمود العزي.

يوم خرج لمحاربة القوم، فلم أرَ يوماً كان أبهى، ولا رجالاً أكثر قُرّاءً ولا فقهاً ولا أوفر سلاحاً من أصحاب زيد (بن علي)(1) - عليه السلام -، فخرج على بغلة شهباء وعليه عمامة سوداء، وبين يدي قربوس سرجه مصحف، فقال: (أيها الناس، أعينوني على أنباط الشام، فوالله لا يعينني عليهم أحد إلا رجوتُ أن يأتي يوم القيامة آمناً حتى يجوز على الصراط، ويدخل الجنَّة، فوالله ما وقفت هذا الموقف حتى علمت التأويل والتنزيل والمحكم والمتشابه والحلال والحرام بين الدفتين.. وقال: نحن ولاة أمر الله، وخزَّان علم الله، وورثة وحي الله، وعترة نبي الله، وشيعتنا رعاة الشمس والقمر)). قال الناصر للحق - عليه السلام -: معنى رعاة الشمس والقمر: (2) المحافظة على الصلاة. انتهى.
ومقام زيد (بن علي)(3) غني عن الإطناب والإكثار، وقد بسط العلماء في مصنفاتهم القول في الثناء عليه بإجماع منهم، ولو كتب ما في تأريخ الإسلام للذهبي من ذكره لخرج في مجلَّد.
قال في (هداية الرَّاغبين): وفي بعض كلام الباقر دليل عظيم على علم زيد - عليهما السلام - فإن الباقر إنما سمي بهذا الاسم لتبقره في العلم، والتبقر: التوسّع، فإذا اعترف الباقر لزيد بالسيادة فقد اعترف له بالزيادة(4).
قلت: يعني بقول الباقر هذا قوله فيه: (هذا والله سيّد بني هاشم)، وقوله لأبي خالد وأبي حمزة: (يا أبا خالد ويا أبا حمزة، إن زيداً أعطي من العلم علينا بسطة). انتهى
__________
(1) سقط من (ب).
(2) ما بين القوسين سقط من (أ) وهو في (ب).
(3) سقط من (ب).
(4) هداية الراغبين ص:182.

قلت: فما ظنك برجل يقول فيه الباقر هكذا، والباقر من لا يخفى مكانه على أحد، ولقد ذكر الذهبي أن جابر الجعفي حفظ عن الباقر سبعين ألف حديث، ولنتبرَّك الآن بمن حضر اسمه الشريف من علمائنا، والرجاء في الله أن أقف على ما يكون به الكتاب حافلاً كافلاً لفوائد(1)، فإنه قد يتوهم المتوهم أني تصدَّيت للاستقصاء، فهذا ظن معلوم البطلان، ولقد تجاسرت على هذا النقل لما رأيت لبعض العلماء من الحنفية مثله، وابتدأت بإبراهيم بن أبي الفتوح وإن /14/ لم يكن محله على قواعد أهل المعجمات، تيمناً بالفتوح (إن شاء الله)(2) الرحماني، والله المستعان.
[حرف الألف]
إبراهيم بن أبي الفتوح(3) [ - ق 8] (4)
إبراهيم بن أبي الفتوح. قال السيد العلامة يحيى بن المهدي الزيدي نسباً ومذهباً في كتاب (الصِّلة): (كان هذا القاضي إبراهيم - نفع الله به - من علماء الكلام المبرِّزين فيه المحلقين، وفي أصول الفقه والفقه والعبادة وتلاوة الكتاب العزيز. وله من الخوف والزهد والحجا مالم(5) يمكن شرحه. كان حيّ الإمام الناصر يودّه ودّاً شافياً، وينشر من فضله، ويتفقد أحواله، ويعاتبه إذا طال(6) الغيبة عنه)، وكان له وَلد عارف ناسك، له يد في العلوم، درس على الفقيه الإمام أحمد بن مرغم بشبام. وحكى الفقيه العابد إمام العبَّاد إبراهيم الكينعي عن ولده محمد هذا حكاية عجيبة وكرامة لهذا ابن أبي الفتوح غريبة(7).
__________
(1) في (ب) بالفوائد.
(2) زيادة في (ب).
(3) مصادر ترجمة إبراهيم: أعمدة الطالب ص 205.
(4) مصادر الترجمة: صلة الأخوان في حلية بركة علامة الزمان (سيرة إبراهيم الكينعي) تحت الطبع (بتحقيقنا).
(5) في الصلة: مالا.
(6) في (ب): أطال.
(7) في (ب): كرامة عجيبة وحكاية لهذا ابن أبي الفتوح.

