الشيخ الأكرم معين الدين، أحمد بن زيد البيهقي الحاجي(1) المروقني(2) الزيدي، ذكره الشريف المرتضى بن شراهنك، وأثنى عليه، وقال: وهو من تلامذة الشريف المرتضى حسيب الأبوين، أكرَم من تحت الخافقين، ملك السَّادة والنقباء علي بن ناصر الحسيني السرخسي، مؤلف (أعلام نهج البلاغة) وأحمد بن زيد المذكور، اجتمع به عمرو بن جميل النهدي العازم إلى (قطَابر)(3) المجيز للإمام المنصور بالله وابن الوليد، وكانت الإجازة صحوة النهار يوم الاثنين الثالث من شهر ربيع الآخر سنة ست وستمائة، وكان اجتماعهما بشاذاباج نيسابور في مدرسة الصَّدر يحيى بن إسماعيل بن علي(4) الحسيني في الضفة الشرقيَّة في شهر رمضان سنة ستمائة، وحضر معهما تاج الإسلام سالم بن أحمد بن سالم البغدادي، والشيخ العالم افتخار البحار أحمد بن محمد الواسطي، وقرؤوا جميعاً (نهج البلاغة) على تاج الشرف(5) يحيى بن إسماعيل، فالمملي هو الشيخ معين الدين أحمد بن زيد صاحب الترجمة ويحيى بن إسماعيل، هو الإمام الفاضل المبلغ دعوة الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة إلى مَلِك خوارزم، وهو علاء الدين - رحمه الله - وسيأتي ذكره، فإنه من مفاخر الزيدية. انتهى
أحمد بن ساعد بن فليته [ - ]
الفقيه العلامة، روض الأدب المتفتق، وبحر العلوم المتدفق، أحمد بن ساعد بن فليته بن أسعد بن علي الهاشمي نسباً، والهمداني بلداً، والعدلي مذهباً، الحاكم - رحمه الله - بذمار، من تلامذة القاضي العلامة عبد الله بن الحسن الدواري.
__________
(1) في (ب): أحمد بن زيد الحاجي البيهقي.
(2) في طبقات الزيدية: البروقني.
(3) قُطَابر بالضم: ناحية من قضاء جماعة في بلاد صعدة، بالجهة الشمالية من مدينة ساقين (معجم المقحفي ص: 518) تسمى اليوم قَطَابر بالفتح.
(4) سقط من (ب).
(5) في (أ): على باب أشرف.

قال السيِّد العلامة عماد الدين يحيى بن المهدي: فيه من العلم والفضل والورع والزهد ما شهرته تغني عن ذكره. قال السيِّد العلامة الهادي ابن إبراهيم: هو /115/ حملاني.
قلت: لعله نسبه إلى البلد، ورأيت بخط الحاكم المذكور أنه هاشمي النسب، همداني البلد. انتهى
أحمد بن سعد القدم [ - ق7 ه‍ ] (1)
العلامة الأجل اللسان البليغ، وجه الزيدية وعالمها، أبو الحسن، أحمد بن سعد القدم. كان من الكمال بمحل عظيم، له في الأدوات والعلوم العقلية والشرعية القدم الراسخة، ترجم له فاضل بن عباس أبو دعثم الزيدي - رحمه الله - وأنشد من شعره في الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة.
رد من هواك لأسمى حيثما وردا ... واسمح بدمع غريب طال ما جمدا
لا تنه قلبك عن أمرٍ تحاولُه ... واقصُد به من رياض الحب ما قصدا
وقل لذي كبدٍ بالشوق قطعها ... من أين تلقى إذا قطعتها كبدا
بدت عشاء فقلت الشمس قد رجعت ... لأي حالٍ أم البدر التمام بدا
نصت قضيباً وعنَّت فوقه قمراً ... وجللته من اللَّيل البهيم رِدا
وهذا شعر فائق كما تراه ومن مديحها:
ولو رأيت أمير المؤمنين بجيش الـ ... ـكردي(2) والمورد الصعب الذي وردا
وأنفسُ الخلق والأكباد قد مُلِئت ... والأرض ترفل من أقطارها زردا
أبصرت صورة إنسانٍ على فرس ... قد أُلبِسَت تحت أثواب التقَى أسدا
انتهى.
أحمد بن سعد الدين المسوري [1007 - 1079 ه‍ ]
__________
(1) من مصادر ترجمة أحمد بن سعد القدم: السيرة المنصورية 1/117، تأريخ اليمن الفكري في العصر العباسي 4/15، وأورد له في السيرة المنصورية أو الموجود منها قصيدة أخرى رائية غير التي أوردها المؤلف هنا.
(2) زائدة عن وزن البيت.

شيخنا العلامة، وسيدنا الفهّامة، حجّة الإسلام، وفخر الملة، شمس الدين، أحمد بن سعد الدين بن الحسين بن محمد بن علي بن محمد بن غانم بن يوسف بن الهادي بن علي بن عبد العزيز بن عبد الواحد بن عبد الحميد الأصغر بن عبد الحميد الأكبر المسوري - حفظه الله تعالى -(1)، هو شيخنا وشيخ الشيوخ، وأستاذنا وأستاذ أهل الرسوخ، العلامة الذي تعطو له أعناق التحقيق، وتكتنف بساحاته أنوار التوفيق حافظ الشريعة، حائط علوم الأئمة والشيعة الوسيعة، الماضية سيوف أقلامه في الأقاليم، والمحكمة آراؤه وعلومه في أنواع التعاليم والتحاكيم، فهو الذي يسَّر الله له العلم فصار جُمَّاعَه، وهيَّأ له أسبابه فهو أستاذ الجماعة، أمَّا الحديث فهو (الحاكم) المستدرك، وأمَّا التفسير فهو (محمود) الرواية والدراية المدرك، وأمَّا علوم المعقول فهو المطلق التصرَّف فيها، فهي بين مقيَّد ومعقول. وأمَّا الكتابة فهو المقتعد لمهادها الوثير، وهو قاضيها الفاضل الأثير فيها و(ابن الأثير)، رسائله المثل السَّائر في الأطراف، وأمرها ونواهيها الفلك الدائر القاطع لدابر أهل الخلاف، مقتبسُة من أنوار الكتاب، ناطقة بالحكمة وفصل الخطاب، يتشعشع منها البارق النبوي ويلوح، ويتضوّع منها العابق العلوي ويفوح، فكأيّن من مرفوع بالباطل خفضته، ومخفوض بعوامِل النصب وأهله رفعته، لا
__________
(1) من مصادر ترجمة المسوري: المستطاب خ، طبقات الزيدية خ، النبذة المشيرة في سيرة الإمام القاسم خ، بغية المريد خ، الجوهرة المنيرة خ، البدر الطالع 1/58، جامع المتون خ، بهجة الزمن خ، خلاصة الأثر 204 - 207، نفحة الريحانة 3/529، طبق الحلوى 98 ، 37، تأريخ اليمن لأبي طالب 82، 109، المؤرخون اليمنيون في العصر الحديث 48، مصادر أيمن السيد 238، الجواهر المضيئة خ، الأدب اليمني في عصر خروج الأتراك 238، مصادر الحبشي 334، 56، 57، 128، أعلام المؤلفين الزيدية ص109، ترجمة 82، وانظر بقية مصادره ومؤلفاته هناك.

جرم أن خطه هو الخطى العاسل، وكلمه السديد هو الأسد الكالم الباسل، مع لطافة طبع تكاد تسيل، ولين جانب يتعطف بالرفق /116/ ويميل.
وفضاضة يَلقى بها العاصين لا ... يلويه كونهم ذوي إكرَامهِ
فلا ريب أنَّ هذه الأمَّة كالمطر، وأنَّ هذا العيان يصدق ذلك الخبر، ومع ذلك فهو يباري بكرَمه الرياح الموارة، فهو غياث النزول وعتاد السيارة، كم انحل بكرمه وشفقته من أسير، وكم انحلَّ بميسور كرمه من عسير.