روى إبراهيم الكينعي - رحمه الله - عن القاضي محمد بن إبراهيم الأجازي(1)، قال: ووجدتها معلقة معه، وكان - رضي الله عنه - يحب إظهاره، لأنه كل ما كان يقرب إلى الله يحب(2) إظهاره ما لفظه: أقول وأنا العبد الفقير إلى الله محمد بن إبراهيم بن أبي الفتوح الزيدي، كنت واقفاً أنا ووالدي إبراهيم ووالدتي وامرأة لأبي أيضاً في صرح دارٍ نحن فيه(3) ساكنون ببيت حاضرِ(4)، من أعمال صنعاء، وفوق الصَّرح مخزان مغلق، وفوقه سقف آخر، والشمس حامية، ولا سحاب في السماء نراه، إذ نبع علينا ماء من وسط الخشبة لا من حولها بل من نفسها حتَّى سال من الخلوة(5) إلى الحجرة، ومن الحجرة إلى الدَّرج، فارتعنا وحارت أفكارنا، فهمَّت والدتي أن تصيح بالناس،(6) فقال والدي - رحمه الله -: اسكتوا ما أحد دارٍ بهذا غيري، فقلنا: أخبرنا، ولازمناه، فما أجابنا مدَّة مديدة نحواً من خمس أو ست سنين، حتى أتيت من شبام، من القراءة على حيِّ الفقيه الإمام أحمد بن مرغم، فلقيني والدي إلى قريبٍ من صنعاء، فوقفت معه تحت حجرة في بلاد سنحان، فسألته بالله ليخبرني عن ماء الخشبة، فقال: يا ولدي، إني ختَمت القرآن في تلك الليلة، وسألت الله إن كان راضياً عليَّ وراضياً بفعلي واعتقاداتي أن يريني آية باهرة أزداد بها يقيناً، وتكون لي بشارة، فخرج الماء من الخشبة، وأنا أشهد لكم بهذه الشهادة عن أبي، وعن مشاهدة الماء يخرج من [نفس] (7) الخشبة، فقلت له: يا أبة، كيف اعتقاداتك أعتقد بها؟ فقال: يا ولدي كما قيل:
لو شق صدري للقي وسطه ... سطران قد خُطَّا بلا كاتب
__________
(1) في الصلة: الأحادي، في نسخة، والأحاديث في نسخة أخرى.
(2) في الصلة: أحب.
(3) في الصلة: فيها.
(4) بيت حاضر: قرية أثرية في وادي الإجبار (وادي التناعم سابقاً) من بلاد سنحان، وهي منطقة غنية بالآثار الحميرية (معجم المقحفي ص: 145).
(5) الخلوة: الغرفة.
(6) في الصلة: في الناس.
(7) زيادة في الصلة.

العدل والتوحيد في جانب ... وحبَّ أهل البيت في جانب
إن كنت فيما قلته كاذباً ... فلعنة الله على الكاذب
/15/
إبراهيم بن الإمام الناصر [ - ] ه
السيد الأمير، الفارس الخطير، حامي الحقيقة، إبراهيم بن أمير المؤمنين أحمد الناصر بن الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم - عليهم السلام - كان وجه أهل بيته، عَلَماً، نَيِّراً، بطلاً، شجاعاً، مقدماً، وجيهاً، مقداماً نبيهاً، كان يكنَّى: أبا الغِطمَّش، قال ابن عنبة: كان فحلاً، وكان فارس أهله، وحكى عنه أنه كان يمس الناصر - عليه السلام - النَّقْرِسُ(1) فيمنعه عن القتال، فجاء خصم، فوثب عليه أبو الغطمَّش فقتله، وكثر عليه العدوَّ فجالد حتى رجع، فقال الناصر:
إن لا أثب [فقد](2) ولدت من يثب ... كل غلام كالشهاب ملتهب(3)
إبراهيم بن أحمد بن عامر [1018 - 1056] تق(4)
__________
(1) النَّقْرِسُ: بالكسر ورم ووجع في مفاصل الكعبين وأصابع الرجلين (القاموس المحيط ص: 746).
(2) كذا في الأصل وقد سقط من عمدة الطالب.
(3) في عمدة الطالب: الملتهب.
(4) من مصادر ترجمته طبقات الزيدية الكبرى (تحت الطبع)، بغية المريد خ وبهجة الزمن خ ، ملحق البدر الطالع ص3، طبق الحلوى، خ بغية الأماني والأمل خ، الجواهر المضيئة خ، أعلام المؤلفين الزيدية وفهرست مؤلفاتهم ترجمة رقم (5)، الجوهرة المنيرة (سيرة الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم) خ.

3 / 182
ع
En
A+
A-