كأنَّ للمال في كفيه أجنحة ... فإن يقع منه شيء فيهما يطر
مع ثبات لِوَثبات النوازل، وتحمُّل لإثقال تئط منها البوازل، فالعجب من تلك الصَّلابة مع طبعه الشفيق الرقيق، ومن تلك الجلادة مع لطافَة فهمٍ كأنَّما ينظر إلى الغيب من سَترٍ رقيق، مع زهدٍ وورع شحيح، وعزف نفسٍ عن العاجل الذي صار الناس له بين قتيل وجريح، مع تمكنه من نفيس أعلاقه، وقبضه بالبنان لو شاء على مفاتيح أغلاقه، فإنه لم يزل في دور الخلافة آمِراً في مهمَّات الأمور، على رأيه المسَدَّد لولب فلكها المسعود يدور، غير أنه علم الغَاية، فلَوَى لِوَاء عزمه وطوَى عن المطامع رأيه، وأقبل على مأدبة القرآن، فاستبطن وامتلأ، وكادت تناجيه معاني القرآن إذا تلا، ونظر في العلوم الإسلاميَّة فاستخلص الزَّبد من لبنه، وأسَّس قواعدها بجواهر النبوءة لا بآجره ولبنه، ومع ذلك يقوم الليل إلا قليلاً، ويقطع أيامه صلاة وتلاوة وتسبيحاً وتكبيراً وتهليلاً، فقد ظهرت عليه آثاره، وزهرت على جبينه أنواره، ولم يزل يقرع المنابر، ويحلِّلها ويكلِّلها بإبريسم الوعظ والجواهر، بكلمٍ نبويَّة، وحِكَمٍ علويَّة، تهد الصلد الصفوان، ولا يقاس بها حكم (قيس) ولا (خالد بن صفوان).
بمعانٍ لَو كنَّ في سالِف الدهر ... لسكت مسامع (السكاكي)

وبالجملَة فينبغي لي قبض عنان القلم، فإني لا أجد عبارة لوصفه فهو أشهر من نارٍ على علم، رُبِّي أيّده الله في(1) مهاد الهدى، ورضع من أخلاف أخلاق الأئمة الذين بهم يهتدى، اتصل بالإمام المجدد المنصور، علم الهداية الظاهر المشهور، الإمام القاسم بن محمد بن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله (وسلم)(2)، المنعوت في الملاحم المذكورة، وغصن شبابه رطيب، وبُرد كماله قشيب، فبسق غصنه ودوَّح، وسبق جواده القرح، وكتب للإمام في الإنشاء، وأحسن فيه ما شاء، وكان الإمام يؤثره على الكفاة بكتب الوزير والباشا، ثم لمَّا أفل ذلك البدر استهلَّ الناس الهلال، فاجتمع الفضلاء للخوض في الجامع لخصال الكمال، فاجتمعت الكلمة من الكملة، أن جملة الشروط في المؤيَّد بالله من غير استثناء، متصلة(3) غير منفصلة، فحث القاضي - أيده الله - (في عقد الإمامة)(4) وأوضع، وسعى إلى أن أجمع فريق العلماء على ذلك أجمع، فعُقدت الولاية المسعودة، ونصبت أعمدَة أفياء ظلالها الممدودة، ثم وازر وظاهر، وجاهد وناصر، بعزماتٍ تعدَّ عندها العزمات /221/ زمعات(5)، وسطوات أصبحت لها جميع الأعداء جموع تكسير منهزمات، فكم نُشرت برأيه من رايات، وقامت(6) للحق بسعيه من علامات وآيات، بهمَّةٍ من فوق الفلك، وفكرة من تحت الدَّرك، وكم حظ الناس على حظوظهم من المناصرة، وكم أطال في شحذ الهمم القاصرة، وفي خطابهِ وخطبه ومنظومه وكتبه كقصيدته إلى بعض الأمراء.
كل يوم على الأعادي إغاره ... فسحاب على العدى مطَّاره
__________
(1) في (ب): ربي - رحمه الله - في مهاد المهدي. وفي الحاشية أيده.
(2) سقط من (ب).
(3) في (أ): المتصلة.
(4) سقط من (أ).
(5) حاشية في (ب): قال: (ظ) زعمات.
(6) في (ب): يسرت للحق.

ونحو قصيدته التي إلى سيف آل الرسول الحسن بن القاسم - عليهما السلام - يستنهضه على الأروام، وكان ولله الحمد على يدي ذلك السيِّد السريِّ بلوغ ذلك المرام، وأنشأ القصيدة وما قد كان شيء من ذلك، وأوَّلها:
كذا وأبيك تقتنص المعالي ... وتنتج للَّذي صبر اللَيالي
ويثمر(1) غرسُ من بذَرَت يداه ... سيوف الهند والقضب العوالي
ويحرز كل خصل ذو هموم ... يسابقها إلى أسنى الخصال
فضمر خيله ليحوز جنَّـ ... ـات عدن لا إلى ذات الوصال(2)
ومن يغضب لرب العرش يجزى ... السلامة والعلو بكل حالِ
ومنها:
ومن يقد الجيوش إلى عداه ... ينَل ما ليس يخطره ببالِ
ومن يخرج إلى الرحمن تنقد ... له الأعداء كرهاً كالموالي
كمثل أبي محمدٍ المؤدَّى ... بهمته فريضة ذي الجلال
سليل القاسم الحسن المرجَّى ... ضحوك السن إن دُعِيت نزال
فريد شدَّ عزمة هاشمي
ّ ... تزلزل حوبها أرض الجبال
وكما كمل به قصيدة السيد المجتهد الهادي بن إبراهيم - رحمه الله - التي قدمها إلى بين يدي الإمام الناصر - عليه السلام - وأسّس عليها كتابه (نهاية التنويه في إزهاق التمويه)، وكمَّلها(3) القاضي - أيده الله تعالى - وخمسَّها، وقدَّمها إلى بين يدي إمامه المؤيَّد بالله - عليه السلام - ثم وجَّهها الإمام - عليه السلام - إلى الشاه عبَّاس وهي من غرر القصائد وأول تكميل القاضي هوَ:
معاذاً برب العرش جل جلاله ... فموعدُه فيكم صريح مقاله
فحجَّته(4) فينا النبي وآله ... وكيف وفيكم للإله حباله
وما لحبال الله في الناس قاصمُ
بكم حجج الله المنيرة تظهر ... ودين الهدى في الشرق والغرب يوزر
ليصدق فيكم إنما أنت منذر ... وفيكم دلالات لقوم تذكروا
/118/
علومكم للعالمين مراهمُ
بذاك استمرّت فيكم دعوة الهدى ... يقوم بها من يشهر السيف للعدى
إذا ما مضى ماضٍ تلاه مجددا ... وعمَّا قليل يظهر الله مرشدا
__________
(1) في (ب): وتثمر.
(2) في (ب): الآصال.
(3) في (ب): فكملها.
(4) في (ب): وحجته.

تزول به في العالمين المظالم
ولم تزل المملكة المؤيَّديّة مؤيّدة وأعمدتها بحمد الله مثبتة موطدة، حتَّى إذا آنَ لصَدرها القفول، وحان لبدرها الأفول، وطلعت شمس الخلافة المتوكليَّة، وأضاءت أنوارها الشاملة الكليَّة، وهكذا البيت النبوي يلوح شارقُه إذا أفل غاربُه.
نجوم سماء كلما انقضَّ كوكب ... بدا كوكب تأوي إليه كواكبه
فاستنار بالقاضي - أبقاه الله -(1) أبراقها، وتدلت من رياض عدلها غصونها وأوراقها، فهو الآن عذيقها المرجب، وجذيلها المحكَّك، يصدق لي ما رأيته في المنام، في سابقاتٍ من الأيام، وهي أني رأيت سيّد الجميع إمام المسلمين المتوكل على الله رب العالمين - حفظه الله - يستخلص فضّة من معدن، والقاضي أيّده الله تعالى يسبك تلك الفضَّة ويُصفيها، ويتمم محاسنها ويوفيها، رأيتها قبل أن يكون لمجلس الإمامة حلساً ولجسم وزارتها نفساً، فهو الآن مدره الحضرة، وعمدة تلك الأسرة، وكان مَولده - أيَّده الله تعالى- في ثاني شهر شعبان سنة سبع وألف، وتولى تربيته والده سعد الدين، علامة الإسلام وفخر المسلمين، فغذاه بعلومه النافعة، وأفعم صدره بالحكم الجامعَة، كان والدُه العالم الربَّاني، نسيج وحده في العالم الإنساني، أعاد الله من بركته ورحمه، وأخذ عن عمِّه عبَّادة الزمان، وعلامة الأوان، حواري أهل بيت النبوءة الأخيار (وواسطة عقد العلماء الأحبار)(2) علي بن الحسين بن محمد المسوري، - رضوان الله عليه - فاستمرأ من علومه سحائب، واستثمر من رياض علمه الغرائب ثمار الرغائب، ولقي مع ذلك عدَّة من الشيوخ الجلَّة، وثافن بركبتيه البراجمة الأدلة، حتَّى سبق في العلوم وحده، وميَّزته نقطة البيكار بالوحدة، ودرس عليه العلماء النبلاء، وتخرج عليه الكملاء الفضلاء، وتجمَّل بين يديه الأحبار بتجمُّل المحابر حتى لحق الأصاغر منهم بالأكابر، ولا جرم(3) أنه الحافظ للجواهر،
__________
(1) في (ب): أيده الله.
(2) سقط من (أ).
(3) في (ب): فلا جرم.

وكان غيره حاطب ليل، وأنه أحد الكمَلة الذين لمح إليهم أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - في كلامه لكميل: أولئك الأقلُّون عدداً والأعظمون عند الله قدراً، إلى آخر كلامه.
ومما تطوقته من النعم التي لا أطيق شكرها، ومن منن الله العظيمة القدر التي لا أقدر قدرها، اتصالي بجنابه، ومثولي برحابه، ينهلني من صفي علومه ويعل، ويكثر لي من فوائده ولا يقل، فتارة ألقَى القاضي (أحمد بن أبي داود) في الأيادي، وآونة ألقى به (قُساًّ الحكيم الإيادي)، وحينا ألقى به (مالك بن دينار)، قد ترك الدنيا فما أراه /119/ مالك درهم (كإبراهيم بن أدهم)(1) لغير العطاء ولا مالك دينار (كمالك بن دينار)(2)، وتارة ألقى به (الضحَّاك بن قيس) حلماً، غير أنه قد امتلأ من بحر (علي بن أبي طالب) علماً.
لو زرتَه لرأيت الناس في رجُل ... والدَّهر في ساعة والأرض في دار
__________
(1) زيادة في (ب).
(2) زيادة في (ب).

ولقد أريت في بعض المنامات، ما يقضي أن السعادة لي بلزوم تلك المقامات، رأيت هوَّة حاجمة(1) ذات أخطار، قد وقع فيها رجال ذوو أخطار، ومن الناس من يمرّ عليها ويجوز ويفوز بالنعمة في جناتٍ هنالك ويحوز، فبينا أنا في حيرة الإبلاس، أضرب أخماساً من الفكرة بأسداس، وإذا بوالدي قد حضر عادت بركاته، وهذا الأستاذ دامت نعمته فأنقذاني من تلك الهوة، وعلمت أن ذلك بدعائهما لا بحولٍ مني ولا قوَّة، ولم أزل ما ثلاً بين يديه متشرفاً بالوقوف لدَيه، فقرأت عليه من عوين العلم ما أسأل الله أن يبارك لي فيه كـ(الكشاف) لجار الله إلى أوَّل سورة الأحزاب، وشطراً من تفسير الإمام أبي الفتح الديلمي المسمَّى (بالبرهان)، و(البساط) للناصر و(الإفادة) لأبي طالب و(الأسانيد اليحيويَّة) إلا قليلاً منها، و(الأساس) متناً من غير شرح مع معرفة المعاني، و(أمالي المؤيَّد بالله)، و(أمالي أبي طالب)، كراراً، و(أمالي المرشد الخميسيات)، والموجود في حضرته من (أمالي قاضي القضاة)، و(نهج البلاغة)، والكثير من (محاسن الأزهار)، وكتاب الشهادات خاصَّة من (الشفاء)، وبعض (أصول الأحكام)، ولمعا من (مجموع القاسم) ومن (أسنى المقاصد وجميع الشمائل) لابن عفيف، و(الأربعين حديثاً) للشريف السَيلقي - رحمه الله تعالى - و(الأربعين حديثاً الجزرية من رواية آل محمد)، و(سلسلة الإبريز)، و(القصَص الحق) للإمام (شرف الدين)(2) - عليه السلام - وأشعار جده الحسين بن محمد المسوري - رحمه الله تعالى - الملصَقة إلى (قواعد عقائد آل محمد) - عليهم السلام - للدَّيلمي نسخة سيِّدنا الحسين بن محمد المسوري - رحمه الله تعالى - وأشعاره حفظه الله الآلهيَّات والنبويَّات والحكميّات، وهي أشعار كثيرة عوذة من البلايا، ولقد أخبرني الثقة أنه أرسل بعض قصائده إلى الحرم النبوي، ولمَّا أدخلت من الشبَّاك أخبر الرائي لذلك الراوي، أنها انجذبت إلى قبر(3)
__________
(1) في (ب): جاحمة.
(2) سقط من (أ).
(3) في (ب): قرب محله.

محله صلوات الله عليه وعلى آله، وقرأت عليه رسائله وهي واسعة في علوم عدة لا آتي على حصرها، ومن كبارها وهي كتب لا رسائل: (الرسالة المنقذة من الغواية في طرق الرواية) (1) و(مختصر جلاء الأبصار) المسمَّى [تحفة الأبرار](2) و(تنوير البصيرة إلى أتقى سريرة) (3)، وغيره(4)، وله حضارة في الأجوبة علويَّة، كقوله لبعض علماء نجد من بلد الأحساء، لمَّا سأله عن الفلك الأعلى الذي كلف به من لم يكلف به، واستغرق أعمار الأعمار، فقال له القاضي: أنا مشغول في الأرض، فليس لي عهد بالسماء، وهذه على أساليب الأجوبة العلويَّة، نحو قوله - عليه السلام - لما سُئل كم من المشرق إلى المغرب. فقال: مسير الشمس يوماً أو كما قال.
__________
(1) انظر نسخها الخطية في أعلام المؤلفين الزيدية وقد طبعت محققة سنة 1417ه.
(2) بياض في المخطوط وهو تحفة الأبرار المنتزعة من جلاء الأبصار في أخبار العترة الأطهار خ، منه نسخة في مجموعة 122 مكتبة الأوقاف، وأخرى ضمن مكتبة السيد العلامة محمد بن محمد الكبسي - رحمه الله - مصورة بمكتبة السيد محمد بن عبد العظيم الهادي.
(3) منه نسخة خطت سنة 1071ه ضمن مجلد رقم (700) مكتبة الأوقاف، وأخرى مصورة ضمن مجموع بمكتبة السيد محمد بن عبد العظيم الهادي.
(4) وله من المؤلفات أيضاً: مجموع إجازات وأسانيد القاضي أحمد بن سعد بن المسوري خ، عندي نسخة مصورة منه وديوان شعره جمعه أحمد بن محمد الضبوي الضحياني بعنوان الدر الثمين من أشعار القاضي أحمد بن سعد الدين خ، بمكتبة المؤرخ زبارة، وغيرها انظر أعلام المؤلفين الزيدية.

22 / 182
ع
En
A+
A-